هل الجامعات الأميركية والبريطانية هي الأفضل في العالم؟

هل تصنيفات الجامعات الأميركية والبريطانية كأفضل جامعات تعبر عن واقع حقيقي أم إنها صورة طُبعت في أذهاننا بتأثير من الهيمنة الثقافية للغرب؟ ما المعايير التي تعتمدها هذه التصنيفات العالمية أساسِا وما مدى صدقيتها العلمية؟ بمجرد أن يكون الإنسان متخرجاً في جامعة هارفرد أو MIT أو ستانفورد، فإن ذلك يمثّل تذكرة قوية أو green card للوصول إلى الوظائف الأعلى في المؤسسات والشركات، إضافة إلى الميزة الاجتماعية التي تقدمها هذه الشهادات. عادة ما تسيطر الجامعات الأميركية والبريطانية على المراتب العشر الأول في نماذج تصنيف الجامعات في العالم.

نص الحلقة

<p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: مساءُ الخير.&nbsp;</p> <p>بمُجرّد أن يكون الإنسان مُتخرّجًا في جامعة هارفرد أو MIT أو ستانفورد فإنّ ذلك يُمثّل تذكرة قوية أو "Green card" للوصول إلى الوظائف الأعلى في المؤسّسات والشركات، إضافةً إلى الميزة الاجتماعية التي تُقدّمها هذه الشهادات.&nbsp;</p> <p>عادةً ما تُسيطر الجامعات الأمريكية والبريطانية على المراتب العشر الأولى في نماذج تصنيف الجامعات في العالم. هل تُعبّر هذه التصنيفات عن واقع حقيقي؟ أم أنّها صورة طُبِعت في أذهاننا بتأثير من الهيمنة الثقافية للغرب؟ ما المعايير التي تعتمدها هذه التصنيفات العالمية أساسًا؟ وما مدى صدقيتها العلمية؟</p> <p>نُناقش ذلك بالتفصيل مع البروفيسور أنيس الخصاونة، أستاذ الإدارة الحكومية ونائب رئيس جامعة اليرموك سابقًا معنا من الأردن، أهلًا وسهلًا بك دكتور أنيس.</p> <p>&nbsp;</p> <p>أنيس الخصاونة: أهلًا وسهلًا بكَ أستاذ محمد.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: بدايةً فلنتابع هذا الفيديو.</p> <p>&nbsp;</p> <p>فيديو:</p> <p>الجامعات الأمريكية والبريطانية تُسيطر على سُلّم التصنيفات للجامعات الأفضل عالميًا.</p> <p>جامعات هارفرد وستانفورد وماساتشوستس الأمريكية، وجامعتا كامبردج وأكسفورد البريطانيتان حاضرةٌ ضمن العشر الأولى في أغلبية التصنيفات.</p> <p>النماذج العالمية للتصنيف كثيرة إلا أنّ أكثرها شهرة نموذجان:</p> <p>THE (Times Higher Education) و QS &nbsp;البريطانيان.</p> <p>بالإضافة إلى مؤشّر شانغهاي الذي تمّ اعتماده عام 2003 وفق معايير غربية أيضًا.</p> <p>تعتمد هذه النماذج عددًا من المعايير في التصنيف، منها: السمعة الأكاديمية للجامعة وعدد الأبحاث المنشورة باللغة الإنكليزية وعدد الحائزين جائزة نوبل من هيئتها التدريسية.</p> <p>في عام 2022 قاطعت الجامعات الصينية رينمين ولانزهو ونانجينج هذه التصنيفات العالمية.</p> <p>تؤيد دول بريكس اعتماد تصنيف خاص بها للجامعات في العالم، تُعتمد فيه معايير أخرى لأنّ جامعاتها تستحقّ مراتب أعلى في سُلّم التصنيفات العالمية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: دكتور أنيس، هل يمكن القول إنّ الانقسام العالمي في المعايير وصل إلى الجامعات والأكاديميا اليوم؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أنيس الخصاونة: هذه التصنيفات هي تصنيفات مُجتمعية غربية، فعندما نقول التصنيف العالمي للجامعات في مختلف القارات وفق قِيَم ومعايير يعتمدها الغرب لنفسه، الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال هي قارّة بحد ذاتها، هي عبارة عن 50 دولة في دولة واحدة، وفيها حوالى 5700 جامعة. الهند أيضًا فيها حوالى 5400 جامعة. فكيف يمكن أن أعتمد معايير لتصنيف الجامعات ومدى قُوّتها هي نفس المعايير المعتمدة في الولايات المتحدة الأمريكية على الجامعات الأمريكية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: الأسباب زائدًا السياق تُساوي الحدث.&nbsp;</p> <p>في الأسباب، ما أسباب التحفّظ على النماذج الغربية في التصنيف.&nbsp;</p> <p>وفي السياق، هل يمكن أن يظهر معيار جديد خاص بالقوّة الصاعدة، الصين وروسيا والهند مثلًا.</p> <p>في الأسباب نُناقش ثلاثة مؤشّرات أو عوامل:</p> <p>أولًا، استطلاعات الرأي بشأن سُمعة الجامعة.&nbsp;</p> <p>ثانيًا، عدد حائزي جائزة نوبل في الهيئة التدريسية.&nbsp;</p> <p>ثالثًا، عدد الأبحاث المنشورة من المدرّسين والطلاب وعدد الاقتباسات لهذه الأبحاث أيضًا أو ما يسمّى تأثير البحث.</p> <p>في نموذج QS ونموذج THE هنالك عدد من المعايير التي تعتمد استطلاع الرأي عن الجامعات من خبراء أو مشاركين. مثلًا في مُؤشّر QS، استطلاع الرأي عن السمعة الأكاديمية 40% من مجمل التقييم - وزن هذا المؤشّر يعني - استطلاع رأي عن سمعة مالك الجامعة 10% من مجال التقييم. في نموذج THE، استطلاع رأي عن التدريس 15% من حصّة تقييم التدريس ككل، واستطلاع الرأي عن سمعة الأبحاث 18% من حصّة الأبحاث ككل.</p> <p>أستاذ أنيس، برأيك ألا تعتقد أنّ هذه المؤشّرات أو هذه العوامل في آليات احتساب التقييم وباستخدام استطلاعات رأي تُعيد إنتاج فوز الجامعات الغربية التي أساسًا فرضت صورة نمطية في العالم أنّها الأفضل؟ وألا تعتقد أنّ الاعتماد على استطلاعات رأي هذا المعيار، هذا المعيار مطّاط في آليات التصنيف العالمية، ماذا يعني أن يكون عامل أو مؤشّر استطلاع الرأي هو الحاسم أو مشارك في آليات التصنيف وهذا المعيار أساسًا معيار مطّاط؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أنيس الخصاونة: سيّدي، حقيقة السؤال في مكانه، أنا أعتقد أنّ هذه الجزئية المُتعلّقة بالسمعة الأكاديمية للجامعات في نموذج QS المعتمد هذا يعتمد على استطلاعات الرأي، واسستطلاعات الرأي فيها حديث كثير يمكن أن يُقال هنا لأنّ هناك مجالاً كبيراً جدًا للتحيّز في مجال اختيار العيّنات وقادة الرأي والأكاديميين الذين يتمّ سؤالهم، وبالتالي يُمكن أن يُؤثّر بالتأكيد في نتائج هذه الاستطلاعات وبالتالي خصوصًا وأنّ هذا وزنه بحدود 40%. أنا أعتقد أنّ الجامعات الأمريكية المعروفة مثل هارفارد وستانفورد وبارتلي والـMIT، هذه الجامعات حتى قبل المعايير هذه وقبل اعتمادها سنة 2002 و2003، قبل ذلك هي جامعات مشهورة ومعروفة بقوّتها وجودة نتاجاتها الأكاديمية. لكن أنا أعتقد أنّ هذه التقييمات سواء تقييم QS أو THE أعتقد أنّ كِلا التقييمين فيه تحيّز للمعايير الغربية والمعايير الأمريكية والبريطانية، إذ أنّ بطريقة أو بأخرى وخصوصًا QS. الاعتماد على استطلاعات الرأي فيه حديث كثير جدًا، وهنالك طعن كبير جدًا بمدى مصداقية هذه النتائج، حيث أنّه يمكن من خلال إعطاء وزن 40% للسمعة الأكاديمية ومن خلال الاعتماد على استطلاعات الرأي يمكن أن يُؤثّر في النتيجة النهائية وتصنيف الجامعة.&nbsp;</p> <p>ولذلك أعتقد أنّ المقياسين حقيقة يشتركان في جوانب كثيرة جدًا، لكن الاختلاف ليس في المعيار بل الاختلاف أيضًا في الأوزان، كم من الوزن تُعطيه سمعة الجامعة، وكيفية الوصول إلى الشهرة أو سمعة الجامعة كيف تحكم على ذلك، فيها جانب تقديري كبير جدًا، وبالتالي يمكن أن يضع بعض الجامعات في مراتب مُتقدّمة جدًا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: أو حتى دكتور على سمعة مالك الجامعة ليس فقط على السمعة الأكاديمية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أنيس الخصاونة: سمعة مالك الجامعة، هنالك جامعات مملوكة للقطاع الخاص وهنالك جامعات مملوكة للدولة وهناك جامعات عامة. لذلك فلتتصوّر معي أنّ مالك الجامعة كيف يمكن أن يُعطي ترتيبًا لجامعته ترتيبًا متدنّيًا، يعني هنا سؤال وعلامة استفهام كبيرة جدًا. ولذلك أنا أعتقد أنّ التصنيف فيه أولًا تحيّز لمعاييرالجامعات الغربية. ثانيًا، هناك ظلم للجامعات في الدول النامية والجامعات الناشئة لأنّك تُطبّق عليها معايير غريبة ومعايير لا تنسجم وبيئة هذه الجامعات وسُمعتها.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: نعم دكتور أنيس، دعنا ننتقل إلى مؤشّر آخر وعامل آخر.&nbsp;</p> <p>في مؤشّر شانغهاي العالمي أو تصنيف شانغهاي الذي قُلنا أيضًا أنّه يتّبع معايير غربية، نظرًا لانطلاقه عام 2003 في ظروف لم تكن الصين فيها على ما هي عليه اليوم من صعود وقوّة هو أيضًا مؤشّر عالمي. ويتّبع هذا المؤشّر ستة مؤشّرات من ضمنها عدد حائزي جائزة نوبل من المدرسين والمتخرّجين، طبعًا هنالك تحفّظ على هذا المعيار مُنطلق من التحفّظ على انحياز جائزة نوبل نفسها التي أعطت مناحيم بيغن وشمعون بيريز وإسحاق رابين جائزة نوبل للسلام، ونحن نعرف حجم التحفّظ على أدباء لم يحصلوا على جائزة نوبل للأداب بسبب مواقفهم السياسية.</p> <p>ألا تعتقد دكتور أنيس أنّ هذا المعيار، يعني عدد المُدرّسين الحائزين على جائزة نوبل هو جزء من تسييس المعايير في هذه النماذج، ولاسيما أنّه يحظى بنسبة عالية من مؤشّر شانغهاي، عامل عدد الحائزين على جائزة نوبل؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أنيس الخصاونة: بالتأكيد هذا أيضًا يُضيف إلى الكلام الذي كنّا نتحدّث عنه، أنظر للظلم في قضية التسويق للجامعات في الدول النامية بشكل عام والجامعات العربية على وجه الخصوص، كم واحد حاصل على جائزة نوبل حتى نُدرجه كوزن في تصنيف جامعاتنا. خُذ مثلًا الجامعات المصرية، مصر كأكبر دولة عربية، الجامعات المصرية لم تكن هناك جائزة نوبل إلا للراحل أنور السادات ومحمد البرادعي لأهداف سياسية وليست أهداف أكاديمية، والعلمية كانت لأحمد زويل، السيّد أحمد زويل يحمل الجنسية الأمريكية وهو كان في الجامعات الأمريكية، وبالتالي من الظلم إدراج معيار من هذا النوع لا ينطبق بشكلٍ كبير جدًا إلا على الجامعات الأمريكية والجامعات البريطانية. وبالتالي فأعتقد أنّ مثل هذا المعيار هو معيار مشكوك في مدى جدارته كأساس لتقييم وتصنيف الجامعات، وبالتالي كثير من جوائز نوبل مُنحت لأهداف سياسية وليست لأهداف أكاديمية، وأنا أدرجت الآن أمثلة، ثلاثة في مصر نالوا الجائزة لأهداف سياسية، فالسادات نال الجائزة لتوقيعه معاهدة مع إسرائيل والتطبيع ولم تكن لأهداف أكاديمية، والبرادعي أيضًا كان يعمل في المنظمات الدولية وأنت تعرف دوره في قضية الرقابة على الأسلحة في العراق ومن هذه القضايا وعمل كأداة مع منظمة الطاقة الذريّة الدولية. أما بالنسبة لأحمد زويل فهو أكاديمي معروف ومرموق لكنه كان يحمل الجنسية الأمريكية وعمل في الجامعات الأمريكية ومُنحت له. غيرهم لا يوجد وأنا أتحدّث عن الدول النامية، فكيف تُدرج معيار من هذا النوع. ُمعظم الحاصلين على جوائز نوبل هم غربيين، معظمهم من الجامعات الأمريكية والبريطانية في الكيمياء والكيمياء العضوية والفيزياء والفيزياء النووية والفلك والطب والأدوية واللقاحات. هذا الوضع الحقيقة يضع الجامعات الغربية وتعقيبًا على سؤالك الأول أقول إنّ هذا كأنه يُخرجها في جانب بأن تكون في مقدّم الجامعات وبالتالي فهذه المعايير فيها نوع من "Bio Skills" للجامعات الغربية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: نعم دكتور أنيس، ننتقل إلى المعيار أو المؤشّر الثالث، واحد من المعايير المُستخدمة في أغلب النماذج هو عدد الأبحاث المنشورة في المجلات المُحكّمة وعدد الاقتباسات من هذه الأبحاث في الأبحاث الجديدة، بمعنى آخر أثر هذا البحث، صداه، تأثيره، أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة ما الذين ينشرون أبحاثًا تأثيرها أكبر تحظى جامعاتهم بمرتبة أعلى في التصنيفات العالمية.</p> <p>واحد من التحفّظات في هذا المعيار، الأبحاث المنشورة في اللغات غير الإنكليزية وعدم أخذها بعين الاعتبار عند عملية تصنيف الجامعات على مستوى عالمي، فلنتابع هذا الفيديو.</p> <p>&nbsp;</p> <p>فيديو:</p> <p>Christopher Tremewan (Secretary-general / Association of Pacific Rim Universities):</p> <p>كثير من الجامعات لا تُدرّس باللغة الإنكليزية، ليس لديهم التمويل العام الذي يمتلكه الآخرون، ليس لديهم أية فرصة للظهور ضمن التصنيفات التقليدية، وهي نوع من التصنيفات التي تحثّ على الامتثال، وهذا سيفتج المجال أمام واقع الجامعات التي يتعيّن عليها مواجهة تحديات كبيرة جدًا وتقديم مساهمات ضخمة في سياقاتها الخاصة ذات تأثير اجتماعي.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: دكتور أنيس، هنالك جامعات لا تُدرّس باللغة الإنكليزية أساسًا، أبحاثها منشورة بلغاتها المحلية، كيف يُؤثّر ذلك في مرتبتها في التصنيفات العالمية؟ هي تُنتج علمًا، تُنتج علمًا دقيقًا، مُساهمات علمية كبيرة، ولكن هذا البحث غير منشور باللغة الإنكليزية ولا يُحتسب ضمن أدوات التصنيف العالمي، كيف تُعلّق على ذلك؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أنيس الخصاونة: الحقيقة هناك بُعدين يجب التعرّض لهما، البُعد الأولى هو ما أشرتم إليه أنّ كثيراً من البحوث يمكن أن تُكتَب في مجالات تخصّص خصوصًا في العلوم الإنسانية تُكتَب بلغات أخرى ولا تُكتب باللغة الإنكليزية، وبالتالي كيف يُمكن أن تجد طريقها للنشر في مجلّات علمية مُحكّمة دولية لها &nbsp;قوّة التأثير، وأنا الحقيقة كرئيس هيئة تحرير لإحدى المجلات الأردنية التابعة لجامعة اليرموك أجد حرجًا كبيرًا جدًا أحيانًا أنّ كثير من الزملاء وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأردنية ومن ضمنها جامعة اليرموك يكتبون باللغة العربية خصوصًا بالمواضيع المتعلقة بالشريعة والسياسات الشرعية والميراث وغيرها ويكتبون بحوثًا ذات جودة عالية لكنها هي باللغة العربية، فكيف يمكن الحُكم على البحوث أن تكون في مجلّات عالمية، عالمية يعني اللغة الإنكليزية، والآن هناك حديث عن "سكوبس" ومجلّات "سكوبس" بعضها ذات تأثير أكبر، بعضها &nbsp;تأثير 5 أو 10 أو 15 أو 20، هذه المجلّات كلها تتعامل مع اللغة الإنكليزية لا تتعامل مع اللغات الأخرى، وبالتالي هذا أيضًا يضع الجامعات غير الأمريكية، غير العربية، أو الجامعات التي يوجد فيها مَن يكتب بحوثًا بلغات غير اللغة الإنكليزية تضعهم في الجانب الخاسر في هذه القضية، وبالتالي فإنّ مؤشّرات التقييم أعتقد أنّ هنالك فيها مشكلة كبيرة جدًا وبالتالي تضع هذه الجامعات في ترتيب أدنى ممّا تستحق.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: إذًا دكتور أنيس كما تحدّثنا عن المعايير المُستخدمة في النماذج وفي التصنيفات العالمية وكم هي هذه المعايير قد تُسبّب عوامل انحياز، هنالك أيضًا عدد من المؤشّرات والمعايير الغائبة، مثلًا براءات الاختراع لا تجدها حاضرة في هذه النماذج، الجامعات الصينية على سبيل المثال والشركات الصينية في براءات الاختراع المُسجّلة تستحوذ على النسبة الأكبر في العالم.</p> <p>دكتور كيف يمكن فَهْم سبب تحييد هذا العامل المهم جدًا، نسبة براءات الاختراع في العالم، عن نماذج التصنيف العالمي، لماذا يغيب هذا العامل؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أنيس الخصاونة: أنا أعتقد وليّ رأي هنا حقيقة، في موضوع براءات الاختراع أعتقد في العلوم والمخرجات البحثية في الجامعات إذا لم يكن لها نتاجات على المجتمع فلا قيمة لها لأنّه واحدة من أهداف البحوث العلمية هي أن يكون لها تأثير على المجتمعات، وبالتالي حتى البحوث العلمية في الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها إذا لم تستجب للصناعة، وكثير من البحوث، واللقحات هذه كلها تأتي نتيجة بحوث تُجرى في المعامل وفي الجامعات وكلّها مدعومة أيضًا من القطاع الخاص ومن الصناعة.</p> <p>براءات الاختراع هذه أعتقد أنّها مشمولة في حقوق الملكية، في الدول الغربية براءات الاختراع لا تُسجّل من قِبَل الجامعات، هنالك مؤسّسات خاصة تقوم بتسجيل براءات الاختراع وليس الجامعة التي تُسجّلها، هناك حالات نادرة التي تُسجّل فيها الجامعة، ولكن كأشخاصٍ يُسجّلون براءات الاختراع في مؤسّسات خاصة مُستقلّة ويحتفظون بحقوقهم، لذلك أنا أعتقد أنّ براءة الاختراع في الصين، في الهند مثلًا، الصين كاقتصاد مُتقدّم وصاعد بشكل كبير جدًا ويُزعج الغرب، الصين كلّه قائم على اختراعات وهي الحقيقة أنّ هذه الاختراعات مُعظمها لا يخرج من الجامعات، معظمها يخرج من ناس باحثين لا ينتمون لكوادر التدريس في الجامعات، وهو كما قلنا الجانب السياسي للموضوع، الجانب السياسي أنّ الصين اقتصادها الآن يقوم مُعظمه على براءة الاختراع وعلى الاقتصاديات وعلى المُساهمات الاقتصادية الكبيرة، والسلع الصينية والإبداعات تغزو الأسواق الأمريكية وتُنافس الصناعات الأمريكية وتُنافس الجامعات، ولذلك أنا أعتقد أنّ براءة الاختراع هي تضع الجامعات الصينية والباحثين الصينيين تضعهم في مرتبة أقل من المرتبة التي يستحقّونها في هذا البُعد في براءة الاختراع.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: دكتور هذا يدفعنا للحديث عن الجامعات الصينية والروسية والهندية وعن رغبة عدد من الجامعات في دول البريكس على سبيل المثال بمقاطعة التصنيفات العالمية الحالية للجامعات.</p> <p>في السياق نُناقش الصروح الغائبة، نقصد بها الجامعات المُتقّدمة في دول مثل الصين وروسيا والهند.</p> <p>في نظرة مُتفحّصة لترتيب الجامعات في العالم استنادًا إلى المؤشّرات العالمية الحالية، في نموذج THE جامعة بيكين وتسنغوا في الترتيب السادس عشر، ومن ثمّ تغيب الجامعات الصينية بشكل كامل إلى المرتبة الـ60 مع جامعة فودان. الجامعة الهندية للعلوم في المرتبة 301، وجامعة موسكو في الترتيب 158.</p> <p>دكتور أنيس، هل برأيك وضعية هذه الجامعات في هذه الدول ضمن هذه التصنيفات العالمية مُنصفة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أنيس الخصاونة: أنا لا أعتقد أنّها مُنصفة لأنّ هنا إسمح لي أستاذ محمد أن أتوسّع قليلاً، أقول أنّ هناك تباينات نظرًا للتباينات الثقافية والمالية والاجتماعية أعتقد أنّه من الصعوبة بمكان أنه يمكن الوصول لمعايير عادلة وفاعلة يمكن تطبيقها على الجميع على كل الجامعات في العالم لتحديد موقعها في التصنيف العالمي، الوظائف التي تُؤدّيها الجامعات في الدول مختلفة ومتباينة ومتأثّرة بأبعاد داخلية اجتماعية واقتصادية وسياسية.</p> <p>فقضية البحث العلمي والنشر العلمي والإنتاج البحثي في جامعات الدول النامية لا تُشكّل أولوية هامة في الحياة العامة وفي إدارة شؤون الدولة، ولا يتم توظيف نتاجاتها، نتاجات البحث العلمي في الصناعة التي هي ضعيفة أصلًا، لذلك فإنّ تطبيق معايير عالمية لتصنيف الجامعات في العالم قضية غير منصفة وغير واقعية، وهي فيها محدودية ثقافية، وهذه المعايير سواء كانت في THE أو QS أو شانغهاي هي مُتحيّزة للقِيَم الغربية وواقع الجامعات في دول الغرب. لذلك نجد أنّه مثلًا، تحدّثت عن الجامعات الصينية والهندية والروسية سأعود لها، الآن خذ أربع جامعات عند الكيان المحتل، أربع جامعات تدخل في التصنيفات العالمية، كيف يمكن أن تُفسّر دخول أربع جامعات إسرائيلية ضمن التصنيفات العالمية وهي بعيدة عن جامعات عربية مسافة 50 و60 كيلومتراً؟ لأنّ هذه الجامعات، هذا المجتمع هو مجتمع غربي أعتبره وينسجم مع المجتمعات الغربية ومع القِيَم الغربية ولذلك فإنّ القِيَم الغربية تنطبق على الجامعات في الكيان المحتل، وبالتالي تُحقّق ترتيبات عالمية، معهد تخنيون ومعهد آخر وجامعة تل أبيب تُحقّق مُعدّلات أعلى من بعض الجامعات الأمريكية، لماذا؟ لأنّ القِيَم الغربية تنطبق على التصنيف وبالتالي دخلت فيها بينما الجامعات العربية التي سأعرّج عليها لاحقًا لا تحقّق أية ترتيبات عالمية .</p> <p>أعتقد أنّ التصنيفات للمستقبل، أعتقد أنّ التصنيفات الإقليمية للجامعات في المناطق والدول سترتقي.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: دكتور أنيس دعنا نحتفظ بقليل من الوقت للحديث عن الجامعات العربية أيضًا، ومبدئيًا لنصغ معًا مُعادلة تصنيف الجامعات، معايير غير شاملة زائدًا تسييس المعايير في سياق تحفّظ الدول الصاعدة تُساوي تصنيف الجامعات ضمن النماذج المُتاحة عالميًا الآن.</p> <p>في فقرة مُقاربات ماذا عن الدول العربية؟ ترتيب الجامعات العربية كما يظهر على الشاشة، في تصنيف THE وتصنيف QS، طبعًا هذا الترتيب العربي داخل الترتيب العالمي، في تصنيف THE السعودية وقطر والإمارات تُسيطر على الترتيب العربي، في QS تلحق الجامعة الأمريكية في بيروت والجامعة الأردنية بأولى عشر من الجامعات عربية، فيما يغيب المغرب، الجزائر، تونس، وسوريا والقاهرة وبغداد.</p> <p>كيف يمكن ذلك دكتور أنيس؟ كيف وصلنا إلى هذه الخريطة؟ الجامعات السعودية والجامعات الخليجية على سبيل المثال هل هي أكثر تقدّمًا من جامعات سوريا والأردن والجزائر والمغرب وبغداد؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>أنيس الخصاونة: الحقيقة أودّ أن أقول أنّ ترتيب الجامعات العربية وبالذات الخليجية أعتقد أنّ هنالك أمراً ينبغي أن أقوله، أولًا الأمكانيات المالية الهائلة التي تتمتّع بها بعض الدول الخليجية تُمكّنها من استقطاب أعداد من الباحثين الغربيين وأسماء كبيرة جدًا وبالتالي هؤلاء لهم نتاجات ولهم إنتاج بحثي غزير جدًا ومشهورين ويُعدّون أبحاثًا ذات وزن كبير جدًا، وبالتالي هذه الجامعات تُحقّق مُعدّلات مُتقدّمة لأسباب قدرتها على استقدام الباحثين، وبالتالي فإنّ هنالك علامات استفهام حول ترتيب هذه الجامعات ممّا يجعل هذه الجامعات مراتبها مُتقدّمة في التصنيفات الدولية. هنالك نتاجات إذا تبحث في هذه الجامعات التي تُحقّق مُعدّلات مُرتفعة تجد أنّ القليل من أبنائها هم الذين يكتبون هذه البحوث، قليل من أبنائها هم الذين يعود لهم الإنتاج البحثي، يعني مثل الرياضيين نأتي من نوادٍ رياضية مُعيّنة ونشتري اللاعب بخمسة مليون مثلًا وبالتالي يُحسب على نادي كذا، وهذا ينطبق الآن على الجامعات، أنا أعرف شخصيًا أشخاص وأنا قدمت في ثماني جامعات عربية بالمناسبة وأعرف كيف يتمّ التركيز على الأمور الشكلية الذي قد يُؤثّر على ترتيب الجامعة، وبالتالي أعتقد أنّ هناك مشكلة كبيرة جدًا. بينما الدول العربية التي ليس لديها إمكانات وفوائض مالية هائلة لا تتمكّن من تحقيق مراتب مُتقدّمة في التصنيفات.</p> <p>كيف من الممكن أن أفسّر أنّ جامعة أنشئت سنة 2000 مثلًا تُحقّق مراتب مُتقدّمة جدًا في التصنيف العالمي في حين أنّ جامعة عمرها 70 سنة أو مئة سنة أو 150 سنة عربية أخرى وهي تُحقّق مراتب مُتدنّية، الأسباب تتعلّق بالمال وبالقدرة على استقطاب أساتذة دوليين، أسباب تتعلّق بالقدرة على التجهيزات والمواد والمختبرات والمعامل إلى غير ذلك.</p> <p>لذلك أعتقد أنّ هنالك علامات استفهام حول هذا الموضوع، وبالتالي فإنّ المال يلعب دورًا كبيرًا جدًا في القدرة على الاستقطاب والقدرة على تحقيق مراتب عالمية. يعني في جامعات في السعودية حقّقت مراتب عالمية لكن إبحث عن الأدوات، إبحث مَن الذي أنتج هذا الإنتاج البحثي، ستجد أنّ خلفه أعداد كبيرة جدًا من الباحثين الغربيين.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد فرج: دكتور أنيس شكرًا جزيلًا على هذه المداخلة القيّمة والمُتخصّصة في موضوع مُتخصّص ودقيق.</p> <p>أعزّائي المشاهدين على لقاء يتجدّد الثلاثاء المقبل على لقاء بإذن الله....&nbsp;</p>