اتفاقات الطاقة بين سوريا وأذربيجان وطموحات تركية

قد تتاح الفرصة لأذربيجان من أجل الوصول إلى شرق البحر الأبيض المتوسط مباشرة من خلال الطاقة. ويمكن لسوريا تنويع الشراكة الخارجية أحادية الاتجاه في الخليج.

0:00
  • تركيا ترى أن انتقال القضية الكردية من البعد المسلح إلى البعد السياسي سيكشف عن إمكانات كبيرة.
    تركيا ترى أن انتقال القضية الكردية من البعد المسلح إلى البعد السياسي سيكشف عن إمكانات كبيرة.

تعمل تركيا بخطى حثيثة على ترتيب وضع سوريا، وترى أن أي خروج لـ"إسرائيل" عن الاتفاقات المعقودة بشأن مناطق النفوذ بمنزلة ضربة لمشروعها الذي يتكئ على وحدة سوريا، وفي وقت تأمل انسحاب الجيش الأميركي من منطقة شرق الفرات وانضمام "قسد" إلى مشروع إلقاء السلاح الذي دعا إليه الزعيم الكردي عبد الله أوجلان.

دانت تركيا عبر وزير خارجيتها الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، واعتبرت أن "إسرائيل" تعطي بتصرفاتها الأولوية لأمنها القومي، متجاهلة أي قواعد أو أنظمة أو حقوق أو سيادة أو سلامة أراض لدول أخرى في المنطقة. وقالت إن خريطة طريق جديدة في سوريا، وضعت بجهود حثيثة من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ومساهمات من دول أخرى، بالتعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والسعودية.

 بعد انسحاب إيران من سوريا وتلاشي نفوذها وغياب المساعدات النفطية، وبعد رفع العقوبات عن سوريا، تستعد الشركات العملاقة مثل "توتال" و"شل" و"أدنوك" و"أرامكو" المهتمة بحقول النفط للدخول إلى سوريا. ومع تخفيف العقوبات الأميركية في سوريا تعود الشركات الأميركية. ورغم أن "قوات سوريا الديمقراطية" المسيطرة على الحقول الشرقية بحماية أميركية لا تزال تمسك بالأرض، فإنه يعتقد بأنها لن تمثل مشكلة كبيرة إذا كانت شركة "سوكار" الأذربيجانية هي من سيدخل إلى حقول النفط؛ كونها شركة عالمية ومحايدة.

لقاء علييف والشرع في باكو 

 في 12 تموز\ يوليو، التقى الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع إلهام علييف الرئيس الأذربيجاني في باكو حيث تمّ الاتفاق على حصول سوريا على النفط من خط أنابيب باكو - تبليسي - جيهان ، تماماً مثل "إسرائيل".

ويذكر أن الوفدين السوري والإسرائيلي اجتمعا خلال الزيارة خلف أبواب مغلقة في باكو، وتم الاتفاق على بعض الترتيبات الأمنية الخاصة بالجنوب السوري بين الطرفين. وزعمت بعض وسائل الإعلام الدولية بأن الإمارات ترعى التفاوض بين سوريا و "إسرائيل".

وكان إردوغان على خط التفاوض بين علييف والشرع، ثم مع رئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان بعلم السعودية. 

حصل اتفاق بين شركة الطاقة الحكومية الأذربيجانية ( سوكار) التي ستعمل مع الجهات الفاعلة حتى الكردية، وهي  على علاقة تجارية واستثمارية  مع كل من تركيا و "إسرائيل".

تعدّ تركيا زيارة أحمد الشرع خطوة استراتيجية للغاية من الناحية الدبلوماسية بعد أن تم إضعاف الدور الإيراني، أما العواصم الخليجية فهي مستعدة للمشاركة في انتظار استتباب الأمن، أما "إسرائيل" فيمكنها في مرحلة مقبلة أن تكون شريكاً أيضاً. يبرز الخط التركي-الأذربيجاني كعمود فقري إقليمي جديد.

سيتنامى دور تركيا في جغرافية المنطقة المتغيرة، حيث ستوسع دورها من دولة عبور خطوط أنابيب النفط والغاز إلى دور صانع للسياسات في المنطقة كما تطمح، إذ ترى أن الطاقة ستكون رافعة جيوسياسية تعيد رسم الحدود الإقليمية، وستكون هي واحدة من مهندسي إعادة تشكيل المنطقة.

تعمل تركيا، جنباً إلى جنب "سوكار"، على زيادة نفوذها الجيواقتصادي من خلال الشراكات الاستثمارية في سوريا، وتلعب دوراً في تحقيق الاستقرار بمساعدة أذربيجان، في بيئة تبتعد فيها إيران.

أنقرة هي جهة تنظيمية فعّالة في الكواليس في خطوط أنابيب الغاز الطبيعي المرتبطة بـ"إسرائيل".

أما هدفها فهو أن يكون لها دور في الشرق الأوسط الجديد. وتعدّ "سوكار" واحدة من أدوات السياسة الخارجية لأذربيجان، وهي تستثمر في تركيا بنحو 18 مليار دولار، وستندمج في ممرات الغاز الطبيعي المرتبطة بـ"إسرائيل" في المستقبل.

لا شك أن انتصار ناغورنو كاراباخ قد ساهم في توسع أذربيجان استراتيجياً عبر لعب دور اقتصادي، إذ تم وضع أذربيجان كمهندس مشارك لممر الطاقة الصاعد على المحور التركي-الإسرائيلي-السوري، ودعم "إسرائيل" بالنفط، وإعادة إعمار سوريا.

قد تتاح الفرصة لأذربيجان من أجل الوصول إلى شرق البحر الأبيض المتوسط مباشرة من خلال الطاقة. ويمكن لسوريا تنويع الشراكة الخارجية أحادية الاتجاه في الخليج.

البحار الخمسة 

ترى تركيا أن انتقال القضية الكردية في الشرق الأوسط من البعد المسلح إلى البعد السياسي سيكشف عن إمكانات كبيرة، إنسانياً واقتصادياً، والاتفاق على خفض التصعيد في سوريا عبر أذربيجان ملائم، أما إيران فلديها خيار مواصلة الحرب أو التفاوض.

فهذه المنطقة تشكّل أكبر جغرافيا غنية بالنفط والغاز كثافة في العالم. لذلك، فإن تعافي العراق مهم اقتصادياً كذلك إيران.

وكانت تركيا قد ناقشت توسيع عملية "تركيا بلا إرهاب" في المنطقة لتشمل المحادثات الأذربيجانية-الأرمينية، ما يذكّر بتصريح السفير الأميركي توم براك، في 14تموز/ يوليو، إذ قال إنه إذا استأجرت شركة أميركية من أرمينيا ممر زانغيزور لمدة 100 عام، فقد يتم حل المشكلة مع أذربيجان "سنشغل الممر وسيفوز كلا البلدين".

زانغيزور هو اسم الممر الذي يبلغ طوله 32 كيلومتراً بين أذربيجان ومنطقة ناختشيفان، وهي المنطقة الحدودية بين أرمينيا وإيران، ويمكن أن تفتح على الحدود مع تركيا.

إذا حدث الأمر، فستسيطر الولايات المتحدة على حدود إيران مع أرمينيا. وسيتم أيضاً إغلاق وصول روسيا إلى إيران عبر أرمينيا بواسطة "الممر". تزداد الروابط الاقتصادية بين القوقاز والشرق الأوسط، وهناك اهتمام متزايد بالاستقرار السياسي والأمن في هذه المنطقة. الارتباط يأتي عبر مستويات جغرافية وثقافية، فالقوقاز مهم كمنطقة عبور للطاقة والتجارة.

يرى اختصاصيون اقتصاديون في تركيا أنه يمكن حلّ المشكلات العالقة أمام الشرق الأوسط الجديد بينما تكون روسيا مشغولة بأوكرانيا، أما تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، فهي لاعب مهم في تشكيل الشرق الأوسط الجديد.

وعلى رأس القيادة تأتي الولايات المتحدة في هذا التصور. لن يكون هناك مكان للصين، وهذا أحد أهداف الشرق الأوسط الجديد، إبعاد الصين عن المنطقة وعن أوروبا.