"بلومبرغ": أوروبا أمام اختبار تاريخي لتعزيز وحدتها وسط الفوضى الأميركية
وكالة "بلومبرغ" ترى أنّ الفوضى السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة، فرصة للاتحاد الأوروبي لتعزيز وحدته واستقطاب الاستثمارات والمواهب، رغم تحدّيات اقتصادية متزايدة.
-
أوروبا تخوض حرب تجارية مع الولايات المتحدة الأميركية
اعتبرت وكالة "بلومبرغ" الأميركية، أنّ الفوضى التي تشهدها الولايات المتحدة، نتيجة السياسات التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تمثّل فرصة استراتيجية أمام الاتحاد الأوروبي لتعزيز وحدته واستقلاله الاقتصادي والسياسي.
وأشارت الوكالة إلى أنّ الحرب التجارية التي أطلقها ترامب، وهجماته على سيادة القانون، دفعت الأوروبيين إلى التقارب في مواجهة التهديدات المشتركة، ودفعت المستثمرين إلى اعتبار اليورو ملاذاً آمناً وسط تراجع قيمة الدولار.
وفي هذا السياق، يشهد الاتحاد الأوروبي نشاطاً متزايداً في أوساط قادته، حيث تعمل الحكومات الأوروبية على كسر المحرّمات الوطنية، وتوحيد الجهود تحت مظلة المصالح الجماعية.
ففي ألمانيا، خرج الائتلاف الحاكم من التقشّف بحزمة إنفاق ضخمة تتجاوز 500 مليار يورو لدعم البنية التحتية والدفاع، في وقتٍ تبدي فيه فرنسا استعداداً لإعادة هيكلة الدفاع القاري وتوسيع الردع النووي، ما يلقى ترحيباً من دول مثل بولندا في ظلّ تقرّب الولايات المتحدة من روسيا.
تأتي هذه التحرّكات في ظلّ صمود السوق الأوروبية الموحّدة، التي تضمّ 440 مليون نسمة، في وجه التحديات، مما يجعل الدول الأعضاء أكثر استعداداً لتعزيز استقرارها وقدرتها على التنبّؤ ومساواتها مقارنةً بأميركا.
الاتحاد الأوربي غير مستعدّ للعاصفة المقبلة
ورغم هذه التحرّكات، حذّرت "بلومبرغ" من أن الاتحاد الأوروبي لا يزال عرضة لهزّات اقتصادية كبيرة، خصوصاً أنّ اقتصاده يعتمد على التجارة الخارجية بشكل مضاعف مقارنةً بالاقتصاد الأميركي، مما يجعل ألمانيا، التي تصدّر ما يفوق 10% من منتجاتها إلى الولايات المتحدة، في موقع هشّ، وفقاً لتقارير "بلومبرغ إيكونوميكس".
ومع توقّعات صندوق النقد الدولي بانكماش الاقتصاد الألماني للعام الثالث على التوالي، يُضاف إلى هذه التحدّيات خطر اندلاع حرب تجارية على جبهتين، مع سعي الصين إلى توجيه سيل من السلع إلى الأسواق الأوروبية.
وأوضحت الوكالة أنّ اختبار صيف المعاناة التجارية المقبل، ليس ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قادراً على الإسراع في إبرام صفقة مع ترامب في غضون 90 يوماً، بل ما إذا كان سيبدأ في تعزيز الصناعات المحلية المجزّأة، وإنشاء سوق واحدة حقيقية للبنوك، ودمج أسواق رأس المال المتباينة.
ونظراً لأنّ الأمر سيستغرق وقتاً لوضع خطط الإنفاق الجديدة موضع التنفيذ، فربما لا يكون مطمئناً أنّ سياسات الحكومة الألمانية الجديدة لا تزال تفتقر إلى الجوهر في مجالات مثل المعاشات التقاعدية أو تقليص البيروقراطية.
وفي هذا السياق، حذّرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد: "لا يمكننا التوقّف في منتصف الطريق"، ولذلك، أكدت الوكالة أنه على الرغم من ما تبدو عليه أوروبا من رخاء في ظل الفوضى التي تقودها الولايات المتحدة، فإن استقطاب المواهب والاستثمارات، مع إضعاف جاذبية الشعبويين في الداخل، سيتطلّب مستوى جديداً كلياً من الوحدة.
وفي الوقت الذي تسعى فيه أوروبا لتعزيز استقرارها وقدرتها على التنبّؤ، يبقى السؤال الأهم وفق "بلومبرغ": "هل يتمكّن الاتحاد الأوروبي من تحويل هذه اللحظة إلى نقطة تحوّل استراتيجية وتحقيق مستوى جديد من الوحدة لمواجهة التحدّيات الاقتصادية والسياسية المتزايدة".