نحو "باندونغ" جديدة: مصر وإيران ومهمة إعادة التوازن في الإقليم

في ظل مشروع الهيمنة الأميركي–الصهيوني الساعي إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط، تبرز أهمية العلاقات المصرية–الإيرانية كخيار استراتيجي يعيد التوازن إلى الإقليم. فمصر وإيران، بوصفهما قوتين مركزيتين والأكثر تضرراً من هذا المشروع، مدعوّتان إلى استدارة تاريخية تؤسس لعلاقة متينة قادرة على إطلاق مشروع تحرّري جديد، يستلهم روح "باندونغ"، ويقدّم بديلاً حقيقياً عن التبعية والهيمنة. ويبقى السؤال الجوهري: لماذا تأخرت هذه العلاقة رغم ضرورتها التاريخية والسياسية؟

نص الحلقة

 

حمدين صباحي: تحيّة عربية طيّبة.

وراء المُقْتلَة والمَسْغَبة والإبادة في غزّة، ووراء التحرّكات المُتعدّدة على كل الأصعدة في العواصم، هناك هدف يظنّ الكيان الصهيوني ومَن وراؤه أمريكا أنهم يقتربون الآن لتحقيقه.

نظام شرق أوسطي جديد، جوهره هيمنة الكيان الصهيوني وأمريكا على مُقدّرات أمّتنا العربية وشعوب هذا الإقليم. هذا هو جوهر التحدّي، فأين الاستجابة؟

هذا ما يجعلنا نقول بوضوح: على شعوب ومُفكّري وقادة ونُظُم أمّتنا العربية والإقليم من حولنا أن يكونوا في لحظة حضور ببدائل قادِرة على أن تصدّ هذا المشروع للهيمنة، بمشروعٍ يُعبّر عن صَوْن مصالح وأمن شعوب هذه المنطقة من العالم.

في مُقدّمة الذين يلحقهم الضَرَر بعد فلسطين، قلب هذا الصِراع وعنوانه، طرفان:

إيران، التي تعرّضت لعدوانٍ في ذروة حِصار، وهي مُسْتَهْدَفة من هذا النظام الشرق أوسطي الجديد لأن تنزع من دورها وتحاصَر،

وقلب هذه الأمّة العربية، مصر، التي تتعرّض للتهميش والحصار، وتلقى هذا العُنْد الشديد اقتصادياً وسياسياً.

هل نحن الآن أمام قُدرة على الاستجابة لتحدّي هذه الهيمنة، أم نسير نحو الخضوع لها؟ علينا أن نسترجع التاريخ، وفيه ما يُلهم. ولعلّ من بين ما يُلهم في تاريخنا ويصلح في لحظتنا "باندونغ جديدة"، عندما كانت مصر مُحاطة عَقِبَ الحرب العالمية الثانية، وفي بداية حركة التحرّر الوطني، وفي أعقاب إقامة الكيان الصهيوني عام 1948 في النكبة، لم تستسلم مصر. كانت لديها جَسارة أن تُبادِر. بادرت بالدعوة لتأسيس نظام للشعوب الباحِثة عن حريّتها وكرامتها وعدم الخضوع، وتحقيق استقلالها الوطني وتقدّمها الاجتماعي، الذي لعب دوراً مفصلياً في التاريخ، وهو باندونغ، كتلة عدم الانحياز.

نحن في حاجةٍ الآن لاستعادة روح باندونغ، رؤية باندونغ، أهداف باندونغ. غير أن التاريخ لا شيء يصلح لأن يكون إعادة إنتاج، لكن لا فكرة مُلْهِمة في التاريخ تموت.

في هذه اللحظة، أمّتنا العربية، شعوب هذا الإقليم المشرقي، في حاجة إلى باندونغ جديدة.

عبد الناصر، الذي قاد باندونغ، كتب في "فلسفة الثورة": "أن هناك دوراً هائماً يبحث عن بطل"، وقد تصدّت مصر لهذا الدور.

السؤال الآن: هل تستطيع مصر وإيران، الأكثر تضرّراً من هذه الهيمنة، أن تقوما باستدارة استراتيجية تاريخية من أجل مواجهة هذا الخطر، بطرح باندونغ جديد؟ وإذا كان عليهما أن ينهضا بهذا الدور، فلماذا تأخّرتا؟ ما كان ينبغي دوماً من علاقات مُكتملة بين هاتين الدولتين المركزيّتين الكبيرتين: مصر وإيران؟ وما مستقبل العلاقة بينهما؟

 

حمدين صباحي: لما شعوب العالم وجدت نفسها تحتاج للتخّلص من حُقْبة طويلة من الاستعمار المباشر بالقوى العسكرية، والنزوح المباشر لثرواتها، وإفقارها، وبدأت حركة التحرّر الوطني، كانت "عدم الانحياز" فكرة قدّمت طريقاً للخلاص لهذه الشعوب من الاستعمار، لتحقيق التحرّر الوطني.

تكتّل عدم الانحياز، الذي بدأ عام 1955 وتحوّل لمنظّمة رسمية عام 1961، استطاع لعب هذا الدور ويكون سندًا في مواجهة ما نُسمّيه أشكالاً جديدة للاستعمار تحافظ على الهيمنة من دون وجود قوات عسكرية. هذه الحال التي يواجهها العالم أو الشعوب الفقيرة الآن.

كنا في خمسينات القرن الماضي في حاجة لباندونغ من أجل الاستقلال من الاستعمار.

نحن الآن في حاجةٍ إلى روح باندونغ للتحرّر من التبعيّة، من الهيمنة، وبالذات الهيمنة الاقتصادية، والأمنية، والسياسية، والثقافية.

إذا كان شعبنا العربي، ومصر في قلبه، جرّبوا في الخمسينات أن يدخلوا هذا التحدّي للاستجابة لهذا التحدّي ونجحوا، فالمخاطر علينا الآن الحقيقة أكثر، أو لا تقلّ، عن المخاطر التي كنا =نواجهها في الخمسينات، عندما  مصر تبنّت الدعوة لعدم الانحياز.

هناك فارِق مهمّ بين اللحظة التي نحن فيها ولحظة الخمسينات في العالم، لأن الخمسينات كانت فيها ثُنائية قُطبية في العالم ما بين الولايات المتحدة وما بين الاتحاد السوفياتي.

الآن نحن أمام أحاديّة قُطبية في طريقها للنزول عن العرش لصالح إمكانية ثُنائية أو تعدّد قُطبي.

لكن حال هيمنة طرف واحد، وهو أمريكا، الذي هو الراعي الرسمي للكيان الصهيوني، ويريد إنشاء الشرق الأوسط الجديد، الذي يمارس الهيمنة كما نراها في الإبادة في غزّة، وفي قَضْم أرض فلسطين، وفيما يُملى على سوريا وعلى لبنان، وما تحاصر به مصر وتُهمّش، إضافة إلى ضرب إيران الذي شهدناه. هذه الهيمنة ليست أقل خطراً، بل أكثر مما كان عليه الاستعمار القديم.

نجحت حركة عدم الانحياز بفضل نضال شعوب عظيمة في التحرّر في الاستقلال الوطني، لكن نحن الآن نعاني من هيمنة أكثر ضَراوة، لا تقلّ عن الاستعمار القديم.

لذلك نحن نحتاج أن تُعيد هذه الشعوب تجميع طاقاتها، وأن تمتلك روح باندونغ من جديد، وهي روح الاستقلال، الخروج من الهيمنة.

كان وقتها كطريقٍ ثالث ما بين =قُطبين يتصارعان، ولا تريد شعوب الدنيا أن تخرج من الفلك الأمريكي أو الاستعمار الغربي لتقع في فلك الاتحاد السوفياتي، تريد أن تنحت طريقاً مستقلاً للتنمية.

هذا الطريق الثالث، حركة عدم الانحياز، علاقات ما أسمي "جنوب-جنوب"، أو هذا الجنوب العالمي باللغة الموجودة الآن، مازال يحتاج بعضه، مُحتاج أن يتعاضّد، ويعرف أن عليه مخاطر في تحدّيات هيمنة حالة ماثلة مُتحقّقة.

=وما يحصل في فلسطين وفي الوطن العربي، والحرب على دولنا العربية وعلى إيران، مجرّد نموذج أو تجلّيات لإرادة الهيمنة الغربية.

هذه لا بدّ من استجابة تحفظ الحقوق والكرامة والأمن والاقتصاد لهذه البلدان. لذلك نحن محتاجون لاسترداد روح باندونغ، والروح أهمّ من التفاصيل.

إذا حضرت هذه الروح، يعني روح إرادة شعوب تأنف أن تخضع من جديد لأشكال من الهيمنة الأمريكية أو الصهيونية كما هو مطروح علينا، لا بدّ من أن تجد طريقاً للخلاص.

باندونغ يعطينا أملاً لأننا نحن استطعنا من قبل في ظروف صعبة في الإمكان أن نستطيع الآن، ولو في ظروفٍ أصعب.

 

تقرير: 

تضرب العلاقات المصرية الإيرانية جذورها في التاريخ، لكنها بدأت بشكلها الحديث عبر قنصلية إيرانية في القاهرة خلال العهد العثماني، ثم توطّدت في زمن الملكية للدولتين، حين تزوّج إبن الشاه محمد رضا بهلوي بالأميرة فوزية، شقيقة الملك فاروق الأول، لكن الوفاق لم يدم طويلاً، ليس بسبب طلب فوزية الطلاق من بهلوي وحسب، إنما السبب ثورة الضبّاط الأحرار التي هزّت الأنظمة الملكية في المنطقة.

بينما كانت مصر تخطو نحو تكوين الجمهورية عام 1952، أوشكت إيران في العام التالي أن تتخلّص من الحُكم المَلكي في عهد حكومة محمد مصدق، لكن بعدما هرب الشاه إلى إيطاليا، نظّم الأمريكيون والبريطانيون انقلاباً أطاح بمصدق وأعاد بهلوي، ليتأخّر الإيرانيون ربع قرن في تحقيق الجمهورية.

سبب آخر وتّر العلاقة بعد عودة الشاه هو قيادة مصر، جمال عبد الناصر، راية الصراع العسكري المباشر مع إسرائيل، التي كانت حليفة لإيران بهلوي، قبل الثورة الإسلامية، ما جعل البلدين على خط النقيض.

لكن وفاة عبد الناصر وجنوح محمد أنور السادات إلى السلام مع إسرائيل أعادا التقارُب بين الشاه وموقع كامب ديفيد.

أقلّ من عقد، وانطلقت الثورة الإسلامية وأطاحت بهلوي عام 1979، ليحلّ هارباً في أولى محطّاته في مصر السادات، لتقرّر إيران الخميني قَطْع العلاقات الدبلوماسية بالقاهرة.

ثم ازداد الطين بلّة بعد اغتيال السادات عام 1981 وتسمية أحد شوارع طهران وقتها باسم قاتله خالد الإسلامبولي.

وفي مُصادفة قَدَرية، خرجت مصر ذات الثلاثين مليون من الصراع مع إسرائيل، لتدخل إيران الصراع بالوزن السكاني نفسه في العام عينه، مع فرق الجغرافيا والمذهب وشكل الدولة.

تكلّفت السنوات اللاحقة بتحسين العلاقات، ولاسيما في مطلع التسعينات، حين بدأت الزيارات واللقاءات بين الدولتين تعود.

وخلال ثلاث سنوات من مطلع ذاك العقد، أي في عهد محمد حسني مبارك، كانت العلاقات =تتحسّن خطوة في مقابل خطوة، مع حضورٍ سوري في الخلفية وبين شدّ وجَذْب.

انتهت الألفية الثانية بزيارات مُتبادلة على مستويات عليا، واتصال بين مبارك والرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي. ليتحقّق أول لقاء بين رئيسي البلدين عام 2003.

حتى 2011 لم تطرأ تطوّرات نوعية على العلاقة، وظلّ التمثيل الدبلوماسي غير مُتوازِن، إلى أن جاء إسقاط محمد حسني مبارك بثورة شعبية، تحمّست لها إيران، وبادرت إلى تعزيزها عبر تواصل أحمد نجاد ومحمد مرسي، لكن هذا لم يدم طويلاً حتى سقوط الإخوان المسلمين من الحُكم في حزيران 2013.

 

حمدين صباحي: الشعوب الباحثة عن حريّتها في أيام الهيمنة التي نحن فيها، هذه ليس لديها مناص من أن تبحث عن طريقةٍ تجمع بها قوّتها.

كتلة عدم الانحياز، بعدما باتت منظّمة، ولعبت دوراً هائلاً في التاريخ، شحبت، موجودة المنظّمة حتى الآن، قمّتها الأخيرة انعقدت سنة 2024، لكن ليس لديها نفس التأثير. يمكن هناك خفوت في الروح مع بقاء الهيكل.

في لحظةٍ، كانت أسماء لقادة حركة عدم الانحياز: جمال عبد الناصر - مصر، جواهِر لال نهرو - الهند، شوآن لاي - الصين، جوزيف تيتو - يوغسلافيا، أحمد سوكارنو - إندونيسيا.

هذه أسماء كانت قادرة على إلهام حركات التحرّر الوطني في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وتشكّل نوعاً من أنواع الباحث عن التحرّر له ظهر، وظهر عالمي إنساني ذو قيمة إنسانية، وطرح رؤية سياسية، ثقافية، اقتصادية، أمنية مُتكاملة.

الروح هذه ربما بالذات، بعدما انهار نظام الثُنائية القُطبية التي أسّست عدم الانحياز لتكون طريقاً ثالثاً: لا شرقية ولا غربية، أو مبني على لا شيوعية ولا رأسمالية، بعدما تحكّمت أمريكا في العالم وبقيت هي القُطب الأوحد، أيضاً خَبَت حركة عدم الانحياز. وهناك أسباب أخرى.

الآن أمريكا تدخل في مرحلة ضعف مُنْتَظِم ومُضطرب وفُقدان القُدرة على إحكام قبضتها على العالم، لكن ما هو البديل؟

هل نحن ننتظر أن يخرج قُطب ثانٍ من جديد، أم أن الأمن للإنسانية وللشعوب والأكثر تحقيقاً لطموحاتها أن نحن نعمل نظاماً عالمياً إنسانياً فيه تعدّد للأقطاب، واحترام لحضاراته كلها وثقافاتها، وحرصه على أن كل بلدان وشعوب العالم حقّها في التنمية وفي التقدّم؟

هذا الكلام يحتاج مُدافعين عنه، حمل لهذه الرسالة، وهذا يجعلنا نقول إن استعادة روح باندونغ هي واجب على كل الساعين لهذا النظام العالمي الإنساني الجديد، خصوصاً وأنه تكشّف لنا إلى أيّ مدى في ضعف وعجز بل تواطؤ في هذا النظام الدولي.

ربما ما فضح أمام العالم كله هو الإبادة التي تجري في غزّة على مرأى ومسمع، وعجز بل وتواطؤ هذا النظام، وشراكة من قائدة هذا النظام العالمي، أمريكا، في جريمة الإبادة الجماعية، من التدمير إلى التجويع.

لم تعد هناك ثقة أن هذا النظام يمكن أن يحقّق للشعوب ما كُتِب في وثائق تأسيسه.

نحتاج شيئاً جديداً حقيقياً فيه روح، يستطيع أن يدافع عن مصالح الشعوب الواقعة تحت الهيمنة، والتي هي الآن مُسْتَهْدَفة بمزيدٍ من الهيمنة، ونَهْب الثروات، وإهانة الكرامة، والاستتباع لنفس المركز الغربي العالمي، ولوكلائه، وبالذات الوكيل الصهيوني في قلب أمّتنا العربية هنا.

لذلك نحن نحتاج أن نتأمّل ونبحث، ونُجَسِّر على طريق لاستعادة قوّة هذه الشعوب من أجل حريّتها وكرامتها ومصالحها وأمنها ونظام عالمي جديد. وهذا البحث لم يتوقّف.

يمكن منظّمة دول عدم الانحياز شَحُبِت أو ضَعُفَت أو هُمِّشت، لكن هذه الروح، روح باندونغ، تخبو ثم تعود للاستفاقة كلما كان في أمر إنساني جاد إليها.

في محاولات شاهدناها، ربما لأن العالم يتّجه إلى تكتّلات إقليمية، لا تقتصر على دولة مُنفردة أو عدّة دول، تحاول أن تبحث عن المشترك في حدود الجغرافيا أو المصالح أو الأصل الحضاري أو المشترك الحضاري، حتى تبحث كل مجموعة في هذا التكتّل عن كيف تحمي مصالحها من التغوّل من سواها ومن الطامعين فيها.

البريكس نموذج ونموذج يستحقّ أن نتنبه له وأن ندعمه.

عندما بادرت البرازيل وروسيا والهند والصين، وأضيفت جنوب إفريقيا، يسعون لإنشاء صيغة تسعى أن تقف على أقدامها في مواجهة الهيمنة الغربية، لكن الاقتصاد وهو عامل رئيسي ربما يمثّل الهمّ الأكبر للبحث عن عملةٍ بديلةٍ عن الدولار، نظام للتبادُل والدفع عبر العالم غير السويفت. نمط تنمية يخدم مصالح أعضاء البريكس.

البريكس نمت في عضويّتها، وهي من العلامات التي يمكن مع عدم الانحياز كمنظّمة ضعيفة أن يكون عليهم عبء جماعي في البحث عن استنهاض روح لباندونغ.

لماذا نحن نحتاج استنهاض هذه الروح؟

لأن ما تواجهه الشعوب لا يحتاج تصدّياً اقتصادياً فقط أو أمنياً فقط، بل يحتاج رؤية جديدة سياسية، ثقافية، وبالقَطْع اقتصادية وأمنية.

=علينا أن نبحث، وعلينا أن نطرح بدائل، وعلينا أن نحن نبشّر بها وندعو إليها، ونحثّ الشعوب والأنظمة أن تتّجه إليها حتى تواجه الخطر المُحْدِق بهذه الشعوب. ولنظام شرق أوسط نتنياهو يبشّر به، وأمريكا في ظهره نموذج له.

في هذا السياق الكل مدعو وعليه واجب، لكن نريد نحمل المسؤولية لقُطبين داخل دول هذا العالم البحث عن نظام عالمي جديد: مصر وإيران، لأنه كما قلنا، إيران مُسْتَهْدفة بالعدوان والتهميش ونزع الدور، ومصر مُسْتَهْدَفة بمحاولات التهميش والتربّص المستمر، لكن هما تعبير عن حقائق في الجغرافيا والتاريخ، لهما وزن لا يمكن لأحد أن يتخطّاه، هذا من ناحية.

ومن ناحية ثانية، هما لديهما إمكانيات إذا استحضرا هذه الطاقة، وأيضاً هما أيضاً أعضاء في منظّمة عدم الانحياز وفي منظّمة البريكس. هل من صحوة في هذا الاتجاه لاستعادة روح باندونغ؟ وهل من إمكانية لأن الدور الباحِث عن بطل يجد هذا البطل في مصر وإيران؟ ولماذا لا يستعيدان هذا الدور إذا كان مُحْدِقاً بهما وبأمّتنا وبالأمم من حولنا كل هذا الخطر؟ هذا السؤال الذي يحتاج الإجابة.

 

حمدين صباحي: إدراك الشعوب لأهمية علاقة طيّبة إيجابية، بالذات بين شعبين عريقين، وهناك رابط عظيم ثقافياً بينهما، انتماؤهما للحضارة الإسلامية، ليس دائماً هذا الإدراك الشعبي ينعكس في سياسات الدول ولا متّخذ القرار فيها.

إيران ومصر، على ما بينهما من روابط وأهمية كل منهما في الجغرافيا وفي التاريخ وحضارياً، ربما خلال قرن أخير لم تكن بينهما علاقات ما بين الدول إلا ربما 11 سنة، غير ذلك لم يكن هناك تمثيل مُكْتَمِل في العلاقات المصرية الإيرانية، وهي علاقة شَهِدَت كثيراً من القطيعة والتوتّر الذي يستوجب التوقّف عنده.

كان في فترات طيّبة منها فترة المُصاهرة ما بين إبن الشاه وشقيقة الملك فاروق، لكن بعد الطلاق توتّرت العلاقات، لما شهدت مصر تحوّلها الثوري في 23 يوليو، جمال عبد الناصر كان داعماً لمصدق، ومصدق قائد تاريخي عظيم، وهو الذي أقدم برؤية مُبَكّرة على تأميم النفط، لكن طبعاً الاستعمار البريطاني والأسرة الشاهنشاهية لم يتركاه، أُسْقِط بتدخّل أجنبي مباشر، والعلاقات بقيت سيّئة ما بين إيران الرسمية ومصر الرسمية.

لكن بعد 1973 تحسّنت العلاقات قليلاً، حتى جاء عام 1979 شهد ثورة أدّت لتغيير جذري هائل في إيران، أنهت حُكم الشاهنشاه، ونفس العام الذي شهد الثورة، هذه الثورة هي التي أعطت سفارة إسرائيل، التي كانت الصديق المُقرّب من الشاه، لفلسطين، وأعلنت انحيازها الكامل لقضية فلسطين، التي هي القضية المركزية للأمّة العربية.

لكن وهذا ما جعلنا نسترجع تعبير هيغل الشهير الذي استحضره الأستاذ محمد حسنين هيكل: "مكر التاريخ، مكر التاريخ"، هذا أن السنة التي إيران تخلّصت من أن تكون تابعاً لأمريكا وصديقاً للصهاينة، وقالت "أنا مع فلسطين"، هي نفس السنة التي وقّع فيها السادات معاهدة كامب ديفيد، وخرج بحلّ مُنْفَرد من موقع مصر في التاريخ وفي الدور في مقدّمة نضال الأمّة حتى تحرير فلسطين. فساءت العلاقات أيضاً وظلّت على هذا السوء.

ربما أول مرة ثمّة درجة من درجات الاقتراب عندما زار خاتمي مصر، وفضلاً عن مشاركته في مؤتمر القمّة الإسلامي الذي كان موجوداً في ذك الوقت، عمل جلسة شهيرة في بيت الأستاذ هيكل الريفي في برقاش، مع عدد من المُثقّفين، وبدت هناك درجة من درجات الحرص لدى النُخبة المصرية ولدى الرئيس الإيراني ندرك قيمة العلاقات المصرية الإيرانية المُفْتَقَدة وأهمية العودة لها.

لكن لقاء مبارك وخاتمي الذي كان في ديسمبر 2003 كان مؤشّراً على إمكانية نقلة في هذا الاتجاه، استعادة العلاقات.

ومن المهمّ التأمّل أن هذا اللقاء في 2003 تمّ بعد احتلال الأمريكان للعراق، العراق بكل ما يعنيه للأمّة العربية ولمصر، وهو بوّابتها الشرقية، احتلّت في مارس 2003، الحضور الأمريكي العسكري المباشر بالاحتلال أصبح على حدود =إيران، ما يعني خطر حادّ، وهو بالنسبة لمصر خطر حادّ، لأنه المثلّث الشهير في تاريخنا العربي: القاهرة، دمشق، بغداد، واحد من أضلاعه انكسر باحتلال أمريكي.

ربما هذا الشعور بالخطر، إذا تأمّلنا اللحظة الآن، المفروض أن يكون مُضاعفاً، لأن الأمريكان أيضاً تمكّنوا من كَسْر العاصمة الثانية، دمشق.

فالخطر يقترب من مصر، لأنه مفروض مصر هي التي عليها الدور، وهي درّة التاج في المخطّط الصهيوني الأمريكي للهيمنة على الأمّة العربية وعلى الإقليم المشرقي.

إذا كان الشعور بالخطر سنة 2003 بعد احتلال العراق استدعى لقاء بين رئيس مصر ورئيس إيران في زمن مبارك-خاتمي، فالأولى أن الخطر الماثِل الآن، بعد الضرب المباشر لإيران بعدوانٍ مباشر عليها، واقتراب الخطر من مصر بعد ما جرى في سوريا، والتصريحات الفجّة الواضحة من نتنياهو عن أنه يُعيد رَسْم الشرق الأوسط، وبالتأكيد سيكون على حساب مصر، هذا الخطر هو الذي يستدعي بالضرورة الآن لقاء مصرياً إيرانياً على أعلى مستوى، من أجل علاقات مُكتملة، وحتى تستطيع مصر وإيران أن نتخطّيا "مكر التاريخ".

 

نيفين مسعد – أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة: هي مسألة الانفراد في العلاقات المصرية الإيرانية له سوابق، عدّة مرات تشهد هذه العلاقات تحسّناً ملحوظاً، وترتفع الآمال بقرب عودة العلاقات الدبلوماسية.

وربما أكثر سنة ظهر فيها هذا التوقّع كانت في سنة 2003، عندما التقى الرئيس حسني مبارك مع الرئيس محمد خاتمي في قمّة المعلومات في جنيف.

وعدّة مرات أخرى حصل فيها نفس هذا التوقّع أن العلاقات على وشك أن تعود إلى مستوى السفراء كما كانت عليه قبل قَطْع العلاقات الدبلوماسية.

لكن الحقيقة أن المرحلة التي نراها هذه ونعيشها من حوالى 4 سنوات، وبالذات من بعد السابع من أكتوبر 2023، شهدت المزيد من التطوّرات الإيجابية.

أولاً، حصل مستوى مُتكرّر ومُتواتِر في الاتصالات الدبلوماسية بأطر مختلفة: الرئيس مسعود بزشكيان في القاهرة، ووزير الخارجية السيّد عباس عراقجي يزور القاهرة.

مصر تحاول تهدئة الموقف الذي كان مُتوتّراً بين إيران وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرّية. مصر وإيران تعملان معاً من أجل عدم نشوب حرب جديدة في منطقة أصلاً ملأى بالصراعات. أعتقد أن الدولتين لم تعدا بحاجة إلى وساطة. في وقتٍ من الأوقات، لعب العراق دور وساطة بين مصر وإيران من أجل رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما، وأيضاً سلطنة عُمان.

وبالمناسبة، العراق طبعاً صاحب الفضل الأساسي بعودة العلاقات السعودية الإيرانية، باعتقادي، إنما التي قامت به الصين هي قَطْف الثمرة، إنما الذي مهّد الأرض وغرز البذرة وروّاها هو العراق، لكن الصين هي التي قطفت الثمرة.

عندما قامت إيران بتغيير إسم شارع خالد الإسلامبولي، هي فعلت ذلك من دون وساطة، ولكن من خلال المفاوضات المباشرة ومن خلال المحادثات المباشرة والمُتواتِرة على المستوى الوزاري بين الدولتين.

أتصوّر أن الذي يمكن أن يفعل في المرحلة القادمة هو بناء الثقة.

الآن هناك مجموعة من القضايا الشديدة الأهمية والمُبرّرات التي تدفع الدولتين إلى التقارُب إحداهما من الأخرى، لكن نحتاج أيضاً إلى المُراكمة على الخطوات الإيجابية في علاقة الدولتين، أن نبني الثقة، أن تركّز إيران على مُعالجة بعض الهواجِس المصرية التي كانت تواجه مصر: مسألة النفوذ الإقليمي، التمدّد في عددٍ من الدول العربية.

مصر أيضاً عليها أن تنظر بجدّية إلى مسألة استئناف العلاقات الدبلوماسية. ليس هناك خلافات حدودية بين مصر وإيران، ولا خلاف جغرافي، ولا خلاف تاريخي، بالعكس، ولا في تشديد ديني. مصر هي حاضِنة لآل البيت، وهذه نقطة يحفظها دائماً الإيرانيون إلى المصريين.

لم تكن الحرب الإسرائيلية على إيران هي فقط بهدف القضاء على البرنامج النووي، لكن هذا كان مُعلناً: "نحن نريد إسقاط النظام الإيراني"، وهناك اتصالات بين إيران وبين إبن الشاه السابق، وبالتالي هذا مشروع وجودي، تأييد وجودي بالنسبة لإيران.

أيضاً، المفاوض الإسرائيلي يمثّل تهديداً أساسياً بالنسبة لمصر، فعندما تستهدف مصر بالتهجير، عندما يتمّ الحديث عن خطر مصر وتهديد مصر لإسرائيل، وأشياء من هذا القبيل، وهي التي تخرق الترتيبات، وهي التي تقوم باحتلال منطقة معبر رفح الخ.

نحن أمام خطر داهِم على هاتين الدولتين: إيران مثلها مثل مصر تعاني من هذا المشروع التوسّعي، التفكيكي، المعروف والمُعْلَن.

 

حمدين صباحي: ربما طوفان الأقصى كان بوابة للانتباه لأهمية استعادة العلاقات المصرية الإيرانية، لأن مُتوالياته جسّدت المخاطر التي يتعرّض لها الأمن القومي المصري والأمن القومي الإيراني، فضلاً عن أنها تهديد لكل الأمّة العربية والمشرق.

وفي تقاليد دول عريقة كمصر وإيران، لا يمكن تجاهل مصادر التهديد. مصدر التهديد الرئيسي الآن هو شهوة التوسّع باسم "شرق أوسط جديد"، التي تتملّك حكومة فرط اليمين في الكيان الصهيوني، والدعم غير المحدود لأمريكا الممتدّ من السلاح للاقتصاد للسياسة لاستخدام الفيتو، تواطؤ الإدارة الأمريكية على جرائم تصل للإبادة الجماعية ترتكبها إسرائيل، ليس له حلّ. وهذا خطر وخطر مُفْزِع لأيّ عاقل يريد أن يحمي أمنه القومي.

مصر في مرمى هذا التهديد: بالتهجير، بالتجويع، بنظام الشرق الأوسط.

إذاً نحن أمام عامل رئيسي جاد: أن المخاطر على الأمن القومي لمصر وإيران تدعو بالضرورة إلى أنهم يتعاونوا.

هذا الكلام الذي الدكتورة نيفين مسعد أوضحته من موقعها المُتخصّص في الشأن الإيراني، والذي أتّفق معه، وهذا يطرح علينا أهمية انتباه الدولة المصرية والدولة الإيرانية: أنه لم يعد هناك مجال للتباطؤ في اقتراب مصري إيراني جدّي لحماية أمنهما وأمن هذا الإقليم، وفي قلبه الأمن القومي العربي.

هذا الكلام يجب أن نشير فيه، لأن إيران لديها رغبة تبدّت في مواقف عديدة أن يكون هناك اقتراب من مصر.

الدولة الإيرانية تطرق باب الدولة المصرية عبر سنوات مضت، وربما نحن نتذكّر عندما كان وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في لوزان، عندما كانت هناك مباحثات الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، هو الذي طلب بل أصرّ على أن مصر تكون حاضرة، وبالفعل مُثّلت بوزير خارجيتها سامح شكري.

هذا يمكن أيضاً أن يُعيد للذهن أن زيارة عراقجي من حوالى شهرين إلى القاهرة شهدت لقاء رتّبته القاهرة ما بين مدير وكالة الطاقة النووية وما بين وزير الخارجية الإيراني، ما يعني أن إيران تأتمن مصر على أدوار تلعبها في الوساطة، ولديها قَدْر من الثقة يدفع في هذا الاتجاه.

يمكن هذا ظهر في طريقة استقبال عراقجي في مصر في زيارته الأخيرة، التي فضلاً عن جوانبها الرسمية، اتّسعت لجولة في حيّ الحسين وعشاء في مطعم تراثي شهير هناك، حضره ثلاثة من وزراء خارجية مصر: عمر موسى ونبيل فهمي ومحمد العرابي، وعدد من المُثقّفين في مقدّمهم الدكتور محمد السعيد إدريس. طقس يشبه ما جرى للرئيس الفرنسي ماكرون.

وهذا معناه أن هناك انفتاحاً ما في رأس السلطة في مصر، يمكن أن يلتقي مع ما أبدته إيران من قبل عن رغبة في التقاء على أعلى مستوى من العلاقات الدبلوماسية.

أكبر وأهمّ معوّق يقف ضدّ عودة هذه العلاقات هو المصالح الصهيونية الأمريكية، وطالما بات التصوّر الصهيوني المُعلن عن الهيمنة فهو يريد أن يُهيمن على أطراف مُتفرّقة، لأنها لو اجتمعت تستطيع أن تواجه، تستطيع أن تستجيب للتحدّي، تستطيع أن تطرح بدائل، لكن إبقاء شعوب ودول وطننا العربي واقليمنا المشرقي مُتباعدة، غير مُلتحمة مع بعض، ييسّر المهمة الصهيونية الأمريكية في مشروع الهيمنة باسم الشرق الأوسط الجديد.

من عوامل التعويق أيضاً: تخوّف لا بدّ من أن نقدّره ونحترم دوافعه ونبحث عن علاج له، أن هناك أقطاراً عربية مُتخوّفة من أن إيران تمارس نوعاً من التدخّل في الشأن الداخلي للأقطار العربية.

التوتّر هذا واضح جداً عند دول الخليج، وهذا أمر لا بدّ من أن يُعالج.

وباعتقادي، أن عودة العلاقات المصرية الإيرانية ستكون عاملاً مهماً في تخفيف هذا التوتّر.

الوعي بهذا الفَهْم يساعدنا على أن نعيد تحرير كثير مما مرّ علينا من دعاية مُغْرِضة، مقصودة، وتلبس العقل العربي والإيراني، لأنها تحوّل منازعات حقيقية ينبغي أن نبحث لها عن حلول ما بين العرب بشكلٍ عام وإيران، وبالذات مع دول الخليج، إلى أن توضع في مقامها وتحلّ، حتى نتنبّه للخطر الأكبر الداهِم، وهو خطر الهيمنة مثل شرق أوسط يقوده الصهاينة وتدعمه أمريكا.

هذا يجعلنا نستعيد أهمية أن يكون هناك موقف جادّ تلعب فيه مصر وإيران دوراً رئيسياً في إطفاء نار الفتنة المذهبية الطائفية، التي تستخدم الخلاف ما بين السنّة والشيعة تكئة وذريعة، وتنفخ في هذه النار لكي تُديم تفرقة هذه الأمّة واضعافها، وان تبقى لقمة سائِغة للصهاينة والأمريكان.

هذا أمر يستدعي أن ننتبه ونحترم ونعظّم الدور الذي لعبه الأزهر الشريف، وهو دور تاريخي، لأن الأزهر الشريف صاحب مبادرة جادّة فُقهية ومؤثّرة جدّاً على المستوى الديني والعقيدي والثقافي والنفسي في تقريب المذاهب، ومنذ إدخال الأزهر المذهب الجعفري ضمن المذاهب الأساسية التي تدْرس وتدرّس في الأزهر، ودعا بطريقة واضحة قاطعة إلى وحدة أهل القبلة ووحدة المسلمين، وقال إن التفرقة على أساس المذهب ليست من الدين في شيء، بل هي مَفْسِدة ينبغي درؤها، وأن البحث عن المشترك الأساس لأنه مُتحقّق وأكيد في العقيدة هو ما ينبغي أن نتوخّاه.

من منفعة دور الأزهر، دور لا بدّ من أنه يكمله وتفتح له الأبواب، لأن علاقات بين الشيعة والسنّة في الوطن العربي وفي الإقليم، وما بين العرب وما بين إيران، هي أحد الضرورات، حتى ننهي مآسٍ مُروّعة تسبّبت فيها الفتنة الطائفية، ونتجاوز كل آثارها وضغائنها ومراراتها، حتى نكون في مستوى الاستجابة لتحدّي هيمنة العدو الحقيقي، وهو الصهاينة والأمريكان.

 

حمدين صباحي: المصالح مؤكّدة للطرفين في حال عودة العلاقات.

المفروض أن الخطوة الحالية الآن، على الأقل، أن يكون هناك تبادُل سفراء رسمياً بين مصر وإيران.

مصر تستفيد اقتصادياً وتكنولوجياً، وتستفيد الأهمّ باستعادة الدور، تستفيد من أمن مشترك تُسهم فيه إيران من البحر الأحمر.

إيران تستفيد بكَسْر عُزلة، البحث عن شريك في قلب الوطن العربي، لأنه من دون شراكة مع مصر، لن تكون هناك قيمة كبيرة لأية امتدادات، مهما كانت في أقطار عربية مُتناثرة.

تستفيد رؤية مدعومة لنظام أمني قائم على شعوب هذا المشرق، وليس على التغوّل الصهيوني الأمريكي.

لكن عندما نتحدّث عن مصلحة لإيران ولمصر، لا نقف عندهما، لأن دور مصر وإيران أكبر من حدودهما. وهذا الدور الطبيعي لمصر هو مصلحة عربية ومصلحة لهذا الشرق الحضاري.

بل أقول إن باندونغ جديدة، =بعلاقاتٍ بين مصر وإيران، يمكن الدّفع باتجاهها، هي حاجة إنسانية ومصلحة إنسانية من أجل نظام عالمي يحترم إرادة الشعوب ويُنقذها من هيمنة الغرب الأمريكي، ويفتح باباً لأن كل الثقافات والحضارات تجد مكاناً بعدالة على ظهر هذا الكوكب.

العدو مُتربّص وسيمنع، لكن الإرادة الوطنية للدولتين وللشعبين هي التي يمكن أن تؤدّي لاختراق.

"معاريف" الصحيفة الإسرائيلية تقول: هناك احتمال لعودة العلاقات المصرية الإيرانية، وهذا يمثّل تهديداً للأمن القومي الإسرائيلي. لكن الذي نقوله: إن مُخطّط الشرق الأوسط الذي يريد أن ينفّذه نتنياهو الآن هو التهديد الحقيقي للأمن القومي المصري والإيراني، ولكل الأمن القومي العربي، بل لأمن العالم.

 

حمدين صباحي: باندونغ جديدة هي احتياج مصري الآن وعربي، وهي احتياج إنساني.

وكل الذين يحبّون مصر ويعرفون قَدْرها يعرفون أن مصر تحتاج وتقدر على أن تمتلك من الجسارة ما تصنع به استدارة استراتيجية تاريخية في سياساتها، تجعلها تردّ على تحدّي مشروع الشرق الأوسط الجديد، تردّ على وقاحة إسرائيل في أن تُهيمن. مصر لن تخضع للتحكّم الصهيوني.

يما مويل الهوى، ياما مولية، ضرب الخناجر ولا حكم الخسيس فيّا. يا مصر، وانت الحبيبة، وانت اغترابي وشقايا، وانت الجراح الرهيبة، وانت التي لديك دوايا. علّميني حبّك عبارة سهلة وبسيطة، وعصيّة، شرط المحبّة الجسارة، شرع القلوب الوفية.