أين اختفى القنّاصون التونسيون؟

يشك المتابعون في الأمر لأن كشف لعبة المخابرات الدولية أمر عسير، ويستشهدون في هذا المضمار بـ "موت" حقيقة اغتيال الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي.

رحل السر إلى الأبد
انتهت الثورة التونسية واختفى القناصة، طبعاً هناك من يعلم أين ذهب القناصة لكن للثورات أسرارها، وأسرار القناصة لن تكشف عمّا قريب لأنها سرّ من أسرار الدولة العميقة. دولة الظل التي تحكم من وراء الستارة، لن يكشف سرّ هؤلاء القتلة المدربون تدريباً عالياً والذين يمتلكون بطاقة بيضاء للقتل من دون مراجعة.

رحل السر إلى الأبد لأن لجنة التحقيق التي أشرف عليها الأستاذ توفيق بودربالة لم تتوصل إلى الحقيقة، أو لم يرد أحد أن تصل إلى الحقيقة وبقيت دماء الشهداء تبحث عن قاتل محترف مجهول رآه الجميع لكنه اختفى عن الأنظار بمجرد نهاية عقد القتل.

 ما بقي في الوجدان هو بعض صور القناصة التي التقطتها بعض الهواتف الجوالة وبعض العيون التي لم تصدق المشهد الدموي في تلك اللحظة الساخنة من عمر الثورة التونسية. ما بقي هو بعض التكهنات والأسئلة وكثير من الشائعات المبهمة المبنية على مصادر غير موثوقة، بما يؤكد للجميع أن هناك من قتل فعلاً وهناك من غطى على عمليات القتل.

يقول المدون التونسي المقيم في سويسرا أسامة بن عرفه إن "حماس" قد أرسلت إلى تونس عدداً من هؤلاء القناصة المحترفين. دخلوا إلى تونس بحجة الدراسة الجامعية تحت رعاية "حركة النهضة". يقدم الرجل قائمة إسمية لهؤلاء القناصة وهي قائمة تلتقي في التفاصيل مع كثير من التسريبات الإعلامية، التي تعرضت لهذه الظاهرة الغريبة وتناولت موضوع القناصة.

طبعاً هذه القائمة تشمل القناصة الذين عاثوا في البلاد فساداً بعد نجاح الثورة، وتستثنى القناصة الذين استهدفوا الثوار قبل هروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى المملكة العربية السعودية.

وهنا يطرح السؤال الخطير لماذا جاءت "النهضة" بهذا العدد من القناصة؟ ومن موّل هذه العملية ومن دبر عملية إدخالهم سراً إلى التراب التونسي؟ ولماذا لم تقدم وزارة الداخلية إلى حد الآن كشفاً بهؤلاء القتلة المحترفين؟ كيف خرج هؤلاء من دون علم وتنسيق مع المخابرات الصهيونية؟ وكيف لم تلاحظ المخابرات الأميركية والفرنسية مثل هذا العدد؟ وكيف رجع هؤلاء القتلة إلى غزة؟ ومن يقف وراء ترحيلهم وكيف لم يكشف الموساد نشاطهم المشبوه في تونس رغم تواجد عملائها على التراب التونسي قبل وبعد نجاح الثورة؟

مجرد ظهور هؤلاء القتلة بعد ساعات من هروب بن علي وقبل أن يحتفل الشعب بنجاح الثورة، وشروعهم في عمليات الاغتيال والقتل لخلق مناخ متوتر يعطي الإنطباع للمتابعين بوجود حلقة منقوصة في مسار أحداث الثورة، ويسوغ للبعض إطلاق بعض التساؤلات حول العلاقة الآثمة بين قطر والإخوان والنهضة والمخابرات الصهيونية. إضافة طبعاً إلى التنسيق مع المخابرات الأميركية. علاقة آثمة دفع الشعب التونسي ثمنها حين قطعت حكومة الترويكا العلاقات مع سوريا ودخلت في مساندة مفضوحة لما يسمى بأصدقاء سوريا الذين يقف وراءهم اللوبي الصهيوني الراغب في التخلص من نظام الرئيس السوري بشار الأسد. فهل أن سقوط الإخوان في مصر هو من أرجع حركة النهضة إلى صوابها؟ وهل ستكشف الأيام عن هوية القتلة وعن كل خلفيات هذا الحدث المرعب في تاريخ تونس؟

يشك المتابعون في الأمر لأن كشف لعبة المخابرات الدولية أمر عسير، ويستشهدون في هذا المضمار بـ "موت" حقيقة اغتيال الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي.