تفجير الساحة الداخلية يمكن أن يهدّد بعض مكتسبات واشنطن ويقلّص من فعالية أدوات تعتمدها للضغط على لبنان، كما يشرّع احتمال دخول قوى منافسة على الخط.

تثمير النفوذ الأميركي يتطلب هدوءاً يتيح تسييل المصالح، لكن ذلك ليس قاعدة ثابتة، إذ إنه منوط إلى حدّ كبير بالإجابة عن السؤال الذهبي.

صحيح أنّ مصلحة واشنطن الأولى في لبنان أمن "إسرائيل" لكن ثمّة مصالح أخرى يجوز اختبار إذا كانت تستقيم مع حالة الفوضى التي توحي تصرّفات واشنطن أنها تدفع البلاد إليها.

يوفّر هذا النوع من الأزمات فرصاً للتدخل والاستثمار الأمني والسياسي ضد البلد المنكوب، ويسمح بممارسة ضغوط سياسية وفرض إملاءات وشروط عليه.

طوال أسابيع طفق الإعلام الأميركي ينقل معطيات زائفة، ما يطرح مسألة حصانة أعرق وسائل الإعلام وأكثرها شهرة، أمام مناورات التضليل والخداع.

الوجهة التي يذهب إليها الصراع منوطة بمسار الأيام وقوانين التاريخ، لكن ما بين أيدينا اليوم هو ما حصل، فما الذي توضحه المعطيات المتوفرة عن الخديعة الكبرى؟

يثبت التاريخ العسكري الحديث أنّ التضليل الإعلامي قبيل الحروب كان في كثير من الأحيان عاملاً حاسماً في تحقيق عنصر المفاجأة الاستراتيجية.

تدور الحرب في الخفاء بقدر ما تدور في العلن ويشمل هذا الأمر، إضافة إلى المفاجآت غير المفعّلة، معارك لا تعكسها الشاشات.

بعيداً من الغلو في افتراضات قد تحيل أي مصادفة إلى عمل مخطط، أو الاستخفاف بأسئلة تبقى صالحة في إطار المراجعة لمختلف جوانب الحرب.

مشروعية السؤال تتعزز في ضوء سماح الرقابة العسكرية بنشر آراء سلبية مُتطرفة حول واقع "إسرائيل" في وقت تظهر البيانات أرقاماً قياسية في الحجب منذ "طوفان الأقصى".