المتاهة.. وأميركا في وسطها
السباق الرئاسي بين كامالا هاريس ودونالد ترامب، وما تشهده الولايات المتحدة من انقسامات في الشارع الأميركي وتراجع في أدائها الاقتصادي.
نص الحلقة
<p> </p>
<p>مايا رزق: طابت بالخير أوقاتكم مشاهدينا الكرام. </p>
<p>ليس سهلًا أن يجري تصنيفك مايسترو نادي الكبار وتجد نفسك فجأة تائهًا عن ضَبْط أيّ إيقاع على المسرح العالمي.</p>
<p>ليس سهلًا أن تحمل شعارات الديمقراطية والحرية والمُساوة والإنسانية وتجد تبريرًا للتصفيق لجزّار العصر ولدعم إبادة مُتَلْفَزَة.</p>
<p>ليس سهلًا أن تُخطّط لعقود كيفية إشعال الحروب وانتهائها فتجد نفسك غارِقًا في وحولها إلى الأبد ومن مستنقعٍ إلى آخر. </p>
<p>ليس سهلًا أن تتغنّى بدولة القانون والنظام وتجد شوارعك رَهْن سلاح مُتفلّت ومُتهوّر.</p>
<p>ليس سهلًا أن تنظر بالدينامية السياسية وتعيش واقعًا من التكلُّس السياسي والترهُّل الحزبي. </p>
<p>ليس سهلًا أن تُحاضِر في فنّ الخَطابة وتجد نفسك أمام خطابات سياسية استعراضية سطحية ومُخْزية.</p>
<p>ليس سهلًا أن تعتقد أنّك أخطبوط العلاقات الدولية ليتّضح أنك في عُزلة.</p>
<p>ليس سهلًا أن تتغنَّى بواحدةٍ من أقوى العملات وتُقرِّر خَنْق عشرات البلدان اقتصاديًا فيتكشّف للجميع وجود حياة بعيدًا من الدولار ورغم العقوبات.</p>
<p>ليس سهلًا أن يُخيَّل إليك أنّك وصلت إلى نهايةٍ لكل ما تقدّم من وقائع ليتّضح أنك تائِه وعليك العودة إلى البداية.</p>
<p>ليس سهلًا أن تضيّع المسار وتتوه عن الحل. إنّها المتاهة وأمريكا في وسطها.</p>
<p>فأهلًا ومرحبًا بكم في متاهة أمريكا.</p>
<p> </p>
<p>نقطة البداية في متاهة أمريكا ستكون دائمًا مع مدير مكتب الميادين في واشنطن منذر سليمان، إذًا أهلًا ومرحبًا بك منذر.</p>
<p>نقطة البداية مُشاهدينا مع أبرز ما طبع المشهد الانتخابي خلال هذا الأسبوع. </p>
<p>قبل ساعات لم تكن حوادث القتل الجماعي عنوانًا رئيسًا في الخطاب الانتخابي الأمريكي، لكن على ما يبدو سيفرض هذا الموضوع نفسه في خضمّ حملة انتخابية مُحْتَدِمة.</p>
<p>قبل شهرين من موعد الاستحقاق 4 قتلى و9 جرحى في ثانوية في ولاية جورجيا ومُطلِق النار طالب مُراهِق. وتشير التقارير إلى أنّ 30 حادث إطلاق نار شهدتها الولايات المتحدة منذ بدء هذا العام، قُتِل فيها 131 شخصًا فيما يبدو واحدًا من التحدّيات الدائمة لأيّ رئيس أمريكي. فماذا قال دونالد ترامب وكامالا هاريس في هذا الموضوع؟</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: منذر مُجدّدًا أرحِّب بك، لا جديد في كلام ترامب ولا حتى في هذا المجهود الذي تحاول كامالا هاريس إظهاره من تعاطُفٍ ووجدانية، ولا جديد أيضًا في عَجْز أيّ مُرشّح أو أيّ رئيس في التصويب على التعديل الثاني في الدستور الأمريكي الذي يُعطي الحقّ لكل مَن يرغب بأن يكون معه سلاح، لماذا؟</p>
<p> </p>
<p>منذر سليمان: فعلًا هو وباء بالنسبة لأمريكا لأنها الدولة الوحيدة في العالم التي تُعاني من هذا الأمر ويتكرَّر بشكلٍ مُتواصِل، وحوادث ما يُسمَّى بإطلاق النار الجماعي أو القتل الجماعي في المدارس في أماكن العمل، وفي المناسبات إنْ كانت هناك احتفالات أو غيرها، كل ذلك يدلّ على أنّه بالفعل هذا وباء لا تستطيع الشفاء منه الولايات المتحدة لأنه مغروز في الدستور، مغروز في الدستور موضوع امتلاك السلاح. وبالتالي هذه الإشكالية تفرض على الولايات أن يتمّ إجراء تعديلات قانونية داخلية حول امتلاك السلاح وتختلف من ولايةٍ إلى أخرى، ولكن المُلاحَظ هذا الموقف العمومي الديماغوجي لترامب مقابل موقف مُحدَّد انتقادي من هاريس، وهذه هي قصّة المشكلة، هناك تقليديًا لوبي السلاح، نتحدَّث عن لوبي السلاح الفردي وليس المجمع الصناعي الحربي، لوبي السلاح الفردي هو مع الحزب الجمهوري ويُؤيِّد ترامب وأيَّده سابقًا، وهذا قطاع واسع في الداخل الأمريكي، بينما في المقابل رغم أنّ "والز" على فكرة هو مَن يمتلك السلاح الفردي ويُمارس أعمال الصيد ولكن هناك فرق بين أن تكون هناك أعمال للصيد بأسلحةٍ مناسبةٍ للصيد وبين امتلاك الأسلحة الأتوماتيكية وانتشارها بهذا الشكل، طبعًا هذا سيكون عاملاً إضافياً من القضايا التي تُطرَح والتي يستطيع فيها الحزب الديمقراطي تسجيل نُقاط على الحزب الجمهوري، ولكن عندما تذهب الأمور إلى صناديق الاقتراع لن يكون أمرًا حاسِمًا، هذا الأمر لن يحلّ إلا على صعيد الولايات، وإلى أن نصل إلى المستوى الفدرالي وهذا ما يُحاول فيه الحزب الديمقراطي أن يتّخذ الكونغرس إجراءات، هذا الأمر يتطلّب وقتًا حتى تكون هناك أغلبيّة في المجلسين يمكن أن تُقدِّم تشريعات تضبط هذا الأمر.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: إذًا بينما يبقى السلاح المُتفلّت ربما مُعْضِلة لا يمكن حلّها تستعدّ ولاية بنسلفانيا لاستضافة المُناظرة التي يترقّبها الجميع بين كامالا هاريس ودونالد ترامب في العاشر من الشهر الجاري.</p>
<p>90 دقيقة هي مدّة المُناظَرة في مدينة فيلادلفيا وفيها سيخضع المُرشّحان لقواعد عدّة من بينها كَتْم مايكروفون أحد المُرشّحين خلال حديث الآخر وعدم السماح بالمُلاحظات المكتوبة مُسبقًا على المسرح وعدم مشاركة الموضوعات أو الأسئلة مُسْبقًا وعدم السماح للمُرشّحين بطرح أحدهما أسئلة على الآخر.</p>
<p>أما مَن سيُدير المُناظًرة التي ستخلو من الجمهور فهما مذيعا ABC ديفيد ميور ولندسي دايفيس.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: بنسلفانيا التي ستشهد المُناظرة بين ترامب وهاريس يبدو أنّها الولاية الأهمّ في السباق الرئاسي هذا العام وقد تحسم إسم الرئيس الجديد إلى جانب ولاية أخرى هي جورجيا. جاء ذلك في استطلاعٍ جديدٍ للـCNN في ست ولايات مُتأرِجحة، ووفق الاستطلاع فإنّ هاريس حسَّنت بشكلٍ كبيرٍ فُرَص حزبها في الحصول على 270 صوتًا من المجمع الانتخابي اللازمة للفوز، لكن ذلك يعتمد على عدم توقّف هذا الزُخم في وقت لا تزال لدى ترامب فرصة جادّة في تحقيق عودة كبيرة إلى البيت الأبيض.</p>
<p>منذر لا شيء أهمّ من المُناظرة المُتوقّعة في الأسبوع المقبل بين كامالا ودونالد، لا يهمّ ربما متى يتمّ كَتْم المايكروفون المهم ما الذي سيُقال في هذه المُناظرة وكيف سيتمّ التعبير عنه، كيف علينا ترقُّب هذه المُناظرة؟ وهل ستُدَغْدِغ ربما مزاج الناخبين خصوصًا في الولايتين المُصنّفتين على أنهما حاسمتين جورجيا وبنسلفانيا؟</p>
<p> </p>
<p>منذر سليمان: التحدّي المباشر لهاريس أنّ هذا الزُخم الذي أخذته منذ انسحاب بايدن والذي تحقّق في استطلاعات الرأي، في الحماس الشعبي، القاعدة الانتخابية، حتى أن جزءاً من الجمهوريين عبَّروا عن تأييدهم حتى في خلال المؤتمر، هذا تحدٍّ. والتحدّي الآخر هو أيضًا أداؤها خلال المُناظرة، هي طبعًا مُدَّعية عامة وعضو في مجلس الشيوخ ونائبة رئيس ولديها خبرة في كيفيّة التعاطي وواضح أنها تتمتَّع بمواصفات تُمكّنها من مُجابَهة ترامب الذي يُقاطِع وبالتالي سيُساعدها فعلًا كَتْم المايكروفون خلال حديثها، بمعنى أنّه لن تكون هناك مقاطعة، ولكن المهم ألا تقع في مشكلة كما وقع بايدن في المُناظرة الفريدة التي أدّت بنهاية الأمر إلى دفع من داخل الحزب الديمقراطي ومن خارجه إلى الضغط عليه للانسحاب. المؤشّرات تدلّ على أنها ستتمكّن من أداء دور جيّد ولكن في نهاية الأمر بمفردها المُناظرة ليست هي عاملًا حاسِمًا، هي تُساعِد وخاصة على صعيد المُتردِّدين وواضح أنّ فئة المُتردِّدين من 12% إلى 18% وهناك أيضًا المُتحفّظين، هناك أشخاص يؤيّدون هاريس ولكن لديهم بعض التحفّظات، وهناك أشخاص هم على فكرة نسبة أقلّ من المُتحفّظين من المؤيّدين لترامب، كل استطلاعات الرأي العام النسبة مختلفة وهي لصالح هاريس، السؤال هل أنّ هذا الأداء في خلال المُناظرة سيُساعد البعض أولًا في إزالة التحفّظات لدى القاعدة المُهيّأة للانتخاب، لانتخاب هذه الشخصية، والأمر الثاني لجَذْب المُستقلّين.</p>
<p>أما في ما يتعلّق ببنسلفانيا وجورجيا، صحيح كلامك، الانتخابات في أمريكا ليست انتخابات شعبية، ليست الصوت الشعبي، نجحت كلينتون في تحقيق مليوني صوت زيادة وخسرت الانتخابات، إذًا هي أصوات الولايات، أصوات الكُلية الانتخابية، ويتمّ التركيز على جورجيا وبنسلفانيا وخاصة بنسلفانيا، ولكن بنسلفانيا وجورجيا إذا فاز أيّ منهما أيّ من المُرشّحين بالولايتين أو ولاية منها هو الذي سيُعزّز حضوره وقُدرته على الفوز، لأنّه في نهاية الأمر الانتخابات ستكون مُتقارِبة بغضّ النظر عن كل الاستطلاعات التي تُقدِّم فلاناً على فلان، مُرشّح على آخر، في نهاية الأمر ستكون هناك فعلًا أصوات الولايات هي الأساس، وبالتالي فعلًا وقع أي شيء من الحملة الانتخابية وغيرها وقع في كل من هاتين الولايتين سيكون له تأثيره الكبير.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: زميلي منذر أنت باقي معنا في المتاهة الأمريكية، مشاهدينا كيف تنعكس الاتجاهات السياسية في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصُل الاجتماعي؟</p>
<p>على أمريكا أن تتخلّى عن هَوَسِها في أن تكون الرقم واحد، لماذا؟ الأسباب في رسالةٍ من سنغافورا إلى الرئيس الأمريكي المقبل عبر الفورين بوليسي والكاتب يلفت إلى أنّ أمريكا طرحت التقارُب السياسي والكفاءة الاقتصادية والميزة النسبية، لكن النتائج لم تتحقّق من هنا، يرى أنّه بمُجرّد أن تتخلّى الولايات المتحدة عن هَوَس كونها الرقم واحد لن تعود هناك حاجة إلى أن تغلب المواجهة على التعامُل مع الصين، هناك ربح للطرفين في هذه المعادلة، ففي جنوبي آسيا كما في بقيّة العالم لا يمكن بناء عالم يتّسع لولاياتٍ مُتحدة مُختلّة وظيفيًا وغير آمِنة. ويختم الأستاذ في عِلم الاقتصاد بالقول نريد أمريكا في عالمنا بقَدْر ما نريد الصين فيه أيضًا.</p>
<p>كيف يحاول نتنياهو إنقاذ نفسه وأيضًا انتخاب ترامب وهزيمة هاريس، هذا ما يطرحه توماس فريدمان في نيويورك تايمز ويرى أنّ لدى نتنياهو مصلحة واحدة، بقاؤه السياسي الفوري، هذا سيدفعه إلى الإضرار بفُرَص هاريس، فإذا استمرّ في الحرب ستنتقده علنًا وتخسر أصوات اليهود أو تعضّ لسانها وتخسر أصوات العرب والمسلمين. فريدمان هنا في هذا المقال مشاهدينا يُؤكّد أنّه لن يتفاجأ إذا صعَّد نتنياهو الأوضاع في غزَّة لأنّه يريد أن يفوز ترامب، أما إذا فازت هاريس فيحتاج فقط إلى النَقْر بإصبعه لتحميه جماعة الضغط ثمّ في يوم ما يُنظّم احتفالًا لبايدن في مستوطنةٍ جديدةٍ في غزَّة يُسمّيها ربما "تلّة جو".</p>
<p>معنا من بنسلفانيا المؤلّف والمحامي الأمريكي دان كوفاليك، أهلًا ومرحبًا بك أستاذ دان في متاهة أمريكا وأنت مؤلِّف كتاب "مُخطّط الولايات المتحدة للسيطرة على العالم"، هل هَوَس أمريكا بأن تكون الرقم واحد هو الذي ترك البلاد في متاهة على أكثر من صعيد؟</p>
<p> </p>
<p>دان كوفاليك: بالتأكيد، هذه مشكلة كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ تأسيس أمريكا لدينا هذه الفكرة أنّ لدينا قَدْر واضح في المستقبل أنّ الله أعطانا هذا الحقّ بالحُكم من منطقة الهادئ إلى الأطلسي والآن أن نحكم العالم برمّته، واليوم لدينا 800 إلى 1000 ثكنة أو قاعدة عسكرية حول العالم.</p>
<p>نحن نشنّ حربًا في الكثير من المناطق حول العالم وهذا يُدمِّر الولايات المتحدة الأمريكية، بالطبع جميع الموارد لدينا نُخصّصها من أجل الحرب ونُخصّصها من أجل النزاعات وليس من أجل إصلاح المشاكل الأمريكية وهي مشاكل كثيرة مثل الإدمان على المُخدّرات والعنف المُتزايد، كما لدينا مجتمع يتمزّق شيئًا فشيئًا ويزداد فقرًا، ولكن بطريقةٍ ما نستطيع أن نجد ترليون دولار في كل سنة ننفقها على الحروب وهذا يُدمِّر أمريكا.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: تفضّل بالبقاء معنا سيّد دان، عامِل الخوف أصبح يؤذي ترامب، هذا ما تراه الواشنطن بوست، فعدد أكبر بكثير من الناخبين في الولايات المُتأرْجِحة ينظر إلى ترامب باعتباره تهديدًا للبلاد مُقارنة بهاريس طبعًا.</p>
<p>استطلاع للرأي أظهر أنّ 43% من الأمريكيين يرون أنّ ترامب يُشكّل تهديدًا كبيرًا في مقابل 32% لهاريس، هذه النتائج تُمثّل تحوّلًا كبيرًا منذ كان بايدن على رأس القائمة الديمقراطية، ولكن هناك سؤال حقيقي حول مدى أهمية هذا الأمر، النِسَب المئوية في استطلاع الـCNN لِمَن وصفوا ترامب بأنّه تهديد قد تُمثّل إلى حدٍّ كبير الناخبين الذين لديهم ميول ضدّه أصلًا، لكن لا تزال هناك أغلبيّة تقول أنّه مُتطرِّف جدًا ما يعني أنّ لدى هاريس أداة تحفيزية قوية لحثّ الناخبين على المُشاركة هي الخوف.</p>
<p>اقتصاد هاريس في المقابل قد يكون مُماثلاً لاقتصاد بايدن، هذا ما جاء في وول ستريت جورنال، وتقول أنّ الفرق الوحيد بينهما هو 22 عامًا. خطة نائبة الرئيس لحلّ ما يعدّه معظم الناخبين القضية الأولى هي أقرب إلى ما فعله الرئيس الحالي، بمعنى آخر انتخاب هاريس سيكون بمثابة إعادة انتخاب بايدن. ويلفت المقال هنا إلى أنّ ترامب اشتكى من أنّ المُنسّقين على ABC لم يكونوا مُنصفين معه في المُناظرة الرئاسية، هناك حلّ واحد أن يطرح أسئلة مباشرة وهذا الأمر غير معقول بحسب القوانين التي تابعناها قبل قليل أن يُطرح أسئلة على هاريس، أي يطلب منها إخباره بطريقةٍ واحدةٍ اختلفت فيها أو تخبره عن طريقة واحدة اختلفت فيها مع بايدن بشأن الإنفاق والضرائب.</p>
<p>أعود إليك منذر بالحديث عن أنّ هناك مَن يخاف من ترامب وإلى ما هنالك، شَيْطَنة ترامب هو ليس بجديد على ربما مَن يقفوا في المقلب الآخر في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن أسألك هل ترامب هو المُرشّح الخطير على الديمقراطية الأمريكية وإلى ما هنالك أم أنّ الأخطر ما وصل إليه الحزب الجمهوري من عُقْمٍ في إنتاج مُرشّح جديد غير ترامب؟</p>
<p> </p>
<p>منذر سليمان: الأمران معًا بالتأكيد ومُترابطان، لكن مسألة الخوف لنضعها في سياق أدقّ، كلنا يتذكّر أنّه قبل انسحاب بايدن كانت هناك ما تُسمّى في الولايات المتحدة الكراهية المزدوجة للمُرشّحين، هناك كراهية أو نوع من الامتعاض من هذا الخيار، أن يكون لدى الناخِب الأمريكي الخيار بين بايدن وبين ترامب، ولأسبابٍ كثيرةٍ بعد انسحابه تحوّل جزء من الذين كانوا فعلًا يخشون أو يخافون تحوَّلوا إلى تأييد هاريس، ليس معروفًا الحجم ولكن هذا بالطبع أدّى إلى نوعٍ من الزُخم بحملة هاريس، وهذا سيُساعدها في نهاية الأمر، الديمقراطية الأمريكية لا تشكّل خطرًا عليها، فقط ترامب، هي أيضًا هَرِمَت، أمريكا هَرمِت، وهو مُرتبط بسؤالك للضيف الكريم السابق حول هذه الرغبة الجامِحة والهَوَس بأن تكون الرقم واحد، حتى النظام الانتخابي الأمريكي والديمقراطية الأمريكية هي مُهدَّدة وهذا أصبح عنوانًا من العناوين الانتخابية للحملة الديمقراطية، بدل من أن تنشر الديمقراطية في العالم بدأت تُدافع عن أنّه يجب أن نحمي الديمقراطية في الداخل.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: دائمًا في إطار فَهْم الاتجاهات في هذا السباق الرئاسي وأيضًا في الداخل الأمريكي ككل.</p>
<p>مالِك شركة إكس إيلون ماسك والمُرشّح الرئاسي السابق روبرت كينيدي جونيور يتّهمان هاريس بأنها ترغب في إغلاق المنصّة إذا لم تتمثّل للرقابة الحكومية. ماسك وفي تغريدةٍ على إكس كتب أنّ حرية التعبير هي الأساس للديمقراطية، لكن الحزب الديمقراطي يُريد تدميرها واصِفًا هاريس بمُجرّد دمية.</p>
<p>كلامه يأتي بعدما أعيدت إلى الواجهة مقابلة أجرتها مع الـCNN قبل خمس سنوات انتقدت فيها مواقع التواصُل الاجتماعي لتحدثّه مباشرة إلى الملايين من دون أيّ مستوى من الرقابة، قائلة أنّ الأمر يجب أن يتوقّف.</p>
<p>المقطع الصوتي انتشر بشكلٍ واسعٍ على موقع إكس، مُنتقدوا هاريس أشاروا إليه باعتباره دليلًا على قَمْع هاريس حرية التعبير على منصّات التواصُل إذا تمّ انتخابها رئيسة.</p>
<p>لا شكّ بأنّ هاريس ستُغيِّر رأيها في هذا الإطار كما فعلت في أكثر من موضوع منذ عام 2019 حتى يومنا هذا.</p>
<p>دائمًا أعود إليك أستاذ دان كوفاليك، ماسك ليس مُجرّد ملياردير أمريكي يمتلك منصّة إكس، إنّه داعم شَرِس لترامب.</p>
<p>في المقابل تتنعّم هاريس كما تابعنا في أكثر من صحيفة أمريكية إن كان ذلك في وول ستريت جورنال أو حتى في واشنطن بوست تتنعّم هاريس بدعمٍ وازنٍ من السيليكون فالي. ماذا يقول لنا هذا الواقع بالتحديد؟</p>
<p> </p>
<p>دان كوفاليك: أولًا أودّ أن اتّفق مع إيلون ماسك عندما قال أنّ كامالا هاريس وجو بايدن يريدان قَمْع حرية التعبير، رأينا ذلك بالأمس عندما أعلنت وزارة الإدارة العدلية فرض عقوبات على محطّات إخبارية مثل RT وهذا يؤثّر على الأمريكيين الذين يظهرون على شاشة الـRT مثلي أنا، أنا أظهر على الـRT، بالإضافة إلى الآخرين الذين يساهمون بإنجاح هذه المحطّة، نعم هذا قَمْع لحرية التعبير.</p>
<p>المعلّقون مثل سكوت رايتر تعرَّض بيته للمُداهمة من قِبَل الـFBI وهذا بفعل بايدن وهاريس، أعتقد أنّ بايدن وهاريس هما خطيران جدًا على حرية التعبير.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: نعم، هذا في ما يخصّ قمع حرية التعبير، ولكن ماذا عن موضوع السيليكون فالي وعن تأثير أشخاص مثل إيلون ماسك على مسار هذا السباق الانتخابي ودعم مُرشّح أو آخر؟</p>
<p> </p>
<p>دان كوفاليك: نعم، بالتأكيد، أعتقد أنّ هذا الدعم من السيليكون فالي هو لأنّ سيليكون فالي ليبرالي في مُحاربته، لذلك من الطبيعي أن يدعم شخصاً مثل كامالا هاريس عوضًا عن دونالد ترامب، والكثير من الشركات الأخرى تدعم كامالا هارس باستثناء فوكس نيوز، بإمكاننا القول أنّ كثيراً من وسائل الإعلام تدعم كامالا هاريس، ولكن كامالا هارس تريد حثّ النُخبة الفكرية في أمريكا وهي عادة ما تكون ليبرالية أكثر، ولكن هذه العبارة يبدو أنها فقدت معناها، وهذا يُعطيها قُدرة تنافُسية، وفكرة أن تحظى بدعم من سيليكون فالي ومن كثير من وسائل الإعلام الأساسية سمح لها بأن تتحوَّل من شخصيةٍ غير مشهورة وغير محبوبة إلى شخصيةٍ يراها الأمريكيون كمُنقذة وهذا ثمرته وسائل الإعلام.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: أنت باقي معنا سيّد دان كوفاليك في متاهة أمريكا.</p>
<p>أما منذر سليمان مُحلّل الميادين للشؤون الأمريكية فستخرج سالمًا حتى اللحظة من متاهة أمريكا، أشكرك جزيل الشكر.</p>
<p>مشاهدينا الكرام فاصل قصير ونعود، ابقوا معنا.</p>
<p> </p>
<p>فاصل:</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: من جديد أهلًا ومرحبًا بكم مشاهدينا الكرام في متاهة أمريكا التي يبدو بأنّ الحزب الديمقراطي ليس بعيدًا عنها.</p>
<p>في غضون أسابيع قليلة انتقلت كامالا هاريس من الظلّ كنائبة الرئيس الأمريكي إلى المرشّحة لأقوى وأهمّ منصب سياسي. قبل انسحاب جو بايدن من السباق الرئاسي وترشيح الحزب الديمقراطي لها 16% من الأمريكيين فقط كانوا ينظرون بإيجابيةٍ إلى هاريس. صورتها التي لم تكن المُثلى تشكّلت بفعل عناوين ثلاثة رئيسة هي: إدارتها ملف الهجرة غير الشرعية وتوجّهها كديمقراطيٍة محسوبة على التيّار التقدمي وظهورها الإعلامي النادر والباهِت.</p>
<p>بعد سنوات من محاولة تحقيق جاذبية واسعة بين الأمريكيين وجدت هاريس المولودة في أوكلاند لأبوين مهاجرين من جمايكا والهند وجدت نفسها فجأة أمام مهمة إعادة التعريف بنفسها للجمهور الأمريكي والقاعدة الناخِبة الديمقراطية في زمنٍ قياسي قصير يفصل عن موعد الاستحقاق الانتخابي.</p>
<p>المرأة التي وعدت في حملتها عام 2020 بتنفيذ أجندة تقدّمية تخوض انتخابات 2024 بالميل أكثر نحو الوسط وبمحاولة استمالة المحافظين وصولًا إلى حديثها عن احتمال تعيين جمهوري في إدارتها في حال فوزها في الانتخابات.</p>
<p>مع استبدال جو بايدن بكامالا هاريس يشعر الديمقراطيون أنّه بات لديهم مُرشّح فائز أو على الأقلّ حظوظ كبيرة للفوز، فيما يرى الكثير من المُراقبين أنّ أزمة الحزب هي أعمق بكثير من مسألة اختيار مُرشّح، إنّها أزمة هوية وأهمية، وما يحتاج إليه الحزب هو استعادة جاذبيّته الواسعة وهو ما يستدعي منه التواضع والاستعداد لإشراك الناخبين الذين ربما يشعرون بأّن الحزب تخلّى عنهم في السنوات الأخيرة.</p>
<p> </p>
<p>ينضمّ إلينا أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في واشنطن ويليام لورانس، أهلًا ومرحبًا بك في متاهة أمريكا سيّد لورنس، مَن يُراقب أداء القادة في الحزب الديمقراطي مؤخّرًا خصوصًا في الأسابيع القليلة الماضية يلحظ نوعاً من تبخّر للمُناكدات والانقسامات، فجأة التقدّميون والليبراليون الجُدُد يدًا بيد حتى رأينا مثلًا "بيرني ساندرز" و"ألكساندريا كورتيز" والمليونير "جايبي برسبر" على مسرحٍ واحدٍ دعمًا لهاريس. هل نحن أمام وحدة ديمقراطية حقيقية أم أنها مُزيّفة وهدفها فقط ربما سَحْق ترامب؟</p>
<p> </p>
<p>ويليام لورانس: ما يحدث هو تعبير فعلي عن الوحدة إذا ما نظرنا إلى المؤتمر الديمقراطي، لا شك هناك تفاوت بين مختلف الشخصيات التي تدعم هاريس في مواجهة ترامب، الدعم المطلوب إذا ما نظرنا إلى التفاوت الحاصل بين هذه الشخصيات لم يجبر أحدهم على المجيء، لم يطلب أحدهم من ساندرز أو أيّ من الشخصيات اليسارية أو من أقصى اليسار الحضور. وساندرز هو أساسًا من الاشتراكيين انضمّ للديمقراطيين في إطار هذا المسعى الذاتي وذلك لأسبابٍ عدّةٍ منها سبب أساسي وهو التصدّي لترامب، للرئيس الأمريكي الأكثر إجرامًا والذي انهال علينا بمئات الأكاذيب عندما كان رئيسًا واعتمد سرديّة أوتوقراطية وله ميول ديكتاتورية وهذا يُخيف الكثيرين، هم يرغبون بوقفه، "تشيني" عبّرت بالأمس عن دعمها لهارس وهي من أكثر أعضاء الكونغريس ميلًا إلى المحافظين وهي إبنة العضو السابق في الكونغرس.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: ولكن هل لأنها مقتنعة بهاريس أم لأنّها تكره ترامب؟</p>
<p> </p>
<p>ويليام لورانس: في الواقع الأمرين معًا، أنا سأتحدّث عن هاريس بعد قليل، لكن بالعودة إلى موضوع الوحدة لا شكّ في أنّ الجميع راغب في وقف ترامب ولذلك هم موحّدون خلف هذا التوحّد ومنهم جمهوريون سابقون. </p>
<p>وبالنسبة إلى تحوّل هاريس لقد أثرتِ الكثير من التحوّلات الحاصلة ولكن مسألتان لا بدّ من التأكيد عليهما، أولًا هاريس كامرأة كشخصية غيّرت نفسها تمامًا، طريقة تعاطيها، طريقة تحدّثها وتواصلها مع الناس، تحوّلت بشكلٍ راديكالي على مرّ الأشهر الماضية وكأنها شخص مُختلف، وقد عملت جاهِدة على طريقة إيصالها للرسالة، على طريقة تعاطيها مع الناس، حتى أنّ صوتها سابقًا كان يُشبه صوت الأستاذة التي تُأدّب تلاميذها، ولكن اليوم تُشبه سيّدة ناضِجة تحمل رسالة تُؤثّر في الناس، ولذلك عملت كثيرًا على فنّ التواصُل وإيصال الرسالة، إلى جانب ذلك هي مدّعية عامة في ثاني أكبر المحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أكبر ولاية أي كاليفورنيا، ووحدها المحكمة الاتحادية أكبر من ذلك، وكنائبةٍ عامةٍ هي تسعى إلى التصدّي لترامب على المستوى السياسي والقانوني أمام الناس بطريقةٍ فعّالة نظرًا لكل الشكوك الجرمية التي تحوط ترامب، وكل ذلك إضافة إلى ما ذكرناه سابقًا يجعل منها مُرشّحة تحظى بحظوظٍ كبيرة ولو نُظمّت الانتخابات اليوم يُمكنها أن تفوز بالتأكيد، لكن أمامنا شهران وتحمل هذه الأشهر الكثير من الخبايا.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: تشاركنا سيّد دان كوفاليك الحديث عن مُرشّحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس التي كما ذكر ضيفنا السيّد لورنس خرجت بسرعةٍ وبحلّةٍ جديدةٍ للجمهور الأمريكي كمُرشّحة رئاسية، ولكن هذا ربما التحوّل في شخصية هاريس دفع البعض مثلًا فوكس نيوز بات يُلازم إسم كمالا هاريس بعبارة "Fake" أي مُزيّفة، ومن هنا عليّ أن أسألك، مَن هي كامالا هاريس؟ وهل ستستطيع إيصال الحزب الديمقراطي للمرة الـ23 إلى البيت الأبيض برأيك؟</p>
<p> </p>
<p>دان كوفاليك: لا تشير أنّها سوف تفوز بشكل تام، وفي بعض الولايات مثل بنسلفانيا وجورجيا من غير الواضح مَن سيفوز بهذه الولايات. ولكن مَن هي كامالا هاريس؟ كامالا هارس هي الشخصية التي يريدها الحُكّام فتكون هي تستطيع أن تُغيّر الأقنعة وهي لا تُقيم إلا مصلحة نفسها وهي ليس لديها أية مبادئ أو قِيَم وسوف تدعم أي شيء يُقال لها أنها يجب أن تدعمه وهي فقط تمثال المُتخطّي من الجُدُد، وفي الحرب التي تحدّثت عنها أنّ ترامب هو مسؤول عن عشرات الآلاف من القتلى، بايدن وهاريس مسؤولان عن الإبادة الجماعية في غزّة، حتى الآن قتلوا الآلاف من الناس وهي تُدافع عن أعمال الإبادة الجماعية، هي تقودنا نحو الحرب العالمية الثالثة في مناطق ثلاث مختلفة، وهي جزء من هذه الخطة وهي سوف تكون رئيسة المُتقدّمين الجُدُد أكثر من بايدن ويجب أن يكون هذا الأمر واضحًا. هي سوف ترتدي القِناع الذي يختارونه الحُكّام، وبإمكانكم أن تروا هذا الموضوع وبطريقةِ حديثها فهي تتحدّث بلغة الأطفال، بلغة الرضَّع، لا تقول أيّ شيء، لا شيء ذا معنى، ولكن هذا جزء من شخصيّتها، هي وسيلة فقط، وسيلة وأداة، وكِلا المُرشّحين بنظري سيّئان للغاية ولا يُمثّلان أبدًا الشعب الأمريكي، وأنا اتّفق مع جيمي كارتر الذي قال منذ سنوات أنّنا ليس لدينا ديمقراطية فعّالة وهذا الأمر صحيح اليوم.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: ما تفضّلت بقوله يدفعني إلى أن أسأل السيّد ويليام لورانس في ما يخصّ كامالا هاريس، هل هي المُرشّحة القوية أم أنّها ربما تمثل الحزب القوي؟ أتحدّث عن الحزب الديمقراطي، هو من دون مُنازِع صاحب أطول وجود مستمر لأيّ حزب سياسي في العالم، يُعرف عن الحزب الديمقراطي أنّه قادر أن يتناغم ويتأقلم مع الطرقات الوَعَرَة كما الحمار رمز الحزب، ومن هنا أسألك، قبل قليل تحدّثت عن موضوع ليس "تشيني" ولكن هناك مَن يسأل ربما عن نزوح "تولسي غابارد" وهي كانت مُرشّحة رئاسية عن الحزب الديمقراطي، أية قيمة لهذه الخطوة؟</p>
<p> </p>
<p>ويليام لورانس: بداية صراحة لا أتّفق مع كثير ممّا قاله دان، لكن أتفهّم انشغالاته وما يُقلقه والأمور التي يُندّد بها، ولكن لا أتّفق بالضرورة مع كل ما قاله وكل الجوانب التي أثارها، لا أعتقد أنّ كامالا هاريس هي المُرشّحة المُثلى لكن بايدن اختار أن ينسحب من الانتخابات وكان الوقت متأخّرًا واعتبر الحزب أنّ ترشيحها سيكون الأقل جدليّة وسيُخفّف من إمكانية خسارة الديمقراطيين على المستوى الأكثر فداحة، أعتقد أنها المُرشّحة الأمثل لم أدعمها في المرات الأولى، وتوجد باقة من المُرشّحين الأفضل منها مثل "إليزابيث وارن" وكانت ممتازة في السابق كمُرشّحة بالرغم من أنها باتت أكبر سنّاً، ولكن نتحدّث عن شخصيات كثيرة أكثر مُلاءمة لهذا المنصب، ولكن الخيارات كانت محدودة صراحة بين تموز/يوليو وآب/أغسطس وهي الأنسب نظرًا لضغط الوقت بالنسبة إلى الهيكلية أو الإشكاليات الهيكلية في الولايات المتحدة الأمريكية، أتّفق هنا مع ما قاله دان. </p>
<p>واسمح لي فقط أن ألفت إلى مسألة ذُكرت سابقًا كيف أنّ الديمقراطية الأمريكية مُتقدّمة ولذلك تخشى إذا ما نظرنا إلى واقع الديمقراطية الأمريكية منذ قرنين نراها أنها كانت في واقع مُروّع، معظم الأمريكيين غير قادرين على التصويت وكانت معظم الممتلكات بيد حفنة من الإقطاعيين وكُثُر كانوا مُستثنين، ولكن الواقع الأمريكي تحسّن بشكلٍ كبيرٍ مع السنوات ومع تقدّم ونضوج الديمقراطية الأمريكية، ولكن أعتقد اليوم أنّ هذا النظام بات ضعيفًا لأنّه في مواجهة هجوم من مُرشّح يميني مُتطرّف وقد لا نشهد على انتخابات أخرى وربما هو نظام في مواجهة هجوم من الشركات الكبرى التي تسعى للهيمنة على هذا النظام، وكذلك المجتمعات العسكرية التي تحدّث عنها الرئيس إيزنهاور في السابق والتي لها طريقتها في التسلّل إلى مرافق السياسة. بالتالي بذلك الحياة الديمقراطية تدهورت بأشكالٍ معيّنةٍ ولكنها تحسّنت على مستويات أخرى، لذلك أتّفق مع دان، لا بدّ من التركيز على بعض المسائل الداخلية، ولكن كذلك بالنسبة إلى هاريس نعم تتمتّع بشخصية الممثّل بعض الشيء ولا شكّ في ذلك هي أشبه ببوق ولكن كل أهل السياسة أساسًا يمكن لهم أن يرتدوا هذا القِناع وذاك ويُغيّروا آراءهم وكذلك يُحاولون أن يُردّدوا السردية التي تستسيغ للناس وتستهويهم وأحيانًا قد يختلف رأيهم من السيّئ إلى الأسوأ، ولكن على كلٍ نحن بحاجةٍ كذلك إلى أهل السياسة، قادرين على التغيّر فيما يتطوّر المجتمع وفيما تتغيّر الإشكالات وتتحوّل طبيعة الحلول.</p>
<p>إذًا لا نسعى فقط للدفاع عن الديمقراطية، هنا نحاول كذلك إصلاح هذه الديمقراطية، كثيرة هي الأمور التي تحتاج إصلاحات بما في ذلك إخراج هذا التأثير الكبير للمال من الحياة السياسية.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: في عُجالة لم تُعلّق على موضوع تولسي غابارد؟</p>
<p> </p>
<p>ويليام لورانس: عذرًا.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: لم تعلّق على موضوع تولسي غابارد التي هجرت الحزب الديمقراطي وأعلنت صراحة أنها ستدعم دونالد ترامب؟</p>
<p> </p>
<p>ويليام لورانس: بالنسبة إلى تولسي هنا تحدّثت عن الشخصيات الانتهازية إذا ما كنتم تعتقدون أنّ كامالا هاريس هي بوق وليس أكثر، تولسي غابارد هي أكثر منها بألف مرة، هي انتهازية صَرْف، وإن كُنّا نتحدّث عن شخصياتٍ بلا قِيَم أنا أرى أنّ هاريس تتمتّع بالكثير من القِيَم، ربما ليست كل القِيَم التي نشتهيها ونريدها، ولكن بالنسبة لشخصية مثل تولسي غابارد هي شخصية بلا أية قِيَم نظرًا لأنّها تدعم كذلك ترامب وهذا بالطبع يظهر كم أنها راغبة في أن تحصل على منصب في الإدارة المقبلة ولذلك تحاول أن تقتنص هذه الفرصة وتحاول أن تُشارك في هذا الاعتداء على النظام من جهة اليمين مع اعتماد الكثير من شعارات اليسار الذي تأتّت منه وهذا أمر فظيع للغاية، عندما نرى أنّ 95% من مُستشاري ترامب وأعضاء فريقه لا يدعمونه ولكن تولسي تدعمه، ما الذي يعنيه ذلك؟ هذا يعني أنها شخصية انتهازية صَرْف وبحتة وكاذِبة، كذلك لأنها ضُبطت وهي تكذب مرات عدّة، نعرف أنّ الجميع يكذب في الحياة السياسية لكن نتحدّث هنا عن مستوى آخر مختلف تمامًا من الأكاذيب، أكاذيب من كل حَدْبٍ وصوب.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: نعم سيّد ويليام لورانس، الناخِب الأمريكي في حيرةٍ من أمره.</p>
<p>مشاهدينا تتقاطع اهتمامات الناخِب الأمريكي من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ما يختلف هو الأولويّات والمُقاربات. لذلك مشاهدينا سنحاول في هذا العرض أن نتحدّث عن الناخِب الديمقراطي حيث هناك أربعة عناوين رئيسية عادة ما تتصدّر اهتماماته هي: الاقتصاد، والاجهاض، والحدود، والمناخ. لكن عنوانًا خامسًا هو اليوم في صُلب اهتماماته واعتباراته الانتخابية لدى شريحة كبيرة من الناخبين الديمقراطيين هو الحرب على غزّة ومنها سنبدأ.</p>
<p>جزء كبير من الناخبين أو من انخفاض التأييد لجو بايدن في استطلاعات الرأي يأتي من قضايا مرتبطة إلى حدٍ كبيرٍ بالسياسة الخارجية وتحديدًا الحرب على غزّة ودعمه القوي لإسرائيل.</p>
<p>فئة الشباب بين الناخبين الديمقراطيين رافِعة بايدن في انتخابات 2020 هي الأكثر اهتمامًا بهذه القضية، العين في الاستحقاق المقبل ستكون على هؤلاء وعلى الناخبين غير المُلتزمين، وهذا ما سمعناه في خطاب كامالا هاريس بالمناسبة في الأيام القليلة الماضية.</p>
<p>كان في كل استحقاق سيكون لتقييم الناخبين للاقتصاد وقُدرة المرشّحين على إدارة هذه القضية تأثير قوي على نتيجة السباق، فالتضخّم وارتفاع الأسعار يُهيمنان على ما عداهما من عناوين بلغة الأرقام، 26% فقط من الديمقراطيين يرون أنّ الظروف الاقتصادية تطوّرت في العام الماضي وهذا يُشكّل تحدّياً لكامالا هاريس.</p>
<p>الإجهاض واحدة من أقوى القضايا التي يُواجهها الديمقراطيون، لكن بايدن الكاثوليكي البالغ من العمر 81 عامًا كان إلى حدٍّ ما مُحْرَجًا في التعامُل معها.</p>
<p>على نقيده تألّقت هاريس من وجهة نظر قاعدة الديمقراطيين من خلال الدفاع بقوّة عن حقوق الإجهاض باعتبارها حقوقًا إنجابية.</p>
<p>سياسة بايدن التي فرضت قيودًا على المهاجرين الذين يطلبون اللجوء من خلال تحديد عَتَبَة رقمية حظيت بتأييد 40% من الناخبين الديمقراطيين في مقابل معارضة 27%، لكن ثمّة جَدَل ساخِن يسود أوساط الديمقراطيين حول ارتفاع معدّلات عابري الحدود ومدى قُدرة كامالا هاريس على فعل الكثير حيال ذلك، هي قالت صراحة في مقابلة مع CNN بأنها ستتعامل معهم بحزمٍ ووفق القانون.</p>
<p>أعود إليك سيد دان، أصوات العرب والمسلمين شكّلت رافِعة لبايدن في سباق 2020 وهذا كان واضحًا بعد دعم واشنطن المُطلق لحرب الإبادة في غزّة، برأيك هل تستطيع هاريس التي عيَّنت محاميتين واحدة من أصولٍ مصريةٍ والأخرى من أصولٍ أفغانية للتواصُل مع الناخبين العرب والمسلمين؟ هل تستطيع هاريس من خلال هذا الأمر جَذْب هذه الأصوات؟</p>
<p> </p>
<p>دان كوفاليك: أعتقد أنّ الموضوع سوف يكون صعبًا للغاية، جميع أصدقائي الفلسطينيين يقولون أنهم سوف يصوّتون لدونالد ترامب وهم لا يريدون إلا أن يعاقبوا بايدن وهاريس على هذه الجرائم المُرْتَكبة ضدّهم، هذه الجرائم الفظيعة في قطاع غزّة، وليس فقط هناك بل أيضًا في الضفة الغربية، الآن أعلنت إسرائيل افتتاح جبهة ثانية في تلك المنطقة، كما أنّ البيت الأبيض يستمر في إرسال أسلحة، في كل 16 ساعة يرسلون شحنة من الأسلحة إلى إسرائيل، وأعتقد أنّ العرب لا يستطيعون أن يصوّتوا لمثل هذه الإدارة أو هذا النظام هنالك بسبب جميع الجرائم التي ارتكبوها، ولكن ترامب يمثل تهديدًا نظريًا للفلسطينيين ولجميع المجموعات الأخرى، ولكن سنواجه الموضوع، بايدن وهاريس هما تهديدان حقيقيان وهما يرتكبان الجرائم، يرتكبان أفظع الجرائم التي رأيناها على شاشات التلفاز، كثيرون منّا وأنا منهم لا يمكننا أن نسامحهم على ذلك، لن أسامحهم على هذه الجرائم، وأنا أحد الأشخاص الذيي في العادة يُصوّت للديمقراطيين ولكنني لن أصوّت للديمقراطيين، سوف أصوّت لـ"جيل ستاين" وأعتقد أنّ الكثير من العرب سوف يتّخذون خطوة مُشابهة.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: إذًا مشاهدينا مع انسحاب جو بايدن من السباق إلى البيت الأبيض استعاد الأمريكيون عام 1968، ماذا جرى آنذاك؟ نتابع في زاوية من التاريخ.</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>زاوية من التاريخ:</p>
<p>فاطمة قاسم: يقول أبو الأدب الأمريكي الساخِر "مارك توين" أنّ التاريخ لا يُعيد نفسه بل يتناغم، وما بين الحزب الديمقراطي عام 2024 والحزب الديمقراطي عام 1968 نغمات وإيقاعات مشتركة.</p>
<p> </p>
<p>ليندون جونسون: لن أسعى ولن أقبل بترشيح حزبي لولاية أخرى كرئيس لكم. </p>
<p> </p>
<p>فاطمة قاسم: هذه الجملة للرئيس الأمريكي ليندون جونسون التي اكتسبت مكانتها بين الاقتباسات الأمريكية التاريخية حين أدرجت في خطابه على جهاز القراءة قبل ساعة من ظهوره على شاشة التلفزة.</p>
<p>في الحادي والثلاثين من آذار مارس عام 68 كان ينتظر الأمريكيون من رئيسهم الديمقراطي خطابًا عن فيتنام وقد بلغت حربها في ذلك الحين عامها الثالث عشر، وإذ في الدقيقة الـ40 تقريبًا يُفجّر ليندون جونسون قنبلته السياسية التي كان أسرّ بها لدائرة ضيّقة جدًا من أفراد عائلته ومساعديه.</p>
<p>كان لبيان جونسون تأثير الزلزال داخل الحزب الديمقراطي، معركة مريرة حول مَن سيخلفه في الترشيح وفي الحزب الجمهوري، إعادة تقييم مؤلمة لفُرَص ريتشارد نيكسون في انتخابات نوفمبر من ذلك العام.</p>
<p>الخروج لم يكن خيارًا مطروحًا أو خطوة مُتوقّعة من ليندون جونسون، لكن الأشهر الأخيرة التي سبقت انسحابه يبدو أنّها غيّرت المسار، كانت الأمّة مُنقسمة بشأن فيتنام أينما حلّ الرئيس أو أحد أعضاء حكومته كانت تواجههم التظاهرات الرافِضة للحرب. أما الدولار الأمريكي فكان قد تعرّض لضربةٍ قاسية أيضًا.</p>
<p>بين القوى التي أثرت في قرار جونسون غير المُتوقّع هذان الرجلان روبرت كينيدي ويوجين مكارثي عضوا مجلس الشيوخ اللذان كانا يزاحمانه في أوساط الديمقراطيين.</p>
<p>تراجعت شعبية جونسون إلى أدنى مستوياتها قبيل انتخابات ويسكونسن التمهيدية، منحته استطلاعات الرأي 12% فقط، لم يكن ذلك بالتفصيل العابر فالرجل فاز في انتخابات 1964 بأكبر هامش شعبي في التاريخ.</p>
<p>ينقل عن جورج كريستيان السكرتير الصحافي للبيت الأبيض في ذلك الحين أنّ السيّدة الأولى كلوديا جونسون المعروفة بـ"ليدي بيرد"، كانت تدفع زوجها من وقتٍ إلى آخر نحو عدم خوض سباق الولاية الثانية.</p>
<p>خلال زيارة لهما لعضو الكونغرس المتقاعد كارل فينسون وكان قد عاد إلى جورجيا بعد 50 عامًا قضاها في مجلس النواب، توجّهت "ليدي بيرد" إلى زوجها قائلة انظر يا ليندون هناك رجل يستطيع أن يغادر واشنطن ويكون سعيدًا.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: أذهب إليكم سيّد ويليام لورانس، بين جونسون وبايدن، بين فيتنام وغزّة، هل التاريخ يُعيد نفسه أم أنّ أمريكا تُعيد إخفاقاتها؟</p>
<p> </p>
<p>ويليام لورانس: سؤال جدير بالاهتمام، جونسون وبايدن يتشابهان إلى حدٍّ كبيرٍ في السياسة المتبّعة وكانا الرئيسين الأكثر استصدارًا للتشريعات على مرّ السنوات الماضية منذ كينيدي، ولكن ربما تختلف الظروف، لكننا نتحدّث عن مواطن شبه إضافية، حرب فيتنام وقتها كانت مختلفة ونشهد على تظاهرات بمستويات مختلفة اليوم بشأن غزّة وهي قلّما تشبه ما حدث خلال تظاهرات فيتنام، ونحن لا نشهد على تراجع وتهاوٍ في شعبية جونسون بشكلٍ أثّر به بقدر ما أثّر تراجع شعبية بايدن به وفي حظوظه في الانتخابات نتيجة موقفه بشأن حرب غزّة.</p>
<p>إذًا تحدّثت عن وضع مختلف إلى حدّ ما، إذا ما بإمكاني أن أتحدّث عن الوضع في غزّة اسمحوا لي فقط أن أقول أنّ فئات ثلاث تتأثّر بشكل أساسي، الناخبون من أصولٍ عربية والناخبون اليهود الشباب وهم موالون أكثر من أي وقت مضى لفلسطين، وكذلك المصوّتون الشباب من الأقلّيات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية والمرتبطون مثلًا بحركات اجتماعية مختلفة منها حركة "Black lives matter" (حياة السود مهمّة) وحركة دعم لفلسطين كما لم نشهد في السابق، ونتحدّث عن بعض بنسلفانيا وجورجيا، ولكن ذلك لا ينسحب على مستوى كل الولايات، ولا شكّ أننا نشهد على إعادة انتعاش التظاهرات في حَرَم الجامعات، ولكن ما حلّ هذه المسائل الأربع التي ذكرناها؟ أتحدّث عن أمور أخرى حاسِمة وفي حالين الأرجحيّة لترامب وفي حالين الأرجحية لهاريس.</p>
<p>لكن ربما مسألة لا نناقشها بما يكفي في هذا البرنامج هي وضع النساء، المرأة تشكّل أكثرية الناخبين والمرأة تشهد على اقتناص وقضم لحقوقهن وها هي تنتظم في تظاهرات جديدة وبأعداد هائلة، أتحدّث حتى عن النساء الناخبات في الجنوب اللواتي صوّتنا للحزب الجمهوري في كل الانتخابات وبدأنا ينحينا منحى التصويت للديمقراطيين، وبالتالي العنصر النسائي سيبدو أساسيًا، ولا شكّ نشهد على أول مرشّحة سيّدة ستلقى دعمًا كبيرًا.</p>
<p> </p>
<p>مايا رزق: نعم بطبيعة الحال ستكون لدينا وقفات طويلة في ما يخصّ السيّدة الأمريكية، دورها في السياسة، دورها في نفس القرارات خصوصًا وأنّ أكثر من سيّدة تولّت منصب وزارة الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية. سنتحدّث عن كل ذلك في الحلقات المقبلة، أشكرك سيّد ويليام لورانس أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في واشنطن كنت معنا من العاصمة الأمريكية، وأيضًا اشكرك سيّد دان كوفلك مؤلّف ومحامٍ أمريكي كنت معنا من بنسلفانيا.</p>
<p>نخرج جميعًا من متاهة أمريكا لهذه الليلة ولكن نلتقي مجدّدًا الأسبوع المقبل.</p>