فرانشيسكا ألبانيزي.. المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة
فرانشيسكا البانيزي اليوم هو بمحاذاة اسم نيلسون مانديلا الذي قضى قرابة ثلاثة عقود من عمره في جزيرة روبن أيلاند كي لا تموت كلمة الحقّ ولا يأفل الدفاع عنه من قلوب البشر.
-
امرأة نبيلة أصغت لضميرها وحكّمت إنسانيتها رغم حملات التشويه.
في وجه صمت عالمي مريب ومعيب عن أبشع حملة إبادة تشنّها حكومة رسمية بحقّ شعب واقع تحت احتلال ظالم وبغيض، يرتفع صوت امرأة نبيلة أصغت لضميرها وحكّمت إنسانيتها رغم حملات التشويه والتهديد والكذب والافتراء.. فأطلقت نداءها للبشرية من أجل إيقاف تجويع مريع بحقّ شعب كامل بعد أن عمد الاحتلال إلى هدم وتجريف كلّ مؤسساته التموينية والغذائية وتجريف أراضيه الزراعية، وهدم كلّ منشآته الطبية وقتل إعلاميّيه ومنع كلّ أجهزة الإعلام العالمية من الحضور إلى غزة لتسجيل ونقل ما يتمّ ارتكابه من جرائم بحقّ الأطفال والنساء والرجال.
ولا أحد يذكر اليوم في العالم أنّ مجرّد منع الإعلام والصحافة من تغطية ما يجري وصيد من تجرّأ وبقي من إعلاميين نبلاء هو مخالفة صارخة لكلّ قوانين النزاعات والحروب، علماً أنّ ما يجري في غزة ليس حرباً بين طرفين متكافئين بل هو عدوان سافر من قوة عسكرية غاشمة على شعب أعزل محاصر بين البحر والقتل والجوع والتهجير.
في هذه المرحلة المعيبة من تاريخ الحكومات والشعوب والتي سيحمل عارها الأبدي كلّ من شهدها وصمت عنها، لأنّ الصمت هو مساهمة حقيقية في إمكانية استمرارها، تجرّأ طلاب نبلاء في الولايات المتحدة وأساتذة في كامبريدج على رفع علم فلسطين والدعوة لوقف الإبادة، ودفع كثيرون منهم مستقبلهم التعليمي والوظيفي ثمناً لهذا الموقف. ورغم تهديد سفير العدوان والكيان في الأمم المتحدة وافتراء ممثّلة الولايات المتحدة على فرانشيسكا بأنها معادية للسامية، فقد فنّدت المرأة الإنسانة والنبيلة فرانشيسكا البانيزي موقفها بأنه موجّه ضدّ سياسة الاحتلال والقتل والتجويع الذي تمارسه حكومة الكيان ولا علاقة للسامية أو اليهود يما يقترفه حكّام "إسرائيل" من جرائم يندى لها جبين البشرية.
لقد اخترع الصهاينة ومؤيّدوهم فزّاعة معاداة السامية لكلّ من تسوّل له نفسه بقول الحقيقة واستنكار القتل والتجويع والظلم، وخلقوا رهاباً عالمياً يتمّ استخدامه والتشهير به في وجه كلّ إنسان يمتلك ضميراً حيّاً ويأبى أن يكون شاهداً على مرحلة مخزية من دون أن يصرخ صرخة حقّ في وجه سلاطين وأنظمة جائرة لا تجد من يردعها أو من يحاول إيقافها.
لا بدّ أن تتضافر الجهود ضدّ مهزلة معاداة السامية، فالعرب واليهود كلّهم ساميون ولكنّ مرتكبي المجازر والعنصريين النازيين هم فئة قليلة طاغية تمتلك السلاح والدعم من الولايات المتحدة لشنّ حرب إبادة غير مسبوقة ضدّ شعب كامل لا ذنب له سوى أنه يريد العيش بسلام على أرض آبائه وأجداده.
كنت أتوقّع أن يسمع العالم آلاف الأصوات كصوت فرانشيسكا البانيزي وألّا يقبل العرب والمسلمون وكلّ البشر على وجه هذه الكرة الأرضية أن يناموا ويستيقظوا على صور أطفال تتضوّر جوعاً، وأمهات يغمى عليهن في الشوارع وآباء يبكون جثامين أطفالهم ولا حول ولا قوة لهم حتى لاحتضان جثة طفل أهلكه الجوع فقضى عليه الموت.
ولكن وحين تجرّأت المقرّرة النبيلة أن تقوم بواجبها بصدق وإخلاص وأن ترفع صوتها بكلمة حقّ ونقل ما شهدته عيناها للعالم، قرّر الرئيس ترامب والذي يصف نفسه رئيساً للعالم اليوم، قرّر إقالتها من منصبها كمقرّرة خاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا هو أرفع وسام يمكن أن تناله فرانشيسكا البانيزي قبل ترشيحها لنيل جائزة نوبل للسلام والتي تستحقّها بجدارة.
باسم كلّ نساء العرب ونساء يؤمِنّ بكتب الله السماوية المقدّسة وباسم كلّ من لديه بقية من باقي ضمير، نرشّح فرانشيسكا البانيزي لجائزة نوبل للسلام، وندعو كلّ أعضاء الاتحاد الأوروبي والبرلمانات الأوروبية أن يتبنّوا ترشيح فرانشيسكا لجائزة نوبل للسلام. ولكن سواء أتمّ هذا الترشيح أم لم يتمّ، وسواء نالت الجائزة أم لم تنلها فإنّ اسم فرانشيسكا البانيزي اليوم هو بمحاذاة اسم نيلسون مانديلا الذي قضى قرابة ثلاثة عقود من عمره في جزيرة روبن أيلاند كي لا تموت كلمة الحقّ ولا يأفل الدفاع عنه من قلوب البشر.
وفي العقود المقبلة سيتذكّر الطلاب والدارسون اسم فرانشيسكا البانيزي ولن يأبه أحد بأسماء حكّام هذه الفترة. كما ستبقى صور طلاب كامبريدج وهم يخرجون علم فلسطين من جيوبهم ويقبّلونه ويهتفون "تحيا فلسطين" شاهداً حيّاً أنهم لم ينالوا درجة علمية فقط بل نالوا مرتبة رفيعة في الأخلاق والحكم بالقسط والله يحب المقسطين.