حسام حمو: نجاح رقمي أردني
تمضي بنا الحياة سريعة في عصر رقمي وسع للأحلام آفاق العالم، شركات ناشئة يؤسسها شباب في أول العمر اقتحمت عالم الأعمال ونجحت، حسام حمو قرر مع "طماطم" أن يقتحم عالم الألعاب الإلكترونية. هل فشل المحاولة الأولى أحبطه... أم لا شيء مستحيل؟
نص الحلقة
<p>تمضي بنا الحياة سريعةً في عصرٍ رقمي وسّع للأحلام آفاق العالم، شركاتٌ ناشئة يؤسّسها شباب في أول العُمر اقتحمت عالم الأعمال ونجحت، حسام حمو قرّر مع "طماطم" أن يقتحم عالم الألعاب الإلكترونية، هل فشل المحاولة الأولى أحبطه أم لا شيء مستحيل؟</p>
<p>لانا مدوّر: مرحباً حسام، هل كانت حياتك سهلة؟ </p>
<p>حسام حمو: بالتأكيد لا، برأيي أن أيّ رائد أعمال إما أن يشعر أنه مُتحمّس أو بأن هذا آخر يوم في حياته.</p>
<p>لانا مدوّر: بماذا تشعر اليوم؟ </p>
<p>حسام حمو: ممتاز ولكن هذه التقلّبات هي السِمة الغالبة على أيّ شخص يفكّر بتأسيس شركة. كنتُ مُبدعاً في صِغري وأقوم بأعمالٍ يدوية، لم يكن تركيزي على الدراسة، في أية عائلة عربية يجب أن تنال المجموع الأعلى كي تصبح طبيباً، هذا كان هدف أهلي.</p>
<p>لانا مدوّر: ماذا كانت اهتماماتك؟ </p>
<p>حسام حمو: الرسم والفنون والحواسيب، اشتريتُ أول حاسوب في الصف التاسع. </p>
<p>لانا مدوّر: كيف اشتريته؟</p>
<p>حسام حمو: ادّخرتُ المال واشتريته، قبل ذلك كنا نذهب إلى مقاهي الإنترنت. </p>
<p>لانا مدوّر: كنتَ تلعب؟ </p>
<p>حسام حمو: كلا كنتُ أعمل في مجال الفوتوشوب وأتعلّم التصاميم، صاحب المقهى قال لي ما رأيك أن تعطي دورات للذين يأتون إلى هنا. </p>
<p>لانا مدوّر: كم كان عُمرك؟ </p>
<p>حسام حمو: 15 سنة، نظّمتُ دورة من عشر حصص وحصلت على 20 دولاراً مقابلها، وكان هذا الراتب الأول الذي أحصل عليه. </p>
<p>لانا مدوّر: ماذا فعلتَ بها؟ </p>
<p>حسام حمو: اشتريتُ بها الطعام.</p>
<p>لانا مدوّر:ماذا درستَ في الجامعة؟ </p>
<p>حسام حمو: درستُ علوم الحاسوب لأن معدّلي لم يسمح لي بدخول الطب. كان هناك تحدٍّ مع نفسي حول إذا ما كان قراري صائباً أو لا.</p>
<p>لانا مدوّر: ولكن هل كنتَ تعلم أنك ستصبح هذا الشخص الناجح الذي نراه هنا في الصوّر؟ </p>
<p>حسام حمو: كنتُ مؤمناً بأنني سأفعل شيئاً مختلفاً، أحدهم يقول حلمي بألا أكون موظّفاً، لم تكن لديّ هذه المشكلة يوماً بل على العكس كان يمكن أن أعمل في شركة كبيرة وناجحة وأبدع فيها، حين تخرَّجتُ من الجامعة عملتُ في شركة، ولم أقل يستحيل أن أعمل عند أحد.</p>
<p>لانا مدوّر: ماذا تعلّمتَ من تجربة الوظيفة؟ </p>
<p>حسام حمو: من الجيّد أن تتعلّم من الآخرين وهذا يُسرِّع مهمّتك في التعلّم. حين تخرَّجتُ من الجامعة تقدَّمتُ إلى الوظيفة وقلتُ لهم إنني مستعدّ لعمل أيّ شيء، معلوماتي في البداية كانت محدودة وكنتُ مستعدّاً لتلقّي أية معلومات وبأيّ مقابل.</p>
<p>لانا مدوّر:كم كان راتبك؟</p>
<p>حسام حمو: 300 دينار أي حوالى400 دولار. حظّي كان رائعاً أنه بعد مرور ستة أشهر على عملي في هذه الشركة قرَّروا القيام بمشروعٍ ريادي فتعلّمتُ كيفية القيام بالمشروع من الصفر، قلتُ لمديري إنني أريد العمل معهم فرفض وقال لي ركِّز بما تفعله. </p>
<p>لانا مدوّر: هل كَسَر آمالك؟ </p>
<p>حسام حمو: جداً، فقرّرتُ أن أضع مُخطّطاً وقدّمته له، قلتُ له أن لديّ فكرة ستضيف شيئاً مهمّاً لما تريدون فعله.</p>
<p>لانا مدوّر: ماذا كانت الفكرة؟ </p>
<p>حسام حمو: منصّة اجتماعية مثل فايسبوك ولكن الفايسبوك لم يكن موجوداً في 2006، قدّمت له مخطّطاً لموقع باسم "فايع دوت كوم".</p>
<p>لانا مدوّر: وماذا حصل بفايع دوت كوم؟ </p>
<p>حسام حمو: قرَّرتُ أن أسير بالمشروع وحدي وكانت هذه الشرارة لأسير خطوةً إلى الأمام، تقدَّمتُ بفكرتي إلى مسابقة في الأردن إسمها مسابقة الملكة رانيا للريادة وفزتُ وأسَّستُ شركة وبعتها ل "مكتوب".</p>
<p>لانا مدوّر: بكم بعتها؟</p>
<p>حسام حمو: حوالى 15 ألف دولار. انتقلتُ إلى شركة "مكتوب" وعملتُ بها كمدير للبرامج. </p>
<p>لانا مدوّر: كيف تركتَ هكذا شركة مهمّة؟ </p>
<p>حسام حمو: قلتُ لهم إنني أريد فعل شيء مهمّ للشركة ورفضوا. كنتُ أرى أن هناك فرصة كبيرة في مجال الألعاب في الوطن العربي بشكلٍ خاص، فتقدَّمنا جميعنا بالاستقالة وأسّسنا شركة ويزاردزفي العام 2009، حين قرّرنا تأسيس هذه الشركة كان ذلك في خضمّ الأزمة الاقتصادية العالميةـ، تخيّل أن تترك عملك وحياتك لتأسيس شركة بعشرة آلاف دولار، استحصل صاحبي على مبلغ 20 ألف دولار إضافية فكان رأسمال الشركة 30 ألف دولار.</p>
<p>لانا مدوّر: كنتم أربعة فقط؟</p>
<p>حسام حمو: نعم وثلاثة مستثمرين.</p>
<p>لانا مدوّر: هل فشلت ويزاردز؟</p>
<p>حسام حمو: هي كانت نقطة تحدٍ بالنسبة لي لأنه بعد تأسيس الشركة بثلاثة أشهر بيعت "مكتوب".</p>
<p>لانا مدوّر: هل أزعجك ذلك؟ </p>
<p>حسام حمو: خسرتُ أنا وصاحبي مليون دولار، الأمر صعب. كان عُمري 24 عاماً حينها، خلال السنة الأخيرة من عملي في الشركة لم أتقاض راتباً بل صرفتُ كل ما ادَّخرته طيلة حياتي إلى حين قيام الشركة. </p>
<p>لانا مدوّر: ومن الفشل خرج هذا المشروع.</p>
<p>حسام حمو: مئة بالمئة. </p>
<p>لانا مدوّر: مرحلة الفشل يكون فيها الكثير من التحدّيات والصعوبات، هل قلتَ لنفسك دعني من هذا العمل.</p>
<p>حسام حمو: نعم. خلال المرحلة الانتقالية بين "ويزاردز" و"طماطم" كانت هذه أكثر كلمة أسمعها، فشلت شركتك قُم بأيّ عمل آخر، هناك مَثل يقول"أحياناً ننجح وأحياناً أخرى نفشل" ولكن ما تعلّمته أنه أحياناً ننجح وأحياناً نتعلّم، وهذا ما جعل سيليكون فالي ناجحة، لأنهم بحثوا على مؤسّسي الشركات الذين فشلت شركاتهم للاستثمار بها، أنت تعلّمتَ وكلفة تعليمك كانت باهظة جداً.</p>
<p>لانا مدوّر: كم كانت تكلفة تعليمك؟ </p>
<p>حسام حمو: حوالى 400 ألف دولار في ويزاردز.</p>
<p>لانا مدوّر: ماذا كانت نقطة الضعف فيها؟ </p>
<p>حسام حمو: كل ما فعلناه كان جيّداً ولكن الخطأ الكبير الذي أفشل الشركة هو أننا كيف نفكّر بأبعد مما نستطيع فعله، زوّدنا الاستثمار وأهملنا ما يجلب المال. </p>
<p>لانا مدوّر: ماذا تعلّمتَ من هذه التجربة؟</p>
<p>حسام حمو: أولاً بأنه يجب على ريادييّ الأعمال التفكير بالربح، ثانياً أن تعرف حجمك، رحم الله امرئ عرف قدر نفسه. هذه الآلة صنعها صديقنا ديفيد جمعها من الصفر. </p>
<p>لانا مدوّر: كيف بدأت الشركة؟ </p>
<p>حسام حمو: بعد إقفال الشركة حاولتُ مع المستثمرين ولكنهم لم يقبلوا العمل معي، تقدّمت إلى "فايف هندرد ستارت أبس" في أميركا كمُسرِّعة أعمال عالمية تستثمر في الشركات الناشئة وقُبِلت. حين سافرتُ من عمّان لم يكن لديّ المال فاستدنتُ من أهلي كي أصل إلى أميركا وقمتُ بسداد المبلغ، هذه التجربة كانت مهمّة وكنتُ مؤمناً ومدفوعاً بعدم الفشل.</p>
<p>لانا مدوّر: هل أهلك كانوا مؤمنين بخطوتك هذه؟ </p>
<p>حسام حمو: حين أقفلت شركتي السابقة قال لي أهلي القرار لك وأن أصحابي الذين من عُمري تزوّجوا وأصبح لديهم أبناء.</p>
<p>لانا مدوّر: كم كان عُمرك؟</p>
<p>حسام حمو: 30، وأنا لا زلتُ أكتشف وأحاول ولا مال لديّ، ذهبتُ إلى سليكون فالي وعدتُ منه إلى عمّان وبنظرهم لم أنجح، كانت فترة الستة أشهر هذه من حياتي صعبة للغاية، ابتكرتُ لعبة إسمها أربع صوَر، ترين أربع صوَر مختلفة وعليكِ أن تعرفي الرابط بينها، لعبة بسيطة أنجزتها وتعلّمتُ كل ما له علاقة بالتطوير وأطلقتُ اللعبة، بدأت الأرقام بالتصاعد بمجرّد صدور اللعبة، وهذا يعني أن ما كنتُ أقوله للناس حقيقياً، عدتُ إلى عمّان بعد ستة أشهر وبدأتُ بتأسيس فريق وبدأت الشركة تكبر. </p>
<p>لانا مدوّر: في أية سنة</p>
<p>حسام حمو: 2013.</p>
<p>لانا مدوّر: أي حوالى العشر سنوات.</p>
<p>حسام حمو: نعم. </p>
<p>لانا مدوّر: كيف تجنون المال في مجال الألعاب؟</p>
<p>حسام حمو: إما عن طريق الإعلانات أو عن طريق مموّلين. </p>
<p>لانا مدوّر: فوربس تحتفل بأكثر مئة شركة ابتكاراً للعام 2017 ومن ضمنها شركة تصنّع البندورة وتزرعها، لماذا أسميتَ الشركة طماطم؟ </p>
<p>حسام حمو: الطماطم هي الكلمة الأصلية للبندورة، وهي كلمة مشتركة في معظم لغات العالم فكانت الفكرة هنا وعرَّبنا الإسم.</p>
<p>لانا مدوّر: إذا تأمّلتَ في العشر سنوات الفائتة أية مرحلة كانت الأصعب؟ </p>
<p>حسام حمو: بداية تأسيس الشركة كانت صعبة جداً لإقناع نفسي والمستثمرين بالإيمان بهذه الشركة.</p>
<p>لانا مدوّر: وبعد هذه المرحلة؟ </p>
<p>حسام حمو: الفشل بعد النجاح.</p>
<p>لانا مدوّر: كيف ذلك؟ </p>
<p>حسام حمو: حين تجنين ألف دولار شهرياً مثلاً ثم مئة في الشهر التالي، هذا تراجُع. نحن كشركات ناشئة بشكلٍ عام نركِّز على النموّ المستمر للأرباح شهراً بعد شهر، الليالي التي لم أنم فيها لا تُحصى.</p>
<p>لانا مدوّر: هل تغيَّرتَ كثيراً منذ بدأتَ حتى اليوم؟ </p>
<p>حسام حمو: بالتأكيد، طريقة إدارة الشركة والرؤية وطريقة التعامل مع الناس، كنتُ أتعامل مع المواضيع بشكلٍ شخصي وبحساسية عالية، وكنتُ مؤمناً بألا أحد يفعل أفضل مما أفعله، وأن عليّ أن أقوم يدوياً بكل شيء فاستغرق الأمر مني وقتاً طويلاً حتى وثقتُ بالناس وبإمكانية تسليمهم العمل، وأنه في حال عدم تمكُّني من الحضور إلى المكتب وإغلاق هاتفي فإن العمل يستمر. </p>
<p>لانا مدوّر: هذا مهم جداً لأن الشباب يفكّرون بتأسيس شركات وجني الأموال فقط.</p>
<p>حسام حمو: عشر سنوات من العمل والتعب المتواصل تمكّنت من الحديث عن شركة تقف على قدميها اليوم.</p>
<p>لانا مدوّر: هل صحيح أن رجال الأعمال يصبحون ماديين لدرجة أنهم يفتقدون إلى الأمور الروحانية في حياتهم؟ </p>
<p>حسام حمو: لا أظنّ أن هذه طريقة تفكير صحيحة.</p>
<p>لانا مدوّر: أنت كيف تفكّر؟</p>
<p>حسام حمو: حين تدخل الأمور المادية في حياة الشخص يبدأ يشعر بالفراغ.</p>
<p>لانا مدوّر: حين أقول لك خسارة بماذا تفكّر؟ </p>
<p>حسام حمو: توفّى والدي قبل شهرين وأختي بعده بأسبوعين، كانت فترة صعبة جداً خصوصاً وأن والدي توفّى بسبب كورونا، وأختي كانت مصابة بالسرطان وتدهورت الأمور بشكلٍ مُتسارع.</p>
<p>لانا مدوّر: كيف استوعبتَ هذه الخسارة الكبيرة؟ </p>
<p>حسام حمو: كل شخص يتعامل مع الموضوع بطريقة مختلفة، أنا مؤمن بأن وجودنا في هذه الحياة محدود وسنرحل، ما يعزّيني أن أبي في مكانٍ أفضل وفخور بما أفعله، وأختي كذلك الأمر، كنت أحبّها وتحبّني، ألامس روحها بين أبنائها. </p>
<p>لانا مدوّر: حين سألتك ما هي أعظم خساراتك لم تتحدّث عن المال. </p>
<p>حسام حمو: بالتأكيد، المال يأتي ويذهب، أنا لا أشعر بأنني أعمل من أجل المال.</p>
<p>لانا مدوّر: من أجل ماذا تعمل؟</p>
<p>حسام حمو: النجاح هو التحدّي الرئيسي بالنسبة لي، أن أغيِّر في مجتمعي. </p>
<p>لانا مدوّر: ولكنك شخص ناجح، ماذا تريد أيضاً؟ </p>
<p>حسام حمو: الطريق طويل.</p>
<p>لانا مدوّر: أليس لديك شيء مستحيل؟ </p>
<p>حسام حمو: حين يكبر الشخص يدرك بألا شيء مستحيل، قبل بضعة أيام قرأتُ أمراً أنه كي تتعلّم أيّ شيء في الحياة عليك أن تكرِّس له 20 ساعة من العمل المتواصل، 20 ساعة من التعلّم والممارسة تغيِّر حياتك تماماً. </p>
<p>لانا مدوّر: أنت تحب الطماطم إذاً. </p>
<p>حسام حمو: جداً.</p>
<p>لانا مدوّر: ولكنها تُسبِّب السمنة. </p>
<p>حسام حمو: لماذا؟</p>
<p>لانا مدوّر: لا أعرف. </p>
<p>لا معنى للفشل في قاموس الطامحين سوى أنه جزءٌ لا يتجزَّأ من النجاح، أحياناً نظنّ أن خياراتنا كانت سيّئة ليتبيّن العكس لاحقاً، لا تحكم على خيارك بزمنه الحاضر، تمسَّك برؤيةٍ بعيدة المدى، اِعمل ودَع الوقت يقرّر، قد تكون أسوأ القرارات هي أفضلها، قد تكون هي التي سترسم لك هدفك، نجاحك وحياتك الآتية لأنّ لا شيء مستحيل.. </p>
<p> </p>