العدوان يهدد حياة صيادي غزة ومصدر رزقهم الوحيد

استشهاد 200 صيّاد وتدمير 270 غرفة للصيّادين من أصل 300، و1800 مركب من أصل 2000 إلى جانب تدمير ميناء غزة الرئيسي و5 مراسٍ دمّرت بالكامل بسبب عدوان الاحتلال المستمر منذ 443 يوماً، وفق وزارة الزراعة في غزة.

0:00
  • صيادو غزة .. صراع الحياة والموت تحت النار
    الصيد ثاني أهمّ مهنة في قطاع غزة بعد الزراعة

شكّل صيد الأسماك جزءاً مهماً من الحياة اليومية في قطاع غزة قبل الحصار الإسرائيلي المفروض منذ سنوات، وطبعاً قبل العدوان،  إذ كان يساعد الناس على كسب لقمة عيشهم عن طريق بيع ما يصطادونه يومياً في السوق وتوفير نوع من الطعام للسكان.

وأكد الناطق باسم وزارة الزراعة في غزة محمد أبو عودة، أن قوات الاحتلال دمّرت البنية التحتية لقطاع الصيد منذ بدء حرب الإبادة على غزة  في تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وبيَّن أبو عودة في تصريح صحافي أنّ عمليات التدمير شملت الميناء الرئيسي غرب مدينة غزة، والمراسي وغرف الصيادين ومخازنهم المنتشرة على طول الساحل.

وذكر أن الحرب على غزة أوجدت مجموعة تحدّيات تتمثّل بالاستهداف المباشر للصيادين المحرومين من الوصول إلى البحر وممارسة الصيد وقد أتلف "جيش" الاحتلال أدواتهم وأغرق القوارب.

ومن هذه التحديات أيضاً، بحسب أبو عودة، منع الاحتلال دخول قطع الغيار ومعدات الصيد، وعدم السماح بإدخال الوقود اللازم لتشغيل المحرّكات، وتقليص مساحة الصيد إلى حدّ المنع الكامل حالياً.

ووفق وزارة الزراعة، فمنذ حرب الإبادة استشهد 200 صيّاد ودمّر الاحتلال 270 غرفة للصيّادين من أصل 300، و1800 مركب من أصل 2000 إلى جانب تدمير ميناء غزة الرئيسي و5 مراسٍ دمّرت بالكامل.

ثاني أهم مهنة في القطاع بعد الزراعة

من جهته، يقول مسؤول لجان الصيّادين زكريا بكر، إن الانتهاكات توزّعت خلال الأشهر الماضية بين إطلاق النار والقذائف باتجاه المراكب المبحرة والراسية، إضافة إلى اعتقالات، ومصادرة مراكب وتدمير معدّات الصيد.

وذكر بكر في تصريحات صحافية، أنّ متوسط الاعتقالات في كل شهر بمعدل 5 صيّادين، بينما بلغ متوسط الاعتداءات من 30 – 40 اعتداء، أما متوسط الأضرار فبلغت من 3 – 4 أضرار.

  • صيادو غزة .. صراع الحياة والموت تحت النار
     استشهد 200 صيّاد ودمّر الاحتلال 270 غرفة للصيّادين و1800 مركب من أصل 2000

ووفق نقيب الصيادين الفلسطينيين في غزة نزار عياش، فإن قرابة 5 آلاف صيّاد بالقطاع يعيلون نحو 50 ألف شخص من عائلاتهم، وهم في خوف دائم من الاستهداف الإسرائيلي أثناء عملهم. ونتيجة لذلك، "يمارس 200 صيّاد فقط من إجمالي الصيّادين عملهم رغم المخاطر"، وذكر أن خسائر الصيادين قُدّرت بـ60 مليون دولار، علماً بأن الصيد ثاني أهمّ مهنة في القطاع بعد الزراعة.

البحر مصدر رزق وساحة خطر على الحياة

ويواجه صيّادو غزة مخاطر تهدّد حياتهم ومصدر رزقهم في كل مرة يركبون البحر الذي اعتادوا أن يكون مصدر الحياة، وبات اليوم ساحة للمعاناة والمخاطر، تُطاردهم الزوارق الحربية الإسرائيلية وتستهدفهم مع مراكبهم ومعداتهم وشباكهم، تاركة عائلاتهم في مواجهة الفقر والحرمان.

يقول الصيّاد محمد أبو حسن: "نخرج إلى البحر ولا نعلم إن كنا سنعود سالمين. الزوارق الحربية تطاردنا يومياً، تطلق علينا النار من دون إنذار، وأحياناً تصادر شباكنا أو تدمّرها. هذا ليس فقط تهديداً لأرواحنا، بل هو أيضاً تدمير لمصدر رزق عائلتي التي تعتمد بالكامل على الصيد".

مخاطرة يومية

مثل محمد عشرات الصيّادين الذين يخاطرون يومياً ويبحرون على بعد مئات الأمتار من شاطئ غزة، بحثاً عن لقمة عيش مغمّسة بالدم نتيجة عدوان الاحتلال.

الصيّاد تيسير بصل نزح من مخيم الشاطئ إلى خان يونس ودفعته الظروف المعيشية القاسية إلى استئناف العمل في بحر خان يونس لتأمين الرزق لعائلته.

واستأجر تيسير قارب صيد صغيراً وبدأ العمل من الصفر، فلا يملك مالاً ولا يتوفّر له أيّ من معدات الصيد. يقول: نبحر مسافة قصيرة لا تتجاوز 500 متر نتعرّض خلالها لمطاردات زوارق الاحتلال التي تطلق الرصاص والقذائف صوبنا فنضطرّ للمغادرة سريعاً.

ويشير إلى أن المسافة المحدودة التي يبحرون فيها لا تتوفّر فيها الأسماك لذلك تكون رحلتهم المحفوفة بالمخاطر العالية غير مجدية.

يقول "نواجه مخاطر البحر ومخاطر الاحتلال المستمرة بحق الصيّادين في طول بحر القطاع. نعمل وسط مخاوف من الإصابة القاتلة على أيدي الاحتلال".

استشهاد الصياد ماهر أبو ريالة

 يوم الجمعة 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، استهدفت الزوارق الحربية الإسرائيلية صيادين فلسطينيين كانوا يصطادون باستخدام قارب يدوي صغير يعمل من دون محرّك، على بعد 300 متر من الشاطئ الواقع غرب مخيم الشاطئ في ميناء القرارة وسط قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد الصياد ماهر خليل أبو ريالة وإصابة صيّاد آخر  ما أسفر عن بتر يده.

وقال ابن عمه نايف أبو ريالة -وهو عضو في نقابة الصيّادين- إن الشهيد (50 عاماً) كان يصطاد لإعالة أسرته المكوّنة من 14 فرداً، مضيفاً أن الشهيد أراد توصيل رسالة للاحتلال مفادها أنه رغم منعه الصيّادين من ارتياد البحر، فإنه للصيادين وإنهم لن يتركوا مهنتهم.

اقرأ أيضاً: "هدّي يا بحر هدّي".. صيّادو غزة محرومون من بحرها

ويضيف نايف أنّ ابن عمه كان يعرّض نفسه للخطر، وأنه شعر بقرب استشهاده قبل أيام من الحادث، إذ طلب منه أن يعتني بأسرته التي نزحت إلى جنوب قطاع غزة، ما منعها من وداع معيلها عندما قتل شهيداً.