الشيخ جواد الخالصي

محاولات عديدة في الغرب للإساءة إلى المصحف الشريف... لماذا وما هو السبيل إلى إيقافها؟ مرجع ديني وحدويّ وطني عروبي دعم مقاومة الاحتلال الأميركي للعراق بقوّة... فماذا يقول اليوم؟

نص الحلقة

<p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>الشيخ جواد الخالصي: لا تستغربوا أنهم يعمدون إلى الإساءة وحرق كتاب الله أو إلى أنبياء الله أو المقدّسات، لأنّهم يعلمون أنّ الأمّة والإنسانية ما دامت مُتمسّكة بهذه المقدّسات فلن يتمكّنوا من السيطرة عليها.</p> <p>سنُقاوم باسم الإسلام والالتزام بهذه الرسالة العظيمة.</p> <p>ثلاثة لا تَقبل المساومة، القدس والعودة والمقاومة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: مُحاولات عديدة في الغرب للإساءة إلى المصحف الشريف، لماذا؟ وما هو السبيل إلى وقفها؟</p> <p>مرجع ديني وحدوي وطني عروبي، دعم مقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق بقوّة، فماذا يقول اليوم؟</p> <p>الأمين العام للمؤتمر التأسيسي العراقي الوطني، الشيخ جواد الخالصي، أهلًا بِكَ ضيفًا عزيزًا في برنامج بإيجاز، نوّرتنا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: شكرًا لكم، أهلًا وسهلًا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: أهلًا بِكَ سماحة الشيخ.&nbsp;</p> <p>إذا دخلنا مُباشرة في محاولة لفَهْم وتفسير بين الخلفيات والأهداف، هناك محاولات عادة بوتيرةٍ أسرع عما شهدناها ربما في السابق للإساءة للإسلام &nbsp;وتحديدًا للقرآن الكريم بمحاولة الحرق أو الإساءة لنُسَخٍ من المصحف الشريف، شهدنا ذلك في السويد وأيضًا في الدنمارك، ما تقييمك؟ ما الأسباب برأيك لاسيما في التوقيت؟ وهل هناك أيّة خصوصية نراها هذه المرة في السويد أو حتى في الدنمارك؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: بسم الله الرحمن الرحيم، وشكرًا لكم على هذه الفرصة الثمينة بالنسبة لي، أن أطلّ على جماهير ومشاهدي الميادين.&nbsp;</p> <p>الغرب كما تعلمون هو ليس واحدًا، فيه اختلافات وفيه صراعات، جمعتهم المصالح الاقتصادية في ما يُسمّى بالاتحاد الأوروبي الذي لا يتمكّن من رفع رأسه أمام المصالح الأمريكية، وما أزمة أوكرانيا إلا شاهداً كيف أنّ الغرب الأمريكي يُجبر الغرب المُحايد أو المعتدل على الإنجرار إلى هذه الأزمة.</p> <p>في ما يتعلّق بحرق نُسَخ من المصحف الشريف هي غاية صهيونية مُعادية للإنسانية ومُعادية للأمّة الإسلامية طبعًا، لكي تكون هنالك فواصل بين الغرب المُحايد كما نُسمّيه والشرق الإسلامي، لأنّ هذا الأمر لو تمّ بسياقه المُعتاد لأمكن الوصول إلى تفاهماتٍ بين الغرب والشرق على أسُس المصالح المشتركة، ولأنّ الغرب المُتطرّف لا يُريد إيجاد هذه التفاهُمات فدفع هؤلاء المجرمين والحاقدين الذين استُلبَت شخصيّاتهم إلى القيام بهذه الجريمة الخطيرة في حرق نُسَخ من القرآن الكريم.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: وكأنك تربطه بمشروع مستمر سماحة الشيخ، ووضعت مشروعاً صهيونياً، نُريد تفسيراً لذلك؟ وعندما يكون في السويد التي لا توجد لها علاقة بالمعنى الاستعماري إن صحّ التعبير مع باقي الدول الغربية الأخرى كفرنسا وبريطانيا التي شهدنا في منطقتنا في وطننا العربي حضوراً استعمارياً مباشراً لها، لا أدري إذا كانت هناك خصوصية وربط الصهيونية، نحتاج لتفسير بمعنى ماذا نحن أمام مشروع مستمر؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: نعم، المشروع القديم الجديد ولكن بأثواب مُختلفة، والسويد باعتبارها دولة ليست استعمارية كما هي فرنسا وبريطانيا وأمريكا في الوقت الحاضر، أرادوا أن يجعلوها في المقدّمة مُستغلّين ما يُسمّى بالحرية الفكرية أو بالإباحية والتحلّل الذي بدأ يتصاعد في تلك الدول، فدفعوها لتكون هي رأس الرمح في مُواجهة المُقدّسات في عالمنا الإسلامي كما هي رأس الرمح في مواجهة المقدّسات في العالم المسيحي، لأنّهم لا يُقدّسون شيئًا لا من المسيحية ولا من الإسلام بل ولا من اليهودية، إنّما هم يُقدّسون الاستغلال السياسي لليهودية والذي هو الحركة الصهيونية المعروفة.</p> <p>في لقاءاتي مع مشايخ البقاع في الأيام القليلة الماضية وجدت أنّ هذا محل إجماع مشايخ الإسلام من الشيعة والسنّة وأيضًا علماء الدين ورجال الكنيسة، وبشكلٍ واضحٍ جدًا أشاروا إلى أنّ هذا الموضوع غايته أن تكون هنالك مواجهة مع مُثُل الأمم، مُثُل الإنسانية وقِيَمها.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: بما تحمله كلّ الديانات، الإسلامية منها.</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: كل الديانات، والمسيحية، هذه مواجهة مع المُثُل والقِيَم الدينية التي تحمي الأمم وتحمي الشعوب من أجل إسقاطها وإعادة الكَرّة عليها للسيطرة في ظرفٍ استثنائي وهو أنّ المشروع الاستعماري التقليدي بدأ يتراجع، فهم يُريدون أن يجدوا منفذًا جديدًا لمشروعهم المعاصر.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: أنتم كنتم في البقاع في دير اليسوع، فادي الأب إيلي صادر، وهذا أيضًا نموذج عمّا تُمثّلونه سماحة الشيخ، ولديكم تجربة سنقف عندها إن كان بالمعنى الوحدوي للأمّة ككل، ليس فقط بين المسلمين أو مسلمين ومسيحيين، وإنما أمّة بكلّ مُكوّناتها، وأيضًا أنتم لديكم نَفَس عروبي قومي وداعمين للمقاومة. لكن عندما نتحدّث عن مشروعٍ بهذا الشكل وأنا بحثت ووجدت في ما بحثت كانت هناك رسالة من والدكم عام 1922 هذه الرسالة أُرسلت إلى سفير بريطانيا في طهران، كان برسي لورين وكان في حينها كلام من السفير ونُشر أيضًا في الصحف البريطانية بأنّنا نحترم العمائم ونحترم الدين وعلاقتنا طيّبة بالدين الإسلامي وعلمًا أنّه كان هناك نفي للعلماء، في حينها كان العراق تحت الاحتلال البريطاني.</p> <p>نُريد أن نسمع قليلًا من هذه الرسالة؟ وطالما نتحدّث عن هكذا مشروع ماذا في المقابل. لماذا لا نرى مقاومة بالمعنى الفكري وحتى الثقافي؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: المستعمر البريطاني كما تعلمون في منطقتنا والفرنسي في مناطق أخرى كما في سوريا أو الجزائر أراد السيطرة على هذه الشعوب وهذه الأرض من أجل الهيمنة والتسلّط، ولكنّه لم يُفارق لحظة من اللحظات الهجوم على ثقافة الأمّة، لذلك الحرب في الجزائر كانت على الإسلام وعلى العروبة، وفي العراق كانت على الإسلام وعلى العروبة، في تركيا كانت على الإسلام وعلى اللغة العربية وعلى الحروف العربية، في إيران كذلك، فهذه حرب ثقافية على كلّ حال وحرب عقائدية، كانوا يُبطّنون أحيانًا بالجانب السياسي، الجانب الأمني، الاقتصادي، لكن الموضوع الثقافي لم يُترَك في لحظةٍ من اللحظات واليوم تجلّى بأوضح صوَره، كما ذكرتِ أنّ الهجمة اليوم هي على الإنسانية في جانبها العام وثقافتها العامة على الطفل وعلى الأسرة وعلى العلاقات الإنسانية بين الزوج والزوجة بحيث يُريدون أن يُفكّكوا كل هذه الرابطة. لذلك في هذه الرسالة التي كتبها الوالد ردّاً على ما قاله السفير البريطاني في طهران بعد نفي الوالد أو إخراجه من العراق قَصْرًا، قال له أنتم تقولون نحن على علاقة حسنة مع الإسلام والشعوب الإسلامية!؟ هذا نموذج ممّا فعلتموه بالبلاد العربية والإسلامية وضدّ الإسلام والمسلمين، وذكر قائمة طويلة من نفي العلماء وتشريدهم وقتلهم ومحاربتهم.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: ومحاولة تقديم مَن يقود ربما في العراق أو غيرها، هذه نماذج لا تُمثّل فعلًا حقيقة الدين الإسلامي.</p> <p>كيف تُقيّمون موقف العراق في ما تعامل مع ما جرى في السويد من محاولة للإساءة للمصحف الشريف؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: موقف جيّد، ونحن أشدنا به ونَشُدُّ على يد الحكومة رغم أنّنا لا نعترف بالعملية السياسية، لكن نقول كل عمل صحيح سنؤيّده وهذا موقف صحيح وعمل صحيح.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: عندك علاقة مع العملية السياسية في العراق ما بعد الاحتلال، هذا يدفعنا لأن نعود قليلًا وهذا يحتاج لشرح.</p> <p>أنتم من المعارضين كنتم للنظام السابق، نظام صدّام حسين، وقارعتم في داخل العراق مع مجموعةٍ كبيرةٍ من النُخَب ومن العلماء في العراق، لكن في يوم احتلال العراق ونحن نتحدّث لم تكن حينها في بغداد، كنت في بيروت صحيح؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: في بيروت يوم الاحتلال.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: وقلت بأنّه يوم مصيبة كبيرة وأصابك اكتئاب وأنت من الناس الشديدين الذين لا يتأثّرون بالأحداث بطريقةٍ بسيطة. كيف تشرح ذلك؟ كيف اعتبرت إسقاط النظام مُصيبة وأنت أفنيت عُمرك وأنت تحاربه؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: في الحقيقة نحن كنا معارضين للنظام وحتى أُغلق هذه الصفحة مازلنا معارضين له، نعتبره المسؤول عن الكارثة وأُغلق هذه الصفحة.</p> <p>عندما أردنا أن نُغيّر الوضع في العراق أردنا أن نُغيّره نحو موقف إيجابي، وفي يوم 30-11-2002 قبل الاحتلال نحن خرجنا في لقاء معروف وأشرنا إلى خطورة التدخّل الأمريكي في العراق. نحن أردنا التغيير لإصلاح الوضع في العراق لا لإفساده وتدميره وتهديم الدولة، لمّا بدأت أمريكا تتدخّل حتى قبل حصول الاحتلال &nbsp;بسنوات عندما صدر قانون تحرير العراق من قِبَل كلينتون وجماعته، نحن أصدرنا بيانات كاملة، وأخي الأكبر الشيخ محمد مهدي الخالصي كتب رسالة كاملة للأمين العام للأمم المتحدة يُشير إلى خطورة هذا المنحى الذي تتّخذه الولايات المتحدة من الناحية القانونية، لأنّ أخي هو أستاذ قانوني ومُحامٍ معروف في شهاداته القانونية. فأجابه وقال له صحيح نحن لا نقبل بهذا التدخّل الأمريكي، ولكن الأمريكان تجاوزوا كلّ هذه القضايا وقاموا بغزو العراق بعمليةٍ لا قانونية بإجماع الجميع، لذلك نحن وقفنا ضدّها أيضًا وأشرنا إلى مخاطرها، وها هي الأحداث تُثبت أنّ المخاطر التي جرت على العراق لم تكن أقل من المخاطر التي كانت قبل الاحتلال.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: وكانت عندكم رؤية بأنّ النظام سيسقط حتى لو لم تتدخّل الولايات المتحدة الأمريكية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: نعم، كُنّا نتوقّع أنه سيسقط النظام بسبب الكوارث التي فعلها في الداخل والحروب التي أشعلها ولم يكن لها مُبرّر.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: ولذلك تعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية التقطت الفرصة وبهذا حوّلت إسقاط النظام الذي كان سيسقط وفق رؤيتكم لمشروع لها من خلال السيطرة على المنطقة عبر احتلال العراق؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: طبعًا، أصلًا الولايات المتحدة هي التي دفعت النظام إلى أخطائه الكبيرة في بعض الأحيان، خصوصًا الحرب مع إيران ثمّ احتلال الكويت، وهذا هو المنفذ الذي دخلت منه لتحقيق مطالبها وأمنياتها في السيطرة المباشرة، وأنا أعتقد هذا بسبب تراجع الدور الاستعماري التقليدي، كلما &nbsp;يرون أنفسهم تراجعوا يفرّون إلى الأمام كما يُقال، وهذا الذي فعلوه في العراق.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: مُباشرة بعد احتلال العراق أعتقد بشهرين في شهر أيار / مايو 2003 عدتم إلى العراق. حملتم مشروعًا وهو شكّل ظاهرة وحالاً كبيرة، كان لديكم نَفَس جامع وطني لكل العراقيين &nbsp;ليس بمعنى الديانات وإنّما لكل ما يحمله هذا النسيج العراقي من مكوّنات، وكان هناك المؤتمر التأسيسي العراقي الوطني، فيه من الكرد، من الصائبة، من المسيحيين، من المسلمين، مِنَ الجميع، وكانت هناك قاعدة شعبية وكنتم مع المفكّر المرحوم وميض نظمي أحد أعمدة الفكر القومي العربي؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: صحيح، رحمه الله، نحن عندما وجدنا أنّ المشروع الأمريكي قد أصبح واقعًا في العراق، دخل الاحتلال.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: معذرة وللإشارة هو سنّي رحمة الله عليه؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: نعم سنّي شيعي وشيعي سنّي، هكذا، رجل وطني معروف بدوره الكبير، وكذلك أبو نضال الأستاذ سلمان عبد الله وهو من كبار الشخصيات من حزب البعث الذي لم يَقبل بما فعله صدّام في العراق وعارضه من البدايات، وغيره من الشخصيات الوطنية إضافة إلى هيئة علماء المسلمين التي كان يرأسها الشيخ حارث الضاري رحمة الله عليه، فنحن وجدنا القضية بما يلي:</p> <p>الأمريكان احتلّوا العراق ثم قالوا ليس هنالك شعب واحد في العراق، هناك سنّة وشيعة وكرد، التفِتوا إلى هذه النقطة وأتوجّه لجميع المشاهدين، سنّة وشيعة يعني لا يوجد عرب، ألغوا العرب، والعرب هم غالبية الشعب العراقي، فقالوا سنّة وشيعة وعلى السنّة والشيعة أن يتقاتلوا، أما الكرد فجعلوهم قومية لا سنّية ولا شيعية، هم طبعًا مسلمون سنّة وشيعة أيضًا. فالمشروع كان تقسيميًا بخطورة وبأهداف حاقدة على ثقافتنا وتوجّهاتنا، فنحن رفعنا شعار الوحدة، الشيخ علي عبد العزيز إمام جمعة حلبجة الشهيدة هو كان أحد المؤسّسين الكبار للمؤتمر التأسيسي وحاضراً في الجلسات الأولى وكثير من الكرد وكثير من الشخصيات العربية والتركمانية، فكانت هنالك أربعة أجنحة، القومي والإسلامي والسنّي والشيعي إضافة إلى المسيحيين وبقيّة الجهات وحتى دعونا المرجعيات الدينية كافة للمشاركة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: كان هناك من المرجعية الدينية الشيخ حسن السوداني حتى من التيار الصدري وحتى من كلّ المكوّنات، كانت غالبيّة الكتل التي تُمثّل مكوّنات الشعب العراقي كانت موجودة وحورِبتم في البداية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: هذه الظاهرة أزعجتهم وأخافتهم لأنّها تُشير إلى فشل مشروعهم، فبدأوا حربًا شديدة علينا بدعوة إذا أنا شيعي يقولون أنت ذاهب مع السنّة حتى يُشوّهوا موقفنا ويُضعفوه، أو إذا أنت سنّي أنت تسير مع الشيعة، وهكذا الكلام الذي يُمكن أن يُمرَّر على الجَهَلة من الناس. ولكن التجربة الطويلة أثبتت أنّ ما طُرِح في المؤتمر التأسيسي هو الذي يُمكن أن يُنقذ العراق.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: ما الذي طرحتموه؟ وكيف واقع المؤتمر اليوم؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: طرحنا ثلاث نقاط، شعب واحد بمختلف مكوّناته، المساواة في المواطنة، على الجميع أن يُشاركوا. وحدة العراق، لا مجال للتقسيم. استقلال العراق، لا تدخّل أجنبي. والهوية العربية والإسلامية للعراق بالمعنى الشامل مع احترام القوميات الأخرى خصوصًا أخواننا الكرد والتركمان وبقية القوميات.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: كيف تُقيّمون واقع المؤتمر اليوم؟ يُقال بأنّه تمّ التأثير عليه بحجم ما حورِب؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: هو حُجّم في ظاهر الأمر كمؤسّسات ولكنه في الواقع الشعبي مُمتدّ أكثر من الماضي والآن هو يستعيد دوره من جديد من خلال القناعة الشعبية بينما طُرح في المؤتمر كان هو الصحيح وكان يجب أن يستمر ونحن مستمرّون عليه. المؤتمر قائم، الآن هناك أمر جديد إسمه الهيئة الوطنية المستقلّة، بدأت تفعل تجديداً لحال المؤتمر وإن شاء الله ستقوم بدورها الكبير.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: نعود لنقطة العملية السياسية ولديكم موقف ثابت منها لم يتغيّر علمًا أنه من عام 2003 إلى اليوم نتحدّث عن 20 عامًا وكان هناك العديد من الحكومات شُكّلت وانتخابات نُظّمت وأجريت، لكنكم لم تشاركوا ولم تقتربوا حتى في محاولة لما تعتقدونه تصحيحاً ربما للعملية السياسية. أنتم لديكم موقع مهم جدًا، يعني في ما نرى إذا ذهبت إلى الموصل وأنت شيخ شيعي معذرة والموصل تخرج وتحتفي بِكَ وتستقبلك، كذا الأمر بالنسبة لمناطق الكرد في العراق. موقع المدرسة الخالصية عندما نتحدّث للكاظمية في ما لها دلالاة وفي عموم بغداد في ما تُمثّله وفي قربها وفي مُلاصقتها أيضًا للأعظمية السنّية، نرى نوعاً من الظاهرة المفيدة، الإيجابية بشكل كبير في العراق، حدّثنا عن ذلك وعن موقعها ولماذا لا تُستثمر في العملية السياسية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: نحن عارضنا العملية السياسية ليس منذ عام 2003، منذ 1921 بعد ثورة العشرين، لأنّ العملية السياسية منذ ذلك التاريخ وضعتها بريطانيا وفق مصالحها وليس وفق إرادة الشعب العراقي.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: علمًا أنّ الشيخ الخالصي كان من الثوّار في ثورة العشرين؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: هو أصبح القائد الأبرز بعد وفاة الميرزا الشيرازي رضوان الله عليه وشيخ الشريعة.</p> <p>&nbsp;رفضنا العملية السياسية التي يُخطّطها الإنكليز في ذلك الوقت، ورفضنا العملية السياسية التي خطّطها الأمريكان بإشراف الإنكليز وتوجيههم بعد الاحتلال، لأنّها جرت وفق مصالح المحتلّ وليس وفق إرادة الشعب العراقي، وهذا الموقف بالتقييم الدقيق لأنّه يسأل البعض لماذا لم تشاركوا لتغيّروا؟ الجواب أنّ الذي يشارك لا يستطيع أن يُغيّر، بل سيُستَدْرج إلى الأزمة ولا يستطيع أن يُقدِّم شيئًا، وكثير من الإخوة قالوا سنشارك للتغيير ثمّ اعترفوا لاحقًا إننا شاركنا وأخطأنا في مثل هذا العمل.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: بما فيها القوى المقاوِمة العراقية التي دعمتها لمقاومة الاحتلال؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: طبعًا، نحن قوى المقاومة نُميّزها هي التي ثبتت على الموقف، أما التي تغيَّرت فتتحمّل مسؤولية التغيير. اليوم في الأعظمية اتصلوا بي قالوا هنالك مؤتمر عام في الأعظمية - شيعة وسنّة طبعًا، الأعظمية منطقة سنّية في الأغلب - ماذا يدعون؟ يدعون إلى مقاطعة الانتخابات، علمًا أنّ الذين قاموا بهذا العمل قد شاركوا في الانتخابات الماضية، لاحظوا كيف أصبح التغيير قائماً لأن لا أفق في داخل العملية السياسية لإنقاذ العراق.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: يُفترض أن يكون هناك تغيير، ما شكل التغيير؟ وهل هو مُرتبط بالوجود الأمريكي في العراق؟</p> <p>إسمح لي أن أنقل لك مشاركة جاءتك على مواقع التواصل الاجتماعي من فايسبوك، يقول لك محمد: "ما مصير الوجود الأمريكي في العراق الذي - كما يقول - يُساند الوجود الأمريكي في سوريا؟".</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: الوجود الأمريكي في العراق الآن مُحاصَر بما جرى من عملية المقاومة وبرفض العراقيين لهذا المشروع، هناك وجوه مأجورة أعتقد تُريد أن تُحسّن الوجود الأمريكي بل تدعو إلى تدخّله في العراق مباشرة وهذه أصبحت مرفوضة، إذا كانت هنالك غيبوبة قد حصلت في الفترات الماضية خدعت البعض فلا يوجد لها أثر.&nbsp;</p> <p>أما التصاقها بالمشروع في سوريا فهذا واضح، سوريا دفعت ثمن رفضها للاحتلال الأمريكي في العراق، وهذا الذي جرى في سوريا من أجل هذه الغاية، لأنّ القيادة السورية والرئيس بشّار الأسد شخصيًا استقبل كولين باول ورفض كلّ الضغوط التي جاء بها من أجل تبرير احتلال العراق.&nbsp;</p> <p>أنا أعتقد أنّ المشروع الأمريكي بهذه الخطوات هو يهرب إلى الأمام، هو مشروع مُتراجع، انتكس على يد المقاومة العراقية في داخل العراق وعلى رفض الشعب العراقي العام والشامل للانتخابات المزيّفة التي قاموا بها لأكثر من مرة، انتكس في عام 2006 في حرب تموز في المعركة البطولية التي خاضتها المقاومة كما خاضتها قبل ذلك، انتكس في غزّة واليوم ينتكس في الضفة الغربية، هذا كلّه مشروع معادٍ للأمّة، فلا تستطيع أمريكا الآن أن تُرمّم هذا المشروع بهذه الخطوات.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: ما مصير هذا الوجود؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: الهروب والخروج من المنطقة، يجب أن يخرجوا من المنطقة وإلا سيُدفنون فيها.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: وهذا مُرتبط بأن نرى تغيّرات في العملية السياسية؟ إلى أيّ حد الوجود الأمريكي سيؤثّر بشكل العملية السياسية التي تعتقدون أنّها لصالح الشعب العراقي؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: أنا أعتقد أنّ الذي يُتمّم هذا المشروع هو اجتماع الشعب العراقي والشعب السوري وشعوب المنطقة على موقف واحد في رفض الاحتلال فإمّا يخرجوا بالسلم والاحترام كما يُقال أو يخرجوا بطُرقٍ أخرى.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: وأنتم داعمون لهذه الطُرق الأخرى، نتحدّث عن المقاومة بكلّ أنواعها، المقاومة العسكرية الميدانية، ودعمتم المقاومة في العراق وكذا في لبنان، علاقتكم طيّبة مع حزب الله أيضًا والمقاومة الفلسطينية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: جوهر وجود الأمّة هو المقاومة في لبنان، في فلسطين، في العراق، في سوريا، في أيّ مكان، أيّ مكان فيه أمةّ يجب أن تُقاوِم وإلا ستُنتَهك الأمّة وتُفتّت وتُبدَّد.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: لأنّه نتحدَّث عمّا يُمكن أن نُسمّيه لا أدري هي ظاهرة الشيخ جواد الخالصي، لديكم رؤى جامعة واعتبرتم أساسًا بأنّ هذا الخطاب الجامع هو الذي يُمكن أن يلمّ شمل الأمّة. أنتم أيضًا عضو في المؤتمر القومي العربي أعتقد سنة 2003 دخلتم إلى المؤتمر، وأنتم في الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، وزميلك في الأمانة العامة فيما جاء في المشاركات أرسل لك سؤالًا وأنا انتقيت منه مجموعة أسئلة، كان لديه الكثير ممّا حمله في هذه المشاركة لكم سماحة الشيخ. السيّد خلف المفتاح قال: "كيف نجعل من التنوّع في المجتمع العراقي عامل تفاعل وتناغم؟ وكيف يرى السيّد الخالصي العلاقة بين العروبة والإسلام؟ هل يمكن جَسْر الهوّة بين التيّارين القومي والإسلامي وصوغ رؤية جديدة ومصالحة تاريخية بينهما؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: ما جرى في المؤتمرات الثلاثة، القومي العربي والقومي الإسلامي والأحزاب العربية، هو مُحاولة للإجابة على هذه الأسئلة، وأعتقد أنّه إذا كنّا قد مضى علينا 20 سنة ونحن نجد الأجوبة الكافية أو نُحاول إيجادها فإنّها في نظري يُمكن أن توصلنا إلى قناعات واضحة. أولًا، أنا شخصيًا أعتقد أنّ العلاقة بين العروبة والإسلام هي علاقة &nbsp;تداخُل وجوهرية، أنا عربي وديني الإسلام، الجزائريون كانوا يقولون الجزائر وطني والعربية لغتي والإسلام ديني، وعلى هذا الأساس قامت الثورة.</p> <p>في المغرب العربي، أي المناطق المغاربية، أصلًا لا يُطرح سؤال العروبة والإسلام، عندنا في المشرق ما كان يُطرح، الدكتور وميض نظمي رحمه الله عنده أطروحة مُهمّة "الجذور الثقافية للثورة العربية في العراق"، يقول فيها إنّ العروبة والإسلام كانا شيئًا واحدًا في العراق، هذا من جانب. من جانبٍ آخر، التوجّه القومي العربي، هذا سؤال مُهم، نحن نعتقد أنّ التوجّه القومي العربي هو يجب أن يحتفظ بالرسالة ليحتفظ بالشخصية العربية، فما هي الرسالة؟ الرسالة أيضًا في نظرنا هي الإسلام، أمر جامع وليس أمرًا مُفرّقاً حتى يُمكن أن نختلف حوله.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: وأنتم لا تعتبرون أنّه يجب فصل الدين عن السياسة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: بالعكس، الدين يجب أن يقود السياسة ويجب أن يُوجّهها، ومَن يفصل الدين عن السياسة يُجمّد ثلاثة أرباع أحكام الدين، هذا الذي يجب أن يستمر.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: وذلك الآن صالح في هذا التوقيت؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: طبعًا، ما يُسمّى بالأحزاب الدينية أو الإسلام السياسي هذه محاولات للتشويه، الإسلام بطبيعته سياسي، لكن مرة يكون سياسيًا بيد أعدائنا، مرة يأخذه مُتطرّفون، مرة تأخذه الأمّة لكي تنهض به كما نهض به الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: هل أنتم مطمئنّون لواقع الأمّة، لمستقبل العراق، خصوصًا الآن هناك هجمة كبيرة وهناك محاولة لتحركّات وإعادة إحياء التوتّرات ويحضر التطبيع؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: هذا أمر صحيح، توجد مخاطر كثيرة لكن أنا أعتقد أنّ الأمة إذا كانت حاضرة وكان علماء الدين وليس شخصًا واحدًا إسمه جواد الخالصي، أنا فرد من عشرات، وهناك مَن هم أكبر مني وهناك مَن هم إلى جانبي، هذا الحضور إذا تمّ فالأمّة في مأمن إن شاء الله وستسير نحو مستقبل واعد.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: ما الذي تقولونه عن علاقتكم بالمقاومة في لبنان، حزب الله، الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: لو أردت أن أقول سيطول المقام، لكن أقول أنّ ضمير الأمّة في المقاومة والمقاومة في لبنان بشخص أمينها العام والمقاومة في كلّ مكان هي التي تُمثّل الضمير الحيّ للأمّة في قناعاتنا البعض قد لا يعجبه هذا الكلام فليذهب إلى ما يشاء، هذا هو الواقع. والمقاومة في لبنان والمقاومة في فلسطين نموذجان رائعان بتلاحمهما، وأثبتا أنهما لا يمثلان الطائفية ولا يمثلان الإقليمية، بالعكس تمامًا، هي فُرضت عليهما أحيانًا، المقاومة قامت في لبنان قال البعض لا تدعو لهم لأنهم شيعة، قامت في فلسطين قالت لا تدعو لهم لأنّهم سنة متحالفون مع الشيعة، يعني هم ضدّ المقاومة بالحقيقة، أما المقاومة الحقيقية فهي التي تستند إليها الأمّة في حركتها المعاصرة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: نحن نتحدّث أيضًا في ما أشرت عندما قلنا بأنك في الأمانة العامة للمؤتمر القومي أيضًا كنتم ضمن وفد المؤتمر، الأمانة العامة عقدت اجتماعها في دمشق والتقت الرئيس السوري بشّار الأسد، وكان هناك حديث أيضًا عن موضوع الهوية وأنتم تطرحون مشروع الهوية الجامعة على أنّها الأساس للتخلّص ربما من التطرّف والحفاظ على الهوية الخاصة بأمّتنا؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: أنا أدعو الإسلاميين في كلّ مناطق الأمّة العربية، الكردية، التركية، الفارسية، الهندية، أن يُقدّسوا ويحترموا انتماءاتهم القومية، ولكن أدعوهم جميعًا أيضًا العروبيين أو القوميين في كلّ المناطق أن يعرفوا أنّ الرسالة الجامعة هي الإسلام، الإسلام المُنفتح، الإسلام الراقي، الإسلام الذي يُنهِض الأمم، الإسلام الذي أنقذ العرب من الجاهلية إلى أن يكونوا مُعلّمي الأمم، هذا الإسلام يستطيع أن يُنقذنا ويُنقذ البشر اليوم. التركي الجاهلي العلماني لماذا يُعادي الإسلام؟ أو العربي العلماني لماذا يُعادي الإسلام؟ أو الفارسي كذلك؟ الإسلام يجمعنا وينهض بأمّتنا وعلينا جميعًا أن ننتهجه لأنّ هذا الذي يحفظ لنا شخصيّتنا وهويّتنا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: شكرًا لكم سماحة الشيخ وأنتم لديكم عائلة جميلة، لديكم ثمانية أولاد، ستة منهم من البنات، وتقول علاقتك أطيب وأمتن وافضل مع البنات وهذا أيضًا فيه من الرسائل الجميلة. لكن لم تقل لي لماذا علاقتك أفضل؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>جواد الخالصي: كما يُقال البنات حسنات والأولاد نِعَم، فالحسنات يجب أن يشكر الإنسان الله عليها.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: شكرًا جزيلًا لك، حفظهم الله لك وأبقاك الله بهذه الهمّة سماحة الشيخ جواد الخالصي وأنت الأمين العام للمؤتمر التأسيسي العراقي الوطني على المشاركة معنا في برنامج بإيجاز.</p> <p>موعدنا يتجدّد الأسبوع المقبل مشاهدينا ودائمًا بإيجاز، إلى اللقاء....&nbsp;</p>