الميادين في عامها الثالث عشر: بوصلة فلسطين وصوت لا يصمت
في عالم تتنازع فيه السرديات، وتضيع فيه البوصلة، تظلّ الميادين نموذجاً لإعلام لا يخاف، لا يساوم، ولا ينسى أنّ هناك شعباً محتلاً، وحقاً مسلوباً، وقضيةً مركزية اسمها فلسطين.
-
مقاومة إعلامية في وجه الحجب والتطبيع.
في 11 حزيران/يونيو 2012، لم تكن انطلاقة قناة الميادين مجرّد إضافة رقمية على خارطة الإعلام العربي، بل كانت إعلاناً عن ولادة خطاب إعلامي مختلف، أراد أن يخرج من ضجيج الاصطفافات ونمطية التغطيات. ومنذ اللحظة الأولى، اختارت القناة أن تكون منحازة للناس، للحقّ، وللقضايا العادلة، وفي مقدّمتها فلسطين، البوصلة التي لا تتغيّر.
فلسطين في قلب الرسالة
بشعارها المعروف "الواقع كما هو"، قدّمت الميادين نفسها كنافذة مفتوحة على القضية الفلسطينية، لا من منظور سياسي فقط، بل من زواياها الإنسانية والتاريخية والثقافية أيضاً. فكانت صوتاً لأهل غزة تحت الحصار، وللشهداء في جنين، وللأمهات في القدس، ومِنبراً للمقاومة في كلّ مكان.
في زمن انشغل فيه كثير من الإعلام العربي بإعادة ترتيب أولوياته، اختارت الميادين أن تبقى فلسطين في صدر النشرة وفي عمق التغطية، مقدّمةً شهادة حيّة على واقع الاحتلال، وساعية لردم الهوّة التي تركها تغييب الصوت الفلسطيني عن المشهد الإعلامي.
مقاومة إعلامية في وجه الحجب والتطبيع
لم تكن الطريق سالكة. تعرّضت القناة خلال السنوات الماضية لمحاولات تشويش وحجب متكرّرة، خصوصاً من قبل الاحتلال الإسرائيلي، في مسعى لعزلها عن الجمهور العربي والدولي.
ورغم ذلك، واصلت الميادين بثّها، مستندةً إلى استقلالية تحريرية، وفريق مهني، ورؤية لا ترى في الكلمة ترفاً، بل مسؤولية وموقفاً. تطوّرت تقنياً، وانفتحت على منصات جديدة، لكنها ظلت على العهد: لا تساوم، لا تتلوّن، ولا تخضع لضغوط الحسابات السياسية أو المصالح العابرة.
ثمن الحقيقة: شهداء الكلمة الحرّة
لم يكن التزام الميادين مجرّد خطاب نظري، بل دفعته القناة من دماء أبنائها. فقد ارتقى عدد منهم شهداء أثناء أداء واجبهم المهني، وخلال تغطية العدوان الإسرائيلي على لبنان. هؤلاء لم يكونوا مجرّد إعلاميين، بل مقاومين بالكاميرا والكلمة، حملوا الحقيقة في وجه الرصاص، وكتبوا بدمائهم شهادة وفاء للمهنة وللقضية.
تضحياتهم لم تزد الميادين إلّا إصراراً على مواصلة الطريق، مؤكّدة أنّ نقل الحقيقة في زمن القتل والطمس هو عمل مقاوم بامتياز.
ما بين الميدان والاستوديو: صوت المقاومة والضعفاء
بعيداً عن كونها قناة إخبارية، أصبحت الميادين فضاءً إعلامياً مقاوماً، يضع قضايا الشعوب في قلب الخطاب، من اليمن إلى سوريا، ومن العراق إلى تونس ولبنان.
لم تكن تغطياتها مجرّد استعراض للوقائع، بل محاولة لفهم السياقات، وتقديم صوت من لا صوت لهم: اللاجئون، الأطفال، ضحايا الحروب، والمهمّشون في المدن والأرياف.
في زمن بات فيه "التطبيع الإعلامي" واقعاً، ظلّت الميادين تقول لا، وتقف في خندق الإعلام الملتزم، مدافعة عن قيم السيادة وحقّ الشعوب في تقرير مصيرها.
ثلاثة عشر عاماً... والقناة لا تزال في قلب المعركة
على مدار ثلاثة عشر عاماً، لم تتغيّر بوصلتها. ظلّت فلسطين حاضرة، ليس كشعار، بل كمنهج تغطية، وكمعيار أخلاقي لصدق التوجّه. وقد عبّر القائمون على القناة مراراً عن أنّ الميادين ليست مشروعاً مؤقتاً، بل رسالة مستمرة، ترى في الإعلام المقاوم ضرورة في وجه الهيمنة والمحو.
ورغم كلّ محاولات التشويش والإقصاء، ما زالت الميادين تصل إلى جمهورها، وتبني ثقة تتجدّد يوماً بعد يوم، لأنها لم تخن رسالتها، ولم تغادر مكانها: هناك حيث الكلمة تُقاوم، وحيث الصحافة لا تكتفي بالرصد، بل تتّخذ موقفاً.
حين تكون الكلمة مقاومة
الميادين لا تحتفل فقط بما راكمته من حضور ومصداقيّة في عامها الثالث عشر، بل تجدّد تعهّدها الأخلاقي والمهني أمام جمهورها. في عالم تتنازع فيه السرديات، وتضيع فيه البوصلة، تظلّ هذه القناة نموذجاً لإعلام لا يخاف، لا يساوم، ولا ينسى أنّ هناك شعباً محتلاً، وحقاً مسلوباً، وقضيةً مركزية اسمها فلسطين.
الميادين لم تُنشأ لتُرضي أصحاب النفوذ، بل لتكون شاهداً لا يصمت، وصوتاً لا يُشترى.
وثلاثة عشر عاماً مرّت، وما زالت هناك: في قلب المعركة، حيث يجب أن تكون الصحافة.