ماذا يعني إعلان إثيوبيا استكمال بناء سد النهضة؟
الإعلان عن استكمال بناء سد النهضة يعني أن السد بات واقعاً مادياً. وبالتالي، المرحلة القادمة ستكون صراعاً حول التشغيل والسيطرة، لا حول البناء.
-
اكتمال بناء سد النهضة يعني بالنسبة لمصر أنها باتت أمام واقع مائي جديد.
أغلقت إثيوبيا الباب أمام فرص استكمال التفاوض مع مصر والسودان حول إمكانية الذهاب إلى الاتفاق لحلّ أزمة تداعيات بناء سد النهضة، وذلك بإعلان الحكومة الإثيوبية رسمياً انتهاء بناء سد النهضة الكبير على نهر النيل الأزرق، لتطوي بذلك صفحة عقدٍ كامل من التشييد والجدل، وتفتح فصلاً جديداً أكثر حساسية يتعلق بمرحلة تشغيل السد والتحكم في المياه. لكن، ما الذي يعنيه إعلان إثيوبيا استكمال بناء سد النهضة؟
عقب تلميحات إثيوبية عدّة باقتراب الانتهاء من بناء سد النهضة؛ أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في 3 تموز/ يوليو 2025 إنجاز العمل في مشروع سد النهضة على نهر النيل، وقال: " إن تدشينه سيكون في أيلول/ سبتمبر المقبل، داعياً مصر والسودان وشعوب حوض النيل إلى المشاركة في الاحتفال "بهذه المحطة التاريخية".
وأكد آبي أحمد خلال كلمة ألقاها أمام البرلمان الإثيوبي، انفتاح بلاده على الحوار واستعدادها الكامل للدخول في مفاوضات مع مصر والسودان في أي وقت، بهدف تحقيق التنمية المشتركة وضمان مصالح جميع الأطراف.
وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، عبر منصة "إكس"، أن إثيوبيا ملتزمة بضمان ألا يأتي سعيها إلى تحقيق النمو على حساب مصر والسودان. وشدّد البيان على رغبة إثيوبيا في التعاون البنّاء مع دول المصب، ودعوتها مصر والسودان وكل دول حوض النيل إلى الاحتفال بالسد.
وضعت إثيوبيا حجر الأساس لبناء سد النهضة في نيسان/ أبريل عام 2011 في مشروع كلّف مليارات الدولارات، وعدّته مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه النيل، بينما يخشى السودان من الأضرار البيئية والاقتصادية الناجمة عنه. ومرّ مشروع إنشاء سد النهضة بمراحل إنشائية متسارعة وأخرى شابها التوتر السياسي، وتعثُّر متكرر في المفاوضات، لتؤكد أديس أبابا أن المشروع شارف على الاكتمال، ما يعكس إصرارها على استكمال ما تعدّه مشروعاً سيادياً وتنموياً.
يهدد إعلان إثيوبيا، عن قرب افتتاح سد النهضة، مع اكتمال بناء 98% منه، بتأجيج التوتر مع دولتَي مصب نهر النيل، مصر والسودان، في ظل الجمود الذي خيّم على المفاوضات الثلاثية خلال الأشهر الأخيرة. وبالتالي، فإنه مع دخول مشروع سد النهضة مرحلته النهائية، تُطرح تساؤلات عدة بشأن ما إذا كان سيؤدي ذلك إلى إعادة طرح الملف أمام مجلس الأمن الدولي أو الاتحاد الأفريقي، أو إمكانية تأثيره في الموقف الأميركي أو الأوروبي من الملف.
توقفت المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) برعاية الاتحاد الأفريقي في نيسان/أبريل 2021 بعد الإخفاق في التوصل إلى اتفاق، وهو ما دعا مصر إلى اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي للمطالبة بالضغط على إثيوبيا. ولم تسفر أحدث جولة مفاوضات في كانون الأول / ديسمبر 2023 عن اتفاق.
إن الإعلان الإثيوبي عن انتهاء بناء سد النهضة لا يُعدّ مجرد تقدم إنشائي، بل هو إشارة سياسية واضحة إلى أن ساعة التشغيل الكامل للسد باتت وشيكة، وهو ما يُثير حفيظة القاهرة والخرطوم، بشأن التداعيات المحتملة على أمنهما المائي، ويفتح المجال لتجديد الضغوط على أديس أبابا من أطراف إقليمية ودولية، إذ إن رسائل التطمين التي قدمتها إثيوبيا من خلال دعوة مصر والسودان إلى حضور تدشين السد وافتتاحه والمشاركة في ذلك لم تكن كافية، الأمر الذي يعني أن القلق لا يزال حاضراً بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى.
ويعني إعلان إثيوبيا استكمال بناء سد النهضة، أننا أمام تحوّل استراتيجي في موازين التحكم بمياه النيل، ويعني اكتمال بناء السد منح إثيوبيا لأول مرة أداة مائية هائلة تتحكم من خلالها في تدفقات المياه إلى السودان ومصر، الدولتين اللتين تعتمدان على النيل بنسبة تفوق 90% من موارد المياه العذبة. وبالتالي، لم تعد الخطورة الآن محصورة في البناء وملء إثيوبيا منفردة السد مرات عدة، إنما في الإدارة الأحادية المنفردة لملء السد وتشغيله. لا سيما في ظل غياب اتفاق قانوني ملزم وناظم لتوزيع مياه نهر النيل.
اكتمال بناء سد النهضة يعني بالنسبة إلى مصر أنها باتت أمام واقع مائي جديد، يقتضي ترشيد استهلاك المياه، وتفعيل خطط طوارئ تشمل تحلية المياه، الترشيد، وتعزيز تحالفات مع دول حوض النيل الأبيض. أما بالنسبة إلى السودان فهو في موقف أكثر هشاشة، إذ يهدّده السد فنياً في حالة التشغيل الخاطئ، وسياسياً بوقوعه بين محورين متصارعين؛ هما مصر وإثيوبيا.
وبالتالي، نحن أمام مرحلة جديدة من الصراع عنوانها تشغيل سد النهضة من دون اتفاق، وفشل مفاوضات ومباحثات واتصالات ووساطات استمرت لأكثر من عقد من الزمن وانتهت من دون اتفاق، وهذا يعني أن انتهاء البناء من سد النهضة لا يعني انتهاء الأزمة بل يعني بدء مرحلة جديدة وخطيرة وهي تشغيل السد بكامل طاقته وقدرته من دون اتفاق بين الدول الثلاث: مصر والسودان وإثيوبيا. ما يعني الضرر السنوي المُزمن لدول المصب السودان ومصر. ويعني الإعلان أيضاً أن سد النهضة بات أداة ضغط سياسي في يد إثيوبيا يمكنها استخدامها كورقة مساومة في ملفات سياسية أخرى.
إعلان إثيوبيا عن انتهاء بناء سد النهضة يحمل دلالات سياسية واستراتيجية كبيرة، وله أبعاد إقليمية تمس مصر والسودان بشكل مباشر. ومن بين ما يعنيه اكتمال بناء السد أنه فنياً بات جاهزاً بكامل مكوّناته الهندسية والهيكل والتوربينات والسعة التخزينية، ويعني أن إثيوبيا أصبحت قادرة على التحكم الكامل في تدفّق مياه النيل الأزرق وفق جدولها. وبالتالي، إثيوبيا تتحكم الآن فعلياً في تدفق مياه النيل الأزرق، وفي هذا خطر محتمل على الأمن المائي المصري والسوداني، خصوصاً في فترات الجفاف أو التشغيل الأحادي. كذلك القدرة على ملء الخزان في مواسم معينة قد تؤثر على حصص المياه لمصر والسودان.
الإعلان لا يخلو أيضاً من رسائل سياسية داخلية وخارجية، داخلية أن رئيس الوزراء آبي أحمد نجح في تدشين أضخم مشروع قومي رغم الضغوطات الدولية، وخارجياً بالنسبة إلى مصر والسودان فإن الواقع المائي الآن قد تغير، وأن المفاوضات بعد الآن ستكون من موقع الفعل، لا التفاوض النظري. إن هذا الإعلان يُعقّد موقف التفاوض؛ لأن إثيوبيا أصبحت تُفاوض من منطلق الأمر الواقع.
إعلان إثيوبيا الانتهاء من بناء سد النهضة لا يعني طيّ صفحة الأزمة، بل انتقالها إلى طور أكثر تعقيداً. فالسد الذي بدأ كمشروع تنموي إثيوبي بات الآن أداة نفوذ إقليمي تُعيد تشكيل الجغرافيا السياسية لنهر النيل. والرهان اليوم لم يعد فقط على الحوارات، بل على مدى قدرة الأطراف الثلاثة على تجنّب التصعيد، وضمان الأمن المائي في زمن ندرة المياه.
إن إعلان اكتمال سد النهضة ينقل الأزمة إلى مرحلة ما بعد البناء، أي إلى إدارة السد وتشغيله، وهو ما سيكون محور الصراع المقبل: وبالتالي، هل ستلتزم إثيوبيا باتفاق ملزم بشأن التشغيل والملء، أم ستمضي منفردة؟ الإجابة تحتمل ثلاثة سيناريوهات.
الأول: التفاهم والاتفاق وهذا سيناريو مستبعد؛ لأنه خلال 13 عاماً من المفاوضات لم تصل الأطراف إلى أي اتفاق قانوني ملزم.
السيناريو الثاني: قبول الأمر الواقع، وهذا سيناريو ممكن ومتوقع، قد يشهد بعض التوتر وتصعيد لغة الخطاب، لا سيما من طرف مصر.
السيناريو الثالث: التصعيد السياسي والأمني، وهو أن تلجأ مصر والسودان إلى التصعيد الدبلوماسي والقانوني، وربما حتى حد التلويح باستخدام القوة، ولو بشكل غير مباشر. وهذا سيناريو غير مستبعد، لا سيما إذا ما رجعنا إلى تصريحات وزير الخارجية المصري عن ملف سد النهضة، حتى قبل اعلان آبي احمد اكتمال بناء سد النهضة بأربعة أيام وقوله: "إن موضوع المياه هو التهديد الوجودي الأول والأوحد لمصر". وتأكيده أن مصر لن تسمح تحت أي ظرف أن يتم المساس بحصتها التاريخية من مياه النيل.
إن الإعلان عن استكمال بناء سد النهضة يعني أن السد بات واقعاً مادياً. وبالتالي، ستكون المرحلة القادمة صراعاً حول التشغيل والسيطرة، لا حول البناء. والأمر مرهون بنجاح الأطراف الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا) في تجنب أزمة مستقبلية وصراع بقاء من خلال التوصل إلى اتفاق يضمن حصصاً مائية كافية لمصر والسودان من دون الانزلاق إلى التصعيد.
دان حول امكانية الذهاب للاتفاق لحل أزمة تداعيات بناء سد النهضة، وذلك بإعلان الحكومة الإثيوبية رسميًا انتهاء بناء سد النهضة الكبير على نهر النيل الأزرق، لتطوي بذلك صفحة عقدٍ كامل من التشييد والجدل، وتفتح فصلًا جديدًا أكثر حساسية يتعلق بمرحلة تشغيل السد والتحكم في المياه. لكن ما الذي يعنيه إعلان أثيوبيا استكمال بناء سد النهضة؟.
عقب عدة تلميحات أثيوبية باقتراب الانتهاء من بناء سد النهضة؛ أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في 3 تموز/ يوليو 2025 إنجاز العمل في مشروع سد النهضة على نهر النيل، وقال: " إن تدشينه سيكون في أيلول/ سبتمبر المقبل داعيا مصر والسودان وشعوب حوض النيل للمشاركة في الاحتفال "بهذه المحطة التاريخية".
وأكد آبي أحمد خلال كلمة ألقاها أمام البرلمان الإثيوبي، انفتاح بلاده على الحوار واستعدادها الكامل للدخول في مفاوضات مع مصر والسودان في أي وقت، بهدف تحقيق التنمية المشتركة وضمان مصالح جميع الأطراف.
وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، عبر منصة "إكس"، أن إثيوبيا ملتزمة بضمان ألا يأتي سعيها إلى تحقيق النمو على حساب مصر والسودان. وشدّد البيان على رغبة إثيوبيا في التعاون البنّاء مع دول المصب، ودعوتها لمصر والسودان وكل دول حوض النيل للاحتفال بالسد.
وضعت أثيوبيا حجر الأساس لبناء سد النهضة في نيسان/ أبريل عام 2011 في مشروع كلف مليارات الدولارات، واعتبرته مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه النيل، بينما يخشى السودان من الأضرار البيئية والاقتصادية الناجمة عنه. ومرّ مشروع إنشاء سد النهضة بمراحل إنشائية متسارعة وأخرى شابها التوتر السياسي، وتعثُّر متكرر في المفاوضات، لتؤكد أديس أبابا أن المشروع شارف على الاكتمال، ما يعكس إصرارها على استكمال ما تعتبره مشروعاً سيادياً وتنموياً.
يهدد إعلان إثيوبيا، عن قرب افتتاح سد النهضة، مع اكتمال بناء 98% منه، بتأجيج التوتر مع دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، في ظل الجمود الذي خيم على المفاوضات الثلاثية خلال الأشهر الأخيرة. وبالتالي فإنه مع دخول مشروع سد النهضة مرحلته النهائية، تُطرح عدة تساؤلات بشأن ما إذا كان سيؤدي ذلك إلى إعادة طرح الملف أمام مجلس الأمن الدولي أو الاتحاد الإفريقي، أو إمكانية تأثيره على الموقف الأميركي أو الأوروبي من الملف.
توقفت المفاوضات بين الدول الثلاث "مصر والسودان وأثيوبيا" برعاية الاتحاد الأفريقي في نيسان/أبريل 2021 بعد الإخفاق في التوصل لاتفاق، وهو ما دعا مصر إلى اللجوء لمجلس الأمن الدولي للمطالبة بالضغط على إثيوبيا. ولم تسفر أحدث جولة مفاوضات في كانون الأول / ديسمبر 2023 عن اتفاق.
إن الإعلان الإثيوبي عن انتهاء بناء سد النهضة لا يُعد مجرد تقدم إنشائي، بل هو إشارة سياسية واضحة إلى أن ساعة التشغيل الكامل للسد باتت وشيكة، وهو ما يُثير حفيظة القاهرة والخرطوم، بشأن التداعيات المحتملة على أمنهما المائي، ويفتح المجال لتجديد الضغوط على أديس أبابا من أطراف إقليمية ودولية. لا سيما أن رسائل التطمين التي قدمتها أثيوبيا من خلال دعوة مصر والسودان لحضور تدشين السد وافتتاحه والمشاركة في ذلك لم تكن كافية ولم تجد طريقها الأمر الذي يعني أن القلق لا زال حاضرا بين مصر والسودان من جهة وأثيوبيا من جهة أخرى.
ويعني إعلان أثيوبيا استكمال بناء سد النهضة، أننا أمام تحوّل استراتيجي في موازين التحكم بمياه النيل، ويعني اكتمال بناء السد منح إثيوبيا لأول مرة أداة مائية هائلة تتحكم من خلالها في تدفقات المياه إلى السودان ومصر، الدولتين اللتين تعتمدان على النيل بنسبة تفوق 90% من موارد المياه العذبة. وبالتالي الخطورة الآن لم تعد في البناء وملء أثيوبيا منفردة للسد عدة مرات ولكن في الإدارة الأحادية المنفردة لملء وتشغيل السد. لا سيما في ظل غياب اتفاق قانوني ملزم وناظم لتوزيع مياه نهر النيل.
اكتمال بناء سد النهضة يعني بالنسبة لمصر أنها باتت أمام واقع مائي جديد، يقتضي ترشيد استهلاك المياه، وتفعيل خطط طوارئ تشمل تحلية المياه، الترشيد، وتعزيز تحالفات مع دول حوض النيل الأبيض. أما بالنسبة للسودان فهو في موقف أكثر هشاشة، حيث يهدده السد فنيًا في حالة التشغيل الخاطئ، وسياسيًا بوقوعه بين محورين متصارعين؛ هما مصر وأثيوبيا.
وبالتالي نحن أمام مرحلة جديدة من الصراع عنوانها تشغيل سد النهضة بدون اتفاق، وفشل مفاوضات ومباحثات واتصالات ووساطات استمرت لأكثر من عقد من الزمن وانتهت دون اتفاق، وهذا يعني أن انتهاء البناء من سد النهضة لا يعني انتهاء الازمة بل يعني بدء مرحلة جديدة وخطيرة وهي تشغيل السد بكامل طاقته وقدرته دون اتفاق بين الدول الثلاث مصر والسودان وأثيوبيا. ما يعني الضرر السنوي المُزمن لدول المصب السودان ومصر. ويعني الإعلان أيضا أن سد النهضة بات أداة ضغط سياسي في يد أثيوبيا يمكنها استخدامه كورقة مساومة في ملفات سياسية أخرى.
إعلان إثيوبيا عن انتهاء بناء سد النهضة يحمل دلالات سياسية واستراتيجية كبيرة، وله أبعاد إقليمية تمس مصر والسودان بشكل مباشر. ومن بين ما يعنيه اكتمال بناء السد أنه فنيا بات السد جاهزاً بكامل مكوناته الهندسية الهيكل والتوربينات والسعة التخزينية، ويعني أن أثيوبيا أصبحت قادرة على التحكم الكامل في تدفّق مياه النيل الأزرق وفق جدولها. وبالتالي أثيوبيا تتحكم الآن فعليًا في تدفق مياه النيل الأزرق، وفي هذا خطر محتمل على الأمن المائي المصري والسوداني خاصة في فترات الجفاف أو التشغيل الأحادي. كذلك القدرة على ملء الخزان في مواسم معينة قد تؤثر على حصص المياه لمصر والسودان.
الإعلان لا يخلو أيضا من رسائل سياسية داخلية وخارجية، داخلية أن رئيس الوزراء آبي أحمد نجح في تدشين أضخم مشروع قومي رغم الضغوطات الدولية، وخارجيا خاصة لمصر والسودان أن الواقع المائي الآن قد تغير وأن المفاوضات بعد الآن ستكون من موقع الفعل، لا التفاوض النظري. إن هذا الإعلان يُعقّد موقف التفاوض؛ لأن إثيوبيا أصبحت تُفاوض من منطلق الأمر الواقع.
إعلان أثيوبيا الانتهاء من بناء سد النهضة لا يعني طيّ صفحة الأزمة، بل انتقالها إلى طور أكثر تعقيدًا. فالسد الذي بدأ كمشروع تنموي إثيوبي بات الآن أداة نفوذ إقليمي تُعيد تشكيل الجغرافيا السياسية لنهر النيل. والرهان اليوم لم يعد فقط على الحوارات، بل على مدى قدرة الأطراف الثلاثة على تجنّب التصعيد وضمان الأمن المائي في زمن ندرة المياه.
إن إعلان اكتمال سد النهضة ينقل الأزمة إلى مرحلة ما بعد البناء، أي إلى إدارة وتشغيل السد، وهو ما سيكون محور الصراع المقبل: وبالتالي هل ستلتزم إثيوبيا باتفاق ملزم بشأن التشغيل والملء، أم ستمضي منفردة؟؛ الإجابة تحتمل ثلاثة سيناريوهات.
الأول: التفاهم والاتفاق وهذا سيناريو مستبعد لأنه خلال 13 عام من المفاوضات لم تصل الاطراف لأي اتفاق قانوني ملزم.
السيناريو الثاني: قبول الأمر الواقع وهذا سيناريو ممكن ومتوقع، قد يشهد بعض التوتر وتصعيد لغة الخطاب لا سيما من طرف مصر.
السيناريو الثالث: التصعيد السياسي والأمني وهو أن تلجأ كلا من مصر والسودان للتصعيد الدبلوماسي والقانوني، وربما حتى حد التلويح باستخدام القوة ولو بشكل غير مباشر. وهذا سيناريو غير مستبعد لا سيما إذا ما رجعنا إلى تصريحات وزير الخارجية المصري عن ملف سد النهضة، حتى قبل اعلان آبي احمد اكتمال بناء سد النهضة بأربعة أيام وقوله: "أن موضوع المياه هو التهديد الوجودي الأول والأوحد لمصر". وتأكيده على أن مصر لن تسمح تحت أي ظرف أن يتم المساس بحصتها التاريخية من مياه النيل.
إن الإعلان عن استكمال بناء سد النهضة يعني أن السد بات واقع مادي. وبالتالي المرحلة القادمة ستكون صراعًا حول التشغيل والسيطرة، لا حول البناء. والأمر مرهون بنجاح الأطراف الثلاثة مصر والسودان وأثيوبيا في تجنب أزمة مستقبلية وصراع بقاء من خلال التوصل لاتفاق يضمن حصص مائية كافية لمصر والسودان دون انزلاق للتصعيد.