صدد أمّ السريان في البادية السورية

من صدد أمّ السريان في البادية السورية حوار أجراس المشرق مع قداسة بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس أفرام الثاني فيما وصل إليه المسيحيون المشارقة، وأيُّ أفق لهم في الانتماء والبقاء والهوية؟

نص الحلقة

<p>&nbsp;</p> <p>المحور الأول:</p> <p>غسان الشامي: أحيّيكم، سنةٌ جديدةٌ مباركةٌ عليكم وعلى أوطانكم، أن تأتي إلى صدد أمّ السريان برفقة الرئيس الأعلى للسريان في العالم قداسة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس أمرٌ يحمل معنى التجذّر والانتماء والبقاء. صدد التي تألّمت وعانت من مجزرة الحرب على سوريا ونهضت وأقلعت مثلما فعلت عبر التاريخ، صدد الحضارة درعها وسيفها على مرمى شهقةٍ من البادية، صدد التي ردعت نموذج التصحّر عبر التاريخ، صدد التي انحدرت منها هجراتٌ وتوالدت منها بلداتٌ وقدّمت للبنان ثلاثة من رؤساء جمهوريّتها: أيوب ثابت، بترو طراد، كميل شمعون، وحملها أهلها كتاباً ودنّاً وحبّاً وحنيناً في أصقاع الأرض، صدد الغناء والخمر والشجو والتاريخ وعناد الجذور والبخور، رغم المآسي منها وفيها وبين أهلها سيكون حوارنا مع قداسة البطريرك أفرام الثاني، سيّدنا أفرام نرحّب بك أم ترحّب بنا في صدد؟</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: بالتأكيد أهلاً وسهلاً بقناة الميادين وبرنامج أجراس المشرق العزيز علينا وبالأخصّ الملفونو الأستاذ غسان الشامي.</p> <p>غسان الشامي: شكراً سيّدنا، نحن في صدد هذه البلدة التي توالدت فيها أو وُلدت منها قرىً سريانية عديدة، فيروزة، زيْدل، المشرفة، مسكنة، الفحيْلة، الحَفَر، ماذا تعني لكم؟&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: في الحقيقة صدد اليوم هي تجسيدٌ للوجود المسيحي في كل المشرق، صدد البلدة القديمة المذكورة من ألف عامٍ قبل الميلاد والتي سكنها الآراميون وبعض القبائل العربية، وظلّ فيها السريان حتى اليوم تمثّل هذا التجذّر المسيحي الأصيل في المنطقة، صدد بما مرّ عليها من أحداثٍ مؤلمة أثناء الحرب الكونية على سوريا وتقديم الشهداء أيضاً أخذت تجسّد وتمثّل الصمود المسيحي والتضحية المسيحية الكبيرة التي يقدّمها المسيحيون في هذا البلد من أجل البقاء والحفاظ على هويّتهم الدينية والوطنية، من أجل الحفاظ على وطنهم سوريا. إذاً صدد أستطيع أن أقول إنها حقاً تجسيدٌ لما يعني الوجود المسيحي في هذه المنطقة وفي هذا المشرق، وهي أيضاً بارقة أملٍ لمستقبل، نعم هجر صدد الكثير من أبنائها ولكنها ما زالت البلدة الأكثر عدداً بالنسبة لنا نحن السريان في سوريا الوسطى، في منطقة خارج الجزيرة السورية، لذلك تُدعى أيضاً بأمّ السريان لأنها هي التي نشرت الوجود السرياني في معظم مناطق وسط سوريا.</p> <p>غسان الشامي: نعم سيّدنا سنة 2013 قامت جبهة النصرة التي يصنّفها الغرب على أنها مدنية وبعد قليل سيقولون إن جبهة النصرة هي من أتباع الأمّ تيريزا، سيّدنا هذه البلدة قدّمت 46 شهيداً، هذا البارحة، قبورهم هنا، دُفنوا هكذا في العراء، أتساءل في هذا الجو وعلى هذه التخوم الصحراوية كيف قامت سيّدنا؟&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: صدد أعطت أكثر من 46 شهيداً أثناء هذه الأزمة.&nbsp;</p> <p>غسان الشامي: من مجزرةٍ واحدة.</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: نعم وهناك مَن استشهد من أبناء صدد دفاعاً عن الوطن في مناطق مختلفة منه.</p> <p>غسان الشامي: حوالى مئة شهيد في صدد.&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: وأكثر، أودّ أن أعود إلى موضوع مهم جداً هو أن صدد كونها على تخوم البادية كما قلتُ ملفونو في المقدّمة حاربت التصحّر وقاومته، لم تقصد التصحّر الطبيعي فقط وإنما العقلي وغيره، إنسان صدد تربّى وترعرع على مقاومة الظروف التي يعيشها، وبالتالي صدد كانت من أقل البلدات التي شهدت هجرةً في أواخر القرن العشرين، ولكن أثناء هذه الحرب العشرية الكونية على سويا خسرت صدد الكثير من شبابها، حيث تركوا ورحلوا إلى بلاد الله الواسعة. أنا أعتقد أن مقاومة صدد عائدة إلى طبيعة الحياة التي يعيشها الصدديون منذ آلاف السنين، هم على تخوم البادية لكنهم يعيشون التحضّر فيها. نحن نعلم أن صدد أعطت لسوريا وللمنطقة شخصياتٍ فذّة في السياسة، في العلم، في الطب، في الأدب وغيرها، هي الشخصية الصددية العنيدة التي تقاوم عناصر الطبيعة وتقاوم أيضاً كل مَن يحاول أن يفرض عليها فكرته أو عقيدته.</p> <p>غسان الشامي: سيّدنا سنكمل الحوار معك داخل كنيسة مار جرجس وهي كنيسة من أقدم الكنائس، وقد كانت معبداً للإله حدد الآرامي بمعنى أن الجذر السرياني الموجود في الآرامية ما زال موجوداً هنا، ولكن أعزائي المشاهدين في الميادين وأجراس المشرق هذا بعد أن تروا جزءاً من هذه البلدة التي ما زالت صامدة على تخوم البادية.&nbsp;</p> <p>سيّدنا أفرام في هذه الكنيسة على إسم القدّيس مار جرجس الحارث، هذه أرض للفلاحة وبقِدَمها كيف رأيتَ الغرب ينظر إلى هذا القِدَم المسيحي، إلى منبت المسيحية في بلادنا؟&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: في الحقيقة مواقف الدول الغربية من الحروب التي شُنّت في المنطقة في الخمسين سنة الأخيرة أظهرت بجلاء أن الغرب غير مهتمّ بتاتاً بالوجود المسيحي هنا في المشرق، عندما أقول الغرب لا أقصد الناس العاديين وإنما الساسة لأنه من الواضح إننا كمسيحيين لا نعني شيئاً في أجندة الساسة الغربيين الذين يخطّطون لهذه البلاد وفق مصالحهم، وبالتالي لا يأخذون بعين الاعتبار الوجود المسيحي الذي هو أساس الوجود المسيحي في كل العالم. نحن نعلم أن المسيحية انطلقت من هنا، من بلادنا، من مشرقنا، من أورشليم القدس، من دمشق، من أنطاكيا ومن كل هذه البلاد العزيزة علينا انطلقت منها إلى أوروبا وإلى الغرب، ولكن يظهر أن وجودنا كمسيحيين في هذه المنطقة يعرقل خطط هؤلاء الناس، وبالتالي إما أنهم لا يحرّكون ساكناً تجاه الهجرة الفظيعة التي حدثت من بلاد المشرق أو أنهم ربّما يعلمون بها وقد يكونون أيضاً من الذين يسهمون في هذه الهجرة بطريقة مباشرة، لا نستطيع أن نجزم ولكن بالتأكيد لا يعنيهم الموضوع كثيراً وإلا لكانوا اهتمّوا ببقائنا هنا في أرض آبائنا واجدادنا.&nbsp;</p> <p>غسان الشامي: في طريقنا إلى هنا قداستك مررنا في زيارةٍ إلى حوارين والكلمة آرامية سريانية، وقد كانت بلدةً مسيحية، هذه البلدة ما تزال فيها بقايا سبع كنائس وقصر المنذر إبن الحارث الغساني الذي نفاه إمبراطور بيزنطة إلى صقلية، أولاً كيف تصف حوارين؟ ثانياً هل منظر حوارين التي كان فيها دواعش ونصرة هو نموذج مستقبلي للحضور المسيحي في المشرق؟ &nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: حوارين كما تفضّلتَ ملفونو غسان مدينة سريانية آرامية، كانت أسقفية في كنيستنا السريانية الأنطاكية لقرونٍ كثيرة، كان هناك أسقف يقيم فيها ومسؤول عنها وعن القرى التي تحيط بها، وقد رأينا اليوم آثار هذه الكنائس التي أبكتنا، وأنا أيضاً تساءلتُ هل مستقبلنا هو كمستقبل حوارين، أتمنّىّ وأصلّي ألا يكون.&nbsp;</p> <p>غسان الشامي: حوارين يعني الأصدقاء.&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: نعم باللغة السريانية تحمل معنييْن، إما أن تكون الأصدقاء أو البيض، حيوورو أبيض وحبرو هو صديق.</p> <p>غسان الشامي: والنون هي للجمع.</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: صحيح، قد تكون مدينة الأصدقاء أو نسبةً إلى ترابها الأبيض. &nbsp;</p> <p>غسان الشامي: لم يبقَ للمسيحيين أصدقاء؟</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني:المسيحي ليس له صديق في هذا العالم، المسيحي موطنه أهله وهم في عالمٍ آخر ولا أقصد عالم السماء فقط ولكن عالم المسيحي هو عالم رفيع، عالم يحاول أن يعيش فيه حياة السماء على الأرض، المحبّة الكاملة، أن تحبّ عدوّك، أن تصلّي من أجل مَن يضّطهدك، تبارك مَن يلعنك، هل لإنسانٍ يطبّق هذه المبادئ من صديقٍ على الأرض؟ أشكّ في هذا الموضوع ولكن حوارين نعم هي مدينة اليوم فيها آثار كنائس وما زالت هذه الآثار حتى الآن يحاولون هدم ما تبقّى منها أو سرقتها، أتمنّى ألا يكون مستقبل المسيحية في مشرقنا كحوارين.</p> <p>غسان الشامي: مثل صدد مثلاً بقاء وتجذُّر؟&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: نعم، نحن في نهاية الأمر أبناء القيامة والرجاء والأمل وسنحاول دائماً أن نعيش على هذه الأرض التي هي أرض آبائنا وأجدادنا رغم الصعوبات الكثيرة. بالتأكيد حضورنا عددياً سيكون صغيراً ولكن يجب أن يكون فعلياً عطاءً، إنارةً، يجب أن يكون كثيراً، وهذا يعني أنه علينا نحن الباقين في هذه الأرض أن نعمل بجهودٍ مضاعفة لكي نستمرّ بالعطاء الذي يميّز المسيحي دائماً أينما كان.</p> <p>غسان الشامي: أنت من الجزيرة السورية، عانى أهلك هجرةً ممضّة ومؤلمة بعد مذابح سيفو1915، هل دائماً في اللاوعي، في الوجدان السرياني المسيحي أن الهجرة هي الحل يا سيدّي؟&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني:الهجرة دخلت اللاوعي السرياني منذ قرونٍ ولكن أن تكون هي الحل، نعم هي الحل للكثير من الناس، الهجرة الكبيرة التي حدثت في السنين الأخيرة أظهرت لنا أن السرياني وغير السرياني في هذه البلاد قد ملّ وتعب من الظروف الصعبة التي تحيط به، لماذا عليه أن يحارب كل يوم من أجل أن يعيش، الحياة هي عطيّة من الله، نحن رأينا من خلال التكفيريين الذين حاولوا أن يسلبوا منا الحياة وقبلهم من خلال العثمانيين الذين أيضاً بسبب الدين وبسبب اختلاف العرق حاولوا أن يقضوا على الحياة، نرى دائماً أننا أمام معركة فيها عدوّنا مصمّم على القضاء علينا لا لخطأ فعلناه أو لخطيئةٍ ارتكبناها بل لمجرّد إننا مختلفون، هذا العدو ينسى أن الاختلاف غنىً، أن الاختلاف ميزة الحياة، الله لم يخلق إثنين متطابقيْن تماماً.</p> <p>غسان الشامي: سيّدي تكلّمتَ عن الصعوبات، أعلم أنك منذ أتيتَ إلى سدّة البطريركية واجهتك أمور كثيرة، ولكن من خلال السنوات الماضية من هذه المحنة في سوريا ما الصعوبات التي واجهتها في إبقاء السريان في أرضهم؟</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: عندما نخاطب أبناءنا ونطلب منهم البقاء في أرضهم فإن السؤال الطبيعي الذي يواجهنا هو كيف تستطيعون مساعدتنا على البقاء. الإنسان لا يريد أن يترك بيته وبيئته ومدينته وبلدته لمجرّد أن يذهب ويعيش في مكانٍ آخر، هناك ظروف وأسباب تجبر هذا الإنسان على ترك أرض آبائه وأجداده، ونحن إذا ما طلبنا منه أن يبقى فعلينا أن نهيّئ له هذه الظروف، وبالطبع أهم شيء هو الأمان ثم الاستقرار الاقتصادي، الرفاهية إذا أردنا أن نسمّيها رفاهية ولكن في الحقيقة هي أن يتمكّن من تدبير بيته اقتصادياً ومعيشياً، وهذه الأمور صعبة اليوم في بلادنا سواءً في سوريا أو في لبنان أو في العراق وفي كل أنحاء هذا المشرق أصبح من الصعب أن يعيش الإنسان بكرامة، لا نستطيع أن نقول للإنسان السرياني أو غيره ابقَ في أرضك وأن تُمسّ كرامته والكرامة لا تعني فقط العنف الجسدي وإنما تعني أن يعيش مرتاح البال، أن يستطيع أن يؤمّن لأولاده وأحفاده، أن يعيش مرفوع الرأس من دون خوف من هذا أو ذاك، هذه الشروط فُقدت أولاً بسبب الحرب والهجمات الإرهابية واليوم بسبب الضائقة الاقتصادية الصعبة التي يمرّ فيها البلد. &nbsp;</p> <p>غسان الشامي: صاحب القداسة أنت تناضل، أنا أعي ذلك وأعلم جيّداً منذ أول يومٍ من وصولك إلى السدّة البطريركية ماذا فعلتَ، إسمح لي هذا ليس تقريظاً ولكن هذا التلفزيون الذي يُسمّى الميادين هو الواقع كما هو، هذا شعارنا، أنت أنشأت جامعة على إسم أنطاكية فيما نسي الكثيرون أنطاكية، هي بالإسم فقط عند الكثيرين، أنشأتَ مدرسة، رياض أطفال، ميتماً، دار عجزة، كنائس، أديرة هنا وفي الغرب، مصنع أدوية، معامل، تلفزيون، محترفات، هل يمكن لهذا أن يُبقي شعبك في بلاده؟ قل لي ما هي رسالتك أيها البطريرك؟</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: في البداية أنا أقلّ الناس في العمل والإنجاز، ولكن منذ أن اختارني الربّ لأن أكون خادماً لهذه الكنيسة وأبنائها رأيت أن الكلام والوعظ من المنبر لا يكفي لكي يشجّع الناس على البقاء، فبدأتُ ببعض الأنشطة والمشاريع الصغيرة لسببين، الأول لكي نعطي رسالة رجاء للناس إننا هنا في أرضنا، في بلدنا ويجب أن نبقى في هذا البلد، نحن هنا لنبقى وليس لنهاجر مع محبّتنا لكل المهاجرين، تفهُّمنا لظروفهم ولكن لا بدّ لهذا البلد من أن يبقى فيه من سكانه الأصليين الذين ما زالوا يحتفظون بهويتهم السورية السريانية كلغة وتاريخ وتراث كنسي ومدني، فكان لا بدّ من أن نقوم بشيءٍ يعطي هذا الأمل وهذه الرسالة، رسالة الرجاء للناس ويُظهرها، من هنا كان موضوع المشاريع التي نحاول أن ننجزها، ثم لكي نقوم فعلياً بتوفير بعض فرص العمل لشبيبتنا ليستطيعوا أن يعملوا ويُقيتوا عائلاتهم، هذا هو السبب الأساس إننا هنا لنبقى بواسطة العمل، بواسطة النشاط والشهادة، أن نشهد لمحيطنا.</p> <p>غسان الشامي: إسمح لنا أن نذهب إلى فاصل، أعزّائي فاصل ونعود إلى الحوار من صدد مع قداسة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية في العالم أفرام الثاني.</p> <p>المحور الثاني:&nbsp;</p> <p>غسان الشامي: تحيّةً لكم مجدّداً من أجراس المشرق، قداسة البطريرك تكلّمتَ عن الهوية السورية السريانية، بعضهم سألني ذات مرةٍ أو أن بعضهم قد قال إن البطريرك أفرام الثاني يدعو إلى قوميةٍ سريانية، ماذا تقول؟&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: أنا في الحقيقة لا أدعو إلى قوميةٍ سريانية بل أقول إن القومية السريانية موجودة وبالتالي ليست دعوة إلى شيء جديد، ما الذي يعرّف القومية؟ أليس التاريخ، اللغة، التراث، وهذه كلها موجودة ولكن هذا لا يعني أن هذه القومية هي انفصالية أو غير قومية سوريا. أنا بكل اعتزاز أقول إن قومية سوريا، هوية سوريا هي سريانية كشعب، كتراث، كتاريخ، كلغة ولكن هذا أيضاً لا يمنع أن تكون هناك هوية وقومية للبلد سياسية تجمعنا مع باقي مكوّنات البلد، مَن يستطيع أن يقول إن سوريا كلها من مكوّنٍ واحد، هذا الشيء غير واقعي، ونحن استمعنا إلى سيادة الرئيس بشّار الأسد في عدّة خطابات وآخرها في خطاب القَسَم عندما أعلن أن العروبة هي عنوان، هي هوية في هذا البلد الذي يتضمّن مكوّناتٍ عدّة، فأنا لا أستطيع القول إن قوميّتي السريانية أُلغيت بهويّتي العربية التي هي أيضاً هوية البلد الذي أعيش فيه.</p> <p>غسان الشامي: القومية سيّدنا هي عندما يعي القوم أنفسهم، هي جاءت من قوم، السريان لم يشكّلوا دولةً منذ زمنٍ بعيد، من أيام الملك أبجر وهو أوّل مَن آمن بالمسيحية،كانت هناك ممالك آرامية ولكن مفهوم القومية المعاصر هل ينطبق فعلاً على المكوّن السرياني الذي أصبح منتشراً في العالم أم أن السريانية هي حضارة وهذه الحضارة متجذّرة في هذه البلاد، وقد أعطى السريان إسمهم لسوريا، إسم سوريا لدى بعض المراجع جاء من السريان، هل هي نموذج حضاري أم نموذج قومي لأن القومية أحياناً تعني التعصّب بشكلٍ أو بآخر؟ &nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: أنا لا آخذ القومية بمعنى التعصّب وبالتالي أنا أقول إنها نموذج حضاري لكن لا أستطيع القول أبداً إنها غير قومية، طالما هي من القوم وهل القوم موجود أم لا، هذا القوم السرياني الذي يتحدّث اللغة السريانية موجود في العالم أم لا، قد لا يكون في سوريا فقط، هو موجود في تركيا، في العراق، في بلاد الشرق، في الغرب.</p> <p>غسان الشامي: موجود في الهند، وأخيراً في أذربيجان.</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: نعم.</p> <p>غسان الشامي: اكتشفتُ أن هناك سرياناً في أذربيجان. &nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: صحيح، هم موجودون في كل مكان والذي يجمعهم بالتأكيد هو ما يكوّن قوميّتهم ولكن هذا لا يعني أن هذه القومية السريانية تلغي البُعد الحضاري أو القوميات الأخرى التي نعيش معها. أنا كسرياني سوري أعتزّ بسريانيّتي كما أعتزّ بسوريّتي لأنها واحدة بالنسبة لي، السرياني هو سوري والسوري أيضاً هو من جذورٍ سريانية، إذا كانت أصوله سورية فهو من جذورٍ سريانية أيضاً ولكن هذا لا يعني أنني لا أعتزّ بقومية البلد المتّفق عليها، كل السوريين متّفقون أن لديهم الجمهورية العربية السورية، البعض لا يحبّون هذه التسمية ويرغبون بتغييرها لكن طالما أنها تسمية البلد فنحن مجبرون على محبّتها واحترامها والعمل من أجل هذا البلد، ولكن هذا لا يلغي سريانية السرياني أو كردية الكردي أو عربية العربي أو أرمنية الأرمني أو الشركسي أو غيرها، نحن في هذا البلد نكوّن معاً هذا المجتمع الحضاري المبني على التعدّدية التي هي غنىً.</p> <p>غسان الشامي: سأبقى أحركش، مَن هم السريان بنظرك سيّدي؟&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: السريان قومٌ سكنوا هذه البلاد منذ آلاف السنين، هم في أغلبيّتهم من بقايا الآراميين ولكن هذا لا يمنع وجود أصولٍ أخرى لبعض السريان الموجودين اليوم، إذا تحدّثنا عن الكنيسة السريانية فيها إثنيات وأعراق مختلفة، اليوم الهندي تابع للكنيسة السريانية ليس بالضرورة سريانياً، جنساً، عرقاً وإن كان هناك بعض السريان في الهند الذين رحلوا من أورفة، من إديسا، من الرّها.</p> <p>غسان الشامي: ما زالوا يسمّون أنفسهم كنعانيين.&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: هم يقولون إنهم لم يختلطوا مع الهنود بالزواج، حافظوا على نقاوة دمهم المشرقي، ولكن هناك أيضاً في الكنيسة السريانية مئات الآلاف من أميركا اللاتينية من شعوب المايا والآزتك وغيرهم ممّن هم اليوم أعضاء في الكنيسة السريانية، فإذاً هم سريان كنسياً ولكن قد لا يكونوا إثنياً أو عرقياً، وهناك من القبائل العربية التي كانت ضمن الكنيسة السريانية. اليوم زرنا قصر المنذر الثالث بن الحارث الغسّاني الذي كان آخر ملوك الغساسنة، والغساسنة كانوا في صلب الكنيسة السريانية، والتغالبة وغيرهم من القبائل العربية ولكن بشكلٍ خاص فإن ملوك الغساسنة دافعوا عن الكنيسة السريانية أيام الاضطهادات البيزنطية، وهم الذين توسّطوا لجستنيانوالملكة العظيمة ثيودورا التي كانت سريانية أيضاً، ورسموا الأساقفة، أسقف للقبائل العربية وكان إسمه ثيودورس وأسقف ثانٍ هو يعقوب البرادعي للكنيسة بشكلٍ عام أُعطي صلاحية لترؤّس الكنيسة بسبب الاضطهادات، فثبّت الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس. إذاً كل هذه الشعوب كانت في يومٍ من الأيام في الكنيسة السريانية، لذلك لا أستطيع القول إن كل السريان هم آراميون وليس بينهم آشوريون أو عرب أو فرس لكن منذ بداية المسيحية فإن الإسم السرياني هو الطاغي على شعوب المنطقة، وهو ما انتقل إلى إسم البلد سوريا، هؤلاء هم السريان.</p> <p>غسان الشامي: أنا لا أريد أن أفتح مجالاتٍ أخرى يمكن أن نفتحها في ما بعد حول الرومية والبيزنطية والهوية السورية، ولكن سآتي إلى أمرٍ يهتمّ به المسيحيون في الشرق، هناك حبران كنسيان مختطفان وأنا معكم بجهدٍ يعادل هكذا تابعتُ هذا الملف، أتشرّف بأنك شرّفتني بهذا وهو المطران الصديق يوحنا إبراهيم والمطران الصديق بولس اليازجي، سيّدي هل من أخبارٍ جديدة عن هذه المأساة؟&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: في الحقيقة هي مأساة للكنيستين الشقيقتين الروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس، هي مأساة للبلد وللمسيحية في المشرق. خطْف هذين المطرانين واختفائهما القسري منذ أكثر من ثماني سنوات قد آذى الكنيستين والمسيحيين بشكلٍ عام، وأستطيع أن أقول إنه قد حقّق مأرب الذين يقفون وراء الخطف لإدخال الخوف إلى قلوب المسيحيين ودفعهم إلى الهجرة، وهذا حدث، هناك مَن هاجر كنتيجةٍ مباشرة لخطف المطرانين، وأخذوا يسألون أنفسهم إذا كان رؤسارنا الروحيون في خطر وغير محميين فماذا سيحصل لنا نحن، هذا الكلام كان في بداية الأزمة، وبالتالي هذا الموضوع ما زال يؤثّر سلباً في حياة الكنيستين بالإضافة إلى العناء والوضع الأليم الذي يمرّ به المطرانان إن كانا على قَيِد الحياة ونحن نصلّي أن يكونا كذلك، وعائلتيهما وكنيستيهما بشكلٍ خاص أبرشية حلب السريانية والرومية، كلّنا نشعر بآلامٍ كبيرة ونمرّ بأزمةٍ حقيقية كنسياً بسبب اختفائهما.</p> <p>غسان الشامي: ولكن هل من جديد؟&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: الجهود كما تعرف لم تقف، ما زلنا نحاول ونطرق كل الأبواب إقليمياً ودولياً، أنا آسف أن أقول إنه حتى الآن ليس لدينا ما يشجّع أو يدلّ على مكان وجودهما أو على وضعهما إن كانا على قَيْد الحياة أم لا، أعود للقول إننا نصلّي ونتمنّى أن يكونا على قَيِد الحياة ولكن ليس من جديد. بين الحين والآخر يأتي مَن يدّعي أن لديه معلومات أو أنه كان مسجوناً معهما ويعلم مكان وجودهما ويبدأ بطلب المال والابتزاز، وعندما نصل إلى نقطة الدليل تنقطع المعلومات أو العلاقات مع هؤلاء الأشخاص.&nbsp;</p> <p>غسان الشامي: كان هناك مفاوض دولي يتابع هذا الملف، هل توصّل إلى شيء؟&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: نعم هناك بعض النتائج التي حصلنا عليها من خلال هذا المفاوض الدولي والصديق العزيز الذي عمل معنا لسنين، ولكن هذه النتائج أيضاً لا نستطيع أن نتحدّث عنها في الوقت الحالي، ننتظر المزيد من الإثباتات والبراهين على هذه النتائج التي خرج بها. نحن ما زلنا نأمل أن نسمع خبراً إيجابياً وإن كان هذا الأمل يضعف مع الزمن ولكن لا نستطيع أن نبتّ بهذا الموضوع حتى نصل إلى نتائج مثبتة.</p> <p>غسان الشامي: أنا علمتُ من مصدرٍ خاص أن الأميركيين في الإدارة الأميركية تابعوا بعض الشيء ومن ثم غسلوا أيديهم، هل لديك معلومات؟&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: في الحقيقة كنا على تواصل مع الأميركيين في موضوع المطرانين وكنا نزوّدهم ببعض المعلومات التي تصلنا، وكان من المفترض أنهم يتابعون هذه الخيوط، وعدّة مرات كانت إجابتهم بألا جديد. نحن نعلم أنه منذّ عدة سنين لا أقول توقّفوا ولكن لم يعودوا يتابعون هذا الموضوع بالزخم نفسه الذي كان منذ البداية، لا أعلم سبب هذا البطء أو التأخير ولكن بالتأكيد لا يدلّ على أمورٍ إيجابية.&nbsp;</p> <p>غسان الشامي: صاحب القداسة الروم الأرثوذكس نقلوا المطران المخطوف بولس اليازجي إلى أبرشيةٍ أخرى وعيّنوا مطراناً أصيلاً على حلب، أبرشية حلب وأنطاكية وإسكندرون، وأنتم حتى اللحظة متمسّكون رغم أن مدينة حلب فيها عدد سرياني كبير رغم الهجرة، ألا توجد فكرة لتدبُّر هذا الأمر؟ هل ستبقون تنتظرون ما فتح الله، أنت تعلم أنا أتكلّم عن صديقين وهذا يؤلمني ولكن هناك وقائع يجب أن يتكلّم بها المرء، كيف تتدبّرون أمور المسيحيين السريان في حلب؟&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: الذي حدث أن خطف المطرانين وغيابهما القسري أمرٌ غير مسبوقٍ في تاريخ الكنيسة، لم يحدث أن مرّت الكنيسة بهذه التجربة الصعبة، وبالتالي نحن لم نكن مستعدّين لوضعٍ كهذا وقوانيننا ودستورنا لا يلحظ هذا الحدث، وبالتالي هناك نوعٌ من المأساة التي نعيشها لأننا حقيقةً من جهة محبّتنا للمطرانين وأتحدّث هنا بشكلٍ خاص عن المطران يوحنا إبراهيم الذي هو بالنسبة لي أكثر من أخٍ ومرشد معلّم، عشتُ معه وتعلّمتُ منه، وفقدانه بالتأكيد هو أمر صعب عليّ شخصياً، فمن جهة محبّتنا له وشعورنا معه وعواطفنا القوية تجاهه، ومن جهةٍ أخرى محبّتنا لأبرشية حلب وللسريان الموجودين هناك نحن نعيش في صراعٍ في هذا الموضوع، تدبّرنا الموضوع بأن عيّنا معتمداً بطريركياً برتبة مطران، المطران بطرس القسّيس وهو يقوم بخدماتٍ هناك على قدر إمكاناته وبسبب مشغولياته أيضاً في دمشق لا يستطيع أن يعطي مئة بالمئة من وقته للأبرشية، وهذا صعبٌ عليه وعلى الأبرشية أيضاً، ولكن لا بدّ من أن نصل إلى خاتمةٍ في هذا الموضوع نأمل أن تكون إيجابية مفرحة، ولكن لا بدّ لنا من أن نواجه هذا الموضوع وأن نتصرّف بطريقةٍ فيها الفائدة لأبناء الأبرشية وتُظهر اهتمامنا بهذه الأبرشية العزيزة علينا.</p> <p>غسان الشامي: سيّدنا في ختام هذه الحلقة ستعلم لماذا أنا مصرّ على أن أنكأ في الجراح، هنا أريد أن أسألك هل هناك خلافاتٍ مسيحية - مسيحية في هذا المشرق على مستقبل مسيحيي المشرق؟</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: أنا لا أعتقد أن هناك خلافاتٍ مسيحية - مسيحية على المستقبل، لكن هناك بعض التصرّفات الفردية أو الفئوية التي يقوم بها بعض الناس قد تُسهم في تهجير المسيحيين ورأينا ذلك في عدّة مناسبات.&nbsp;</p> <p>غسان الشامي: هنا قربنا في القريتين هناك مَن يعمل على تجميع جوازات سفر.</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: حدث ذلك في القرى التي تحيط بنا ونحن اعترضنا على هذا الأمر وتواصلنا مع الجهات الأوروبية التي كانت تقوم بهذا النشاط، وأنا لا أعتقد أن هدفها كان أن تهجّر المسيحيين من قراهم وإنما أن تتعامل مع المهجّرين المسيحيين الموجودين في بلادٍ أخرى لمساعدتهم على الوصول إلى أوروبا، ونحن لسنا ضدّ هذه الجهود إذا كانت تعني أن يستقرّ هؤلاء بحياةٍ أفضل لكننا ضدّ أي إنسان يأتي إلى قرانا وبيوتنا في سوريا أو العراق ويُسهم في هجرتهم من أرضهم وهم ما زالوا على الأرض. أعود وأقول إن الكنائس المسيحية وأتحدّث بشكلٍ خاص عن الكنائس التاريخية التقليدية الرسولية الموجودة لم تكن في يومٍ من الأيام تحرّض على الهجرة بل على العكس تدعو دائماً إلى البقاء والتمسّك والتجذّر، ولكن حتى في هذه الكنائس الرسولية هناك بعض الأشخاص الذين حاولوا أن يهجّروا أبناءنا لأسبابٍ مادية بحتة، هي استفادة شخصية مادية من وراء هذه الحالات التي هي حالات إنسانية بالدرجة الأولى ولكن هناك مَن يتاجر بها مع الأسف.</p> <p>غسان الشامي: ما رأيكم بمفهوم حياد المسيحيين صاحب القداسة؟</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: من الصعب عليّ أن أفهم معنى أن يكون المسيحي محايداً، يجب على المسيحي أن يكون مسالماً، أن يدعو إلى السلام وأن يعمل من أجله، طوبى لفاعلي السلام لأنهم أبناء الله كما يقول السيّد المسيح، ولكن لا أستطيع أن أكون محايداً أمام الشرّ والظلم. هناك آية جميلة في سفر الرؤيا، رؤيا يوحنا تقول: "لا تكن فاتراً"، لا يستطيع المسيحي أن يكون فاتراً وفي الرمادية، يجب أن يكون حارّاً. بالنسبة لي إذا كان الحياد يعني أن أتفرّج من بعيدٍ على ما يحدث من دون أن أحاول أن أسهم أو أساعد المظلوم، المضّطهد، الجائع فبالتأكيد هذا ليس من المسيحية بالنسبة لي.</p> <p>غسان الشامي: حتى في السياسة لا حياد، أنا أعتقد أن عند الخالق هناك جنّة ونار.</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: صحيح.&nbsp;</p> <p>غسان الشامي: في المطهر قلّة على ما أعتقد.&nbsp;</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: نحن السريان لا نؤمن بالمطهر.</p> <p>غسان الشامي: سؤالي الأخير صاحب القداسة أنتم كنتم في زيارةٍ إلى قداسة البابا، هل قال شيئاً عن الحياد؟</p> <p>البطريرك اغناطيوس أفرام الثاني: التقينا بقداسة البابا أكثر من مرة في هذه السنة، وكان الحديث حول المسيحية في منطقة الشرق الأوسط، حول الوحدة المسيحية وأمورٍ أخرى ولكن لم أسمع قداسة البابا فرنسيس يذكر موضوع الحياد.</p> <p>غسان الشامي: أشكرك جداً جمّاً. أعزائي أعيّدكم مجدّداً وأقول لكم إن هذه هي الحلقة الأخيرة من أجراس المشرق، عشر سنوات على طريق الحق والنور والتنوير والحضارة والفكر والتاريخ، عشرٌ ومئات الحلقات في الزمن الصعب على المشرق والعالم العربي، لم نحابِ أحداً ورسالتنا الواقع كما هو، أشكركم أينما كنتم على محبّتكم ومتابعتكم، أشكر زملائي الكُثُر في الميادين الذين قرعوا معي الأجراس بمحبّةٍ وحرفيّة، شكري عميمٌ لرئيس مجلس إدارة الميادين الأستاذ الصديق غسان بن جدّو الذي آمن برسالة البرنامج وبحرية التعبير ولم يتدخّل يوماً، أكرّر لم يتدخّل يوماً في فحوى ما قدّمناه، أشكره على ثقته ومحبّته ومهنيّته، وأشكر الزميلة نيكول كاماتو مديرة البرامج على تعبها معي، أشكر الزميل جهاد نخلة مدير العمليات الذي رافق العمل بمحبّةٍ من أوّل حلقةٍ حتى هذه الحلقة الأخيرة، وأشكر الزميلين المنتجة السابقة لور موراني ومنتج البرنامح منذ أكثر من السنتين الأخيرتين هشام الهاشم، أشكر الأحباء المخرجين والتقنيين والمصوّرين جميعاً، لولاهم لم تُقرع هذه الأجراس، شكري عميمٌ لجميع الضيوف من بطاركة وأساقفة وشيوخ وأكاديميين ومؤرّخين وفلاسفة ومفكّرين ومبدعين تنويريين."بارخمور ريش ريشونه"، شكري باذخٌ لقداستكم على قبولكم أن تكون الحلقة الأخيرة معكم وفي أرضكم وبين أهلكم كرسالةٍ تحثّ على البقاء والنماء، محبّتي لكم ولكل المشاهدين وسنلتقي في طريق الحق والخير والجمال طبعاً ونتابع السعي لإظهار الحقيقة ورفع راية المعرفة، سلامٌ عليكم وسلامٌ لكم من الآن وحتى دهر الداهرين، آمين، شكراً سيّدي. &nbsp;</p>