أربعون وبعد... الحلقة الرابعة

أربعون وبعد.. شهادة توثيق لمقاومة انطلقت بالحد الأدنى، وانتصرت بجدارة الحد الأقصى.. حلقات تنطلق من حديث نادر للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصراللّه، يُعرض للمرة الأولى، قالهُ قبل نحو عشرين عامًا.. نستعيده في الذكرى الأربعين لانبعاث حزب الله المقاومة، والذكرى الثلاثين لاختيار السيد نصرالله قائدًا للمسار والمسيرة..

نص الحلقة

<p>أربعون وبعد - الحلقة الرابعة</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم. في عدوان عناقيد الغضب عام 96 انكشفت حقائقٌ جديدةٌ عن قوة المقاومة في الميدان والسياسة والمفاوضات، اكتشفنا صفاتٍ جديدةٍ للسيد نصرالله القائد العسكري والمفاوض، انكشفت نوايا اسرائيل بوضوح، النهاية كانت خيبةً مريرةً على الاحتلال ونصراً سياسياً للبنان ومقاومته، وكذلك للحليف الوثيق سوريا بقيادة الرئيس حافظ الأسد الذي أدار المفاوضات بحنكةٍ اعتبرتها واشنطن إهانةً لها.&nbsp;</p> <p>في هذه الحلقة سوف نتحدث أيضاً عن العروض الأميركية المغرية التي تلقاها السيد نصرالله ورفضها، لماذا وكيف؟&nbsp;</p> <p>لكن قبل ذلك توجّهت بهذا السؤال للسيد حسن نصرالله.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>"غسان بن جدو: سماحة السيّد في الحلقة الماضية عندما تحدثنا، تحدثنا عن عدة محطات بعد تسلّمكم موقع الأمين العام، قبل أن نتحدث عن محطة عناقيد الغضب، وأنا أعود الى بعض الملفات وجدت أن استراتيجية المقاومة إن صحّ التعبير حصلت فيها نقلة نوعية بكل ما للكلمة من معنى، أودّ أن نفهم، نحن نودّ أن نفهم هل أن التطور هذا الذي حصل نوعياً في استراتيجية المقاومة هل هو ناتج فقط عن التطورات الميدانية التي اضطرّتكم الى التجديد والتحديث والانتقال؟ أم بمجيئكم كان لديكم قرار واضح بأن المقاومة لها أولوية على أي شيء آخر وبالتالي هذا يتطلّب استحداث آخر؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: بسم الله الرحمن الرحيم. أنا لا أعتقد أنّ التطور الذي حصل في حركة عمل المقاومة كان مرتبطاً بمجيئي أنا، لأنه كما تعلم بالنسبة لحزب الله ليس هناك زعيم، يعني الأمين العام ليس زعيماً، إنّما هناك قيادة جماعية، التعديل الوحيد الذي حصل هو أن الشهيد السيد عباس كان أميناً عاماً واستُشهد وأصبحت أنا أميناً عاماً ولكن القيادة هي نفسها، نفس المجموعة التي كانت تُدير. من جهة أخرى أولوية المقاومة واستراتيجية المقاومة كانت محسومة لدى قيادة حزب الله وهي خط ثابت لا يرتبط بهوية وشخصية ومميزات وخصوصيات الأمين العام أيّاً يكن الأمين العام. ثالثاً أنّ التطور الميداني، نحن نقاتل جيش، كنّا نقاتل جيشاً وما زلنا نقاتل جيشاً، هو يستفيد من كل التجارب ويدرس كل العمليات وهذا معروف عن الجيش الإسرائيلي، أي عملية تحصل سواءً كانت فاشلة أو ناجحة يأتي كبار الضباط ويقيّمون ويدرسون العملية ونقاط الضعف ونقاط القوة ثمّ يبدؤون بإجراءات، إن لم تعمل أنت في المقاومة على تطوير الأساليب والوسائل والتكتيكات بشكل دائم فإنك لن تستطيع أن تواكب تطوّر حركة العدو، وهذا ما كان يفرض على المقاومة أن تتطوّر، يعني الواقع الميداني كان يفرض عليها أن تتطور، وصولاً للمرحلة التي تحدّث فيها الإسرائيلي عن صراع أدمغة في لبنان، كما بدأ يتحدث الآن عن داخل فلسطين المحتلة.</p> <p>لكن النقطة الوحيدة اللافتة، أو الملاحظة التي قد يحصل فيها اشتباه أو يُنسَب فيها تصاعد حركة المقاومة للزمن الذي توليت فيه أنا الأمانة العامة، هو أنه نحن تقريباً من 88،89،90 كان هناك الفتنة الداخلية بين حزب الله وحركة أمل، بالتأكيد هذا أثّر على أداء المقاومة بدرجة كبيرة جداً، الى حين انتهاء هذه الفتنة كانت نهاية ولاية الأمين العام الأول، الأخ الشيخ صبحي الطفيلي، جاء السيد عباس الموسوي أميناً عاماً لم يبقَ سنة كانت المقاومة بدأت تستعيد عافيتها وبنيتها وبدأت بالعمليات من جديد، استُشهد السيد عباس، جئت أنا أميناً عاماً كانت المقاومة في الحقيقة قد استعادت بنيتها وساحتها وبدأت تتحرك، هذه الملاحظة هي التي قد توحي بارتباط من هذا النوع بين هذا الأمين العام وذاك الأمين العام. المسألة هي خارج دائرة شخص الأمين العام، وأنا أتصور أنه لو بقي الشهيد عباس رضوان الله تعالى عليه على قيد الحياة بالتأكيد كانت المقاومة تطوّرت وتحركت كما حصل إن لم يكن أفضل.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: من فضلكم حدّثونا ما هي الأساليب الأساسية التي كان لشخصكم فيها دفع في ما يتعلق بعمليات المقاومة، تفضّلتم عن تحديث الأساليب، تطوير والى آخره، أنتم كشخص..</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: أنا لا أستطيع أن أنسب شيئاً الى شخصي في الحقيقة، نحن حتى في الإطار الجهادي إذا قلنا بأنّ شورى حزب الله هي الإطار القيادي العام، الإطار السياسي العام، التي تضع الأهداف وترسم السياسات، هناك إطار جهادي خاص وهو مجموعة من الإخوة الذين يديرون العمل الجهادي وعلى رأسهم الأمين العام، لأنه بحسب تركيبتنا التنظيمية الأمين العام يرأس هذا الإطار الجهادي، فنحن كنّا دائماً نجتمع ونلتقي ويحصل تداول في هذا الإطار، يعني هذه المجموعة التي يتراوح عددها بين السبعة والتسعة أشخاص وهم من الإخوة الذين لديهم تجربة ممتازة وعريقة، وهم أيضاً شباب مثلنا كبروا وتربوا في هذا العمل الجهادي وفي هذه المقاومة، ولديهم أيضاً مستوىً عالٍ من الذكاء والنضوج، كنّا دائماً نقيّم، في الحقيقة من مميزات المقاومة الإسلامية في لبنان في مقابل العدو، هذا ما اعترف به العدو نفسه، أنها أيضاً في المقابل كانت تدرس كل عملية وتقيّم وتقرأ العدو وحركة العدو وتكتيكات العدو وإجراءات العدو، من أهم النقاط التي أُدخلَت في تلك المرحلة على عمل المقاومة أولاً موضوع ما نسميه بالرصد العبري، يعني أصبح لدينا مجموعة من الإخوة يتقنون اللغة العبرية وبدأنا نتابع الإعلام الإسرائيلي، الإذاعة، التلفزيون، غير الإذاعة العربية لا تحتاج للعبرية، الصحافة الإسرائيلية وتبيّن لنا منذ البدايات أنه يمكنك أن تفهم الكثير من خلال هذه الوسائل الإعلامية المتوفرة، لأنّ هناك يقولون كل شيء، هناك نقاشات علنية وانتقادات علنية وأيضاً دراسات علنية، فكنّا نقرأ ونستفيد ونفهم كيف يفكّر الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي.</p> <p>استفدنا من هذا الرصد ومن هذه المواكبة والقراءة لما يجري في داخل الكيان على أكثر من صعيد، منها في أداء عملياتنا، منها في الحرب النفسية، إن قلت لي ما الجديد الذي كان في التسعينيات؟ أقول لك الحرب النفسية عند المقاومة، تصوير العمليات، تصوّر أنت تنصب كميناً لدورية إسرائيلية وتتمكّن من تصوير الجنود يقتربون من العبوة ثمّ ينهارون ويسقطون على الأرض ويولولون ويبكون ويصرخون ثمّ تقدّم هذا المشهد على شاشة التلفزيون ليراها العالم والعالم العربي وشعبك الذي أنت تقاتل بين يديه، ويراها العدو. تبيّن لنا من خلال هذا العمل أنّ له تأثير عالي جداً في الاستنهاض من جهة وفي استنزاف العدو نفسياً ومعنوياً وإرادياً من جهة أخرى.&nbsp;</p> <p>فعملنا على موضوع الحرب النفسية، دخلت بشكل قوي جداً على حركة المقاومة، الرصد العبري أيضاً وفّر لنا أن نفهم ونقرأ نوايا العدو، يعني نحن لم نكن نقاتل عدو لا نعرف عنه شيئاً أو لا نعرف كيف يفكّر، لا، تعلمنا أن نتعرف عليه ونعرف كيف يفكّر وكيف يتعاطى مع الأحداث ومتى يقوم بردّ فعل ومتى لا يقوم بردّ فعل، متى يستطيع أن يقوم بردّ فعل ومتى لا يستطيع أن يقوم بردّ فعل، وهذا كان له تأثير كبير على إدارتنا للمقاومة في تلك المرحلة. هذا أهم عنوان أنا أعتقد أنه دخل على حركة المقاومة في التسعينيات.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: سماحة السيّد هل يمكن أن نقرر أن عملية عناقيد الغضب كانت من أخطر العمليات التي شنّها العدو الإسرائيلي عليكم وعلى لبنان، وأن نتائجها ربّما نؤرّخ بأنها بداية النهاية الحقيقية للاحتلال الإسرائيلي؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: نعم يمكن أن نقول ذلك، هي من أخطر ما واجهته المقاومة خلال السنوات الماضية كلها، والعدو الإسرائيلي علّق آمال كبيرة جداً على هذه العملية، يعني عندما طرح أهداف للعملية أنا أتذكر أنه في البداية قال إلغاء وجود حزب الله في لبنان، ثمّ نتيجة الصمود، هو بدأ العملية بشكل واسع جداً وعنيف جداً وكان يفترض أنه خلال الأيام الأولى سينهار البلد وينهار حزب الله ولن يتمكن حزب الله من مواصلة القتال وخصوصاً لن يتمكّن من مواصلة إطلاق صواريخ الكاتيوشا، وأيضاً كان يراهن أن نتيجة التدمير المتعمَّد والتهجير الواسع سوف يخرج عشرات الآلاف من المتظاهرين يطالبون بوقف المقاومة، يعني حزب الله سنضعه أمام ضغط شعبي، أمام ضغط رسمي، أمام عجز وفشل ميداني وبالتالي يمكن أن نفرض أهدافنا، هذه الفكرة الإسرائيلية كانت.</p> <p>هم طبعاً تفاجؤوا، أولاً على مستوى العمل الميداني حزب الله صمد بقوّة، أغلب الأهداف التي ضربوها في عناقيد الغضب 96 كانت أهداف خاطئة، يعني مثلاً خرجوا وقالوا ضربنا مئة مركز لحزب الله هذا لم يكن صحيحاً، وبعض هذه البيوت التي ضُربَت كانت مراكز لحزب الله لكن قبل عشر سنوات، يعني حتى معلوماتهم حيث تصحّ كانت معلومات قديمة. فوجئوا أنه لا، أول يوم، ثاني يوم، ثالث يوم، هو أهم شيء أول يوم، في عنصر المباغتة عندما يباغتك الإسرائيلي ويحلّق طيرانه يضرب مراكز أساسية، مخازن أساسية، يفترض أنه ضرب البنية التحتية أو ضرب البنية الأساسية للمقاومة، سوف يصعب عليها أن.. لكن في الأيام الأولى لم يطالوا شيئاً من البنية الأساسية، لا من غرف العمليات ولا مراكز الاتصالات ولا غرف القيادة ولا مخازن الأسلحة، على الإطلاق، وبالتالي كان عندنا إمكانية استمرار.</p> <p>شيء آخر مهم لاحقاً قرأناه، تعرف عندما يحدث فشل كل الناس تحمّل المسؤولية لبعضها، فبعض الأجهزة في الجيش كانت تحمّل الاستخبارات العسكرية المسؤولية، الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية كانت قد أعطتهم معلومات أن كل ما يملكه حزب الله من صواريخ كاتيوشا هو 500 صاروخ، وبالتالي إذا شنينا حرب في أسوأ الأحوال حزب الله يضرب أول يوم مئة، في اليوم الثاني مئة، لخمسة أيام، فسقف صمود حزب الله هو خمسة أيام، بعد خمسة أيام أو ستة أيام سواءً هاجمنا أو لم نهاجم لن يكون لدى حزب الله صواريخ ليضربها على المستعمرات في شمال فلسطين المحتلة وبالتالي يخرج شيمون بيريز ويقول نحن حققنا بانتصار ضخم وها نحن بقوة السلاح أوقفنا تساقط الكاتيوشا على مستعمراتنا في شمال فلسطين المحلة، وهو يكذب على الإسرائيليين، لأنه يراهن على ماذا؟ على أن صواريخنا انتهت وليس أنه أوقف إطلاق الصواريخ بالفعل العسكري الميداني.&nbsp;</p> <p>طبعاً فوجئوا أن معلوماتهم غلط، فوجئوا أن البنية لم تُضرَب، فوجئوا أن الناس لم تتظاهر، بالعكس، وسائل الإعلام عندما زارت المدارس وأماكن تجمّع المهجّرين حتى نحن عندما أرسلنا وفود كانوا الناس يقولون عليكم أن تصمدوا وأن تفرضوا معادلة تحمينا، لا نريد أن نبقى مهجّرين من الجنوب، الناس كانت تطالب بالصمود وباستمرار المواجهة ولم تكن لتضغط على المقاومة لتتراجع. الموقف السياسي بالأيام الأولى طبعاً الرسمي كان بعض الشيء مربَك، لكن لاحقاً تماسك وكان بهذا الموضوع للإنصاف للرئيس حافظ الأسد دور كبير في الموقف الرسمي اللبناني أنه عاد وقوي وتماسك بشكل مناسب.&nbsp;</p> <p>فالإسرائيليون رؤوا أنه صمد الموقف اللبناني، في الأيام الأولى كريستوفر على أساس لا يتصل بلبنان، اتصل بفاروق الشرع وزير الخارجية السوري قال له أنا مسافر الى ناحية آسيا البعيدة، وأعطاه رقم تلفون وقال له إذا احتجتني اتصل بي على هذا الرقم، لكن بعد أسبوع الى ثمانية أيام وتسعة أيام هو اضطرّ أن يأتي بدون اتصال الى دمشق وينتظر الموعد الذي يُعطى له لأن المعادلة تغيّرت.&nbsp;</p> <p>الإسرائيليون طبعاً طرحوا مجموعة أهداف في اليوم الأول، أول هدف شطب حزب الله كله، عسكر، سياسة، مقاومة، لا يريدون حزب الله، مع الأيام صارت الأهداف تنزل، نزلوا أن حزب الله كحزب سياسي يبقى لا مشكلة لكن فك بنيته العسكرية، نزلوا قليلاً أنه لتبقَ بنيته العسكرية ووقف العمليات، نزلوا قليلاً أنه إذا أراد أن ينفّذ العمليات في جنوب لبنان فلا بأس لكن لنتفاهم على موضوع الكاتيوشا. عملياً هذا الذي كنّا نصرّ عليه نحن، نحن من اليوم الأول كان طرحنا العودة الى تفاهم تموز الذي هو لا تقصفوا المدنيين والبنى التحتية عندنا فلا نقصف المستعمرات، هذا هو تفاهم تموز، الذي جرى أن هذا كُتب لاحقاً وأصبح اسمه تفاهم نيسان، لكن مع إضافات اعتراف جهات دولية بمشروعية المقاومة، هم أرادوا شطب المقاومة في اليوم الأول وبعد ستة عشر يوماً جاءت الدنيا تعترف بمشروعية المقاومة وتنظّم عمل المقاومة، وبالتالي تفاهم نيسان أسس أولاً لحماية المدنيين عندنا، أي حماية حقيقية بنسبة عالية جداً، طبعاً لا ندّعي أنه لم يحصل قصف ولم يستشهد ناس ويُجرَح ناس لكن لا يُقاس من 96 الى 2000 خلال أربع سنوات إذا أردنا أن نأخذ حجم العمليات الذي نفذناه، ردات الفعل على المدنيين عندنا لا تُقاس، فحماية المدنيين والبنية التحتية اللبنانية من جهة، من جهة ثانية أطلق يد المقاومة في الشريط الحدودي المحتل، شاحاك له تعبير عن تفاهم نيسان يقول إنّ تفاهم نيسان حمى اللبنانيين من ردّات فعلنا وحوّل ضباطنا وجنودنا الى أكياس رمل بين يديّ ملاكمي حزب الله، يعني هو كيس وحزب الله يلعب به ملاكمة في الشريط الحدودي. لذلك كنّا نحن ننفذ عمليات ونقتل جنود إسرائيليين وهم لا يجرؤون على قصف القرى والمدن عندنا والبنى التحتية خشيةً من قصف المستعمرات، وحصل أنهم قصفوا وقصفنا، يعني لم نتردد من العودة الى استخدام سلاح الكاتيوشا بعد تفاهم نيسان.</p> <p>إذاً تفاهم نيسان أعطى مصداقية كبيرة جداً للمقاومة، قدّم المقاومة كحامي للشعب اللبناني والمدنيين اللبنانيين والبنى التحتية اللبنانية، أنهى الجدال حول استخدام سلاح الكاتيوشا لأن كان هناك جدل، أنهى هذا الجدال، وأطلق يد المقاومة في المنطقة اللبنانية المحتلة، هذا بالتأكيد أسس للانتصار الكبير."</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: كان بالفعل نصراً ناجزاً وكاملا في عام 96 على مستوى عسكري، على مستوى ميداني، عى مستوى مدني، على مستوى سياسي، على مستوى إعلامي، وهذا طبعاً كان واضحاً، وهو كما تفضّل سماحة السيد بنفسه أسس للتحرير عام 2000.&nbsp;</p> <p>لكن بعض النقاط التي سنتحدث عنها الآن باختصار شديد طبعاً، أولاً ما يتعلق بالسيد حسن نصرالله بنفسه ودوره القيادي المباشر في المقاومة، طبعاً ما تفضّل به واضح لجهة دور أي أمين عام في عمل المقاومة، لأن موقع أمين العام كما أوضح يمنحه سلطة قيادة أركان المقاومة أو ما يُعرَف بالمجلس الجهادي. أساساً السيد عباس الموسوي رحمه الله أول طلبٍ قدّمه لنفسه في قيادة مسؤولية حزب الله في الثمانينيات أن يتولى هو قيادة منطقة الجنوب، أي أن يكون في صلب العمل المقاوم الميداني في غرف العمليات طبعاً.&nbsp;</p> <p>في مرحلة السيد نصرالله تولى رئاسة الأركان قياديان بارزان، الشهيد مصطفى بدر الدين السيد ذو الفقار، ثمّ تولاها الشهيد عماد مغنية، الشهيد عماد مغنية تولاها حين أصبح المعاون الجهادي للسيد حسن وكان مشرفاً على جسم المقاومة كله، العسكري والأمني والاعلام الحربي والى غير ذلك، وطبعاً الشهيد عماد كان صار عضواً في شورى القيادة التي هي أعلى هيئة قيادة واتّخاذ قرار في حزب الله.&nbsp;</p> <p>حين يقول السيد نصرالله إن هناك نخبةً قياديةً متميّزةً في هيئة أركان المقاومة فلا يظنّن أحدٌ منا أكيد أنه يجامل، طبعاً لا نعرفها ولكن نحن نتحدث بالنتائج التي حصلت، النتائج العسكرية والميدانية في أي ساحة وُجد فيها حزب الله هي وحدها تحكي وتوثّق، من لبنان الى العراق الى سوريا، وربّما الى ساحات مقاومة أخرى، نتائجها كلها من دون استثناء انتصاراتٌ ميدانية ومكاسب، وخلاصات استراتيجية هائلة بلا شكّ.</p> <p>للأمانة أيضاً حين تجلس الى قيادي من هؤلاء تكتشف أنك أمام عقولٍ جبّارة، عقولٍ مثقّفة، عقول صافية برؤاها بشكلٍ لافت جداً، لديهم قناعات راسخة لا تهتزّ بالنصر في تحقيق أي نصر وأي مكسب وأي نتيجة مرجوّة، أقلّه هذا ما يؤكده لنا مَن عرفوهم عن قرب، ليس فقط من لبنان، يعني من تعاملوا معهم على تماس حقيقي وهؤلاء من قادة الجيوش والتيارات لا سيّما فلسطينيين وعراقيين وسوريين، وإيرانيين أيضاً حدّثونا في هذه المسألة، حول نقطة أن الأمين العام في حزب الله هو أنه ليس زعيماً، رأيتم معي قبل قليل السيد نصرالله يقول الأمين العام ليس زعيماً، صحيح ربّما هذا نظرياً في السابق، لكن في حالته وهنا أقتحم تواضع السيد الكبير بالجزم وليس فقط بالإشارة، بالجزم والحسم أن السيد نصرالله بات زعيماً خارج لبنان، هو زعيم في لبنان قطعاً، ولكنه أيضاً بات زعيماً خارج لبنان، ومكانة هذا الرجل في المقاومة وفي بيئة المقاومة هي بالملايين تتجاوز منصباً اسمه الأمين العام. هو زعيمٌ بلا تردد، يكفي أن يطلب شيئاً من الجمهور غير الحزّب تنظيمياً ليستجيب له بثقة، ربّما كلنا نتذكر ما حصل في حرب تموز ماذا كان يقول الأهالي المواطنون، "فدا إجر السيد حسن"، ربّما البعض لا يفهم طبيعة هذا الكلام الذي كان يقوله الأهالي والمواطنون الطبيعيون والصافون في الجنوب والبقاع، ولكن بشكل أساسي في الجنوب والضاحية لأنهم كانت القنابل تنهال عليهم.&nbsp;</p> <p>صور السيد حسن نصرالله التي رُفعَت في العواصم والمدن والقرى العربية، رُفعَت في قلب جامع الأزهر بعد صلاة الجمعة. أنا أيها الأعزاء شاهدت بنفسي شخصاً أميركياً لاتينياً على مقربة من البيت الأبيض في واشنطن كان يحمل صورتي تشافيز والسيد حسن نصرالله، ولهذا السبب بالمناسبة انطلقت حملات، يعني من هذا الأمر نفهم لماذا انطلقت حملات تشويه مركّزة ومنظّمة وموجّهة وبعناية على خص السيد حسن نصرالله على الأقل ابتداءً من عام 2007 بشكل منظّم وواضح جداً. طبعاً تصاعدت بشكلٍ حاد مع بداية عشرية النار والسلاح الأمضى الذي استُخدم ولا يزال للأسف هو السلاح الطائفي والمذهبي. وأقول بكل وجع يجب أن نقول أيضاً إنّ تياراتٍ وشخصياتٍ إسلاميةٍ لم تكتفِ بالمشاركة والتوجيه في هذه الحملات، بل كانت من أسوأ مَن قاد هذه الحملات، والأخطر هو ترويجها كأدبياتٍ داخلية في هذه الحركات انتشرت في أكثر من بلد وساحة، وأنا بنفسي اطّلعت عليها بالمناسبة، طبعاً هذا لا يخصّ السيد نصرالله ولا حزب الله فقط بل يشمل كل مَن قاوم وواجه مؤامرة القرن الكبرى وما نسميها بعشرية النار سواءً في سوريا أو العراق وغيرهما، ومستمرة حتى في اليمن للأسف أيضاً.</p> <p>لا شكّ أنه في مرحلة التطبيع تزداد هذه الحروب الخشنة، الحروب قليلة الحياء والأدب، تزداد تصاعداً وتصعيداً وهي واضحة لدينا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; بالعودة الى مرحلة التسعينيات من القرن الماضي، حول نقطة الرصد العبري الذي أدخله حزب الله الى بنيته المقاومة كما ذكر سماحة السيّد، هذا الرصد هو بالفعل مهم وفاعل ومفيد، تطوّر هذا الجسم بشكل احترافي وتكنولوجي مهم جداً، وربّما يُخيَّل للبعض أننا نتحدث حصراً عن رصد الإعلام العبري، نعم هذا ما قصده السيد نصرالله في التسعينيات وهو مهم وما زال مستمراً وبفاعلية وبخبرة وبذكاء كبير، والحقيقة بصبرٍ استثنائي، لكن الآن لم يعد هذا الرصد مقتصراً فقط على متابعة الإعلام ولنقل الخطاب العبري ككل، أصبح حزب الله في موقعٍ يكاد يرصد الأنفاس، أنفاس وحركات وشيفرات ضباط وسياسيين ومسؤولين وغيرهم في كيان الاحتلال.</p> <p>للأمانة أيضاً ونحن نتحدث عن هذا الرصد والتطور الكبير الذي حصل وأيضاً ملاحطة الأنفاس، يجب القول إن المقاومة الفلسطينية في غزة بشكل رئيسي بات لديها قدراتٌ هائلةٌ ومحترفةٌ جداً وناجعة في هذا الرصد الإعلامي والأمني وغيره.&nbsp;</p> <p>طبعاً أنا هنا لا أخلط بين هياكل الرصد في المقاومات وبين هياكل الاستخبارية فيها، لهذه الأخيرة طبيعة عمل ورصدٍ مختلف، الجديد اليوم في هذا الإطار أنّ حزب الله لم يعد في موقع الرصد التوثيقي أو الدفاعي فقط، بات، لا أقول هجومياً، لنقل أصبح مبادراً، الحرب النفسية التي يقودها حزب الله هي حربٌ محترفة وناجحة، لكن الأساس هو أنها حروبٌ نفسيةٌ صادقة وليست كاذبة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; حول عناقيد الغضب الآن أودّ أن أتحدث عن الجانب الاسرائيلي فيها. رئيس الوزراء الاسرائيلي شيمون بيريز هو تولى المنصب بعد اغتيال إسحاق رابين، لنقل الجنرال رابين، الجنرال رابين صاحب السطوة على الجيش وصاحب المكانة التاريخية الكبيرة، تعرفون أن رابين كان هو رئيس أركان الجيش الاسرائيلي في حرب حزيران 67 أو ما نسميها نحن بنكسة 67، يعني يُنسَب لهذا الجنرال الفضل في النصر العسكري الاسرائيلي داخلياً، وإن كان وزير دفاع في حينه موشيه ديان هو من سرق الأضواء كلها في الإعلام العالمي آنذاك، المهم أن رابين صار زعيماً لحزب العمل بعد تنحي غولدمائير في 74.&nbsp;</p> <p>شيمون بيريز هو سابقٌ على رابين في حزب العمل، أساساً يُعرَف بيريز بأنه أبو المشروع النووي الاسرائيلي من خلال منصبه في ذلك الوقت كمدير عام لوزارة الأمن، وكان عمره 29 عاماً فقط، يعني يُقال أنه أبو المشروع النووي بفعل علاقاته وتواصله وتنسيقه بشكل مباشر مع فرنسا التي هي صاحبة المشروع النووي الاسرائيلي الحقيقي، وبيريز يتحدث الفرنسية بطلاقة بالمناسبة، هذا بمعزل عن أميركا. بيريز الذي قاد حملات علاقات عامة وإعلامية وترويجية على مدى عقود كان متطرفاً وصهيونياً الى العظم، على فكرة هو كان عضواً في منظمة الهاغانا الصهيونية، المنظمة التي ارتكبت أكبر المجازر ضد الفلسطينين، وبعد قيام الاحتلال عمل بيريز مع بنغوريون كمقرَّب منه.&nbsp;</p> <p>المهم، ما يعنينا هنا تحديداً حول عدوان عناقيد الغضب، بيريز كان سيخوض انتخابات الكنيست عام 96، ولأنه خلَف رابين بعد اغتياله، علماً أنهما كانا معروفين بكراهية متبادلة وبنفاق متبادل وبعدم ثقة متبادلة وللحد الأقصى، أراد بيريز أن يُظهر أنه أيضاً رئيس وزراء يشنّ حروباً وذلك ليسكب آراء الناخبين، هذا واحد بالناسبة من خفايا عدوان عناقيد الغضب للأسف، لكن لعنة المقاومة وحزب الله تحديداً أصابته في مقتل وخسر بيريز الانتخابات أمام نتنياهو، وكانت المرة الأولى والأخيرة يُختار رئيس وزراء إسرائيلي بالانتخابات المباشرة وليس من خلال الكنيست. إذاً لعنة حزب الله والمقاومة أصابت كما قلت بيريز في مقتل وخسر الانتخابات وخسر منصبه.&nbsp;</p> <p>فاصلٌ نعود بعده لاستكمال أربعون وبعد.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>فاصل</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: أهلاً بكم مشاهدينا الكرام. في هذا الجزء الثاني سوف نتحدث عن العروض الأميركية المغرية للسيد حسن نصرالله، ولكنني وجّت له سؤالاً في البداية حول العلاقة وحقيقة الدعم الإيراني لحزب الله.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>"غسان بن جدو: إيران ساعدتكم وقتذاك عسكرياً؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: الموقف الإيراني العام مفهوم هو موقف يقول أنا أقف الى جانب المقاومة في لبنان وأقدّم لها المساندة والعون والدعم دون الدخول في التفاصيل.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: سماحة السيّد في هذه المحطة بالتحديد، أنا لا أريد أن أسمّي&hellip;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: على كل حال في هذا الزمن الدول التي وقفت واقعاً خلال عشرين سنة الى جانب المقاومة بشكل أساسي إيران وسوريا، لم تُنصَف لا من الشارع العربي ولا من الشارع الإسلامي ولا من العالم، بالعكس، حتى الآن حتى الإيرانيين والسوريين عندما يتحدثون عن دعمهم للمقاومة يتحدثون ضمن ضوابط ولياقات دبلوماسية معيّنة لأنه في العرف العالمي والدولي أن تقدّم أميركا لإسرائيل مثلاً أحدث التكنولوجيا العسكرية وأحدث الطائرات الحربية والدبابات، هذا أمر طبيعي ومقبول في العالم، لكن أن تقف دولة عربية أو إسلامية لتقول أنها قدّمت للمقاومة مالاً أو سلاحاً أو خبرةً أو ما شاكل هذا الأمر فيه الكثير من الاحتياط لأنّه سيكون موضع إدانة في العالم للأسف الشديد.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: أنتم بوغتم بالعملية كلها؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله:، لا، بوغتنا بمعنى فوجئنا مفاجأة كبيرة لا، أصلاً قبل العملية كانت الأجواء متوترة جداً في جنوب لبنان، تتذكر وقتذاك صارت العمليات في فلسطين المحتلة، قدس وتل أبيب، حماس والجهاد، صار شرم الشيخ، صار أنهم قصفوا بلدة ياطَر عندنا وسقط شهداء مدنيين فنحن قصفنا مستعمرات، عادوا وضربوا ووضعوا عبوات قتلوا أطفال في برعشيت فقصفنا مستعمرات، الجو أصلاً جو متوتر الى درجة عالية جداً، لم نكن متأكدين من إمكانية شنّ عدوان لكن كاحتمال كان وارداً عندنا.</p> <p>أنا كنت أتابع مع كل هذه المجموعات، يعني فريق العمل العسكري الجهادي، فريق العمل الاجتماعي، السياسي، الإعلامي، وعلى اتصال دائم، طبعاً كنّا نعمل في الليل وفي النهار بطبيعة الحال خلال 16 يوماً، في الأيام الأخيرة الإخوة تابعوا وأنا اضطررت للذهاب الى دمشق من أجل متابعة المفاوضات التي كانت تحصل هناك، لكن بقيت من هناك على اتصال مباشر مع الإخوة وحتى مع الجبهة بشكل مباشر كنت أتواصل وأستفسر عن كل المعطيات والمستجدات.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: وحصلت عمليات عدة الى مرحلة التحرير، عدة محطات نحن سنرويها، هنا نأتي لمرحلة التحرير سماحة السيّد، حقيقةً ما حصل كان مفاجئاً بكل ما للكلمة من معنى، هل حصلت اتصالات سرية وقتذاك سواءً عبر وسيط أو بشكل ما أولاً بينكم وبين الولايات المتّحدة الأميركية وبينكم وبين الإسرائيليين عشية التحرير؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: عشيّة تحريرنا، لا أذكر ذلك، قبل التحرير بفترة كان دائماً تُطرَح أفكار وتسويات، حتى في عناقيد الغضب سنة 96 طُرحَت بعض الأفكار والتسويات من هذا النوع، لكن نحن دائماً كان لدينا طرح علني وسرّي، نحن كنّا نقول أنتم دخلتم الى أرضنا، اعتديتم على شعبنا وعلى بلدنا، يجب أن تخرجوا بلا قيد وبلا شرط، وكنّا نرفض أي نقاش آخر، وكنّا مقتنعين وواثقين بأنه سوف يأتي اليوم الذي نفرض فيه على عدونا أن يخرج بلا قيد وبلا شرط، وكانت ثقافة حزب الله وأدبيات حزب الله وقناعة حزب الله تقول أنّ الخروج الإسرائيلي بقيدٍ أو بشرط أياً يكن هذا القيد وهذا الشرط هو انتصار لإسرائيل وهزيمة للمقاومة ولو كان هناك تحرير، هذه أدبياتنا، هكذا كانت تعبئتنا الداخلية. ولذلك نحن في الحقيقة لم نكن مهيئين، رغم أنه كانت تُطرَح أحياناً هذا النوع من الأفكار علينا لكن لم نكن بحاجة، يعني أنا إذا جاءت الدنيا كلها لتقدّم لي أفكاراً من هذا النوع سواءً تحت سيف عناقيد الغضب أو جالسون في أمن وسلام فالموضوع لا يختلف، كنت أتمكن من اعطاء أجوبة سلبية مباشرة دون العودة الى شورى حزب الله أو الى كل تشكيلات حزب الله، لسبب أن هذا الأمر حاسم في حزب الله غير قابل للنقاش. برنامجنا كان، طرحنا، شعارنا، تعبئتنا، خطابنا كله يتركّز على الخروج بلا قيد وبلا شرط، حتى في الثمانينيات، النصف الثاني من الثمانينيات حصل بعض الإشكالات بيننا وبين إخواننا في أمل واحدة منها كانت حول موقفنا من القرار 425 لأننا كنّا نعتبر أن تنفيذ القرار 425 الذي يعني انسحاب إسرائيل فيه شيء من المكاسب الإسرائيلية، يا أخي بالحدّ الأدنى رائحة اعتراف بوجود دولة اسمها إسرائيل، فيه شيء من التزام بالأمن على طرفي الحدود مثلاً، لماذا نلنتزم نحن بهكذا موضوع، هم يعتدون على بلدنا وأعطيهم التزام أمني أو أعترف بهم؟! حتى ينسحبوا من أرضي يجب أن أعترف بهم؟ فحتى لو قال لنا أحد أنّ في هذا المشروع ليس شرط، فيه رائحة اسمها اعتراف بإسرائيل أو التزام أمني مع إسرائيل أو ما شاكل الموضوع لم يكن قابل للنقاش عندنا، ولذلك أي نقاش من هذا النوع لم يصل الى مرحلة الخوض به، كنّا مباشرةً نقول أصلاً لا تتحدثوا معنا في هذا الموضوع.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: أميركياً هل حصلت اتصالات أو محاولات اتصالات من الجانب الأميركي وخاصة في زمن الأمن والسلام وليس في زمن الحرب؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: هذا صار قبل 11 أيلول وأثناء اشتعال الانتفاضة في داخل فلسطين المحتلة وبعد أسر الجنود الإسرائيليين الثلاثة، صار اتصال أنا تحدثت عنه وقتذاك في بعض وسائل الإعلام كان الهاجس الأميركي كيف يحيّد حزب الله من المعادلة، بمعنى أنكم حررتم الجنوب، مزارع شبعا ليست لبنانية، أي أنّ هذا الموضوع فيه جدل ولا يستحق أن يقاتل الشخص لأجله ويُعالَج بالدبلوماسية، اخرجوا من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي وفي المقابل نجد حلاً لموضوع الأسرى اللبنانيين، باعتبار إخواننا الموجودة في السجون، نعترف بدوركم السياسي، نحن نطالب أن تدخلوا الى تشكيلات الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية، لأنه تعرف نحن موجودون في المواقع التي نأتيها من خلال انتخابات، يعني برلمان، بلديات، في الإدارات غير موجودين، فنحن نطالب أن تدخلوا الى الإدارات والحكومة، نحن نقدّم لكم مساعدات مالية ضخمة لإعادة بناء المناطق المحررة والمناطق المحرومة، نشطب اسمكم من لائحة الإرهاب لأننا منذ زمن موضوعين على هذه اللائحة كأسماء وكتنظيم، وأيضاً ستكون لكم مكانة دولية محترمة باعتبار أنتم مقاومة وحررتم بلدكم وأنتم لديكم جانب إنساني مشرق، مؤسسات وعمل تربوي وثقافي وجامعي والى آخره، يعني نحسّن الصورة ونعطيكم مكتسبات سياسية ومالية ونجد حل لموضوع أسراكم اللبنانيين، اللبنانيين فقط، واخرجوا من هذا الموضوع، يعني من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، يعني تخلوا عن الانتفاضة، أنتم متورطون بدعم بالمال، بالسلاح، بالتدريب، بنقل الخبرة، ربّما يتهموننا حتى بإدارة بعض المجموعات أو التشكيلات في الداخل، إعلامياً أنتم تحرضون على الإرهاب في وسائلهم الإعلامية وتلفزيونكم، خطابكم السياسي، كل هذا اخرجوا منه.&nbsp;</p> <p>نحن طبعاً رفضنا بشكل قاطع هذا الأمر، ونحن قلنا أنه حتى لو افترضنا أن المسائل ذات الطابع اللبناني حُلَّت، يعني خرجوا من مزارع شبعا وأنهم أطلقوا سراح الأسرى اللبنانيين، فهناك مجموعة مشاكل لا تزال موجودة، أولاً الشعب الفلسطيني مثلما نحن كنّا كلبنانيين نقول يجب على كل العالم العربي والإسلامي أن يساعدنا لتحرير أرضنا فمن حق الشعب الفلسطيني أن يطالب الجميع بمساعدته لتحرير أرضه، هذا حقه علينا أن نساعده بما نستطيع وبما يناسب وبما فيه مصلحة استمرار الانتفاضة. ثانياً التهديد الإسرائيلي الدائم للبنان، من يستطيع أن يعطي ضمانات أن لا تعتدي إسرائيل، من فترة بسبب قسطل مياه كانت ستندلع حرب في المنطقة، فلذلك نحن ما كنّا نصغي لهذا الأمر.</p> <p>بعد 11 أيلول أيضاً حصل اتصال ليُعيد نفس العروض لكن تحت سيف 11 أيلول، أنه الآن أميركا غاضبة وأعلنت الحرب على الارهاب في العالم وهي قادمة الى أفغانستان وليس معلوم من هو التالي، كان لا يزال العراق غير مطروح بشكل واضح، وأنتم على لائحة الإرهاب وسيثبّتونكم، فالعرض لا زال قائماً في موضوع المكاسب السياسية، في المكاسب الإعلامية، المال، الدعم، الى آخره، مع مزيد من التخويف والترهيب وطبعاً إحداث الاستفادة من أخطاء موجودة، يعني هم حاولوا بعد 11 أيلول للأسف الشديد أن يلعبوا حتى على موضوع شيعي وسنّي، أن في النهاية الآن الولايات المتّحدة الأميركية مشكلتها مع الإرهاب السني وأنتم غير مستهدَفين حيّدوا رأسكم ونفسكم واخرجوا من هذا الموضوع بالكامل. ونحن نفهم الموضوع ليس موضوع سني وشيعي، نحن لنا فهمنا، أستطيع أن أقول الأصيل والنقي والصافي للإدارة الأميركية والمشاريع الأميركية والخلفية الأميركية ولا يمكن أن نُخدَع على هذا الصعيد.&nbsp;</p> <p>حتى في هذا الإطار هم حاولوا أن يستفيدوا من أخطاء طالبان بحقّ الشيعة في أفغانستان، حاولوا أن يستفيدوا من أخطاء بعض الجماعات التي ما زالت تُخطئ في باكستان، قبل أيام الدخول الى مسجد وقتل عشرة مصلين من الشيعة، في النهاية يوجد أخطاء، وهذا العقل نحن في فهمنا هو ليس عقل سنّي حتى نقول سني وشيعي لأنه مثلاً بعض الذين يَقتلون، دون الدخول في التفاصيل، في البلدان العربية هنا أو هناك هم لا يقتلون شيعة بل سنّة، هي نفس عقلية التكفير والتفسيق واستباحة الدماء، لا يوجد في ذلك شيعي وسني وما شاكل.</p> <p>أنا أحب أن أقول هنا أن الأميركيين حاولوا كثيراً أن يستفيدوا من هذه النقطة، وهذا موضوع مركزي عندهم، طالما عندهم مشاريع جديدة للعالم الإسلامي للأسف الشديد هم سيعملون على الاستفادة من هذا الموضوع وأنا أخشى أن يساعدهم بعض السنّة على ذلك وأنا أخشى أن يساعدهم بعض الشيعة على ذلك أيضاً، لذلك يجب أن نكون حذرين عموماً.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: قناة الاتصال الأميركية بكم هل هي ذاتها في المرتين؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>السيّد نصرالله: هي ذاتها، لا أستطيع أن أكشفها حرصاً عليها، لأنّ القناة هي لم ترتكب بحقنا أية أخطاء، هم كانوا أشخاص يبدون حرص ومودة ونقلوا رسائل ليس أكثر."</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>غسان بن جدو: في الحقيقة قبل الحديث عن الجانب الأميركي، الكلام الذي تفضّل به السيد حسن نصرالله عن الجماعات التكفيرية هذه وعن هذا العقل، أنا أودّ أن أذكّركم هذا الكلام قبل عشرين عاماً، انظروا للنضج في ذلك الوقت والتنبّه الى الخطورة التي ربّما في عشرية انار للأسف التبس الأمر على كثيرين.&nbsp;</p> <p>لكن بالحديث عن العرض الأميركي وخصوصاً تحفّظ السيّد نصرالله عن كشف اسم مَن كان وسيطاً، هذه ربّما من الأخلاق السياسية التي تعاطى بها السيّد نصرالله والتي يتعاطى بها الى الآن وتستحق التقدير وهو يرفض ذكر الوسيط، هو طبعاً بعدئذٍ تحدّث عنه &nbsp;قبل فترة وهو جورج نادر، يعني جورج نادر كان في واشنطن وكان جزء من المؤسسة الأميركية وبعدئذٍ أصبح مستشاراً لرئيس دولة الإمارات العربية المتّحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; لكن قبل الملفّ الأميركي نعود الى نقطة مهمة تحدّث عنها السيد نصرالله وهي ما يتعلق بدور إيران وسوريا في دعم المقاومة وذلك وسط، يعني كما قال هو، هو لم يعبّر بهذه الطريقة ولكن نحن نعبّر عنها وسط جحود الشوارع العربية والاسلامية، متى كان هذا الكلام أيها الأعزاء؟ كان قبل عشرين عاماً، أي قبل سوريا، لم يتمّ التفاعل بسبب الأنظمة، بسبب النخَب، بسبب الإعلام، وأيضاً بسبب المؤسسات الدينية. هنا معلومٌ أن إيران الجمهورية الإسلامية هي الداعم الأكبر في المنقطة بل في العام كله للمقاومة ضد إسرائيل، مع الجميع إيران تتعاطى بدعمٍ غير علني، حتى الآن هي تستمرّ في هذه السياسة، أقول هنا بصراحة إنّ هذا التكتّم الدائم قد يحتاج مراجعةً من قبَل المعنيين الإيرانيين وحلفائهم، بكل صراحة، لأنه ببساطة يواجَه أحياناً بقلّة وفاء وأحياناً كثيرة بتعتيم، وقد يتحوّل سلبياً عليها حتى من قبَل شوارع وأطراف بلدان دافعت عنهم إيران بصمت أو بعدم كشف حقيقة الدعم.&nbsp;</p> <p>أنا لا أودّ أن أشرح كثيراً أو أفسّر كثيراً في هذه النقطة، يعني مفهوم تقريباً، قد ينعكس غضباً لدى الشوارع حين تصل مرحلة الضائقة الكبرى مثلاً، قد يتحوّل إنكاراً ونكراناً حتى من قبَل قياداتٍ في المقاومة نفسها، ناهيك عن قواعد هذه الفصائل، لكن يُسجَّل لطهران ولدمشق أنهما ساعدتا المقاومة من دون تبجّح ومنّة كما يفعل بعض الأنظمة مع عربٍ أشقاء.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; أما عن الأنظمة فمفهوم أن تكون ضد المقاومة ودائماً مع التشهير، مفهوم بسبب ارتباطاتها وتبعيّتها، أتحدث بشكل عام وحتى خاص في بعض الأحيان، لكن المفارقة أيها الأعزاء أننا أصبحنا في مرحلة لا نطلب فيها من هذه الأنظمة دعماً أو احتضاناً، نطلب منها فقط عدم المشاركة في الاستراتيجية الاسرائيلية ضد حركات المقاومة في لبنان وفلسطين وغيرهما، لأ هذا الأمر حاصل للأسف الآن.&nbsp;</p> <p>والله يا إخوان في حرب تموز وبمعزلٍ عن المواقف السياسية والإعلامية المحرّضة على حزب الله والمقاومة في ذلك الوقت والتي تعرفونها، كانت هناك أجهزة استخباراتٍ عربية، وأنا مسؤولٌ عن كلامي، كانت هناك أجهزة اخبارات عربية تعمل في الليل والنهار لتتجسس على المقاومة وكوادرها وقياداتها وحتى مسار شاحنة السلاح لصالح المقاومة. حتى في غزة بالمناسبة، أنظمةٌ خليجي تجسست على المقاومة تحت ستار الهلال الأحمر مثلاً.</p> <p>نحن أمام كبوةٍ لا مثيل لها من قبَل هذه الأنظمة التابعة والمطبّعة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; أما حول النخَب فهي أيضاً تتحمّل مسؤوليةً ليس فقط بسبب ارتباط بعضها بالأنظمة، فهذا قد يكون مفهوماً، لكننا نتحدث أحيناً كثيرة عن نخبٍ تدّعي أنها غير تابعة، وكم كان غريباً أنها سقطت في الفخ بل في أفخاخ في عشرية النار الأخيرة بحجّةٍ أو بأخرى، طبعاً كلها انكشفت لاحقاً لأنّ أزمات سوريا والعراق واليمن وما تعرّضت له كلها من عدوان خليجي وداخلي، حتى في فلسطين فإن المقاومة تتعرض منذ انطلاق قادرة التطبيع والتسليم لحملة تضليل وحروب نفسية.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; أما الإعلام فواضحٌ تواطؤه المحيّر في إسفافه ورداءته وتحريضه، بعض الإعلام، على المقاومة طائفياً ومذهبياً.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; طبعاً المؤسسة الدينية هي قطعاً من أكثر المؤسسات التي لعبت دوراً سلبياً ضد المقاومة بخطابها المذهبي. يا إخوان في حرب تموز ذهب وفدٌ دينيٌ سعودي الى قطر فقط للاحتجاج على وقوف الدوحة وقتذاك سياساً وإعلامياً ضد العدوان على لبنان والمقاومة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; أما حول العروض الأميركية لحزب الله والتي رفضها السيد نصرالله، رفض السيد نصرالله للعروض كان بلا تردد، هناك من يقول إن حزب الله يتاجر بالمقاومة للحصول على مكاسب ولتحقيق هيمنته، فماذا يريد حزب الله، إذا كان هدفه أن يتاجر بالمقاومة ويريد أن يهيمن على الوضع في لبنان كله، ماذا يريد أكثر من عروض أميركية تمنحه الأمن والأمان في العالم وفي المنطقة، وتمنحه المغانم والسيطرة على القرار وربّما حتى على أشياء أخرى، ماذا يريد أكثر من ذلك؟ ومع ذلك السيد نصرالله رفضها من دون تردد وحتى من دون أن يتشاور مع أحد، ببساطة تامة كما قلت في الحلقة الأولى لأن نظرته للولايات المتّحدة الأميركية هي ليست نظرة لقوّةٍ عظمى تعادي إيران أو تعادي حزب الله، بل هي نظرته أنها الرأس الأكبر للقوة الأطلسية التي لا تتوقف أبداً عن فرض هيمنتها ودعمها لإسرائيل.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp; &nbsp; &nbsp; &nbsp; في الحلقة المقبلة أيها الأعزاء نتحدث عن الجماعات التكفيرية وانتباه السيد نصرالله مبكراً جداً لخطورتها، أتحدث أكثر عن هذه النقطة. سوف نتحدث عن وفاة الرئيس حافظ الأسد ومجيء الرئيس بشار الأسد، وعن العلاقة مع المقاومة الفلسطينية.</p> <p>في أمان الله.</p>