تصعيدٌ أميركي متواصل في اليمن: استهداف متعمّد للأحياء السكنية
الملف الأول: تصعيدٌ أميركيٌ متواصل في اليمن يقوم على الاستهداف المتعمّدِ للأحياء السكنية. الملف الثاني: اعتقال ناشطين سياسيين سوريين من أبناء محافظتي السويداء ودمشق.
نص الحلقة
<p> </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: نقاش من الميادين، مرحباً بكم مشاهدينا. </p>
<p>ملفان على طاولة النقاش، الأول حول اليمن. غارات مكثفة ومركزة من الطيران الأمريكي، تستهدف الأبرياء وهم ضحايا القصف في صنعاء والحديدة وصعدة، مقابل استمرار القوات المسلحة باستهداف خارطة أرضنا المحتلة، فلسطين، بالطائرات المسيّرة وصواريخ الفرط الصوتية، وتخوض اشتباكات ضارية مع حاملة الطائرات الأمريكية في البحر الأحمر. هذا وسط حشد عسكري أمريكي في البحر الهندي وجزيرة دييغو غارسيا.</p>
<p>وأمام فشل الغارات في وقف العمليات اليمنية، تقول "سي إن إن" إن هناك خطة لاستخدام ميليشيات محلية - كما وصفتها - للسيطرة على ميناء الحديدة الاستراتيجي، فما هو المنتظر؟ </p>
<p>في ملفنا الثاني نناقش حقيقة ما يحصل في السجون في إدلب، وذلك بعدما أثارته الناشطة السورية غادة الشعراني، التي تحدثت عن تجاوزات تشهدها هذه السجون في وقت ترفض السلطات فتح السجون أمام المنظمات الحقوقية. </p>
<p>كما نتطرق لحديث دونالد ترامب عن رجب طيب أردوغان وسيطرته على سوريا. في كلام شكّل صدمة في الأوساط الدبلوماسية، ترافق ذلك مع تكرار بنيامين نتنياهو موقفه بشأن رفضه إنشاء قواعد عسكرية تركية في سوريا.</p>
<p>إذًا، أكثر من عشرين غارة شنها الطيران الأمريكي على صنعاء ومحافظة مأرب شمال شرقي اليمن، وجزيرة كمران في الحديدة على البحر الأحمر. مئات الضحايا بين شهيد وجريح، تدمير مزيد من المنازل السكنية والبنى التحتية، وفشل أمريكي في تقويض القدرات العسكرية في ظل استمرار إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه فلسطين المحتلة والقوات الأمريكية في البحر الأحمر. أحمد عبد الرحمن والمزيد من التفاصيل. </p>
<p> </p>
<p>تقرير: </p>
<p>لا جديد في أهداف الغارات الأمريكية على اليمن، هو الحال نفسه. عشرات الغارات الجوية استهدفت مناطق سنحان وبني حشيش في صنعاء، ومجزر والجميمة في مأرب، وجزيرة كمران كبرى الجزر اليمنية في البحر الأحمر. </p>
<p> </p>
<p>عارف العامري – محلل سياسي: استمرار الغارات والتصاعد المستمر من قبل الجيش الأمريكي يدل على أن هناك فشلاً وعجزاً من قبل القطع العسكرية الأمريكية في تقويض أو إخضاع أو إخناع الشعب اليمني. </p>
<p> </p>
<p>تصعيد أمريكي يكرّس النمط عينه من الاستهداف المتعمد للأحياء السكنية وتدمير البنى التحتية وإثارة الرعب في صفوف المدنيين، ويعزز الفشل الأمريكي الواضح في تقويض القدرات العسكرية أو وقف العمليات اليمنية المتصاعدة، لا سيما أنه جاء بُعيد ساعات قليلة من إعلان القوات المسلحة اليمنية ضرب هدف عسكري إسرائيلي في يافا المحتلة، واستهداف مدمرتين أمريكيتين في البحر الأحمر.</p>
<p> </p>
<p>عبد الغني الزبيدي – خبير عسكري واستراتيجي: القيادة العسكرية في الميدان هي اليوم من تدير مسرح العمليات. وبالتالي، هي اليوم استطاعت أن تنتصر على القائد العسكري الأمريكي فيما يتعلق بماهية إدارة المعركة، في كيفية إرسال الرسائل العسكرية، وإرسال أيضاً القدرات والإمكانيات التي لا تزال مستمرة. هناك أيضاً إحباط العدو أنه لم يصل إلى أي أهداف جوهرية فيما يتعلق بمنظومات الصواريخ والطائرات المسيّرة. </p>
<p> </p>
<p>جرائم أمريكية، قالت القوات المسلحة اليمنية إنها لن تزيد اليمنيين إلا صموداً وتمسكاً بموقفهم الثابت المساند للشعب الفلسطيني.</p>
<p>تستمر الغارات الأمريكية في استهداف المناطق اليمنية، ويقابلها استمرار العمليات العسكرية اليمنية على أهداف إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأخرى أمريكية في البحر الأحمر، الذي يتحول إلى ساحة اشتباك مفتوحة، لا سيما مع استمرار القصف الأمريكي على اليمن. </p>
<p>أحمد عبد الرحمن – صنعاء – الميادين.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: في نقاش معنا من صنعاء، عضو المكتب السياسي في حركة أنصار الله، السيد حزام الأسد، مرحباً بكم.</p>
<p>هذا الاستمرار في العدوان الأمريكي، التكرار والاستهداف للبنى التحتية والمنازل السكنية، ما هو تقييمكم لهكذا مسار من العدوان؟ هل نحن أمام مرحلة تكريس لضرب هذه البنى التحتية لفتح مرحلة جديدة؟ ما هو التقييم بالنسبة لكم؟ </p>
<p>حزام الأسد: حياكم الله، وأحيّي السادة المشاهدين الأعزاء. </p>
<p>في الحقيقة، الولايات المتحدة الأمريكية تعكس فشلها الميداني العسكري في إطار هذا الاستهداف. طبعاً بعد أن مُنيت بخسائر فادحة في سياق تآكل منظومة الردع العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر، وكذلك تلاشي هيلمانها وهيمنتها البحرية من خلال حاملات الطائرات. واستطاعت القوات المسلحة – بفضل الله - من تحييد الكثير من العمليات العسكرية في البحر الأحمر. لجأت الولايات المتحدة إلى استخدام القاذفات الاستراتيجية التي تنطلق من مسافة أكثر من أربعة آلاف كيلومتر من جنوب المحيط الهندي من دييغو غارسيا. وبالتأكيد، هذه القاذفات لا تستهدف إلا المساكن، إلا المناطق المدنية، إلا الأحياء السكنية، وتستهدف النساء والأطفال والمدنيين. وهذا يعكس الفشل الذريع الذي مُنيت به الولايات المتحدة، وكذلك المتزامن مع التصعيد الصهيوني في قطاع غزة.</p>
<p>وبالتأكيد، هذا الفشل وهذا التزامن هو في إطار واحدية المعركة التي يخوضها شعبنا اليمني في إسناد ونصرة أهلنا في غزة، وكذلك واحدية المعركة بالنسبة للكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة، اليوم الذين يرتكبون أبشع المجازر سواء في قطاع غزة أو من خلال العدوان على الشعب اليمني. </p>
<p>وبالتأكيد، الشعب اليمني ثابت في مواقفه، بل وعملياته متصاعدة، لا سيما العسكرية، وكذلك في إطار الحراك الشعبي المتصاعد المساند لأهلنا في غزة. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: عندما سألتك ربما عن المآلات، أو ما يتم الحديث عنه، لافت هناك تقرير في "سي إن إن" يتحدث عن تدخل بري من الجنوب والشرق ووصول قاذفات أمريكية كرسالة، وأنت أشرت إلى هذه التحشيدات العسكرية. لكن هل هناك من تمهيد طريق لمرحلة ثانية؟ ما بعد هذا العدوان وتوسيعه والقصف الأمريكي، ليكون هناك عملية على المستوى البري في اليمن يُدفع من خلال بعض المجموعات المسلحة التي يمكن أن تحقق مثل هكذا مسار؟ ما هي الطروحات لديكم أو المواكبة لمثل هكذا تقارير؟ </p>
<p> </p>
<p>حزام الأسد: طبعاً العدوان الأمريكي ليس جديداً على الجمهورية اليمنية، وكذلك التصعيد ليس جديداً. إذا كانت مئات الغارات الجوية قد نفذتها إدارة ترامب، فقد نفذ بايدن أكثر من ألف غارة. وقد نفذت الإدارات الأمريكية قبلها أكثر من نصف مليون غارة خلال عشر سنوات من العدوان. وقد حاولوا تحشيد وتجنيد الكثير من المرتزقة، سواء في الإطار الداخلي اليمني، وكذلك في المسار الإقليمي من خلال أدواتهم. أو من خلال إدارة العمليات العسكرية العدائية على الشعب اليمني، وكذلك من خلال العمل العدائي المباشر. لا ضير في ذلك. الشعب اليمني - بفضل الله - محصّن على المستوى التوعوي، وعلى المستوى الشعبي، الذي ينهض اليوم بقضايا مهمة جداً، ويتبناها في سياق المعركة المصيرية، في سياق تبني القضية الفلسطينية، وفي سياق تبني مواجهة العدوان على الشعب اليمني. فلذلك، كل هذه المآلات إلى فشل.</p>
<p>هناك تضخيم إعلامي، صحيح. هناك محاولة لإرهاب الشعب اليمني من قبل أدوات وأبواق ووسائل إعلامية، وقنوات فضائية، سواء على المستوى الإقليمي أو على المستوى الدولي، من خلال الولايات المتحدة، ولكن تلاشت معظمها. يعني، حاولت الولايات المتحدة أن تهدد الشعب اليمني بحاملة الطائرات، فتم ضرب ثلاثٍ منها، وتم تحييد الكثير من العمليات العسكرية. استُهدِفت الجمهورية اليمنية بالـB2 والـB52، بكثير من الأسلحة الاستراتيجية الأمريكية التي أرهبت بها العالم، وأخضعت بها العالم. لذلك لن تَرْمُش جفوننا، ولا تهتز شعرة منا. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: لكن ألا ترصدون مثل هكذا مسار؟ أن يكون هناك تجهيز لعمل بري؟ مجددًا نحن نتكأ على تقرير "سي إن إن" وتحدث عن إمكانية الاستعانة أو الدفع بالنسبة لقوات عسكرية تتبع للحكومة في عدن، وأن يكون ذلك أيضًا ضمن مسار مدعوم من بعض الدول العربية. هل لديكم مثل هذا النوع من التقديرات؟ </p>
<p> </p>
<p>حزام الأسد: طبعًا على المستوى المحلي، على مستوى الجبهات الميدانية، معروف ومعلوم للجميع بأن هناك فصيلين يتبعان دولتين، هناك فصيل يتبع الإمارات، وهناك فصيل يتبع السعودية. وبالتأكيد أي حراك أو أي مسار عدائي أو تحريك لهذه الجبهات بالتزامن مع هذه المرحلة التي صعد فيها الأمريكي، بالتأكيد هناك مآلات وهناك مسارات تنعكس على هذه الدول، التي بالتأكيد الآن تتآمر سواء من الناحية المعلوماتية، أو من الناحية اللوجستية، أو من الناحية الإعلامية، أو من ناحية التحريض والتحشيد. ولكن على المسار الميداني، إذا كان هناك تحريك لهذه الجبهات، بالتأكيد ستنعكس عليها انعكاسًا مباشرًا.</p>
<p>نحن اليوم، صحيح، نخوض معركة الشعب اليمني في إطار الدفاع عن سيادته في مواجهة العدوان، وكذلك معركة الأمة في إطار مساندة أهلنا في غزة، ومن المفترض أن تلتف الأمة حول هذه القضية، القضية المهمة والمركزية والأساسية. ولكن أن نتعرض للطعنات في الإطار الإقليمي أو المحلي، فبالتأكيد الشعب اليمني لن يقبل بذلك.</p>
<p>ولدى قواتنا المسلحة الجاهزية القصوى والجاهزية الكاملة في إطار التصدي للمسار الداخلي. نحن بالتأكيد بعون الله وفضله، لا يوجد هناك استنزاف في إطار هذه المعركة، على المستوى الداخلي، والمستوى البشري، والمستوى التقني والتسليحي.</p>
<p>المعركة اليوم لا زالت معركة صواريخ باليستية، ومسيّرات، وصواريخ مجنحة، وكروز. ولكن على المسار الداخلي، هناك إعداد وجاهزية كبيرة، وهناك كذلك تحشيد وجيش نظامي كبير.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: إذًا، هل ترصدون مثل هكذا تحركات؟ ممكن أن تدفع بها الولايات المتحدة الأمريكية لتفعيل عمل بري ما وتُوضع الحُديدة كهدف للسيطرة عليها؟ ترصدون مثل هكذا أمر؟ </p>
<p> </p>
<p>حزام الأسد: طبعًا الوصاية على هذه الأدوات المحلية هي وصاية، كما أسلفت، إماراتية سعودية. الولايات المتحدة وصايتها على السعودية وعلى الإمارات، وفي حال تحركت هذه الأدوات في سياق عمل عدائي مساند للكيان الإسرائيلي، أو للولايات المتحدة، فبالتأكيد ستنعكس على الدول الإقليمية الراعية والمتبنية وصاحبة القرار بالنسبة لهذه الأدوات، التي تتحرك وفق المال السعودي، وفق الدرهم الإماراتي، وفق التوجيهات والإملاءات من أبو ظبي ومن الرياض.</p>
<p>وبالتأكيد، أي انعكاسات ستنعكس عليها بدرجة رئيسية، وبدرجة مباشرة، وبصورة مباشرة، وهي تعي بذلك. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: كيف ستكون الانعكاسات عليها؟ بأي شكل؟ </p>
<p> </p>
<p>حزام الأسد: على المستوى العسكري طبعًا. وقد حذر السيد القائد بأن أي عمل مساند للولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي من قبل هذه الدول التي تستمر في العداء واستهداف الشعب اليمني، ومساندة كذلك للولايات المتحدة في المسارات اللوجستية والمعلوماتية، وفي حال برز تحريك لأي جبهة في الإطار الداخلي فبالتأكيد ستنعكس عليها في إطار حق الدفاع المشروع للجمهورية اليمنية، في الدفاع عن سيادتها، في الدفاع عن شعبها، في الدفاع كذلك عن مواقفها، وعن قرارها المساند لأهلنا في غزة. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وهذا للتوضيح، أو حتى نرى إلى أي حد قد يؤثر على المسار الذي أعلنه اليمن، وهو جبهة الإسناد. التحريك في الداخل أو أي عملية برية، أو أن يكون هناك رد - كما تفضلت - إن كانت بالفعل تدفع تلك الدول لتحريك هذه الجماعات أو تلك القوات على الأرض. ألن تتغير البوصلة وتؤثر حتى على مسار جبهة الإسناد؟ </p>
<p> </p>
<p>حزام الأسد: طبعًا بوصلتنا هي في اتجاه غزة، وفي اتجاه الإسناد والنصرة، ولكن أي مسار يساند الكيان الإسرائيلي ويساند الولايات المتحدة، بالتأكيد لن يؤثر على البوصلة، هو في نفس المسار، وفي مسار التصدي، سواء في المواجهة مع الولايات المتحدة، وفي أي مسار يساند الولايات المتحدة، ويتعاون مع واشنطن في استهداف الجمهورية اليمنية، سواء على المسار الداخلي أو الإقليمي. نحن الآن في فترة هدنة ممتدة منذ سنوات بعد تصعيد، وبعد أن تلاشت أوهام وخزعبلات عاصفة العزم والوهم.. إلى أن وصلت إلى منتهاها، ودخل الناس في إطار هدنة وتهدئة ومسار خارطة طريق، تعثرت بسبب ضغوط الولايات المتحدة على أدواتها الإقليمية، بسبب ما سمي كذلك بالتصعيد في البحر الأحمر، لكن الهدنة لا زالت قائمة. في حال حاولت هذه الأدوات التصعيد على المسار الداخلي - كما أسلفت - ستنعكس عليها انعكاسًا مباشرًا على الأداتين، وهما أبو ظبي والرياض في هذا المسار. أي جبهة تتحرك - طبعًا كما أسلفت - هي معروفة بأنها جبهتين أو محورين أو مسارين، مسار الإمارات التي تتبنى أداتها في الساحل الجنوبي الغربي، وكذلك في بعض المناطق الجنوبية، إضافة إلى الأداة السعودية في بعض المناطق الشرقية أو المديريات الشرقية. ولكن في حال تحركت هذه الجبهات في استهداف الشعب اليمني لمحاولة عرقلة مسار الإسناد والنصرة لأهلنا في غزة، فبالتأكيد الشعب اليمني حَرِيٌّ به أن يتبنى الاستمرار والمواصلة في التصدي لأي مسار يحاول عرقلة الإسناد والنصرة لأهلنا في غزة. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هل يوجد تواصل؟ أنت تحدثت عن التهديد إذا ما كان هناك بالفعل دعم لمثل هذا التوجه أو عملية برية. لكن، هل يوجد أي تواصل أو قنوات اتصال بينكم وبين الرياض، أو حتى بينكم وبين الإمارات؟ </p>
<p> </p>
<p>حزام الأسد: بالنسبة لذلك، وهو ليس من باب التضعيف أو التقليل من قوة الطرف الآخر، ولكن على المستوى الميداني، العدو يعرف حجمه ويعرف قوته، ويعرف بأنه يتحرك في المسار إما الارتزاقي أو الأداة المستخدمة من قبل الولايات المتحدة على المستوى الإقليمي، أو الارتزاقي على المستوى الداخلي. لذلك، هو ليس له قرار، سواء كان هناك تواصل أو لم يكن هناك تواصل، القرار هو قرار واشنطن. وكذلك العدوان الذي شُنّ على شعبنا لأكثر من عشر سنوات هو قرار معروف، أنه من واشنطن وباللغة الإنجليزية، وأديرت العمليات من قبل الأمريكيين، وكذلك نُفّذت العمليات بطائرات F-16 وF-15 الأمريكية، والغطاء السياسي، والغطاء الدبلوماسي، والغطاء الإعلامي، والغطاء الحقوقي كان ظاهرًا بأن الولايات المتحدة هي من تتبنى العدوان على الشعب اليمني. والعملية العسكرية اليوم التي تُشن على بلدنا، بالتأكيد هي استمرار للعمليات السابقة. ولكن في إطار التواصل والمتابعة، بالتأكيد الطرف الآخر يدرك أنه لا قرار له في هذا المسار. القرار هو قرار واشنطن. ولكن، في حال أن نأت بنفسها، سواء الرياض أو أبو ظبي، عن مسار العدوان على الشعب اليمني، وإسناد الكيان الإسرائيلي، الذي يُساند اليوم من خلال الممرات البرية، ومن خلاله كذلك استهداف أي جبهة مقاومة ومساندة لأهلنا في غزة، على المسار الإعلامي، والسياسي، والأمني وغيره... ولكن في حال استمرَأت هذا المسار أو حركة الجبهات في الإطار الداخلي، فبالتأكيد ستكون هناك انعكاسات على مختلف المسارات، وخاصة المسار العسكري.</p>
<p>الشعب اليمني لا يقبل العدوان عليه أو الاعتداء عليه، أو كذلك التعاون مع الكيان الصهيوني أو مع الولايات المتحدة، بالعدوان عليه أو بتحريك جبهات إشغالية في مسار عرقلة مسار الإسناد.</p>
<p>أما في إطار الوضع الداخلي، فلا قلق، بفضل الله سبحانه وتعالى، فالشعب اليمني متماسك، الشعب اليمني على موقف رجل واحد في هذا الطريق وفي هذا المسار، وهو ملتف حول القيادة في هذا المسار المهم الذي هو من عمق مبادئنا الدينية وقيمنا الأخلاقية والإنسانية، وهو مسار نصرة المظلومين من أبناء هذه الأمة. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هل هناك من تأثيرات يمكن أن تكون بشكل أو بآخر أو تواكبونها بالنظر للتطورات التي نراها على مسار المحادثات الأمريكية والإيرانية، لا سيما جديدها الذي أعلنه ترامب؟ </p>
<p> </p>
<p>حزام الأسد: بالنسبة لأي مواضيع أخرى متعلقة بالولايات المتحدة وإيران، فهذا جانب يخص الدولتين. هم مستقلون ولهم قضايا نقاشية خاصة بهم. </p>
<p>أما بالنسبة لنا، فإطارنا الداخلي محكوم في إطار السيادة الوطنية، ومواقفنا الخاصة بالأمة، وخاصة بقضية الإسناد والنصرة لأهلنا في غزة لا يتحكم بها أي طرف، ونحن في إطار تنسيقي مع محور المقاومة والجهاد المتمثل بقضية النصرة لأبناء غزة، وليس هناك وصاية من أحد على أحد في هذا المسار، ولا تأثير في ذلك. ولكن الولايات المتحدة تحاول أن ترمي فشلها وهزيمتها تارة باتجاه إيران، وتارة باتجاه روسيا والصين، وتارة باتجاهات أخرى، ولكن في الحقيقة فشلت، فشلاً ذريعًا. هي حاولت أن تبني لها قوة من الإعلام، من أفلام هوليوود، من السطوة والسيطرة، ومن خلال أدواتها وأنظمتها الوظيفية في إطار المنطقة، ولكن ما إن برزت القضايا المحقة في مواجهة كذلك المسارات الباطلة، إلا وتلاشت. اليوم هو واقع، اليوم عندما تلجأ الإدارة الأمريكية لاستخدام القاذفات الاستراتيجية، التي تقطع أكثر من أربعة آلاف كيلومتر، لتأتي إلى العاصمة صنعاء، لتقصف بيت مواطن، لتقتل أربعة أطفال أو امرأة أو كذا، فهذا دليل على عجز، على فشل، على انهزامية كبيرة يعيشها، على تآكل، سواء في منظومة الردع الأمريكية وقوة الردع الاستراتيجية التي أرهبت بها العالم، إلى أن تصل إلى هذه الوضعية، وإلى هذه الحالة. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: شكرًا جزيلًا لكم سيد حزام الأسد، عضو المكتب السياسي لأنصار الله، ضيفنا كنت معنا من العاصمة صنعاء. </p>
<p> </p>
<p>أثار ما قالته الناشطة السورية غادة الشعراني عن انتهاكات تشهدها السجون في إدلب، موجة من النقاش والسجال في الشارع السوري، وطرحت الكثير من التساؤلات عن أسباب رفض فتح أبواب هذه السجون من السلطة، وإخضاع من فيها لمحاكمة حقيقية.</p>
<p> </p>
<p>تقرير: وكأن جراحه تنطق صرخات الألم تحت سياط جلاديه. يكشف الأمين العام لحزب الانتماء الوطني الديمقراطي السوري، رجا دمقسي، عن تفاصيل ما تعرض له من تعذيب في سجون إدلب. </p>
<p> </p>
<p>رجا دمسقي: كان الهجوم علينا كأناس، كإنسانيين، كدروز، كعلويين، هذه هي الفكرة التي وُجهت لنا، عندما دخلنا السجن، لم نكن نرى شيئًا، فكانت العيون مغطاة، ودخلنا السجون بهذه الطريقة. عندما دخلنا المنفردات، كنا نجتمع واحد، جدًا خطيرًا، رائحة الدماء منتشرة، أعتقد أنه عندما يتم الكشف الحقيقي عن هذا الموضوع، سيُرى في السجون الشيء الكثير. </p>
<p> </p>
<p>أقل من ٤٨ ساعة من الاعتقال، شكلت صدمة للمعتقلين من الحزب، فما شاهدوه وسمعوه من تعذيب وطرق متبعة في هذه السجون، تعيد إلى الذاكرة التظاهرات الشعبية في إدلب قبل سقوط النظام السوري، وما حملته من مطالب لكشف مصير المعتقلين، ومن قُتل في السجون حينها. </p>
<p> </p>
<p>غادة الشعراني – ناشطة وعضو حزب الانتماء الوطني الديمقراطي: تعرضوا للضرب، ضربوا الصبايا، الصبايا ضربوا على رؤوسهم حتى تورّمت، إحدى الصبايا تركناها على الفراش وأقدامها ترجف ولم تستطع أن تقف لتستقبلنا. الإهانات والضرب لفظي وجسدي، وإهانات شديدة، وكان هناك تهديد خلال الطريق بتصفيتهم، العلويون منهم – كانوا 5 أشخاص – كانوا يهددونهم الساعة السادسة صباحًا يريدون تصفيتهم.</p>
<p> </p>
<p>مشاهد التعذيب انفجرت صرخة لناشطين في مواجهة الإدارة السورية، فمن رأى وعايش ساعات مما يُجرب في السجون، ليس كمن سمع. </p>
<p> </p>
<p>غادة الشعراني: ذهبوا وشاهدوا السجون، الناس تولول في السجون، هناك طفل عمره سنة و7 أشهر داخل السجن، من إخواننا العلويين، وهناك بنات قالوا لهم من إسرائيل وهناك بنات من إيران، أصبح لهم 7 سنوات في السجن، وهذه غرفة من الغرف التي أنتم مسؤولون عنها.</p>
<p> </p>
<p>صرخة شكلت صدمة في الشارع السوري، وأعادت إلى الذاكرة قضية المقابر السرية لدفن من يقضون تحت التعذيب في سجون إدلب. لتعود اليوم التهديدات لتطال ناشطين تحدثوا عن خفايا هذه السجون. </p>
<p>رضا الباشا، الميادين. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: في نقاش معنا من دمشق الكاتب والمحلل السياسي نورالدين البابا، وكذلك معنا الأكاديمي والحقوقي الدكتور أمجد بدران، مرحبًا بكم.</p>
<p>أبدأ معك سيد نورالدين البابا، مجددًا يتم طرح موضوع السجون في إدلب، وغياب فعلي للاطلاع عليها من قبل المنظمات الحقوقية، مجدّدًا يعود للواجهة مع ما قالته الناشطة غادة الشعراني. ما الذي يمنع استبيان حقيقة ذلك وكشف الملابسات بين أن يكون الأمر ادعاءات أو حقيقة واضحة حول هذه السجون، عددها، ومن يُعتقل فيها؟ </p>
<p> </p>
<p>نورالدين البابا: بسم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.</p>
<p>أنا في البداية أريد التمييز بين القضيتين حتى لا نقع في خلط موضوع التعليق عليهما سويًا. بالنسبة لموضوع السجون، فالثورة السورية عندما خرجت ابتداءً خرجت ضد ثقافة التعذيب، وضد ثقافة الخطف، وضد ثقافة التغييب القسري. طول أمد الاستبداد في سوريا، وطول أمد الإجرام، ولبوسه الطائفي ضد السوريين، واستمرارهم لعشرات السنوات، وتأصيل هذا الأمر عبر أفرع أمنية، وعبر قضاء، وعبر أجهزة تنفيذية شرطية وغير ذلك، بمعنى أن الإجرام والتعذيب والتغييب القسري بات سياسة ممنهجة من قبل الدولة. هذا الأمر ترك ما أحب أن أسميه الرواسب العنفية في المجتمع السوري، بمعنى أن المجتمع السوري بشكل عام بات لديه ميل نحو العنف وميل نحو الأذى بدون أن يدري، نتيجة التربية البعثية التي استمرت عشرات السنوات في هذا المجتمع.</p>
<p>لذلك، أن يتعافى المجتمع السوري من هذه الثقافة، فهو أمر يحتاج إلى وقت، وهو أمر لن يكون في يوم وليلة، ويكون بتضافر جهود حكومية من طرف، وجهود شعبية من طرف آخر، وجهود منظمات مجتمع مدني من طرف ثالث، تكون رافدة وداعمة للجهود الحكومية وللجهود الشعبية. هذه نقطة أولى يجب تثبيتها.</p>
<p>النقطة الثانية، بموضوع إدلب أو غير إدلب أو كذا، فأنا أقول بأنه يجب أن تكون كل السجون تحت إدارة وزارة الداخلية، وذلك يكون تحت سلطة الدولة السورية، وأن تكون جميع هذه السجون تعمل بنظام قانوني يضمن حقوق الموقوفين، ويضمن حقوق المسجونين، وأن تكون ضمن معايير دولية تضمن كرامتهم، وتضمن الحفاظ على نفسية الموقوفين ونفسية المسجونين. وطبعًا موقف جميع السوريين، وخاصة أبناء الثورة السورية المباركة، ضد التغييب القسري، وضد التعذيب، وضد الخطف، معروف جدًا.</p>
<p>راميا الإبراهيم: أي أنت تقول، سيد نور الدين البابا، إن هذه السجون ليس في جلّها تتبع للسلطات؟ ما هو الرابط أن هناك تداعيات لما جرى في سوريا من عام ٢٠١٠ على المجتمع السوري، في ظل غياب الشفافية وفتح هذه السجون للمنظمات الحقوقية لاستبيان حقيقة عدد المعتقلين، ومن هم، وأسباب الاعتقال، أو حتى المدة؟ ما الرابط، عفوًا؟ </p>
<p> </p>
<p>نورالدين البابا: لا، الرابط ليس من عام 2010، الرابط من عام 1963. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: بغضّ النظر، ما الرابط بين ذلك وبين عدم فتح السجون؟ </p>
<p> </p>
<p>نورالدين البابا: الرابط أن هذا الأمر، أي موضوع الانتهاكات ضد حقوق الإنسان، بات ثقافة، للأسف، تركت رواسب عنفية لدى الشعب السوري بسبب ممارسات النظام السوري الطائفي والأقلوي ضد السوريين. لذلك، فإن هذه الرواسب العنفية، وهذه الثقافة السيئة، مع الأسف، لن تزول في يوم وليلة. هذا من جهة.</p>
<p>من جهة ثانية، موضوع السياق الذي تشكّلت فيه الدولة السورية الجديدة، وخروجها من معركة عنيفة جدًا من أجل التحرير ومن أجل الحرية، لم ينتج عنه إلى اليوم ترابط حكومي أو ترابط هيكلي واضح بين كل القطاعات الموجودة في الدولة السورية، سواء من الناحية الإدارية والحوكمية، أو حتى من الناحية الأمنية.</p>
<p>لذلك، فإن هذه الأخطاء هي أخطاء مرفوضة، أخطاء تُلام عليها الحكومة، أخطاء يجب محاسبة مرتكبيها. لكن، في الوقت نفسه، فإن هذه الأخطاء حتى تُعالَج وحتى نتخلّص منها بسرعة أكبر، يجب أن تؤخذ ضمن سياقها الصحيح، التاريخي والزمني والقانوني.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: ما رأيك بذلك، دكتور أمجد بدران؟ وعلى المستوى القانوني والحقوقي، كيف يمكن التعامل مع هذه القضية أو هذا الملف؟</p>
<p> </p>
<p>أمجد بدران: مساء الخير. </p>
<p>فقط أودّ أن أعلّق على كلام ضيفك، أنه في زمن الاستبداد، في زمن المجرم بشار الأسد - ونحن جميعًا متفقون على إجرامه - أنه كان هناك لبوس طائفي. في الحقيقة، هذا الكلام غير صحيح، إلا بطريقة واحدة، كيف يعني لبوس طائفي؟ هل كان يُعذَّب شخص أو يُخفى لأنه سُنّي أو لأنه درزي؟ هل عُذّب شخص في معتقلات الأسد لأنه سُنّي؟ لم يحدث ذلك. الذي كان لبوس الطائفي الوحيد في زمن الأسد، كان أنه إذا كنت علويًا، فعقوبتك هي الضعف، إذا كنت علويًا، وليس إذا كنت معارضًا علويًا. وكثيرون ممن عملوا في رابطة العمل الشيوعي، من الشيوعيين والمعارضين، يعرفون ذلك. إذا كنت علويًا، فعقوبتك هي الضعف.</p>
<p>ولكن، هل سُجن أحد لأنه سُنّي؟ هل سُجن أحد لأنه درزي؟ هل سُجن أحد لأنه مسيحي؟ هذا في رأينا القانوني يُعدّ افتراء.</p>
<p>أيضًا، المغالطة أن النظام كان أقلوي. النظام لم يكن أقلويًا، والعلويون لم يكونوا حاكمين، إلا من حيث أن بشار الأسد كان ينتمي للطائفة العلوية، وقد قام باستبعادها تدريجيًا من الحكم منذ تسلّمه في عام 2000 وكل العلويين في بيوتهم يتحدثون عن ذلك - فقط للتصويب.</p>
<p>الموضوع الذي نحن بصدد الحديث عنه هو عملية الخطف، وليست اعتقالًا. خطف رئيس حزب الانتماء السوري، والشخص هو رئيس حزب الانتماء السوري، وكلام الأستاذ غادر الشعراني في مواجهة محافظ السويداء، مصطفى بكور، قالت له: "نحن لا نعترف"، أي لدينا ملاحظات كثيرة على الإعلان الدستوري الذي تمّ خرقه، قصدها أنهم خرقوه في المادة 13 التي تنص على حرية التنقل، قصدها أنهم خرقوه في المادة 17 وفي المادة 18 التي تنص على شرعية الجرم والعقوبة. قصدها في المادة 18 أنه لا يجوز التعذيب، ولا يجوز الإخفاء القسري، وأنه ليست هناك حالة جرم مشهود، أي أن الحاجز الذي أوقف لم يكن هناك حالة جرم مشهود، لم يكن هناك أمر قضائي. أنت كضابط عدلي - مع التحفّظ على تسميته بـ"الأمن العام" - مع التحفّظ على تسميته كضابط عدلي، حتى تسمية الأمن العام قانونًا، كان يجب أن يصدر قانون من مجلس الشعب بتسمية هذا الجهاز كـ"أمن عام"، لا يوجد شيء من هذا القبيل، ليس إذا قلنا لهم أنتم صرتم أمنًا عامًا، فإنهم أصبحوا كذلك. يجب أن تكون هناك بنية تشريعية. نحن في سوريا، البنية التشريعية الموجودة حاليًا، لا يوجد فيها مجلس تشريعي حاليًا، أي أنه لا يوجد مجلس تشريعي، فكيف حازوا على لقب الأمن العام كهيئة رسمية في الدولة، حتى نعاملهم كضباط عدليين؟</p>
<p>ثم نتحدث عن كفاية قانون العقوبات رقم 148 لعام 1949، الذي ينص بالمادة 357، بدلًا من 1340، عن عقوبة الموظف الذي يقوم بإخفاء أو اعتقال أو توقيف شخص خلافًا للقانون. يُعاقب بالاعتقال المؤقت من 3 إلى 15 سنة.</p>
<p>ولكن، نقطة صديقتي بالنسبة للبنية التشريعية، كل الإعلان الدستوري، الجولاني يريدنا أن نقع في فخ مناقشته. هو يريد أن ينأى بنا عن أننا في مرحلة تشكيل دولة، ولسنا في مرحلة عقوبة دائمة. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: الآن دخلنا في نقطة أخرى. سأعود إليك، دكتور أمجد، حتى نوزع الوقت عدلًا بينك وبين... سأعود إليك لتكمل هذه النقطة، ونثيرها بنقاش بينك وبين السيد نورالدين البابا.</p>
<p>أنتقل إليك، سيد البابا، إذا كان لديك أي تعقيب، نقطتين، النقطة الأولى هل أسقط رئيس مستبد، نظام مستبد، أم نظام علوي؟ حتى نتحدث عن موضوع طرح الأمر في إطار طائفي. هذه نقطة.</p>
<p>النقطة الثانية، في إدلب، موضوع السجون، ليس أول مرة يُطرح، ومعروف أن هيئة تحرير الشام كانت تدير الأمور في إدلب، بل وتقدم نفسها كنموذج بأنها نجحت في إدلب، وعليه يمكننا أن نوسع هذا النموذج، وهذه التجربة، على كل سوريا. بالتالي، لماذا يتم الحديث - أو ما تفضلتم بطرحه - بأن هذه السجون هي نتيجة تداعيات مما جرى في سوريا لعقود، وبأنه لا توجد قوانين تُنظّم أو إمكانية للإدارة على مفهوم دولي؟ هذه السجون يُفترض أن تكون التجربة الرائدة التي يُراد أن تُوسَّع في سوريا.</p>
<p> </p>
<p>نورالدين البابا: لأجيب أنا عن طبيعة النظام السوري، سأترك الإجابة للضحايا. عندما نحصي الضحايا ونعرف هويتهم الطائفية - سواء من القتلى أو المغتصبات أو المهجّرين قسرًا أو المختفين أو المعتقلين - سنجد أن 99.9٪ منهم من سُنّة سوريا. إذًا، لا يتصرف بهذه التصرفات ضد مكون معيّن في سوريا إلا نظام لديه حقد طائفي. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: من أين هذه الأرقام؟ </p>
<p> </p>
<p>نورالدين البابا: هذا ليس كلامي بالمناسبة، هذا كلام ميشيل سورا، الباحث الفرنسي، الذي كتب كتاب "سوريا الدولة المتوحشة"، وهذا كلام نيكولاس فان دام، السفير الهولندي الأسبق في سوريا، الذي تحدث في كتابه "الصراع على السلطة في سوريا"، وذكر بشكل تفصيلي كيف أن النظام هو نظام طائفي أقلوي في سوريا، وبيّن ذلك بالأرقام. هناك أيضًا دراسة لمركز عمران للدراسات عن موضوع الأماكن المفصلية في الجيش وفي المخابرات السورية، وكيف يتم إدارتها بشكل طائفي من قبل النظام السوري.</p>
<p>لكن، هذا لا يبرر أي ممارسة طائفية بشكل مضاد من طرف حكومة أخرى تأتي بديلة عن الحكومة الطائفية الأولى. بمعنى، نحن لا نريد إسقاط حكم طائفي لنقيم حكم طائفي آخر. نحن أسقطنا حكمًا طائفيًا، وأقمنا بدلًا منه حكمًا وطنيًا يستوعب جميع السوريين بكل مكوناتهم. وحينما أقول إنه حكم أقلوي وطائفي - حكم بشار الأسد - أنا لا أقول ذلك من باب (أنني طائفي)، بل أقول ذلك مستندًا إلى مصادر ومراجع، منها الأجنبية ومنها العربية. هذا أولًا.</p>
<p>ثانياً، بالنسبة لنموذج وتجربة إدلب. نموذج وتجربة إدلب، أنا شخصياً كثيراً ما ناقدتهما، بل حتى آخر نقد لي لتجربة إدلب كان قبل حوالي شهر تقريباً، كتبت ذلك على صفحتي في وسائل التواصل الاجتماعي. قلت إن إدلب كانت تجربة أكثر نجاحاً من غيرها، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنها "ناجحة"، أو أنها تصلح لاستنساخها كما هي على جميع سوريا.</p>
<p>نعم، تجربة إدلب كانت ناجحة، لكن علينا أن نقول إن تجربة إدلب كانت لديها خصوصية معينة ساهمت في نجاحها، وأنها تجربة تُعتبر محدودة إذا ما أخذنا القياس على كل سوريا. لذلك أنا أقول: نعم، لدينا كثير من الفجوات ولدينا كثير من الأخطاء وعلينا أن نعمل سوياً لمعالجة هذه الأخطاء. أنا أنظر إلى الخطأ دائماً في سياق واقع، وسياق منطقي، وسياق من يريد إصلاح الخطأ، وليس فقط في سياق من يريد أن يسجل هدفاً.</p>
<p>وبالمناسبة، أنا من مدينة حلب، وأعرف أقارب لي كُثُر قُتلوا عند المخابرات السورية أو غُيِّبوا قسراً منذ الثمانينيات إلى اليوم فقط لانتمائهم الطائفي. </p>
<p>موضوع الناشطة غادة الشعراني. حقيقة ما جرى، أنا برأيي، أنه يُعني من جناب محافظ السويداء، لأنه رجل حكيم ورزين ورجل دولي ويُبيِّن أن الدولة السورية الجديدة التي انبثقت من الثورة السورية هي دولة الحرية ودولة العدالة لكل السوريين، وأن هذه الناشطة أو غيرها، لأنها لم تأمن جانب الدولة، بأنه لا يوجد مخابرات جوية ولا أمن عسكري ولا أي سلوك طائفي من هذه الدولة تجاهها، لم تقم بذلك. فإنما كنا نفتقد كثيراً من هذه الأصوات في أيام الحكم الأقلوي البائد.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وهنا أيضاً، في موضوع أيضاً المرصد السوري لحقوق الإنسان يتحدث أنه يوجد اعتقال لآلاف العسكريين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء وسط عدم اعتراف الإدارة الجديدة بوجودهم داخل سجونها، وهذا يُوضع في أنه انتهاك مباشر للقانون الإنساني الدولي، والبعض أيضاً يضعه في إطار تصفيات غير قانونية. لا أدري هنا، دكتور أمجد بدران، كيف يمكن حسم هذا الملف، وبالتالي المسار الذي يمكن أن يسلكه حتى تحقيق العدالة، لأن القضايا تتزايد، وما أشار إليه هي الحرية، باب الحرية الواسع الذي يظهر الآن في سوريا، انطلاقاً مما قالته الناشطة غادة شعراني، كيف تبدو؟ </p>
<p> </p>
<p>أمجد بدران: يا سيدتي، أنا مضطر للرد على ضيفك، هو يقول أنه قُتل السنّة، قُتل سنّة أيضاً مع النظام، مع الجيش العربي السوري، قُتل عشرات آلاف من الشهداء، عشرات آلاف من السنّة، وليس فقط مع المعارضة. بالنسبة للتعيينات في المخابرات، هل علي مملوك علوي؟ هل هشام اختيار علوي؟ هل رستم غزالي علوي؟ هل محمد ديب زيتون علوي؟ هل فريد التاجر علوي؟ كل هؤلاء في أعلى المناصب الأمنية.</p>
<p>لا نتحدث عن الجيش، حيث وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان كانوا سنّة، وكانوا مسيحيين، وكانوا من جميع الطوائف. لا يمكن وصف النظام بأنه كان نظاماً علوياً، هذه مغالطة كبيرة، مع الاحترام لكل الباحثين الذي تحدث عنهم، ولكن المناصب واضحة وبنية الجيش العربي السوري كانت واضحة، ولا يمكن تبرير ذلك. لم يُقتل أحد لأنه سنّي. يعني المخابرات، حتى مخابرات النظام، قتلت المعارضين، من كان يعارضها، ولم تقتله لأنه سنّي، بينما كانت تعاقب العلوي أضعافاً لأنه علوي.</p>
<p>في الموضوع الذي يقوله أيضاً أن المحافظ سكت وقدم نموذجاً لرجل الدولة، هو سكت لأنه يعرف الرجال الذين يقفون خلف غادة الشعراني، يعرف أنهم لن يسلّموا غادة الشعراني لسلطة إرهابية، هو يعرف من يقف خلف أهل السويداء، يعرف الحماية الدولية الموجودة لهم، ولذلك سكت، لا يستطيع أن يتكلم. ولأنه شريك في الجريمة، ولأنه يعرف أكثر مما تعرف غادة الشعراني. غادة الشعراني تحدثت عمّا شاهده الوفد. يعني الوفد الذي تم اعتقاله رأى بعض المشاهدات. ولكن محافظ السويداء يعرف أنه ليس فقط هذا الكلام صحيح، إنما يعرف حالات موثقة في سجون الجولاني.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هل هناك إمكانية لنرى لجاناً حقوقية أو منظمات حقوقية تدخل؟ لأنها تحدثت عن طفل عمره سنة وسبعة شهور، وتحدثت عن نساء لسنوات معتقلات، بشكل سريع. </p>
<p> </p>
<p>أمجد بدران: يا سيدتي، لن نتبنى أي رواية. نحن كحقوقيين، لن نتبنى أي رواية. هل يرضى ضيفك الكريم وهل يرضى الجولاني نفسه، هذا المجرم، هل يرضى بأن تتشكل لجان حقوقية دولية حيادية نزيهة، يكون بين أعضائها سوريون؟ من هو المجرم؟ ومن هو الكاذب؟ هو من يرفض تشكيل هذه اللجنة الدولية. نحن نريد تشكيل لجان دولية للمراقبة في جميع سجون الجولاني. نريد أن نعرف مواقع هذه السجون. من يرفض ذلك فهو المجرم، من يرفض لجاناً حيادية حقوقية هو المجرم.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: دكتور، اسمح لي، لأنه هناك نقطة أخرى في الملف نحتاج أن نركز عليها. ما قاله ترامب بالأمس حول أردوغان. وأوضح لك أن السيد نور الدين البابا هو كاتب ومحلل سياسي، وبالتالي لا يمثل السلطة، وليس بيده القرار، حتى ربما يسمح أو لا يسمح. </p>
<p> </p>
<p>أمجد بدران: لا، لا، هو كان ناطقاً باسم إدارة العمليات العسكرية، كان يعمل معهم.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: الآن هو كاتب ومحلل مؤيد، كما أنت لديك وجهة نظر في المقابلة. </p>
<p> </p>
<p>أمجد بدران: رجاء، الماضي الحقوقي، كل واحد يقول، وكأن الجولاني مثلاً، كل واحد يقول أنا من هذه اللحظة غيّرت ثوبي أو غيّرت كذا... الإنسان لا يستطيع أن يتجرّد من الجرائم التي ارتكبها في الماضي.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: سامحني، لأنني أريد أن أنتقل إلى نقطة أو نقطة أخرى في الملف. وبكل الأحوال، السيد نورالدين البابا، عندما نعود بعد أن نسمع هذه الصوتية، إذا وددت أن تعقّب ولو بشكل سريع حتى نتجاوز ونمضي في الحوار. </p>
<p>لكن نستمع، إذًا، في خلال لقاء دونالد ترامب ببنيامين نتنياهو، أشار الرئيس الأمريكي إلى تركيا ودورها في سوريا، وكيفية السيطرة عبر ما وصفه بوكلائها. ولفت إلى العلاقة المتميزة على المستوى الشخصي التي تجمعه مع الرئيس أردوغان، نتابع. </p>
<p> </p>
<p>دونالد ترامب – الرئيس الأميركي: لدي علاقة رائعة مع رجل اسمه أردوغان وأنا أحبه، وهو يحبني، وهذا ما يُغضب وسائل الإعلام. أبلغت الرئيس التركي تهانينا، فقد فعل ما عجز عن فعله الآخرون على مدى ألفي عام، لقد أخذ سوريا، مهما تعددت أسماؤها تاريخياً. قال أردوغان: لا، لم أكن أنا من أخذ سوريا. فقلت له: لقد كنتَ أنت، لكن حسناً، ليس عليك الإقرار بذلك. فقال: حسناً، ربما كنتُ أنا من أخذها.</p>
<p>أردوغان شخص قاسٍ وذكي للغاية، فقد أنجز شيئاً لم يستطع أحد القيام به من قبل. علينا التسليم بانتصاره. أي مشكلة لنتنياهو مع تركيا، أعتقد أن بإمكاني حلها ما دام منطقياً في طلباته. عليه أن يكون منطقيًّا. علينا جميعًا أن نكون منطقيين. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: سيد نورالدين البابا هذا الكلام لدونالد ترامب، أين يضع كل ما جرى منذ 27 من تشرين الثاني/نوفمبر 2024 حتى 7 من كانون الأول/ديسمبر، إسقاط النظام السابق في سوريا، بين تحقيق عمل ثوري شعبي، وبين مسار إقليمي قادته تركيا، على ما قال أردوغان وما مدى التأثير أو الإحراج للحكم الجديد في سوريا انطلاقًا من ذلك؟ </p>
<p> </p>
<p>نورالدين البابا: بداية، تفوَّه ضيفكم بكثير من الإهانات الشخصية لي وللسيد الرئيس أحمد الشرع. ولكن هذا لا يغيِّر من حقيقة الأشياء شيئًا.</p>
<p> </p>
<p>أمجد بدران: هو سيدك الرئيس، هو سيدك الرئيس، لا بشار الأسد سيدي ولا الجولاني سيدي، هو سيدك الرئيس، هو إرهابي دولي:</p>
<p> </p>
<p>نورالدين البابا: السيد الرئيس أحمد الشرع، رئيس سوريا، ولن يغير رأيك شيء في هذا السايق. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: دكتور، استمع إليك سيد البابا، استمع إليه، تفضل سيد البابا. </p>
<p> </p>
<p>نورالدين البابا: أنا لم أُقاطع أحدًا. السيد الرئيس أحمد الشرع، رئيس الجمهورية العربية السورية شرعًا وقانونًا، وأنا كنت فخورًا جدًّا بأني كنت جزءًا من إدارة العمليات العسكرية التي أسقطنا عن طريقها النظام الطائفي الأقلوي في سوريا وأقمنا النظام الوطني لجميع السوريين، هذا شرف كبير لي. هذا من الناحية الأولى. </p>
<p>من الناحية الثانية، حبذا لو أننا نقرأ الأرقام، فإن الأرقام لا تكذب، لو أننا أتينا بإحصائية لنسبة كل مكوِّن سوري، ونسبة ما قتله النظام السوري من هذا المكوِّن، ونسبة منتسبي ضباط الجيش والمخابرات من كل مكوِّن، سنجد تمامًا بالأرقام كيف أن النظام أقلوي، وكيف أن النظام طائفي، والنظام حاقد على جميع السوريين. ومن قُتل من الجيش السوري عند بشار الأسد، أنا لا أراهم إلا شبيحة، وليسوا شهداء، ومن كان منهم سنِّيًا، فهو مجرم أكثر من غيره. لأن السنِّي الذي قُتَل مع بشار الأسد، إما جُنِّد إجباريًا بانتهاك صارخ وواضح لحقوق الإنسان، أو أنه تشابه معه في الإجرام.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: موضوع أردوغان؟ </p>
<p> </p>
<p>نورالدين البابا: موضوع أردوغان واضح تمامًا من كلام دونالد ترامب، بأنه يوجِّهه إلى بنيامين نتنياهو، ويريد أن يوازن علاقة الولايات المتحدة الأمريكية ما بين تركيا، كونها ثاني أكبر جيش في الناتو من طرف، وما بين إسرائيل الحليف المفضل والطفل المدلل لدونالد ترامب. أما موضوع انتصار الثورة السورية، هل له علاقة بتركيا أم لا؟ أنا أقول: إن انتصار الثورة السورية هو أولًا وآخرًا انتصار وطني بيد أبنائه.</p>
<p>لكن لا شك أن الظروف الإقليمية التي حصلت، منها مثلًا الحرب الإسرائيلية ضد حلفاء النظام السوري، ومنها الحرب الروسية الأوكرانية، ساهمت كأسباب قدرية في انتصار الثورة السورية. بينما، حسب كلام ترامب نفسه، أن أردوغان لم يدَّعِ هذا الشرف، وهذا حقيقة أمر يُشكر عليه أردوغان.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: في الحوار، قال: نعم، أخذتها. ما قاله ترامب، استمعنا إليه الآن، بالبدء قال لا، ومن ثم قال نعم، أخذتها، وهنَّأه ترامب على ذلك.</p>
<p> </p>
<p>نورالدين البابا: انتصار الثورة السورية يُعتبر نصرًا استراتيجيًا لتركيا، لأن تركيا لم تنحاز إلى جانب النظام السوري الأقلوي البائد، بل انحازت إلى طرف الشعب السوري. وبالتالي، انتصار الثورة السورية سيعني بالضرورة انتصارًا جيوسياسيًا كبيرًا لتركيا، وهذا أمر طبيعي. بمعنى: عندما ينتصر حليفي، أو عندما ينتصر شريكي، فبالتالي انتصاره انتصاري. وهذا أمر طبيعي جدًّا في السياسة، ولا يُعيب أي طرف. يعني، أنا مثلًا، عندما نفترض مثلًا أن تركيا انتصرت في مجال جيوسياسي وسوريا اليوم حليفة لتركيا، لا شك بأن الإيجابية ستنعكس على سوريا، كونها حليفة جيوستراتيجي لتركيا، هذا أمر طبيعي في السياسة. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هو قدّمه وكأن الحديث على أنه غنيمة حصل عليها أردوغان، وفق منطوق دونالد ترامب. </p>
<p> </p>
<p>نورالدين البابا: يعني، كلام دونالد ترامب في الأخير هو يُمثِّل الزاوية الأمريكية والرؤية الأمريكية، الرؤية الأمريكية تنظر بتعالٍ إلى جميع الكوكب، وبالتالي، هي لا تتعامل مع الدول، ولا تتعامل مع حركات الشعوب على قدر من الاحترام. بل رأينا إساءة من دونالد ترامب لدول كبرى منها الصين، منها الدنمارك، منها كندا. فمن الطبيعي أن يتكلم بإساءة وتحقير لسوريا، فهو يتكلم من منطق تعالٍ، هو الشيطان الأكبر، دعينا لا ننسى ذلك، حسب بعض الأدبيات.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هنا أنتقل إليك، دكتور أمجد بدران، إذا لديك أي تعقيب على هذه النقطة. والتفاعل الذي جاء، وهو واسع حقيقة، مع ما قاله دونالد ترامب، بالطريقة التي صاغ فيها الحوار بينه وبين أردوغان، وتخصيص الأمر في موضوع سوريا فقط، في تصاعد التوتر بين إسرائيل وتركيا وبأننا أمام مقدمات لعملية اتفاق على مستوى تقسيم سوريا. </p>
<p> </p>
<p>أمجد بدران: سيدتي الكريمة، أول شيء أحب أن أقول إنني لا أتشرف لا ببشار الأسد ولا بالجولاني. بشار الأسد شخص ديكتاتور، والجولاني شخص سيوقراطي فاشي، والنظام السيوقراطي هو بالتأكيد ووفق التصنيفات الدولية، هو أسوأ من النظام الديكتاتوري، وأنا لا أتشرف بالاثنين. </p>
<p>بالنسبة لموضوع الشهداء، التعدي على شهداء الجيش العربي السوري أنا لا أسمح به، لأن كل شخص، وأنا أخاطب كل امرأة في سوريا، سنية أو علوية أو مسيحية، إذا ابنك لم ينهب، إذا ابنك لم يعتدِ على حُرمات الناس، ومات ضمن الجيش العربي السوري فابنك شهيد وارفعي رأسك به. إذا ابنك لم ينهب من بيوت الناس، إذا ابنك لم يقتل الناس لم يعتدِ على الناس، فابنك شهيد، وارفعي رأسك به. هذا الأمر محسوم بالنسبة لي.</p>
<p>وفق القرار 2254، البند الثامن الذي يُخالفه، الذي تحايل عليه الجولاني، هذا ما كنت أريد أن أقوله في بداية اللقاء، أن الجولاني أخرج الإعلان الدستوري ليتحايل على القرار 2254، على البند الثامن، الذي ينص على أن النصرة وأن داعش والتنظيمات الملحقة بها لا يحق لها أن تُشارك أصلًا في الحياة السياسية السورية. وهذا كان واضحًا في البيان من فريق الدولي في 14 تشرين الثاني من عام 2015، الذي قال: إن النصرة، والذي بُني عليه القرار 2254، والذي قال: إن النصرة وداعش يجب أن يثهزما. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: دكتور، الأمر يُقدَّم على أن واشنطن تضغط على الحكم الجديد، من أجل حصد مكاسب منه، إن كان ما جرى مع البعثة السورية في الأمم المتحدة، وتخفيض مستوى الفيزا، وتغيير الوضع القانوني أمريكيًّا لها، بأنها حكومة غير معترف بها، وما يقوله أردوغان، أوما نقله ترامب عما قاله أردوغان، كلها تُوضع في إطار الضغوطات، من باب العقوبات، لحصد مكاسب من الحكم الجديد في سوريا وليس العكس. </p>
<p> </p>
<p>أمجد بدران: صحيح. بالنسبة لأردوغان، نحن نعلم أن ترامب يتصرف بعقلية سوق الهال، بعقلية التاجر. من يعرف سوق الهال، بالذات في سوريا، يستطيع أن يدرك ببساطة عقلية ترامب. ترامب ينفي أيضًا، عندما تُحدّثيه عن ثورة سورية انتصرت، هو يضحك ترامب، وحتى أردوغان يضحك. يعلمون أن الذي تم هو توافق تركي روسي بعلم الإسرائيلي وبعلم ترامب. نحن نعلم أن الأمم المتحدة، وحتى المحكمة الجنائية الدولية، وحتى منظمة العفو الدولية، التي هي منظمة غير حكومية، أصدرت تقريرًا وجرّمت الجولاني وكتبت تقريرًا بصيغة حقوقية وسياسية، كلها عبارة عن صيغة توفيقية. من هي الأمم المتحدة في منطقتنا؟ هي بوتين، هي ترامب، هي نتنياهو، هي أردوغان. فترامب عندما يقول إن الذي أخذ سوريا هو أردوغان، ماذا يريد أن يقول؟ يريد أن يقول إن هذا الرجل سيكون مطيعًا لي عندما أطلب منه، يعني لا أحد يرى الجولاني، هم صَفّوا عليه بعض المال.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: أشكرك. انتهى الوقت. سامحني، انتهى الوقت، الوقت انتهى بالكامل، أقل من دقيقة، سيد البابا، ثلاثون ثانية، تفضل.</p>
<p> </p>
<p>نورالدين البابا: أنا أقول إن حقد الناس الطائفي على انتصار الثورة السورية لن يغيّر من حقيقة الأشياء، ولنفترض ما يدّعيه البعض، الثورة السورية وصلت إلى نقطة أنها باتت رقمًا صعبًا. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: شكرًا جزيلًا لك، سيد نور الدين البابا، الكاتب والمحلل السياسي من دمشق. دكتور أمجد بدران، أكاديمي وحقوقي، شكرًا جزيلًا لك.</p>