The salt path: فقدا منزلهما فاختارا الطبيعة مكان إقامة
أصحاب الأعمار المتقدمة قلّما تهتم بهم الأفلام، وعندما تفعل تكون النتيجة مؤثرة، عنوانها "الوحدة وضعف الموارد" بعيداً عن الأبناء، فلا يبقى إلا الزواج كما بدا، إثنان فقط يواجهان الحياة برباط أقوى وعاطفة أرقى.
-
The salt path (ملصق الفيلم)
قصص السير الشخصية تكون عادةً أكثر حميمية من تلك التي تغزلها مخيلات الكتاب، ونحن هنا في حضرة تجربة للكاتبة راينور وين التي تعاونت على تدوين تفاصيل رحلتها المؤثرة والصعبة والسعيدة في آن مع زوجها موث، برفقة إمرأة مثلها هي ريبيكا لينكويكز، وتكاملت الصورة مع إمرأة ثالثة خلف الكاميرا: ماريان إليوت، أعطت العمل نكهة أنثوية عميقة وصادقة مراعية تفاصيل صغيرة نهضت بـ the salt path- طريق الملح - من الحكاية المروية الى السيرة المعاشة بفرادتها أمام الكاميرا.
-
الزوجان راينور وموث أما خيمتهما
الكاستنغ وُفّق في اختيار بطلي العمل: جيليان أندرسون، وجايسون إسحاقس، عن زوجين أنجبا شاباً وفتاة، غادرا المنزل كل إلى حياة مختلفة واكتفيا باتصالات هاتفية متباعدة مع والديهما اللذين اعتادا لفترة على حل مشاكلهما من دون الحاجة لأي مساعدة، إلى أن خسرا منزلهما عبر حكم قضائي غير منصف، وأُجبرا على تركه بحثاً عن بديل، بينما لا يمتلكان أي ميزانية لشراء أو إستثمار منزل آخر وهما لا يريدان الضغط على ولديهما لتوفير أي مبلغ.
-
غادرا منزلاً مهجوراً بعدما أمضيا فيه ليلة دافئة
وطرأ خيار وافقا عليه سريعاً، يتمثل في الخروج إلى الطبيعة مع معدات واحتياجات التخييم والغذاء والخدمات المختلفة، وإذا بهما في رحلة عرفا فيها الجبال والوديان والشواطئ في خيمة صغيرة تتسع لهما ليلاً، ويعوضان حذرهما وحيدين مع الظلام بكل نقاء شمس النهار وعناصر الحياة الطبيعية في اليوم التالي، خصوصاً السباحة والصيد وبعض العلاقات العابرة، إلى حالات متلاحقة من العقبات أبرزها امتعاض أصحاب الأملاك من تخييم الزوجين في أراضيهم، وإحراجهما من تبخر القليل من المال الذي بحوزتهما وهو لا يكفي إلا لشراء القليل جداً من الطعام.
-
مخرجة الفيلم الإنكليزية ماريان إيليوت
موث، ابتكر في إحدى محطات الراحة فكرة إطلاع العابرين على بعض الأخبار المفرحة، وعندما شعرا بتجاوب العديد من المارة نزعت راينور قبعتها ودارت بها على جموع المارة من حولهما للاسهام بما تيسر من العملة المعدنية، وكان المحصول جيداً إلى درجة أنهما ساعدا فتاة مشردة على دفع ثمن تذكرة سفر بالقطار إلى ذويها. وبينما هما في تأرجح بين الاستقرار في مكان ثابت ومناسب أو البقاء في دوامة الدوران الذي لا ينتهي من موقع إلى آخر، ظهر شخص كريم ارتاح لهما وقدم منزلاً يضمهما من دون مقابل.
عفوية مطلقة في كل مشهديات الفيلم الذي يعرض عالمياً منذ 30 أيار/مايو الماضي، وقد جنى 21 مليون دولار، مع طبيعة هي كل الشريط وهنا المحور الذي يستدعي النقاش ما بين العيش في منازل مقفلة على من فيها، أم الخروج إلى النور الطبيعي وإلى الحياة الحقيقية، في وقت لم ينفعهما شيء، فقط البحر والريف والشجر من حواضر الدنيا وبهجتها، فأين المُستقر إذن؟..