يوم "الزامبو" في لبنان!

تنفرد مدينة الميناء بطرابلس باحتفالية "الزامبو"، وهي ختام أسبوع المرفع الذي يسبق بدء الصوم الكبير عند المسيحيين ويستمر 50 يوماً، وينتهي بعيد القيامة

0:00
  • في الميناء بطرابلس: جرى الزامبو ليبدأ الصوم الكبير
    في الميناء بطرابلس: جرى الزامبو ليبدأ الصوم الكبير

"الزامبو" ظاهرة خاصة بمدينة الميناء حصراً، على مستوىً عالمي، ذلك إنها تركيبة من عدة ظواهر تراثية في العالم، أتى بها المهاجرون الميناويون الذي انتشروا في أصقاع الأرض، فحمل أحدهم كرنفال البرازيل الذي يقام سنوياً للمناسبة عينها، أي قبل بدء الصوم، كما حمل آخرون من أفريقيا أشكال الثياب، وألوان الأجساد السوداء، مع صرخات القبائل، أضافة إلى ما شاهدوه من أفلام على صلة بـ"الهنود الحمر"، أي أصحاب الأرض الأميركية الأصليين.

يمكن تلمّس هذه الظواهر الـ 3 في "زامبو الميناء"، المناسبة التي ينتظرها الناس بشغف لتمضية نهار من الترفيه والانطلاق، قبل التوجّه نحو "الضبضبة"، والتستر زمن الصوم.

تاريخ يعود إلى 100 عام

صبيحة الأحد الأخير نهاية أسبوع المرفع، يتجمّع ناشطو الزمبو، القدماء منهم، والجدد الذين ورثوا التقليد عن الآباء، والأجداد، إذ يعود تاريخ الزمبو إلى أكثر من 100 عام خلت، ويتخذون من أحد أحياء المدينة القديمة مركزاً للتمويه بالألوان التي تزين وجوههم زاهية، ويلجأ بعض منهم إلى طلاء أجسادهم بمادة سوداء، ويتزينون بالريش الملون، والأقمشة الزاهية، ويحملون الحراب بأيديهم، وتنطلق مسيرتهم في الاحياء كافة على قرع الطبول التي ترافقهم، مع أداء راقص لأصناف مفتوحة من الرقص.

عند الظهيرة، تنتهي التظاهرة وقد بلغت شاطىء البحر، رفيق الميناويين في شتى مناحي حياتهم، ويغطسون في المياه، فتنغسل أجسادهم من الألوان التي تموّهوا بها.

طقس للفرح والتطيّر 

تواصلت الظاهرة في المدينة دون انقطاع، ويتشارك بها كل فئات المجتمع، من مسيحيين ومسلمين، وتحوّلت من اقتصار معناها الديني إلى معنى ترفيهي شامل، وتحوّلت المناسبة طقساً للفرح والتطيّر في هذا التاريخ من السنة، تماماً كما هي الحال مع كرنفال البرازيل السنوي.

قبل يوم "الزمبو"، يمارس المسيحيون عادات ترفيهية، ويتناولون العديد من الاطعمة التي ستكون ممنوعة عليهم في فترة الصوم الطويل، وهي كافة المشتقات الحيوانية، من لحوم، والبان وأجبان، وبيض، وسمك، وسواها، ويحضّرون الحلوى الدسمة كالمعمول، وكعك المرقّد الخاص بالمناسبة، ذلك لأن الصوم المسيحي يستهدف في مغزاه ما يعرف بـ"إماتة النفس"، أي السيطرة على الرغبات، وتحمّل مشقّات الحياة، والصبر، وإضعاف الجسد لصالح التسامي الروحي، بحسب جوهر المعتقد المسيحي.  

يعود المحتفون بـ "الزامبو" بعد ختامه إلى إحدى الصالات، ويبدأون تناول الأطعمة، والمشروبات، ومنهم من يستمر بذلك حتى منتصف الليل، لينطلقوا في صومهم الكبير.