الأفلام الدينية بين الشرق والغرب

دفعت أزمة كورونا إلى توليد الكثير من الأسئلة الغيبية التي حيّرت الإنسان المعاصر، وهوليوود رمز السينما الغربية التي برعت في إنتاج أفلام الحركة والسرعة والحروب والإستخبارات وتفوق الإنسان الأبيض الأمريكي، دخلت على خط إنتاج الأفلام الدينية وقصص الأنبياء. ومع هذه "الصحوة" الدينية الهوليوودية، بدأت السينما الأمريكية تجتذب شريحة واسعة من المشاهدين تهتم لهذا النوع من الأفلام. وقد توالت الأفلام الدينية والقوى الخارقة وغيرها... فما سر هذا الإهتمام الواسع بالأديان والدراما ذات البعد المسيحي واليهودي تحديدًا؟ كيف يبدو الإنتاج الفني الديني بينالشرق والغرب؟ وما هي الأعمال الفنية الدينية التي تركت أثرًا في المشاهد المسلم؟ وما سر اهتمام هوليوود بإنتاج أفلام الدينية؟ لقد كانت مصر تنتج مسلسلات دينية معتبرة سابقًا، لماذا توقف كل ذلك ؟ ولماذا يعمل البعض على أخد الدراما الدينية نحو المذهبية وكيف ننتج أفلاما دينية ونحن غير متفقين على تاريخ إسلامي واحد؟ لماذا تصاعد إنتاج الأفلام الدينية في الغرب وتراجع في العالم العربي والإسلامي؟

نص الحلقة

<p>المحور الأول:</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: حيّاكم الله وبيّاكم وجعل الجنّة مثواكم.&nbsp;</p> <p>دفعت أزمة كورونا إلى توليد الكثير من الأسئلة الغيبيّة التي حيّرت الإنسان المعاصر، وهوليوود رمزُ السينما الغربية التي بَرَعَت في إنتاج أفلام الحركة والسرعة والحروب والاستخبارات وتفوّق الإنسان الأبيض الأميركي دخلت على خط إنتاج الأفلام الدينية وقَصص الأنبياء.&nbsp;</p> <p>ومع هذه الصحوة الدينية الهوليوودية، بدأت السينما الأميركية تجتذب شريحةً واسعةً من المشاهدين، وكانت هذه السينما قد أنتجت في بداية 2000 العديد من الأفلام الدينية التي توالت، وأيضًا أفلام القوى الخارقة وغيرها.</p> <p>فما سرّ هذا الاهتمام الواسع بالأديان والدراما ذات البُعد المسيحي واليهودي تحديدًا؟&nbsp;</p> <p>وللإشارة، فإنّ الدراما العربية عُرفت بإنتاجها السابق للأفلام والمسلسلات الدينية التي توقّفت فجأة بسبب دخول عوامل وقِيَم جديدة على المشهد الثقافي العربي وانتشار المسلسلات المُدَبلجة والتي تُحاكي أنماطًا حياتية بعيدة كل البُعد عن الواقع العربي.</p> <p>كان فيلم فجر الإسلام يحتلّ المرتبة الأولى بين الأفلام الدينية، فالفيلم أُنتج العام 1971 &nbsp;لكنّه تراجع للترتيب الثاني أمام فيلم الرسالة الذي شكّل القوّة في الفكرة والإخراج وكان من توقيع المخرج السوري العالمي مصطفى العقّاد رحمه الله تعالى والذي قتله الإرهاب في الأردن.</p> <p>ومسلسل يوسف الصدّيق ومريم المقدّسة ومحمد رسول الله، أفلام إيرانية تَركت بصمتها في المشهد الفني العربي والإسلامي بشكل عام، وقدّم الإيرانيون نموذجًا جديدًا للدراما الدينية. ولكن كيف يبدو الإنتاج الفني الديني أو الدراما الدينية بين الشرق والغرب؟ وما هي الأعمال الفنية الدينية التي تركت أثرًا في المُشاهد المسلم؟ وما سرّ اهتمام هوليوود بإنتاج أفلام دينية؟</p> <p>لقد كانت مصر تُنتج مسلسلات دينية مُعتبرة سابقًا. السؤال، لماذا توقّف كل ذلك؟ ولماذا يعمل البعض على أخذ الدراما الدينية نحو المذهبية وكيف نُنتج أفلامًا دينيةً ونحن غير مُتّفقين على تاريخ إسلامي واحد؟</p> <p>"الأفلام الدينية بين الشرق والغرب" عنوان برنامج "أ ل م"، ويشاركنا في النقاش من غزّة الأستاذ يُسري الغول، الأديب والروائي، ومن الجزائر الأستاذ فيصل مطاوي، الإعلامي والناقد السينمائي، ومن القاهرة الأستاذ الباحث سامح عسكر.</p> <p>مُشاهدينا مرحبًا بكم جميعًا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: أستاذ فيصل من الجزائر، للأسف الشديد مع ازدحام قِيَم العولمة وقِيَم التغريب وقِيَم الفرنكوفونية والأنكلو- سكسونية، وارتماء الأجيال العربية في حظائر ثقافية مُغايرة لثقافتنا، لهويّتنا، تَرَاجع إنتاج الفيلم الديني، المُسلسل الديني عربيًا، لكن هوليوود بتعبير جريدة الغارديان هنالك تسونامي أفلام دينية في هوليوود، من أفلام نوح، موسى، إلى أفلام المسيح التي كَثُرت، إلى أفلام ما وراء الطبيعة التي كَثُرت مع أزمة الكورونا. لماذا اختلّ التوازن في إنتاج الأفلام الدينية بين الشرق والغرب في نظرك؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>فيصل مطاوي: بالفعل هو كان تراجعاً ما قد نُسمّيه بالسينما التاريخية لأنّ البعض لا يُسمّيه بالسينما الدينية، لأنّها ترتبط بشخصيات صحيح كان لها حضور في التاريخ وبتاريخ الأديان، المنطقة العربية عرفت أفلاماً دينية منذ خمسينات القرن الماضي، مثل فيلم خالد إبن الوليد لحسن صدقي الذي أُخرج سنة 1958، وثم ظهرت أفلام أخرى في ستينات وسبعنيات القرن الماضي، فجر الإسلام ومملكة سليمان والرسالة كما ذكرت لمصطفى العقّاد الذي أصبح فيلمًا عالميًا لأنّ الفيلم كانت له نسخة باللغة اإنكليزية، الفيلم أُخرج سنة 1976.&nbsp;</p> <p>ولكن بالنسبة لهوليوود، أعتقد أنّ العلاقة بين السينما وهوليوود قديمة، ظهرت منذ بداية السينما لأنّ الكنيسة الإنجيلية كانت تعتقد أنّ السينما ربما ستُفسد كما كانوا يقولون طِباع الشباب وتُغيّر التقاليد العائلية إلى غير ذلك. وبالتالي دخلت حرب بين هوليوود والكنيسة، ثمّ في ما بعد ظهر ما يسمّى بقانون "هايز" الذي ظهر في الثلاثنيات والذي كان يمنع ظهور بعض الصوَر في السينما الأميركية، وثمّ طبعًا تغيّر هذا القانون بعد الستينات وبدأت التيارات المحافظة والتيارات المسيحية تستخدم طرقاً أخرى بما فيها الدخول حتى لهوليوود بشركات تحاول التأثير، لأنّه بنظرهم السينما هي رافد كبير يمكن أن يُروِّج للديانة المسيحية بحُكم أنّ الآن الكنائس في أميركا وأوروبا وفي الكثير من الدول بدأت تُسجّل غياب الأولياء للديانة المسيحية ويعتقدون أنّه عن طريق السينما يُمكن أن نُروِّج &nbsp;للأفكار، وحتى أنت ذكرت أفلام الأكشن مثلًا "Avengers" أو "كابتن أميركا"، أفلام تحمل رسائل دينية، حتى "هاري بوتر"، الأفلام الموجّهة للأطفال تحمل بعض الرسائل المسيحية.&nbsp;</p> <p>في المنطقة العربية التراجع ربما مرتبط بعدّة اعتبارات إنتاجية لأنّ الكثير من الدول العربية والدول الإسلامية بعض المنتجين يشتكون من قلّة الموارد المالية، من قلّة المُشاهدة بحُكم وجود منصّات كبيرة مثل نتفلكس وغيرها التي تُروّج وتُقدّم أفلاماً ومُسلسلات للمشاهدين، والبعض الآخر يشتكي من حساسية الموضوع، لأنّه عندما تتطرّق إلى موضوع الديانة الإسلامية، للشخصيات الدينية، الكثير من الانتقادات تظهر مثلًا فيلم محمد رسول &nbsp;الله صلّى الله عليه وسلّم لماجد مجيدي وهو فيلم إيراني تعرَّض للكثير من الانتقادات عندما اُخرِج، حتى مُسلسل عمر لحاتم علي المخرج السوري رحمه الله كذلك تعرَّض لانتقادات رغم أنّ هذا المسلسل يُعتبر من أبهر ومن أكبر المسلسلات التي أُنْتِجَت في المنطقة العربية. وبالتالي هنالك اعتبارات إنتاجية مالية واعتبارات كذلك ثقافية، وهذه ربما قد تحدّ من إنتاج المسلسلات الدينية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: أستاذ سامح عسكر، بالعودة إلى مصر المحروسة ومصر أمّ الدنيا وأمّ الفكر والثقافة والفن أيضًا، وهنالك الكثير مما نستطيع قوله عند تشخيص الشخصيّة الثقافية لمصر، ورحم الله الأستاذ الدكتور جمال حمدان الذي كتب عن شخصية مصر وأوفاها حقّها في ما قرأت.</p> <p>كانت مصر سبّاقة إلى إنتاج الأفلام الدينية، نتذكّر شيماء، نتذكّر عُظماء الإسلام، نتذكّر رابعة العدوية، نتذكّر فجر الإسلام، الكثير من الأفلام التي توقّفت في بداية الثمانينات من القرن الماضي. أيضًا كانت سبّاقة في إنتاج المسلسلات، محمد رسول الله، مسلسلات أخرى التي شارك فيها عمالقة، بالفعل عمالقة الجيل العملاق من الفنانين الدراميين في مصر، عبد الله غيث، حمدي غيث، وكثيرون لا يُحصى عدّهم، مات الكثير منهم رحمهم الله تعالى.</p> <p>لماذا بعد كل ذلك الإنتاج الوفير تضاءلت حركة الإنتاج في مصر تحديدًا لحساب إنتاج رديء، إنتاج ساقط تستطيع أن تقول، لحساب إنتاج أيضًا قضايا لا تمتّ إلى الإسلام الحضاري بصلة، لماذا أستاذ سامح؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>سامح عسكر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلًا بك دكتور يحيى وبضيوفك الأعزّاء.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: حيّاك الله.</p> <p>&nbsp;</p> <p>سامح عسكر: كانت مصر منذ الأربعينات تبحث عن هويتّها، هذه الهوية هل كانت مرتبطة بمصر القديمة والحضارة الفرعونية؟ مع التحفّظ على كلمة الفرعونية، لأنّ الفرعونية هذه إسم &nbsp;شاع وأنا معترض عليه، ولكنني سوف أذكره لأنّه شائع. والهوية الثانية هي الهوية العربية الإسلامية أو الهوية العربية أو القومية العربية. كان هناك صراع ما بين الهويّتين، لذلك نجد مثلًا عندما ظهرت أفلام تُحاكي تلك الثقافة العربية في الستينات مثل فجر الإسلام، مثل الشيماء، مثل هجرة الرسول، كل هذه الأفلام الدينية تُحاكي الثقافة العربية أو الموروث العربي، ظهر في نفس التوقيت مثلاً فيلم عروس النيل وهو يُحاكي القومية المصرية المتّصلة بمصر القديمة أو الحضارة الفرعونية، هذا عن صراع الهويات أو خلاف المصري حول هويّته. كان ذلك يُعدّ امتدادًا للشغف المصري حول الهوية المصرية أو الفرعونية، مثلًا عندنا أعمال المرحوم سليم حسن، موسوعته عن الحضارة المصرية، عندنا العرب المصري منذ العشرينات أو في الثلاثينات كان يُعرّف نفسه بأنّه مصري وكان مرتبطًا أكثر بالحضارة الفرعونية، رأينا المرحومة مُنيرة &nbsp;المهدّية وتغنّي جدّي توت عنخ آمون ، هذا يعني أنّ هناك صراعاً، كان هُناك بحث أو استكشاف للمصري عن هويّته، هذا التفسير عن وجود لماذا وجدت تلك الأعمال في الستينات ثمّ اختفت بعد ذلك منذ أوائل الثمانينات أو التسعينات، أو اختفت نتيجة قلّة الجودة، إنما هي كانت من حيث الحجم أو من حيث الكمّ كانت موجودة بزُخم، رأينا مثلاً أربعة أعمال عن مسلسل الإمام الشيخ إبن تيمية الحرّاني، كان هناك ثلاثة مسلسلات في الثمانينات ومسلسل في التسعينات، كان ذلك يُحاكي النظرة السلفية أو الثقافة السلفية الشائعة في ذلك التوقيت في مصر، أي أن انتقلت الهوية المصرية من الهوية المصرية من صراعها بين الهوية الفرعونية أو الهوية العربية إلى غَلَبة الهوية العربية الإسلامية على الهوية الفرعونية المصرية القديمة.</p> <p>بالنسبة لموضوع غياب الإنتاج، هناك أسباب عديدة يا دكتور يحيى من ضمنها عامل الحريات، نحن لدينا مشكلة في الحقيقة في الثقافة العربية الإسلامية وهي أنّ المسلمين قد انشّقوا سياسيًا ثمّ لاهوتيًا وفقهيًا، ثمّ وجدانيًا بعد موت الرسول، هذا الانشقاق السياسي أدّى إلى أنّ هناك فرقًا متصارعة كانوا منذ صحابة الرسول أو منذ عهد صحابة الرسول، هذا الموقف أو ذلك المشهد مثلاً غير متوافر في المشهد المسيحي. رأينا في المسيحية أنّ الخلاف بدأ لاهوتيًا حول طبيعة المسيح ثم انتقل بعد ذلك للمشهد السياسي، وفي أول ثلاثة قرون في عهد المسيحية لم يكن هناك صراع سياسي أصلًا في تاريخ المسيحية، لذلك عندما يُحاكي المسيحي نظرته في الدراما الدينية أو السينما الدينية فإنّه لا يجد خلافًا كبيرًا حول أنصار المسيح أو حول حياة المسيح نفسها. إنّما ذلك العامل غير متوافر في الإسلام أو في تاريخ المسلمين، لأنّه لا يوجد صراع سياسي في تاريخ المسيحية أول ثلاثة قرون، كانت أول ثلاثة قرون في تاريخ الإسلام والمسلمين كانت هناك صراعات سياسية ورثناها نحن الآن في خلافات ما بين السنّة والشيعة.&nbsp;</p> <p>عندما نُحاكي تلك السينما أو الدراما الدينية لا بدّ من أن &nbsp;ننحاز إلى أحدها، والتراث لدينا مُشبّع بنظرات قبائلية ونظرات سياسية مُتعصّبة، من أمثال ذلك مثلًا رأينا مسلسل القعقاع بن عمرو التميمي، وهو مسلسل سوري نجح تجاريًا نعم، لكن من الناحية التاريخية أو التوثيقية هذا قائم على وَهْم، روايات المؤرّخ سيف بن عمرو التميمي، عندما نقول أنّ مسلسلًا كبيرًا وناجحًا تجاريًا مثل القعقاع بن عمرو التميمي نقول إنّه مبني على وَهْم تاريخي، إذًا هناك أزمة في العقل العربي والإسلامي هي التي أدّت إلى وجود أزمة أكبر في الوسط الفني أو في العقلية الفنية في تمثيل ذلك التراث. مَردُّ ذلك إلى غياب الحريات، مَردُّ ذلك إلى سلطة المراقبة، مراقبة رجل الدين للفن، ونحن نطالب دائمًا برفع تلك المراقبة، الشيخ أو رجل الدين المُتشدّد يا دكتور يحيى إنّه يُحرّم المصافحة ويُحرِّم كشف الوجه ويُحرّم الاختلاط ويُحرّم كشف الشعر للمرأة ويُحرّم ويُحرّم، فكيف سيقبل أعمالًا دينية تُحاكي وجهة نظر الآخر أو تنصر وجهة نظر الآخر المذهبي، لن يقبلها على الإطلاق.</p> <p>يحيى أبو زكريا: طبعًا نحتاج إلى التوافق على منطلقات التاريخ الإسلامي وهذا شبه مستحيل اليوم.</p> <p>أستاذ يُسري من غزّة الحبيبة، السينما الأمييكية كانت تُركّز إلى حدٍّ كبير على أفلام الحروب وانتصار الإنسان الأبيض الأميركي، واستطاعت هذه السينما أن تهزم القرار العربي والإسلامي بل جعلت المُشاهد العربي يُصفّق للبطل الأميركي وهو ينجو من كارثة مُعيّنة تعرّض لها.</p> <p>بدءًا من فيلم الراهبة إلى فيلم كميل كلوديل وهي أفلام دينية قُحّة، ازداد وتصاعد فعليًا إنتاج الأفلام الدينية وأنا شاهدت الكثير منها، حتى على صعيد المسلسلات، وهي أفلام تتمتّع برؤيةٍ إخراجيةٍ دقيقة، ميزانيات عملاقة، حتى فيلم نوح تعرف جلب لهم حوالة 150 مليون دولار أرباحاً. لماذا بنظرك هذا التوجّه؟ هل يمكن أن يكون العقل الهوليوودي تَديّن؟ أو لا يُريد أن يصنع أيضًا رؤية دينية بالإضافة إلى الرؤية الاستراتيجية والسياسية والغزو العام لعقول الناشئة في العالم العربي والإسلامي؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>يسري الغول: أولاً مساء الخير لك دكتور يحيى وللمشاهدين الكرام جميعًا، وشكرًا لك على طرح هذه القضايا ذات الأهمية الكبيرة.</p> <p>إسمح لي، ليست هوليوود وحدها، إذا أردنا أن نتحدّث عن تديين أو تدجين حتى السينما العالمية، أمام هوليوود هناك بوليوود، هناك نتفلكس، إذا أردنا الحديث عن الجانب الديني لدى العديد من الأفلام سواء آلام المسيح أو الخروج الذي يتحدّث عن موسى عليه السلام وغيره يجب أن نتحدّث عن أفلام نتفلكس التي تدعو إلى المثلية التي تُحاول تدمير الفطرة الإنسانية التي جُبِل الإنسان عليها.</p> <p>أعتقد أنّ الإشكالية تنبع من - كما تحدّث زميلي من القاهرة - أنّ هناك عدم وجود مساحة من الحريات، اليوم لا يوجد اهتمام عربي لإشغال هذا العقل بالعديد من الأفلام والدراما السينمائية، الهوليوودية والبوليوودية، لقضايا ليست ذات أهمية وإشغال هذا العقل فيها ابتعادًا عن الفكر الديني، ولذلك أصبح مُمنهجًا لدى العقل العربي أنّ المُتديّن هو الإرهابي المُتطرّف، الذي نشاهده في الفيلم هو القاتل وهو المجرم، ولذلك بدأ الخوف والرهبة من الأفلام الدينية، مع مسح العقل بأفلام الرسالة أو فجر الإسلام التي لا نراها إلا في مناسبات نادرة جدًا وقليلة جدًا على بعض الفضائيات.</p> <p>هوليوود لم تذهب نحو التديّن، هوليوود اتّخذت من الدين مِشجَباً لتنفيذ سياسات جديدة سيّما وأنّها تعلم أن الإنسان بفطرته يذهب نحو التديّن، بفطرته يذهب في البحث نحو الإله، لذلك هو يبحث عن الله دائمًا، هو يبحث عن السكينة والسكينة موجودة في الدين، ونحن كمسلمين اليوم نحن نبحث عن هذه الحاضنة التي للأسف كما تحدّثت حضرتك أنّ المسلم اليوم لم يجد هناك برامج ولا مسلسلات دينية بل في عمق الفكر والمنهج الإسلامي في شهر رمضان المبارك لا نجد مسلسلات دينية تُعيد هذا الإنسان إلى حِياض الدين وإلى حِياض الإسلام، بل أنّه يبحث عن مسلسلات غالبًا ما تكون هي بعيدة كلّ البُعد عن الفكر الديني.</p> <p>المساحة فارغة، أميركا تستطيع والامبريالية العالمية ومن لفّ لفّها تدجين العقول العالمية سيّما وأنّهم يمتلكون البروباغندا وأدوات الإعلام والإعلام الاجتماعي للسيطرة على هذه العقول للوصول بها إلى الغايات التي تسعى بها هذه الامبريالية إلى استعمار العقل لأنّه لا يُمكن تحرير البلدان طالما عقول أبنائها محتلة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: أستاذ يُسري لكن بالعودة إلى الإنتاج العربي، حقيقةً في السبعينات والستينات والثمانينات هي تقريبًا سنوات الربيع الفنّي على صعيد المسلسلات الدينية، وأنا راجعت كل تلك الحقبة وتسنّى لي أن أشاهد بعض الأعمال التي كان فيها عنصر الإثارة والجودة وربما بعض الركاكة في الإخراج لا إشكال، أذكر على سبيل المثال أئمة الهدى، إبن ماجا، أبناء الرشيد، أبو حيّان التوحيدي، أصحاب الكهف، الإمام أحمد بن حنبل، الإمام الغزالي، الإمام النسّائي، الفتوحات الإسلامية، كان هناك بعض المُنظّرين، وأنا استمعت إليهم في دوائر القرار العربي، قالوا إنّ هذه الأفلام أخذتنا إلى التطرّف وإلى صحوة إسلامية دمّرت البلاد العربية والإسلامية، هل هذا صحيح؟ أم لا أزالوا هذه الأفلام &nbsp;ذات البُعد العربي والإسلامي حتى يُكرّسوا الفرنكوفونية والإنكلو-سكسونية والماسونية معًا؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>يسري الغول: إسمح لي يا دكتور يحيى، إذا أردنا أن نتحدّث أنّ هذه تأخذ إلى التطرّف ماذا عن الأعمال الدرامية الأخرى والأعمال السينمائية التي تدعو إلى العنف والقتل في الشوارع، الأعمال الدرامية التي تدعو إلى الشذوذ، أعتقد أنّ مثل هذه الأعمال التي تمّت في السبعينات وفي الثمانينات وما تلا ذلك كانت أعمال تُعيد الإنسان إلى الله والإنسان دائمًا بحاجة إلى ربّه، الإنسان بحاجة إلى حاضنة تَحميه من هذا الواقع الأليم، الحياة هي دار ممر قصيرة، بغضّ النظر عن حجم الكتابة أو التدريب على تطوير السيناريو وفي غيره نحن دائمًا نبحث عن ملاذ، للأسف إذا كان هناك مَن يتحدّث عن أنّ مثل هذه الأعمال تدعو إلى التطرّف يعني هناك المتطرّفون الحقيقيون ذهبوا بعقول أبنائنا &nbsp;للتحريم والتكفير من خلال الابتعاد ومن خلال عدم الخوض في الأعمال الدرامية التي تحدّثت سواء عن إمام الدُعاة أو عن فجر الإسلام أو عن الرسالة أو عن الشيماء وغيرها.</p> <p>هناك جهات كثيرة تعمل على تدمير العقل العربي وتعطيله إمّا بالانسحاب من مُربّع التديين، التديين الفطري السليم البسيط الذي شاهدناه في كثير من الأعمال سواء في دول عربية أو حتى في إيران وفي أوزباكستان وغيرها، وإمّا أن يذهب نحو التطرّف ونحو العنف. أعتقد إنّنا نحن إذا أردنا الحديث في تلك الفترة لم تكن هناك عوْلَمة بشكل موجود كما هو اليوم، لا توجد وسائل تواصل اجتماعي، اليوم يتمّ للأسف اغتيال عقول أبنائنا، وأنا أقصد بالاغتيال بالفعل يتمّ تدمير هذا العقل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، اليوم الجوّال في يد الولد والفتاة أنت لا تستطيع أن تتحكّم به ولذلك هو يُشاهد التيكتوك ويشاهد الفايسبوك وغيرها ويُشاهد الكثير من الأشياء التي تخالف الفطرة وتخالف العقل وتخالف الدين، ولذلك يذهبون به إمّا إلى التطرّف وإمّا إلى السفور والمجون الكبير الذي يصعب العودة به إلى المربّع السليم، المربّع القويم القادر على صناعة إنسان وازِن ينطلق من خلاله نحو تحرير عقله ثمّ تحرير بيئته وتحرير وطنه، لأنّ هدف الاستعمار ليس فقط المتعة لإمتاع العقل وإنمّا تدمير العقل العربي، وأنا أقول إنّ هذا الفعل هو فعل مُمنهج للمنطقة العربية أكثر من أيّ منطقة أخرى.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: طبعًا اليوم العقل العربي تحطّم فعليّا والقِيَم تحطّمت ولا داعي للمجاملات أننا خير أمّة، حتى إذا أقررنا بذلك فقد كُنّا في الماضي، أمّا اليوم فنحن أسوأ أمّة للأسف الشديد، غزونا، دكدكونا، دمّرونا، سرقوا أجيالنا، سرقوا بناتنا وأبناءنا، وأخذوهم إلى حظائر ثقافية جديدة، إلى عولمة ساحقة ماحِقة دمّرت الهوية العربية والإسلامية بالكامل، وعلى رأس هذه الهوية اللغة العربية التي ذُبِحَت رحمها الله من الوريد إلى الوريد.</p> <p>مشاهدينا فاصل قصير ثم نواصل فابقوا معنا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>المحور الثاني:</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: مُشاهدينا أهلاً بكم من جديد، مَن أدرك حلقتنا الآن نحن نُعالج ظاهرة إنتاج الأفلام الدينية بين الغرب والشرق، بين شرقٍ تَقَاعَس وتراجع ولم يعد يُنتِج جديدًا بل يستوعب ويَقتبس من هنا وهناك، وغربٍ بدأ يعود إلى ذاته نوعًا ما وفق رؤيته، وفق استراتيجيته.&nbsp;</p> <p>أستاذ فيصل مطاوي، السينما الإيرانية أنتجت بعض الأعمال التي مازالت تُدَغْدِغ المشاعر الطيّبة في العالم الإسلامي، يوسف الصدّيق عليه السلام، مريم المقدّسة، محمد رسول الله، أصحاب الكهف وأعمال كثيرة، نبيّ الله سليمان، نبيّ الله موسى يُقال أنّه بصدَد الإخراج، لكن هذه السينما رُغم أنّها دُبْلِجَت وتُرْجِمت أيضًا إلى اللغة العربية، ظلّ القلق المذهبي تجاهها، علمًا أنّ كبار المُمثّلين في العالم العربي وأنا سمعت من المرحوم نور الشريف رحمه الله يتغنّى بمسلسل الصدّيق يوسف عليه السلام ويقول يا ليتني كنت في هذا العمل. إلى أي مدى استطاعت السينما الإيرانية أن تسدّ فراغًا اليوم في المشهد الفنّي العربي والإسلامي؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>فيصل مطاوي: بالفعل السينما الإيرانية حتى خارج الأفلام الدينية هُناك أفلام كذلك وصلت إلى كُبريات المهرجانات، مهرجان كان، مهرجان البندقية، وتورونتو وبرلين وغيرها، لأنّها أفلام تحكي عن المجتمع، تتحدّث عن مآسي الناس، عن الإنسانية، أفلام فيها الكثير من الجمالية وكثير من الإبداع على كل الأصعدة سواءً بالنسبة للصورة، بالنسبة للصوت، حتى بالنسبة لأداء الممثّلين، السينما الإيرانية سينما تُعْتَبر من أجود الأنواع السينمائية في منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحالي وهذا منذ عدّة سنوات ولعدّة اعتبارات.&nbsp;</p> <p>طبعًا هناك مَن يتحسّس بالفعل، مثلًا عندما ظهر مُسلسل يوسف كان هناك كثير من الانتقادات حتى هنا في الجزائر في الصحافة وفي غيرها لأنّ البعض يعتقد أنّ هناك أموراً غير صحيحة وأخرى لا يجب أن تظهر لأنّه كما تحدّث الإخوة من القاهرة ومن فلسطين حول موضوع الحريات موضوع هام جدًا لأنّه عندما تتناول موضوع الأفلام الدينية فعليك أن تحتاط وهناك خطوط حمر لا زالت موجودة إلى اليوم في المنطقة العربية وفي الدول الإسلامية، خطوط حمر موجودة بالمناسبة حتى في الدول الغربية، عندما خرج فيلم " the last temptation of Christ&rlm;" لـ " Martin Scorsese"، انتُقِد وحتى هناك مَن دخل إلى قاعات السينما وحاول وقف الفيلم.</p> <p>الموضوع الديني فيه الكثير من الحساسية، وبالفعل السينما والمسلسلات الإيرانية لاقَت رَوَاجًا كبيرًا مثل محمد رسول الله، حتى &nbsp;مُسلسل مملكة سليمان لشهريار بحراني الذي لاقى رواجًا كبيرًا لأنّ السينما الإيرانية هناك آليات صناعة سينمائية، السينما ليست فقط كلاماً أو حوارات أو سيناريوهات أو حتى نظريات، السينما كذلك تحتاج إلى آليات، إلى تقنيات، إلى استديوهات، إلى ممثلين، إلى تكوين مدارس سينمائية، ماذا عن المدارس السينمائية في المنطقة العربية التي هي قليلة بالنسبة للتكوين؟ ماذا عن الموارد المالية كذلك؟ مع فكرة أنّ هناك تحطيماً، أردت أن أرّد على جزئية تحطيم الفكر العربي، أعتقد ما هو الأمر الذي يمنع الجامعات العربية والمُبدعين العرب والاستديوهات، هناك شركات كبيرة في المنطقة العربية لها إمكانيات كبيرة، ما الأمر الذي يمنعها من أن تُنتِج وتُواصل الإنتاج وأن تُدَبْلج وتذهب إلى المنصّات مثل نتفلكس لعرضها، صحيح أنّ هناك شروطاً لأنّ المنصّات تضع بعض الشروط وأتّفق مع الأخ من فلسطين بالنسبة لبعض القِيَم الموجودة، لكن علينا أن ندخل هذه المعركة لأنّ هذه الأفلام الهوليوودية ليست مُوجّهة فقط للمنطقة العربية بل مُوجّهة لمناطق أخرى أيضًا، ماذا عن إفريقيا وبعض الدول الآسيوية، ولماذا لا نذهب إلى شراكات مثل إنتاج مشترك بين إيران والدول العربية، هناك شركات ممكن أن تعمل مع بعض خاصة إذا كان الموضوع إظهار صورة جميلة عن الديانة الإسلامية لأنها تظهر بطريقة بشعة في الأفلام الهوليوودية، الرجل العربي والرجل المسلم هو رجل يظهر دائمًا كأنّه عنيف وإرهابي ويكره الآخر ويكره المرأة ويُعنّف الأطفال إلى غير ذلك، فتغيير هذه الصورة يتطلب جهداً كبيراً وكبيراً جدًا حتى يتطلّب إرادة سياسية كذلك.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: أستاذ فيصل أشرت إلى موضوع الرأسمال والعالم العربي والإسلامي غنيّ بحمد الله، نحن عندنا فائض أموال لكن عندنا فائض لصوص أيضًا للأسف الشديد.</p> <p>أشرت إلى موضوع الإنتاج والتقاعُس عن الإنتاج، دعنا نبقى في الجزائر مثلاً، الجزائر فيها إرث ثقافي ومقاوم وحضاري قلّ نظيره في العالم العربي، ولدينا شخصيات عُلمائية وعلمية وفكرية وإسلامية قلّ نظيرها، لماذا كان الإنتاج الديني في الجزائر شبه مَعدوم، مثلًا أين مسلسل عن الشيخ عبد الحميد بن باديس، أنا رأيتُ عملًا بهذا المعنى لكن العمل لم يكُ متكاملًا بل أساء إلى بن باديس، أين مسلسل عن الشيخ الإبراهيمي، البشير الإبراهيمي، أين أبو اليقظان، أين الأمير عبد القادر الجزائري، أين صناديد الثورة الجزائرية الذين علّموا الأحرار المقاومة، لِمَ لم تُصرف وزارة الثقافة الجزائرية على الأفلام ذات البُعد الديني والعربي بينما تُعطي لمطربة عربية قادمة إلى الجزائر مليون دولار ومليوني دولار؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>فيصل مطاوي: أولًا للثقافة عدّة روافد بما فيها الموسيقى والغناء والأدب وغيرها من التعابير، صحيح هناك تأخّر، بالنسبة لتاريخ الثورة ثورة التحرير في الجزائر التي كانت ضدّ المستعمر الفرنسي هناك عدّة أفلام ظهرت منذ ستنيات القرن الماضي، أفلام تحدّثت عن مقاومة الشعب الجزائري ضدّ المستعمر الفرنسي، أفلام مثل ريح الجنوب، مثل ريح الأوراس، مثل دورية نحو الشرق، مثل إبن بلعيد، مثل لطفي، وفي المدة الأخيرة كانت هناك أفلام حول بعض الذين قادوا ثورة التحرير في الجزائر.&nbsp;</p> <p>وبالنسبة لعبد الحميد بن باديس كان هناك فيلم أخرج منذ عدّة سنوات وكان المخرج سورياً باسل الخطيب، صحيح أنّه تقنيًا وفنيًا كان الفيلم محدوداً وكان من هذا الفيلم أخرج مسلسلاً، هناك تأخّر كبير في هذا السياق ربما لعدّة اعتبارات، الجزائر مرّت بفترة عصيبة في تسعينات القرن الماضي كان هناك عنف شديد وهناك تغييرات سياسية، كان هناك تغيير في التصوّر، وبالتالي الآن هناك رغبة حسبما علمنا وسمعنا من الرئيس عبد المجيد تبّون ومن الحكومة في إخراج فيلم حول الأمير عبد القادر، هذا الفيلم هو مشروع قديم بالمناسية، كانت هناك عدّة سيناريوهات ظهرت منذ سنوات ولكن الآن هناك اتفاق على أنّ شخصية الأمير عبد القادر الذي يُعتبر في الجزائر كمؤسّس للدولة الجزائرية المُعاصرة وكان له دور كبير حتى عندما كان في دمشق والمصالحة التي قام بها بين المسيحيين والمسلمين في تلك الفترة وكثير من الكتب لأنه هو رجل دين وأديب وشاعر ورجل دولة وحارب المستعمر الفرنسي الذي حاول أن يُشوّه صورته حتى اليوم، تُلاحظ ما يُنشر ويُبثّ في فرنسا حول شخصية الأمير عبد القادر تجد فيها الكثير من الأكاذيب لأنّ هناك في السينما جانباً خيالياً ولكن هناك مَن يُروّج وفيه بعض الدعاية، هناك رغبة بإنتاج هذا الفيلم الذي ربما سيكون بمقاييس عالمية وهناك شركة أُنشِئت له وفي انتظار أن يكون هناك اهتمام بشخصية الإبراهيمي وعبد الحميد بن باديس وغيرهما من الشخصيات التي كان لها دور كبير في تاريخ الجزائر.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: أستاذ فيصل، ونحن كعرب ومسلمين عندما نتقاعس عن تقديم عُظمائنا، تقديم شخصياتنا المؤثّرة في الحياة الثقافية والإسلامية، سيلوذ الغرب حتى بسرقة هذا النتاج، أنت تعرف أن الاتحاد الأوروبي يُموّل أفلاماً عن الجزائر وقد أساءت إلى الجزائر إلى أقصى درجة.</p> <p>أستاذ سامح من مصر الحبيبة، الصورة اليوم هي الأساس في المعرفة، سابقًا كُنّا نقول قال إبن خلدون، قال الزمخشري، قال الفراهيدي، قال أبو الطيّب المتنبيّ، اليوم انتهى ذلك العصر رحمه الله تعالى وأُبّن، القراءة ماتت في العالم العربي، بقيت الصورة، الصورة هي الفاعل الأساسي للأفكار والمسارات ولذلك الغرب عندما سرق الصورة استطاع أن يُكوّن ثورات ملوّنة، أن يُحرّك المياه الراكدة في العالم العربي. لماذا نحن نُهمِل موضوع الصورة؟ وفي موضوع أيضًا إنتاج صورة تنسجم مع قِيَمنا وهي الصورة التي قد تُؤثّر على الأجيال العربية الذاهبة إلى التغريب، لماذا هذا التقاعُس، هل هو قرار سياسي أيضًا؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>سامح عسكر: نحن نمرّ بعدّة مشاكل يا دكتور يحيى، من أهمّ هذه المشاكل هي غياب الحريّات عن العمل الدرامي أو العمل الفني، هذه الحريات لا بدّ من توافرها كشرط أساسي للإبداع يا سيّدي حريّة الكاتب، حرية المؤلّف. الأمر الثاني من ضمن الشروط لا بدّ من أن تكون هناك سينما أو دراما مدعومة ماليًا، الدكتور العزيز مُراد وهبة في كتابه "جرثومة التخلّف" كان يُشير إلى نموذج يُسمّى بالبرجوازية الطُفيلية، هذه البرجوازية الطُفيلية كانت تعني في مفهوم الدكتور مراد وهبة هؤلاء رجال أعمال ذوو رؤوس أموال لكن يُنفقون أموالهم في أعمال تجارية ربحية بعيدة عن التنوير وبعيدة عن الفكر وبعيدة عن الاستنارة، نحن نرى أنّ الوظيفة الأولى للفن هي الاستنارة لأنّ مهمة الفنان هي تبسيط المفاهيم وشرحها، هي معالجة الأخطاء والعيوب، هي البحث عن الحقائق، إذا غابت كل هذه الإشكاليات أو إذا غابت كل هذه الأمور عن الفن فنحن لسنا أمام فن في الحقيقة بل نحن أمام عنصر هدم.&nbsp;</p> <p>أنا أشير إلى مصطلح هام جدًا قد أشرت إليه في كتابي "إيران والخليج تحديات وعقبات" أشرت إلى عنصر قوي جدًا في الثقافة الإيرانية وأعتقد أنّ ذلك العنصر هو السبب في نموّ ونهضة السينما والدراما الإيرانية الدينية بالخصوص، هؤلاء ليست لديهم حساسيات كثيرة في التصوّر الديني الدرامي وهذا يعود إلى مسألة فلسفية في القومية الإيرانية نفسها التي توارثتها من الثقافة العربية والإسلامية ومن الثقافة الزردشتية القديمة في العصر الأخميني وفي العصر الساساني، إنهم كانوا يُقدّمون أنفسهم على أنهم مكافحون للأقوى، صراع النور والظلمة يا سيّدي، هم يقولون عن أنفسهم على أنهم هم النور يُقاومون الظلام، هذه النزعة التي هي تعني مُكافحة الأقوى تبحث عن الحريات، تبحث عن الوسائل في التعبير عن نفسها، لا تبحث عن الممنوعات أكثر، البحث عن الممنوعات هو رافد أو صِفة شخصية من صفات الشخصية السلطوية، الشخصية السلطوية تُريد أن تمنع، تبحث عن التحريم أكثر ما تبحث عن الإجازة وعن الحريات.&nbsp;</p> <p>نحن نريد أن نقول أمراً هاماً، لا بُدّ من أن يكون هناك عنصر الحريات أولًا، وأنا ضربت المثل الإيراني لكي أشير إلى نقطة مهمة جدًا، نحن في عصر الثمانينات أنتجنا في مصر ثلاثة مسلسلات عن إبن تيمية الحرّاني وهو إمام مُتشدّد، كان يُفتي، كانت له بعض الأعمال الرائعة لكن في غالبية أعمال إبن تيمية كان يُفتي بالقتل وبالتكفير، هذا كان في الثمانينات يا سيّدي يُلمّعون في إبن تيمية الحرّاني، وفي التسيعنيات أنتجوا مسلسلاً رابعاً أيضًا عن إبن تيمية، في ذلك العصر في الثمانينات كانت إيران تعرض مسلسلات عن أئمة الفلسفة والعلم أشهرها مسلسل إبن سينا، عندما كانوا هم مهتمّين بإبن سينا نحن كُنّا مهتمّين بإبن تيمية، لذلك انظر نحن العرب وصلنا إلى أين ولا يوجد تقدّم في العلوم الذريّة مثلًا، بينما إيران شارفت على صنع القنبلة الذريّة ولديها حضور في التصنيع العسكري.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: لكن أستاذ سامح، هنالك سرّ سوف أُدلي به أمامك، وأنا لي علاقات ببعض وزارات الإعلام العربية فأسأل بشكل بسيط، أنتم لماذا تشترون الإنتاج التُركي الساقط، يعني فقط أفلام العشق الحرام والحبّ الحرام والحبّ الصاعد والحبّ الساقط، قال نحن نريد أن نُرفّه على شعوبنا، على مشاهدينا، يعني كأنّ هنالك قرارًا سياسيًا لشراء إنتاج فني ساقط، مثل مسلسل إبن سينا مَن ذا الذي رآه؟ لا أحد، وأنا شاهدته واقعًا وهو جميل ورائع، غير أنّني أُشكل على الدبلجة، أحيانًا الإيرانيون عندهم خلل في اختيار مَن يُدبلج مسلسلاتهم، يعني يُسيء للغة العربية أكثر ممّا يخدمها، فإذًا هناك قرار سياسي بتعفين الثقافة، بتدمير الثقافة، بقتل القِيَم الجميلة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>سامح عسكر: الأصل في ذلك يا دكتور يحيى هو موضوع غياب الدعم، أنا لي رواية إسمها "نهاية الشك" كنت أريد أن أحوّلها إلى عمل درامي وعرضتها على أكثر من داعم وجدتهم يطلبون مني مبلغ 200000 جنيه مصري، أنا المؤلّف وطلبوا مني 200000 جنيه، يعني لا يوجد هناك داعمون، الدولة لا تدعم، حتى الأعيان لا يدعمون، تطبيق حرفي لمفهوم البرجوازية الطفيلية الذي عرّفه الدكتور مراد وهبة حفظه الله.</p> <p>موضوع غياب العمل السينمائي العربي الديني مردّه إلى غياب البديل، الفن العربي انحطّ كثيرًا من حيث المحتوى ومن حيث الجودة، نحن نصنع أعمالًا فنيّة تجارية أكثر ما هي تُحقّق العنصر الفني، أحد النجوم منذ أيام خرج ليقول أنّ أعمالًا فنيّة مصرية كثيرة نعرضها على جائزة أوسكار فتُرفَض، لماذا أوسكار يرفضون الأعمال الفنية المصرية يا سيّدي وهي التي حازت على بعض الجوائز في الستينات والخمسينات؟ كنا روّادًا في ذلك المجال، انحطاط ذلك المجال أو انحطاط تلك الصناعة صناعة السينما في مصر مردّه إلى غياب البديل، لماذا؟ لدينا حركة اعتزال فنيّة كبيرة جدًا حدثت في الثمانينات والتسعينات كان يُقصد بها تدمير العقل المصري، تدمير الوسط الفني المصري، خرج أُناس ضعفاء، خرج أناس تُجاريون، خرج أناس يبحثون عن شبّاك التذاكر أكثر ممّا يبحثون عن القيمة الفنية، هنا الفيصل، عندما يكون الفنّان مؤمناً برسالته سيُبدع، عندما يدخل وهو غير مؤمن برسالته ولكنه يقصد الربح &nbsp;سيفشل، ونحن فاشلون يا سيّدي لهذا السبب.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: أستاذ يسري، بالعودة إلى سياسة التعفين في الوطن العربي، يبدو أنّ حصوننا مُدكدكة بالكامل، هنالك من يُعلن حال طوارئ لسقوط القِيَم، لضياع الجيل، لغزو قِيَم العولمة لأجيالنا، لاجتياح عقولنا، لكن بالمقابل لا نقوم بالتحصين، لا نقوم بالتحصين ، المُلقي الوحيد اليوم هو الغرب، ومَن قال غير ذلك فهو غير مُتمكّن من الحقيقة حتى لا أقول هو كاذب، المُلقي الوحيد هو الغرب، هوليوود تُنتج فيلماً يراه المصري والجزائري والفلسطيني والكويتي والسعودي، في نفس الوقت، في نفس الأسبوع، بحيث يجتاحون المنطقة العربية برمّتها، ألا ترى أنّ دوائر القرار السياسي والثقافي في العالم العربي قصّرت في إنتاج ثقافة مُحصّنة للأجيال؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>يسري الغول: إسمح لي أن أقول لك، أبدأ من حيث انتهيت، ألا تعرف يا عزيزي أنّ نسبة ميزانية وزارات الثقافة العربية في جميع البقاع العربية لا تتجاوز 1% من ميزانية الدول، على سبيل المثال ميزانية وزارة الثقافة الفلسطينية نصف من الـ1 في المئة، ماذا تنتج؟ إذا أردنا أن نتحدّث عن البديل كما تحدّثت حضرتك الغرب، ماذا يُشيع الغرب خلال أفلامه الهوليوودية، خلال الدراما، خلال السينما؟ على سبيل المثال الإنسان الفلسطيني إرهابي وقاتل ومجرم، الرواية الفلسطينية مَن يدعم الرواية الفلسطينية؟ ولذلك تتمّ البروباغاندا العالمية التي تقودها الامبريالية العالمية والصهيونية العالمية وتسويقها إلى العالم على أنّه مثلًا الفلسطيني الذي يُطالب بحقّه هو إرهابي، يأتي الفلسطيني في قطاع غزّة المُحاصر لإنتاج العديد من الأفلام &nbsp;التي تمّ عرضها على بعض الفضائيات الإيرانية والسورية والغزيّة ولا تجد مَن يُموّلها، الممثل أحيانًا يحصل على راتب زهيد جدًا، المخرج والمنتج لا يجد مَن يموّله، ولذلك بالتأكيد يتّجه المشاهد العربي إلى الأعمال الهوليوودية علمًا أنّ لدينا العديد...</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: أستاذ يسري، مادمت في فلسطين فقط أرجو أن تشرح لي هذه النقطة، في المسلسلات الأميركية - الصهيونية دائمًا يُقدَّم الفلسطيني على أساس أنّه عميل سريع التعاون مع الموساد بمجرّد أن يعرض عليه الموساد عملًا يقبله على حساب المجاهدين الفلسطينيين، خذْ على سبيل المثال مُسلسل "Fauda" الذي للأسف يُقدّم الفلسطيني أنه عميل، كيف نردّ على هذه الهجمة إذًا؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>يسري الغول: للأسف يا دكتور يحيى أحيانًا يأتي مَن يرد بنفس الطريقة وبنفس الفكرة على الاحتلال وكأنّه يتماهى مع الاحتلال لأنه يجد الدونر والمُموّل الغربي، وهذا ما حضرتك تحدّثت به، للأسف الفلسطيني الحرّ المُقاوم الذي يمتشق البندقية والذي يسير كما قال فتحي الشقاقي رحمة الله عليه أنّ المثقّف هو أول مَن يُقاوم وآخر مَن ينكسر وكما قال باسل الأعرج إذا أردت أن تكون مُثقفاً يجب أن تكون مقاومًا، اليوم هذا لا يجد له مَن يُموّله، ولكن في المقابل نجد أنّ العديد من الجهات المحلية والعربية تجد تمويلًا غربيًا إذا تَماهت في أفكارها مع السياسة العالمية التي تدعو إلى التطبيع مع الاحتلال والتي تدعو إلى نَبْذ المقاوم الفلسطيني وللأسف المقاوم الفلسطيني عزيزي يدفع ثمن ما يكتبه وثمن ما يعرضه من أفلام سينمائية ومن دراما يدفع ثمنه للأسف من عدم قدرته على الخروج من وطنه للمشاركة في مهرجانات وفي فعاليات وعدم القدرة على الحصول على راتب يقيه شرّ مسألة الناس، ولذلك ما نراه اليوم أنك أمام خيارين إما أن تتماهى مع الامبريالية والاستعمار العالمي لتكون جزءاً من هذا القطيع وإمّا أن تكون حرًا فتدفع ثمن هذه الحرية، ويمكن نحن في هذا السياق الفلسطيني في غزّة لا يمكن إلا أن يدفع ثمن الحرية لأنّه نشأ وتربّى وترعرع على قِيَم الكرامة والعزّة والإنفة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: دعني من خلالك أستاذ يسري أوجّه تحية أولًا للشعب الفلسطيني وثانيًا للصامدين في ميدان الفن والدراما ومازالوا يُقدّمون أعمالًا جليلة عن المقاوم الفلسطيني وهو يحفر بدمه حريته في جغرافيا فلسطين.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يسري الغول: إسمح لي دكتور يحيى، مؤخّرًا عندما تمّ إنتاج في رمضان المسلسل الفلسطيني عن الشبان الستة الذين حفروا النفق نفق الحرية في ملعقة، ألا يجب أن تذهب وزارات الثقافة العربية وشركات الإنتاج العربية إلى دعم مثل هذا &nbsp;المسلسل، إلى التحريض على إنتاج مسلسلات تُحاكي هؤلاء الأحرار الذين بملعقة حفروا وخرجوا إلى الحرية رغم أنف هذا الاحتلال.</p> <p>أنا آسف للمقاطعة لكن كان يجب أن نُعرّج على هذه النقطة لأنّه للأسف اليوم لا يجد الإنسان الفلسطيني من خلال الدراما والسينما إلا الهجران أو النكران.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: وهنا أيضًا دعني أشكر أخي الفاضل الأستاذ غسان بن جدّو الذي قدّم سلسلة وثائقية عن العملية الشجاعة والبطلة في كيفية الفرار من ثالث سجن في العالم، سجن مُحصّن بالكامل وقام رجال هم الرجال في الفرار من السجن.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يسري الغول: جلبوع.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: أحسنت عملية جلبوع، وإن شاء الله سيكون ذلك مؤشّراً لتحرير فلسطين بالكامل من سجن جلبوع الواسع الذي يشمل فلسطين المحتلة.</p> <p>أستاذ فيصل، طبعًا اليوم بناءً على استراتيجيات وزارات الثقافة العربية، وزارات الإعلام العربية، لا يوجد مَيل ثقافي، لا أعرف أنا وزير ثقافة لا يُفكّر ثقافيًا يُفكّر طربيًا، ونحن لا نعترض على الطرب وعلى الفن، فاليغنّي مَن أراد أن يغنّي، لكن أليس بالثقافة تُصان الأمم، أليس بالفكر تُحصّن الأجيال، لما إذا أردنا أن نُفكّر في عمل استراتيجي ثقافي نذهب إلى الطرب، نذهب إلى الناي، نذهب إلى الطبل؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>فيصل مطاوي: صحيح أنت محقّ، وأود الإشارة إلى موضوع فلسطين لأنّه سبق لي واللقاء بالإخوان المخرجين والمنتجين الفلسطينيين في عدّة مهرجانات بما فيها مهرجان القاهرة، نجوى النجار، رشيد مشعراوي وغيرهما، أعرف أنّهم يُعانون صعوبات كبيرة جدًا في التصوير حتى داخل رام الله وغزّة لأنّ هناك الكثير من التعقيدات، لأنّ سلطة الاحتلال تفرض عدّة شروط. والأمر الثاني صحيح أنّ هناك الكثير من الصناديق، صناديق الدعم العربية الموجودة في المملكة العربية السعودية، في الإمارات وقطر والكويت وغيرها، من الأفضل لو كانت هناك إرادة سياسية بالفعل أن نُساعد المخرجين، وسبق لي لقاء بعض المخرجين الشباب من رام الله وهم يحتاجون إلى الدعم والحضور في القنوات العربية، القنوات العربية على كثرتها نادرًا ما تبثّ أفلاماً فلسطينية، هذه للإشارة.</p> <p>نعم الثقافة الآن هناك مَن يضعها في سياق الصفقة والقوى الناعمة، الغرب بالمناسبة ليست وزارة الثقافة التي تدعم السينما، إنّما هناك مراكز، هناك شركات إنتاج تحظى ببعض التسهيلات على مستوى الضرائب وحتى الولوج والخروج للأسواق العالمية، ما هو الأمر الذي يمنع الدول العربية بالأموال التي تمتلكها أن تنتج وتوزّع الأفلام العربية عالميًا وتُدبلجها وتبثّها وتشتري فضاءات في المنصّات الرقمية وفي قاعات السينما، لا شيء يمنع من ذلك، وصحيح أنّ هناك بعض الحواجز، حواجز لغوية ولكن يجب أن يكون هناك تصوّر جماعي، هناك جامعة الدول العربية وكانت هناك قمّة عربية في الجزائر طبعًا الموضوع الثقافي كان غائبًا لكن ربما مستقبليًا يكون هناك حديث حول هذا الموضوع للذهاب جماعيًا لولوج الأسواق العالمية والاهتمام بالشأن الثقافي.</p> <p>وصحيح كما قال الأخ من فلسطين، ميزانيات وزارات الثقافة في المنطقة العربية ضئيلة جدًا وهي ميزانية ضعيفة جدًا رغم كل المجهودات. بالتالي لو كان هناك اهتمام بالشأن الثقافي لأنّ الدبلوماسية لها أيضًا شقّ ثقافي والتأثير له كذلك شقّ كبير في المجال الثقافي، لربما كانت تحسّنت الميزانيات وكان هناك تصوّر أفضل لكيف نخاطب العالم باللغة العربية ونتحدّث عن الديانة الإسلامية بغير الصورة التي تُقدّم.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يحيى أبو زكريا: أستاذ فيصل المسألة تحتاج إلى عقل استراتيجي، عقل ثقافي، صناعة قرار ثقافية، نحتاج إلى إدخال الثقافة في صلب اهتماماتنا.</p> <p>أستاذ فيصل مطاوي من الجزائر الحبيبة أرض الشهداء شكرًا جزيلًا لك، الأستاذ سامح عسكر من مصر المحروسة حفظها الله شكرًا جزيلًا لك، الأستاذ يسري الغول من فلسطين الآيلة إلى الحرية والتحرّر قريبًا إن شاء الله شكرًا جزيلًا لك.</p> <p>مشاهدينا وصلت حلقتنا إلى تمامها، إلى أن ألقاكم هذا يحيى أبو زكريا يستودعكم الله الذي لا تضيع أبدًا ودائعه..</p>