"فايننشال تايمز": الصين تجذب الشركات الأوروبية رغم المخاوف بشأن المنافسة

صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تقول إنّ الصين تجذب الشركات الأوروبية، رغم المخاوف بشأن المنافسة، مع الإشارة إلى أنّ الاستثمار في ثاني أكبر اقتصاد عالمي يُساعد الشركات على مواكبة منافسيها الصينيين.

0:00
  • "فايننشال تايمز": الصين تجذب الشركات الأوروبية رغم المخاوف بشأن المنافسة

تحدّثت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، في تقرير لها، اليوم الثلاثاء، عن جذب الصين للشركات الأوروبية، رغم المخاوف بشأن المنافسة، مع الإشارة إلى أنّ الاستثمار في ثاني أكبر اقتصاد عالمي يُساعد الشركات على مواكبة منافسيها الصينيين.

 وذكر التقرير أنّ المصنعين الأوروبيين يزيدون استثماراتهم في المصانع الصينية، على الرغم من تزايد قلق القادة السياسيين في القارة بشأن الاعتماد الصناعي على القوة العظمى المُصدّرة عالمياً.

كما توقّع أن يكون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحدث القادة الذين يُحذّرون من فوائض الصين التجارية الهائلة مع أوروبا، والتي بلغت 305.8 مليار يورو العام الماضي، خلال زيارة تستغرق 3 أيام إلى بكين هذا الأسبوع.

لكنّ الاستثمار المطرد من جانب المصنعين الأوروبيين، والذي يهدف الكثير منه إلى إنتاج سلع للتصدير، يضيف إلى القاعدة الصناعية القوية بالفعل في الصين، بحسب "فايننشال تايمز".

الشركات الأوروبية تقول إنّ انخفاض تكاليف الصين وسلاسل التوريد الفعّالة تُصعّب منافسة الشركات الصينية، كما أن قواعد المشتريات الحكومية في بكين تُلزم بالتواجد المحلي للاستفادة من السوق الصينية.

وصرّح الرئيس التنفيذي لشركة "كلاريانت" السويسرية للكيماويات، كونراد كيجزر بأنّه "لم يعد من التنافس اليوم جلب (المنتجات) إلى الصين في ظل وجود منافسة محلية".

وتنفق الشركة 180 مليون فرنك سويسري (226 مليون دولار) لتوسيع مصنعها في مركز البتروكيماويات في خليج دايا بالصين، حيث أعلنت شركة "باسف" الألمانية وشركة "شل" العام الماضي عن استثمارات كبيرة أيضاً.

من جهته، قال رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين، ينس إسكلوند إنّ "اعتماد الشركات الأوروبية على الصين لا يتراجع، في المجمل، بل على العكس تماماً... فالشركات حول العالم تزداد اعتماداً على الصين بشكل عام".

وأظهر استطلاع أجرته غرفة التجارة لأعضائها هذا العام أن نحو ربع الشركات تنقل المزيد من الإنتاج إلى داخل البلاد، أو ما يُعرف بـ"النقل الداخلي"، أي ضعف عدد الشركات التي تُنوّع إنتاجها إلى دول أخرى.

وشملت هذه الأرقام 80% من المشاركين في قطاع الأدوية، و46% في قطاع الآلات، و40% في قطاع الأجهزة الطبية.

وأشارت الغرفة إلى أنّ متطلبات المحتوى المحلي المتزايدة في الصين للمشتريات الحكومية تحفز هذا الاتجاه، حيث سعت الشركات الدولية إلى الاستفادة من السوق المحلية.

من جانبها، قالت مجموعة "روديوم"، ومقرها واشنطن، إن أرقامها تشير إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع التصنيع من الاتحاد الأوروبي استمر في التدفق إلى الصين منذ عام 2021، حيث بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر المكتمل في الاتحاد الأوروبي مستوى قياسياً، بلغ 3.6 مليار يورو في الربع الثاني من العام الماضي.

رغم ذلك، ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لأوروبا هو أن العديد من الشركات تنقل إنتاجها إلى الصين لاستخدامها كقاعدة للصادرات.

وأدّى انكماش أسعار المنتجين لأكثر من 3 سنوات، وانخفاض قيمة عملتها بنسبة 20% مقابل اليورو منذ منتصف عام 2022، إلى جعل الصين قاعدة إنتاج أرخص بكثير من أوروبا، في حين ارتفعت تكاليف الطاقة وغيرها في أوروبا بشكل حاد في أعقاب حرب أوكرانيا.

في السياق، قالت إليسا هورهاجر، الممثلة الرئيسية لمجموعة "BDI" الصناعية الألمانية في الصين، في كلمة ألقتها خلال منتدى لمركز أبحاث عُقد مؤخرًا في بكين: "إن تعزيز الاستهلاك المحلي والسماح بارتفاع قيمة الرنمينبي بشكل أكثر توجهًا نحو السوق من شأنه أن يُسهم في الحد من اختلالات الميزان التجاري، ويساهم في بناء علاقة اقتصادية طويلة الأمد وأكثر استقرارًا مع أوروبا".

لكن بكين تخطط، بدلًا من ذلك، لإعطاء الأولوية لسياسات الدعم الصناعي المتعلقة بجانب العرض على مدى السنوات الـ 5 المقبلة، وفقاً لما نقلت "فايننشال تايمز" عن محللين، ممّا قد يُؤدي إلى مزيد من خفض التكاليف محلياً، وفي نهاية المطاف، إلى إجبار الصين على زيادة الإنتاج.

وصرّح إسكلوند، من غرفة التجارة الأوروبية: "إذا كانت لديكم سلسلة توريد عالمية وتحتاجون إلى الحفاظ على القدرة التنافسية من حيث التكلفة، فستتجهون إلى المكان الذي تحصلون فيه على أكثر المكونات تنافسية من حيث التكلفة، وفي العديد من الصناعات، هذا هو الصين".

ويأتي هذا في الوقت الذي تُسرّح فيه الشركات في أوروبا وظائفها، لا سيما في قطاع السيارات، حيث تُسرّح الشركات الألمانية عمالها في الداخل بينما تستثمر بكثافة في قطاع السيارات الكهربائية في الصين.

وبالإضافة إلى نقل طاقتها الإنتاجية إلى الصين، تُعمّق الشركات الغربية أعمال البحث والتطوير فيها.

وقالت شركة "باسف" إنها لا تنقل طاقتها الإنتاجية من أوروبا، بل تستثمر في الصين للمشاركة في النمو السريع المتوقع هناك، بينما رفضت شركات أخرى التعليق، وفقاً لـ "فايننشال تايمز".

وصرّح كيم فوسينج، الرئيس التنفيذي لشركة "دانفوس"، بأن الشركة تعمل على "إضفاء طابع إقليمي" على الإنتاج لتكون أقرب إلى العملاء، كما صرحت شركتا "شيفلر" و"ZF" أن توسعهما في الصين كان يستهدف السوق الإقليمية ولم يكن على حساب الوظائف الأوروبية. 

في المقابل، بدأت المفوضية الأوروبية بالاستجابة، بخطط لتحسين المشهد الصناعي للاتحاد، بما في ذلك تدابير لحث الشركات الصينية على الاستثمار في الاتحاد الأوروبي للوصول إلى السوق الموحدة للاتحاد.

وإذا عادت صادرات الشركات الأوروبية في الصين أيضاً إلى أسواقها المحلية، فقد يُصبح ذلك متفجراً سياسياً، كما يُحذر آخرون.

وقالت الشريكة في مجموعة "روديوم"، أغاثا كراتز: "يمكنكم السعي للحفاظ على النظام العالمي القائم على القواعد بقدر ما تشاؤون، ولكن إذا ضاعفت الصين سياساتها التي تضر بالنمو والوظائف، فسيؤدي ذلك إلى ردود فعل مماثلة لتلك التي نراها في الولايات المتحدة"، مضيفةً: "أتوقع أن يحدث هذا قريباً مع الشركاء الأوروبيين أيضاً".

اقرأ أيضاً: اليوان الصيني يصعد… صراع عالمي على الاقتصاد الرقمي