الأطفال والتكنولوجيا

أي أثر للاستخدام التكنولوجي المفرط على الأجيال؟ ما الوصفة الأدق للتعامل مع حالات الإدمان التكنولوجي؟ كيف نجعل التطور التكنولوجي رافعة لتطور إمكانات البشر لا العكس؟ جيل "زد" وجيل "ألفا"، دراسات عديدة في الغرب ومزيد من الاهتمام الإعلامي بهما، والسبب هو الخصائص الجديدة في هذين الجيلين التي يعود سببها الأساسيّ إلى نشأتهما وولادتهما في ظلّ التطور التكنولوجي الأعلى الذي شهدته البشرية، أو كما قال البروفيسور لوتشيانو فلوريدي إنهم الجيل المولود داخل غلاف المعلومات.

نص الحلقة

<p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: مساءُ الخير.&nbsp;</p> <p>جيل "Z"وجيل "Alpha"، دراسات عديدة في الغرب ومزيد من الاهتمام الإعلامي بهما. السبب هو الخصائص الجديدة في هذين الجيلين التي يعود سببها الأساسي إلى نشأتهما في ظلّ التطوّر التكنولوجي الأعلى الذي شهدته البشرية، أو كما قال البروفيسور "كلود شان فلوردي": "إنّهم الجيل المولود داخل غلاف المعلومات".</p> <p>أيّ أثر للاستخدام التكنولوجي المُفرط على الأجيال؟ ما الوصفة الأدقّ للتعامل مع حالات الإدمان التكنولوجي؟ كيف نجعل التطوّر التكنولوجي رافعة لتطوّر إمكانيات البشر لا العكس؟</p> <p>نُناقش ذلك بالتفصيل مع الأستاذ محمد الأمين عبوب معنا من الجزائر، وهو الخبير في الإعلام والاتصال، أهلًا وسهلًا بِكَ أستاذ محمد.</p> <p>بداية لنُتابع هذا الفيديو.</p> <p>&nbsp;</p> <p>فيديو:</p> <p>ولكن بماذا يفكّر الأطفال؟</p> <p>طفلة: أنا أحبّ الأنستغرام.&nbsp;</p> <p>Ella &ndash; طفلة عمرها 7 سنوات: أنا لا أتعلّم الأشياء من أصدقائي، أنا فقط أبحث عن الألعاب على يوتيوب، ثم أقول: أوه، هذا رائع، أمّي من فضلك، هل يمكنني الحصول عليها؟ وبعد ذلك أواصل مشاهدته عدّة مرات.&nbsp;</p> <p>Scarlet- طفلة عمرها 7 سنوات: لدي جهاز ipad وألعابي المفضّلة هي Temple one two.</p> <p>طفلة: أحبّ أن ألعب لعبتي على ipad (ميلا).</p> <p>Archie &ndash; طفل عمره 7 سنوات: إذن، لديّ Kindle Fire، ولدينا أيضًا Playstation Four.</p> <p>Theo &ndash; طفل عمره 7 سنوات: في عيد الميلاد، أرغب في الحصول على Playstation Four لأنني أشعر بالغيرة، فوالديّ لا يسمحان لي بلعب Fortnite لأنها لعبة عنيفة، إنها عنيفة جدًا.&nbsp;</p> <p>Ella: أريد أيضًا أن أقدّم دروسًا تعليمية حول الماكياج على يوتيوب وأريد أن تحظى بالشهرة وأحصل على الكثير من المال منها.&nbsp;</p> <p>Scarlet: سأنفقه على الكثير من الأجهزة الإلكترونية والأجهزة المحمولة الرائعة حقًا. أعتقد إن إحدى الألعاب الموجودة على جهاز ipad الخاص بي تساعدني على تحسين أدائي في كرة القدم، وأنا أنظر إلى كل المهارات وهذا يجعلني أفضل في كرة القدم من خلال التعلّم منها.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: أستاذ محمد، الفيديو يُعطي انطباعين عن جيل "Alpha"، وهو الجيل المولود بعد عام 2010 حسب تصنيفات عِلم الاجتماع. الانطبعان هما: فائدة التكنولوجيا في تطوير بعض المهارات عند الأطفال، والانطباع الثاني هو المخاطر عليهم من الاستخدام المُفرط للتكنولوجيا.</p> <p>في رأيك اليوم أيّ الاتجاهين مُتعاظم أكثر؟ التطوير الصحّي التربوي أم الإدمان الخطر المُضرّ؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد أمين عبوب: الحمد لله ربّ العالمين، شكرًا أستاذ محمد.&nbsp;</p> <p>في الحقيقة لا يُمكن مناقشة الجانب السلبي أو الإيجابي لتكنولوجيات الإعلام والاتصال وتطبيقاتها ووسائطها من دون الحديث عن مُصطلح مُهمّ ومفتاحي الذي هو الاستخدام، طريقة الاستخدام، مُدّة الاستخدام، وتيرة الاستخدام هو ما يحكم على إيجابية أو سلبية هذه الوسائل أو التطبيقات. لا يُمكن الحُكم عليها في ذاتها، الوسيلة ليست مُفيدة أو مُضرّة في ذاتها، بل في استخدامها، في طريقة استخدامها.</p> <p>في الحقيقة نواقيس الخطر قد دُقّت منذ زمن طويل في ما يخص تكنولوجيات الإعلام والاتصال وتطبيقات الأنترنت وتطبيقات الهواتف النقّالة، لكن في الجائحة تمّ التغاضي عن الجانب السلبي حيث كان المَنفذ الوحيد للتعلّم أو للترفيه أو للاتّصال هو هذه الوسائط، لكن وبعد إنقضاء الجائحة تمّ دقّ ناقوس الخطر بشكلٍ رهيب، لأنّه تمّ الانغماس أكثر في هذه التكنولوجيات خاصة في ما يتعلّق بجيل "Z" وجيل "Alpha" اللذان لم يُعايشا ما قبل الأنترنت، لم يُعايشا حياة ما قبل الأنترنت، لهذا السبب لا يمكنهم المقارنة بين حياة من دون أنترنت وحياة تحت ظلّ هذه الشبكة، حيث أنّ كلّ مناحي حياتهم اليومية تنغمس في هذه الشبكة التي يُمارسون من خلالها كلّ مناحي حياتهم الترفيه، فهم لا يَرَون ترفيهًا من دون أنترنت، لا يَرَون لعبًا خارج الأنترنت، فقد انحصرت كثيرًا أدوارهم خارج نقاط هذه الوسائط، خاصة وأنّ الدراسات تُبيّن أنّ الانغماس الرهيب لهذا الجيل جعله لا يُفرّق بين الحياة الرقمية والحياة الفيزيائية الواقعية وبين أبعاد هاتين الحياتين.</p> <p>في الحقيقة الكثير من الدراسات تُؤكّد أنّ الكثير من الأمراض والكثير من العوائق تُعيق الحياة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: سوف نتحدّث عن ذلك بالتفصيل أستاذ محمد في ظلّ فقرات البرنامج، نحن في هذه الحلقة سوف نتحدّث وسوف نُركّز بشكلٍ أساسي على جانب المخاطر، لذلك الأسباب زائدًا السياق تُساوي الحدث.</p> <p>في الأسباب، ما هي المخاطر الجادّة من استخدام الأطفال المُفرط للتكنولوجيا؟</p> <p>وفي السياق، ما شكل العالم الذي يُحرّكه جيلا "Alpha" و "Z".</p> <p>في الأسباب، نتحدّث عن ثلاثة مخاطر ذهنية بالدرجة الأولى:&nbsp;</p> <p>تشتّت الانتباه، نتحدّث عن أثر الإدمان التكنولوجي في الانتباه والقدرة على الاستغراق في موضوع واحد فترة طويلة، هذا عامل مُهمّ وأساسي في التعلّم في كلّ الأحوال.</p> <p>القلق والاكتئاب، ماذا تقول الدراست عن الاكتئاب والقلق بسبب الاستخدام المُفرط للتكنولوجيا؟</p> <p>الحواس والإدراك، هل تنتعش الحواس والقدرات الإدراكية أم تتراجع في ظلّ الاستخدام المُفرط &nbsp;للتكنولوجيا للأطفال وحتى اليافعين وأيضًا لكبار السن؟</p> <p>هنالك رابط تُقرّه دراسات عديدة بين الاستخدام المُفرط للتكنولوجيا من جهة والنسيان أوADHD (قصور الانتباه وفرط النشاط) من جهة أخرى. تُرجع هذه الدراسات السبب الأعمّ وراء ذلك إلى أنّ استخدام التكنولوجيا يُعلّمنا عدم الصبر، ربما يُبرمج دماغ الأطفال مع الاستخدام المُفرط على قلّة الصبر، على الملل السريع، فضلًا عن النسيان وقلّة الانتباه.</p> <p>في دراسة نُشرت في الموقع الأكاديمي "science direct" عنوانها "العلاقة بين إدمان الأنترنت وحال نقص الانتباه وفرط النشاط"، تقول نتيجة هذه الدراسة أنّ ثمّة علاقة ارتباط إيجابية بين الإثنتين، بمعنى كلّما زاد النشاط على الأنترنت زادت حال ضعف الانتباه وفرط النشاط.</p> <p>أستاذ محمد، ما رأيك في ذلك الاستنتاج أو هذه النتيجة التي خلصت إليها هذه الدراسة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد أمين عبوب: أستاذ محمد، ذكرت مصطلحاً مُهمّاً وهو البرمجة، برمجة عقل الطفل على مجموعة من التغيّرات، مجموعة من المعادلات التي تعمل على إرهاق ذهن الطفل والعمل على استنفاذ صبره كما تقولون.</p> <p>أكيد أنّ ظاهرة الإدمان الالكتروني أو الرقمي لها تأثير كبير على مهارات الطفل اليومية، المهارات النفسية والمهارات الجسدية وخاصة المهارات الاجتماعية، لأنّه خاصة في الحياة الاجتماعية تمّ دقّ ناقوس الخطر كما قلنا في هذا السياق حيث يمكن الحديث عن نقطتين مهمّتين وهما:</p> <p>إدراك الطفل للمكان والزمان، من المُلاحظ في استخداماتنا اليومية كبالغين هو عدم إدراكنا للزمن الذي نقضيه أمام هواتفنا النقّالة أو أمام مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نقضي أوقاتًا طويلة ونعتقد أنّنا أمضينا دقائق أو بضعة دقائق أمامها، هذا لأنّ لدينا مرجعية لحساب الوقت، لأنّنا عشنا ما قبل الأنترنت، هم لا يعرفون الزمان بمعناه الواقعي، لا يُفرّقون بين الزمان بمعناه الواقعي والزمان بمعناه الافتراضي أو الرقمي. المكان حيث يُمكنك ملاحظة الأطفال يستهلكون محتويات الأنترنت في كلّ مكان، في السيارة، في الشارع، وينسون أنّهم في أماكن ربما تكون خطيرة أو ربما تكون غير مناسبة لهذا النشاط، حيث أنّ هناك دراسات تقول إنّ الأطفال يُحبّذون اصطحاب هواتفهم النقّالة إلى المدارس التي لا يمكن اعتبارها مكانًا مناسبًا لهذه الوسائط.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: أستاذ محمد، ما الذي يُؤثّره ذلك الاستخدام المفرط الكبير على عامل أو مؤشّر واحد بالتحديد وهو الانتباه، كيف يمكن أن يُؤثّر على حالات مثل ADHD أو ما إلى ذلك؟ هل يُؤثّر هذا الاستخدام المُفرط على إمكانية الأطفال أن يُركّزوا في موضوع واحد ويحفروا فيه عاموديًا بشكل أو بآخر؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد أمين عبوب: لديّ دراسة حول ظاهرة التنبيهات أو الـ"Notification" التي تصدر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الهاتف النقّال وتأثيرها على انتباه الطفل، على انتباه الطفل وتركيزه وإدراكه للحياة اليومية أو المُنبّهات الأخرى المُهمّة، من بينها التعليم وتعلّم المهارات اليومية، تعلّم المهارات الجسدية، وهذا له تأثير كبير على هذه الصيرورة من التعلّم التي لا بدّ للطفل في هذه المرحلة من تعلّمها، لأنّ مرحلة الطفولة هي مرحلة مُهمّة من أجل تعلّم المهارات اللغوية، والكثير من الدراسات تُؤكّد أنّ التوحّد مثلًا أو تأخّر الكلام من بين عوامل هذه المشاكل التي هي الهواتف النقّالة والاستخدام المُفرط لمواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات اللعب عبر الأنترنت والهواتف النقّالة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: ننتقل إلى جانب آخر، ماذا عن الحالات النفسية والاكتئاب التي تتحدّث عنها عدد كبير من الدراسات بسبب الاستخدام المُفرط للتكنولوجيا. نُتابع هذا الفيديو الذي يتحدّث عن أثر المشاهدة المُتتابعة للفيديوهات تحديدًا قبل النوم عند الأطفال واليافعين.</p> <p>&nbsp;</p> <p>فيديو:</p> <p>يُنشّط الإفراط مركز المكافأة الموجود في الدماغ المتوسّط حيث يتمّ فرز الدوبامين وإرساله إلى النواة المتكّئة في العقد القاعدية، إنه يستغلّ مراكز الدماغ التي تعتمد على الاستمرار والمتعة، ما يدفعنا لمشاهدة الحلقة التالية أو مجرّد مقطع فيديو آخر من مُنشئ محتوى نحبّه على بوتيوب. إن القشرة الجبهية للدماغ التي تطوّرت مؤخّرًا عند البشر هي أكثر عقلانية، وتعمل على تقييم عواقب قرارات معينة كالإفراط، وقد تتدخّل لتخبر الدماغ أنك بحاجة إلى النوم، لذلك &nbsp;ربما ينبغي عليك وقف تشغيل هذا الفيديو. إنها معركة مستمرة بين المتعة المباشرة وضبط النفس، ما يجعلنا منهكين للغاية.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: أستاذ محمد، استنادًا لهذا الفيديو، ما هي طبيعة هذه المعركة بين إفراز الدوبامين والمتعة في الدماغ والطلب الواعي من قِبَل القشرة الدماغية للتوقّف عن هذا العمل؟ وهو في حالتنا هذه مشاهدة الفيديوهات بشكل مُتتابع؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد أمين عبوب: تُوفّر هذه المنصّات أو التطبيقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي قدرًا كبيرًا من الدوبامين والمتعة والهورمونات التحفيزية، هذه الهورمونات تجعل من الإنسان شارهًا في استهلاكه لهذه المحتويات التي لا تنتهي، فهذه المحتويات هي محتويات مُختلفة، محتويات مُرعبة، محتويات مُفرحة، مُضحكة، وغاية في العدوانية وعنيفة جدًا، لهذا تجعل من العقل يُطلق أو يُفرز كميّات كبيرة لا حاجة للإنسان العادي والطفل خاصة لها في هذا العمر، لأنّ الطفل له خصائص مُعيّنة لا يُمكن تجاوزها أو لا يُمكن التغاضي عنها وهي أنّه من الواجب نفسيًا أن يكون في حال استقرار نفسي، وهذا التبايُن أو الصعود والنزول في الحواس النفسية للطفل ربما أو من الأكيد وهناك الكثير من الدراسات التي تُؤكّد على تأثيرها السلبي على أدائه النفسي وأدائه الجسدي وأدائه العملي.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: نعم، أيضًا هنالك ثمّة بند مُهمّ للنقاش وهو عالم المُحاكاة، كثيرًا ما بات يُستخدم المصطلحان، "Virtual Reality and Augmented Reality" ويعنيان الواقع المُفترض أو الخيالي أو الواقع المُعزّز. الواقع الخيالي أنت تلعب المُبارزة مع لاعب على الشاشة وتُمسك بيدك سيفًا خشبيًا على سبيل المثال، هو واقع ولكنه مُفترض. الفلتر على صورتك في وسائل التواصل الاجتماعي هو واقع مُعزّز. ما هو تأثير أن يلعب الأطفال بالنار على سبيل المثال من دون أن يروها في العين بشكل مباشر وطبيعي؟ أو أن يُمسكوا التراب من دون أن يُعانقوه في الحدائق؟ هذا السؤال بالمناسبة ليس نوستالجيا لنمط سابق في العيش بشكل أو بآخر.</p> <p>ومن ذلك أيضًا ما يقوله موقع "Neuroscience" مادة بعنوان "كيف تؤثّر "Virtual Reality" في الأطفال بطريقة مُختلفة عن تأثيرها لدى البالغين؟"، في عام 2016 في البيت المفتوح الذي أعدته "جينيفر ميلبرادت" لتعرض استخدام الطائرة من غير طيّار باستخدام الجذر وطبعًا باستخدام نظّارات وسمّاعات الواقع الافتراضي، لاحظت أنّ البالغين استطاعوا فعلها ولكن الأطفال عانوا مُشكلة في هذا الأمر.&nbsp;</p> <p>ما الذي تعنيه هذه التجربة؟ هل بدأ الواقع أستاذ محمد، الواقع المُعزّز &nbsp;والمحاكاة "Virtual Reality" يُفقدان شيئًا من التحكّم بالجسد والتحكّم بالحواس في الواقع العادي؟ بالنسبة للأطفال تحديدًا أو الأشخاص الذين وُلدوا في هذا الغلاف المعلوماتي الذين يستخدمون بكثرة النظارات والسماعات وعالم "Virtual Reality"؟ هل يُؤثّر أو ينعكس على الحواس التي تُستخدم في الحياة الطبيعية الواقعية التي نعرفها ما قبل عصر الأنترنت كما تفضلت بهذا الموضوع سابقًا؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد أمين عبوب: يُمكنني أستاذ محمد الإجابة عن هذا السؤال عبر تجربة أو حادثة حدثت لي مع إبني نزار في البيت، حيث كنت أريه صوَري وأنا صغير في مثل سنّه في ألبوم الصوّر، فكانت الصورة صغيرة جدًا عبر الألبوم، فبلقطة مُعيّنة أراد أن يُكبّر الصورة، وأدركت أنّه أصبح لا يُفرّق بين الهاتف النقّال أي أنّه يُمكنه تكبير الصورة بهذه الطريقة والصورة الواقعية أو الصورة الوَرقية عبر ألبوم الصوَر، وهذا ما جعلني أتساءل حول تأثيرات هذه الوسائط الجديدة والواقع المُعزّز أو الواقع الرقمي على حواس الأطفال حول إدراكهم كما ذكرت سابقًا للمكان، فالكثير من الدراسات أيضًا تؤكّد أنّ المُنغمسين في الحياة الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي والواقع المُعزّز لا يُحسنون التعامل مع الرياضات الجسدية ككرة القدم والرياضات الجماعية الأخرى، فالكثير من التقارير تُشير إلى هذه المؤشّرات التي يُمكن رَصْد من خلالها التأثيرات السلبية لهذه الوسائط على الأداء الجسدي أو الأداء الحَرَكي للأطفال، خاصة وأنّه في بداية ظهور الأنترنت والحواسيب الأولى ظهرت دراسات تُؤكّد على أنّ هناك تأثيرات جسدية على ظهر المستخدم، فما أدراك بالدراسات الآن التي تُؤكّد على أنه حتى رقبة الأطفال أصبحت تتأثّر بالجلوس دائمًا أمام هذه الشاشات التي تُسمّى في الدراسات المتأخّرة الإنكليزية بالشاشات المظلمة أو "Black Mirrors" في إشارة منهم إلى أنّ التأثيرات سلبية كثيرة ومُتعاظمة لهذه الوسائط.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: أستاذ محمد، أيضًا هناك تيّاران علميان، تيّار يتحدّث ويقول إنّ هذا الاستخدام المُفرط للتكنولوجيا، الانفتاح على عدد كبير من مصادر المعرفة في نفس الوقت قد يُنتج جيلًا جديدًا يتجاوز في قُدرته على أداء المهمّات بشكلٍ مُتزامن أكثر من الجيل السابق. وتيار آخر يقول إنّ الدماغ البشري، الذهن البشري، مُصمّم كي يُركّز في مسألة واحدة في وقت واحد كي يتمكّن من تعلّمها بشكل كامل ويتحكّم فيها في المستقبل بشكل أكبر. برأيك أيّ تيّار علمي من التيّارين أنت تراه الأكثر مناسبة والأكثر مُواءمة والأكثر قُربًا للحقيقة والواقع؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد أمين عبوب: أعتقد أنّ التيّار القائل أنّ هذه الوسائط تُؤثّر على تركيز الأطفال بتركيزهم على عمل واحد أو نشاط واحد أو موضوع واحد هو الأرجح لأنّ مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف النقّالة خاصة تُعلّمنا أو تجعلنا نُركّز على هذه الهواتف فقط وتجعلنا لا نُركّز مع الأحداث التي تحدث أمامنا، خاصة وأنّ الطفل وهذا من ملاحظاتي اليومية لأطفالي والأطفال المحيطين بي لا يُمكنهم التركيز مع الأمور المُحيطة بهم حيث يُركّزون كلّ اهتمامهم مع مقاطع الفيديو خاصة المقاطع الصغيرة التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي وكما ذكرت سابقًا يمكن للطفل تصفّحها بكلّ سرعة وتجعله ينتقل من شعور إلى آخر.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: من دون التعمّق فيها أو التأمّل فيها بشكل كافٍ.</p> <p>في السياق نُناقش، التنمّر الإلكتروني، بمعنى أشكال التعامل التي قد تنعكس سلبًا على سايكولجيا الأطفال والمراهقين.</p> <p>في تقرير لليونيسيف عنوانه "التنمّر الإلكتروني، ما هو وكيف يمكن وقفه؟"، تتحدّث المادة عن اجتماع بين مختصّين من اليونيسيف بالتنمّر الإلكتروني وحماية الأطفال من جهة وأعضاء من فريق فايسبوك وأنستغرام وسنابشات وتيكتوك وتويتر من جهة أخرى، للإجابة عن أسئلة شائعة بخصوص التنمّر الإلكتروني وآليات التعامل معه.</p> <p>أستاذ محمد، هل نحن أمام جيل "Alpha" أكثر حساسية أو أقل حساسية؟ مثلًا، المزاح في العموم إن جاز التعبير في الفضاء الإلكتروني إجمالًا يُثير حساسية جيل "X" و "Y"، ولكن ماذا عن جيل "Alpha" وكيف يتعامل مع ما يُسمّى التنمّر الإلكتروني؟ وكيف ينعكس هذا التنمّر الإلكتروني على سايكولوجيا الأطفال بشكل أو بآخر؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد أمين عبوب: أعتقد أنّنا أمام جيل مُختلف تمامًا عن الأجيال الأخرى، جيل مُختلف نفسيًا، فيزيولوجيًا، قَيَميًّا من حيث العادات والتقاليد وخاصة من حيث المزاح أو التنمّر الإلكتروني كما يُسمّى، وهو طريقة من الطرق التي يعتمدها هذا الجيل من أجل المزاح حسب فَهْمه، لأنّ المزاح بالنسبة له لديه قِيَم مُختلفة عن المزاح الذي عايشناه نحن أو الأجيال الأخرى. يقول "مارشال ماكلوهان": "إنّ كل تكنولوجيا تُنتج بيئة اجتماعية أو إنسانية مُختلفة"، وهذا ما نعيشه الآن، أنّ التكنولوجيا تُغيّر العادات، تُغيّر التقاليد، تُغيّر حتى طريقة المزاح كما قلتم.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: فما هو المختلف في قيمة هذا المزاح أو في شكله الاجتماعي أستاذ محمد؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد أمين عبوب: ربما يكون من حيث كما قلنا سابقًا من حيث العنف الرمزي الذي يُمثّله هذا المزاح، فمجتمعاتنا العربية أو الشرقية بصفة عامة لا تقبل المزاح الذي يعمل على السخرية من الآخرين أو السخرية من أشكالهم أو السخرية من وظائفهم مثلًا أو صفاتهم الاجتماعية أو طبقتهم الاجتماعية، بينما جيل "Alpha" الذي انغمس داخل الاتصال غير المباشر، الاتصال غير الاجتماعي أو غير الشخصي أو غير المباشر، جعله يسمح لنفسه أن يتعدّى هذه الحدود التي يرسمها المجتمع، خاصةً وأنّ الفضاء الرقمي يُخرج هذا الجيل من سياقه الاجتماعي الذي عشناه نحن الجيل الذي سبق هذه الأجيال المنغمسة عبر الأنترنت، هذا العنف الرمزي هناك كثير من الدراسات تتحدّث عن هذا العنف الرمزي وكيف قام بتغيير الكثير من العادات، الكثير من القِيَم التي كانت لا يمكن أن نتقبّلها في أجيال سابقة لكنها أصبحت مقبولة ومُستساغة الآن.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: لنصغ معًا مُعادلة اليوم، ضرر الإدمان التكنولوجي يساوي المشاكل الإدراكية زائدًا القلق والاكتئاب زائدًا تشتّت الانتباه.</p> <p>في فقرة مُقاربات، أيّ نموذج تربوي يمكن تبنّيه؟</p> <p>الصين في مطلع شهر آب شرّعت قواعد جديدة بخصوص استعمال الأطفال والمراهقين للهواتف الذكية والتطبيقات.</p> <p>فيديو:&nbsp;</p> <p>الصين: محاولات لتطويق إدمان الأطفال على الأنترنت</p> <p>- الحد من استعمال القاصرين للهاتف إلى أقل من ساعتين في اليوم&nbsp;</p> <p>- منع مَن هم ما دون الـ 18 عامًا من الاتصال بالأنترنت عبر الهاتف من الساعة الـ10 مساءً حتى الساعة 6 صباحًا</p> <p>- حظر ألعاب الفيديو للأطفال ما أدى إلى تراجع أسهم شركات التكنولوجيا ووجّه ضربة قوية للمنصّات العملاقة مثل Tencent</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: أستاذ محمد، إذا كانت الصين قد قدّمت نموذجًا في التربية في هذا الاتجاه يقوم على الحلول المركزية بالنسبة لآلية التعامل مع الأطفال بالنسبة للاستخدام المفرط للتكنولوجيا. ماذا يمكن القول عن باقي النماذج؟ كيف يمكن أن تُقدّم دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو القارّة الأوروبية نموذجها الخاص؟ ما هي خريطة أو مصفوفة النماذج التربوية المُقدّمة عالميًا للتعامل مع هذه المسألة الحسّاسة المتعلّقة بالاستخدام المفرط للتكنولوجيا عند الأطفال؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد أمين عبوب: أعتقد أنّ نموذج السلطوي المركزي الذي تبنّته الصين قد مرّ عليه الزمن وأصبح غير صالح لجيلنا هذا الذي نعيشه، وذلك لتشبّع الجيل "Z" والجيل "Alpha" بالفكر التحرّري وهذا ما نُلاحظه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.</p> <p>أما النموذج الغربي الذي يُعطي الحرية ويُعطي المسؤولية للطفل للتعامل مع هذه المحتويات وهذه الوسائط فهو أيضًا لا أظنّه مُناسبًا لجيل "Z" وجيل "Alpha".</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: ألا ترى أستاذ محمد بأنّ النموذج الذي قدّمته الصين على سبيل المثال الذي يمكن أن يكون فيه شكل من أشكال المركزية ولكنه قدّم نجاحًا في اتجاه توجيه الأطفال تربويًا، ولكن النموذج الغربي قد أودى بالأطفال إلى شكل من أشكال التفكيك، أيضًا هنالك عدد من الدراسات تطرح هذه المقاربة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد أمين عبوب: أكيد، لكن يمكن اقتراح مُقاربات أخرى، مُقاربة مثلًا مبنية على ثلاث نقاط أراها أنا شخصيًا عبر الدراسات التي أقوم بها في هذا المجال مُناسبة، أولًا هي المُرافقة، مُرافقة الأولياء لأبنائهم خاصةً من الجيل الأخير أو الجيل "Alpha" الذين لا بدّ للأولياء من مُرافقتهم في استخدامهم لهذه الوسائط وذلك باستعادة الأولياء لأدوارهم التربوية التوعَوية التوجيهية. ثانيًا اعتماد مواد ومقاييس عبر المناهج التعليمية تتحدّث عن التربية التكنولوجية أو التربية المعلوماتية، حيث وكما ذكرتم في مقدّمتكم الأطفال في هذا الجيل يغرقون في المعلومات، لا بدّ لنا من انتشالهم عبر مناهج وعبر مواد التي تُعلّمهم وتوعّيهم في هذا السياق. ثالثًا، توعية الأولياء كذلك، لأنّ الأولياء الكثير منهم في حال أميّة معلوماتية وفي حال جهل بهذه الوسائط، لهذا وَجَب توعية الأولياء من أجل استعادة أدوارهم التوعَوية والتوجيهية لأطفالهم. لا يمكن فصل الولي عن &nbsp;الطفل في هذه المشكلة، لا يمكن إعطاء المسؤولية للطفل فقط من أجل التفريق بين الثمين والغثّ في هذا المجال وفي هذا الفضاء الرقمي.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: بالتأكيد، كلّ الشكر أستاذ محمد عبوب على هذه المشاركة المُتخصّصة والقيّمة.</p> <p>أعزّائي المشاهدين على لقاء يتجدّد الثلاثاء المقبل فإلى اللقاء...&nbsp;</p>