"Responsible Statecraft": مقاولو غزة غير مستعدين للتخلي عن خدماتهم

بعد إقفال "مؤسسة غزة الإنسانية"، تبرز شركة جديدة تسعى للاستيلاء على ملف المساعدات في غزة، وسط اتهامات لها بالضلوع في تهجير الفلسطينيين وتسهيل سياسات القتل والتجويع تحت غطاء "الإغاثة".

0:00
  • قتل المئات من الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء في غزة
    قُتل مئات الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء في غزة

مجلة "Responsible Statecraft" الأميركية تنشر تقريراً يتناول ملف خصخصة المساعدات في غزة بعد الحرب، وفشل التجربة الأميركية عبر "مؤسسة غزة الإنسانية"، وما تبع ذلك من دور المتعاقدين الأمنيين الأميركيين في توزيع المساعدات، وما أثارته هذه الشركات من اتهامات خطيرة تتعلق بسوء الإدارة، وغياب التدريب، واحتمال ارتكاب جرائم حرب، إضافة إلى كشف انخراط عناصر متطرفة معادية للمسلمين في العمل داخل غزة تحت غطاء "الأمن الإنساني".

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

أغلقت "مؤسسة غزة الإنسانية" أبوابها رسمياً هذا الأسبوع بعد 6 أشهر فقط من بدء عملياتها، فيما أرخى الخبر ارتياحاً كبيراً بين منتقدي المؤسسة المدعين أنَّ عملها المُخصخص في توزيع المساعدات في غزة ساهم في مقتل نحو ألفي فلسطيني. وفي الوقت الحالي، يعني هذا أنَّ الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أخرى ذات خبرة طويلة في هذا المجال تتولى مسؤولية المساعدات في غزة بالتنسيق مع مركز التنسيق المدني العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة، لكن المتعاقدين الأميركيين من القطاع الخاص ليسوا مستعدين بعد للتخلي عن "خدماتهم".

ومن بينهم شركة "يو جي سوليشن"، وهي شركة خاصة وفّرت حراسة أمنية في نقاط توزيع المساعدات. وقد تعرّضت الشركة لانتقادات لاذعة بسبب عملها، ولا سيما بعد سلسلة من الادعاءات من أنتوني أغيلار، المتعاقد السابق مع القوات الخاصة الأميركية وشركة "يو جي سوليشن"، الذي قال إنَّه رأى متعاقدين آخرين يرتكبون جرائم حرب أثناء مهمته في غزة. ومما أضرّ أكثر بسمعة الشركة الكشف عن إرسالها ما لا يقل عن 10 أعضاء من عصابة دراجات نارية معادية للمسلمين للعمل في الأمن في غزة.

وعلى الرغم من هذه الخلافات، تُجهّز الشركة المذكورة بالفعل طواقمها لنشر فرق جديدة فيما يصل إلى 15 موقعاً إغاثياً في غزة منذ بداية الشهر الجاري، وفقاً لموقع "دروب سايت". وليست شركة "يو جي سوليشن" المتعاقد الوحيد الذي يسعى إلى أداء دور في غزة بعد الحرب. وكما أشار موقع "دروب سايت"، فقد حصلت شركة "كيو 2 امباكت" الاستشارية أيضاً على عقد أميركي بقيمة 7 ملايين دولار أميركي "لمراقبة فعالية المساعدات الإنسانية في فلسطين ولبنان".

وأضاف أغيلار بأنَّه يعتقد أنَّ شركة "كيو 2 امباكت" تتولى الآن مسؤولية عمل "مؤسسة غزة الإنسانية"، وشركة "سيف ريسرش سوليشن"، التي نسقت المساعدات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، بهدف تهجير الفلسطينيين، وإنشاء آليات لقتل المدنيين العُزّل، وتنفيذ عمليات تجويع ممنهجة تحت ستار المساعدات الإنسانية".

مع ذلك، قال الناطق باسم شركة "يو جي سوليشن" إنَّ الشركة لا علم لها بأي شركات جديدة مُتعاقدة للقيام "بأعمال إنسانية أو لوجستية في غزة" في الوقت الحالي، كما أنّها لم تُكلف شركة "كيو 2 امباكت"، ولم تُجر أي محادثات بهذا الشأن، مع أنَّنا منفتحون على النقاشات معها". كما رفضت "يو جي سوليشن" الادعاءات عن ارتكاب مُتعاقديها جرائم حرب، متهمةً أغيلار بترويج "المزاعم المُستهلكة ذاتها التي رُفضت مراراً وتكراراً على أمل الحفاظ على فاعليتها بطريقة ما". من جانبها، نفت وزارة الخارجية الأميركية أي نية للعودة إلى عمليات الإغاثة المخصصة، واتهمت أغيلار بـ"الكذب". وعندما طُلب منها توضيح الدور الذي ستؤديه شركة "كيو 2 امباكت" في توزيع المساعدات، لم تُعلق الوزارة أو الشركة على طلب التعليق.

بغض النظر عن الدور المحتمل لشركة "كيو 2 امباكت"، فإنَّ عودة شركة "يو جي سوليشن" ينبغي أن تكون مصدر قلق كبيراً، وفقاً لما صرّح به أغيلار لـموقعنا. وقال الجندي السابق في القوات الخاصة الأميركية إنه قبل إرساله إلى غزة، لم يتلقَّ مع زملائه أي تدريب على الإطلاق. وزعم أغيلار أنًّ شركة "يو جي سوليشن" لم "تتأكد من مؤهلات أو قدرات حراس الأمن الذين وظفتهم، كما أنًّ الشركة تفتقر إلى الموارد اللازمة لتدريب أفراد الأمن على نطاق واسع للتعامل مع تعقيدات الأزمة الإنسانية في غزة"، لكن "يو جي سوليشن" نفت كل هذه الادعاءات، وقالت إنّ "المجندين لديها يخضعون لدورة فحص ضابط الأمن الإنساني" التي تتضمن تقييمات إطلاق النار وتدريس القانون الدولي في الفصول الدراسية.

إنَّ خلف هذه المناقشة هو شعور واسع النطاق بعدم اليقين بشأن الشكل الذي ستبدو عليه حوكمة غزة بعد الحرب، على افتراض أنّ التصعيد الإسرائيلي الأخير لن يؤدي إلى العودة إلى الصراع المفتوح، بينما تناقش الولايات المتحدة الآن علناً إمكانية بناء "مخيمات مؤقتة للفلسطينيين" تم التحقق منهم داخل المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في غزة، والتي يُطلقون عليها اسم "مجتمعات آمنة بديلة". وبموجب هذه الخطة، سيُترك نصف غزة تقريباً في حالة خراب ما لم تستسلم حماس تماماً.

ليس من الواضح ما إذا كانت لهذه الخطط أي علاقة بنقاط توزيع المساعدات الجديدة التي يُقال إنَّ شركة "يو جي سوليشن" تُجهّزها، لكنها تُثير تساؤلات مماثلة حول دور المسؤولين والمتعاقدين الأميركيين والإسرائيليين. ويقول خبراء الإغاثة إنّ عمليات الإغاثة يجب أن تلتزم بقواعد الحياد الصارمة، وإلا ستُعرّض طالبي المساعدة للخطر. كما أنَّ مجرد انخراط المتعاقدين الأجانب أو الجنود الإسرائيليين في جهود الإغاثة يزيد خطر وقوع حوادث عنف، كتلك التي وقعت مراراً وتكراراً خلال فترة العمل القصيرة لصندوق الإغاثة العالمي في غزة.

كتب سكوت بول من منظمة "أوكسفام" أنَّ المنظمات الخاصة، مثل صندوق الإغاثة العالمي، تُقدم "عرضاً مغرياً" للحكومات التي تبحث عن بديل محايد ومختلف عن منظمات الإغاثة التقليدية". وأضاف: "ولكن كما ثبت فشل صندوق الإغاثة العالمي، فإنَّ العناصر الأساسية للمساعدات الإنسانية ليست الشاحنات والأسلحة، بل هي ثقة المجتمعات، وفهم عميق لكيفية تأثير الأزمات فيما يفعله الناس وما يحتاجونه، وعزم راسخ على الحفاظ على سلامتهم ومعاملتهم بكرامة، والتزام لا هوادة فيه بتجنب استغلالهم لأجندات سياسية أو عسكرية.

نقله إلى العربية: حسين قطايا.