Sound of august: واقعة من إنفجار مرفأ بيروت بكاميرا خلوي

نهج جديد وخاص في مجال الفن السابع هو الأفلام الروائية الطويلة المصورة بواسطة الهاتف المحمول. ومن لبنان أطلق المخرج مارسيل غصن ثاني أفلامه وفاز به في عدد من المهرجانات العالمية.

  • Sound of august: الملصق مع إشارة لـ 6 مهرجانات تبارى فيها الفيلم
    Sound of august: الملصق مع إشارة لـ 6 مهرجانات تبارى فيها الفيلم

"صوت آب" – sound of august – إنتاج، إخراج، وتمثيل مارسيل غصن، أنجزه من وحي إنفجار مرفأ بيروت الذي وقع في 8 آب/أغسطس 2020، مستعرضاً أحد مشاهد المأساة من خلال الشاب إيدي – مارسيل – الذي وقعت عليه خزانة منزله وسمّرته في مكانه من دون القدرة على أي حركة لإنقاذ نفسه. ولا يكون متاحاً له سوى هاتفه الخلوي لكي يتصل بمن يعرفهم محاولاً الاستغاثة لإنقاذه سائلاً عن مصير زوجته وابنتيه اللواتي لا يعرف أين كن وقت وقوع الانفجار المدمر.

  • إيدي - مارسيل - جريحاً تحت الخزانة
    إيدي - مارسيل - جريحاً تحت الخزانة

الشريط كناية عن وجه واحد وأصوات متعددة عبر الهاتف، ومكان واحد، وحدث واحد، ورغم أنّ الصورة مركزة على الضحية الممدد نصفها السفلي تحت الخزانة، بينما تدور الكاميرا حوله وقريباً منه مع لقطات من فوق  وعن جنباته، ثم أخرى مقربة لوجهه وهو يصرخ من الألم، مطالباً من أتيحت له فرصة التحدث إليهم أن يسارعوا لإنقاذه وهو قابع تحت ثقل مريع لخزانة قديمة مع وجعين بسببها: أولاً لسقوطها عليه بضغط كبير، ثم استقرارها فوقه طوال ساعات ما عاد خلالها يشعر برجليه.

  • مارسيل غصن في موقع التصوير
    مارسيل غصن في موقع التصوير

التحدي الفني هنا هو للممثل الذي لا تزيح عنه الكاميرا – تديرها ليا غلاييني – طوال الوقت، وبالتالي عليه أن يتعامل معها بحساب دقيق بحيث لا تفلت منه الشخصية ولا لحظة، ليبقى متألماً مع آثار دماء على وجهه وأنحاء متفرقة من جسمه، تواكبه موسيقى تصويرية لأنطوان زيون، ترصد القلق والخوف والأوجاع وردة فعل من ردوا على اتصالاته المتعددة طالباً النجدة بأي طريقة وبأسرع ما يكون، وصوته – هندسة جيدة لليا حداد – يدوي في المكان نابعاً من أعماقه، مع مونتاج دقيق وذكي، لجورج مطر.

  • غصن لم تخنه الشخصية وهو وحده أمام الكاميرا
    غصن لم تخنه الشخصية وهو وحده أمام الكاميرا

ورغم أنّ الفيلم لا يظهر فيه سوى وجه مارسيل الضحية – يحضر بالصوت: جوي جون، علي شقير، جو بركات، عباس صايغ، أورسولا خوري - فإنّ الاشتغال الذكي على التفاصيل المحيطة به، من إكسسوارات المكان، وتنويع إيدي في مناجاته، ودخول الموسيقى على خط التأثير المشهدي أبعد الشريط عن الرتابة، والشعور بالمراوحة في المكان نفسه، وعدم تواجد أحد لمحاورته في المنزل.. كل هذا عوّض وأثرى الحدث المأساوي بشحنات خاصة من الصدق على أكثر من صعيد، ما منح فرصة التمتع بأداء مارسيل الذي نجده اكتشافاً حقيقياً تُرفع له القبعة.

المادة التي شاهدناها ليست غريبة عن نهج السينما إطلاقاً فلم نلاحظ أي فرق عن أفلام "السوبرسينيراما" التي ترافقنا في الصالات الجماهيرية. وكل ما في الأمر أنّ العمل مصور بكاميرا هاتف خلوي، وأجريت كافة العمليات المعملية التي يخضع لها الفيلم عادة، وهي في الواقع فرصة سانحة للمواهب الشابة التي تعاني من تواضع مادياتها أن تلجأ إلى هذا النوع من الأفلام التي لا تكلّف إلا المبلغ اليسير لتكون في متناول الجمهور.

اخترنا لك