قصص منسوجة على القماش في أول متحف باكستاني للنسيج

كانت أول تجربة لنسرين عسكري مع الأقمشة المزخرفة لإقليم السند في جنوب شرق باكستان حيث القصص والسير الذاتية والتاريخ المنسوج فيها.

0:00
  • قصص منسوجة على القماش في أول متحف باكستاني للنسيج
    التطريز السندي من بين أكثر التطريز مهارة في العالم

افتتح الشهر الماضي  متحف هافيلي، وهو أول متحف للمنسوجات التراثية في باكستان والذي يضم قطعاً تسلط الضوء على المساهمات الحيوية للمجتمعات الأقلوية في تقاليد النسيج في السند قبل تقسيم شبه القارة في عام 1947.

ويقع المتحف في جزء من منزل زاوية جميل متعدد المستويات في مخطط KDA 1، صممه حبيب فيدا علي في عام 1969، وقد تم إنشاؤه من قبل مؤسسة عائلية خاصة، والتي تعرض بفخر مجموعة النسيج المشهورة دولياً لنسرين عسكري، واحدة من أبرز خبراء المنسوجات في باكستان، وهي أيضاً مديرة ومؤسسة مشاركة لمتحف قصر موهاتا.

يعتبر المعرض الافتتاحي في هافيلي، بعنوان "معطف من ألوان عديدة"، وفقاً لنسرين عسكري، تتويجاً لحلمها مدى الحياة. وقالت: "أن أكون قادرة على مشاركة الإبداع الاستثنائي للحرفيين في هذه المنطقة مع مدينة ميلادي".

وأضافت: "لا يُعترف غالباً بأن التطريز السندي من بين أكثر التطريز مهارة في العالم. وآمل أن يتجه معرضنا نحو إظهار هذه الحقيقة".

ويتمتع الجزء من منزلها الذي تم تحويله إلى متحف ببوابة منفصلة عن طريق آخر، يوجد أمامه متجر للمنسوجات والحرف اليدوية.

وتعزف موسيقى "الساكسفون" الخفيفة من قبل الموسيقيين بالقرب من البركة عندما يدخل المرء الأبواب الزجاجية المنزلقة للمتحف على اليسار ليواجه باباً خشبياً عتيقاً يليق بالهافيلي، والذي لا يمكنك المرور من خلاله ولكن قد تعجب بسحره القديم وتصميمه وحرفيته المنحوتة.

سنوات من التحضير

وأوردت صحيفة "الغارديان" البريطانية قصة نسرين فقالت: في سبعينات القرن العشرين، كانت نسرين عسكري طالبة طب شابة في باكستان، وكان لها لقاء سيشكّل شخصيتها إلى الأبد.

فبعد أن وجهّت أسئلة روتينية إلى والدة صبي مريض حول تاريخ عائلته، بدت المرأة غاضبة. فخرجت عسكري وخلعت شالها الملون ووضعته على حجرها. وقالت: "معظم الإجابات على أسئلتك التي لا معنى لها موجودة هنا"، مشيرة إلى التطريز المعقد الذي يرمز إلى كل شيء، من مجتمع المرأة، إلى حالتها الزوجية وعدد أطفالها.

وقالت المرأة لعسكري: "أعلم أن ابني مريض للغاية وسيموت. عندما يرحل، سأعود إلى المنزل وأفكّ إحدى هذه الزهور السوداء على شالي".

كانت هذه أول تجربة لعسكري مع الأقمشة المزخرفة لإقليم السند في جنوب شرق باكستان والقصص والسير الذاتية والتاريخ المنسوج فيها. لقد أيقظ ذلك فضولها، الذي تحول إلى شغف مدى الحياة بجمع المنسوجات الفريدة المصنوعة من قبل المجتمعات المتنوعة في السند ومحاولتها لفهم السرديات الموثقة في القماش.

بعد 50 عاماً، شكلّت مجموعة عسكري التي تضم ما يقرب من 1000 قطعة - وهي الأكبر من نوعها - الأساس لأول متحف مخصص للنسيج في باكستان، والذي افتتحته هي وزوجها حسن، أمين المتحف البريطاني السابق، في كراتشي في كانون الأول/ ديسمبر.

قالت عسكري: "الأمل هو أن يأتي الناس إلى هنا للمشاركة، وربما حتى الإعجاب، بالإمكانيات التي يمكن أن تقدمها تقاليدنا الفنية".

سفيرة رائدة لتقاليد النسيج الغنية 

وقالت إن "تقاليد النسيج في السند كانت من بين الأقدم في العالم، ويعود تاريخها إلى قرون إلى حضارة وادي السند القديمة في جنوب آسيا، والتي كانت مركزها المقاطعة". 

وفي انعكاس لجغرافية المنطقة، التي لها تاريخ طويل في كونها مفترق طرق تجاري بين الشرق والغرب، قالت إن "الأقمشة السندية التي جمعتها تمثل توليفة فريدة من التقاليد التي لا تمتد فقط إلى باكستان ولكن أيضاً إلى الصين والهند وإيران وآسيا الوسطى".

فمعظم الأقمشة في مجموعتها منسوجة على نول يدوي ومصنوعة باستخدام صبغات طبيعية من الجذور والأوراق والزهور، وهي تقاليد مستمرة في المجتمعات الريفية والبدوية الصغيرة في السند، حتى وإن تضاءلت في مواجهة الحداثة.

أسست عسكري، التي تعيش بين المملكة المتحدة وباكستان، نفسها كسفيرة رائدة لتقاليد النسيج الغنية ولكن المهملة في باكستان في عام 1997، عندما تمت دعوتها للإشراف على أحد أول المعارض الدولية للأقمشة الباكستانية في متحف فيكتوريا وألبرت.

كان المعرض، "ألوان نهر السند"، المأخوذ من مجموعة وهبها للمتحف محسن باكستاني ظلت منسية حتى استخرجتها عسكري من الأرشيف، نجاحاً كبيراً. ومنذ ذلك الحين نشرت العديد من الكتب التي تبحث في تاريخ النسيج المتنوع في المنطقة.