بشارة مرهج – وزير الداخلية والبلديات اللبناني السابق

من عدوان ثلاثة وتسعين مروراً بمجزرة أيلول في بيروت ضد أوسلو، إلى رفض الهندسات المالية. محطات مفصلية في تاريخ لبنان عايشها وزير الداخلية السابق بشارة مرهج وكان فاعلاً فيها. فماذا في كواليسها؟

نص الحلقة

<p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: إنّ التركيز على العدو الحقيقي واستعادة البوصلة وتحديد الهدف وتوحيد الصف أُول أولويات المرحلة، والعدو هُزم في لبنان وغزّة وكان في ظاهر القوّة، وإنّ هزيمته اليوم أرجح وهو في وهنٍ جليل.</p> <p>غالبية الموجودين في السلطة لا يُقرّون بالتغيير ولا يريدون التغيير ولا يؤمنون بالتغيير، فحاولت أنا أن أقوم بدوري في عملية التقييم والتغيير لهذا النظام، لأنّني اعتبرت أنّ هذا النظام غير قادر على الاستمرار بالطريقة التي يعمل بها حاليًا.</p> <p>تبقى فلسطين قِبلة قلوبنا وبوصلتنا القدس نحميها ونستعيدها معًا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: من عدوان 1993 إلى مجزرة أيلول في بيروت ضدّ أوسلو ورفض الهندسات المالية. محطّات مفصلية في تاريخ لبنان عايَشها وكان فاعلًا فيها، فماذا في كواليسها؟</p> <p>سياسيٌ مُثقّف، عروبي صلب، دافع عن المقاومة وواجه المنظومة، فأين هو اليوم؟</p> <p>وزير الداخلية اللبنانية السابق بشارة مرهج، أهلًا بِكَ ضيفًا عزيزًا في برنامج بإيجاز، نوّرتنا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: أهلًا وسهلًا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: معالي الوزير أنتَ كنت وزيرًا في ثلاث حكومات، أوّلها بعد انتخابات 1992 من القرن الماضي واستلمت وكُلّفت بواحدة من أهمّ - إنْ لم تكن أهمّ - الوزارات في لبنان ألا وهي وزارة الداخلية، نتحدّث عن تاريخ أيضًا له أثر كبير ومفصلي في تاريخ لبنان الحديث وحتى تأثيراته على المنطقة، وسننطلق من محطةٍ مفصلية ألا وهي مجزرة الثالث عشر من أيلول عام 1993 من القرن الماضي، كنت وزيرًا للداخلية وتجلّى لك موقف وطني وأخلاقي وسياسي كبير برفض إطلاق النار على هذه التظاهرة. نُريد أن نعود إلى الكواليس لنسأل اليوم بعقلٍ بارد، ماذا ولماذا وكيف أُخذ القرار بإطلاق النار؟ وأنت كتبت في كتابك "كهوف السلطة" بأنّه كان هناك قرار على مستوى السلطة في لبنان برفض هذه التظاهرة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: نعم، كان هناك قرار حاسم من السلطة اللبنانية بالتعرّض لهذه التظاهرة لأنّها كانت تظاهرة مُؤيّدة للمقاومة، وكان المشروع المطروح يوم ذاك هو التخلّص من المقاومة، وإذا عُدنا قليلًا إلى الوراء نرى أنّ كلّ زيارات المسؤولين الأمريكيين من سفراء ومن مستشارين ومن وزراء خارجية، وسبق أن زارنا العديد من وزراء الخارجية، كانوا يستفيدون من الوضع العربي المُتهالك تجاه إسرائيل ويضغطون على لبنان كي ينضمّ للقافلة، قافلة التطبيع وقافلة السلام مع دولة العدو الإسرائيلي مُنطلقين من مؤتمر مدريد، وكان دائمًا وزير الخارجية الأميركي يقول لرئيس الجمهورية ووزير الخارجية إنّ إسرائيل أصبحت مُستعدّة الآن فليستعدّ لبنان لهذه الخطوة الحاسمة في تاريخه وفي تاريخ المنطقة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: مَن أخذ القرار بإطلاق النار؟ وما موقع واشنطن منه؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: واشنطن كانت تريد من الدولة اللبنانية أن تتخلّص من المقاومة بالطريقة التي تراها مناسبة ولو اضطر الأمر لاستخدام السلاح والسلاح الثقيل بوجه المقاومين الشجعان البواسل.</p> <p>عندما كنت أذكر للرئيس الهراوي أنّ هذه الوعود الأمريكية يجب عدم الركون إليها لأنّ هذه الوعود مُعظمها كاذب، وهناك تجارب أليمة في السابق كان الطرف الأمريكي يَعد فيها الطرف العربي بإنجاز ما أو بتحقيق إنجاز ما ثمّ يتراجع من دون أن يعتذر. فقلت له لا تتّكل كثيرًا على الوعود الأمريكية، قال ماذا تقول؟ لقد تحدّثت مع الرئيس بيل كلينتون لمدة ساعتين بينما هو في الطائرة مُتّجهًا من واشنطن إلى بيكين، قلت له لو كان الرئيس بيل كلينتون واثقًا من كلامه لما حدّثك ساعتين، كان أرسل لك السفير الأمريكي ليُبلّغك الرسالة كما هي، لكن هذه المُكالمة التي امتدّت على ساعتين يُريد إقناعك بأمر هو ليس مقتنعًا به. أنا قلت له أنا لست واثقًا ولست متأكّدًا ويجب أن ننتبه كثيرًا لأنّ هذه الوعود يُمكن أن تتبخّر في لحظةٍ من اللحظات ومُمكن أن يقول لك الرئيس بيل كلينتون عُذرًا سيادة الرئيس لم نستطع تلبية طلبك، وهكذا جرى الحقيقة، لأنّ إسرائيل...</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: لكن القرار الذي نُفّذ بشكلٍ مباشرٍ اليوم هل يُمكن الحديث عمّن أخذ القرار ونفّذه أم فعلًا لا توجد أسماء أو جهات بعينها؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: القرار اتّخذه رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ككل اتّخذوا قرارًا بالتصدّي للتظاهرة إذا تظاهرت في الشارع ضدّ أسولو، أي ضدّ مشاركة لبنان والدخول بالعملية السياسية والانخراط فيها. فكان فريق المقاومة والحركة الوطنية وأنصار المقاومة والحركة الوطنية مُصمّمين على الخروج إلى الشارع وإبداء رأيهم بأوسلو الذي هو كارثة بالنسبة للفلسطينيين وكارثة بالنسبة للعرب.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: لكن إطلاق النار كان يمكن تجنّبه، يعني منع فضّ التظاهرة؟ وكأنّ هناك تعمّداً بإطلاق النار في حينها؟ هناك أهداف من ورائها؟ لأنّه في حينها كانت البلاد يمكن أن تدخل في أتون حرب أهلية ومازالت جِراحها لم تُشفَ بعد؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: بذلنا جهودًا كبيرة لتجنّب إطلاق النار على التظاهرة، التظاهرة كانت سلمية وكانت النساء بها بنسبة كبيرة، وأنا اتّجهت لرئيس الجمهورية باللحظة الأخيرة بعدما كنت قد راجعته مرارًا في اليوم السابق للتظاهرة وحتى في الليل وفي الصباح، لكنه كان مُتزمّتًا برأيه وقال لا نستطيع أن نُغيّر قرار مجلس الوزراء الذي هو التصدّي للتظاهرات، قلت له القرار ليس أهمّ من وحدة البلاد والقرار ليس أهمّ من السلام في البلاد والقرار ليس أهمّ من الوحدة الوطنية لأنّ التعرّض للضاحية والتعرّض للمقاومة والتعرّض للجماهير الشعبية سيُؤدّي إلى جُرحٍ كبيرٍ لا يُمكن دمله لاحقًا، هذه ستكون خسارة كبيرة وستكون خسارة أكبر عندما تتراجع إسرائيل عن الاتفاق.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: معالي الوزير، هذا الموقف الرافض الذي اتّخذته، وتجلّى أيضًا بالبداية بتجميد عضويّتك في الوزارة، لكن في ما يبرز هذا الموقف من الرفض ومحاولة منع إطلاق النار ومن ثمّ الصوت الأعلى باحتجاج وتجميد عضويّتك في الوزارة، كان هناك مرسوم مُنتصف الليل وهذا أيضًا ذكرته في كتابك "كهوف السلطة"، كنت تتحدّث عن تجربتك في وزارة الداخلية، حدّثنا عن هذا المرسوم الذي كان عنوانه تعديل حكومي، وهو غير دستوري كما تمّ توصيفه، لإخراج بشارة مرهج من الحكومة بناءً على هذه المواقف؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: صحيح، لكن أحبّ أن أنوّه بموقف قائد الجيش وقتها الذي وقف موقفًا مُشابهًا لموقفي ورفض إطلاق النار على المتظاهرين فقامت مجموعة وحتى الآن لم يكشفها التحقيق بإطلاق النار على المتظاهرين وسقط العديد من الضحايا والشهداء والجرحى.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: تتحدّث عن قائد الجيش إميل لحود؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: إميل لحود طبعًا الذي وقف موقفًا مُشرّفًا. فأنا سياسيًا شنّيت حملة على القرار وعلى مَن هو وراء القرار ومَن أطلق الرصاص ومَن هو الذي أعطى الأوامر بإطلاق النار، لكن المقاومة كانت رشيدة في تحرّكها وفي مواقفها فأبدت رأيها ولكنّها لم تتجاوز الخطوط التي تحفظ السلم الأهلي وتحفظ الهدوء الداخلي، لكن شنّت حملة سياسية كُبرى على النظام وأركان النظام واتّهمتهم بالخروج عن الأصول القانونية والوطنية.</p> <p>بالنسبة للمرسوم، مرسوم مُنتصف الليل، هذا صدر بعد سنة تمامًا، أحداث أيلول أوسلو كانت عام 1993، الرئيس الهراوي منذ ذلك الوقت لأنّني انتقدته بمرارة وأبديت موقفي اعتبر أنّه لا يحقّ لي انتقاده ولا أن أعارض مواقفه، وكان بالأصل يريد أن يُعيّن وزيرًا آخر غيري وزيرًا للداخلية، كان يُريد أن يُعيّن الوزير الراحل ميشال المر، اغتنم هذه المناسبة، يعني خلال السنة حاول أن يتسقّط أخطاءً لي وحاول أن يُناور فلم يستطع لأنّني كنت حريصًا جدًا على تطبيق القوانين والالتزام بالمواقف الديمقراطية، وكنت دائمًا أُكرّر أنّ الدستور أعلى من القانون والقانون أعلى من القرار، فكان الرئيس الياس الهراوي يشعر بالمرارة من موقفي، وفي كل زيارة إلى سوريا كان يُطالب معتمدًا أنّ الإخوة السوريين لهم نفوذ في لبنان ويشاركون في تشكيل الحكومة وأنا كنت على صداقة وودّ معهم، فكان يُطالب الإخوان السوريين بإعفائي من موقعي، خلال سنة 1993 وحتى سنة 1994. وفي آخر زيارة قام بها بعد مهّد السبيل انتهت المحادثات مع الرئيس الأسد وكان موجودًا وقتها الرئيس بري والرئيس الحريري والرئيس الهراوي من الجانب اللبناني، فاختلى الرئيس الهراوي مع الرئيس الأسد وقال له رجاءً سيادة الرئيس أريد منزلًا في دمشق لأنّني لن أعود إلى بيروت، قال له كيف لا تُريد العودة وأنت رئيس للجمهورية ورأس الدولة؟ قال له لست قادرًا على العودة إلى بيروت واتّخذت قراري لن أستطيع العودة إلى بيروت، قال له أعطني السبب، قال له السبب بشارة مرهج، أنا لن أعود إلى بيروت وبشارة مرهج موجود، قال له كما روى لنا الكثير من القيادات العليا السورية واللبنانية، قال له الرئيس الأسد نحن حريصون بهذه اللحظة هناك تطويق وحصار على المنطقة واستهداف للبنان ولسوريا علينا التريّث بهذه الأمور، فقال له الرئيس الهراوي إذا سمحت سأذهب لاستئجار بيت في الشام ولن أعود إلى بيروت.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: وكان هناك تعديل حكومي وقتها وأنت استبقته بأنّك قدّمت استقالتك للتعبير عن الكرامة والمواجهة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: لذلك هم أصدروا المرسوم أثناء عودتهم من دمشق ليلًا، صدر المرسوم على الحدود اللبنانية - السورية ليلًا، الصحافيون لم يفهموا ما الذي يحصل ولم يعرف أحد ما الذي يحصل.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: يعني بينما كانوا في الطريق، وتعرف معالي الوزير وأنت تتحدّث أستعيد وإيّاك أيضًا في الذاكرة لأنّ بعد انتخابات 1992 وأنت فُزت فيها وفي حينها سجّلت انتصاراً كبيراً إن صحّ التعبير لأنّنا نحن بعد الطائف ونتحدّث عن قدرتك على اختراق القائمة المدعومة من الرئيس رفيق الحريري في حينها قائمة الرئيس الحص وفزت في الانتخابات وحصلت على أرقام كبيرة، وكنت في حينها لا ترغب كما فهمت وجمعت بعض المعلومات بأن تكلف بوزارة وذهبت إلى دمشق في حينها حتى يكون هناك نوع من الطلب أنّني لا أريد أن أُكلّف بوزارة وإذ بِكَ في أهمّ وزارة وزارة الداخلية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: سنة 1992 فزت في الانتخابات في وجه اللائحة التي كان يرأسها الرئيس سليم الحص وكان يتعاون فيها مع الوزير السنيورة وقتها مُمثّلًا الرئيس الحريري، كان مدير الحملة، أنا استُبعدت من هذه اللائحة مع أنّه كان طبيعياً تواجدي فيها، فنزلت بالانتخابات مع الرئيس رشيد الصلح، كانت لائحة ضعيفة، ومع ذلك فزت مُنفردًا ومن ثمّ الرئيس رشيد الصلح. فكان انتخابي من أهالي بيروت مُميّزًا لأنّه رغم كلّ شيء انتخبوني، بالرغم من محاولات الاستبعاد.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: إسمح لي معالي الوزير هذه محطّة مُهمّة وتُكمل، عندما تتحدَّث أنّك انتُخِبت في بيروت وأنت إبن ضهور الشوير وهناك في بيروت درست وفي بيئة عروبية قومية نشأت فيها وعليها، وهذا ميّزك في وقت كان لبنان يُراد أن يُقدّم فيه بأنّ المسيحيين في حال انعزال وعدم اعتناق قضايا الأمّة لاسيما القضية الفلسطينية حيث كان هناك حضور للمقاومة الفلسطينية في لبنان، هذا ميّزك بشكل أساسي؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: أنا ولِدت في بيروت وعشت في بيروت، معظم حياتي في بيروت، عشت قليلًا في الجبل، فانخرطت في العمل القومي والعمل التقدّمي وخصوصًا المرتبط بالصراع الفلسطيني &ndash; الصهيوني، وكان لدينا تأييد هائل للشعب الفلسطيني ولمقاومته منذ بداية انطلاقة الثورة سنة 1965 وحتى ما قبل، ورافقنا هذا النضال بشكلٍ تفاعلي إلى فترة بعيدة امتدّت إلى اليوم. وأنا عملت بالعمل الوطني داخل بيروت ولم أكن طالبًا للوزارة بالمرحلة الأولى، كنت أريد الاستعداد للعمل النيابي والعمل الخدماتي، لكن جاءت الظروف فرضت أن أكون بالوزارة فتكيّفت مع هذه الظروف وانطلقت بالعمل الوزاري.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: ولأنّك تحدثّت عن علاقتك بالرئيس الشهيد رفيق الحريري، أنت وصفتها بالمد والجزر، لكن ما بعد انتخابات 2000 حدث خلاف كبير، هناك محطّات كان هناك خلاف في النهج، في الرؤية، في المشروع، سنتحدّث عنها في الجانب الاقتصادي والسياسات المالية. لكن قبل ذلك، هناك محطّة اختلاف بعد احتلال العراق وغزو العراق عام 2003 وكان ذلك أيضًا مُسبّبًا لنرى استقالة للحكومة نتيجة موقفك في حينها الرافض لهذا الاحتلال، وحُلّت الحكومة وبأقصر عُمر لإعادة تشكيل حكومة في 24 ساعة تمّ تشكيل حكومة، تمّ تغيير إسمين فيها واحد منهما أنت معالي الوزير بشارة مرهج.</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: قبل أن نصل لسنة 2003، أنا استقلت من أول حكومة، كان وقتها بالبلد ممنوع الاستقالة، كان النظام المشترك السوري - اللبناني لا يستأنس بالاستقالة وطرح الاستقالات، لكن عندما أرادوا فرض عليّ أن أكون وزير دولة وأترك وزارة الداخلية قلت لهم لن أقبل بهذا الأمر وقدّمت الاستقالة رغم كلّ الظروف الصعبة التي مررت بها في تلك اللحظة.</p> <p>سنة 2003 أيضًا ارتبطت بالحرب بعدما دخل الأمريكان إلى بغداد رأوا أنّه يجب تغيير الحكومة في لبنان، لأنّني ورفاقي خاصة الأخ معن بشّور خضنا معارك ضارية، أنا من موقعي بالحكومة وهو من موقعه بالعمل الشعبي، خضنا حربًا ضارية ضدّ مبدأ الحرب على العراق، فكنّا أثناء الحرب ورغم الموقع الوزاري كُنّا في الشارع نُواجه السفارة الأمريكية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: وهذا موقفك معالي الوزير أيضًا سبقه رفضك للحصار للعراق، وفهمت فيما بحثت في المعلومات أنّك ساهمت بإيصال طائرة لتقديم مُساعدات للعراق من أوكرانيا، أحد مَن هم في العائلة يمتلك شركة طيران في أوكرانيا وجئت فيها من أوكرانيا إلى مطار بيروت وكان هناك من عمل لمنع وصولها إلى بغداد لولا الموقف المُشرّف أيضًا للرئيس لحود؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: هذه لم تذهب إلى العراق، التي ذهبنا بها طائرة من الخليج، طائرة من رجل مُخلص لقوميّته العربية من أهل الخليج، كسرنا الحصار مرتين والأخ معن أيضًا، كسرنا الحصار بريًا وجويًا، وهذا حقيقة أزعج الأمريكيين كثيرًا مع أنّنا كنّا نُمارس حقّنا وتبيّن أنّ معنا حقّ، كانوا يُريدون ضرب كل المنطقة من خلال العراق وليس العراق وحده.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: معالي الوزير أريد أن أعود معك، هذه واحدة من المحطّات ولديك الكثير من المواقف المُشرّفة والأحداث التي عايشتها وكنت فاعلاً فيها.</p> <p>في العلاقة مع الرئيس رفيق الحريري، وصفتها أنت بمد وجزر، ونُريد أن نعرف في الخلافات أو في الافتراق على مستوى النهج والمشروع، ذكرنا جانبًا منها. في موضوع دمج المصارف والهندسات المالية أنت كنت من السبّاقين الذين اعتبروا أنّ هذه كارثة كما وصفتها، أريد أن أختصرها هنا في العلاقة مع الرئيس رفيق الحريري، بإيقاع، بإيجاز، وما وصّفه بقدس الأقداس موضوع دمج المصارف في هذه الحادثة وكان فيها أيضًا السيّد معن بشّور؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: أنا اختلفت مع الرئيس الحريري خلافًا شديدًا حول المسألة الاقتصادية والمالية، وهذا الخلاف كان مطروحًا أمام مجلس الوزراء، طُرِح على الطاولة ولم يكن صراعاً خارج الأطر الدستورية والقانونية، وأنا بيّنت كيف أنّ عملية دمج المصارف أدّت إلى مساعدة مصارف ارتكبت أخطاء كبيرة بحقّ الاقتصاد اللبناني وقطاع المصارف وبحقّ المودعين. بعد الجلسة التي جرت بمجلس الوزراء وطرحت فيها الموضوع وكانت جلسة عاصفة جدًا، يا ريت يطلّع عليها الرأي العام. في اليوم التالي كان الأخ معن يُحضّر لمؤتمر عربي عام فكان من المفروض أن يلتقي بالرئيس الحريري، فمجرّد ما دخل الأخ معن على الرئيس الحريري وكانت السابعة صباحًا، قال له مهلًا مهلًا يا معن، بشارة يستطيع التظاهر ضدّ أمريكا ويستطيع التظاهر ضدّ لندن ويستطيع التظاهر ضدّ الحكومة لكنه لا يستطيع التدخّل بالشؤون المالية هذه قُدس الأقداس، ليتجنّب موضوع المصارف، فقال له معن ما يقوله بشارة أنا أتبنّاه لأنّ هناك خطراً على المصارف وخطراً على الوضع المصرفي، قال له لا هذا قُدس الأقداس ولا تتدخّلوا، قال له نحن لا نستطيع التخلّي عن واجباتنا، وأنا قلت له لا أستطيع التخلّي عن واجباتي.&nbsp;</p> <p>بعدما استشهد الرئيس الحريري هذا النهج الذي كان قائمًا داخل المصارف ومع أهل الحلّ والربط داخل الحكومة استمرّ ومن ضمنه الهندسات المالية التي اكتشفت أنّ هناك هدراً كبيراً في الهندسات المالية لأنّه بنفس الطريقة يتمّ إعطاء قروض كبيرة جدًا بفوائد قليلة جدًا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: عندما نتحدّث عن هذه المحطّات ونُجري هذا الإسقاط مُباشرة على ما يعيشه لبنان إن كان على مستوى الرؤية للقضية الفلسطينية، المقاومة الفلسطينية، المقاومة في لبنان، نتحدّث أيضًا عن حزب الله وأنت عايَشت وكنت أيضًا من المدافعين وأيضًا من المقاومين على الأرض إنْ كان دفاعًا عن المقاومة الفلسطينية وذهبت إلى الأردن وكنت حاضرًا على الأرض في أيلول الأسود في عام 1970 من القرن الماضي، وأيضًا بالنسبة لجنوب لبنان في العرقوب، كفرشوبا وشبعا، وما نُشاهده اليوم في محاولات تغيير الواقع أنت كنت هناك تُقاتل بالعمل الفدائي مُباشرة وشاركت في تأسيس روابط الدفاع الشعبي وحتى إيصال السلاح إلى هناك، وكنت من المُدافعين عن المقاومة في تموز 1993 من القرن الماضي، وكان يُراد أن يُوضَع الجيش اللبناني في حينها في وجه المقاومة اللبنانية، وخضت المُعترك السياسي بمعنى مواقع السلطة لكنّك غادرت عمل السلطة لا ترغب بالعودة ولا في المشاركة ما بعد انتخابات 2005؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: لأنّ الإنتاج داخل الدولة صعب جدًا، هناك هيمنة للمؤسّسات الحكومية والمؤسّسات الأخرى ولا يستطيع المرء إلا إذا كان جزءاً من قوّة كبيرة أن يُغيّر في الأمور، وبالتالي يُصبح يدور حول نفسه. لذلك العمل من الخارج مُفيد جدًا، عندما دخلنا بعد الطائف بالحكومة دخلنا على أساس وجود تفاهم عربي، ضمن هذه المعادلات دخلنا بالحكومة، دخلت أنا بالحكومة ثلاث مرات.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: وخرجت منها كما دخلتها نظيف الكفّ وحتى بُحِث كثيرًا وشُغِل كثيرًا على إيجاد أيّ أمر ضدّك صغُر أو كَبُر لاستثماره في مُواجهتك لكن ذلك لم يحدث وأنت من الأسماء القليلة والنادرة أيضًا في لبنان التي خرجت كذلك من مراكز في السلطة.</p> <p>أشكرك جزيل الشكر سيّد بشارة مرهج، معالي وزير الداخلية اللبنانية السابق على مشاركتك معنا في برنامج بإيجاز.</p> <p>&nbsp;</p> <p>بشارة مرهج: شكرًا شكرًا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>راميا الإبراهيم: والشكر لكم مشاهدينا أينما كنتم، موعد جديد يتجدّد الأسبوع المقبل ودائمًا بإيجاز، إلى اللقاء....&nbsp;</p>