الزلازل في إثيوبيا والأخدود الأفريقي الجديد
يأتي هذا الزلزال في سياق سلسلة زلازل ضربت شرق إثيوبيا خلال الأسبوعين الماضيين، بلغ عددها 120 زلزالاً، وهو رقم قياسي لم تسجّل إثيوبيا رقماً مثيلا له في التاريخ القريب.
ضرب زلزال جديد مناطق في شرق إثيوبيا يوم أمس الأول، بلغت قوته 5.3 درجة بمقياس ريختر.
وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمبركية، فإنّ الزلزال الأخير وقع على بعد 25 كلم من مدينة "أواش" عند خط العرض 9.199 درجة شمالاً وخط الطول 40.236 درجة شرقاً، وعلى عمق 10 كلم تحت سطح الأرض. سبق هذا الزلزال، زلزالاً بقوة 5.8 درجة وقع على بعد 142 كلم في شرق أثيوبيا كذلك، وبنفس عمق الزلزال الأخير.
يأتي هذا الزلزال في سياق سلسلة زلازل ضربت شرق إثيوبيا خلال الأسبوعين الماضيين، بلغ عددها 120 زلزالاً، وهو رقم قياسي لم تسجل إثيوبيا رقماً مثيلا له في التاريخ القريب.
عاااااجل
— Ali Talat (@alitalat1250) January 9, 2025
5 زلازل تضرب اثيوبيا فى أقل من 4ساعات
نشاط زلزالي وبركاني غير مسبوق فى #اثيوبيا وصفوه بالخطير..
اللقطات الأولي لبحيرة حمم بركان "أرتا إليه"
في سابقه هي الأولي من نوعها في شرق أفريقيا
مئات الكيلومترات من الأراضي في شمال شرق إثيوبيا تغطيها الحمم البركانية.
وذلك بعد pic.twitter.com/YcHoq9EQa1
الخطر يهدد نحو 60 ألف شخص
في تعليق لها، قالت الحكومة الإثيوبية: إن "هذه الزلازل تتزايد من حيث الحجم والوتيرة"، وأكدت أنها أرسلت خبراء لتقييم الأضرار، ووفقاً لمصادر حكومية، فإن المنطقة التي ضربها الزلزال الأخير يقطنها نحو 80 ألف نسمة، وأنه قد تم إجلاء 20.573 شخصاً إلى مناطق آمنة في عفار وأوروميا، بينما يتهدد الخطر نحو 60 ألف ما زالوا في مناطق خطرة.
مخاوف من خطر البراكين
تشير بيانات حكومية إلى أن الزلزال ألحق أضراراً بالمنازل في المناطق التي ضربتها، وفي السياق، نقل الصحافي الإثيوبي هاشم محمد عن جيلوجيين إثيوبيين، مخاوفهم من إثارة بركان جبل فنتالي، وآخر هامد في جبل دوفان القريب من منطقة سيغينتو بإقليم عفار، بالرغم من توقف فوهاتهما عن الدخان، وبحسب معلوماته، فإن السكان القريبين غادروا منازلهم خوفاً من ثورة مفاجئة للبراكين.
تسبب النشاط البركاني في إقليم العفر خلال الاسبوعين الماضيين، في تشكيل فوهات مياه ممتلئة بالمياه الساخنة، أدت إلى تغييرات في الطبقة الأرضية، وأثرّت على عددٍ من المؤسسات من بينها مصنع سكر "كيسيم" الذي إنهارت أجزاء منه وفقاً ،كما أورد التلفزيون الاثيوبي.
Five earthquakes strike Ethiopia within 4 hours - Egypt Independent https://t.co/AYYrbogA21
— GeopoliticsAfricaTv (@TvGeopolitics) January 9, 2025
وأدى النشاط البركاني في الإقليم العفري خلال الأيام الماضية، إلى تشكّل فوهة بحيرة مملوءة بمياه الينابيع الساخنة، وأدت الى تغيرات أرضية، وتأثير في بنية المصنع.
وفي تقرير للتلفزيون الإثيوبي من الإقليم العفري المنكوب، أكد المراسل انهيار جزء من مصنع السكر الذي شُيد في الإقليم قبل أعوام قليلة، وكان من المتوقع أن يبدأ في إنتاج السكر خلال الفترة المقبلة، قبل تأثره بالزلازل والهزات الأرضية المتكررة التي ضربت المنطقة الأسابيع الماضية. وقد تم إخلاء العالمين فيه البالغ عددهم 4000 دون الابلاغ عن إصابات في صفوفهم.
Over 58,000 displaced by series of earthquakes in Afar receiving aid; Kesem Sugar Factory among damaged sites https://t.co/NwuBmGD9XH #AddisStandard #Ethiopia
— Eye on The Horn (@eyeonSudan) January 9, 2025
جغرافيا الزلازل في إثيوبيا
تشمل جغرافيا الزلازل في إثيوبيا بحسب الباحث في علوم الجيوفيزياء والفضاء، البروفيسور "أتالاي أيلي"، منطقة التقراي في الشرق، وعفار في الشمال الشرقي، وشمال العاصمة أديس أبابا "جبل أنطوطو"، كما تشمل مدن: دري داوة في الشرق، أدما حاضرة اقليم أوروميا.
ووفقاً لسجلات القرن العشرين، فإن أشهر المناطق التي ضربتها الزلازل هي:
- "جنير" الواقعة في إقليم الأرومو عام 1906،بلغت درجته 6.5 بمقياس ريختر.
- "جنكا" عاصمة منطقة "أومو" في الجنوب عام 1919، وكانت شدته 6.5 درجات على مقياس ريختر.
- "جواني" بدرجة 6.4 درجات على مقياس ريختر في عام 1938.
-"دوبتي" الواقعة في منطقة العفار شمال إثيوبيا، بقوة 6.2 درجات على مقياس ريختر في 1969.
- "عرتا" بقوة 6.2 درجات في عام 1991.
#كارثة_قادمة
— ÂhMéD ®️ (@good_day1x) January 5, 2025
هزات و زلازل إثيوبيا نشطت الصدوع الزلزالية على صدع الوادي_الكبير في أفريقيا حدوث هزات في،بعض دول شرق أفريقيا لذا قد نشهد هزات اخرى في أفريقيا إثر انتقال الطاقة الزلزالية والله اعلم pic.twitter.com/tgEyaturwG
وتعرضت إثيوبيا لأصعب الزلازل في الفترة من شهر أيار/مايو إلى شهر أيلول/سبتمبر من عام 1961، عرفت حينها بأزمة الزلازل، وقد وقعت خلال تلك الفترة أكثر من 3500 هزة أرضية، وسُجلت أبلغ آثارها في منطقتي "كارا كوري وما جيتي".
لم تنجو العاصمة أديس أبابا من الزلازل، فقد تعرضت لنحو 30 هزة أرضية في النصف الثاني من الألفية السابقة، تراوحت درجاتها 6.5 – 4 درجات بمقياس ريختر.
قدّر "بيير جوين" أن إثيوبيا ومنطقة القرن الأفريقي تعرضت إلى 15 ألف هزة أرضية في القرن العشرين، وبحسب دراسات سابقة كان من بينها 16 هزة بلغت قوتها 6.5 درجة.
الزلزال وسلامة سد النهضة
ظل موضوع سلامة سد النهضة أمراً حاضراً منذ الاعلان عن بدء إثيوبيا في بناءه وحتى اكتماله، وقد أُثيرت مخاوف إنهياره بسبب الزلازل التي تضرب إثيوبيا بين الحين والآخر، وظلت مصر تنبه إلى تلك المخاطر على لسان الأكاديمي عباس شراقي، الذي حذر من مخاطر تلك الزلازل على سلامة السد، وأشار في تصريحات صحافية إلى أن 41 زلزالاً متوسط الشد ضرب إثيوبيا بعد بناءه، مقارنة بخمسة إلى ستة زلازل سنوياً قبل الشروع في البناء.
#Urgent 5 strong earthquakes hit Ethiopia in less than 4 hours (details) https://t.co/Qeeg0KNhX1 pic.twitter.com/H3aScfCx6P
— Arabic World News (@AWN_English) January 9, 2025
By: @AlMasryAlYoumhttps://t.co/WRhzGfXmX1
من جهة ثانية، أكد البروفسور سيف الدين حمد خبير المياه والسدود، ووزير الري الأسبق في السودان، أن موقع سد النهضة يقع بعيداً عن مناطق الزلازل في إثيوبيا، وأشار إلى أن تصميم السد قد روعيت فيه كل العوامل الطبيعية والمخاطر الناتجة عنها لمئة عام قادمة، فضلاً عن أنه بني وفقاً لمعايير السلامة والتقنيات الحديثة في تصميم السدود.
أما المهندس عثمان التوم، خبير المياه ووزير الري والسدود السابق في السودان فقد قلل من مخاطر الزلازل على السد، وأشار في تسجيل بثه عبر الوسائط إلى أن الفالق الأفريقي الذي يمر شرق إثيوبيا يقع على بعد 500 كيلومتر من العاصمة أديس أبابا لا يشكل أي تهديد مباشر على السد الذي يقع على بعد أكثر من 1000 كيلومتر غرباً من مناطق الزلازل.
الأخدود الأفريقي الجديد
تقع إثيوبيا في ملتقى صفائح تكوينية ثلاث، تشكل الغلاف الصخري للأرض، وأن الزلازل والأنشطة البركانية وفقاً لمؤلف كتاب الزلازل في إثيوبيا "بيير جوين"، هي حقيقة من حقائق الحياة في شمال شرق البلاد، إذ تحاط إثيوبيا وأجزاء القرن الأفريقي بصفيحتين تكوينيتن أساسيتين، هما الصحيفة العربية، والصحيفة الأفريقية، وتقع على جانبي الوادي الإثيوبي المتصدع "الصدع الفاشل"، ويرتبط الوادي بخطوط الصدع في شرق إفريقيا.
وقد تعرضت تلك المنطقة بسبب ما يعرف بــــ"الانتفاخ النوبي" إلى صدوعات ثلاثة: صدع عدن، وصدع البحر الأحمر، وصدع إثيوبيا، وهي بذلك التاريخ معرضة لصدوعات جديدة قد تنشئ معطيات جغرافية جديدة.
في تاريخ قديم، يعود إلى 25 مليون سنة، حدث صدعاً كبيراً، عُرف بالأخدود الأفريقي العظيم، تمتد جغرافية هذا الصدع من غربي آسيا إلى شرقي إفريقيا، ومن جنوبي تركيا مروراً ببلاد الشام إلى كينيا في جنوب شرق القارة الأفريقية.
[EMSC] M4.5 Jan-09 04:58:02 UTC, ETHIOPIA, Depth:10.0km, https://t.co/xRFlIR2Cwr #quake pic.twitter.com/PuUIHMCgyy
— Earthquakes (@earthquakesApp) January 9, 2025
يتجاوز طول هذا الأخدود 6 ألف كلم، ومتوسط عرضه 14 كلم تقريباً، يفوق إرتفاعه فوق سطح البحر 1100 متر عند أعلى نقاطه الواقعة في مدينة بعلبك اللبنانية، ويهبط في البحر الميت إلى 400 متر تحت سطح البحر،ويعتبر هذا الصدع أحد أبرز ظواهر الطبيعة على وجه الأرض.
تشهد المناطق الشرقية في إثيوبيا تحولات جيولوجية، تعبر عنها الأنشطة الزلزالية والبركانية النشطة عبر حقب التاريخ الحديث، وكأنها تُكرر سابقاتها في التاريخ البعيد الذي تجلت مظاهرها في الأخدود الأفريقي الذي فصل آسيا العربية عن أفريقيا بالبحر الأحمر.
وأفرز واقعاً جديداً في جغرافية المنطقة السياسية، زاد البحر من أهميتها ومكانتها الجيواستراتيجية لأسباب تعود إلى حجم التجارة العالمية التي تمر عبره، وبشكل خاص تجارة النفط، وتعززت تلك الأهمية بعد أن فرض الغرب المشروع الصهيوني في فلسطين، بأبعاده التوراتية التي نسجت أساطيراً في البحر الأحمر، وأرادت أن "تجعل منه بحراً يهودياً، تمخره أساطيل داؤود وسليمان جيئة وذهاباً"، كما قال ديفيد بن غوريون.
تشير دراسات غربية إلى أن التحولات الجيولوجية في إثيوبيا، قد تنشأ عنها في مدى متوسط بحيرات في جبل البركان ومنطقة فنتالي حيث النشاط البركاني، وظهور بحر يتصل بالبحر الأحمر، وهذا بدوره سيبزر معطى جيو - سياسي جديد، ستكون له انعكاسات على مجمل الأوضاع في المنطقة، وقد ينعكس بشكل ما على نظريات الأمن القومي في منطقتي القرن الأفريقي وغرب آسيا، كما سينعكس على القواعد المؤسسة لنظريات التنافس.