جيريمي كوربين... من قيادة حزب العمال البريطاني إلى"حزبكم"
يسار منقسم وتشرذمات انتخابية, تنافسات صاخبة وتحديات تنظيمية... جيريمي كوربين من قيادة حزب العمال البريطاني... إلى "حزبكم". في الداخل راية العدالة الاجتماعية وثورة متواصلة على الثقافة السياسية التقليدية, وفي الخارج ضرورة ملحة لإعادة رسم سياسة المملكة العالمية, أما فلسطين وغزة فأكثر من قضية إنسانية, هل يتحول الزخم الشعبي إلى قوة تنظيمية؟ وهل يتخطى هذا الفكر السياسي الحدود الجغرافية لبريطانيا؟ وماذا يقول كوربن عن نضاله ضد سياسات اليمين المسيطرة في بريطانيا والعالم؟ وموقفه من الحروب التي يشنها الغرب في الشرق الأوسط وصولاً إلى العدوان على غزة؟
نص الحلقة
مايا رزق: ليس من الفلاحين ولا الفقراء ولا الكادحين، ومع ذلك يساريٌ متجذّرٌ ومعارضٌ أصيل، إنه جيرمي كوربين، سياسيٌ خارج المألوف شكلاً ومضمونا.
جيرمي كوربين: إنه ليس عرض أزياء وليس نادياً للأسياد وليس معهداً للمصرفيين، إنه مكان يُمثَّل فيه الشعب.
مايا رزق: لسنواتٍ تمرّس كوربين في الإبحار عكس التيّار، الطفل الذي تشرّب السياسة من منزله الأبويّ، والشاب الوحيد بين رفاقه الذي رفض التطوّع في الخدمة العسكرية اعتراضاً منه على حرب فيتنام، وجد ما يُرضي حماسة مراهقته ومعارضته الفطرية في صفوف حزب العمّال.
جيرمي كوربين: قبل كل شيء أعتقد أنه ينبغي لنا أيضاً أن نأخذ في الاعتبار التصرّفات والمواقف لعدد نواب حزب العمّال اليساريين في البرلمان.
مايا رزق: دخل البرلمان للمرة الأولى عام 1983، وقتذاك كان حزب المحافظين بقيادة المرأة الحديدية مارغريت تاتشر يمرّ في أوج صعوده على حساب تقلّص حزب العمال.
مارغريت تاتشر: كنت أراجع سياسة حزب العمال، وهي الأكثر تطرّفاً على الإطلاق، مما عُرض على الناخبين وستغيّر الأساس كله الذي يقوم عليه مجتمعنا، يبدو لي كأن فضيلتهم المعلَنة تقول: حسناً، إذا لم تفعلوا ما نريد أو لم تفعل البنوك ما نريد فعلينا أن نستولي عليها أو نفرض السيطرة عليها. إنهم لا يريدون للناس أن يمتلكوا بيوتهم الخاصة أو عقارات المجالس، وهذا ليس هو النظام الذي يقوم عليه مجتمعنا، لسنا من ذلك النوع من الناس.
مايا رزق: وبرغم كل الانتقادات اللاذعة على مرّ السنوات كوربين صمد وبنى سمعته كرجلٍ مبدئيٍ لا يساوم وينصر الحق ويدافع بشراسة عنه، الرجل الذي وصفه معلّمه في المدرسة بغريب الأطوار والفاشل أحدث عام 2015 تسونامي من الكوربينمينيا ضاعف عدد أعضاء حزب العمال والأهم أنه تمكّن من التربّع على زعامة الحزب.
جيرمي كوربي: لسنا مضطرين الى أن نكون غير متساوين وليس ضرورياً أن يكون الأمر جائراً، الفقر ليس قدراً محتّماً فالأشياء يمكن أن تتغيّر، وستتغيّر.
مايا رزق: كوربين الذي حظي بشعبيةٍ قلّ نظيرها في المملكة البريطانية تعايش مع انتقادات المقرّبين والخصوم، فأدمن المعارك السياسية وأذهل العالم بعناده.
نيل كينوك: هذا الرجل حين أصبح زعيماً للحزب كان قد أمضى 33 عاماً، أي ثلث قرن، في البرلمان، لا يوجد مشروع قانون خاص باسم جيرمي كوربين، ولا يوجد سؤال بارز أو خطاب يُذكَر في مناظرة، ولا توجد أي دلائل على حضوره في لجنة مختارة أو لجنة دائمة، كل ما فعله جيرمي طوال 33 عاماً هو بلا شك خدمة دائرته الانتخابية، حسناً، والتنقّل بين مجموعات من الناس كانوا متّفقين معه أصلاً.
مايا رزق: ما قاله نيل كينوك مجرّد عيّنة من شيطنة كوربين على مدى العقود الماضية، جيرمي الذي قيل إنه لا يصلح للقيادة في بريطانيا وأُلصقت به تهمة معاداة السامية هجر حزب العمّال أخيراً عام 2024، ولكنها لم تكن النهاية.
جيرمي كوربين: كانت القضية آنذاك هي تشكّل حزب جديد، ناقشنا الأمر فترةً طويلة من حيث الأفكار والهياكل وما الى ذلك، وفي النهاية أعلنّا قبل أسبوع تماماً من اليوم، ومنذ تلك اللحظة، والتي كانت قبل ساعة و18 دقيقة من لحظة الإعلان أصبح لدينا الآن أكثر من 600000 شخص مسجَّل.
مايا رزق: Your Party أو حزبكم هو العنوان الذي اختاره جيرمي كوربين لاستكمال مسرية رجلٍ حرٍ متمرّدٍ لا يمكن اختصاره بسياسيٍ ولا بمجرّد معارضٍ أو مناصر للمظلومين، ربّما هو أقرب ليكون خياراً عابراً للحدود، وكيف تفهم أكثر هذا الخيار إذهب أعمق مع جيرمي كوربين.
يسرّني أن يكون معنا في الحلقة الأولى من إذهب أعمق مع النائب في البرلمان البريطاني ورئيس حزب حزبكم Your Party جيرمي كوربين، أهلاً ومرحباً بك عبر شاشة الميادين.
سيّد جيرمي كيف فعلتَها وجذبتَ أكثر من نصف مليون منتسب ليور بارتي في هذه الفترة الزمنية القياسية؟ من أنت لتفعلها في بريطانيا؟
جيرمي كوربين: بدايةً أشكركم على دعوتي لهذا البرنامج، يسرّني ويشرّفني أن أكون معكم، كنتُ أتمنى أن أكون في بيروت معكم مباشرةً في الاستديو ولكنني الآن في لندن. لقد أعلنتُ مع زارا وزملاء آخرين معي تأسيس حزبٍ جديد لم يكن لديه اسم، بالتالي قررنا أن ندعوه باسم يور بارتي أو حزبكم، قد يكون الاسم الرسمي أو الأعضاء الجدد قد يختارون اسماً مختلفاً، هذا سوف يتمّ إقراره في ما بعد. ما نقدّمه هو منصة بسيطة، برنامج بسيط إذاً، أولاً السلام، عدم تسليم إسرائيل، إذاً عدم التصفيق للإبادة الجماعية. ثانياً، العدالة الاقتصادية في بريطانيا، مستويات الفقر وعدم المساواة في بريطانيا كبيرة للغاية. ثالثاً، العدالة الاجتماعية، طبعاً عدم الحد من فوائد أصحاب ذوي الإعاقة، وكذلك دراسة مستويات الفقر في مجتمعاتنا خاصةً بين الأطفال، وكذلك الاستدامة البيئية. ولكن أهم شيء الأمر يتعلق بالأمل والمجتمع، نحن منظمة قاعدية ديمقراطية متجذّرة في مجتمعاتنا، وبالتالي نحن عكس كل شيء، إذاً ما يقدّمه اليمين، هم يقولون للفقراء نحن نتعاطف مع مشاكلكم ولكن كل مشاكلكم سببها اللاجئين، وهذا بحدّ ذاته يؤدي للعنصرية والى هجمات فظيعة على طالبي اللجوء، نحن لن نقوم بهذا قط، لا نقوم بهذا، نحن لا نؤمن بهذا، ما نؤمن به هو حقوق الإنسان والعدالة ليس فقط في بلدنا بل في كل أنحاء العالم. لهذا السبب أنا عارضتٌ حرب فييتنام، لهذا السبب أنا عارضت حرب العراق، لهذا السبب أنا دعمت وبقوّة حق الشعب الفلسطيني ليعيش في سلام ووضع حد للاحتلال في غزة والضفة الغربية، وفي وادي الأردن.
مايا رزق: على الموقع الرسمي للحزب كان لافتاً هناك خانة وبيان رسمي لإعلان الحزب يقول في عنوانه "حان الوقت لنوع جديد من الأحزاب السياسية، حزب ينتمي لكم"، لماذا هذا العنوان؟ وهل برأيك الأحزاب التقليدية في بريطانيا أثبتت فشلها أو عدم جدواها؟
جيرمي كوربين: حسناً، حزب العمال موجود منذ أكثر من مئة عام وأنا كنتُ عضواً في حزب العمال منذ كان عمري 16 عاماً، وتبوّأت الكثير من المناصب ضمن الحزب بما في ذلك رئيس حزب العمال، أردت أن أحوّل حزب العمال لهذا ليصبح حزباً قاعدياً ينتمي الى المجتمع، وقد أقنعتُ الحزب ليتوسّع كثيراً، عضوية الحزب أصبحت 600 ألف، عندما كنت رئيساً لحزب العمال لا أعرف الرقم الحالي للعضوية في حزب العمال لكنني أعتقد أنّه أقلّ من نصف ما كانت عليه عندما كنت رئيساً لحزب العمال، وكذلك هذا الحزب يقوم على نظام من الأعلى الى الأسفل حيث يمكن للقائد أن يقوم بتعليق عضوية الأشخاص وطردهم من حزب العمال. وفي حالتي أنا شخصياً إذاً أن يعتبروا أنني لم أكن مؤهّلاً لأتبوّأ منصباً عاماً على الرغم من أنني كنت نائباً على مدى أكثر من أربعين عاماً، وبالتالي هذا النوع من السيطرة البيروقراطية والتحكم البيروقراطي لا يجذب الجمهور وهو كذلك خطير للغاية، هذا يعني أنه سيكون لدينا حزب برلماني صوّت لوقف المنافع للأشخاص أصحاب ذوي الإعاقة الذين يحتاجون لمساعدات أساسية مثل الذهاب ربما الى الحمام أو حتى تناول الطعام.
وبالتالي نحن لدينا نظام انضباطي يؤدي الى سياسات فظيعة، وما يتطلّع إليه الجمهور، لهذا السبب الكثير قاموا بالانضمام الى مشروعنا وحزبنا، هو حزب منفتح ديمقراطي قاعدي ومبدئي يقوم على المبادئ التي تحدثت عنها، يمكنني أن أتحدث كثيراً عن فشل حكومتنا الحالية، على سبيل المثال لقد قرروا أن يرغبوا بزيادة الإنفاق على التسليح أو الأسلحة الى أكثر من 4% من الناتج الإجمالي المحلي، وسوف يرفعون طبعاً هذه النسبة الى 5%، هذا يعني 13 مليار باوند على الأسلحة، ويريدون كذلك إنتاج الأسلحة النووية، نفس الحكومة حاولت أن تخفّض خمسة مليار باوند من احتياجات شعبنا، طبعاً هذا خاطئ، أريد حكومةً بريطانيةً فعلاً تدافع عن حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم، تحاول أن تتدخل..
مايا رزق: وهل يمكن أن تحقق ذلك من خلال هذا الحزب برأيك؟ ما هي الطموحات تجاه هذا الحزب، هل سيكون حركة معارضة؟ هل يكون حزباً واقعياً جديداً في بريطانيا، ربّما يتوزّع حتى خارج المملكة؟ أم أنه سيكون حالة موسمية قد تنتهي في أي لحظة؟
جيرمي كوربين: كلا لن يكون حزباً موسمياً، هو حزبٌ لكل المواسم، هي ظاهرة فعلاً نراها في أوروبا، الولايات المتّحدة، كذلك هنالك أعداد كبيرة من الأشخاص يملكون نظرة راديكالية للسياسة، يريدون أن يتمّ العمل بطريقة مختلفة، إذاً في الولايات المتّحدة لدينا الحزب الديمقراطي الإجتماعي وهم جزء الآن من حزب الديمقراطي، وفي فرنسا لدينا كذلك تحالف يساري، في بلجيكا لدينا كذلك حزب العمال، وفي ألمانيا لدينا بيلينكو، هو حزب قاعدي ينمو بسرعة. هنالك طبعاً خطر ظهور اليمينية كذلك في أوروبا كبير للغاية، وكذلك ما نراه من ظواهر عبر قادة ديمقراطيين في أوروبا خطير للغاية. نحن لن نقوم بهذا، نحن سنكون قوّةً متضامنةً مع المجتمع، وهنالك عدد كبير من المجالس المستقلّة تمّ انتخابها في كل أنحاء البلاد، وسيكون عدد أكبر في العام المقبل، حزبنا سيكون جزء من هذه الحركة المستقلّة، نحن نعم براغماتيون سوف نتعامل مع أشخاص يشبهوننا بالفكر ومنظمات قاعدية ومدنية مثل البرلمان، سيكون هنالك برلمانيين مستقلين، لدينا أفكار قوية، عندما نتّفق يمكننا التعاون مع أشخاص، مع الحزب الأخضر وكذلك مع الحزب الوطني الاسكتلندي وغيره لنحاول أن نجمع أصواتنا لبرامج مشتركة.
طبعاً هذه طريقة عمل المجتمعات ليعملوا بطريقة مشتركة على آراء موحّدة ليقومون بحشد هذا الدعم، بالنسبة للسياسة القائمة على المجتمع هو الطريق نحو الأمام، انظري الى عدد الأشخاص الذين تسجّلوا لينضموا الى حزبنا، وهذا أمرٌ استثنائي.
مايا رزق: بالفعل هو رقم استثنائي صراحةً. بينما أتحدث إليك أراك مرتاحاً، هل تشعر بحرية أكثر بعدما هجرت حزب العمال؟
جيرمي كوربين: لقد كنت فخوراً لأنه تمّ انتخابي لقيادة حزب العمال، لقد كان إنجازاً مذهلاً، لقد أطلقنا حملة كبيرة لأتمكّن من الفوز، لقد تمّت مهاجمتي من قبل الإعلام وكذلك من قبل الجناح الأيمن لحزب العمال، وقيادة الحزب لم تكن سهلة ولكنني كنتُ فخوراً بنتائج الانتخابات خاصةً عام 2017 عندما حصلنا على أعلى أصوات منذ عقود، نعم لقد خسرنا عام 2019، نحن نعرف أنّ النظام الانتخابي البريطاني غريب ولكن حصلنا كذلك على أصوات أكثر أثناء خسارتنا في تلك الانتخابات. طبعاً أنا أردت أن يكون حزب العمال حزباً مختلفاً صراحةً، ولكن البيروقراطية والسلطات ضمن الحزب لم يرغبوا بذلك وقد أدى ذلك الى طردي من الحزب ومن ثمّ أطلقت حزبكم وأنا فخورٌ بما أنجزته لغاية اليوم.
مايا رزق: عندما نتحدث عن حزب العمّال وتلك اللحظة التي أُخرجتَ منها من هذا الحزب، كثر تساءلوا كيف ذلك وما الذي حصل؟ هذه سابقة في تاريخ بريطانيا، ولكن اللافت ما قاله رئيس تحرير صحيفة جيروساليم بوست عندما عنوَن مقالاً وقال هكذا يمكن ليهود نيويورك إسقاط ممداني، ونحن نتحدث طبعاً عن عمدة نيويورك، كما أُسقط كوربين، وقدّم نصائح كيف تمّ إبعادك عن حزب العمّال وإسقاطك في الانتخابات، كيف تمكّنوا منك ولماذا فعلوا ذلك برأيك؟
جيرمي كوربين: أنا مع آخرين تمّ اتّهامي بأمور فظيعة للغاية، بأنني معادٍ للسامية، وأنا لستُ معادياً للسامية، المعاداة للسامية هو شرّ كأي شكل آخَر من أي تطرّف في العالم. إذاً لجنة حقوق الإنسان في بريطانيا قامت بتحقيق وأرادت إجراء تغيير، بعض هذه التغييرات تمّت كذلك في طريقة عمل الحزب في ما يتعلق بأي تحقيقات مستقلّة، ولكن عندما صدر التقرير لقد رحّبت بالتقرير الصادر، لقد تقبّلت نتائج التقرير ولكنني قلت أمرين، أولاً أنا لستُ معادياً للسامية، ثانياً، أنّ عدد القضايا لمعاداة السامية في حزب العمال كانت مضخّمة، هنالك عدد صغير من هكذا قضايا في حزب العمال، وهذا تمّ لأغراض سياسية كما نعرف، لمهاجمة المشروع السياسي الذي كنتُ أمثّله في ذلك الوقت. أنا أؤمن بهذا وبما قلته، أقف وراء بياني، وعندما تمّ تعليق عضويّتي من حزب العمال وكذلك تمّ تعليق عضويتي من مجموعة حزب العمال في البرلمان، ولكنني لا زلت نائباً في البرلمان كذلك، ومُنعت من الترشّح، وبالتالي وفق نصيحة عدد كبير من مجتمعي طلبوا مني أن أترشّح كمستقلّ وقمت بذلك، وبعد حملة مكثّفة تمكّنت من فوز لانتخابات بغالبية قصوى. وبعد عامٍ قمنا بتأسيس حزبٍ جديد، هل كنت حزيناً لطردي من حزب العمال؟ نعم، لقد انضممت عندما كان عمري 16 عاماً، لقد كان هذا فعلاً مشروع حياتي، لقد عملتُ في أصغر المناصب الى أعلاها، هنالك أشخاص جيّدين في حزب العمال لا يمكن أن أنكر ذلك، ولكن أكثر من مئتي ألف شخص غادروا حزب العمال والكثير منهم انضمّ الى يور بارتي البريطاني.
مايا رزق: أنت الآن في خطوةٍ جديدة في ما يخصّ هذه المسيرة السياسية، عندما نتحدث عن يور بارتي شرحتَ لنا بوصلة هذا الحزب، الى أي مدى سيشبه هذا الحزب جيرمي كوربين، جيرمي ربّما العفوي، الفوضوي بعض الشيء، القريب من الناس، الشعبوي؟
جيرمي كوربين: أي حزب ليكون حزباً ناجحاً يجب أن يكون حركةً اجتماعيةً قريبةً من الناس، قريبةً من العمّال، اتّحادات العمّال، المنظمات الاجتماعية، النقابات، الى المنظمات الطلابية، يجب أن يعكس هذا الحزب كل هذا، ولكن هذا الحزب يجب أن يكون قوّةً مبتكرة، وبالتالي أراه حركة اجتماعية بالإضافة الى كونه حزب سياسي. هو ليس حزبي، أنا أردت وقد أعلنت كما أعلن الآخرين أنّ هذا الحزب هو حزب الناس، وسنقوم بإطلاق المؤتمر التأسيسي في نوفمبر تشرين الثاني أتطلّع لهذا المؤتمر التأسيسي وسوف نتّفق على الرسالة السياسية الأساسية ومبادئ الديمقراطية، لكن سيكون هناك استقلالية كبيرة وهذا عامل أساسي في كل المجتمعات في بريطانيا وفي كل السلطات المحلية الاستقلالية. فعلاً هي مسيرة شيّقة وحماسية، هنالك الكثير من المهتمّين أكثر مما كنا نتوقع، وبالتالي أنا مسرور، ونحن نقوم كذلك بتنظيم مسيرات في كل أنحاء البلاد، وهنالك انتخابات في مايو أيام المقبل في إنجلترا وويلز وإسكتلندا وسيكون هنالك انتخابات برلمانية مقبلة على الأرجح عام 2028-2029، ولكن الأهم الآن هو أن نُطلق أعمال الحزب وأن نتحدّث ضد الفقر، ضد التمييز، ضد العنصرية، ضد اللاعدالة في مجتمعنا، وأن نحاول أن نقوم بتطوير استراتيجية بريطانية قائمة على الاستدامة البيئية والعدالة والسلام في العالم، ليس أن نقوم ببيع السلاح لنروّج للمزيد من الحروب. وأنا دائماً ما أشارك في الحملات المدافِعة عن فلسطين والتي تعارض الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين والضفة الغربية، وأعارض كل ما يجري في بلدكم وفي سوريا كذلك.
مايا رزق: سنتحدث بالتفصيل عن السياسة الخارجية وعن رؤيتك لما يحصل في غرب آسيا وفي عالمنا العربي، ولكن بما أننا نخصص الشقّ الأول من هذا اللقاء في إذهب أعمق عمّا يحصل في داخل بريطانيا وعن يور بارتي تحديداً، لماذا زارا سلطانة التي تقول بأنه في بريطانيا هناك ثلاثة أحزاب لأصحاب المليارات، وحان الوقت ليكون هناك حزب لكم أنتم أيها البريطانيون، لماذا هي في يور بارتي؟
جيرمي كوربين: زارا هي عضو جديد في البرلمان تمّ انتخابها عام 2019 في الانتخابات البرلمانية العامة بغالبية صغيرة، وأُعيد انتخابها في العام الفائت بغالبية أكبر في الدائرة الانتخابية في ميدلتون وكوفنتري، لقد كانت فعلاً عضو في حزب العمال وهي شخص فعّال وهي تقول أنّ الاستراتيجية الاقتصادية التي تتبعها الحكومة الحالية في بريطانيا مشابهة لتلك التي تتبعها الحكومة المحافظة السابقة، ولا يتمّ معارضة هذه السياسة من قبل الحزب الليبرالي والديمقراطي والأحزاب الكبرى، ما نقدّمه طريقة مختلفة، نحن لن نكون جزءاً من هذه السياسة الاقتصادية والسياسية التي تقوم بتعزيز عدم المساواة واللاعدالة في مجتمعنا، هدفنا أن نقوم بإعادة توزيع السلطة والثروة في مجتمعنا، وبالتالي استراتيجيتنا الاقتصادية سوف تكون مختلفة للغاية. عندما كنت قائداً في حزب العمال لقد قمنا بتطوير سياسات، لتعزيز مثلاً استخدام مرافق الطاقة والمياه وتعزيز السياسات المناهضة للتقشّف وتعزيز حقوق العمال وتعزيز استراتيجيات الاستثمار على مستوى البلاد، وبالتالي حزبنا سوف يتطوّر في هذه المجالات، يعمل في هذه المجالات. ولكنها عملية ديمقراطية، والكثير في البلاد قد يكون لديهم ربّما أفكار مختلفة ويرغبون بالعمل عليها ضمن حزبنا، هذا جيّد نحن ديمقراطيون هو أن نعطي صوتاً للشعب، وهذا دورنا أن نعطي صوتاً للشعب.
مايا رزق: كم بلغ عدد المنتسبين حتى الآن سيد جيرمي في يور بارتي؟
جيرمي كوربين: الأرقام الأخيرة هي 800 ألف شخص تسجّلوا في يور بارتي حزبكم، هذا لا يعني أنهم كلهم أعضاء، لم نفتح العضوية بشكل رسمي، هناك أشخاص كثيرون قاموا بالتبرع وبالتالي الآن لدينا ما يكفي من المال لننطلق، والكثير قاموا بتقديم تبرعات شهرية لمساعدتنا في تمويل الحزب، ،عندها سوف نطلب الذين تسجّلوا إذا أرادوا أن يصحبوا أعضاءً في الحزب عندما نبدأ بعملية التسجيل الرسمية، وطبعاً سوف نرى على ما سيكون الرقم النهائي، ولكن هنالك أرقام كبيرة من الأشخاص الذين عبّروا عن اهتمامهم ودعمهم ليور بارتي، وهذا يعني أنه سيكون لدينا عدد كبير من الأعضاء أكثر من أي حزب آخَر في بريطانيا، وحزب العمال حالياً يدّعي أنه أكثر حزب في بريطانيا لكن لا نعرف عدد الأعضاء، أعتقد أنه بين مئتي ألف ومئتي وخمسين ألف عضو في حزب العمال، وطبعاً عدد الأعضاء في الحزب الأخضر والحزب الديمقراطي والليبرالي …
مايا رزق: واضح أنّ حزب العمال خسر كثيراً بعد خروجك من هذا الحزب، بعدما عرف زخم حينما كنتَ على رأس هذا الحزب. بقي لدينا دقيقة في الجزء الأول من هذه الحلقة، تابعتُكَ في أكثر من لقاء خلال العقد الماضي تصف فيه المجتمع البريطاني على أنه مجتمع لا مبالي وعنصري، اليوم كيف تراه؟
جيرمي كوربين: نملك مجتمعاً في بريطانيا يعاني من الضغط ومشرذم، يعاني من الضغط بسبب مستويات الدين وأزمة نفسية، وكذلك تزايد الفقر وتزايد العنصرية تجاه اللاجئين وطالبي اللجوء. والآن اليمين يشجّع الناس أن يتظاهروا أمام فنادق طالبي اللجوء، طالبو اللجوء إذاً جاؤوا إلينا لسبب ما، هم يهربون من الفقر واللاعدالة والحروب والنزاعات وما الى ذلك، وأعتقد أنه علينا أن يكون لدينا إنسانية معينة وأن نرحّب بهؤلاء الأشخاص وأن ننظر الى سبب طلبهم اللجوء، عندما ألتقي بالناس، هنالك أشخاص كانوا يعملون مع الجيش البريطاني في أفغانستان وحاولوا الهروب دخلوا الى بريطانيا بطريقة خطيرة لأنهم يبحثون عن الأمان، وأسأل نفسي هنالك مليارات صُرفَت على حرب أفغانستان ما الذي حصل؟ ما كانت النتيجة؟ اليوم هنالك أشخاص يحاربون الهروب ولا يحصلون على أي مساعدة من الحكومات التي قامت بتمويل هذه الحرب، وبالتالي يجب أن يكون لدينا سياسة خارجية أكثر إنسانية.
مايا رزق: تفضل بالبقاء معنا سيد جيرمي كوربين نتابع إذهب أعمق مع بعد الفاصل.
فاصل
مايا رزق: من جديد أهلاً ومرحباً بكم في إذهب أعمق مع جيرمي كوربين، أرحب بك سيد جيرمي من جديد. تابعنا في المقدمة أنك رفضتَ الالتحاق بالتدريب العسكري في أيام الدراسة رفضاً منك واعتراضاً منك على الحرب في فييتنام، أنت بالفطرة معارِض للحروب وتفضّل حلّ الأزمات بالطرق السلمية، ولكن اليوم نتابع بأنّ الحروب تستعر بشكل جنوني على الخارطة العالمية، كيف وصلنا الى هنا، كيف وصلنا الى سباق التسلّح غير المسبوق هذا؟
جيرمي كوربين: هنالك حروبٌ مستعرة، في أوكرانيا، في فلسطين، وفي السودان، وفي الكونغو واليمن، ونزاعات صغيرة في الكثير من الأماكن حول العالم، في بورما على سبيل المثال، في غرب باكو وغيرها من الأماكن. هنالك كذلك صناعة أسلحة متفشّية في أوروبا وفي روسيا وفي الصين وفي الهند كذلك، وفي العام الفائت العالم أنفق 2.4 تريليون دولار على التسلّح في كل أنحاء العالم، وكل هذا إنفاق عام، كل هذا هو مال يمكن إنفاقه على الصحة، يمكن إنفاقه على الإسكان، يمكن إنفاقه على التعليم وعلى أمور كثيرة أساسية. لدينا مسار تاريخي حزين، خلال الثلاثة عقود الماضية طبعاً سقوط جدار برلين، انهيار الاتّحاد السوفياتي، وانتهاء ميثاق وارسو، هذا أظهر مثلاً فرصة للسلام، ولبضعة أعوام كان هنالك حدٌ للإنفاق على الأسلحة من قبل بريطانيا والولايات المتّحدة، خاصة الولايات المتّحدة، بريطانيا هي جزءٌ من حلف شمال الأطلسي، الضغط عندها كان موجوداً لبيع الأسلحة، كان هنالك ضغط طبعاً لإطلاق نزاعات خاصةً كان هنالك حرب الخليج وحرب العراق، وهذه الحروب هي بسبب طبعاً الطمع على النفط وعلى المعادل، وفي حالة الحرب في غزة والضفة الغربية فعلاً الأمر يتعلق بالتوسّع الاسرائيلي والسيطرة الاسرائيلية على فلسطين.
وبالتالي علينا أن ننظر الى كيف يمكننا أن نسير قدماً في حال هذه النزاعات، في حال اوكرانيا وروسيا أنا لا أدعم ما قامت به روسيا، أعتقد أنّ ما قامت به مخطئ أن تحاول أن تجتاح وأن تحتلّ أوكرانيا، إذاً الأمر الوحيد للمضي قدماً هو وقف إطلاق النار ومن ثمّ إجراء نقاش منطقي حول العلاقات المستقبلية بين اوكرانيا وروسيا والدومباس كذلك، هذا قد يحصل بعد وقف إطلاق النار المحتمل الذي يتمّ التفاوض عليه في ما نتحدث الآن، وأتمنى أن ينجح وقف إطلاق النار، كان يمكن أن يحصل وقف إطلاق نار منذ ثلاثة أعوام، أو منذ عامين حتى عندما تدخّل بوريس جونسون لكي لا يحصل وقف لإطلاق النار وقد خسرنا الكثير من الأشخاص، والحرب القريبة منكم مثلاً ما يحصل في فلسطين كذلك..
مايا رزق: أريد أن أسألك عن غزة سيد جيرمي، زرتَ غزة أكثر من مرة كيف تصفها لنا الآن؟ وأسألك ما يحصل في غزة هل يراه العالم؟
جيرمي كوربين: إذا أراد العالم أن يرى يمكنه أن يرى، الأمر موجود على شاشات التلفزة، المجاعات، قتل الأطفال، تدمير المستشفيات والمدارس، واليأس الموجود في حياة الغزاويين، هذا عارٌ على الإنسانية. والبشرية، عندما نكتب التاريخ للقرن الواحد والعشرين سيكون تاريخاً قاسياً للسياسيين الذين بدل أن يقوموا بشيء ليدعموا الشعب الفلسطيني يستمرون ببيع السلاح لإسرائيل، استمروا في إعطاء الضوء الأخضر للقصف كذلك، بريطانيا مثلاً سمحت لقواعدها أن تكون منصةً للمراقبة لاسرائيل، وبالتالي أعتقد ما يحصل مقرف وأكثر من مقرف، لقد ذهبتٌ الى محكمة العدل الدولية لأستمع الى الجلسة، وفعلاً لقد انبهرتُ بالقضية التي تقدّمت بها جنوب افريقيا وحاولت أن أدعم كذلك محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية، نحن نحتاج الى وقف إطلاق نار فوري، على ما يبدو أن حماس كانت مستعدة للاتّفاق على وقف إطلاق النار هذا الأسبوع، أرجو أن الحال لا يزال كذلك وأن يكون هنالك وقف إطلاق النار وألّا يقوم نتنياهو بتخريب ذلك، على الأقل لإدخال المساعدات، ولكن هنالك جروحٌ كثيرة للناجين في غزة، هنالك تأثيرات نفسية، الفقر، الدمار، اليأس، ومستوى الكراهية الذي سيكون موجود مع الذين تدمّرت حياتهم، تحاول اسرائيل أن تتوسع وأن تقوم بإخراج الشعب الفلسطيني الى سيناء لإقامة غزة جديدة، يجب أن يكون هنالك مطالبة لسحب كل الاحتلال والقوات الاسرائيلية من غزة وكذلك الضفة الغربية. وكما قلت لقد زرت غزة عدة مرات والضفة الغربية، والعوامل النفسية أن يكون الشخص تحت الاحتلال طوال حياته فعلاً هذا لديه تبعات نفسية وخيمة..
مايا رزق: سيد جيرمي قبل قليل أشرتَ الى أنّ بوريس جونسون شكّل عائقاً وهو مَن منع وقف الحرب بين اوكرانيا وروسيا، برأيك اليوم مَن يقف عائق أمام وقف حرب الإبادة هذه بحق الفلسطينيين في غزة؟
جيرمي كوربين: مَن يقف أمام وقف الإبادة من ناحية حكومة اسرائيل نتنياهو، في الواقع هي الولايات المتّحدة الأميركية والرئيس ترامب، الرئيس ترامب يقوم بتوفير الدعم الاقتصادي والسياسي لإسرائيل ليسمح لها بالاستمرار بهذه الإبادة، اسرائيل لم يكن بامكانها أن تستخدم طائرات F30..
مايا رزق: لماذا؟ ما هي مصلحتها؟
جيرمي كوربين: مصلحة الولايات المتّحدة هي أنهم يعتقدون أنّ إسرائيل دائماً تحت التهديد وبالتالي عليهم أن يقوموا بتسليح اسرائيل الى حيث تكون قوية ومسيطرة، ليكون هنالك سلام في المستقبل الناس يجب أن يكونوا قادرين أن يعيشوا ويتعايشوا، فعلاً أنا منذهل بعدد الأشخاص في إسرائيل على الرغم من كل الضغط الذين يواجهونه قالوا أنهم لا يريدون أن يحتلوا فلسطين، لا يريدون حرباً، لا يريدون حرباً في غزة، يريدون أن يتمكّنوا أن يعيشوا في سلام، وبالتالي هي الدول الغربية خاصة الولايات المتّحدة وبعض الدول الاوروبية الغربية التي تقوم بتوفير الأسلحة لإسرائيل، هم المذنبون في ما يحصل اليوم.
مايا رزق: سيد جيرمي توعّدتَ بأنك ستكشف تواطؤ بريطانيا في الإبادة الجماعية في غزة وتحقق العدالة لفلسطين، ماذا تنتظر وماذا علينا أن نتوقّع مما قد يتم كشفه من تواطؤ بريطاني في هذه الحرب؟
جيرمي كوربين: لقد تقدّمتُ بمشروع برلمان هذا الصيف لأحاول إجبار الحكومة أن تقوم بإطلاق لجنة تحقيق مستقلّة في ماي تعلق بما يحصل في غزة والضفة الغربية، لقد مرّت المرحلة الأولى في البرلمان، لم أكن متفاجئاً عندما تمّ صدّها في المرحلة الثانية من البرلمان، وطبعاً أنا أعمل مع مشروع العدالة والسلام في سان جاستس ونقوم بإطلاق جلسة تحقيق علنية في الرابع والخامس من سبتمبر أيلول في لندن، سوف تكون عبر الانترنت، وستكون كذلك حضورية، وهذه الجلسة سوف تأخذ فعلاً شهادات من خبراء عسكريين وقانونيين ومن أشخاص من غزة والضفة الغربية حول كيف تطوّرت سياسة الحكومة البريطانية، نفس التحقيق الذي جرى بعد حرب العراق من قبل سير جون شوكير، طبعاً هذه ليست لجنة تحقيق رسمية بل هي لجنة مستقلّة، ولكن مصمَّمة لنفهم كيف أصبحت السياسة البريطانية على ما هي عليه اليوم. وأنا مسرور بأننا نقوم بهذه الخطوة وسوف نستمر بالضغط قدر المستطاع، الآن لقد قمنا بتنظيم سبع وعشرين مظاهرة في بريطانيا، وفي سبتمبر أيلول سوف نقوم بتنظيم مظاهرة أخرى وسوف نستمر بالضغط عبر مجموعة لاهاي، لقد كنتُ في بوغوتا للفعالية التي قمت بتنظيمها في يوليو تموز وقد جمعَت أعضاء في الأمم المتّحدة مثل إندونيسيا، ماليزيا، كولومبيا وغير ذلك لنستمر بتقديم دعمنا للمحكمة الدولية، ونحن نحاول أن نقوم بتوسيع الدعم الدولي. ولكن الحرب عليها أن تتوقف، ستين ألف شخص توفوا حتى اليوم لماذا؟
مايا رزق: وأكثر من ذلك، معظمهم للأسف من النساء والأطفال. الآن سيد جيرمي هناك عدد من الدول الأوروبية من بينها بريطانيا تقوم بحراك ما للاعتراف بدولة فلسطينية، خديعة أم إنجاز لنضال عمره عقود؟
جيرمي كوربين: أعتقد أنه علينا أن نقول إذا أجبرنا الدول الأوروبية أن تنضمّ الى غالبية الدول الأخرى في الأمم المتّحدة، طبعاً الاعتراف بدولة فلسطين هذا إنجاز، إنجاز سياسي لكل الذين فعلاً تمّت إدانتهم لأنهم فعلاً أدانوا ما تقوم به إسرائيل في فلسطين، هذه خطوة الى الأمام، ولكن أعتقد كذلك أن الشعب الفلسطيني عليه أن يتمكّن من تقرير مستقبله ومصيره، من الصعب أن نرى كيف يمكن أن يكون لدينا عمليات ديمقراطية في غزة والضفة الغربية، في ما هذه المناطق تحت القصف وتحت الاحتلال، وبالتالي نحن نحتاج لوضع حدٍ للاحتلال أولاً ونحتاج للموارد والتمويل لتدخل عبر الأمم المتّحدة لإيصال الغذاء والطعام والأدوية وإعطاء الشعب الفلسطيني فرصة ليطوّر مجتمعه، وما يذهلني فعلاً هو صمود الشعب الفلسطيني، هذا الشعب الذي لا يزال يملك هذا الإيمان وهذه القدرة على الصمود
مايا رزق: سنختم هذه الحلقة معك سيد جيرمي مع فرضية لو خاطب بعض الزعماء مشاهدينا الكرام جيرمي كوربين ماذا كانوا ليسألوا؟ سنعرض سوياً أسئلة افتراضية مشاهدينا، هذه الأسئلة استعنّا بChat GPT ليطلعنا بطبيعة الحال على فرضيات أسئلة من شخصيات وضعناها، البداية يتكون مع كير سترامير، لو كان لكير ستارمر الفرصة لسؤال جيرمي كوربين سؤالاً واحداً ماذا كان سيسأل، سأطرح عليكم السؤال سيد جيرمي، تلك القضايا التي تصدّع رؤوسنا بها، هكذا يقول كير ستارمر بحسب Chat GPT، أطاحت وشرذمت الحزب، ما فعلتَه هو نكبة بحق حزب العمال والتيار اليساري بالكامل، هل ستعتذر؟
جيرمي كوربين: لن أعتذر لأنني فعلاً دافعت عن المبادئ، دافعت عن العدالة الاجتماعية، لقد أمضيت حياتي في حزب العمال وأنا أحاول أن أجعل (..) الآلية لتغيّر مجتمعنا، ولا زلت أستمرّ بنفس العمل سواءً كنت داخل أو خارج الحزب، إذاً رجاءً كير افهم أننا جميعاً سيتم تذكرنا بما قمنا به، وليس بما حاولنا أن نوقِف الآخرين عن القيام به.
مايا رزق: لو كان لكارل ماركس أيضاً الفرصة لسؤال جيرمي كوربين سؤال واحد بحسب Chat GPT سيكون هذا هو السؤال، جيرمي هل تسمّي ذلك عدالة اجتماعية حين تهدّئ جراح الرأسمالية بدءاً من ضربها في قلبها؟
جيرمي كوربين: أعتقد أنه علينا أن نفهم هيكل مجتمعنا كما فعل كارل ماركس، وعلينا أن نقوم بتطوير طريقة تحوّل مجتمعية، وهذا لن يتمّ بطريقة سريعة وسهلة، نبدأ بحشد الناس لنقوم بتحقيق العدالة الاجتماعية عبر النقابات العمالية وعبر الأحزاب العمالية، وهنالك طريقة مختلفة لإدارة عالمنا اليوم، لقد قرأت وتعلّمت الكثير من كارل ماركس، كارل ماركس هو فعلاً مدفون خارج الدائرة الانتخابية على بُعد ثلاثة كيلومتر فقط من مكان جلوسي الآن.
مايا رزق: أما الشخصية الثالثة سيد جيرمي فهي مارغريت تاتشر، تسألك بحسب Chat GPT، كيف تجرؤ على تقديم نفسك قائداً بريطانياً بينما تقود سياستك البلاد نحو الفقر والضعف؟
جيرمي كوربين: مارغريت لقد كنتُ في البرلمان عندما كنتِ رئيسة للوزراء ورأيت ما قمتِ به لمجتمعات التعدين والفقراء والمهمّشين في مجتمعنا، لقد أدّيتِ الى بناء مجتمع جشع، هذا هو إرثكِ، نحن نريد أن نرى شيئاً مختلفاً للجيل المقبل، لا نريد فعلاً جيلاً يقوم على المنافسة بل على التعاون بين الشعوب.
مايا رزق: أمّا الآن الى الشخصية الرابعة، دونالد ترامب، الشخصية الأكثر إثارة للجدل الآن، يسألك سيد جيرمي، هل استراتيجيتك تجاه غزة أبعد من مجرّد مسيرة ومكبّر صوت؟ أم أنّ هذه هي السياسة الخارجية بأكملها بالنسبة لك؟
جيرمي كوربين: أنا أقول للسيد ترامب، قم بدراسة التاريخ ولو قليلاً، قم بقراءة التاريخ ولو قليلاً، افهم كيف حصلت النكبة…
مايا رزق: هو ليس مهتم بالقراءة على فكرة، هو يقول ذلك صراحةً.
جيرمي كوربين: أعرف هذا، وبالتالي ما أودّ أن أقوم به هو أن أساعد ترامب إذاً بثلاثين ثانية من التاريخ، النكبة هي عندما تمّ طرد الشعب الفلسطيني من منزله وأرضه لقيام دولة إسرائيل، ثانياً غزة هي الآن تحت الاحتلال لأن اسرائيل تريد أن تتوسع وأن تقوم بطرد سكان غزة، هل تريد هذا فعلاً؟ أنا متأكّد أنك تريد هذا، ولكن هناك الكثير من دروس التاريخ يمكن أن أعطيك إياها عندما تريد ذلك.
مايا رزق: ختاماً جيرمي كوربين في سنّ الثلاثين يريد أن يطرح عليك سؤالاً الآن بحسب Chat GPT، السؤال هو: بعد كل هذه العقود في السياسة والنضال أخشى ألّا تحقق ما تعبنا من أجله، ألا تشعر بالملل والعجز؟
جيرمي كوربين: لا، لا أبداً، أنا أحب الابتكار، أحب الكتابة، أحب أن أقوم بأمور، ولكنني أهم شيء أحبّ أن أعمل مع الناس لأغيّر حياتهم وأغيّر المجتمع وأقوم بإقامة مجتمع قائم على العدالة وأُطلق الطاقة الموجودة في روح الشباب ولا أدفعهم نحو مشاكل نفسية، نحو الفقر ونحو الدين، وأنا لا زلت شاباً وسأستمر في عملي.
مايا رزق: هناك من يقول أنك الآن تخوض المعركة الأخيرة في بريطانيا، أهي كذلك؟
جيرمي كوربين: كلا، كلا، سأستمر طالما أنا على قيد الحياة، أشعر أنني في كامل صحّتي، وأنا أكثر عزماً من ذي قبل أن أحسّن حياة الشعب وأن أقوم بإرساء العدالة الاجتماعية، أنا ألتقي بأشخاص مذهلين في ظروف مختلفة، هم يلهموني بما يقومون به بشجاعتهم وصمودهم.
مايا رزق: سيد جيرمي منذ أيام قليلة كنتَ في هيروشيما، أريد أن أسألك هل يُشفى المجتمع من حقد نووي؟ هل يُشفى المجتمع من الحروب؟
جيرمي كوربين: الأسلحة النووية فعلاً هي شرٌّ كبير، لقد زرت هيروشيما ونغازاكي، قُتل 300 ألف شخص بعد إسقاط القنبلتين، وكذلك توفّي نصف مليون شخص عقب الأثر النووي، أنا أدعم معاهدة عدم الانتشار وعلينا أن نخلّص العالم من الأسلحة النووية، سبعين دولة في العالم قاموا بالتوقيع على معاهدة عدم الانتشار أريد أن أوسّع هذه الحركة، لهذا السبب زرت هيروشيما ونغازاكي، لقد كنت أتحدث مع شعب الهيجوشكاس الذين بقيوا على قيد الحياة بعد الهجمة النووية، قالوا لي جيرمي عليك أن تقوم بأي شيءٍ لكي تقوم بوقف انتشار الأسلحة النووية، فهذه الأسلحة قتلت ملايين الأبرياء، فعلاً انفجار نووي واحد سوف يؤدي الى شتاء نووي، سوف يؤدي الى فقدان الحياة وفقدان كذلك البيئة على الكوكب، فعلاً علينا أن نتوقف عن تصنيع الأسلحة النووية.
مايا رزق: وربّما يصحّ السؤال ما إذا كانت غزة ستُشفى من حرب الإبادة هذه التي تتعرض لها وكيف أصلاً يكون طريق الشفاء؟ ومن هنا أريد أن أسألك سيد جيرمي يُقال أن ألمانيا ليومنا هذا ما يحكمها هو عقدة الذنب تجاه الهولوكوست، وبالتالي تعطي نوع من شك على بياض لإسرائيل منذ عقود حتى الآن. وعد بلفور قدمت من خلاله بريطانيا فلسطين كوطن لليهود، هو يُسمى بلعنة بلفور بالنسبة للفلسطينيين، كيف يمكن تصحيح هذا الأمر وهل يكفي ربّما اعتذار؟ هل سيأتي مثل هكذا اعتذار من بريطانيا؟
جيرمي كوربين: آمل أن نرى اعتذار بسبب طريقة تنفيذ وعد بلفور، ولكنني أعرف كذلك أنّ ألمانيا التي لغاية الآن تدعم إسرائيل بطريقة لا متناهية في كل الظروف، الآن تُعيد التفكير بكل هذا، تُعيد التفكير بمسألة التجارة وتوفير الأسلحة بسبب الآراء الشعبية في العالم، علينا فعلاً أن نثمّن ما يقوم به الناس اليوم من مظاهرات دعماً للشعب الفلسطيني ولإنهاء الإبادة، ولهذا علينا أن نقوم بكل شيءٍ لنضغط للانسحاب الاسرائيلي من غزة ومن الضفة الغربية لنعطي الشعب الفلسطيني فرصة للسلام والتطوّر، وفي نهاية اليوم وفي نهاية المطاف جميعنا علينا أن نقوم بكل ما نستطيع، هنالك أشخاص لا يقومون بأي شيء كيف سينظرون الى نفسهم في المرآة عندما يعرفون أنه كان بإمكانهم أن يقوموا بالحدّ من آلام الشعب الفلسطيني؟
مايا رزق: هل ترى أي بقعة أمل في ما يخصّ حرب الإبادة تجاه غزة؟ هذا هو آخر سؤال في هذا اللقاء.
جيرمي كوربين: … وعبر الدعم، أرى أملاً إذاً بوضع حدٍ للإبادة الحاصلة عبر المواقف المتَّخَذة حالياً من قبل الدول المجاورة لفلسطين وفي كل أنحاء العالم، وهذا يعني أنه يجب أن يكون هنالك عقوبات أقوى ضدّ إسرائيل، يجب أن يكون هنالك دعماً سياسياً للشعب الفلسطيني من قبل كل الحكومات في المنطقة.
مايا رزق: أشكرك جزيل الشكر النائب في البرلمان البريطاني ورئيس حزب حزبكم أو يور بارتي، فعلاً ذهبنا أعمق معكم، شكراً جزيلاً.
مشاهدينا الكرام الى هنا نكون قد وصلنا الى ختام هذه الحلقة من إذهب أعمق مع جيرمي كوربين، الى اللقاء.