أربعون وبعد... الحلقة الثالثة

أربعون وبعد.. شهادة توثيق لمقاومة انطلقت بالحد الأدنى، وانتصرت بجدارة الحد الأقصى.. حلقات تنطلق من حديث نادر للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصراللّه، يُعرض للمرة الأولى، قالهُ قبل نحو عشرين عامًا.. نستعيده في الذكرى الأربعين لانبعاث حزب الله المقاومة، والذكرى الثلاثين لاختيار السيد نصرالله قائدًا للمسار والمسيرة..

نص الحلقة

<p>أربعون وبعد - الحلقة الثالثة</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم. في السادس عشر من شباط فبراير عام 92 اغتالت اسرائيل الأمين العام لحزب الله السيد عباس الموسوي، كان قتلاً دموياً بشعاً، عنه يتحدث السيد حسن نصرالله، لقد كانت من اللحظات الفارقة في مسيرة حزب الله، تمّ انتخاب السيد حسن نصرالله، نتحدث عن بعض كواليسها.</p> <p>في الواقع عرف حزب الله نقلةً نوعيةً في المقاومة وانجازاتٍ نوعيةٍ كبيرة، لكنه عانى في الوقت ذاته من تواطؤٍ خارجيٍ دموي وغدرٍ داخليٍ قاسٍ.</p> <p>لكن في البداية نسأل السيد نصرالله كيف كان وقع فقدان صديقه ورفيقه الأعز الى قلبه، أمينه العام السيد عباس الموسوي؟ وكيف تمّ انتخاب السيد حسن نفسه؟ ويكشف ماذا كان قراره الأول كأمين عام لحزب الله؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>"غسان بن جدو: سماحة السيّد أنا سمعت قصةً في طهران أرجو من فضلك أن تؤكدها أو تنفيها لي، وهي التي تؤكد الحظوة الشخصية التي تتمتع بها بالقيادة الإيرانية وبالتحديد لدى شخص السيد علي خامنئي. قيل لي أن في وقت من الأوقات عندما كانت تذهب قيادة حزب الله الى طهران، أنت تفضّلت بذكر أنه في بعض المفاصل الأساسية كنتم تذهبون الى الإمام الخميني ولكن في البعض الآخر كنتم تذهبون الى السيد علي خامنئي، ويبدو كان هناك موضوع مهم ومفصلي تحدثتم فيه الى السيد علي خامنئي وقال أمهلوني فترةً ثمّ عادت إليه هذه المجموعة وقال لهم ما يقوله وما يراه السيد حسن نصرالله اعتبروه رأيي، وكانت مفاجأة مذهلة لهذا الوفد الذي ذهب من قيادة حزب الله، هل هذه القصة صحيحة أم لا؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: من قالها لك؟ هذا الموضوع هو موضوع محدد، في هذا الموضوع المحدد أنا أتذكر في سنة 1990 أثناء حرب الخليج الثانية، قبيل بدء الحرب، كان هناك نقاش في قيادة الحزب أنه من المحتمل جداً أن يتزامن، كهذا النقاش الموجود هذه الأيام، أن حرب الخليج الثانية أو عندما تبدأ معركة الكويت قد تتطور الأمور، ممكن العدو الإسرائيلي أن يغتنمها فرصة ويشنّ عدوان على لبنان ويجتاح لبنان من جديد، خصوصاً أن في ذلك الوقت كانت المقاومة فعالة جداً، فيجتاح لبنان للقضاء على المقاومة، إذا حدث اجتياح إسرائيلي ما هو الخط العام الذي سنعتمده في القتال؟ كان هناك وجهتي نظر لا داعي أن نفصّل فيهما لأن لهما علاقة أيضاً في المرحلة، كان هناك وجهتي نظر حول الخط العام للقتال، طبعاً لو كنّا مجمعين أو متّفقين لم يكن هناك حاجة للمراجعة، لأنه يوجد تفويض أن هذه الأمور قيادة الحزب هي التي تبتّ فيها، لكن صار بعض النقاش، طبعاً وجهتي النظر تقولان نريد أن نقاتل وأن ندافع وغير وارد عند حزب الله ولا في يوم من الأيام أنه في مواجهة أي عدوان إسرائيلي أن يرمي سلاحه ويخرج من المعركة، هذا غير وارد، إذاً المبدأ محسوم لكن ما هو الخط العام لطريقة القتال؟&nbsp;</p> <p>فكان هناك وجعتا نظر حول هذا الموضوع وكل وجهة نظر لها استدلالاتها ومقدماتها ونتائجها، باعتبار أن الموضوع موضوع شرعي وصار النقاش به أيضاً نقاش شرعي، يعني الطريقة الأولى عن الطريقة الثانية تفرق بعدد الشهداء، تفرق بحجم التضحيات التي ستُقدَّم بالمواجهة، فالإخوان قالوا طالما النقاش وصل الى هذا المستوى هذا الموضوع نحن لا نستطيع أن نتحمل مسؤوليته لوحدنا، هذا يجب، بتعبيرنا نحن الولي الفقيه أي المرجعية الدينية المتصدية للقيادة هي أن تقول وتتحمل مسؤولية هذا الأمر. فنُقل النقاش الى سماحة السيّد القائد السيد خامنئي حفظه الله وأنه كيف نتعاطى مع هذا الموضوع؟ يومذاك سماحة السيد قال أن هذا الموضوع طبعاً يحتاج لتشخيص ميداني والإخوان الحمد لله كلهم جيدين، مدح الإخوة جميعاً، لكن في النهاية أنا عليّ أن أختار واحد وأقول أنه إذا حصل شيء من هذا النوع تشخيصه هو يكون الحجة ويُعمَل بحسب تشخيصه، وأنا اخترت فلان، فإذا صارت مواجهة من هذا النوع هو يستشيركم وتتناقشون لكن في النهاية على الأرض ما يشخّصه هو يكون هذا إن شاء الله المبرئ لذمّتكم.&nbsp;</p> <p>لكن الحمد لله ربّ العالمين لا الإسرائيليين هجموا ولا احتجنا أن نتحمل هذه المسؤولية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: واضح سماحة السيّد من خلال هذا السرد أن دوركم الأساسي حتى وإن لم يكن معلناً ولكن كان واضحاً داخل قيادة الحزب وقتذاك، ولكن للعلم حتى لغير اللبنانيين برز اسمكم بشكل كبير على الأقل بالنسبة للمهتمين بحزب الله من أمثالي في معركة إقليم التفاح، يبدو سماحة السيد أن شخصكم كان وقتذاك هو المسؤول في إقليم التفاح وقتذاك مع المحاصَرين، وتلك المحطة يُنظَر إليها كمحطة مفصلية في تاريخ السيّد حسن نصرالله في قيادة حزب الله لسببين على الأقل، السبب الأول أنها أرّخت التصاق السيّد حسن نصرالله بشكل مباشر بالمقاومة وبالقيادات الميدانية، والمسألة الثانية أنها أرّخت أيضاً الى أنّ السيّد حسن نصرالله يتمتّع ليس فقط بقدرة ميدانية ولكن أيضاً بتشخيص سياسي، وقيل لنا وقتذاك بأنك لم تكن راضياً عمّا آلت إليه مفاوضات إقليم التفاح وقتذاك، هل تحدثنا بالتحديد عن تلك المرحلة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: هو هذا الملف بشكل عام فيه تباني نحن والإخوان في قيادة أمل ألا نتطرق إليه، مرحلة مظلمة وقاسية، بالتأكيد كل واحد له قراءته لما حدث بين أمل وحزب الله. لكن بما لا يخلّ بهذا التباني بين الطرفين، بالنسبة لحزب الله كانت رؤية عند قيادة حزب الله أن في مواجهة هذه المحنة نحن ندافع عن أماكن تواجدنا ويقتصر قتالنا على الدفاع فقط ونبذل كل جهد ممكن من أجل الوصول الى مصالحة سياسية، وأنّ حلّ المشكلة بين أمل وحزب الله يجب أن يكون حلاً سياسياً، وإذا استمرّ القتال فيجب أن يكون بأقل قدر ممكن من الخسائر للطرفين، لأنّه في نهاية المطاف إذا دُمّر بيت أو قُتل شخص من أيّ من الطرفين فهو خسارة للطرفين. هذه الرؤية الحاكمة كانت في حزب الله.</p> <p>في ذلك الوقت حاول البعض أو بعض وسائل الإعلام أن تقول أنني والإخوة المحاصرين في إقليم التفاح أننا متشددون وشروطنا صعبة وما شاكل، لا، لم يكن كذلك، كلنا كنّا مجمعين ولذلك أنا أؤكّد لك أنّ ذاك الاتّفاق لم يكن له مخالِف في حزب الله، الكل كان موافق لأن الكل أراد أن ينهي الموضوع، لم يعد الموضوع زيادة قليلاً أو أقل قليلاً، هنا حصّلت شيء أو هنا تنازلت، هذه التفاصيل أمام حجم المحنة لم يكن أحد في الحزب يقف أنه أكثر قليلاً أو أقل قليلاً، حلّوا هذا الموضوع وهذا الجرح يجب أن نضمده ونقفله والى الأبد. وهذا ما تبانينا عليه نحن وإخواننا في أمل.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: إذاً سماحة السيّد عشية انتخابكم أمين عام استُشهد السيد عباس الموسوي رحمه الله، تلك الساعات كانت عصيبة على الجميع، ربما عصيبة على شخصك، أين كنت وكيف سمعت الخبر وكيف اجتمعتم؟ كل هذه الساعات من فضلك حدّثنا عنها.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: تقريباً الخبر بعد لحظات من موضوع الحادث كان سماحة السيّد عائداً من جبشيت، وصل الى تفاحتا حلّق الطيران وقصف موكبه. بعض الإخوة الذين كانوا في نفس الموكب لكن أبعد قليلاً، كان هناك بعض الإخوة من المسؤولين في المقاومة، واتّصلوا بالأخ المسؤول العسكري المركزي في الحزب وأبلغوه، قلت لك الاتّصالات كانت لاسلكية، فاتّصلوا باللاسلكي وقالوا أنّ السيد استشهد هو وزوجته وطفله، هذا الأخ المسؤول اتّصل بي، أنا كنت موجود في الضاحية، كنت موجود في بيتي في بئر العبد مقابل مسجد الإمام الرضا عليه السلام، الذي كان بيتي، فكنت موجود هناك واتّصل بي الأخ وقال لي عظّم الله أجرك، أصلاً بدون أن يكمل أنا فهمت، لأننا كنّا قلقين، قال لي حصل كذا، الطيران قصف الموكب واستشهد السيد عباس وزوجته وطفله، والموكب كله ضُرب والشباب منهم من احترق لكن لم نعرف بعد إن كانوا استشهدوا أم لا، سبحان الله نجّاهم الله، الشباب الذين كانوا في نفس سيارة السيّد السائق والمرافق من رأسهم الى كعب قدميهم احترقوا وبقوا كذا شهر محروقين والله سبحانه وتعالى نجّاهم، الغريب أن السيد وزوجته وطفله هم مَن استشهدوا في العملية كلها. فماذا نفعل؟ قلت طبيعي أنا سأتواصل مع الإخوان، أنا لم أُفاجأ، حتى أكون صريح معك، أن السيد استُشهد لم أُفاجأ، أصلاً نحن في موضوع السيّد عباس منذ زمن نتوقع له لأن رحلاته كثيرة من والى الجنوب وسياراته معروفة، فكان ممكن في أي لحظة أن يحلق الطيران ويسمح له سيارته، فأنا لم أتفاجأ بأمر جديد، لا، كان كل يوم ممكن أن يحدث هذا للسيد عباس والآن حدث، تحمّلت الموضوع. طبعاً على المستوى العاطفي أنا خسرت خسارة كبيرة ربّما أكثر من أي أحد آخر في حزب الله بسبب العلاقة الثنائية بيني وبين السيد، لكن في تلك اللحظة كان مطلوب منّي رباطة جأش، كان المطلوب مني أن أكون جامداً، لم أبكِ لأن عليّ أن أتكلم مع الإخوان ونتواصل ونلملم الموضوع، بطبيعة الحال أخونا الشيخ نعيم هو نائب الأمين العام فعليّ أن أتكلم معه أولاً، عليّ أن أتحدث مع الشيخ صبحي الأمين العام السابق، وبقية أعضاء القيادة، اتّصلت بهم على الهاتف وأبلغتهم، وتبانينا أن نلتقي بعد ساعة في أحد الأماكن لنتداول ونتفق على ما سنفعل.</p> <p>جاء الإخوان كلهم، اجتمعنا بسرعة، يومذاك كان يوم أحد والإخوان ينتشرون عادةً في المناطق، جمعوا أنفسهم وجاؤوا وجلسنا، تداولنا ما سنفعله، طبعاً الإخوة كلهم كانوا متماسكين وأقوياء، هذا ليس أمراً جديد علينا، طبعاً يوجد خصوصية أنه السيد عباس وهو الأمين العام، لكن نحن من 82 الى استشهاد السيد عباس نشيّع شهداء ونحمل شهداء وبينهم شهداء كوادر متقدمة في الحزب، وهذا مناخنا وثقافتنا وتركيبتنا وتربيتنا، لا مشكلة. تبانينا أن نُصدر بيان ننعي به السيد عباس ونعلن شهادته وكان أتذكر وقتذاك بدايات تلفزيون المنار، يعني كان لا يزال محلياً وفي بداياته، كان عندنا إذاعة النور، أنّ الشيخ صبحي هو ينزل الى التلفزيون وهو يذيع البيان باعتباره الأمين العام السابق، حتى صار نقاش أن نائب الأمين العام هو من ينزل ويتلو البيان، أو الأمين العام السابق أو أنا، بالآخر بالمجموع توصلنا أن الشيخ كونه أمين عام سابق وكونه، أعود وأقول لك من "العجائز" عندنا، أن الشيخ هو صديق السيد عباس فيخرج هو ويتلو البيان، فخرج الشيخ وتلا البيان وأخذت كل العالم علم باستشهاد السيد.</p> <p>في اليوم الأول، يعني بقية يوم الأحد نحن بقينا نتابع انتقال الأجساد، أحضرنا الأجساد من الجنوب من تفاحتا الى مستشفى الرسول الأعظم وذهبنا ليلاً أنا والإخوان، ذهبت كل الناس الى المستشفى لترى الأجساد، وطبعاً المشهد تلك الليلة لا أنساه نهائياً، جسدين لا تعرف من السيّد ومن أم ياسر، الأطباء هم من شخّصوا وفرزوهم قالوا هذا جسد السيّد وهذا جسد أم ياسر، حسين الطفل الصغير لحمه وجسمه مدموج وممزوج بجسد أم ياسر، بحيث جاء بعض الأطباء اشتغلوا حتى فرزوهم عن بعضهم، في كلا الجسدين لا يوجد رأس، لا يوجد يدين، لا يوجد قدمين، يوجد جسم محترق ومتشظي. كان المشهد مؤثّر جداً بالنسبة لنا كلنا لأن السيد كان دائماً بالدعاء، أقول له أنت لماذا تدعو هكذا؟ وهذا الدعاء نزّلناه لاحقاً في وسائل الإعلام، عندما كان يقول أسألك شهادةً لا مثيل لها، لا سابقة لها أو شيء من هذا القبيل، يتشظى بها جسدي وأنّ كل ذرة من ذرات جسدي تدفع ثمن لتتوب عليّ وتقبلني وتغفر لي، قلنا سبحان الله، طبعاً هذه شهادة لا سابقة لها في ما نعرفه نحن.</p> <p>المهم، في نفس الليلة جلسنا ليلاً واتّفقنا على إجراءات التشييع، ثاني يوم صباحاً أمام مقرّ شورى حزب الله، انطلق التشييع من مستشفى الرسول يعني لم نؤجّل التشييع يومين لنجتمع وكذا، الناس بمئات الآلاف قدمت لوحدها، حدث هزّ البلد، شيّعنا من مسجد مستشفى الرسول الأعظم الى مقرّ الأمانة العامة وهو هذا المكان، لاحقاً في نفس اليوم انطلقت الجنائز الى بعلبك وكان الطقس عاصفاً، في شباط، ولم نأخذ مباشرةً الى النبيشيت لأنّ بعلبك السيّد كان بينه علاقة قوية بينه وبين مدينة بعلبك، ولنمنح أيضاً أهلنا في البقاع فرصة المشاركة في التشييع في اليوم التالي. قمنا بالتشييع في داخل بعلبك وتركنا السيّد في المدرسة التي أسسها هو والتي تأسس بها حزب الله، الذي كان مديرها لسنوات، ونحن ذهبنا الى بيت واجتمعنا. الإخوان قالوا نحن يجب أن ننتخب الليلة أمين عام، غداً قبل أن ينزل جسد السيّد على القبر يجب أن تأخذ الناس كلها علم أننا انتخبنا أمين عام، والذي يخطب في تشييع السيد هو الأمين العام الجديد. طبعاً الجو كان، انتهينا، الإخوان بقوا متماسكين، لم يبكِ أحد، لم تدمع عين أحد، لأن معنا 24 ساعة علينا أن نلملم وضعنا بها، لكن عندما استقرّ الوضع والأمور ترتبت، وعندنا بعد الخطوة الأخيرة، أي أننا أرسلنا الأجساد الى بعلبك ثمّ الى النبيشيت لندفنها هناك وكل الأمور مرتبة والبرنامج مرتب، فيبقى لدينا هذه الخطوة.</p> <p>بدأنا التداول، الموضوع لم يأخذ خمس دقائق، طبعاً الإخوان الموجودون كلهم أكبر منّي سناً، على سبيل المثال كان الشيخ صبحي موجود في الشورى، الشيخ نعيم نائب الأمين العام، الشيخ محمد يزبك، وإخوة آخرين، الحاج حسين الخليل المعاون السياسي والى آخره، فقال الإخوان هذا الموضوع واضح ولا يحتاج لكثير من النقاش، وصودف بما أنني كنت المسؤول التنفيذي تأخرت قليلاً عن الجلسة حتى أرتب كل شيء وذهبت الى الجلسة، فالإخوان قالوا نحن تناقشنا قبل أن تأتي وما توصلنا له بالإجماع أنت، وأيضاً ناقشتهم قليلاً أنا بمقدمات القرار لكن بالنهاية هم طرحوا مقدمات مقنعة، الجو النفسي، والجو العاطفي، والجو المعنوي، وصلة العلاقة الوثيقة بيني وبين السيّد عباس، حكوا مجموعة أسباب، أنا تمنيت على الإخوة إن يكون هناك خيار آخر، طبعاً أنا قلت لهم رأيي بالجلسة أن يكون الشيخ صبحي، أي أن يعود هو ويكون أمين عام، فهو والإخوان قالوا لا هذا الموضوع أصبح من الماضي، نحن في هذا الوضع الذي نحن به عندنا أمين عام مستشهد، يعني نحن في ذروة المواجهة مع الإسرائيلي، مصلحة الحزب، مصلحة المقاومة، مصلحة الكل أن تقبل أنت هذا.&nbsp;</p> <p>اتكلنا على الله. في اليوم التالي صباحاً ذهبنا الى التشييع في النبيشيت واتّفقنا أنّ الذي يعلن الخبر هو الشيخ صبحي أي الأمين العام السابق، حتى ليس نائب الأمين العام لأن في طبيعة التركيبة عندنا في الحزب كان دائماً الأمين العام يعني الشيخ صبحي أو السيد عباس، هذه الفكرة المتداولة، عندما يخرج الأمين العام السابق وهو مرشّح دائم للأمانة العامة في ذهن الناس يعلن عن نبأ هذا الانتخاب وبالاجماع هذا طبعاً يعطي قوة كبيرة للأمين العام الجديد وللقيادة وللحزب الذي استُشهد أمينه العام. وبالفعل صارت هذه الخطابات، وبعدما تحدث الشيخ صعدت أنا وتلوت كلمتين، ودفنّا سماحة السيد وبدأت مرحلة جديدة من لحظتها. طبعاً أنا أتذكر أيضاً يومذاك ونحن في التشييع بعد الصلاة على الجنائز ونحن ذاهبون الى المقبرة، الإخوان من الجنوب يتصلون ويخبروننا أن الإسرائيليين بدؤوا التقدم باتّجاه كفرا وياطر ومواجهة عنيفة وقاسية تقع بين الإخوان والإسرائيليين وما علينا أن نفعل؟ عندنا اقتراح من قيادة المقاومة أن نواجه بشكل عنيف، لكن إذا أردت أن نضغط حتى يتراجع الإسرائيليون يجب أن نضرب كاتيوشا على المستعمرات، وكان أول قرار أخذته أنا بصفة الأمين العام في الجنازة، الإخوان موجودون في بقية أعضاء الشورى تشاورت معهم ونحن نسير في الجنازة واتفقنا أنه نعم ليفعل الإخوان هذا، وصار أول مرة المقاومة الإسلامية تُدخل سلاح الكاتيوشا الى معادلة المعركة، وأكملنا لاحقاً."</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: يعني عندما يكون القرار الأول التي يتّخذه الأمين الام لحزب الله المنتخَب حديثاً هو قصف المستعمرات الاسرائيلية في الجليل بصواريخ الكاتيوشا، وأين؟ كانوا في الجنازة، ليس وراء مكتبه ولم يتخذ أول قرار في التنظيم أو التعيين أو كذا هو قرار بالمقاومة، هذا يكف أيضاً أو له دلالة رمزية أن المرحلة اتي تلت كانت مرحلة مخصصة بالكامل &nbsp;للعمل المقاوم الميداني والذي أثمر تحريراً في النهاية.</p> <p>وفي بداية الحلقة كيف تحدث السيد نصرالله عن عندما التبس أمٌ ما على قيادة حزب الله وأرادوا التشاور مع السيد خامنئي الذي أصبح وقتذاك القائد الايراني والولي الفقيه، قال لهم إذا التبس عليكم أمرٌ وأردتم رأيي فعودوا الى السيد حسن نصرالله. طبعاً هذا يكشف أيضاً جانباً من شخصية السيد نصرالله، يعني هذه الالتفاتة كانت أكثر من رسالة عاطفية أو حركة مساعدة في اتّخاذ قرار، أفهمها بكل صراحة وتواضع أنها كا رسالة استراتيجية، لا شكّ أخذتها قيادة حزب الله في الاعتبار. لكن يحق التساؤل هنا لماذا يذهب حزب الله الى طلب استشارة أو حتى قرار المرشد بنفسه إن كان الحزب مستقلاً بالفعل كما يشدد دائماً؟ نحن تحدثنا عن عشية اندلاع حرب عاصفة الصحراء قيادة حزب الله اتخذت قرار بالذهاب الى السيد خامنئي لتسأله إن تمّ الاعتداء على لبنان ماذا نحن فاعلون؟ ببساطة، لأن الأمر يتعلق بحرب لا يتعلق بانتخابات مثلاً، يعني حرب اسرائيلية على لبنان في وضع اقليمي ودولي حاد وفي لحظة عربية اقليمية دولية مفصلية في ذلك الوقت، يعني هي حرب عاصفة الصحراء وتحرير الكويت ليست عملاً بسيطاً، ماذا لو هاجمت إسرائيل لبنان؟ قرار الحزب كما أوضح السيّد كان بالردّ الحاسم لكن مستواه قد يحدّر توسّع الحرب من عدمه، على الأقل وصلت ربّما حرب اقليمية أميركية أطلسية، تماماً كما حصل في عام 2003.</p> <p>كذلك بصراحة، وأقولها بلا حرج، مَن في لبنان من قياداتٍ دينيةٍ أو سياسيةٍ أو غيرها ليست لديه مرجعيةٌ في الخارج؟ مَن؟ ربّما يظهر تيارات هنا في الداخل تقول نحن ليست لينا مرجعيات في الخارج بلا استثناء يعني بشكل مطلق، نصدّقهم، لكن هناك قيادات دينية في لبنان لديها مرجعيات في الخارج وبشكل صريح، يعني عفواً ماذا عن القيادة السنية والمارونية مثلاً؟ أليس الفاتيكان هو مرجعية البطركية المارونية هنا دينياً أو كاثوليكياً أيضاً وليس مارونياً فقط، دينياً وسياسياً وفكرياً وحتى استراتيجياً؟ وأنا أقول هذا ربّما طبيعي، الفاتيكان نفسه هو ليس مرجعية دينية فقط، هو دولة لديه رأي فيما يجري في العالم وفي المنطقة وفي لبنان بشكل أساسي. ربّما قبل فترة زار على ما أظن وزير خارجية الفاتيكان بنفسه لبنان، وحول حزب الله لأننا نتحدث عن حزب الله، تحدّث بإيجابية عن حزب الله وقال كيف أن حزب الله هو مكوّن أساسي في التوازنات الداخلية.&nbsp;</p> <p>عفواً أليست المرجعية الدينية السنية مرجعية سياسية بشكل مباشر أو غير مباشر في الخارج؟ نعم، وهذا أمر ليس خافياً، وقد يكون أمراً طبيعياً وعادي ومفهوم بلا شكّ، ربّما نتيجة لطبيعة وتركيبة لبنان.&nbsp;</p> <p>أقول هذا فقط حتى لا نقول دائماً حزب الله حزب إيراني وشيء من هذا القبيل. شخص السيد نصرالله التصق كلياً ودائماً منذ بدايته بالناس، بالقواعد، بالأفراد، بالجميع، بالجموع بشكل عام، تذكرون في الحلقة الأولى أو الثانية كيف تحدّث عن المهمات التي تولاها، أول مهمة تولاها في حزب الله هو أن يكون مسؤول استقبال المتطوعين للذهاب الى التدريب والقتال، السيد نصرالله لم يكن قيادياً نرجسياً فوقياً، والله أنا في هذا الأمر بالمناسبة أجد حرجاً بالحديث عن صفات السيد حسن نصرالله حتى لا يتّهمنا أحدٌ بأننا ربّما نمدحه، ولكن الكلام والمديح الحقيقي قليلٌ فيه ويشهد الله على ما أقول. على كل حال كلّ مَن عرفه من دون استثناء يشهد له ببعض الصفات الأخلاقية النيلة والنادرة جداً، لم يأتِ السيد نصرالله مسقطاً، لم يُنصَّب قائداً من الخارج ولا في عتمة الليل، ولا حتي في انتخابات &nbsp; سورية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>نقطة أخرى بدٌّ أن نتحدث فيها كان يُفترَض أن أُشير إليها في الحلقة الماضية ولكن داهمنا الوقت، ولكنها أيضاً مرتبطة في كل هذه التطورات وأشار السيد حسن نصرالله الى مرحلة الفتنة بين أمل وحزب الله، بصراحة هنا نحن لسنا أبداً نتحدث عن تلك الحقبة ولا عن ظروفها وحقيقتها، لأن في ذلك نكأً لجراحٍ مؤلمة بلا شكّ، لكن ضرورتها في أمرين الآن بلا شكّ ، النقطة الأولى مكانة السيد نصرالله في الحزب، نحن نتحدث عن شخصية السيد نصرالله الآن، يعني عندما يقول كيف أن السيد عباس الموسوي بنفسه رحمه الله وكان الرجل الثاني في الحزب، يذهب الى قم من أجل أن يجلب السيد نصرالله ليكون سنداً لهم في الشورى، في القيادة، في تلك المرحلة الأليمة مرحلة الفتنة بين أمل وحزب الله، هذا يؤكّد قية ومكانة السيد نصرالله.</p> <p>لكن الملاحظة الثانية ولعلها الأهمّ هي ضرورة تويه بعض الرسائل، هذه العلاقة أحياناً يتم الحديث فيها باعتبارها مذهبية ولكنها ليست كذلك على الاطلاق، لأن الجماهير تعرف أي خلاف بين الحركة والحزب يمكن أن يوتّر أجواء ويوتّر الحياة في البيئة كاملة، هذا يؤثّر قطعاً على الحياة الوطنية في لبنان، وليس فقط على الحياة الجنوبية أو البقاعية أو الشيعي عفواً، قطعاً أي خلاف جدي بين حركة أمل وحزب الله يؤثر على الحركة الوطنية كلها في لبنان.</p> <p>أما الخارج، وهو الحقيقة الذي أفهمه أنا كمراقب من خارج الدائرتين، ربّما علينا أن ندرك جميعاً أنّ الحرص، حرص حزب الله وحرص حركة أمل والثنائي وأصدقائهما بشكل عام على بقاء هذه العلاقة قوية وأكثر متانة بين التيارين هي ليست لاعتبارات مذهبية، يعني ما يُسمى بالثنائي الشيعي، بل هي في الأساس والجوهر لاعتباراتٍ اجتماعية وأهلية، يعني هذا الذي يربط أساساً بين حزب الله وحكة أمل ليس لأن غالبية قواعد حزب الله شيعية وغالبية قواعد حركة أمل شيعية، أو لنقل كل القواعد هي شيعية، لأن أبناء الحركة والحزب هم من مناطق واحدة، من مدن واحدة، من قرى واحدة، ربّما من أزقةٍ واحدة وأحياناً من منزل واحد، يعني الفتنة لا سمح الله تعني اقتتالاً بين غرفة وأخرى وليس بين منطقة وزقاقٍ وآخر. على كل حال مرحلة الفتنة الأليمة التي كانت بين 88 و90 أكّدت هذا الأمر.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; نحن تحدثنا عن استشهاد السيد عباس الموسوي ولكن ربّما أتحدث عن معلومة بعد الفاصل في الجزء الثاني من هذه الحلقة، مشاهدينا الكرام فاصل ونعود بعده لاستكمال أربعون وبعد.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>فاصل</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: أهلا بكم مشاهدينا الكرام. محطات شهدتها سنوات التسعينيات قبل التحرير عام 2000، نتحدث في هذا الجزء عن عدوان تموز 93 ومجزرة أيلول الأسود ضد حزب الله بالتزامن مع توقيع اتفاق أوسلو، نستعيد بعضها.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>"السيّد نصرالله: في تموز 93 الإسرائيليون شنوا عدوان واسع جوي، كانوا موجودين في الشريط الحدودي فهم لا يحتاجون لتقدّم بري، طبعاً هم تواجدهم في الشريط الحدودي كانوا يأخذون تقريباً القمم، المناطق العالية والمسلّطة والمشرفة على بقية الجنوب والبقاع الغربي، فشنّوا حملة جوية عنيفة جداً هجّروا المناطق الأمامية، مدفعية وزوارق بحرية تقصف، طيران يقصف، المقاومة تصدّت لهذه المواجهة.&nbsp;</p> <p>يومذاك هم أعلنوا أهداف لهذه الحرب في 93، الهدف هو ضرب البنية التحتية لحزب الله، لكن هم كانوا يقدرون أن أول يوم أو ثاني يوم أو ثالث يوم حزب الله أمام حجم الهجمة وشراستها وكثافة النيران يتراجع، وهم ضربوا عدد كبير من المراكز، أو من البيوت التي ظنّوا أنها مراكز، هذا يؤكّد أنه كانت لديهم معلومات غلط، وضربوا بيوت، وأيضاً نفس الخطأ كرروه في 96، ضربوا بيوت كان حزب الله فيها من خمس سنين وتركها من خمس سنين، إذا كان هناك معلومات فهي قديمة غير محدَّثة، فهم تصوروا أن الهجمة الأولى والثانية والثالثة وحجم البيوت التي ضربوها والمراكز التي ضربوها والأماكن التي استهدفوها أنه خلاص البنية القيادية لحزب الله ضُربت، الكادر الأساسي ضُرب، مراكزه ضُربَت، البنية التحتية ومخازن السلاح، تفاجؤوا أن هذا كله غير صحيح. طبعاً أيضاً توقعوا هم أن يصبح هناك انتفاضة داخلية شعبية في لبنان على حزب الله، الناس في الجنوب تقوم بتظاهرات تطالب بوقف المقاومة، أي قراءة خاطئة، وجدوا أنه لا، الناس وقفت مع حزب الله، الناس صمدت، المقاومة صمدت أيضاً، استمرار اطلاق الكاتيوشا استمرّ وبقي قائماً، وجدوا أنهم غير قادرين على ضرب البنية التحتية.</p> <p>استمرت الحرب عدة أيام نزلوا من هدف ضرب البنية التحتية الى هدف نزع سلاح حزب الله، يعني أن يفرضوا على لبنان وسوريا من خلال تفاهمات ومفاوضات، وقتذاك كان الرئيس حافظ الأسد وكان في لبنان الرئيس الهراوي والحكومة اللبنانية، أنه إذا أردتم وقف الحرب خذوا قرار بنزع سلاح حزب الله، أيضاً هذا لم يحدث، نزل الهدف الى وقف العمليات، تريدون أن يبقى سلاح حزب الله فليبقَ والبنية التحتية تبقى لكن ممنوع عمليات، أيضاً هذا التزام لم يستطيعوا أخذه. بعد سبعة أيام، نحن كنّا مستمرين في قصف المستعمرات بشكل دائم، عندما وجدوا أننا استوعبنا الهجوم، بنيتنا حافظنا عليها، استمرار الهجوم لن يضرب بنيتنا، الشعب اللبناني متعاطف والمنطقة كلها تعاطفت معنا، لبنان وسوريا على المستوى السياسي جامدان، صار ضغط على إيران وإيران أيضاً كان موقفها جامد الى جانب سوريا ولبنان، فوجدوا أنه لم يعد هناك أفق لاستمرار الحرب، نزل الهدف للآخر، وصار مجموعة مفاوضات في الشام حول إيجاد مخرج لإنهاء هذه المواجهة الواسعة، لم يكن أحد يقبل طبعاً بوقف عمليات المقاومة، لا السوري ولا اللبناني ولا حزب الله وبالتأكيد صديقنا الإيراني لم يكن موافق، لا أحد يقبل أنت أرضك محتلة ويريد أن يأخذ منك التزام بوقف المقاومة.&nbsp;</p> <p>المحصّلة كانت، وهذا ما سُمي لاحقاً بتفاهم تموز، أنا أتذكر وقتذاك نحن سُئلنا بشكل واضح وصريح أنتم ما الذي يجعلكم توقفون وقف الكاتيوشا على الشمال؟ الآن هذا هو مطلب الإسرائيلي، يوقف الحرب إذا توقفت الكاتيوشا، قلنا لهم عظيم ليوقف استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية اللبنانية ونحن نوقف ضرب المستعمرات، هذا ما سُمّي بتفاهم تموز، هو تفاهم شفهي، لا يوجد شيء مكتوب ولا نص.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: قدتَ المفاوضات شخصياً؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: السؤال صار لي أنا بشكل مباشر.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: وأين كنتَ في بيروت أو في الشام؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: في آخر يوم أو يومين ذهبت الى الشام، لأنّ الشام كانت هي محور المفاوضات، وقتذاك وزراء خارجية كبار في العالم جاؤوا الى هناك، الدكتور ولايتي كان هناك، مسؤولون لبنانيون ذهبوا الى هناك، وأنا ذهبت الى هناك، وهناك جرت كل الاتّصالات. وصلنا الى تفاهم تموز، تمّ تحديد وقت لوقف إطلاق النار، ونحن بالنسبة لنا وقف إطلاق النار هو وقف إطلاق الكاتيوشا وإلا بعد بلحظة أو دقيقة نحن من حقنا الطبيعي أن نهاجم مواقع الاحتلال الموجودة في جنوب لبنان، يعني هذا هو وقف إطلاق النار الذي التزمنا به. طبعاً يومذاك في الوقت المحدد هم أوقفوا الغارات ونحن أوقفنا قصف الكاتيوشا، وصار هناك شيء اسمه تفاهم تموز بقي عدة أيام الوضع هادئ، صارت تحليلات كثيرة في البلد أنه خلاص انتهت المقاومة وتوقفت العمليات وما شاكل، نحن كان يمكننا بعد ساعة أن ننفذ عمليات أو في اليوم التالي، نحن قلنا يا إخوان هدّوا البال قليلاً حتى تعود الناس المهجّرة، البيوت التي دُمّرَت والى آخره، بقينا عدة أيام فقط حتى تمّ ترتيب الأوضاع الاجتماعية للناس، وبعدها بأيام قليلة يعني بعد أن استوعبنا كل الوضع الاجتماعي تم زرع عبوة كبيرة جداً واستهداف دورية إسرائيلية، رغم أنه سبحان الله في الدوريات يمكن أن يأتي واحد أو اثنين والعبوة تقتل اثنين أو ثلاثة، لكن الله سبحانه وتعالى يريد أن يعطي إجابات، لأنّه خلال أيام نحن ننفي لكن الجبهة هادئة، والتحليلات والمعلومات أن هؤلاء ساوموا على المقاومة، توقفت المقاومة، صارت العملية 11 قتيل إسرائيلي، يعني من أكبر العمليات التي حدثت في تاريخ المقاومة، نحن لم نُحضر 11، نحن زرعنا عبوة كانت ممكن أن تقتل إثنين، الله الذي أحضر ال11 وقتلهم.</p> <p>وثُبّت تفاهم تموز وانتهينا من الموضوع وكان نصر كبير للبنان. سقط عدد كبير من الشهداء والجرحى ودمار، لكن نحن نعتبر أننا انتصرنا بحرب تموز لأنّ الإسرائيلي عجز عن تحقيق أي من أهداف العدوان، هذا عنوان النصر.</p> <p>انتهينا من تموز، آب، أيلول، نأتي الى ١٣ أيلول.</p> <p>ظهر مناخ أنّ هناك مفاوضات في أوسلو واتّفاقية أوسلو، وستُوقَّع الاتّفاقية في واشنطن. نحن اجتمعنا نحن ومجموعة من الأحزاب اللبنانية، وطنية واسلامية ومختلف الاتّجاهات، ومع الفصائل الفلسطينية الموجودة في لبنان، وأخذنا قرار أنه علينا أن نأخذ موقفاً ويصير تحرك ضد اتّفاقية أوسلو لأنّ هذه الاتّفاقية خطرة وكذا، وأعددنا تقييم لاتّفاقية أوسلو، التقييم المعروف. واتّفقنا أن نخرج في تظاهرة تنطلق من مستديرة الغبيري في 13 أيلول، يعني في الوقت الذي يكونون به في واشنطن يوقعون نحن نكون في التظاهرة، والتظاهرة هي ضد أوسلو، يعني ليست ضد أحد في لبنان ليفتح معنا مشكل. قبل ساعات، نحن حضّرنا إعلام للتظاهرة قبل عدة أيام، وتحضير إعلامي وحشود والى آخره، قبل بساعات يجري معنا اتّصال من قبل بعض المسؤولين اللبنانيين الأمنيين أن هناك قرار بمنع التظاهرة، لماذا؟ فهذا موقف لبنان الرسمي ضد أوسلو، وأنا أتذكر أن موقف لبنان الرسمي كان موقف ممتاز، هذا الشعب اللبناني يعبّر عن نفس موقف الحكومة اللبنانية والموقف الرسمي فما المانع أن نخرج في تظاهرة، تظاهرة سلمية ولا سلاح فيها، وهذه المنطقة دائماً يتم فيها تظاهرات، صار جدل على الموضوع.&nbsp;</p> <p>نحن قلنا للإخوان، كانت طبعاً العالم تجمعت وحشد كبير تجمع لكن صار واضح أن هناك مشكل، واستنفر الجيش اللبناني وأحضروا قوات وعسكر وقوى أمن داخلي وانتشار مسلّح كبير في محيط منطقة التظاهرة. نحن طلبنا من إخواننا أن هذه تظاهرة سلمية مدنية مهما حدث من استفزاز ممنوع على أحد أن يتعاطى بشكل سلبي مع الاستفزاز، وابقوا مجمّعين في مركز الانطلاق لنتفاهم، نحن لا نريد أن نطلق التظاهرة بالرغم من إرادة الدولة، لا نريد الاصطدام مع أحد، ولذلك بقي الناس منتظرين نصف ساعة، ثلاث أرباع الساعة، ساعة، تأخر موعد انطلاق المسيرة، حتى لا أقول ساعة لكن صار تأخير لوقت انطلاق المسيرة، الى أن وصلنا الى تفاهم نحن والمسؤولين المعنيين أنه لا مانع، تسيروا لكن ضمن هذا المسار، حددوا مسار أي طريق للمسيرة غير الذي كان مقرر من قبلنا، قلنا لهم لا مشكلة نحن يهمنا أن نسير. فأعطينا الإيعاز للإخوان، وكان هناك مجموعة من قيادات الحزب موجودة في مقدمة المسيرة وهي تدير الموضوع، لم نتركه شعبي محض وانفعالي وعاطفي، فسارت المسيرة بشكل عادي. لم يكن بين المتظاهرين أي مسلّح على الإطلاق، الشخصيات المركزية الذي وجودها في التظاهرة سيحكمنا ويفرض علينا أن يكون هناك مرافقين مسلحين قلنا لهم لا تذهبوا، حتى لا يكون هنالك قطعة سلاح. سارت التظاهرة بشكل عادي.</p> <p>وخلال سير التظاهرة الى مكان معيّن، يعني في نفس الاتّجاه المأذون به فجأة تفاجأنا بإطلاق النار، طبعاً الأفلام موجودة لدينا موثّقة، من قبل عناصر في قوى الأمن الداخلي وفي الجيش اللبناني وقتذاك، والأسلحة موجهة الى صدور الناس، يعني ليس إطلاق نار في العالي أو إطلاق نار على الأرض، وأُطلقت النار على المسيرة، يومها سقط تسعة شهداء مباشرةً، اثنان من الأخوات، كله مصوَّر، حتى الأخوات وهن يُطلَق النار عليهن يقعن وموجودة أفلام الفيديو، وسبعة شباب، ولاحقاً استُشهد أحد الجرحى، المحصلة عشرة شهداء وأربعون جريحاً الكل جراحهم في الرأس وفي الصدر، يعني هؤلاء كان يمكن أن يكونوا شهداء ولكن الله سبحانه وتعالى مدّ في أعمارهم.&nbsp;</p> <p>يومذاك الأخ المعني بإدارة الموضوع كله اتصل بي وأنا كنت أتابع لأنه لم يكن عليّ أن أنزل الى التظاهرة، بالنهاية حين أكون أنا عليه أن يكون هناك شباب معهم سلاح.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: أين كنت سماحة السيد؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: أيضاً كنت في المنزل حينها، اتّصل بي الأخ وقال حدث كذا وكذا، طبعاً أنا سمعت إطلاق نار فلم نعرف أين، قبل أن يتصل الشباب كان هذا الأخ قد اتصل وقال حدث ما شرحته لك، ماذا نفعل؟ قلت له لا بأس، أرسل مجموعة من الإخوان الأساسيين يضبطون الناس، الشهداء، بالحرف هكذا ولا زلت أتذكر، الشهداء خذوهم الى المستشفى والبرّاد، الجرحى انقلوهم الى المستشفيات، بقية التظاهرة، قال لي لأن الناس لا تزال مجتمعة وغاضبة ويريدون الاستمرار، قلت له غيّروا مسار المسيرة وأحضروهم الى مقرّ الأمانة العامة وأنا أذهب وأخطب بالناس. يومذاك أنا جئت وأحضروا الناس وخطبت بهم بطريقة نلملم الموضوع، يعني نحفظ معنويات الناس ونرفع الموقف باتّجاه أوسلو الذي منعونا أن نعبّر بطريقة سلمية ومدنية عن موقفنا، وبنفس الوقت حدد اتّجاه التعاطي مع الحادثة.</p> <p>في اليوم التالي صار تشييع الشهداء، كان تشييع ضخم جداً من أضخم تظاهرات الضاحية الجنوبية أو التي شهدها لبنان، تشييع تسعة شهداء الى روضة الشهيدين.&nbsp;</p> <p>طبعاً عندما صار الحادث صار توتر شديد في المنطقة، الكل افترضوا، وأنا أتصور أن الذي يقف خلف إطلاق النار فرضيته هي طبيعية، أنه عندما يُطلَق النار على تظاهرة لحزب الله ويسقط شهداء بهذا العدد الذي يطلق النار كان يهدف قتل خمسين ومئة، قُتل تسعة، الرد الفعل الطبيعي والمنطقي للناس وليس لحزب الله، للعائلات التي تسكن هذه المنطقة، وبالنهاية في لبنان السلاح الفردي موجود، حتى الدولة تقول نعم السلاح الفردي موجود في كل المناطق اللبنانية، الضاحية أكيد فيها سلاح فردي، لو نزل فقط السلاح الفردي والجيش اللبناني منتشر في الضاحية الجنوبية، نزل واحد أطلق نار على جندي في الجيش اللبناني كان اشتعل البلد، انظر كم أن الوضع حساس جداً. يعني كنّا نمشي على أرض كلها بنزين، أي ولعة تولع البلد، هكذا كان جو البلد.&nbsp;</p> <p>نحن خاطبنا، طبعاً الخطاب مع التظاهرة والتعميم الداخلي الذي صدر أنّه أبداً، ولا ردّ فعل، علينا أن نمسك أنفسنا وجراحنا، وأي خطأ، أي إطلاق نار، أي عملية انتقامية، أي ممارسة فردية هي خيانة لحزب الله، خيانة للمقاومة، خيانة للبلد، لشعبنا ولأمتنا، وخيانة لدماء الشهداء الذين سقطوا اليوم، وخدمة جليلة لإسرائيل. هذا كان التعميم.&nbsp;</p> <p>طبعاً لم يكن هناك درجة توتر؟ درجة التوتر عالية، غضب؟ يتكلمون عني وعن إخواني في قيادة حزب الله؟ نحن كنّا نرتجف من الغضب، لكن الحمد لله رب العالمين أن الغضب والحدّة والانفعال لم يجعلنا، يعني لم يُفقدنا صوابنا بقينا نفكر صح ونتعاطى صح. الأهم من موقف قيادة حزب الله في حادثة 13 أيلول هو موقف قواعد حزب الله، أنت مفهوم أنت مبرمَج وعندك أولويات وحاضر، لو قتلوا لك مئة يومذاك ستقفز فوق هذا الدم لتُكمل معركتك مع إسرائيل، لن تنجر لقتال داخلي، أنت مثقف ودارس وعشرين أو خمسة عشر سنة وأنت تعمل على هذا الملف فمختلط في دمك وروحك، لكن ماذا عن الناس؟ برأيي أنا الموقف الأهم والأعظم كان موقف الناس، الناس تجاوبوا بشكل كبير، كانوا منضبطين بشكل كبير. أيضاً يومذاك قيادة الجيش قامت بإجراء سليم، أيضاً قيادة الجيش على ما يبدو فوجئت بما حصل ميدانياً، كان العماد لحود وقتذاك قائد الجيش، كان ممكن لقيادة الجيش أن تقول لا، تبقى القوات في الضاحية ويتعزز الانتشار، وهذا ممكن أن يزيد حالة التوتر، وقتذاك قيادة الجيش قامت بإجراء أنها سحبت الكتائب والقوات الى محيط الضاحية وخارجها حتى لا يحدث هناك احتكاك بين الناس والجيش.&nbsp;</p> <p>نحن طبعاً من اللحظة الأولى اعتبرنا بأن ما جرى هو مؤامرة لإيقاع الفتنة بين المقاومة والجيش اللبناني ولإحداث حرب بين المقاومة والجيش اللبناني، التي كانت تعني، يعني بين حزب الله والجيش اللبناني، التي كانت تعني حكماً حرب أهلية، القصة ليست حزب، حزب الله ليس حزب عادي في لبنان وأن الجيش اللبناني اصطدم مع حزب، أي قتال من هذا النوع كان سيتسبب بمشكل داخل الجيش اللبناني نتيجة تركيبة البلد، ويتسبب بحرب أهلية في البلد ويخرّب البلد على الآخر.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: من يقف وراءها، إذا لم تكن قيادة الجيش من يقف وراءها؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: على كل حال هم أجروا تحقيقات في داخل المؤسسة، نحن سياسياً وقتذاك حمّلنا المسؤولية للحكومة، لأن الحكومة هي أخذت قرار منع التظاهرة، في بلد طوال عمره تظاهرات فما المشكلة؟ وتظاهرات لا شجار فيها، لكن من ضمن ذهنية نريد أن نُقفل البلد وممنوع التظاهرات، ونُقفل جريدة ونفعل وكذا وأنت تحكي وأنت ممنوع أن تحكي، هذا المناخ الذي كان سائداً وقتذاك.</p> <p>سياسياً نحن حمّلنا المسؤولية للحكومة، وبالنهاية هؤلاء العسكر هم عسكر عند الحكومة، يعني ليسوا عندي أنا. صار تواصل بيننا وبين قيادة الجيش، قيادة الجيش أرسلت وفد رفيع المستوى من الضباط عزّوا بالشهداء وقالوا نحن فتحنا تحقيق ونحن لا قرار من قيادة الجيش أصلاً بإطلاق النار، والدليل أنه صار إطلاق النار من مكان واحد، يعني كان هناك جيش محيط بالتظاهرة عن يمينها وعن شمالها ومن خلفها، ولا طلقة نار، من مكان واحد صدر إطلاق النار، يعني هناك ضابط ومجموعة عساكر معه من عندهم أُطلقت النار، بقية نقاط الجيش اللبناني لم يحدث إطلاق نار.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: وما الذي اكتُشف بعد ذلك؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: طبعاً الحكي الرسمي يحكي عن خلل فني، خلل إداري، خلل لا أعرف ماذا، عندما صار الاتّفاق معنا أن التظاهرة تسير وحُدد المسار الجديد التابع لها، كل النقاط العسكرية القريبة من التظاهرة أُبلغَت، هذه النقطة التي ألقت النار كانت بعيدة بعض الشيء، أنه حصل خلل ولم تُبلَّغ هذه النقطة، أو أنّ هذه النقطة أُبلغ الضابط فيها لكن الضابط لم يُبلغ العساكر عنده، فهم لا يزالون مُبلَّغين بالقرار السابق وعندما رؤوا التظاهرة تسير ومتّجهة باتّجاههم قاموا بإطلاق النار، هذا الأمر الرسمي الذي صدر في نهاية المطاف.</p> <p>أنا أظنّ أن الأمور أعمق من هذا، هذا الاستنتاج هو فيه كثير من التبسيط."</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: اسمحوا لي أن أعود بما انتهيت إليه في الجزء الأول في ما يتعلق باستشهاد السيد عباس الموسوي رحمه الله، نحن تحدثنا عن عملية الاستشهاد ولكننا لم نتحدث عن انتخاب الشهيد عام 92، يعني كما كانت عملية انتخاب الشيخ صبحي الطفيلي اللافتة كانت أيضاً العملية نفسها مع السيد عباس، هذا الأخير رحمه الله رفض انتخابه مطلقاً، أصروا عليه، فلم يكتفِ بالممانعة بل غادر بيروت ولاذ بالبقاع. بعد فترة لحقت به القيادة لأنه كان هناك تصميم على الاختيار والتأخر في الحقيقة أثار لغطاً داخل الحزب وحتى خارجه، إن كان البعض يتذكر هذه المرحلة، كان الشائع وحتى تم الحديث عنه في الاعلام أن هنا خلافات حادة داخل القيادة على منصب الأمين العام، يعني هناك تنافس حاد وخلافات من يصبح الأمين العام، والحقيقة ليست كذلك بالمطلق، يعني الحقيقة كانت خلاف على من يرفض أن يكون أميناً عاماً. يعني الكل يريد أن يخرج، لا أحد أراد أن يكون أميناً عاماً، الخلاف على من كان يرفض أن يكون أميناً عاما.</p> <p>المهم، في البقاع بعد حديث طويل وجدل ساخن اقترح السيد حسن نصرالله على السيد عباس وكانت بينهم علاقة خاصة، والسيد يقول كان بيني وبينه "مونة"، أن يحتكم، السيد حسن اقترح على السيد عباس رحمه الله أن يحتكم للاستخارة، المؤمنون المتدينون بشكل عام المسلمون يعرفون ما معنى الاستخارة وإن اختلفت بين هذا وذاك، قبِل السيد عباس على مضض، دخل الى غرفةٍ أخرى مغايرة أطال مدة الاستخارة بالصلاة، بالدعاء، ومن ثمّ الاحتكام الى القرآن الكريم، كانت نتيجة الاستخارة إيجابية، وبهذه الاستخارة أصبح السيد عباس الموسوي أميناً عاماً لحزب الله، هكذا ببساطة، يعني بعد تمنّع كبير هكذا ببساطة، الشيخ صبحي في القرعة والسيد عباس بالاستخارة. بصراحة يُظهر هذا الأمر جيلاً مختلفاً وقيادةً نادرة ربّما من زمنٍ آخر، ولا زالت مستمرة مع السيد حسن بلا شك.</p> <p>أما حول مجزرة 13 أيلول سبتمبر وهي مجزرة أيلول الأسود في الحقيقة، السؤال لماذا حصلت؟ ما خلفياتها؟ كيف تعرض الحزب على مدى العقود الثلاثة الى أكثر من مجزرة وإطلاق نارٍ ضده؟ والحقيقة للأسف حتى من بعض عناصر الجيش نفسه. ربّما هنا نقول ثمّة أمران، أمر لبناني داخلي وأمر خارجي، إذا وضعنا هذا الأمر في سياقه التاريخي والسياسي وحتى الاستراتيجي إذا تذكرنا أن مجزرة أيلول التي هي ضد حزب الله كانت مرتبطة بتظاهرة احتجاج على اتّفاق أوسلو، إذا تذكرنا هذا الأمر ندرك أن قرار اطلاق النار في الضاحية قد يكون متعمداً بقوة لإبلاغ رسالةً لحزب الله أولاً والى كل من يعارض مسيرة التسوية ونموذجها أوسلو ثانياً، يعني هذه مجزرة كانت بداية لمسلسل إطلاق الرصاص الحي على أكثر من حراك شعبي لحزب الله، أو لأنصار الحزب، أو حتى لبيئة الحزب العامة حتى وإن كان تحركاً احتجاجياً، يعني تحرك احتجاجي على غلاء أسعار أو غياب الكهرباء أو ليس حتى على مطلب سياسي.&nbsp;</p> <p>في حي السلم عام 2004 عندما أُطلقَت النار على المتظاهرين وقتذاك لم يكن هناك مطلب سياسي، وأنا أذكر وقتذاك أن السيد حسن نصرالله بنفسه تحدث بعد المجزرة وقال إنّ القرار باستهداف هؤلاء بإطلاق النار كان من قبل السفارة الأميركية، مذكور.</p> <p>في مار مخايل عام 2008 ناس تظاهروا من أجل قطع الكهرباء في ذلك الوقت، طبعاً قائد الجيش في حينه الرئيس ميشال سليمان ومدير المخابرات العميد جورج خوري ذهب الى السيد حسن نصرالله وقال أن الأمر كان خطأً، لكن في المحصّلة أن عناصر وضباط من الجيش أيضاً أطلقوا النار على التظاهرة، لم يحصل هذا مع أي حزب آخر وتيار آخر، عفواً وأنا أريد أن أصل الى عام 2021 عندما أُطلقت النار على مسيرة في الطيونة 2021، والمهم الذي أودّ أن أقوله في أيلول الأسود 93، في مجزرة حي السلم 2004، في إطلاق النار في مار مخايل 2008، وحتى في الطيونة 2021 حزب الله لم يردّ الفعل ولم يسقط في فخ الفتنة، تفادى حرباً أهلية عام 93 كما وصفها السيد نصرالله، اللافت الذي يستحق التقدير هنا هو ردّ فعل هذه البيئة ووعيها وانضباطها لقرارات الحزب والمقاومة وحركة أمل الشريكة الدائمة في كل ما يتعلق بإطلاق النار على بيئة المقاومة بشكل عام، كما لاحظنا في الطيونة مثلاً في 2021. وهذا بالرغم من حملات الضغوط وحملات الحصار والتشويه، نتحدث عن بيئة المقاومة، وحتى العنصرية البغيضة الفوقية المستفزة للأسف، يُشهَد لبيئة المقاومة هذا الانضباط بشكل كبير جدًا.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; في الحلقة الرابعة سوف نتحدث عن عناقيد الغضب وهذا العدوان الشرس، وسوف نتحدث عن دور الرئيس الراحل حافظ الأسد، وسوف نكتشف ما كان دور الرئيس بشار الأسد، في أمان اله.</p>