وصفة بسيطة وسريعة لتحقيق السعادة.. ما هي؟
باحثون يقدمون في دارسة جديدة مجموعة من الممارسات البسيطة يومياً لتحقيق السعادة في مواجهة ضغوط الحياة تعطي نتائج خلال أسبوع واحد فقط.. ما هي؟
-
التوقف لتأمل زهرة خلال نزهة في الطبيعة قد تحقق السعادة
أكّدت دراسة علمية حديثة أنّ ممارسة أنشطة بسيطة لا تتجاوز خمس دقائق يومياً يمكن أن تعزز المشاعر الإيجابية وتزيد معدلات السعادة، في كشف علمي يقدم وصفة سهلة لمواجهة ضغوط الحياة اليومية.
وأجرى باحثون من جامعة ولاية كاليفورنيا في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية دراسة شملت مشاركين من مختلف أنحاء العالم، ضمن مبادرة أطلق عليها اسم "مشروع السعادة الكبرى" (Big Joy Project)، ونشرت نتائجها في دورية Journal of Medical Internet Research في حزيران/يونيو الماضي.
Microdosing joy — @UCSF’s "Big Joy Project" used micro-acts of kindness, gratitude, and connection to improve sleep, health, and happiness, particularly for marginalized groups. https://t.co/kSSvKwg6WD
— University of California (@UofCalifornia) July 7, 2025
تصرفات فرح مصغّرة
وتوصل الباحثون في علم النفس إلى أنّ تخصيص خمس دقائق يومياً لممارسة ما أطلقوا عليه "تصرفات الفرح المصغّرة" وهي - أفعال بسيطة تهدف إلى تعزيز المشاعر الإيجابية - كفيلة بتقليل مستويات التوتر، وتحسين الصحة العامة، ورفع جودة النوم بشكل ملحوظ.
وتوضح الدكتورة إليسا إيبل، الخبيرة في مجال التوتر وعلوم الشيخوخة، أنّ ممارسات بسيطة مثل الاستماع إلى ضحكات عفوية، أو التوقف لتأمل زهرة خلال نزهة في الحي، أو تقديم خدمة صغيرة لصديق، يمكن أن تُحدث تحولاً ملموساً في الحالة النفسية ونظرة الإنسان للحياة.
وتعبيراً عن دهشتها من النتائج، تقول البروفيسور إيبل التي قادت الفريق البحثي: "لقد فاجأتنا حقيقة حجم التحسّن الذي لاحظناه في الصحة العاطفية للمشاركين".
واعتمدت الدراسة على عيّنة ضخمة بلغت 18 ألف مشارك من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا، ضمن مبادرة "مشروع السعادة الكبرى"، واستمرت على مدار عامين، وحتى 2024.
وتميّز هذا البحث بأنه الأول من نوعه الذي يركز على تقييم تأثير الممارسات البسيطة التي لا تتطلب وقتاً طويلاً ولا جهداً كبيراً، مع قياس مدى استمرارية هذا التأثير.
هكذا علق ناشط على أحد مواقع التواصل الاجتماعي عن تحقيق سعادته.
small life change that has brought me an immense amount of joy the last 8 years - have a treat yourself ritual that you do ONLY when you complete big projects
— Nikhil Krishnan (@nikillinit) July 6, 2025
when you're 90% of the way through a project and the last 10% seems insurmountable - sometimes visualizing that treat…
تحقيق السعادة بعد أسبوع واحد من الممارسات البسيطة
المثير للاهتمام أنّ النتائج أظهرت أنّ المشاركين الذين التزموا بهذه الممارسات لمدة أسبوع واحد فقط حققوا نتائج إيجابية مماثلة لتلك التي تتحقق عادة من خلال برامج علاجية أو تدريبية تستغرق شهوراً من الجلسات المطولة.
وتضمنت الدراسة سبعة أنشطة موزعة على سبعة أيام، شملت مشاركة لحظات فرح مع الآخرين، القيام بأعمال لطيفة للغير، كتابة قائمة بالمسائل التي يشعر المرء بالامتنان لها، ومشاهدة مقاطع فيديو تثير مشاعر الدهشة والإعجاب بالطبيعة.
وأوضحت البروفيسورة إيبل أنّ فريق البحث اختار بعناية أنشطة تركز على تعزيز ثلاث فئات من المشاعر: الأمل والتفاؤل، الدهشة والإعجاب، المرح والترفيه. وقد صممت كل مهمة لتستغرق أقل من عشر دقائق، بما في ذلك الإجابة على بعض الأسئلة القصيرة قبل وبعد الممارسة.
ولقياس التأثير، خضع المشاركون لتقييم شامل للصحة النفسية والجسدية في بداية ونهاية الأسبوع التجريبي، حيث تمّ قياس عدة مؤشرات تشمل مستوى الرفاهية العاطفية، المشاعر الإيجابية، ما يسمى بـ"القدرة على صنع السعادة"، بالإضافة إلى مستويات التوتر وجودة النوم.
وتشير الرفاهية العاطفية هنا إلى مدى رضا الشخص عن حياته وشعوره بالمعنى والهدف، بينما تعكس "القدرة على صنع السعادة" مدى إحساس الفرد بسيطرته على حالته العاطفية.
ضرورة الالتزام بالبرنامج
وكشفت النتائج عن تحسّن في جميع المؤشرات المذكورة، مع ملاحظة أنّ درجة التحسّن كانت مرتبطة بشكل مباشر بمستوى الالتزام بالبرنامج. فالمشاركون الذين أكملوا الأيام السبعة كاملةً سجّلوا تحسناً أكبر مقارنةً بمن التزموا بيومين أو ثلاثة فقط. كما أنّ أفراد الأقليات العرقية حققوا فوائد أكبر من المشاركين البيض، إضافةً إلى أنّ الفئة الأصغر سناً أظهرت استجابةً أفضل من كبار السن.
وعلى الرغم من هذه النتائج الواضحة، تبقى الآلية الدقيقة التي تجعل هذه الممارسات البسيطة ذات تأثير قوي على الحالة المزاجية محل تساؤل.
وهنا تطرح البروفيسورة إيبل فرضية مفادها أنّ "هذه الأنشطة الصغيرة قد تعمل على كسر الحلقات السلبية في التفكير مثل القلق المفرط أو جلد الذات، وإعادة توجيه الطاقة العقلية نحو مسارات أكثر إيجابية".