هل يٌسهم لقاء ترامب - نتنياهو في إنزال "إسرائيل" عن الشجرة؟ (2_3)

الإدارة الأميركية تريد إنهاء الحرب في إطار صفقة شاملة في المنطقة، وعلى الأرجح لن يسمح ترامب لنتنياهو بالمراوغة على غرار سلوكه مع سلفه جو بايدن، كما لن يسمح له بإفساد سياسته الخارجية المرتكزة على الجانب الاقتصادي.

0:00
  • الإدارة الأميركية بقيادة ترامب تريد إنهاء الحرب في اطار صفقة شاملة في المنطقة.
    الإدارة الأميركية بقيادة ترامب تريد إنهاء الحرب في اطار صفقة شاملة في المنطقة.

التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض أمس الثلاثاء كما أنه سيلتقي به مرة ثانية خلال الأسبوع الجاري.

ويعكس اختيار ترامب لاستضافة نتنياهو في البيت الأبيض بعد تولّيه الرئاسة الأميركية، والتي ستعقبها زيارة ملك الأردن عبد الله إلى جانب المكالمتين الهاتفيتين مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان؛ عمق الحرص الأميركي على تنفيذ أجندة "إسرائيل" في منطقة الشرق الأوسط وعدم المجازفة بخروجها عن توجّهات الإدارة الجديدة بقيادة ترامب.

وما يعزّز هذا الاتجاه، الوجود والحضور المكثّف وشبه الدائم لمبعوث ترامب الشخصي ويتكوف في المنطقة، الأمر الذي ساهم في خروج صفقة تبادل الأسرى والمرحلة الأولى من وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، بيد أنّ حالة من انعدام اليقين تجاه مصير الاتفاق في مرحلته الثانية تلقي بظلالها على مختلف الأطراف، في ضوء التهديدات المتكررة لزعيم الصهيونية الدينية بتسلئيل سموترتش بالانسحاب وتفكيك الحكومة الإسرائيلية في حال عدم العودة للحرب بعد انقضاء المرحلة الأولى من الاتفاق، ما يطرح التساؤلات حول توجّهات نتنياهو في المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة؟

قبيل زيارته إلى الولايات المتحدة، طالب وزراء وأعضاء كنيست وشخصيات في حزب الليكود تمثّل أغلبية الحزب،في رسالة موقّعة منهم، نتنياهو ببذل أقصى جهده لإقناع الرئيس ترامب بالأهمية الأمنية والتاريخية الحاسمة لإخضاع حماس، وهزيمتها الكاملة وتدمير كلّ قدراتها العسكرية والحكومية والاقتصادية، ونزع السلاح الكامل في غزة، وأكد الموقّعون ضرورة توضيح الأهداف الاستراتيجية لـ"إسرائيل"، وسط مخاوف من الدخول في وضع من شأنه وقف الحرب وإبقاء المقاومة على حالها، ومن بين الموقّعين على الرسالة، وزراء كبار في الحكومة، ورؤساء لجان الكنيست، وأعضاء الكنيست، ونشطاء رئيسيون في حزب الليكود.

وفي المقابل تطالب عائلات الأسرى الإسرائيليين وأكثر من ثلثي الجمهور الإسرائيلي وأحزاب المعارضة كافة إلى جانب حزبي شاس ويهودت هاتوراة الحريديين، يطالبون باستكمال مراحل الاتفاق الثلاث حتى إطلاق كلّ الأسرى من يد المقاومة.

تعكس المواقف الإسرائيلية اضطراباً غير مسبوق، والتي دخلت فيها "إسرائيل " بعد السابع من أكتوبر وفشلها في تحقيق أهداف الحرب على غزة بعد نحو عام وأربعة شهور، تخلّلها دعم أميركي وغطاء دولي منقطع النظير رغم حرب الإبادة الجماعية، بيد أنّ الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في غزة، أفشل الهدف الاستراتيجي لنتنياهو وهو إخضاع المقاومة الفلسطينية تحت وطأة الضغط العسكري والإبادة والتدمير الممنهجين.

ومع البدء في مفاوضات المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، لا يبدو أنّ نتنياهو قادر على حسم خياراته، الأمر الذي سيترك لترامب وفريقه دفّة قيادة المفاوضات المقبلة، ضمن الخطوط والمحدّدات التي رسمها ترامب خلال لقاء القمة مع نتتياهو في البيت الأبيض. 

نتنياهو يحاول المناورة بين مطالب المجتمع الدولي والضغوط الداخلية ولا سيما أهالي الأسرى باستكمال مراحل صفقة تبادل الأسرى وإنهاء الحرب ومطالب اليمين المتطرّف بالاستمرار في الحرب واحتلال قطاع غزة، بينما يُظهر نتنياهو انفتاحاً على المفاوضات، ويسعى للاحتفاظ بورقة العودة للحرب بعد انقضاء المرحلة الأولى من الاتفاق، بهدف الحصول على مقابل من ترامب يستطيع تسويقه لدى أقطاب اليمين واليمين المتطرّف وإنزالهم عن الشجرة التي تسلّقوها، ولا سيما حزب الصهيونية الدينية الذي هدّد زعيمها بتسلئيل سموترتش بالانسحاب وتفكيك الحكومة الإسرائيلية في حال عدم العودة للحرب، بيد أنّ رسالة سموترتش قبيل زيارة نتنياهو لواشنطن، ركّزت على حثّ ترامب على الموافقة على ضمّ "إسرائيل" للضفة الغربية المحتلة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، ما يدلل على أنّ ورقة الضفة الغربية هي السلّم الذي سيسهم في إنزال سموترتش عن الشجرة.

الإدارة الأميركية بقيادة ترامب تريد إنهاء الحرب في اطار صفقة شاملة في المنطقة، وعلى الأرجح لن يسمح ترامب لنتنياهو بالمراوغة على غرار سلوكه مع سلفه جو بايدن، كما لن يسمح له بإفساد سياسته الخارجية المرتكزة على الجانب الاقتصادي وتجنّب الحروب المكلفة، إلى جانب رغبته في استكمال مسار "الاتفاقات الإبراهيمية" التي انطلقت في ولايته الأولى، ويسعى لتتويجها بعقد اتفاق للتطبيع بين السعودية و"إسرائيل" .