حوار "الميادين نت" مع معن بشور: مستقبل الأمة رهن المقاومة

الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي معن بشور يتحدّث في مقابلة مع "الميادين نت" عن "طوفان الأقصى" والأحداث في المنطقة في سياق الصراع مع الاحتلال، ويشرح دلالات انعقاد المؤتمر في بيروت وحضور المقاومة فيه، مستشرفاً مستقبل الأمة.

  • الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي معن بشور
    الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي معن بشور خلال المقابلة مع "الميادين نت"

تحدّث الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي معن بشور، في مقابلة مع "الميادين نت" عن الدورة الـ34 للمؤتمر التي انعقدت في بيروت، في ظل الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية والساحتان الإقليمية والدولية.

وقال بشور إنّ هذه الدورة هي الثانية التي تنعقد تحت عنوان "طوفان الأقصى"، لأننا "نعتقد أن طوفان الأقصى لم تكن مجرد معركة استمرت عامين ونيفاً، بل نقطة تحوّل كبرى في صراعنا مع العدو الصهيوني". وأضاف أننا ما زلنا في خضم المعركة، وأنّ هذه الحرب بحد ذاتها هي عنوان هذه المرحلة، مؤكّداً أنّ المقاومة هي درع الأمة في هذه المواجهة.

وفي الوقت الذي اعتبر فيه بشور أنّه من المبكر التنبؤ بالنتائج، إلا أنّه أوضح أن "طوفان الأقصى" شكلت حدثاً نوعياً في حياة الأمة والعالم. وقد أطلقت حراكاً عبرت عنه المقاومة المستمرة منذ أكثر من عامين في غزة وعموم فلسطين، كما في لبنان وفي اليمن، وفي الجمهورية الإسلامية في إيران، وعلى صعيد الشارع العربي، حيث خرج الملايين إلى الشوارع في دول عدة، وسط صمت وعجز من النظام الرسمي العربي. 

وشدّد بشور على أنّ معركة "طوفان الأقصى" حققت على المستويين الفلسطيني والعربي إنجازات كبيرة، كما حققت إنجازاً رأيناه في العالم، خصوصاً في أوروبا وفي الولايات المتحدة الأميركية.

وهنا، أشار إلى أنّ من يتابع المواقف الأوروبية والأميركية في بداية هذه الملحمة يكتشف الفرق بين المواقف السابقة والمواقف اليوم، معتبراً أنّ الكيان الإسرائيلي أصبح معزولاً حتى من دول "لم تخرج يوماً عن عصا طاعته"، وأنّ الخطاب الرسمي قد تغيّر وأن الحركة الشعبية قد تغيّرت أيضاً لصالح فلسطين.

وحدّد بشور أن هذا التغيير أزعج "إسرائيل، التي تعتمد في حروبها على المنطقة على الدعم الخارجي"، مؤكّداً أنّ "طوفان الأقصى" نجحت هذه المرة  في كشف "إسرائيل" أمام الرأي العام وأظهرت حقيقة هذا النظام العنصري الإبادي.

دلالات انعقاد المؤتمر في بيروت

وأكّد بشور أنّ انعقاد المؤتمر القومي العربي في لبنان في هذه الظروف بالذات هو بحد ذاته موقف، وأن يأتي 250 عضواً من كل أنحاء الوطن العربي على حسابهم سفراً وإقامة في البلد هو تعبير عن مكانة لبنان لدى كل أعضاء المؤتمر بل لدى الشعب العربي كله.

وذكر بشور أنّ الشعب العربي يذكر أن من لبنان انطلقت مقاومة نجحت في هزيمة العدو أكثر من مرة. وكانت آخر هذه الهزائم التي لا يريد البعض الاعتراف بها هي حرب 66 يوماً، مشيراً إلى أنّ لبنان لا يزال في "قلب المعركة".

ولفت إلى أنّ "إسرائيل" تسيء فهم الهدوء اللبناني سواء على مستوى الدولة والجيش أو على مستوى المقاومة، ظنٍاً أنّ هذا يعكس ضعفاً أو انهياراً أو استسلاماً، من دون أن يدركوا أن لبنان بمقاومته وبجيشه بهذا الموقف الهادئ إنما يريد أن يحمل العدو مسؤولية انتهاكه وقف إطلاق النار".

واعتبر الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي أنّ الشعب اللبناني بأغلبيته "بات يدرك أن هذا العدو لا يفهم إلا لغة المقاومة".

المقاومة حاضرة في المؤتمر القومي العربي

المقاومة كانت حاضرة في المؤتمر القومي العربي، وهنا، شدّد بشور على كلماتٍ لممثلي المقاومة من فلسطين واليمن في الدورة الـ34 من المؤتمر.

وتحدّث أيضاً عن اختيار عنوانٍ كقناة الميادين ورئيس مجلس إدارتها غسان بن جدو ليلقي كلمةً في الافتتاح، يشكل "رسالة منا للإعلام الذي يقاوم هذا العدو جنباً إلى جنب مع السلاح بأن له مكاناً لدى شعبه".

وتابع بشور أنّ الأمر نفسه ينسحب على أساطيل الحرية، إذ حرص المؤتمر على وجود الدكتورة لينا الطبال إحدى المناضلات على أسطول الصمود الذي توجه إلى غزة، والتي تم اعتقالها من قبل العدو الصهيوني لعدة أيام.

ولم ينس أيضاً حضور "قامة نضالية كبيرة كجورج عبد الله الذي سجن 42 سنة في فرنسا بسبب التزامه الوطني والقومي ودوره في المقاومة".

ذلك إضافةً إلى كلمة لأمين عام المؤتمر القومي العربي حمدين صباحي و"ما يمثله في مصر وخارجها وعلى مستوى الوطن العربي"، وكذلك رئيس المؤتمر العربي العام الأستاذ خالد سفياني الذي "يعرفه الشعب العربي بأنه مهندس المليونيات في المغرب".

حل الخلافات

وذكر بشور أنّ المؤتمر منذ انطلاقته رفع شعار السعي لأن يكون جسراً بين أبناء الأمة، فتكون الأمة "متراساً في وجه أعدائها"، لذلك "منذ انطلاق أو منذ تفجر الأوضاع في عدة أقطار عربية شكّل المؤتمر بالتعاون مع المؤتمرات الأخرى  إطاراً يسعى إلى حل مشاكلنا بالحوار وبتجاوز الانقسامات الداخلية، وسعينا لإقامة حوارات على كل المستويات في سوريا ولبنان والسودان واليمن".

وعلى الرغم من المؤامرات، شدّد بشور على أنّ ذلك "لن يمنعنا في السنوات القادمة أن نواصل كمؤتمر دورنا وهذا ما بحثناه في أول اجتماع للأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي برئاسة الأمين العام الجديد الدكتور ماهر الطاهر".

سوريا.. التحديات

على صعيد سوريا، أكّد بشور أنها كانت دائماً هدفاً لأعداء الأمة، إذ أرادوا مصادرة إرادة الشعب السوري المعروفة.

ولفت إلى أنّ رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع أعلن من واشنطن أن هذه هي الزيارة الأولى لرئيس سوري إلى الولايات المتحدة منذ 60 عاماً، لكن قبل ذلك كان رؤساء أميركا إما يأتون إلى سوريا أو يلتقون الرئيس السوري في بلد آخر في أيام الرئيس حافظ الأسد.

وهنا، قال بشور إنّ "هذه هي سوريا التي صمدت منذ عام 48 في وجه هذا العدو، والتي رفضت أي مساومة على حق الشعب الفلسطيني بل خسرت جزءاً من أرضها في معركتها من أجل فلسطين وما زالت متمسكة بهذه الأرض".

وعبّر بشور، عن اعتقاده بأنّ أي حكم يريد أن يبقى  سيلتزم بإرادة الشعب السوري، ولا يمكن أن يسلم بحقوق الشعب وحقوق فلسطين للعدو الصهيوني، وهذه معادلة مستمرة.

وأوضح أنّ لبنان مرّ بظروف تم فيها إنجاز "اتفاق 17 أيار"، ومع ذلك لم يصمد هذا الاتفاق إلا عدة أشهر وانهار أمام إرادة الشعب اللبناني وإرادة المقاومة.

وفي ضوء ذلك، قال بشور "لا أعتقد أن الشعب السوري والمخلصين في سوريا يمكن أن يقبلوا بأي تنازل على حساب الحق العربي في سوريا وفي كل فلسطين".

وعن موقف المؤتمر القومي العربي بشأن سوريا، أكّد بشور أنّه يدين العدوان الإسرائيلي ويدعو إلى دعم وتقوية سوريا في مواجهة هذا العدوان، حتى يخرج المحتل ليس فقط من الأراضي التي احتلها هذا العام وإنما من الأراضي التي احتلها منذ عام 1967.

وبيّن بشور أنّ مواجهة المطامع الصهيونية في سوريا تحتاج إلى علاقة بين أبناء الشعب السوري تتجاوز كل الصراعات والخلافات. وأشار إلى أنّ سوريا تحتاج إلى خطاب جديد من كل أيقوناتها يجعل مصلحة الشعب ومصلحة سوريا الموحدة فوق كل اعتبار.

وأكّد بشور أنّ المؤتمر القومي العربي يسعى منذ زمن إلى أن يمثّل جسراً بين السوريين لأنه يعتقد أن أي تفتيت في سوريا وأي تفكيك للبلاد ينعكس ليس على سوريا وحدها فقط، وإنما على الواقع العربي كله وعلى القضية الفلسطينية بشكل خاص. 

الموقف من الحرب في السودان

وشدّد بشور على أنّ السودان بلد مليء بالإمكانات المادية والمعنوية والثقافية والفكرية وفيه شعب أصيل وحريص على وحدته واستقلاله وعلى حسن استخدام موارده، "وهو يثبت ذلك".

وأضاف أنّ بلداً كالسودان زاخر بهذه الخيرات وبهذه الإمكانات "سيبقى هدفاً للطامعين في بلادنا وخيراتنا".

وبناءً على ذلك، رأى بشور أنّ ما يجري في السودان هو جزء من مؤامرة كبرى تستهدف تفتيت بلد عربي مسلم إفريقي كبير كانوا يسمونه "السلة الغذائية" للعالم، من أجل إفراغ هذه السلة لكي يتمتع حفنة من حكام المنطقة أو حكام العالم بخيرات السودان.

وأعرب بشور عن ثقته بالشعب السوداني، وخصوصاً إذا تم احتضانه من أبناء أمته العربية والإسلامية، ليتجاوز مع الأيام كل هذه التحديات التي تُفرض عليه.

"مستقبل الأمة مرهون بمقاومتها"

في الختام، شدّد بشور على أنّ مستقبل الأمة "مرهون بوحدتنا ومقاومتنا"، وقال "نحن لدينا مشروع نعمل من أجله هو المشروع النهضوي العربي لكن ندرك تماماً أن هذا المشروع يجب أن يكون وراءه مناضلون وقوى وأحزاب وهيئات مقاومة في مواجهة العدو ومقاومة لمواجهة أمراض الداخل مثل الفساد والاستبداد وغيرها".

وأضاف أنّ "وجود هذا النوع من المقاومة هو ما يجعلنا متفائلين بأن المستقبل سيكون لصالح أمتنا"، في المقابل "إذا لم نعتمد هذه الوسائل في مواجهة أعدائنا فإننا سنراوح في مكاننا".

اقرأ أيضاً: المؤتمر القومي العربي ينتخب أمانة عامة جديدة خلال دورته الـ 34