النيجر: جوهر الصراع

ما جوهر الصراع في النيجر؟ وكذلك في دول الساحل؟ أحداث متسارعة في النيجر لفتت العالم، عزل الرئيس محمد بازوم تستتبعه إجراءات جادة من المجلس العسكري، تشكيل حكومة انتقالية، تهديدات إكواس في التدخل العسكري الذي لم ينفذ جنون فرنسي بعد، إلغاء المجلس العسكري، عدداً من اتفاقيات التعاون العسكري بين الداخل والخارج القريب المتمثل في دول الساحل وغربي أفريقيا والخارج البعيد المتمثل في القوى الدولية روسيا والولايات المتحدة وفرنسا.

نص الحلقة

<p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: مساءُ الخير.</p> <p>أحداث مُتسارعة في النيجر لفتت العالم.&nbsp;</p> <p>عزل الرئيس محمد بازوم تستبعه إجراءات جادة من المجلس العسكري.&nbsp;</p> <p>تشكيل حكومة انتقالية وتحدّي تهديدات "إيكواس" في التدخّل العسكري الذي لم يُنفذ.</p> <p>جنون فرنسي بعد إلغاء المجلس العسكري عددًا من اتفاقيات التعاون العسكري والأمني.</p> <p>بين الداخل والخارج القريب المُتمثّل في دول الساحل وغربي إفريقيا، والخارج البعيد المُتمثّل في القوى الدولية روسيا، الولايات المتحدة وفرنسا، ما هو جوهر الصراع في النيجر؟ وكذلك أيضًا في دول الساحل؟</p> <p>نُناقش ذلك بالتفصيل مع الدكتورة أماني الطويل، مديرة البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية معنا من القاهرة، مرحبًا دكتورة أماني.</p> <p>&nbsp;</p> <p>أماني الطويل: أهلًا بِكَ أستاذ محمد وبالمشاهدين.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: الأسباب زائدًا السياق تُساوي الحدث.&nbsp;</p> <p>في الأسباب، لماذا عُزِل محمد بازوم عن الرئاسة؟&nbsp;</p> <p>وفي السياق، ما هي اتجاهات التغيير المُمكنة في النيجر ودول الساحل الإفريقي؟</p> <p>في الأسباب سوف نُناقش ثلاثة أسباب:</p> <p>أولًا، الصراع على السلطة، بمعنى هل حرّكت الاستقطابات داخل النخبة الحاكمة إجراء العزل؟</p> <p>وثانيًا، دومينو رفض فرنسا، نشهد حالاً من الرفض للدور الفرنسي في دول الساحل الأفريقي، هل النيجر دخلت على الخط أيضًا؟</p> <p>العامل الثالث، الاستجابة للمطالب الشعبية، عندما نشهد التفافًا شعبيًا كبيرًا حول المجلس العسكري في النيجر، هل يعني ذلك أنّ الخطوة كانت استجابة لمطالب شعبية ما؟</p> <p>في مقال نُشِر على موقع الميادين نت في بداية أحداث النيجر، كتب الباحث النيجيري "حكيم ألادي" مقالًا عنوانه "صراع السلطة والنفوذ في النيجر: ماذا بعد نجاح الانقلاب على الرئيس بازوم؟"، يقول فيه: يميل مُعظم التقارير الإعلامية الدولية إلى تناول ما يجري في النيجر عبر عدسات الصراع بين القوى الدولية في الساحل أو في سياق التنافس الغربي الروسي، ولكن المؤشّرات وتقارير الصحف المحلية الصادرة خلال العامين الماضيين تدلّ جميعًا على أنّ العوامل الرئيسة التي أدّت إلى الانقلاب قد تكون نتيجة الصراع داخل النظام بين زعماء الحزب الحاكم - الحزب النيجري للديمقراطية والاشتراكية &ndash; تارايا، وتحديدًا بين الرئيس السابق محمد إيسوفو وخليفته الرئيس محمد بازوم الذي كان أيضًا وزير الداخلية الأسبق والذراع اليمنى لإيسوفو.</p> <p>انطلاقًا من هذه الاستنتاجات دكتورة أماني التي كانت مُبكّرة في كلّ الأحوال، مُبكّرة بالنسبة للحدث، هل يمكن القول إنّ الصراع الداخلي هو جزء من عملية العزل؟ وإذا كان الأمر كذلك ما هو جوهر هذا الصراع الداخلي داخل أجنحة وتيارات النظام الحاكم في النيجر؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أماني الطويل: أهلًا بِكَ أستاذ محمد وبالمشاهدين.&nbsp;</p> <p>الحقيقة جوهر الصراع هو صراع محلي داخلي مُرتبط بأنّ الرئيس إيسوفو على ما يبدو حينما سمح لبازوم الذي كان وزير داخليته أن يكون رئيسًا تصوّر وهو مُحلّل في الحقيقة لأنّ إيسوفو قد انتهت ولايته ولم يكن من الممكن التجديد له، كان مُتصوّراً أنّ بازوم هو مُجرّد مُحلّل لعودة ثانية لإيسوفو واحد، سوف يأتمر بأمر إيسوفو أو بتوجّهاته على الأقل في ما يتعلق بالسياسات الداخلية خصوصًا في ما يتعلّق بالجيش. والتحالف بين بازوم وفرنسا ومستوى التحالف والتفاهم قد أقلق إيسوفو وبالتالي تمّ التخطيط للانقلاب على بازوم.</p> <p>نحن أمام صراع محلّي بامتياز مُعتاد في إفريقيا بشكل أو بآخر، بمجرّد حدوث الحدث أو التطوّر اتّخذ هذا التطوّر أبعاداً عالمية على خلفية الصراع الشرقي الغربي المُعنوَن في الحرب الروسية الأوكرانية والذي له تجلّيات أخرى في منطقة الساحل في إفريقيا خصوصًا بعد الانقلابات الأخيرة في بوركينا فاسو ومالي وتوجّه الدولتين نحو روسيا بشكل مباشر، وربما كانت القمّة الروسية الإفريقية الأخيرة منصّة لنُشاهد التحالف الروسي مع قادة مالي مشهوداً ووصل إلى أعلى المستويات.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: نعم دكتورة أماني، أيضًا لأنّ كل ظاهرة يمكن أن تُحكم بأكثر من سبب نتحدّث عن سبب آخر وهو الوجود العسكري الأجنبي، الفرنسي تحديدًا هنا في هذه الحال، هو عنوان أساسي في التغييرات التي تجري في دول الساحل الأفريقي بشكل عام، وعنوان أساسي في الاحتجاجات والتظاهرات والبيانات السياسية التي يتم إصدارها من هناك. السؤال الحاسم اليوم، هل قادة المجالس العسكرية والانتقالية والحكومات المؤقّتة هم منهجيًا ومواقفيًا ضدّ هذا الوجود؟</p> <p>منذ العام 2014 وبدء عملية بورخان الفرنسية في دول الساحل جرى في النيجر إنشاء قاعدتين جويّتين بزعم محاربة الإرهاب هما:</p> <p>القاعدة 101 في نيامي ذات التواجد الفرنسي.&nbsp;</p> <p>والقاعدة 201 ذات التواجد الأمريكي في مدينة أغاديس.</p> <p>القاعدة 101 فيها أكثر من 1500 عنصر فرنسي وعناصر عاملة أخرى من الاتحاد الأوروبي مع وجود استشارة أمريكية طبعًا. وفي القاعدة طائرات ميراج فرنسية مُقاتلة، طائرات مروحية أوروبية مقاتلة من نوع NH90 صُمّمت بناءً على اتفاقيات الناتو أيضًا.</p> <p>كيف نقرأ موقف المجلس العسكري في النيجر تجاه الاتفاقيات العسكرية مع فرنسا؟ هل نحن نتحدّث هنا عن حيطة من خطوة مُضادّة من الفرنسيين بعد عزل بازوم؟ أم نتحدّث عن اتجاه عام، نمط عام لقيادات هذا المجلس ضدّ الوجود العسكري الفرنسي من حيث المبدأ وهو الذي أوصل أساسًا إلى خطوة عزل بازوم المؤيّد للفرنسيين؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أماني الطويل: أنا لا أعتقد أنّ المجلس العسكري ضدّ الوجود الفرنسي من حيث المبدأ، أنا أتصوّر أنّه تمّ استخدام أو توظيف هذه المسألة في ضوء التصعيد الفرنسي بعد عزل بازوم، يعني كان آلية من آليات المجلس العسكري، لا تنسى أنّ أيّ رئيس في أيّة دولة لا يستطيع أن يتّخذ مثل هذه القرارات من دون رضا الجيش، الرئيس بمعزل عن قوّة الجيش لا يُساوي شيئًا كفرد، وبالتالي الوجود الفرنسي والأمريكي العسكري كان بتفاهم مع الجيش، كل ردود فعل المجلس العسكري الحادّة والمتصاعدة القوّة هي ردّ فعل مباشر على التصعيد الفرنسي الأمريكي المشترك في ما يتعلّق بقطع المساعدات، إقرار العقوبات، التهديد بتدخّل عسكري، وبالتالي استخدم المجلس العسكري الأوراق التي في يديه ومن ضمنها التحريض الشعبي على فرنسا، وطبعًا البيئة في إفريقيا وبيئة دول الساحل بشكل عام هي بيئة مُحتقنة ضدّ فرنسا لعاملين: العامل الأول، أنّه تحت مظلّة التطوّر التكنولوجي في العالم أصبح التواصل والوصول للمعلومات سهلاً، المواطن في النيجر اليوم يسأل نفسه، لماذا أنا أمتلك اليورانيوم ولا أجد ما أقتات عليه بينما هذا اليورانيوم يذهب إلى فرنسا فيعيش المواطن الفرنسي في رفاه؟ هذه مسألة كبيرة، هذه المسألة على وجه الدقّة تمّ استخدامها حقيقة وتوظيفها من جانب صفحات التواصل الاجتماعي التابعة لفاغنر لأنّ فاغنر لديها مقاربات كثيرة، ليس مقاربات عسكرية فقط، ولكن مقاربات اقتصادية وأيضًا استخدام الإعلام الجديد أو التواصل الاجتماعي، هذه الصفحات يُتابعها اليوم أكثر من ثلاثة ملايين في منطقة الساحل فقط وهي اليوم تُحرّض على فرنسا وتُحرّض على المشروطيات الغربية، تُحرّض على مناهج العلاقة مع الغرب، طبيعة استغلال الموارد، يتمّ استخدام أو توصيف العلاقة بين إفريقيا والغرب بشكل عام في الأدبيات الروسية والمقاربات من بوتين نفسه أنه استعمار جديد. وبالتالي المجال العام الإفريقي الحقيقة جاهز على المستوى الشعبوي كي يكون ضدّ الوجود الفرنسي الذي لم ينتج له أيّ مستوى من التنمية في دول الاستعمار أو الدول الفرانكوفونية أو الاستعمار القديم.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: دكتورة أماني عطفًا على هذا الحديث بالذات الوجود الفرنسي والموقف الشعبي منه، ثمّة جانب نافذ في التحرّكات الشعبية المؤيّدة لعزل الرؤساء في دول الساحل الإفريقي بشكل عام كما تفضّلت سواءّ في مالي أو في بوركينا فاسو والنيجر الآن، هو التأييد لخروج القوات الفرنسية على الرغم من زعمها أنّها تُساعد هذه البلدان في محاربة الإرهاب.</p> <p>هذا في واقع الأمر يضعنا أمام فرضيّتين تناولتهما دراسات عديدة وحتى أيضًا منصات الإعلام مُفادهما أنّ هذا الوجود العسكري تسبّب بعدد من الانتهاكات بحق المدنيين، أو أنّ هذا الوجود أساسه حماية المصالح الاقتصادية الفرنسية وتحديدًا في قطاع اليورانيوم، وهذا أجّج شعور الشعوب الإفريقية بالحرمان ولاسيما مع ظروف الفقر التي تعيشها. لنُتابع هذا الفيديو بهذا الخصوص.</p> <p>&nbsp;</p> <p>* فيديو:</p> <p>مترعرعًا في (تالاتاي) شمال شرق مدينة (غاو) فَقَدَ (أمادو أج حمادو) ثلاثة من أبنائه خلال هذه المعارك. عندما سمع الخبر، توجّه إلى موقع الغارة الجوية على بُعد 25 كيلومترًا غرب تالاتاي.&nbsp;</p> <p>أمادو أج حمادو: عند هذه البئر، قاموا بتشييد حوض ليشرب منه بعض الحيوانات، ثم انطلقوا بحثًا عن القطيع الآخر، حاملين المسدسات لاصطياد الطيور وأكلها على الغداء، وسط حيواناتهم، قام (برخان) بقصفهم، حضر أشخاص آخرون من ذلك المعسكر، من الساعة الواحدة ظهرًا حتى الساعة السادسة مساءً تمكنّا من جمع أشلاء أجسادهم.&nbsp;</p> <p>يروي (أحمد أغ هندون) كيف فَقَدَ أقرباءه.&nbsp;</p> <p>أحمد أغ هندون: وقعت الحادثة في ساعات مبكرة من بعد الظهر، كان بعض الأشخاص يساعدون أسرة كي تنتقل من منطقة (عناتان) إلى (أغاياسان) وكانت هناك عائلة أخرى تنتظر السيارة كي تنتقل هي بدورها. عند العودة، التقوا بالجيش الفرنسي الذي أطلق النار عليهم من دون سبب.</p> <p>بالنسبة إلى (أحمد أغ هندون)، يجب أن يجري التحقيق في هذه القضية من قِبَل الأمم المتحدة أو السلطات المالية والفرنسية.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: دكتورة أماني، ثنائية الانتهاكات والوجود العسكري لخدمة المصالح الاقتصادية بالنسبة لفرنسا هل تُسهّل مُهمّات عزل الرؤساء في دول الساحل الإفريقي؟ هل يمكن اعتبارها في مكانٍ ما استجابة لمطالبات شعبية وبالتالي نشهد هذا الالتفاف الشعبي الكبير حول هذه التحرّكات للضبّاط وللقيادات العسكرية في هذه الدول؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أماني الطويل: طبعًا، وجود القواعد العسكرية بشكل عام عامل مُثير للشعوب، عامل مُهين للكرامة العسكرية للجيوش المحلية في أيّة دولة، هذان عاملان مُحرّكان ضدّ الوجود الأجنبي. الوجود الأجنبي أو المقاربات الفرنسية مثلًا في كلّ من مالي وإفريقيا الوسطى أنتجت مشاكل، أنتجت حروباً أهلية، التدخّل العسكري المباشر أنتج رغم أنّه كان حاصلًا على تفويض من مجلس الأمن لكن في حال إفريقيا الوسطى أنتج حربًا أهلية، وكان نضال ما قبل هذا التدخّل هو نضال من جانب مجموعات الديمقراطيين لعزل الرئيس "بوزيزي" الذي كان يريد فترة ثالثة، فحينما تدخّلت فرنسا تمّ تصنيف هذا التدخل على أنه لصالح المسيحيين ضدّ المسلمين وبالتالي شكّل المسلمون ميليشيات مُسلّحة على أساس ديني ضدّ الوجود الفرنسي، وفي المقابل أنتج المسيحيون ميليشيات مُقابلة " أنتي بالاكا" فتحوّل الأمر إلى حرب أهلية.</p> <p>في مالي أيضًا، لم يتغيّر شيء بالنسبة لوجود العناصر المتطرّفة من تنظيمي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وداعش، حتى أنّ هناك معلومات لا نعرف مدى دقّتها عن تحرّك داعش على الحدود الغربية للنيجر مؤخرًا، هناك مَن يقول إنّ ذلك بإيعاز من فرنسا وهناك مَن يتّهم الولايات المتحدة، لا ندري على وجه الدقّة مَن نقل قوات لداعش على الحدود الغربية للنيجر كورقة للضغط على المجلس العسكري في النيجر.</p> <p>فعلى أيّة حال، طبيعة التفاعلات في المرحلة الراهنة في دول الساحل بشكل عام تحتاج إلى مقاربات غربية جديدة، والحقيقة أنّ ربما إيطاليا قد انتبهت إلى ضرورة تغيير المقاربات الغربية إزاء الدول الإفريقية ودشّنت ما سُمّي بمسار روما، مسار روما هو المسار الذي يسعى إلى تنمية جنوب المتوسّط حتى يُحدّد أو يُحجّم من الهجرة غير الشرعية، في الحقيقة هذا المسار لم تنضم إليه لا فرنسا ولا ألمانيا، وإذا كان عدم انضمام فرنسا مفهومًا في إطار التنافس الإيطالي الفرنسي فإنّ عدم انضمام ألمانيا كان لافتًا بالنسبة لي وخصوصًا أنّ المداخل الألمانية في إفريقيا بشكل عام لها طابع تنموي. فالغرب في الحقيقة يحتاج إلى تغيير مُقارباته، يحتاج إلى التخلّي عن سياسات الاحتواء لدول نفوذه القديم ويدخل في شراكات حقيقية مع هذه الدول وتكون هناك عوائد عادلة للموارد وهو ما يُساهم بشكل أو بآخر في أن تكتسب الدول الإفريقية عناصر قوّتها وعناصر قدرتها على التنمية وعلى حماية الأمن للمواطن العادي.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: في السياق نُناقش نقطة واحدة وهي تأثيرات هذه التحرّكات وعزل الرؤساء في المعادلة الدولية وشكل التنافس الدولي فيها.</p> <p>لكلّ دولة من الدول الكبرى عامل اهتمام بأولوية قصوى في النيجر وفي دول الساحل الإفريقي بشكل عام.</p> <p>&nbsp;بالنسبة إلى فرنسا اليورانيوم، ففي شمالي البلاد يقع منجم أريفا في مدينة أرليت، من هناك تستورد فرنسا 20% من احتياجاتها من اليورانيوم بعد أن أوقفت التعدين على أراضيها بالمناسبة.&nbsp;</p> <p>بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، خليج غينيا مُهم لشركات أكسون موبيل وشيفرون، كذلك فإنّ منطقة الساحل كلّها مٌهمّة بالنسبة إلى الولايات المتحدة في ظلّ المواجهة مع روسيا في أوكرانيا.</p> <p>&nbsp;بوركينا فاسو &nbsp;تمتلك ثروة مُهمّة من الذهب، مالي تمتلك 72% من صادراتها يورانيوم، كذلك فإنّها تحظى بثروة من النفط والفوسفات.</p> <p>ظهور النفط في تشاد عام 2003 أيضًا عامل اهتمام إضافي، وكذلك ثروات اليورانيوم في شريط أوزو.</p> <p>في ظلّ هذه المواجهات تكون روسيا مُهتمّة في هذه المنطقة أيضًا.&nbsp;</p> <p>الصين كالعادة مُهتمّة بالحفاظ على موقعها كشريكٍ تجاري ومُستثمرٍ أول في إفريقيا.</p> <p>ضمن هذا التصوّر وهذا العدد من اللاعبين أين في رأيك دكتورة أماني يمكن أن تكون اتجاهات الحركة في دول الساحل الثلاث تحديدًا، مالي وبوركينا فاسو والنيجر؟ هل هنالك دلائل ملموسة على أنّها ستقترب أكثر من روسيا والصين مثلًا؟ وإذا كان سيحدث هذا الاقتراب لماذا وما هي مُبرّراته؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أماني الطويل: طبعًا هي منطقة صراع، نقاط الارتكاز لروسيا في هذه المنطقة، منطقة الساحل، بوركينا فاسو ومالي وليبيا والسودان وإفريقيا الوسطى. فاغنر تحرّكت وتتحرّك للقيام بشراكات اقتصادية مع جماعات محلية، إما مع النُظم الحاكمة أو النُخَب الحاكمة أو مع جماعات محلية، يعني هي في حال إفريقيا الوسطى هناك تحالف مع النظام الحاكم هناك، لكن في حال السودان هي متحالفة مع الدعم السريع، أيضًا في حال ليبيا هي مع أحد أطراف الصراع، وهكذا. فالحركة ربما من جانب فاغنر كانت حركة مُؤثّرة لأنّها اتّخذت كافة وسائل التوظيف للتأثير بينما اتجاهات الحركة أو المقاربات من جانب فرنسا هي مُقاربات تقليدية، اليوم الولايات المتحدة تدخل بمقاربات أخرى لها طابع دبلوماسي لا نعلم على وجه الدقّة إذا كان لها نصيب من النجاح أم لا.</p> <p>طبعًا الصين على المستوى العسكري اهتمّت بمنطقة الساحل فأُعلن عن تدشين ثاني قاعدة عسكرية للصين في إفريقيا، الأولى في جيبوتي والثانية سوف تكون في خليج غينيا، وهي مسألة مُؤثّرة جدًا على المصالح الأمريكية.</p> <p>إذًا منطقة الساحل الحقيقة هي منطقة صراع نفوذ، البعض يكسب بالنقاط والبعض يجتاح، حتى الآن نستطيع القول إنّ فاغنر تكسب بالنقاط، كلّ من الصين وروسيا تكسب بالنقاط، بينما المقاربة الأمريكية هي قَيْد التقييم والمقاربات الفرنسية موسومة بالفشل حتى هذه اللحظة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: بمعنى نتحدّث أيضًا عن جانب العلاقات الدولية في جانب آخر ومهم في بند هذه العلاقات وما يهّمنا من موقعنا أيضًا في المنطقة، العلاقة بكيان الاحتلال، مثلًا موقع أكسيوس يقول إنّ بلينكين في نيسان عام 2023 حضّ الرئيس المخلوع محمد بازوم على استئناف العلاقات بإسرائيل، كانت للنيجر علاقات دبلوماسية في الستينات مع الاحتلال، قُطِعَت أثناء حرب 73، عادت عام 96 بعد اتفاق أوسلو، ثمّ قُطِعَت عام 2002 أثناء الانتفاضة الثانية.</p> <p>الأمريكيون والإسرائيليون حسب عدد من التقارير يُراهنون على بازوم في ملف العلاقة مع الكيان الصهيوني. هل يمكن أن نشهد موقفاً أكثر حدّة من قِبَل المجلس العسكري أو الحكومة الانتقالية تجاه إسرائيل؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أماني الطويل: أنا لا أتوقّع موقفًا أكثر حدّة ولكن أتوقّع استمراراً على الموقف الرافض، هناك تحدٍّ كبير طبعًا للنيجر كما السودان أن تستأنف علاقات طبيعية مع إسرائيل. الجزء الأول ما يجري في القدس، الذي يجري في القدس لا يُرضي أيّ مسلم وبالتالي سوف يكون هناك تحفّظ شعبي كبير على المجلس العسكري إذا أقدم على هذه الخطوة. إذا كان في نيّة بازوم الذهاب إلى هذا الأمر أعتقد أنه كان سوف يُواجه تحديًا كبيرًا، العلاقة مع الولايات المتحدة وفرنسا إزاء المجلس العسكري حتى الآن لم تٌقدّم إغراءات مناسبة، صحيح أنّ لهم وجود عسكري لكن هذا الوجود العسكري يُمكن أن يُقابل بوجود عسكري آخر لأطراف أخرى ولا أعتقد أنّه سوف يستمر بلينكن أو غيره في الضغط على النيجر لأنّ معطيات الواقع الحقيقة لا تمنح إمكانية لفكرة استئناف العلاقات مع إسرائيل سواء معطيات الداخل المحلي الذي يُدين بالإسلام وبالتالي يُستفزّ ممّا يجري في القدس والانتهاكات ضدّ الفلسطينيين بشكل عام، أو في ما يتعلّق بطبيعة ما يُقدّمه الغرب إلى دول الساحل لم يعد مُغريًا مقابل ما تُقدّمه كلّ من روسيا والصين في الحقيقة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: لنصغ معًا مُعادلة جوهر الصراع في النيجر، الأجنحة المختلفة داخل بنية النظام الحاكم زائدًا الموقف من التدخّلات الأجنبية في سياق مُطالبات شعبية بتوجّه سياسي جديد يُساوي جوهر الصراع في النيجر.</p> <p>في فقرة مُقاربات، عقيدة الجيوش في مُعادلة التحرّر، في أفريقيا ليس من المُستهجن أن يظهر ضابط في لحظة ويتّخذ مواقف حاسمة ضدّ أشكال الاستعمار تاريخيًا، حدث ذلك مع عبد الناصر في مصر، مع سانكارا في بوركينا فاسو.</p> <p>هل تشهد دول الساحل الأفريقي موجات مُشابهة على الأقل في ملف الموقف من التدخّلات الأجنبية؟ ربما الشخصيات الجديدة لا تمتلك المشاريع المُتكاملة نفسها ولا الرؤية نفسها ولكن قد تتأثّر بها. لنتابع هذا الفيديو.</p> <p>&nbsp;</p> <p>* فيديو:</p> <p>رئيس بوركينا فاسو إبراهيم تراوري: نشعر وكأننا عائلة، بمعنى أن روسيا هي أسرة لأفريقيا أيضًا. إنّنا عائلة حيث يجمعنا التاريخ نفسه، لقد قدّمت روسيا تضحيات هائلة لتحرير العالم من النازية خلال الحرب العالمية الثانية، كما جرى ترحيل الأفارقة، وأجدادنا، قسرًا لمساعدة أوروبا على التخلّص من النازية، نحن نتشارك التاريخ نفسه بمعنى أننا شعوب العالم المنسية، سواء في كتب التاريخ أم الوثائقيات أم الأفلام. في ما يتعلّق ببوركينا فاسو نواجه اليوم، ومنذ أكثر من 8 سنوات أكثر أشكال الاستعمار الجديد همجية وعنفًا، لا تزال العبودية تفرض نفسها علينا. لقد علّمنا أسلافنا شيئًا واحدًا، أنّ العبد الذي لا يستطيع التمرّد لا يستحق الشفقة، إننا لا نشعر بالأسف على أنفسنا، ولا نطلب من أحد أن يشعر بالأسف تجاهنا، لقد قرّر شعب بوركينا فاسو محاربة الإرهاب من أجل استئناف تنميته. &nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: دكتورة أماني، ما يقوله إبراهيم تراوري بما يتعلّق بالنهج السياسي لبوركينا فاسو مُلفت، ما رأيك في ذلك؟ هل نحن أمام موجة تحرّر أفريقية جديدة بغضّ النظر عن عُلو هذه الموجة، مستوى هذه الموجة، مضمونها ومحتواها وعدم مقارنتها بالموجات السابقة؟ هل نحن بشكل أو بآخر أمام موجة تحرّر جديدة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أماني الطويل: الحقيقة لا أستطيع القول إنّنا أمام موجة تحرّر جديدة، لكن أستطيع القول إنّنا أمام جيل جديد في إفريقيا يَعي على وجه الدقة طبيعة الاستغلال &nbsp;الذي يرزح تحته من جانب الغرب، طبيعة السرقة التي تحدث لموارده من جانب الغرب، هذا ما نستطيع قوله في هذه اللحظة. لكن المشروع التحرّري الكامل بمعنى مُعاداة استغلال الموارد بلا عوائد عادلة، التوجّه نحو التصنيع، التوجّه نحو التنمية، التوجّه نحو التعاون الإفريقي - الإفريقي نستطيع أن نقول إن هناك شَذَرات أو ملامح لمثل هذه الأفكار ولكن ليس في منظومة مُتكاملة كالتي طرحها الآباء المُؤسّسون مثلاً &nbsp;منظمة الوحدة الافريقية على زمن عبد الناصر ونوكروما وغيرهما، هذا كان سياقاً مُتكاملاً مُتأثّرًا بالتيار الفكري للأفريقانية، بينما الحادث الآن هو إدراك مُتقدّم لمدى الاستغلال، هل يتقدّم أو هل يتبلور أو هل يتصاعد نحو رؤية مُتكاملة، إدراك مُتكامل؟ أعتقد نعم، لأنّ الشباب الإفريقي اليوم هو حانق على كلّ أشكال التعامل الغربي مع إفريقيا من زاوية استغلال الموارد، بل أود القول لك إنّ فرنسا قد مارست تحريضاً على انقلاب عسكري حتى يتولّى إيسوفو لأنّ الرئيس في النيجر الذي كان قبل إيسوفو كان يسعى إلى تغيير مُعادلات التقييم لمورد اليورانيوم، كان يسعى إلى اتفاقات جديدة، فدبّرت له فرنسا بليلٍ انقلابًا ضدّه ليعود النيجر إلى بيت الطاعة الفرنسي. ما يُقدّمه الفرنسيون &nbsp;مُقابل اليورانيوم غير عادل وبالتوازي يُقدّمون منحاً ومساعدات للموازنة في النيجر ولكن هذه المِنَح والمساعدات هي مرهونة برضا السيّد الأوروبي، تُمنَع حينما يغضب هذا السيّد، وهو ما رأيناه مع الانقلاب على بازوم، والمفارقة أنّ هذه الدولة التي تأخذ فرنسا منها 20% من احتياجاتها من اليورانيوم هي مُصنّفة ضمن أسوأ ثلاث دول على مؤشّر التنمية البشرية للعام 2022، هذه المفارقة بالتأكيد جديرة للانتباه.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: في فقرة استدلال، في أفريقيا مازالت شظايا الاستعمار تعمل، لذلك أنتجت رفضًا إفريقيا يُمثّل موجة جديدة من المواجهة وتستند إلى طرق تغيير خاصة تنطلق من ثقافة أفريقية خاصة بشكل أو بآخر.</p> <p>الدكتورة أماني الطويل شكرًا لمداخلتك المُتخصّصة والمُتعمّقة حول هذا الملف والتي أضاءت على حيّز جغرافي مُلتهب وحسّاس في هذا العالم.</p> <p>أعزّائي المشاهدين لقاؤنا يتجدّد الثلاثاء المقبل بمعادلة جديدة وحوار جديد...&nbsp;</p>