أربعون وبعد... الحلقة الثانية

أربعون وبعد.. شهادة توثيق لمقاومة انطلقت بالحد الأدنى، وانتصرت بجدارة الحد الأقصى.. حلقات تنطلق من حديث نادر للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصراللّه، يُعرض للمرة الأولى، قالهُ قبل نحو عشرين عامًا.. نستعيده في الذكرى الأربعين لانبعاث حزب الله المقاومة، والذكرى الثلاثين لاختيار السيد نصرالله قائدًا للمسار والمسيرة..

نص الحلقة

<p>أربعون وبعد - الحلقة الثانية</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم. في حلقتنا الأولى تحدث السيد حسن نصرالله عن انطلاق المقاومة ونشأة حزب الله، عن العلاقة مع إيران الثورة وقيادتها، عن الإمام الخميني وعن حرس الثورة الاسلامية، حدد هوية حزب الله العقائدية والاستراتيجية.&nbsp;</p> <p>خرجت القوات الفلسطينية من لبنان بعد أن أصبحت قوات الاحتلال الاسرائيلي في قلب بيروت، انطلقت المقاومة الوطنية، كانت عنوان قرارٍ لبناني شعبيٍ وطنيٍ بالمواجهة، كانت مقاومة حزب الله معها في الخيار العام للمواجهة مكمّلةً للمقاومة الوطنية وليست بديلاً منها.&nbsp;</p> <p>مرحلة الثمانينيات شهدت محطات انتصاراتٍ ضد الاحتلال، وللأسف محطات انتكاسات بفعل الخلافات بين أبناء الخط الوطني والاسلامي الواحد، عنها سنتحدث في هذا الجزء. كان حزب الله يتصاعد بقوةٍ عسكرياً وشعبياً، لكن من دون قيادةٍ علنية، لنقل من دون قائدٍ علنيٍ محدد، برز اسم السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله في الإعلام العربي والعالمي بصفته المرشد الروحي لحزب الله، ماذا كانت الحقيقة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>"السيد نصرالله: منذ أن أُطلقَت هذه الأوصاف على سماحة السيّد هو أول من بادر ونفى وقال أنا لا أملك هذه الصفة، لكن لم يرد أحد في العالم أن يصدّقه، يعني المشكلة لا مشكلة السيّد ولا مشكلة حزب الله. سماحة السيد، وقتذاك صار هناك تباني أن حزب الله إذا أراد أن ينزّل نفي في تلك الأيام قد يُفهَم فيه إساءة لشخص سماحة السيّد، ولذلك حزب الله لم يكن يعلّق على هذا الموضوع، في الوقت الذي كان حزب الله عندما يتحدث عن قائده وإمامه يتحدث عن الإمام الخميني، وبالفكر والسياسة والشعارات وبالخطاب مفهوم هذا من الأيام الأولى، نحن حتى الآن في شعارات التكبير التي ما زالت تُردَّد عندما نقول الله أكبر الله أكبر الى الآن لا زلنا نقول الله واحد خميني قائد ومن 1982. إذاً معلوم، حزب الله يقول في الصباح وفي المساء وفي شعاراته وفي أدبياته أن قائدي وإمامي هو السيّد الخميني، وبالتالي هو ليس بحاجة لأن يُصدر نفياً ويقول لا القائد والمرشد ليس سماحة السيد فضل الله، ليس سماحة السيّد فلان، ليس سماحة الشيخ فلان، هو مثبَت وليس بحاجة للنفي.</p> <p>سماحة السيّد هو كان ينفي هذا الموضوع، لكن وسائل الإعلام لا تريد أن تصدّق أنّ هذا هو المرشد الروحي لحزب الله وهو القائد الفعلي لحزب الله، والمسألة لم تكن كذلك.</p> <p>من البداية سماحة السيّد هو طبيعة نشاطه قبل 82 وفي 82 وبعد 82 معلوم، نشاط فكري ثقافي تعبوي، يخطب، يربّي، يحاضر، يدرّس، هذه ساحة نشاطه الفعلية، وحتى في بدايات العمل التنظيمي من جملة الشخصيات التي تمّ التواصل معها للعمل المشترك كان سماحة السيّد فضل الله، كان سماحة الشيخ شمس الدين، صار اتّصال بكلا الشخصيتين أنه هل من إمكانية لنقوم بعمل جماعي وننظم إطار جديد من هذا النوع؟ وطبعاً كل الفعاليات التي أسست حزب الله هي من جهة السن والجيل متأخرة وتسلّم لسماحة السيّد فضل الله وسماحة الشيخ شمس الدين رحمة الله عليه، طبعا ًالإمام الصدر كان مخطوفاً في ذلك الحين، وتسلّم لهم بالأقدمية وبجلالة القدر وبالأفضلية وأنهم الذين ربّوا كثير من هذه الأجيال في الساحة الإسلامية اللبنانية. سماحة السيّد قال أنا إطار تنظيمي لا أستطيع أن أعمل به، أنا لي طريقتي، أنا عالم مستقل، وأنا حاضر أن أدعم وأساند هذا الخط وهذا الطريق لأنني أعتقد به من موقعي، لكن أنا لا أقدر أن أدخل في هيكل وقيادة جماعية وتنظيم وحزب وتشكيلات والى آخره. سماحة الشيخ شمس الدين أيضاً باعتبار أنه كان نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، هو قال أنا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، لا أستطيع أن أكون أيضاً في إطار تنظيمي محدد، بالنهاية أنا موقعي يفرض أن أطلّ على الجميع.&nbsp;</p> <p>ولذلك ذهب الإخوة وشكّلوا من بين الفعاليات من ذلك الجيل القيادة الجماعية، نعم، كنّا على تواصل، كنّا على تشاور، كنّا حريصين أن نستفيد من حكمة وآراء كل كبارنا الموجودين في الساحة اللبنانية، هذه هي طبيعة العلاقة التي كانت معهم.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: ما هو مشهودٌ لحزب الله سماحة السيّد في الثمانينيات أنه لم ينخرط البتّة في الحرب الأهلية الداخلية، لكن مع ذلك يُذكَر أنه دخل في تصفيات متبادلة إن صحّ التعبير، وحتى في مرحلة من المراحل وصفكم اليسار وخاصة الحزب الشيوعي بالقوى الظلامية واتّهمكم بأنكم إن لم تنخرطوا كحزب في الحرب الأهلية الداخلية فإنكم انخرطتم كحزب في التصفية الجسدية لعدد من الرموز السياسية والفكرية، كمهدي عامل، كحسين مروّة، الى آخره. ما هو توضيحكم؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: أنا بكل صراحة ووضوح وجرأة أقول هذا اتّهام ظالم لحزب الله، حزب الله لم يدخل في كل هذه العمليات والأعمال، لم يكن يؤمن بها ولم يكن يعتقد بها على الإطلاق، وحتى الذين يتّهمون حزب الله هم يظنون ليس لديهم أي دليل، فليقولوا فلان اعتُقل واعترف أنه نفّذ عملية اغتيال، فليُحضروا دليل حسّي أو دليل مادي، أبداً، هم اتّهمونا في ذلك الحين وقالوا القوى الظلامية ونحن نفينا بشكل قاطع. نعم، أنت تعرف أن بعض القوى اليسارية في لبنان كانت على قتال وعلى صراع حاد مع بعض التنظيمات الإسلامية في لبنان، لكن نحن كحزب الله لم نكن طرفاً في هذا الصراع، أيضاً كان هناك صراع بين نفس الأحزاب اليسارية، بين الأحزاب اليسارية وأمل، بين الأحزاب اليسارية والأحزاب اليمينية، بعض أجهزة المخابرات المحلية أيضاً كانت تشتغل من أجل إضعاف بعض القوى وبعض التنظيمات، وساحة لبنان كانت ساحة مفتوحة، يعني أي خمسة أشخاص أو عشرة أشخاص كانوا ببساطة يستطيعون استئجار بيتين ويشترون مجموعة سيارات وبعض السلاح ويستطلعون الهدف الذي يريدون ويقتلونه، لأن هذا لم يكن بحاجة لتنظيم وتشكيل وتدريب، الساحة اللبنانية خصوصاً في الثمانينيات هي ساحة مفتوحة على كل شيء، من أين لكم أننا حزب الله، ليس فقط نحن القيادة، حتى نحن الأجهزة التي في الحزب، التنظيمات في الحزب لا صلة لها ولا علاقة لها أساساً بهذا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: في حقبة الثمانينيات سماحة السيد هناك عدة محطات اتٌهم بها حزب الله ولا يزال يُتّهَم بها حزب الله، وتفضّلت الآن بذكر من أين لهم حتى يُثبتوا أننا كنّا وراء تلك الاغتيالات، لكن أنتم اتُهمتم بأنكم قوة ظلامية وراء تصفيات جسدية، اتُهمتم بخطف الطائرات، اتُهمتم بخطف الرهائن، ومع ذلك لا يوجد دليل واحد، هناك واحد من اثنين حتى هذه اللحظة، إما أنكم أنتم وراء كل هذا الأمر الذي حصل وتمتلكون قدرة أمنية فائقة جداً..</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: أي أنك تريد أن تحمّلها لنا..</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: أنا أسأل، إما أنكم بالفعل أنتم وتمتلكون قدرة أمنية خارقة بالفعل حتى أنه بعد كل هذه السنوات لم يستطيعوا أن يجدوا شخصاً واحداً يُثبت أنه وراء هذه العمليات، خاصةً منها ما يتعلق بخطف الرهائن، أو لا، هناك جهات أخرى، ولعلّنا نريد أن نسمع منكم، في رأيكم من هي هذه الجهات، هل هي جهات مبعثرة تتصرف بمحض إرادتها أم هي جهات استخباراتية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: انظر، لا نريد خلط الملفين ببعضهما، بالموضوع الداخلي الذي يُسمى اغتيال بعض رموز الأحزاب اليسارية مثلاً، هذا موضوع داخلي وأنا أقول لك لا حزب الله ولا تشكيلات داخل حزب الله ولا منظّمات جانب حزب الله كان لها علاقة بهذا النوع من العمل، أصلاً لم يكن أحد يفكر بهذا، يعني أنا لا أنفي العمل فقط، أنا أنفي أن يخطر هذا في بال حزب الله أو أحد في حزب الله أن يعمل بهذه الطريقة. حزب الله الذي كان يضع في رأسه إسرائيل ومواجهة إسرائيل، ومن اليوم الأول هو مُبرمَج على هذا المستوى من المقاومة والقتال، هو لا يفكر بهذه الطريقة. نعم، الالتباس الذي نشأ عند بعض الأحزاب اليسارية، قلت لك هم كان عندهم مشاكل عند بعض المنظمات الإسلامية في لبنان، وهذه المنظمات الإسلامية نعم نحن كان عندنا صداقة بيننا وبينها بطبيعة الحال، لكن هذه المنظمات لها علاقة بالاغتيالات أو لا أنا لا أعرف، حتى هذا الموضوع نحن لم نكن معنيين أن نحقق به، ولا كان عندنا أصلاً لا إمكانية ولا وقت أن نشتغل بهذه التفاصيل في الساحة اللبنانية.&nbsp;</p> <p>الملفّ الآخر الذي اسمه رهائن، الذي اسمه عملية المارينز، عملية الفرنسيين وتفجير السفارة الأميركية، بعض خطف الطائرات وليس كل خطف الطائرات لأنّ هناك ناس خطفوا طائرات ومعروفون من هم، هذا ملف آخر. هذا الملف الآخر حقيقة الأمر أنه في الثمانينيات كان في الساحة حزب الله الذي هو التنظيم الأصلي الكبير المستوعب أعداد ضخمة من الكوادر والمتبني مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وقد شكّل مقاومة إسلامية ويقاتل إسرائيل، لكن في نفس الوقت كان يوجد في الساحة مجموعة من المنظمات الصغيرة، ليس منظمة واحدة، مجموعة من المنظمات الصغيرة، يعني منظمة الجهاد الإسلامي في ذلك الوقت اللبنانية، حتى لا تختلط بين الفلسطيني أو المصري وما شاكل، كانت منظمة حقيقية، الآن أحداً ما يقول وهمية، منظمة تلفونات، منظمة بيانات، غير صحيح، هي منظمة حقيقية، يعني يوجد تشكيل حقيقي على الأرض محدود نوعي صغير اسمه منظمة الجهاد الإسلامي. يوجد منظمة ثانية أيضاً موجودة ومحدودة ونوعية أفراد معينين كان اسمها منظمة العدالة الثورية، وهي منظمات حقيقية، وكان هناك منظمة ثالثة تسمي نفسها منظمة المستضعفين في الأرض. في الحد الأدنى أنا أذكر أن ثلاث مجموعات الى أربع مجموعات حقيقية ومستقلة عن بعضها البعض وغير مرتبطة بحزب الله، لا بتشكيلات حزب الله ولا بقيادة حزب الله وبالتالي لو حزب الله أخذ قرار وجاء لهذه المجموعة وقال لهم يا شباب الذي تفعلونه صح أو خطأ، هذا الأمر أوقفوه، هذا الذي أنتم مختطفين له أطلقوا سراحه هم لا يصغون الى قرار حزب الله.&nbsp;</p> <p>هذه المجموعات كانت موجودة في تلك الفترة، وكان الشباب، لأنهم كلهم شباب، الشباب الذين كانوا في تلك الفترة كان عندهم قناعات خاصة ورؤى خاصة في التعاطي مع الأحداث، مثلاً من السنوات الأولى حزب الله كانت قناعته أنه يوجد قوات الاحتلال الإسرائيلي فأنا أقاتل الإسرائيلي، أنا أركز على الإسرائيلي ولا أذهب الى مكان آخر، بينما هؤلاء الشباب كان عندهم قناعة أنه من يحمي الإسرائيليين في البلد هنا؟ الأميركان، فأنا لماذا أنشغل بالإسرائيلي؟ فليدفع الأميركي أيضاً ثمن حمايته للاحتلال في لبنان. وهذا كان من نقاط النقاش. لذلك نعم، هناك منظمات حقيقية إسلامية وأقول أيضاً جهادية وهؤلاء مجاهدون وقاموا بأعمال جيدة وبأعمال قد يوافق عليها حزب الله نظرياً وقد لا يوافق عليها حزب الله نظرياً، لكن هذه منظمات كانت موجودة، أقدموا على أعمال من هذا النوع.&nbsp;</p> <p>هم طبعاً لم تكن فكرتهم في البدايات خطف رهائن، هم يعملون عمليات كانوا، قاموا بعملية المارينز والفرنسيين وقاموا بعمليات أخرى، لكن قصة احتجاز الرهائن بدأت كرد فعل على اعتقال بعض أعضاء هذه المجموعات، فخشيةً من إعدام هؤلاء الأعضاء قامت هذه المجموعات باحتجاز رهائن في الحد الأدنى فرض عدم تنفيذ أحكام إعدام بحقّ رفاقهم الذين اعتُقلوا في أماكن مختلفة. هنا الطاسة ليست ضائعة حتى أقول أن حزب الله عنده جهاز أمني خفي ولم يلتقط أحداً عليه شيئاً، أو لا، من الذي فعل هذه العمليات هل هو الجن؟ لا، لا الجن ولا حزب الله الذي قام بهذه العمليات، أعود وأقول هذه منظمات كانت موجودة وحقيقية ومستقلة وفي تلك الفترة، طبعاً تقول لي هذا الأمر ممكن أن يكون في لبنان؟ نعم، &nbsp;تنفيذ عمليات من هذا النوع حتى احتجاز رهائن من هذا النوع، بلد لا يوجد به أمن، لا يوجد فيه سلم، لا يوجد فيه استقرار، لا دولة، لا أجهزة أمنية، لا يوجد جيش، لا يوجد سيطرة، كان يستطيع عشرة شباب الى خمسة عشر شاباً إذا عندهم بعض الخبرة، بعض الذكاء وإمكانات متواضعة وبسيطة، كانوا يستطيعون أن يفعلوا أكثر من ذلك.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: ربّما حجّة هؤلاء الذين يلاحقونكم أن الراعي الإيراني هو وراء هذه المسائل، بدليل أنّ أكثر من عملية تسريح رهائن كانت بعد تدخل الجانب الإيراني.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: حقيقة العلاقة لم تكن هكذا، يعني في نهاية المطاف هذه المجموعات كانت تفعل ما تعتقد، لكن عندما كانت تفعل ممكن نحن نأتي لمناقشتها لا تقبل منا، لكن التدخل الإيراني كان يساعد أيضاً في معالجة بعض المشاكل، التدخل السوري كان أحياناً يساعد في معالجة بعض المشاكل، لكن حتى الصورة التي تقول أنه مجرد أن يتدخل الإيراني ويتكلم ويتصل كان يمشي الحال هذه صورة خطأ، الإيرانيون الذين كانوا يتدخلون في معالجة مشكلة الرهائن كانوا يبذلون جهود مضنية مع هؤلاء الشباب، وأنا أعرف أنه كان أحياناً يستمر أسبوع واثنين وشهر واثنين وثلاثة دون أن يُقبَل منهم، ولكن نتيجة الاستمرار في المساعي كانت تعطي نتائج جزئية حيناً ولا تعطي نتائج أحياناً، يعني أحياناً كان يُطلَب من هؤلاء الشباب إطلاق سراح رهينة ولا يوافقوا ولا تُطلَق، وأحياناً يكون جدل طويل معهم. كانت الحالات التي يحصل فيها إقناع هي الحالات التي يُطلَق بها سراح الرهينة، وبالتالي هذه المجموعات لم تكن في رعاية الجمهورية الإسلامية في إيران ولم تكن خاضعة لإرادة الجمهورية الإسلامية في إيران، وحتى ممكن لأحد ما أن يفكر هؤلاء من كان يرعاهم؟ أنا أحدّثكم عن عشرة شباب و15 شاب وتشكيل نوعي وسري جداً وفي بلد متفلّت، هؤلاء ماذا يحتاجون؟ يحتاجون ميزانية ضخمة؟ لا يحتاجون لشيء."</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: كلام مهم جداً للسيد حسن نصرالله بالفعل وأعتقد أنها ربّما المرة الأولى التي يتحدث فيها السيد نصرالله بنفسه وربّما أيضاً قيادة حزب الله عن حقيقة هذه الجماعات التي كانت تأسر رهائن أو مَن فجّر مقرّ المارينز الى غير ذلك. لكن لنعد، لأننا نتحدث الآن عن منظمات ترفع شعار الجهاد، منظمات جهادية، منظمات مقاوِمة على طريقتها، لأعود الى نقطة أساسية كنت ختمت بها الحلقة الأولى تتعلق بالهوية الفكرية، الهوية الثقافية، الهوية الاجتماعية لحزب الله، هي كما قلت هوية إسلامية وليست فقط مسلمة، بمعنى أن العنوان الايديولوجي الاسامي كمحرّك الحياة بات هو الأساس ليس فقط في العقيدة والتديّن والايمان والى آخره، بل في قيَم الحياة، والخيار السياسي والاستراتيجي والثقافي وفي التوازنات الاقليمية والدولية، يعني حزب اله عقيدته وقاعدته الاسلامية هي ليست فقط طقوسية ولكن هي نهج حياة بالكامل، وحزب اله كان واحداً من مفردات ما عُرف بالصحوة الاسلامية وقتذاك.&nbsp;</p> <p>الذي أقوله الآن هو ليس للتعريف، لأن السيد حسن تحدّث حول الشبهة التي وُلدَت حوله في ذلك الوقت أنه كان يغتال بعض القيادات الثقافية والعلمية اليسارية والماركسية، حزب الله، السيد حسن نصرالله عرّف نفسه هكذا بوضوح، بل أقول هذا لاعتباراتٍ ثلاثة على الأقل، الأول أننا يجب أن نتعاطى مع حزب الله المقاومة المسلّحة باعتباره حركةً إسلاميةً مقاومة بكل هويتها الثقافية والفكرية والاجتماعية، يعني نقبله كما هو، يعني هكذا كان وهو لم يتغيّر بعد أربعين عاماً، القول الآن مثلاً أن حزب الله لا يشبهنا وليس من النسيج اللبناني هو قولٌ يتعاطى مع حزب اله كما يريده أو كما يتمناه، وليس كما هو، هذا طبعاً قضية يشبها ولا يشبهنا بمعزل عن المفردات الفوقية والعنصرية في التعامل مع حزب الله وبيئته في هذه الطريقة، وهذا ربّما نتناوله لاحقاً.</p> <p>النقطة الثانية، أن حزب الله كحركة إسلامية مسلّحة وثورية ومقاومة لم يطرح نفسها في البدء ولا في اللاحق أبداً بديلاً لغيره، لا على مستوى المذهب الشيعي، لم يحتكر الطائفة الشيعية، ولا الطائف الاسلامي، لم يحتكر الطائفة الاسلامية وأبعد غيره، ولا الوطني العام، قدّم نفسه كمكمّل لغيره.</p> <p>ثالثاً الاصطفافات في القضايا الكبرى والاستراتيجية تقوم على الخيارات الاستراتيجية وليس على الانتماءات الايديولوجية كما أوضحت في الحلقة الماضية.&nbsp;</p> <p>لا شك، وهنا ينبغي أن أكون شفافاً في هذه النقطة، لا شكّ أن توتّر العلاقة مع الحركات الاسلامية والنظرة للحركات الاسلامية السلبية تصاعدت في عشرية النار الأخيرة، طبعاً أنا أذكّر في العشرية الأولى على الأقلّ نتحدث في الثمانينيات كان هناك هذا التوتّر بفعل التوتّر الاقليمي والعالمي الايديولوجي وقتذاك، أنا تحدّثت عن القوى الأميركية والحليف والأطلسية والغرب تحدّثت عن الاتحاد السوفياتي وحلفائه وتحدّثت عن هذا المارد الجديد المُسمى ايران الجمهورية الاسلمية بثورتها وشعاراتها وخياراتها الجديدة، وطُرحَت في ذلك الوقت ما سُمّيَت بالصحوة الاسلامية. لكن قضية التوتر ازدادت خلال عشرية النار الأخيرة سواءً لأدوار بعضها في الحكم، أي التي حكمت في بعض البلدان العربية، أو لجهة نشر الطائفية، نشر المذهبية، نشر التطرّف، نشر العنف، أو حتى لجهة الاصطفافات السياسية والاستراتيجية، وحتى لطريقة العلاقات الاقليمية والدولية، ربّما هذا ليس موضوعنا لكن بكل صراحة الحركات الاسلامية خلال عشرية النار الأخيرة في بعض البلدان التي تصدّت فيها وكان جزءاً أساساً مما سُمّيَت بثورات الربيع العربي وحكمت بعد ذاك، ارتكبت أخطاء وارتكبت أخطاء فاحشة، بل ارتكبت خطايا تاريخية على أكثر من صعيد، يعني حزب اله هذا الذي حرر معلولا ليس كغيره ممن احتلها وقتل أهلها لأنهم مسيحيون وهو يرفع الشعار الاسلامي ولكنه تكفيري ومتطرف ويقتل المسلم حتى قبل المسيحي، حزب الله هذا الذي ناصر دمشق كخيارٍ سياسي استراتيجي محورته الموقف من المقاومة والموقف من الهيمنة الأطلسية بمسمياتها المختلفة، والموقف من محورية فلسطين لم يقف مع دمشق لاعتبارات ايديولوجية، ولا دينية ولا مذهبية كما يزعم البعض جهلاً أو تجهيلاً أو تضليلاً، بل لاعتبارات استراتيجية والأمن القومي، وربّما أيضاً بكل صرحة لاعتبار أخلاقي مركزي، هذا الاعتبار الأخلاقي نستطيع أن نسميه بوضوح الوفاء، لأن دور سوريا على مدى عقود طويلة أقلّه خلال العقدين الأخيرين كان محورياً في دعم المقاومة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; تحدّث السيد نصرالله حول العلاقة مع السيّد محمد حسين فضل الله رحمه الله، علاقته بالمقاومة فكراً وخطاباً، صحيح لم يكن السيد فضل الله رحمه الله مرجع الحزب فقهياً ولا سياسياً، لكن أيضاً بكل صراحة مكانته لم تُضاهِها مكانة أي شخصية لبنانية لدى قيادة حزب اله وكوادر المقاومة. في اليومين الأولين بالمناسبة لحزب تموز ذهب الحاج الشهيد عماد مغنية بنفسه لاخراجه من الضاحية وتأمينه خارجاً، كان السيد فضل الله في مسجد الحسنين كما أذكر وذهب الحاج عماد مغنية وأخرجه حتى م خارج بيروت لتأمينه. بعد حرب تموز بالمناسبة من الأمور الأولى التي قام بها السيد حسن نصرالله أن زار السيد فضل الله وكان بصحبة الشهيدين عماد مغنية والسيد مصطفى بدر الدين ذو الفقار، السيد فضل الله كان علّامةً بكل المقاييس الدينية والفكرية والتاريخية، بكل المقاييس المعرفية، السيد فضل الله كان رمز للانفتاح الانساني، رمز للانفتاح الحضاري والثقافي، هو بصراحة من أذكى من تعاطى مع الآخر ومع الإعلام، كان مقاوماً بالكلمة وبالموقف وبصدق وبإخلاص وبجديّة، في حرب تموز لم يتأخر ولم يتلعثم في إعلان الموقف المناصر لحزب الله وللمقاومة ولإصدار فتوى المقاومة. أنا في حرب تموز التقيت السيد فضل الله رحمه الله في تلك الحرب، السيد فضل الله كان مريضاً، كان عليلاً، ومع ذلك حين اتّصلت به رحمه اله راجني أن يتحدّث الى الشاشة وذلك بعد أن أصدر بياناً يصف فيه المقاومين بالبدريين، استجاب سماحته ولم يتأخر. المهم أنه كان بيننا بعدئذ خلوة قصيرة، وهذا الذي أودّ أن أمرره الآن، وحدّثني عن أمرين اثنين وقتذاك، يشهد الله على ما أقول، الأولى كانت عن السيّد نصرالله شخصياً، كان يسأل، كان يطمئن، حسباناً منه أنني ربّما أعرف عنه الكثير ببساطة لأنني تشرّفت في ذلك الوقت في حرب تموز بلقاء سماحة السيّد حسن نصرالله في الأيام الأولى لإجراء حوار معه، يشهد الله قال السيّد فضل الله كلماً للتاريخ للسيد حسن، حول كفاءته، حول كفاءته وجدارته في قيادة المقاومة، حول جارته في قيادة الحرب، قيادة المعارك السياسية، قيادة المعارك الإعلامية، وحتى الحرب النفسية ذكرها وقتذاك، هذا العلّامة الرمز الكبير الذي ينبغي أن يُعطى حقّه تواطأت أطراف عربية لأسف الشديد في محاولة اغتياله في 8 آذار مارس من العام 85، أخفقت المحاولة والحمد لله كان التدبير أميركياً بإشراف السي آي أي، تورّط فيها أيضاً للأسف سفير سعودي في حينه في واشنطن الأمير بندر بن سلطان تمويلاً وانخراطاً أمنياً، على الأقل كما روى ويليام كيسي نفسه في هذه القضية، طبعاً الأمير بندر بن سلطان نفى هذه المسألة ولكنني أقول ويليام &nbsp;كيسي الذي كان مسؤولاً عن عملية اغتيال السيد فضل الله ذكر بعدئذ أن بندر بن سلطان ساعده في هذا الأمر. لكن الرغبة في اغتياله كانت على خلفية قناعاتٍ استخبارية خاطئة أنه زعيم حزب الله الحقيقي.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; في نقاط تحدّث فيها سماحة السيّد حول الاتهامات التي طالته حول اغتيال قيادات من اليسار الماركسي ونقاط أخرى أتركها الى الجزء الثاني إذا سمحتم. مشاهدينا الكرام أرجو أن تتفضلوا للبقاء معنا، فاصلٌ نعود بعده لاستكمال أربعون وبعد.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>فاصل</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: أهلاً بكم مشاهدينا الكرام من جديد. في الحقيقة حين تشرّفت بإجراء هذه اللقاءات مع السيد حسن نصرالله عام 2003 كان طلبي من سماحته آنذاك أن نخصصها لسيرته الذاتية حصراً، أبى سماحه، ولقاءات عدّة وكان يرفض رفضاً كاملاً، فكان الحديث عن مسيرة حزب الله بشكلٍ رئيسي وفي ثناياه كنت أستفهم منه ماذا كانت أدواره في بعض المحطات، هكذا وُفّقنا ربّما بسلاسةٍ نسبية في أن نجمع بين مسيرة حزب الله وبين شخصية السيد نصرالله، لذا سألته مثلاً أين كان عند نشأة حزب الله وانطلاق المقاومة؟ ومن ثمّ بعض محطات العشرية الكاملة التي انتهت بتولّيه موقع الأمين العام لحزب الله، هكذا أوضح لنا بما يلي.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>"السيّد نصرالله: في البداية في 82 إذا أردنا أن نسمي بالاصطلاحات التنظيمية في ذلك الحين &nbsp;أنا بدأت مسؤول الاستقبال، يعني استقبال متطوعين لنرسلهم الى الدورات العسكرية، لاحقاً بعد إنجاز عدد من الدورات بات عندنا مجموعات من الشباب أصبحتُ مسؤول ما يمكن أن نصطلح عليه الآن مسؤول شؤون الأفراد، أو مسؤول الأحوال الشخصية، أو مسؤول الشأن التنظيمي للأفراد، يعني مثلاً هؤلاء الأشخاص كل ملفاتهم، تنسيبهم، ترشيحاتهم، هي &nbsp;عند التشكيل أنا كنت مسؤول. لاحقاً بدأ يتشكّل الوضع التنظيمي، تحملت مسؤولية التعبئة في منطقة البقاع، يعني التشكيل التعبوي الجهادي العسكري، لم يكن بعد هناك تشكيلات كاملة، كانت بداية التشكيل هي التعبئة. ثمّ قمنا بتشكيل أوسع تنظيمي كامل، يعني أصبح هناك ثقافي واعلامي واجتماعي وتعبئة ونشاط كشفي ونشاط نسائي، هذا كان يتطور، فأصبح هناك شيء اسمه المنطقة التنظيمية. وكان وقتذاك تشكيل الحزب عبارة عن قيادة مركزية وهي الشورى، ويوجد لجنة سياسية ولجنة أمنية عسكرية وثلاث مناطق، هذا كل هيكل الحزب. أنا كنت مسؤول منطقة البقاع وعضو اللجنة السياسية المركزية، الى ال85. في 85 نزلنا الى بيروت، عندما نزلنا الى بيروت أنا كنت مسؤول التشكيلات العسكرية الجهادية في منطقة بيروت، كان السيد ابراهيم الأمين مسؤول تنظيمي لمنطقة بيروت. لاحقاً فصلنا وأسسنا المكتب السياسي وصار السيد ابراهيم رئيس المكتب السياسي وأنا صرت مسؤول منطقة بيروت. الى حدود سنة 1987 على ما أذكر بات هناك استحداث لمنصب جديد، بعد التحرير، لأنه تحرر البقاع، بيروت، جبل لبنان، وصيدا وصور والنبطية الى الشريط الحدودي، فصار عندنا مجموعة مناطق ومجموعة تشكيلات، فاستحدثوا منصب سموه المسؤول التنفيذي العام الذي لاحقاً نحن عدلناه وأصبح اسمه رئيس شورى التنفيذ أو حالياً رئيس المجلس التنفيذي، يعني بتعبير آخر المسؤول التنفيذي في الحزب، هناك شورى تأخذ قرار، وواحد يذهب للتنفيذ. وقتذاك الإخوان اقترحوا أن أكون المسؤول التنفيذي. عندما أكون المسؤول التنفيذي حكماً عليّ أن أدخل الى القيادة، يعني عليّ أن أكون أحد أعضاء الشورى، فصرت أحد أعضاء الشورى والمسؤول التنفيذي العام في الحزب.&nbsp;</p> <p>بقيت المسؤول التنفيذي لفترة، انقطعت فقط سنة واحدة عندما ذهبت الى قم لمواصلة الدراسة، يومئذ كان سماحة الشيخ نعيم قاسم هو نائب المسؤول التنفيذي العام، فصار هو رئيس المجلس التنفيذي، عندما عدت أنا أكمل سماحة الشيخ في هذا الموقع الى الأمانة العامة للسيد عباس. عندما أصبح السيّد عباس الأمين العام الشيخ نعيم أصبح نائب الأمين العام، أنا اشتغلت رئيس المجلس التنفيذي من جديد لمدة سنة، استشهد سماحة السيّد عباس رحمة الله عليه وانتُخبت للأمانة العامة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: هذه السنة وذُكر أيضاً عامان وليس فقط عاماً واحداً ذهبت فيه الى قم، هل ذهبت ك..</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: لا، سنة واحدة أكيد، لم أضيّع.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: عام واحد، هل هذا العام سماحة السيد الذي ذهبت فيه فعلاً لأنك تريد استكمال الدراسة أو انزعاج من بعض الكوادر الداخلية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: لا، لا، هذا قيل في ذلك الحين، وكان متوقَّع أن يُقال، بالنهاية عضو قيادة مركزية ومسؤول تنفيذي عام يترك العمل ويذهب للدراسة في الوهلة الأولى لن يكون مفهوماً، والإخوة أيضاً عندما أذنوا لي بالذهاب للدراسة وقفوا وتوقفوا عند هذه الإشكالية، أنت ستتسبب لنا بمشكلة، علينا أن نوضّح ونشرح ونبيّن أنه لا مشكلة ولا شيء، يعني أنا أسلّم أنه لم يكن منطقي أو طبيعي للوهلة الأولى، وكان طبيعي جداً أن يطرح إشكالات من هذا النوع. أنا خلال كل عملي في حزب الله من 82 لم يكن عندي أي مشكلة داخلية، معروف بهذا الموضوع، كنت متعاون مع الجميع، طريقتي بالعمل وعلاقاتي واتّصالاتي وصداقاتي مع الإخوة، مزاجي لست بمشكلجي، فكان عندي إمكانية التعاون مع الكل، ولم أكن أعاني من أي متاعب داخلية ولا في أي مرحلة من المراحل، نعم في الآونة الأخيرة لم أكن أنا الذي عانيت بل الحزب الذي عانى وقت موضوع ثورة الجياع بقيادة أخونا الشيخ صبحي، هذه معاناة حزب، لكن داخل الحزب وداخل التشكيل ولا يوم من الأيام أنا كان عندي معاناة داخلية في أي موقع من مواقع العمل وهذا من نعم الله سبحانه وتعالى عليّ. الخلفية الحقيقية هي خلفية دراسة، يعني أنا وقتذاك النظرية التي قلتها للإخوان، طبعاً لم تكن هي المحاولة الأولى، أنا في سنة 1980 وكنّا في ذروة النشاط في حركة أمل وقتذاك وكان هناك مشاكل كبيرة في الساحة اللبنانية، وبعد اختطاف الإمام موسى الصدر وتشكيل المدرسة الدينية في بعلبك ونشاط ديني واسع وأنا كنت جزء من هذا النشاط، ذهبت الى قم للدراسة وكان هناك ضغط شديد عليّ من الأخ السيد عباس الموسوي ومجموعة الإخوان أنت الى أين ذاهب؟ ابقَ هنا ونكمل هنا وندرس هنا، وأنا أصررت على الذهاب، لكن بقيت ثلاثة أشهر ورجعت نتيجة إلحاح الإخوة بالعودة، يعني المُعطيات والظروف والنشاط والمسؤوليات عليك أن تعود، رغم صغر السن، هم كانوا يقولون لا بأس أنت زائد فلان وفلان وفلان هذه المجموعة قادرة أن تفعل شيء.&nbsp;</p> <p>في 89 عندما ذهبت الى قم نفس النقاش، أنا جئت للإخوان وقلت لهم أنا بالنهاية ما زلت شاباً، في 89 يعني 29 سنة، ذهني لا يزال حاضراً، شوقي للدراسة كبير، هناك ناس يدخلون الى العمل السياسي والاجتماعي والأمني والعسكري والجهادي ولاحقاً يحضر كتاب ويناقش ويدرس فقه وأصول وتفسير، لا يعود له مهجة، لا يعود له طاقة أو استعداد نفسي وروحي، أنا جاهز ومشتاق جداً وهذا الوضع في لبنان لا ينتهي، المقاومة تطول، الوضع الداخلي يطول، وأذهب أنا وأعود ويذهب غيري ويعود ويبقى الوضع مستمر، وكلنا نحن شباب ماذا نترك للمستقبل؟ هذه هي الخلفية الحقيقية، دعونا نتفق على واحد منّا يذهب لاستكمال الدراسة ويحصل على تحصيل علمي مرموق ومحترم وهذا ينفع حزب الله، ينفع الساحة في المستقبل، أنت لا تستطيع أن تكمل وأنت لا تستطيع أن تكمل، يعني أنتم ظروفكم &nbsp;لا تساعدكم، أنا من جهة أصغركم سناً وأقلكم عيالاً، يعني عائلتي صغيرة أجمعها وأرحل الى قم، هم طبعاً لأنهم أكبر منّي سناً كان عندهم عيال، ووضعهم فيه مجموعة علاقات وارتباطات لا تسمح لبعض هؤلاء الإخوة أن يغادروا، وكان جدل بيني وبينهم، ولاحقاً الإخوان وافقوا وأنا ذهبت بموافقة من قيادة الحزب، لم أذهب غاضباً أو مغاضباً، لا، يعني لو أنهم قالوا ممنوع أن تذهب وخلاص كان انتهى الموضوع.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: لم تنزعج قط سماحة السيّد من انتخاب الشيخ صبحي الطفيلي أمين عام لحزب الله في المرة الأولى؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: لا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: ألم تكن تحبّذ وقتذاك كما ذُكر الشهيد السيد عباس الموسوي؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: بطبيعة الحال أنا كنت عاطفياً ونفسياً أميل الى الشهيد السيّد عباس، كأي مجموعة بشرية الناس أقرب لبعضهم، لكن لم يكن هناك مشكلة مع الشيخ صبحي، لا يوجد خلاف ولا نزاع ولا خصومة، بل بالعكس يوجد ود، ولكن هذا الود مع السيد عباس كان أكبر وكان سببه طبيعي، أنا في سنة 76 عندما غادرت الى النجف الأشرف للتحصيل العلمي أول شخص تعرفت عليه في النجف هو السيد عباس، وبالتالي أنا درست عند السيد عباس، وهو كان بالنسبة لي ليس فقط أستاذ، مربّي ومرشد وأنا شاب عمري 16 سنة، يهتمّ حتى في أكلي وملبسي وغرفتي وكتبي وأساتذتي، فبطبيعة الحال تكون علاقتي معه أو قربي العاطفي والنفسي منه أقوى من أي شخص آخر وليس فقط الشيخ صبحي، أقوى من أي علاقة مع أي أخ آخر، وهذا كان معروف في البلد ما بيني وبين السيد عباس من علاقة وود ومحبة هذا ليس أمراً مجهولاً، أنا كنت أميل للسيد لكن لم يكن عندي مشكلة أن يكون الشيخ صبحي أمين عام حزب الله.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: لمَ عدت بعد عام من إيران؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: حصلت للأسف في 89 تجددت الفتنة التي كانت قائمة بين أمل وحزب الله وكان هناك وضع صعب قليلاً، الإخوان أجمعوا أن المرحلة صعبة قليلاً وعلينا أن ندخل في معالجات لهذا الموضوع، طبعاً في تلك المرحلة أيضاً كأي فتنة داخلية، أنا أقول لك حزب الله قل له أن هناك حرب ليس مع إسرائيل، بل مع الحلف الأطلسي، ترى في وجوههم النور والبشر ولا مشكلة، حين تقول له فتنة داخلية حتى لو كان مظلوم يدافع عن نفسه سيكون منزعج ومتألم وإنا لله وإنا إليه راجعون، ما هذه المصيبة التي نحن بها! فكان أحياناً يحصل تفاوت في وجهات النظر حول بعض التعاطي التفصيلي، هنا كيف نتعاطى وهنا كيف نتعاطى وهنا كيف نتعاطى؟ الإخوة أصرّوا على عودتي لأن وقتذاك أنا كنت أستطيع أن أتحدث مع الجميع ولا مشكلة لديّ مع أحد وأستطيع التفاهم مع الكل وأستطيع تقريب وجهات النظر، رغم أنهم أساتذتي، أنا أسلّم أنهم أساتذتي، لكن الله سبحانه وتعالى منحني في قلوبهم هذه الثقة وهذه المحبة. فوصلنا الى مرحلة أنه كان وجود حزب الله كله مهدَّد بالخطر في تلك المحنة، وأنّه إما يبقي حزب الله أو لا يبقى، هم عندئذ قالوا لي الإخوان نحن أرسلناك لتدرس لمستقبل حزب الله والآن نقول لك أنه غير معلوم إذا دام حزب الله أو لا، هكذا كان الموضوع صعب، اعمل معروف ارجع، وأنا قلت لهم سمعاً وطاعة، أنا ذهبت للدراسة باذنكم وسأعود باذنكم، أنتم تقولون ارجع إذاً أرجع، هذا كان السبب.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: لم يكن للقيادة الإيرانية وقتذاك دور في عودتك رغبةً منها في أن تكون فاعلاً أساسياً في قيادة حزب الله؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: لا، لم يتدخلوا، حتى في المرحلة الأولى للنقاش تمّت استشارتهم من قبل بعض الإخوة للاستقواء عليّ بالتحديد السيد عباس، يعني هو راح الى قم ليُحضرني، فهو حاول، هو يعرف إن كان موضوع تفاهم فلا أقبل، إذا قرار ألتزم، هكذا هي المسألة، وكان هو لم يُحضر بعد قرار من مجموعة الإخوان، الإخوان هنا في الشورى قالوا له اذهب الى قم تتفاهم معه، إذا تفاهمتم كان به، إن لم تتفاهموا قل لنا لنصدر القرار. فسماحة السيد عباس رحمة الله عليه تكلّم مع بعض الإخوة في ذلك الحين في طهران إن كنتم تساعدوننا على صاحبنا، فهم قالوا له هذا شأن داخلي وهو حر بماذا تتفقون وبماذا تشخصون فهذا موضوع داخلي نحن لا علاقة لنا به، ويومئذ السيد عباس ناقشني طويلاً ولم يقنعني، وأنا لم أقتنع وقتذاك ولم أعد مع السيد عباس، لكن عندما رجع السيد عباس الى لبنان واجتمعت الشورى فأخذت القرار بالعودة، وأنا ألتزم.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: قبل سؤالي الاستطرادي أرجو أن تحدثنا عن مسألة انتخاب أول أمين عام للحزب.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: نحن في أواخر ال89 طبعاً بعد أن وفّق الله سبحانه وتعالى الانتهاء من الفتنة الداخلية التي كانت شاغلة حزب الله بشكل كبير، أمل وحزب الله، المقاومة استرمت بشكل طبيعي، صار هناك مؤتمر داخلي في الحزب أنّه تفضلوا لنرى كيف نطور بنيتنا ونقرأ تجربتنا ونراقب أين توجد عندنا نقاط ضعف لنعالج. من جملة الأمور التي نوقِشَت في ذلك الحين هي مسألة الأمين العام، عندنا شورى قيادة وعندنا مسؤول تنفيذي، لكن نحن كلنا سبعة نطلّ على العالم، كلنا نتكلم مع العالم، وقتذاك ربّما كانوا أقل من سبعة، كنّا أربعة أو خمسة، فإذا طلبت جهة حزبية أن تأتي الى حزب الله، الى من تأتي؟ لعند الخمسة أو لعند السبعة؟ إذا أردنا أن نقوم باتّفاقات من يذهب ليفاوض؟ كل موضوع نكلّف واحد ونتناقش من نكلف؟ بالإدارة نحن أصبحنا محتاجين لشخص يكون هو مدير الحزب بشكل عام، مسؤول العلاقات السياسي، ناطق رسمي، بالتراتبية الحزبية رقم واحد، نحن لا نريد أن نعيّن قائد يعني لا نريد أن نتحوّل الى القيادة الفردية، نحن نريد أن نبقى قيادة جماعية لكن نريد مدير واحد، نريد رأس لهذه القيادة الجماعية. من 82 الى 89 لم يكن وضعنا الداخلي حتى مهيأ وناضج لهذا المستوى، يومها كل الإخوة أجمعوا أن هذا صحيح، والتجربة تقول هكذا، التجربة التي أوصلتنا من اللامركزية الإدارية في التنفيذ الى مسؤول تنفيذي عام هي بعد عدة سنوات ستوصلنا الى أمين عام، اتّفقنا أن يكون أمين عام ويتم انتخابه من قبل أعضاء الشورى، يعني الكادر الأساسي بالحزب ينتخب الشورى والشورى هي تنتخب الأمين العام.&nbsp;</p> <p>بعد إقرار هذا المبدأ جئنا لننتخب الأمين العام، الأمين العام هو واحد من الإثنين، المنطق والطبيعي جداً، اللذين كانت تتوجه إليهما كل الأنظار، السيّد عباس والشيخ صبحي، رغم أنهما كانا من الشباب لكن نحن كنّا نسميهما "ختيارية الحزب" أي أنهم العجائز عندنا، فلم يكن لأحد في ذهنه أو مخيّلته من الكادر المركزي إلا السيد والشيخ.في بدن الحزب الكوادر الوسطى والقواعد ممكن كثيرون لا مشكلة عندهم أن أكون أنا، وربّما يحبون أن أكون، نتيجة أن كل حركتي كانت على الأرض، في الحقيقة في هذا الموضوع كان هناك بعض النقاش أنه من يكون سماحة السيد عباس أو سماحة الشيخ صبحي، وهم شاركوا في هذا النقاش.&nbsp;</p> <p>في يوم من الأيام يطلبا منّي الاجتماع، هما الاثنان، وهذه من الأمور الخاصة جداً التي لم يجري حديث بها سابقاً، نريد أن نراك، نتحدث عن 89 يعني كان عمري 29 سنة، أهلاً وسهلاً بكم أساتذتي وأنا بخدمتكم، أذهب وألتقي بهم، قالا لي نحن تداولنا في موضوع الأمين العام، فتبيّن معنا بالدراسة أنّه إذا أنا أكون، يعني إذا يكون السيد عباس ممكن الإيجابيات الفلانية والسلبيات الفلانية، إذا كان الشيخ صبحي الإيجابيات الفلانية والسلبيات الفلانية، نحن الاثنان اللذان سلّم لنا الجمع أن يكون واحد منا أمين عام اتّفقنا أن تكون أنت أمين عام. طبعاً أنا تفاجأت لأنني لست في هذا الجو ولا في هذا الوارد، فكان رد فعلي سريع، ماذا تقولون، ماذا تحضرون وماذا تفعلون؟ أخذا يتحدثان ويستدلّان، طالت الجلسة لساعتين ونصف الساعة بيني وبينهما، وأنا في آخر الجلسة قلت لهما مستحيل أنا لا يمكن أن أكون أمين عام لحزب الله، أنا مسؤول تنفيذي، مسؤول المنطقة، ترسلونني الى الجبهة فأنا في خدمتكم، وقتذاك مزحت معهما مزحة ثقيلة بعض الشيء، قالا لماذا؟ قلت لهما طالما أنتما الاثنان موجودان أنا لا أكون أمين عام حزب الله، بعد أن تموتا أنا أقبل. الى هذا الحد وصل النقاش. قال أنت مما تخاف؟ نحن نعاهدك على التعاون والطاعة وكذا، قلت لهما أنا نفسياً لا أحمل هذا الموضوع، خذ مهلة لليوم الثاني أو الثالث، بقي الجدل لعدة أيام وأنا كنت قاطع فأنا لا أتحمل هذه المسؤولية، أنتم تحمّلوا ماذا ينقصكم؟ وأي واحد منكما يكون أمين عام كلنا نتعاون معه.&nbsp;</p> <p>لاحقاً تُرك الموضوع، الشورى هي تختار، تلك الشورى كانت شورى منتخَبة جديدة وكنّا عشرة، وصار تصويت على انتخاب أول أمين عام، خمسة أعطوا للسيد عباس وخمسة أعطوا للشيخ صبحي، أعدنا التصويت أن يتزحزح أحد ويعيد النظر، عدنا الى خمسة بخمسة، أعدنا التصويت للمرة ثالثة أيضاً خمسة بخمسة، وجدنا أنه سنبقى نصوّت خمسة بخمسة، تعرف عندنا في الفقه القرعة لكلّ أمرٍ مشكل، حسناً يا شباب نقيم قرعة بين الشيخ والسيد، نقيم القرعة وكانت القرعة للشيخ وصار الشيخ الأمين العام الأول لحزب الله."</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: طبعاً في هذه القصة التي تُعتبَر ربّما طريفةً ولطيفةً ولكنها أيضاً معبّرة يكشف فيها السيد نصرالله أمرين انثنين على الأقلّ، الأول يكشف ربّما للمرة الأولى أنه حتى في انتخاب الأمين العام الأول لحزب الله الاسم الرئيسي الذي كان مطروحاً هو سماحته ولكنه رفض في ذلك الوقت، والنقطة الثانية كيف تمّ انتخاب الأمين العام الأول الشيخ صبحي طفيلي فيكشف أيضاً للمرة الأولى أنّها تمت بالقرعة، ربّما في حلقةٍ لاحقة نكشف أو نتحدث كيف تمّ انتخاب أصلاً السيد عباس الموسوي.</p> <p>لكنني أعود في ما بقي من وقتٍ قصير في هذه الحلقة الى نقطة أساسية أحب أن أتحدث فيها بكل صراحة حول الاتهامات أن حزب الله كان وراء اغتيال قيادات في اليسار الماركسي في حينها، طبعا السيد حسن نصرالله نفى كلياً هذا الأمر وكلامه كان واضحاً، وحتى قال أنهم نفوا هذا الأمر في حينه، الأهم ما قاله بأن حزب الله ليس فقط لم يكن معنياً ولا مهتماً ولا حتى لديه وقت للتفكر بغير المقاومة المسلّحة، بل أكّد أن مجرّد التفكير في قتل هذا تحت أي ذريعة ليس وارداً، لأن فكر حزب الله وعقيدته لا تؤمنان بالقتل لمجرّد الاختلاف.</p> <p>في الواقع ونحن الآن بعد أربعين عاماً من نشأة حزب الله بكل صراحة ووضوح كم سفيهاً يشتم حزب الله؟ وكم سفهاً وشتّاماً يشتم السيد نصرالله بالاسم وبكل عبارات الانحطاط، عفوا، وقلة الأدب في الإعلام، وحتى خارج الإعلام وحتى خارج السياق السياسي، مع ذلك لا أحد تعرّض له. طبعاً هنا، ّما يعلّق البعض ويقول وماذا عن الشهيد رفيق الحريري رحمه الله وغيره ممن تمّ اتّهام حزب الله بأنه كان وراء هذه العمليات؟ الإجابة ببساطة ونحن نتحدث في الاستراتيجيا، وقلت في الحلقة الأولى لايوجد شيء بالصدفة، لا حرب، ولا حدث سياسي، كله كان جزءاً نم خطة واستراتيجيا كاملة، فتّش عن المخططات الكبرى، عن المؤامرات الكبرى، عن التغيّرات الكبرى التي سبقت اغتيال الشهيد رفيق الحريري رحمه الله والتي تلتها.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;ربّما هناك نقاط أخرى خاصةً بما يتعلق بالسيد حسن نصرالله ومسيرته التي تحدّث فيها لكنني اؤجلها الى الحلقة الثالثة.&nbsp;</p> <p>مشاهدينا الكرام شكراً لحسن متابعتكم والى اللقاء في الحلقة الثالثة من أربعون وبعد.</p>