أربعون وبعد... الحلقة الأولى

أربعون وبعد.. شهادة توثيق لمقاومة إنطلقت بالحد الأدنى، وإنتصرت بجدارة الحد الأقصى.. حلقات تنطلق من حديث نادر للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يعرض للمرة الاولى، قاله قبل نحو عشرين عاما.. نستعيده في الذكرى الأربعين لإنبعاث حزب الله المقاومة، والذكرى الثلاثين لإختيار السيد نصر الله قائدا للمسار والمسيرة.

نص الحلقة

<p>أربعون وبعد - الحلقة الأولى</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم. في الوطن لا مجال للتقسيم وإلّا فلا وطن، وفي المبادئ لا مجال للتقلّبات وإلّا فلا قيم. في المقاومة لا مكان للتردد وانتهازية الحسابات وإلّا فلا انتصارات، وفي الاستراتيجيا لا مكان للعبث والصدفة وإلّا فانكساراتٌ وربّما لا بقاء لكيانات.&nbsp;</p> <p>في السياسة والتحالفات لا علاقات بالغدر والانقلاب وإلّا فخيباتٌ بلا شرف، وفي الثقافة والمجتمع لا علاقاتٍ سويةٍ بفوقيةٍ وعنصرية وإلّا فانشطارٌ بلا انسانية.&nbsp;</p> <p>هكذا تبدو معايير حزب الله الكيان بعد أربعين عاماً، محافظاً على قيمه وثوابته بالمقاومة نهجاً وخيارا، هكذا يبدو حزب الله المقاومة بعد أربعين عاماً، منتصراً على الاحتلال، متجذّراً في بيئته، ركناً ي السياسة، رافعةً استراتيجيةً، راسخاً في محيطه، قوّةً اقليميةً، منتشراً أممياً، نموذجاً لقوىً حيّةً في الأمة وبين الأحرار في العالم. هذا هو الواقع على الأرض، لا تعنيه أوهامُ عدوٍ، ولا تضليل مناوئٍ، ولا صراخ جاهليٍ، ولا قلّة أدب سفيهٍ.&nbsp;</p> <p>أربعون وبعد، شهادة توثيقٍ لمقاومةٍ انطلقت بالحد الأدنى وانتصرت بجدارة الحد الأقصى، حلقاتنا هذه تنطلق من حديثٍ نادرٍ للأمين العام لحزب الله السيد حصن نصرالله، يُعرَض للمرة الأولى، قاله قبل نحو عشرين عاماً، نستعيده في الذكرى الأربعين لانبعاث حزب الله المقاومة، والذكرى الثلاثين لاختيار السيد حسن نصرالله قائداً للمسيرة والمسار.</p> <p>حقبة الحديث لامست محطّاتٍ مفصليةٍ في تاريخ لبنان والمنطقة، بين عام 82 من القرن الماضي،. تاريخ الغزو الاسرائيلي واحتلال لبنان وعاصمته بيروت، وعام 2002 من هذا القرن أي بعد تحرير جنوب لبنان وبقاعه الغربي، وتفجيرات الحادي عشر من أيلول سبتمبر واندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; كيف انطلق حزب الله؟ كيف حدد هويته الفكرية والسياسية؟ هل كانت نشأته لبنانية محضة، وكيف ككانت حقيقة علاقته مع القيادة الإيرانية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>"السيد نصرالله: بسم الله الرحمن الرحيم. بالعودة الى ظروف النشأة لا تستطيع أن تقول أنها كانت مبرمجة بالكامل بهذا المعنى الدقيق، ولا تستطيع أن تقول أنها كانت عفوية بالكامل. إذا عدنا الى ظروف النشأة كلنا يعلم أو يتذكر ظروف الاجتياح الإسرائيلي سنة 1982، الإسرائيليون خلال فترة وجيزة تمكّنوا من اجتياح الجنوب والوصول الى جبل لبنان، الى مشارف العاصمة وفي ذلك الوقت لم يكن حزب الله موجوداً بالمعنى التنظيمي أو كتيار مشخَّص المعالم كما هو الحال الآن، الاجتياح الإسرائيلي كانت له نتائج كبيرة جداً على الوضع في لبنان، مجموعة من الإسلاميين الذين كانوا يعملون في أُطر متنوعة مختلفة، مثلاً البعض كان في حركة أمل، البعض كان ينتسب الى التنظيم المحلي لحزب الدعوة الإسلامية، باعتبار أن هذا التنظيم كان له فروع في الأقاليم كما يقولون، البعض كان يعبّر عن لجان إسلامية أو جمعيات إسلامية محلية في هذه المدينة، في تلك البلدة، في هذا الحي، وكان هناك أيضاً أطر علمائية مستقلة وشخصيات علمائية مستقلة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: لم يكن البعض في فتح؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيد نصرالله: لا، من الأساسيين الذين ساهموا في بداية التشكيل لم يكن هناك أي أخ من الإخوة ينتسب الى أي إطار غير الأطر الإسلامية التي كانت موجودة فعلاً في الساحة.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: سماحتك كنتم من بين هؤلاء؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: أنا لم أكن من بين هؤلاء، يعني المجموعة الرئيسية هم أقدم منّا.&nbsp;</p> <p>فعندما صار الاجتياح تداعى هؤلاء، أن هناك حدث كبير حدث كيف نواجهه؟ في اللقاءات توصّلوا الى استنتاج يقول أنّ الأُطر التي ينتمون إليها والموجودة فعلاً هي عاجزة عن مواجهة المرحلة الجديدة، هذه كانت القناعة التي وصلوا لها. أما الذين كانوا يعملون في إطار لجان إسلامية أو جمعيات ثقافية أو خيرية أو مؤسسات أو أئمة مساجد فهم أولى بأن يفكروا بهذه الطريقة. صار التباني من الكل أنه دعونا نفعل شيء موحّد وجديد ماهيّته جهادية، طبيعته جهادية لأنّ هذه طبيعة المرحلة وما تحتاجه مرحلة مواجهة الاجتياح، فكانت فكرة تشكيل حزب الله. الفكرة هي لبنانية محضة، يعني من اللبنانيين أنفسهم، من هؤلاء الإخوة، حظيت بمباركة الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه باعتبار أنّ هؤلاء جميعاً كانوا يلتقون على نقطة أساسية هي الإمام بقيادة الإمام الخميني كإمام للأمة، وبالتالي الغطاء الشرعي والديني الذي تحتاجه هذه الحركة الجديدة وخصوصاً أنها حركة ستقاتل يعني فيها مسؤوليات دماء وأعراض وأموال ومواجهة وقتال لسنوات طويلة، هي بحاجة بالتأكيد لغطاء شرعي.</p> <p>الإخوة إضافةً الى كونهم إسلاميين التقوا على نقطتين، واحد القبول بقيادة الإمام الخميني، ثانياً مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ولم يكن بحاجة لأن يناقشوا أي شيء آخر، الهياكل مثل أي حزب عادةً تجتمع نخبة في مؤتمر وتضع وثيقة وتحضّر برنامج سياسي، مشروع سياسي، هياكل والى آخره، الإخوة اعتبروا أن كل هذه الأمور يحين وقتها لاحقاً، الآن نحن تيار إسلامي جهادي نواجه الاحتلال الإسرائيلي يجب أن نتجنّد كلنا للتعبئة، للتدريب، للتجهيز، للتسليح، لبدء العمليات، لمواجهة قوية مع هذا الاحتلال، وكل الأمور الأخرى هي أمور مؤجّلة، وبالحقيقة تأجيل الأمور الأخرى كان أيضاً حكيماً لأنه لو جلس هؤلاء ليناقشوا حتى التفاصيل في الرؤى، في الأفكار، في الفهم، في قراءة الواقع، ماذا يريدون في لبنان وفي غير لبنان ستمضي شهور أو سنوات قبل أن يبدأ الحراك في داخل هذا التيار الجديد.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: الإشكالية وقتذاك سماحة السيد، طبعاً نتيجة كلامكم الآن أنّ حزب الله هو حركة لبنانية احتضنتها إيران الجمهورية الإسلامية ولم تكن قراراً إيرانياً بمعنى إيجاد ذراع للقيادة الإيرانية وقتذاك في لبنان كما ذُكر أكثر من مرة هذا الأمر، الإشكالية وقتذاك أنّ ولادتكم أو نشأة حزب الله كانت في وضع عصيب جداً من كل النواحي، أنتم تفضلتم الآن بذكر الاحتلال الإسرائيلي ولكن وقتذاك الحكم في لبنان يُعتبَر أنه حكم مركزي كان معادياً للظاهرة الإسلامية ومعادياً للظاهرة التي تُقاوم الاحتلال الإسرائيلي، المسألة الثانية أنه كان هناك قوى أخرى وطنية كانت ترفع شعار المقاومة وكأنكم أنتم خرجت لتقولوا حتى لهذه الأطراف، كما يصوّر البعض، بأن نضالكم ليس مجدياً. المسألة الثالثة وهي الأهم أن الوضع اللبناني وقتذاك لم يكن وضعاً محلياً، كان وضعاً دولياً بمعنى أن قوات المارينز دخلت وقتذاك وأميركا وضعت يدها، فأنتم ولادتكم عصيبة من كل النواحي، على أي أساس بعد ذلك أنتم اعتمدتم لتنطلقوا ثمّ لتسيروا بكل هذه الخطوات التي أثبتت جدواها بعد ذلك؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: طبعاً أنا ركّزت على المسألة الرئيسية التي كانت وهي الاجتياح، وإلا قبل الاجتياح هناك حرب أهلية في لبنان، هناك مشكلة مع النظام في لبنان، موقع لبنان ضمن خريطة المنطقة وتداخل الأحداث على مستوى لبنان، كل هذا الذي تفضلتم به سليم. الحاجة كانت أولاً أن الاجتياح الإسرائيلي أدى الى تداعي الكثير من الأحزاب والمنظمات، أولاً أنت تعرف أنه بنتيجة الاجتياح خرجت الفصائل الفلسطينية بمقاتليها وأسلحتها من كل المناطق التي تم احتلالها وحتى من بيروت التي حوصرَت في ذلك الحين. الأحزاب الوطنية اللبنانية بالعموم كانت تتكئ على الفصائل الفلسطينية تمويلاً وتسليحاً وتدريباً، عندما خرجت الفصائل حجم الاجتياح وعدم القدرة على مواجهة الاجتياح أسقط الكثير من مصداقية هذه الأحزاب، طبعاً بعض هذه الأحزاب حاولت أن تستعيد نفسها ترمم إمكاناتها، وشاركت في مقاومة الاحتلال خلال السنوات الأولى.&nbsp;</p> <p>ما كان موجوداً في الساحة بالتأكيد لم يكن كافياً، نحن لا نقول نضالكم أو مقاومتكم غير مجدية، وإنّما نقول بالتأكيد لم تكن كافية، مواجهة الاحتلال الإسرائيلي كانت بحاجة الى أن تتجنّد كل فئات الشعب اللبناني وتنظم أعمال مقاومة كلٍ على طريقته وبإمكانياته المتوفرة، وقتال هذا العدو. في نهاية المطاف نحن كنّا بحاجة الى مقاومة شعبية شاملة، لا يمكن أن نقول حسناً هناك الحزب الفلاني والحزب الفلاني والتنظيم الفلاني بأعداد معينة وإمكانات معينة هم يقاتلون الاحتلال إذاً سقط التكليف عن الجميع، بالعكس، كل الذين قاتلوا لم يكن قتالهم كافياً، حتى نحن لم نكن نعتقد إن قتالنا سيكون كافياً، بل كنّا نؤمن أنه يجب أن يقاتل الجميع وأن تتوجه كل البنادق في مواجهة هذا الاحتلال، ولو تشكّل أطر غيرنا أيضاً لم يكن هناك مشكلة، لأن الساحة كانت تتسع لكل البنادق التي تتوجه الى مكان واحد وهو صدور جنود الاحتلال.</p> <p>هذه في الظروف التي سادت في ذلك الحين، وبطبيعة الحال أنا أؤكّد أن السنوات الأولى كانت صعبة جداً وعصيبة جداً، لكن نتيجة توفر الإرادة والإيمان والعزم واليقين والثقة أيضاً، نحن في الأيام الأولى كان بعض الناس يقولون أن هذا طريق مجنون، أنتم تقاتلون إسرائيل وأنتم مجموعة شباب وإمكاناتكم إمكانات متواضعة..</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: لماذا اسم حزب الله؟ ألم يكن محرجاً لكم؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: لا، بالعكس، طبعاً في ذلك الإطار الأول الذي حدّثتك عنه صار نقاشات عديدة حول تسمية هذا التيار، قلنا أن عندنا تنظيم وعندنا عنوان المقاومة، عندما طرحنا في البداية عنوان المقاومة سمّيناها المقاومة الإسلامية، طُرح عنوان المقاومة الإسلامية ليس ليكون عنواناً لمقاومة حزب الله لوحده، وإنّما حقيقةً في ذلك الوقت لمقاومة كل الإسلاميين، وكانت الجماعة الإسلامية موجودة في لبنان وما زالت موجودة، كان هناك عمليات حصلت في منطقة صيدا وأماكن أخرى من لبنان وباسم المقاومة الإسلامية، يعني الإسلاميون الشيعة والسنّة تبانوا أن يكون قتالهم وعملياتهم ومقاومتهم باسم المقاومة الإسلامية، ولذلك نحن في السنوات الأولى كل بياناتنا كانت باسم المقاومة الإسلامية، لم نقل حزب الله يشنّ أو ينفذ عمليات، على أساس أن المقاومة الإسلامية هي عنوان لكل الإسلاميين الذين يقاتلون الاحتلال ويؤمنون بالإسلام ويرفعون راية الإسلام.&nbsp;</p> <p>عندما أتينا لاسم التنظيم، ماذا نسميه؟ كان هناك عدة آراء حول هذا الموضوع، رأي مثلاً كان يقول دعونا نسميه الحركة الإسلامية في لبنان، رأي كان يقول دعونا نسميه الثورة الإسلامية في لبنان، رأي كان يقول فلنسميه حرس الثورة الإسلامية في لبنان، حتى هذه التسمية كانت مطروحة من قبل بعض الإخوة، أحد الآراء كان اسم حزب الله، وهذا اسم جديد وغير مطروح ومتداول، بالتأكيد نحن لا ننفي أننا كنّا متأثرين ولا زلنا، نحن لا نتنكّر لهذه الحقيقة، أن الثورة الإسلامية في إيران والانتصار الذي تحقق سنة 79 كان له آثار عظيمة وكبيرة على مستوى الأمة ككل، نحن جزء من الأمة التي تفاعلت مع هذا الانتصار بالتأكيد فكر الإمام الخميني، آراء الإمام الخميني، روح الإمام الخميني، عنفوان الإمام الخميني، وأيضاً أدبيات الإمام الخميني حكماً، هذه تأتي كنتيجة، نحن تأثرنا بها بدرجة كبيرة، والإمام كان يتحدث عن حزب الله، طبعاً كان يتحدث عن حزب الله بمعناه الواسع وبالتالي يمكن لأي مجموعة مؤمنة بالإسلام ومجاهدة ومضحية تعتقد بهذا الطريق أن تسمي نفسها حزب الله، فلنسمي أنفسنا حزب الله ونخرج من بقية الأسماء التي قد تكون أسماء مستهلَكة أو قد لا تعبّر بدقة عن المرحلة التي نعيشها ونواجهها.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: طبعاً سماحة السيد لم يعد خافياً هذا الأمر مطلقاً الآن بل لعلّ القيادة الإيرانية تفخر بهذه المسألة، حزب الله في تلك السنوات نستطيع أن نقول أنه دُرّب بشكل أساسي من قبل حرس الثورة الإسلامية، كيف يمكن أن تحدثنا عن تلك المرحلة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: سنة 1982 في الأيام الأولى لبدء الاجتياح الإسرائيلي للبنان لم يكن واضحاً أفق الاجتياح وكان يمكن للحرب أن تتطور لحرب اقليمية، وأذكر في الأيام الأولى قام السلاح الجوي الإسرائيلي بقصف القوات السورية حتى في البقاع، حتى على الحدود اللبنانية السورية، الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه اتّخذ قراراً بإرسال قوات مسلحة إيرانية الى سوريا ولبنان لمساندة اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين من منظمة التحرير في مواجهة الاجتياح الإسرائيلي، وعلى وجه السرعة، وبالرغم من انشغال إيران في الدفاع عن نفسها في الحرب التي كانت قائمة من قبل النظام العراقي. وبالفعل جاء وفد رفيع المستوى الى دمشق وكان يضم قائد الحرس في ذلك الحين محسن رضائي وأظنّ أيضاً قائد من الجيش، لأنه لم يكن وقتذاك يوجد قائد، كان هناك أركان في الجيش الإيراني، ووزير الدفاع، أنا لا أذكر بالضبط الشخصيات التي كانت لكن محسن رضائي أتذكره أكيد، وكان هناك وفد مشترك من القوات المسلحة وجاؤوا الى الشام والتقوا بالرئيس الراحل حافظ الأسد، وأوصلوا رسالة أننا قادمون للوقوف الى جانب لبنان وسوريا والفلسطينيين في مواجهة الاجتياح الإسرائيلي، وبالفعل وصلت قوات، كطليعة القوات، بدأ نقل القوات الى المنطقة.</p> <p>أثناء نقل القوات الإيرانية الى المنطقة تقريباً كان الإسرائيلي اتّضحت معالم هجومه، لا حرب إقليمية، لا هجوم على سوريا، لا احتلال مناطق جديدة من لبنان، وصل الى مكان وجلس، وبقيت قصة بيروت هي التي كانت تتفاعل، وبالتالي انتقلت الحرب من حرب كلاسيكية ومواجهة جيوش الى نمط حرب العصابات وحرب المقاومة. في ذلك الحين نتيجة نقاش سوري إيراني لم يكن هناك حاجة لبقاء هذا الحجم من القوات، تمّت إعادة أغلب القوات الى إيران، ما كان تابعاً للجيش الإيراني رجع كله، ما كان تابعاً للحرس بقي جزء منه ودخل الى منطقة البقاع تحت عنوان أن الحرس باقون ليس ليقاتلوا هم وإنّما لمساعدة اللبنانيين على تأسيس حركة المقاومة، وبالتالي أقاموا معسكرات للتدريب، وصار اتّصال معنا ومع آخرين أيضاً، كانوا جاهزين أن أي لبناني موجود على الأراضي اللبنانية، أي فلسطيني موجود حتى في البقاع والشمال اللذين بقيا خارج الاحتلال يريد التدرّب، يريد أخذ الكفاءة والخبرة والتجربة من الإخوة الإيرانيين من الحرس لقتال الاحتلال هم كانوا جاهزين، ولذلك معسكراتهم كانت تستقبل ليس فقط مقاتلين من حزب الله.</p> <p>هنا بدأت العلاقة والتي كانت علاقة تدريبية، يعني تدريب، استفادة من الخبرة، من التجربة، ومن الإمكانات التي كانت متوفرة لدى الحرس في ذلك الحين."</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: إذاً نقاط عدة أوضحها السيد نصرالله في هذا الجزء الأول، لنقل أنه حدد مقدمات، حدد محددات نشأة حزب الله، ربّما سنعود الى بعضها في سياق هذا الحدث، لكن اسمحوا لي أن أنطلق من توقيت انطلاق حزب الله لأن هذا التاريخ مهم، نحن نتحدث عن عام 1982، وبصراحة نحن معنيون منذ البدء بالسؤال هل إنّ تأسيس حزب الله كان حدثاً استراتيجياً أو كان فقط ردّة فعلٍ مسلّحة تحوّلت لاحقاً الى عنوان استراتيجي؟ ربّما حتى نُجيب على هذا السؤال لأن مجال حديثنا في هذه الحلقات هو حصراً حزب الله، لكن مفيد أيضاً أن نضع هذا الحدث في إطاره الأوسع لبنانياً واقليمياً ودولياً، هل إنّ اجتياح لبنان أساساً في عام 82 كان قراراً استراتيجياً ضمن معادلاتٍ إقليميةٍ ودوليةٍ كبرى، أم كان حصراً قراراً اسرائيلياً بهدف إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وحتى من المشرق كله، بمعنى إنهاء كفاح المسلّح الفلسطيني من بلدٍ مجاور لكيان الاحتلال أي لفلسطين المحتلة؟&nbsp;</p> <p>العام 1982 لم يكن معزولاً أبداً عن أحداث وعن محطات الأعوام السابقة له، أساساً الحرب في لبنان لم تكن أهليةً ولا داخليةً بالمعنى الواقعي والاستراتيجي، كانت مرتبطةً جوهرياً بتطورات اقليمية ودولية، وربّما أساس ما بعد حرب أكتوبر تشرين الأول 73، لكن هذا موضوع آخر ربّما نتناوله في يومٍ ما. اجتياح لبنان عام 82 يمكن القول أنه المكمّل لاجتياح لبنان عام 78، ويمكن القول أيضاً إن الفهم الحقيقي لاجتياح ال82 هو بترتيب أحداثٍ كبرى شهدتها المنطقة والعالم كانت سبباً في تغيّراتٍ عالمية واقليميةٍ كبرى.&nbsp;</p> <p>أنا هنا لا أبالغ، ولكن عندما نرتّب هذه الأمور في سياقها السياسي وسياقها العسكري وسياقها الميداني وسياقها الاستراتيجي نجد أن الحلقات كلها تقريباً كانت مترابطة.</p> <p>في العام 1978 كان اجتياح لبنان، أو ما سمّته اسرائيل بعملية الليطاني، التبرير وقتذاك إبعاد سلاح المقاومة الفلسطينية والوطنية عن حدود اسرائيل، طبعاً كان سعد حداد جاهزاً وقتذاك ليتولى مهمة إقامة منطقة آمنة لصالح إسرائيل، لكن ربّما لم يكن هذا الاجتياح الاسرائيلي ليتمّ لولا زيارة أنور السادات الى القدس عام 77، أعتقد في التاسع عشر من نوفمبر تشرين الثاني، اجتياح ال78 تم في أجواء مفاوضات كامب ديفيد، الاجتياح تم في آذار مارس 78، أتحدث عن عملية الليطاني، توقيع اتفاقية كامب ديفيد تم في سبتمبر 78، كانت المحطة الكبرى الأولى العلنية لبداية مسار خروج مصر من المعادلة وبالتالي من الصراع مع الاحتلال كلياً، كان حدثاً استراتيجياً وأنا أؤكّد دائماً على هذه المحطات والأحداث التي تُعتبَر استراتيجية حتى نصل الى عام 82 ونقرّر وقتئذ هل إن الحرب كانت استراتيجيةً أم كانت فقط اسرائيلية بقرار اسرائيلي بحت؟</p> <p>طبعاً عندما أتحدث عن اتفاقية كامب ديفيد على أنها حدث استراتيجي بالمعنى السلبي لنا وليس العكس.</p> <p>وفي عام 78 ينبغي أيضاً أن نذكر حدثاً مهما وأيضاً كان سلبياً، وهو عملية إخفاء السيد موسى الصدر، للحقيقة حتى الآن نحن لا معطيات دقيقة لدينا عن لماذا تم اختطافه أو اخفاءه، ولكن عملية إخفاء السيد موسى الصدر في ذلك الوقت سبتمبر 78 أيضاً كان حدثاً وتوقيتاً لافتاً، كُثرٌ في لبنان وحتى في المنطقة العربية وخصوصاً في لبنان ندما يتحدثون عن السيد موسى الصدر يحاولون التركيز دائماً على مواصفاتٍ حقّة في هذا الرجل العظيم الكبير، رجل انفتاح، رجل تسامح، رجل حوار، رجل ثقافة، رجل عالمي، فقيه منفتح مرن، كل هذه المعطيات هي صحيحة، ولكن لست أدري لماذا ننسى أو نتناسى أو نغفل عن أن السيد موسى الصدر نستطيع القول كان أب المقاومة الاسلامية في لبنان، هو الذي أسس حركة أمل حركة المحرومين، وهو الذي أطلق المقاومة الفعلية في لبنان، إذاً عندما تم اخفاء السيد موسى الصدر بالتزامن أو عشيّة توقيع كامب ديفيد حدث يبعث على التساؤل في هذا الإطار الاقليمي الأوسع.&nbsp;</p> <p>عام 79 شهد حدثاً كبيراً في المنطقة وهو حدثٌ استراتيجيٌ نعتبره ايجابياً قطع، هو انتصار الثورة الاسلامية في إيران، كان بالتأكيد تطوراً كبيراً في المنطقة على الأقل وربّما بعدئذ تبيّن أنه في العالم كله، قبل أن يتبيّن أنه حدثٌ استراتيجيٌ دوليٌ بكل ما للكلمة من معنى، بالنسبة للمنطقة على الأقل كان تطوراً استراتيجياً ايجابياً لأنه أسقط الشرطي الأميركي الأهم في المنطقة والحليف الأكبر لاسرائيل، سجّلوا معي نحن نتحدث عن ثورةٍ اسلامية أقامت جمهورية اسلامية وأزالت حكم الشاه الذي كان شرطي أميركا والحليف الأوثق لاسرائيل، سجّلوا معي قضية اسرائيل، بدليل أن إيران في ذلك الوقت حوّلت السفارة الاسرائيلية الى سفارة فلسطينية.</p> <p>على الأقل الذي أتحدث عنه قاله الراحل الكبير الشهيد ياسر عرفات بنفسه في طهران، لا سيّما حين تسلّم كما قلت سفارة اسرائيل في قلب طهران لتُصبح سفارة فلسطين، ولأننا نتحدث اليوم عن حزب الله فيمكن القول إن انتصار الثورة وقيام نظام الجمهورية الاسلامية شكّل الانطلاقة الاستراتيجية الخلفية لحزب الله الظاهرة والحركة والتيار والمقاومة، وأنا عندما أتحدث عن الظاهرة والحركة والتيار سوف أوضّح ما المقصود بهذا الأمر لاحقاً.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; في نهاية عام 79 شهد العالم ما سُمّي بالغزو السوفياتي لأفغانستان، كان تطور استراتيجي أيضاً بتداعيات دولية وليس فقط اقليمية، كانت خطوةً سوفياتيةً بصراحة خاطئة بكل المقاييس الأخلاقية والسياسية وحتى الاستراتيجية، على كل حال السوفيات أنفسهم وليس فقط الروس يقرون بهذا الأمر.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; العام 1980 شهد تطورات مفصلية، شهد للأسف اندلاع الحرب العراقية الايرانية، لسنا هنا في مجال تشريح هذا العدوان المحزن والمدمّر، ربّما أيضاً نتحدث عنه في وقت لاحق، لكن شكّل بالتأكيد بداية مسار استراتيجي طويل ضد ايران الثورة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; العام 81 وهذا عام مهم جداً كان مفصلياً في الولايات المتّحدة الأميركية، فاز رونالد ريغان، هزم جيمي كارتر، ورغم أن كارتر هو عراب كامب ديفيد بالمناسبة، طبعا السياسيات الأميركية الكبرى لا تتغير بتغيّر الادارات لكن في ذلك العام دشّنت أميركا عهد المحافظين الجدد لأولوية الأمن القومي على أي اعتبار آخر، وبخيار القوة الخارجية كمنهجٍ لتثبيت الهيمنة الأميركية وهو نهجٌ ثابتٌ في كل السياسات الأميركية منذ عقود، هذا أعطى دفعاً قوياً جداً لاسرائيل كي تجتاح وتضرب وتقوم بما تشاء وأكثر من السابق. ريغان الذي تولى الرئاسة رسمياً في العشرين من يناير كانون الثاني 82 هو من أعطى الضوء الأخضر لبيغن كي يجتاح لبنان وإنهاء المقاومة الفلسطينية. في هذا العام وتقريباً بالتزامن مع فوز ريغان أطلق الأمير فهد بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي في ذلك الوقت مبادرته للسلام وما سُميَت بمبادرة فاس. رفضها الفلسطينيون بشكلٍ أساسي ورفضتها سوريا، غضبت السعودية، غضبت واشنطن، الملاحظة هنا أن السادات تم اختياره في أكتوبر 81، كان أحد أسباب الاجتياح في الخلفية السياسية وليست المباشرة.</p> <p>لا حاجة للتكرار، اجتياح لبنان بالتالي بهذا المعنى كان عملاً استراتيجياً، لم يكن قرار اسرائيلي محض فقط بإخراج القوات الفلسطينية، كان عامل استراتيجياً لاستكمال ما سُمّي بمسيرة السلام وإنهاء كل عنوان اسمه الثورة الفلسطينية، كل عنوان اسمه المقاومة الفلسطينية، كل عنوان اسمه المقاومة الوطنية اللبنانية، لا يمكن الرد عليه إلا بخيارات استراتيجية، تجسّد هذا الأمر في لبنان من خلال خيار المقاومة الوطنية التي انطلقت منذ اللحظة الأولى الى جانب القوات الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، ربّما بعد أن خرجت أيضاً القوات الفلسطينية انطلقت المقاومة الوطنية بقوة، ينبغي أن نذكر بإجلال هنا جمّول ومختلف الأحزاب الوطنية في ذلك الوقت، وأيضاً ان معها ما عُرفَت بالمقاومة الاسلامية أي حزب الله وإن كان الأمر لم يكن واضحاً بشكلٍ كبير.&nbsp;</p> <p>طبعاً لأننا نتحدث هنا عن نشأة حزب الله لعلّنا يمكن أن نفهم أكثر بأكثر جزم كيف نشأ حزب الله ولكن نؤجله الى الجزء الثاني.</p> <p>مشاهدينا الكرام أرجو أن تفضلو بالبقاء معنا، فاصل ونعود بعده لاستكمال أربعون وبعد في حديثٍ مع السيد حسن نصرالله.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>فاصل</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: أهلاً بكم مشاهدينا الكرام. بعد أن تحدّث السيد نصرالله عن كيفية نشأة حزب الله سألته ما هي أهم المراحل التي مرّت بها المقاومة وحزب الله تحديداً خلال عشرية الثمانينيات، وكانت إجابته على النحو التالي.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>"السيّد نصرالله: إذا أردنا تقسيم المراحل عندك أولاً من 82 الى 85 هي مرحلة العمل المقاوم الواسع، باعتبار أن الإسرائيلين كانوا لا يزالون في أغلب الأراضي التي احتلوها. في هذه المرحلة كان الطابع العام لعامل حزب الله تعبوي جهادي، وأصلاً لم يكن هناك عمل سياسي في لبنان، لبنان تحت الاحتلال، النظام السياسي في ذلك الحين هو في قبضة الإسرائيليين، يعني رئيس الجمهورية والحكومة ومؤسسات الدولة في قبضة الإسرائيليين وإسرائيل تفرض الاتّفاقيات التي تريد على النظام السياسي، العاصمة كانت تحت الاحتلال، بالتالي لا يمكن أن تتحدث عن نشاط سياسي معيّن محلّي لبناني. الاستحقاق الأول الذي كان يواجه اللبنانيين هو قضية التحرير وإخراج قوات الاحتلال من لبنان.</p> <p>طبعاً حتى لا تغيب الصورة، نحن كان عندنا مشكلة أنه عندك احتلال تريد مواجهته وأيضاً عندك حرب داخلية، لأن هناك جزء من الفئات اللبنانية والأحزاب اللبنانية التي كانت تُسمى اليمين في ذلك الحين هي كانت متعاونة ومتحالفة مع الإسرائيليين وتقاتل جنباً الى جنب. إذاً عندك مشكلة داخلية حرب أهلية وعندك مشكلة احتلال، وكان عليك أن تواجه كلا الأمرين. فإذاً في هذه السنين الطابع العام تعبوي جهادي في كل المناطق.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: استطراداً سماحة السيد، عذراً، أنتم أين كنتم شخصياً، هل انخرطتم وقتذاك في الحزب أو متى بالضبط؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: أنا من الأيام الأولى لتشكيل حزب الله، لأنّنا حين حصلت لقاءات الإخوة هذه في ذلك الحين أنا كنت عضو مكتب سياسي في حركة أمل وكنت متواجداً في البقاع في بعلبك، ومسؤولاً سياسياً لحركة أمل في البقاع. كون البقاع كان خارج دائرة الاحتلال ومنطقة بعلبك الهرمل، لأنّ البقاع الغربي احتُلّ، فكانت كل الجلسات واللقاءات تحصل في مدينة بعلبك، بالتحديد في مبنى المدرسة الدينية التي أنا كنت من طلابها وأساتذتها في نفس الوقت، فإذاً مدرستنا التي نحن منها هي حتى كجغرافيا وكمكان هي التي احتضنت كل اللقاءات للإخوة الذين تحدثت عنهم قبل قليل، وهناك تأسس حزب الله في هذا المكان بالتحديد تم الاتفاق على كل شيء. فعندما صار هذا الاتّفاق أنا كنت من الذين خرجوا بشكل جماعي من حركة أمل، وبدأنا العمل. طبعاً في الأيام والأشهر الأولى لم يكن هناك تشكيل بهذا المعنى، يعني قيادات مركزية ومناطقية وكذا، كنّا كلنا نعمل سوياً، فعندما بدأنا العمل لم يكن أحد عنده حسابات أنه أنا عضو مكتب سياسي مركزي في حركة أمل وأنا الآن في حزب الله، فلان هو عضو في قيادة حزب الدعوة وأين هو الآن، فلان هو عالم كبير أو أستاذ جامعي أين هو الآن، يعني كل هذه المراتب التنظيمية وسلسلة مراتب مواقع لم يكن لها أي مكان في تفكير كل الإخوة، الكل كان يفكر كيف يساهم في مقاومة الاحتلال. لذلك مثلاً في الدورة العسكرية الأولى التي نُظّمَت كان من جملة الذين التحقوا في معسكر التدريب كمقاتلين السيد عباس الموسوي، الحاج محمد رعد الذي هو الآن رئيس كتلة نواب في البرلمان، وإخوة آخرون.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: وسماحتك؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: لا أنا لم أكن في الدورة الأولى، أنا خرجت في الثانية، أنا بقيت في الأولى أستقبل المتطوعين، أملأ طلباتهم، يعني بدأنا أنّ هذا يذهب ليتدرب، هذا يعمل في تشكيل الملفات ويستقبل متطوعين، ننظم الالتحاق بالدورات، أستطيع أن أقول أننا في 82 بدأنا من الصفر، يعني لم يكن عندنا هياكل حزبية أحضرناها معنا، أو أحضرنا هياكل دمجناها وأسسنا هيكل جديد، لا، بدأنا من الصفر تماماً، نحن خرجنا من هياكلنا كأفراد وبدأنا نعمل كأفراد، فمثلاً الدورة الأولى أنا كنت في تنظيم ملفات واستقبال متطوعين باعتبار معرفتي قديمة في المنطقة، ولم يكن عندنا وقت نؤسس لجان تحقيق ولجان للتأكد حول الأشخاص ونؤسس أجهزة جديدة، فاضطررنا أنا ومجموعة من إخوان نتيجة معرفتنا الشخصية بالشباب في السنوات الماضية، فلا داعي أن نضع ملفات معقّدة، كان يأتي متطوعون، هذا أنا أعرفه وهذا أنا أعرفه وكذا، إذاً أنتم مقبولون فاذهبوا الى الدورة، هكذا كانت عملية القبول في المرحلة الأولى.</p> <p>أنا كنت أريد أن ألتحق في الدورة الأولى السيد عباس وقتذاك قال لا يمكن، يجب أن يبقى ناس ليحضروا للدورة الثانية وناس يذهبون الى الدورة الأولى.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: كم تستمر الدورة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;السيّد نصرالله: الدورة كانت تستمر في ذلك الوقت أربعين يوم الى شهرين، الدورات الأولى أظنّ قريب الأربعين يوم، ومجرد أن تنتهي الدورة كانوا يذهبون للدورة الثانية. كانت طبعاً تتسع لمئة وخمسين الى مئتي متطوع في ذلك الوقت، طبعاً هكذا أرقام مئتي متطوع في ذلك الوقت تُعتبَر أرقام كبيرة، أن الدورة فيها مئتي متطوع.&nbsp;</p> <p>في الدورة الثانية كنت أنا وسماحة الشيخ محمد يزبك وإخوة آخرون، في البدايات كذا اشتغلنا. أنا أكملت طبعاً، لاحقاً حين بدأ يتشكل الحزب ويأخذ وضعه التنظيمي صرت أعمل في مواقع تنظيمية مختلفة حين تريد أن تسألني عنها نتحدث بها إن شاء الله.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: إذاً المرحلة الأولى هي من 82 الى 85 وتتحدث عن 85 بالتحديد الى تاريخ 16 شباط 85 عندما أعلنتم ذلك البيان الشهير..</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: أنا أقصد بال85 هو الانسحاب الإسرائيلي، هو حصل عدة انسحابات، من جبل لبنان، من العاصمة، الانسحاب لاحقاً، من صيدا وصور والنبطية، الى الشريط الحدودي الذي بقوا فيه من 85 الى أيار 2000 والذي استمرت عليه المقاومة 15 سنة. إذاً الفاصل في المرحلة الأولى من الاجتياح الى الانسحاب الى الشريط الحدودي الذي بقي تحت الاحتلال، هذه السنوات الثلاث عمليا.&nbsp;</p> <p>طبعاً في هذه الفترة قلت أن الحزب تكوّن، أصبح عنده أجهزة، أصبح عنده مراكز، أصبح عنده نظام داخلي، لأنّ الشقّ الأول أُنجز خلال الأشهر الأولى، يعني التشكيل العسكري هو الذي أُعطي له الأولوية، التشكيل العسكري، التشكيل الأمني، تشكل الخلايا، طريقة الاتّصال بالخلايا، التدريب، السلاح، العمليات، هذا أُنجز في الأسابيع والأشهر الأولى، هذا لم يكن ينتظر أنه تفضلوا علينا أن نركّب قيادة ومكاتب مركزية وننظّم الوضع في كل لبنان، هذا أُعطي أولوية وشباب المقاومة ذهبوا الى أعمالهم خلاص، هذا أصبح المسار الطبيعي الذي يسر به. لاحقاً استُكملت البنية التنظيمية للحزب، بدأ يتكون بشكل تدريجي، أنشأنا مناطق وقيادات مناطق، إضافة الى القيادة المركزية، وأنشأان ملفات مركزية وقتذاك، لم يكن هناك مثل الآن مثلاً مجلس تنفيذي ومجلس سياسي ومجلس جهادي والى آخره، لم يكن هذا الشكل القائم حالياً.&nbsp;</p> <p>ففي ال85 كانت الإطلالة السياسية الأولى العلنية عندما جئنا الى بيروت، بعد تحرير بيروت، وقتذاك الأخ السيد ابراهيم أمين السيد، أنا، الأخ الحاج حسين الخليل، انضمينا للإخوة الذين كانوا موجودين مقيمين في بيروت، الأخ الشيخ نعيم، الأخ محمد رعد، الحاج محمد فنيش، مجموعة حتى لا نسمي الجميع، أنا أطرح الأسماء المعروفة المتداولة، وعُمل على تكوين سياسي وتنظيمي وبدأت الإطلالة من خلال بيروت، كانت بدايتها الرسالة المفتوحة التي تلاها وقتذاك السيد ابراهيم في ذكرى السنوية لاستشهاد الشيخ راغب رحمه الله.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: ثمة ملاحظة لافتة للانتباه سماحة السيد في ما تفضلت به من ذكر نشأة حزب الله، كله كان تقريباً بإرادات ذاتية إن صحّ التعبير، لكن عمل مثل هذا لا يمكن أن يكون من دون مرجعية، مرجعيتكم خارج لبنان واضحة تعلنونها بشكل أساسي ومن الأساس تقولون الإمام الخميني كان هو مرجعيتكم الرئيسية سواءً لاعتبارات دينية شرعية أو حتى لاعتبارات سياسية إقليمية، لكن في تلك الفترة، أي في 82 الى 85 ما كانت هناك مرجعية محلية، شخص على الأقل؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: لا، مرجعية محلية يعني من بين نفس الإخوة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: نعم.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: لكن هناك قيادة جماعية، منذ بداية تأسيس حزب الله هناك قيادة جماعية، لم يكن هناك فرد قائد أو زعيم قائد، بطبيعة الحال كان مثلاً نتيجة العقلية الشرقية أو كذا كانوا يبحثون عمّن هو القائد، فساعة يقولون فلان، ساعة يقولون فلان، أحياناً كان يُنصَّب علينا قادة بالإعلام، القيادة لم تكن سريّة بالمعنى الدقيق والحاد، لأنه من خلال العمل التعبوي كان هناك مجموعة من الأشخاص يخطبون ويتكلمون وينظمون المسيرات ويحضرون بقوة في ساحات العمل، وأتذكر وقتها كان ينزل بالإعلام فلان أحد قادة حزب الله، فلان أحد قادة حزب الله، جيّد، اجمعهم، أحد قادة حزب الله مع أحد قادة حزب الله يصبح عندنا قيادة حزب الله. لكن في تلك القيادة لم يكن هناك مناصب إعلامية، بمعنى لم يكن عندنا أمين عام، لم يكن عندنا نائب أمين عام..</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: يعني شخص تحتكمون إليه؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: لا، لا، نحن قيادة جماعية نحتكم للأغلبية، بمعنى أنه مثلاً هذه الشورى سُمّيَت شورى من اليوم الأول ولا يزال اسمها شورى حزب الله أو شورى القرار في حزب الله، هؤلاء الإخوة الذين كانوا، مثلاً نحن بات لنا تقريباً من التسعينيات، يعني من 91 أو 92 العدد سبعة، قبل ذلك كان أكثر، يعني يتغيّر العدد حسب التغييرات التنظيمية التي كنّا نقوم بها، في مرحلة ما 9، مرحلة أخرى 7، في مرحلة كان 5، هؤلاء الإخوان كانوا يجتمعون وأي موضوع يتناقشون به ويصوّتون عليه بالأغلبية والأكثرية، إذا افترضنا كان هناك موضوع مفصلي كبير وخطير ومن جهة يحتاج لفقه وحسم وتحمّل المسؤولية، قرار غير عادي، فكان نعود به الى شخص الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: بشكل مباشر.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: نعم، كنّا نذهب الى طهران ونلتقي بسماحة الإمام ونسأل سماحة الإمام وهو كان يرسم التوجه العام والعريض، لكن كل التفاصيل كانت متروكة لهذه القيادة المحلية التي تأسست من بداية تأسيس حزب الله، وهي قادت حزب الله من الأيام الأولى.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: ما هي القضايا التي كنتم ترجعون فيها الى الإمام الخميني رحمه الله؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: أنا أقول لك على سبيل المثال، في بدايات العمل نريد مقاومة الاحتلال، كان هناك أكثر من وجهة نظر تقول أنه يمكن أن نؤجّل بدء تنفيذ العمليات الى حين تشكيل بنية، أنّ الآن ليس وقت نشتغل عمليات، هذه جديدة وفتيّة، يجب أن ندرّب ونجهّز وننظم ونؤسس بنية تحتية، غيرنا يقاتل اتركوه يقاتل الى أن نصبح نحن جاهزين للقتال. وجهة نظر أخرى تقول لا، عندنا مجموعة الآن جاهزة فهذه المجموعة يجب أن تقاتل، أصبحا اثنتين إذاً الاثنتان تقاتلان، وقتذاك لا نتكلم بإمكانات ضخمة، عندنا مثلاً كمية من الأسلحة والمتفجرات والذخائر قادرون أن نقاتل فيها فسنقاتل فيها، تكبر الكمية ونكمل القتال في بقية الكمية. يعني هذا تعبير تفصيلي، الفكرة بعنوانها العريض هل نبدأ قبل استكمال البنية أو نستكمل البنية ونبدأ؟ وطبعاً هذا نقاش مفصلي كان، هذا يحدد مسار حركة الحزب كلها في الأسابيع والأشهر الأولى. الإمام رضوان الله تعالى عليه كان رأيه أن تبدؤوا بالموجود، الآن قادرون أن تضربوا الطلقة، قادرون لأن تتحرك مجموعة، أي يجب أن يواجه الإسرائيليون مقاومة قاسية وحادة في لبنان من كل من يريد تحرير لبنان، وبالتالي البنية تُستكمَل أثناء ممارسة العمل الجهادي والمقاومة، هذه نقطة مفصلية مثلاً.</p> <p>موضوع آخر مثلاً في نفس دائرة المقاومة، أنا أذكر في الأشهر الأولى كان الردّ الإسرائيلي على أي عملية للمقاومة قاسياً جداً، جداً، تعرف مصطلحات وقتذاك القبضة الحديدية والأرض المحروقة وكذا، أذكر أنه نُفّذَت عملية استشهادية على مداخل بلدة دير قانون النهر، نفّذها الاستشهادي علي صفي الدين، كان رتل من الآليات الإسرائيلية فهو دخل ضمن القافلة وفجّر السيارة، فاستُشهد رضوان الله تعالى عليه وقُتل عدد وجٌرح عدد من الجنود الإسرائيليين. يومذاك الجيش الإسرائيلي جاء وحاصر بلدة دير قانون، اعتقل كل الذكور فيها من سن 14 الى سن 60 و65 أخذهم الى السجون، تعرف في الجنوب كان عنده معتقلات، معتقل أنصار ويتّسع للآلاف، أقرّ منع التجوّل، قطع الماء والكهرباء عن البلدة ومنع تجول، الذي يريد أن يخرج لشرء دواء لا يستطيع، الذي يريد شراء الأكل لا يستطيع، الذي يريد شراء الخبز لا يستطيع، وبقي لمدة من الزمن، صار هناك جدل في البلد، حتى في بعض أوساط العلماء، أنّه إذا هذا النوع من العمليات، أنت تأتي لتنفذ عملية تقتل جندي أو اثنين أو ثلاثة، تجرح جندي أو اثنين أو ثلاثة، رد الفعل الإسرائيلي يكون كبير جداً، جاء من يناقش بذهنية، هذا النقاش أفصّل فيه وهو مفيد حتى لفلسطين وما يجري في فلسطين الآن، أنه عملية تقتل جنديين أو ثلاثة وتعرّض هذه البلدة للحصار، وغداً يفعلون في بلدة ثانية هكذا وفي مدينة رابعة هكذا، لكن المقاومة خسائرها وأضرارها ومفاسدها بين قوسين أكبر من فوائدها ومنافعها، وهنا يأتي ويقول لك إذا كان هناك أمر فساده وضرره أكبر من فائدته فلا يجوز أن تُكمل به أصلاً لا عقلاً ولا شرعاً، طُرح هذا الإشكال. كل قيادة حزب الله الشابة لا تستطيع هي أن تحلّ هذا الإشكال، خصوصاً إذا كان إشكال يُتداوَل في مستويات عالية قليلاً، أو كماً ونوعاً. قيادات حزب الله كنّا نقول قبل قليل 29 و30 و31 سنة، صحيح مشايخ وعلماء ومتعلمين لكن بالنهاية شباب، إذاً الموضوع يحتاج لفقيه نافذ الكلمة وليس أي فقيه، يحتاج لفقيه نافذ الكلمة لأنك تتكلم بسجون وشهداء ومحاصرة بلدات ومنع تجول، بالنهاية منع تجول إذا كان هناك مريض قُطع عنه الدواء سيموت، يعني أرواح وأعراض ودماء.. يومها صار جدل حول هذا الموضوع، طبعاً لو هذا المنطق غلب أنا أقول لك كانت توقفت المقاومة، هي نقطة مفصلية، كان يومئذ تراجعت المقاومة بشكل حاد ولم يكن لها هذا التأثير الفعّال، كان بقي الاحتلال وكانت إسرائيل فرضت ما تريد وكنّا لا نزال حتى الآن تحت الاحتلال، لأنّ هذا الكلام في الأسابيع الأولى، في الأشهر الأولى، يعني كان الاحتلال لا يزال هنا في الضاحية وفي بيروت والجبل، ونصف لبنان تقريباً كان تحت الاحتلال.&nbsp;</p> <p>وقتذاك نحن أرسلنا للإمام، مولانا يوجد هذا الجدل وهذا النقاش..</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: كنتم ترسلونه عن طريق مَن؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيد نصرالله: أحياناً كنّا نرسل رسالة خطية، أحياناً كنّا نرسل شخص، كان هناك بالاتّصال السياسي، كان وقتذاك الذي يوجد إمكانية تواصل معه هو سفير الجمهورية الإسلامية في دمشق، السيد محتشمي كان هو موجود، إضافة الى كونه سفير نتيجة علاقته السابقة مع الإمام وفي بيت الإمام ومكتب الإمام والى آخره فإذاً هو سفير مع امتياز، يستطيع أيضاً أن يوصّل المقدمة أو الفكرة أو السؤال أو الاستفتاء للإمام. فأرسلنا للإمام والإمام أجاب أنه لا مشكلة، أصلاً هنا يوجد خطأ بتشخيص الفائدة والنفع، يعني النفع ليس أن تقتل اثنين وثلاثة جنود إسرائيليين، ليس هذا النفع، النفع عليك أن تقيسه من زاوية أن هذه العملية زائد العملية الفلانية والفلانية والفلانية، تراكم هذه العمليات سيوصِل الى مكان يفرض على الإسرائيلي أن يرحل، إذاً الفائدة التي هي تراكم العمليات التي ستؤدي الى التحرير، التحرير النتيجة الطبيعية لهذه العمليات يستحقّ أن نتحمّل من أجله سجون وشهداء ومنع تجول وحصار وجوع وقطع ماء وقطع كهرباء وهدم منازل والى آخره، ذلك كان قرار الإمام، لأقُل فتوى الإمام واضحة وقاطعة جداً، أكملوا العمليات أيّاً تكن النتائج. وبالفعل عندما استمرت العمليات صار الإسرائيلي يصعّد من الرد الفعل القاسي، وصل الإسرائيلي الى مكان أنه مهما علا ردّ فعله لن تتوقف المقاومة، هناك من هو مصرّ على استمرار المقاومة أياً تكن الأثمان باهظة، بنفس الوقت هو يحمّل جنائز، طبعاً في ثلاث سنوات الإسرائيليون حمّلوا جنائز كثيرة من لبنان.</p> <p>مثلاً في العملية الاستشهادية الأولى لأحمد قصير، هنا العمل الاستشهادي، حول العمل الاستشهادي كان هناك نقاش فقهي عندنا في البلد، هناك من كان رأيه حرمة العمليات الاستشهادية، وهناك من كان يرى أنه لا مشكلة في هذا الموضوع، لكن أنت تعرف عندنا نحن خصوصاً في الوضع الشيعي لا يكفي أنّ طالب يدرس في الحوزة الدينية أو مثلاً درس كلية شريعة أو معه شهادة ليسانس أو ماجستير أو حتى دكتوراه من جامعة إسلامية في مصر أو في السعودية أو في أي بلد أن يأتي ويعطي فتوى، خصوصاً عندما ترتبط المسألة باستشهاد، هو يفجر نفسه، أنا أذهب الى الجنة أو الى النار؟ فهو لا يقبل من أي كان، هذا أستاذ في الجامعة، هذا دكتور، يجب أن يُعطي هذه الفتوى الفقهاء الكبار الذين نسميهم نحن المراجع الدينية العليا، وخصوصاً إذا كان هذا المرجع أنت تطمئن لدينه وعقله وتشخيصه إضافة الى اجتهاده. الذي كان يقدر أن يحلّ هذا الموضوع بشكل قاطع هو الإمام الخميني، وأنا أقول لك بشكل جازم، لولا الإمام الخميني وفقهه وفكره ونفسه لم يكن هناك عمليات استشهادية في لبنان ولا استمرار العمليات الاستشهادية في لبنان.&nbsp;</p> <p>هذه أمثلة، سألتني أنتم بماذا كنتم تعودون للإمام، كنّا نرجع للإمام في القضايا التي في الحقيقة لا تستطيع هذه القيادة أن تحلها لأنها بحاجة الى موقع فقهي ديني مرجعي للبتّ فيها بشكل أساسي. لكن مثلاً القضايا التنظيمية، السياسات المحلية، خطط العمليات، كيف نتعاطى مع بقية الأطراف، اليوم ماذا نفعل وغداً ماذا نفعل، هذه أمور كانت القيادة المحلية هي التي تبتّ بها، لأنّ هذه ليست بحاجة، كان يكفي الإمام أن يقول أنتم حركة جهادية عملكم أن تقاتلوا إسرائيل وتحرروا بلدكم وتحولوا لبنان الى مقبرة للغزاة الصهاينة، كيف؟ هذا أصبح عمل القيادة المحلية."</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: هذا الكلام للسيد حسن نصرالله يوضّح فيه طبيعة العلاقة بشموليتها مع إيران الثورة وإيران الجمهورية الاسلامية وإيران القيادة. ولأننا نتحدث هنا عن حزب الله القيادة فيمكن الجزم أننا معنيون بما لم نستكمله في الجزء الأول عن نشأة حزب الله، نشأة حزب الله كخيار مقاومة وليس كتيار داخلي سياسي، كان خياراً استراتيجياً ولم يكن فقط ردة فعلٍ على احتلال أرض، نعم يعني الدافع الأساسي لوجود هذه المجموعة الاسلامية التي تآلفت وألّفت كياناً اسمه حزب الله كان على قاعدة المقاومة واجهت الاحتلال الاسرائيلي، ولكن الخلفية الفكرية والدينية والعقائدية والانتماء الثوري ورؤيتهم للصراعات الاقليمية والدولية هي رؤية اسراتيجية، نحن لا نستطيع الحديث عن تأسيسيٍ إيرانيٍ لحزب الله، بل عن تأسيس لبناني استند الى الغطاء الايراني الثوري، القيادي، الديني، العقائدي، صحيح، وحصل على هذا الدعم من إيران الثورة عبر دولتها الثورية وبشكل أساسي الذي ساعد في هذا الأمر هو حرس الثورة باعتباره القوة التي أوكلَت إليها مهمة تدريب هذا الحزب عسكرياً.</p> <p>النقطة الثانية يجب التوثيق أننا حدث عن حزب الله المقاومة في البدء كمشروعٍ وكهوية وتنظيم له بُعد استراتيجي في مواجهة إسرائيل، ولكن ليس في مواجهة إسرائيل فقط لأنها تحتل أرض فلسطين بل لأن إسرائيل هي رأس حربة أميركا والغرب الأطلسي والاستعماري في المنطقة والعالم، هكذا يفكر حزب الله، يعني ليس حزب الله هو مشروع سياسي داخلي ولا حتى إقليمي ولا ديني ولا مذهبي.</p> <p>النقطة الثالثة باختصار شديد، هي الهوية الفكرية والثقافية والاجتماعية لحزب الله، إنها هوية اسلامية وليست فقط مسلمة، أقول حزب الله المقاوم هو تيار إسلامي، وفي هذه النقطة ينبغي أن نتوسع فيها أكثر لأنني أريد أن أخلص بعد كل هذه السنوات والعقود، بعد أربعين عاماً يثبت أن التحالف الحقيقي على الأرض ليس هو العنصر الأيديولوجي بل هو الاعمل الاستراتيجي، يمكن أن يلتقي العلماني والاسلامي، واليساري والاسلامي، والقومي والاسلامي، على قواعد استراتيجية في مكافحة احتلالٍ أو هيمنةٍ، ولكن عندما تلتي العلاقات الايديولوجية هان قد نختلف، من هنا فإن العنصر الرئيسي بعد أربعين عاماً أنه حين تتوحّد مختلف القوى والأطراف على قاعدة استراتجية يمكن أن تنجز، أما إذا غلبت الاختلافات الايدولوجية فقطعاً سندخل في حروب داخلية، فكرية، ثقافية، سياسية، وربّما حتى ميدانية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; في الحلقة المقبلة سنتوسع في نقاط أخرى في مراحل حزب الله، ولكن أيضاً سنُشير الى بعض النقاط الخاصة بالسيد حسن نصرالله كشخص وكقائد. في أمان الله.</p>