"الرقبة التقنية المنحنية".. آثار الإدمان الرقمي، ما الوقاية؟

الانحناء المستمر أمام الشاشات وأجهزة الهواتف الذكية ولّد وباءً صامتاً يُعرف بـ"الرقبة التقنية"، حيث يتحمل العنق أوزاناً تفوق طاقته الطبيعية ما يؤدي إلى آلام مزمنة متصاعدة.. ما الوقاية؟

  • تتفاقم آلام الرقبة تدريجياً لتتحول إلى معاناة مزمنة ناتجة من الانحناء المتكرر للرأس خلال استخدام الأجهزة
    تتفاقم آلام الرقبة تدريجياً لتتحول إلى معاناة مزمنة ناتجة من الانحناء المتكرر للرأس خلال استخدام الأجهزة

باتت الرقبة ضحية جديدة لعصر التكنولوجيا، إذ تشير الإحصاءات إلى أنّ معظم الموظفين الأميركيين مثلاً يقضون ساعات طويلة يومياً منحنين أمام الشاشات، سواء في مكاتبهم أو أثناء تصفح هواتفهم. هذا السلوك المتكرر أدّى إلى انتشار مشكلة تعرف بـ"الرقبة التقنية" Tech Neck، التي أصبحت مصدر إزعاج متزايد يؤثر سلباً على جودة الحياة.

هذه المشكلة يطلق عليها أحياناً "رقبة الرسائل" Text Neck، لا تقتصر على شعور مؤقت بعدم الراحة، بل تبدأ بآلام بسيطة في الرقبة قد تتفاقم تدريجاً لتتحول إلى معاناة مزمنة ناتجة من الانحناء المتكرر للرأس خلال استخدام الأجهزة.

المشكلة الأساسية لا تكمن في الجهاز بحد ذاته، بل في الضغط المفرط الذي يتحمله العنق نتيجة زاوية الانحناء. فالمتخصصون يؤكّدون أنّ إمالة الرأس إلى الأمام تضع عبئاً هائلاً على الفقرات العنقية، يتجاوز ما يمكن للرقبة تحمله في الوضع الطبيعي.

يشرح بريان لانغينهورست، متخصص الهندسة الميكانيكية والبيئة المهنية في مركز "مايو كلينك" Mayo Clinic بمدينة لا كروس بولاية ويسكونسن، هذا التأثير بصورة دقيقة قائلاً: "تخيّل أنّ رأسك عبارة عن كرة بولينغ تزن ثمانية أرطال، ثم تخضع ذراعك لضغط يعادل 72 رطلاً، وكتفك يتحمل 96 رطلاً. هذا هو العبء الناتج من وضعية الرأس المنحني".

وأضاف: "أصادف حالات من هذا النوع باستمرار في أماكن العمل والمدارس والمصانع، وقد أصبحت جزءاً من يوميات كثر".

لكن على رغم الانتشار الواسع لهذه المشكلة في مختلف المجتمعات، فإنّ الوقاية منها ممكنة من خلال خطوات بسيطة يمكن دمجها في الروتين اليومي.. فكيف يمكننا الحد من آثار "الرقبة التقنية"؟

1- ممارسة تمارين التمدد لعضلات الرقبة

يوصي الدكتور جيفري بنغ، المتخصص في الطب الرياضي، بممارسة التمددات بانتظام لتحقيق أفضل النتائج.

يقول بنغ: "خمس دقائق فقط تكفي لتمديد الرقبة، لكّن المفتاح هو تكرار التمارين - من الأفضل ثلاث مرات يومياً - لأنّ ذلك يساعد تدريجاً في تحسين مرونة العضلات، وزيادة نطاق حركتها ومنعها من التصلب مع مرور الوقت".

من بين التمارين المفيدة، يُنصح بإمالة الرأس جانباً كما لو أنك تحاول ملامسة كتفك بأذنك، وهي حركة تستهدف عضلة شبه المنحرف العلوية، وهي عضلة كبيرة في الكتف. ويمكن استخدام اليد للضغط بلطف على الرأس، مع الحفاظ على الوضعية لمدة 30 ثانية.

كذلك يمكن تمديد عضلة "رافعة الكتف"، الممتدة على جانبي الرقبة والجزء العلوي من الظهر، من خلال تدوير الرأس بزاوية مائلة وسحبها بلطف إلى الأسفل بيد واحدة، بينما تستقر اليد الأخرى عند قاعدة الرقبة.

ولاستهداف عضلة "السلين الأمامية"، التي تسهم في ثني الرقبة ورفع الضلع الأول، يتم إمالة الأذن نحو الكتف، ثم النظر إلى الأعلى والانحناء للخلف.

2- الحفاظ على وضعية صحية أثناء الجلوس والعمل

اضبط شاشة الحاسوب بحيث تكون على المستوى المناسب، على أن يكون مستوى العين أعلى بنصف بوصة إلى بوصة ونصف من أعلى سطر في الشاشة.

إجلس بوضعية مستقيمة تحاذي فيها الرأس مع الوركين والعمود الفقري، مع الحفاظ على المعصمين مستقيمين، وثني المرفقين بزاوية 90 درجة. يجب أن تكون القدمان ملامستين للأرض، والركبتان بمحاذاة الوركين.

عند استخدام الهاتف، ضع وسائد على حجرك لدعم الساعدين، واحرص على حمل الهاتف أو الجهاز اللوحي بوضعية مرتفعة ومائلة قليلاً.

النظر إلى الأمام مباشرة يمنح عضلاتك فرصة للاسترخاء، ويمنع تركز الضغط على مواضع محددة، "قد لا تكون هذه الوضعيات مثالية دائماً، لكنها أفضل بكثير من ترك الرقبة من دون أي دعم"، بحسب لانغينهورست.

خذ فواصل منتظمة من الشاشة ( وقت راحة) وانهض وتحرك، لأنّ ذلك يساعد على تنشيط الدورة الدموية ويغير وضعية الرقبة. وحتى أنّ الوقوف يمكن أن يحدث فرقاً.

تقول الدكتورة كافيتا تريفيدي، الأستاذة المشاركة في مركز "يو تي ساوث ويسترن" الطبي إنّ "الإنسان بطبيعته يقف منتصب القامة، وأجسامنا ليست مهيأة للنظر إلى الأسفل فترات طويلة، إذ يشكل ذلك ضغطاً إضافياً على الفقرات العنقية".

اقرأ أيضاً: كيف نخفف آلام الرقبة والمفاصل؟