تقرير: سوريا المنهكة من الحرب ستتضرر أكثر بسبب رسوم ترامب الجمركية

الإدارة الأميركية تفرض أعلى معدل رسوم جمركية في العالم على سوريا بنسبة 41%، ما أثار انتقادات من محلّلين حذّروا من انعكاساته على جهود إعادة الإعمار، وتداعياته السياسية، في ظل حاجة البلاد الماسة للاستثمارات.

0:00
  • "الرسوم الأميركية قد تكون وسيلة للضغط على دمشق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل"

نقلت شبكة "cnbc" الأميركية، في تقرير، أنّ سوريا المنهكة من الحرب، "ستتضرر أكثر بسبب معدل الرسوم الجمركية الذي فرضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنسبة 41%، وهو الأعلى على وجه الأرض". 

يأتي ذلك بعد أشهر قليلة من إعلان ترامب في أيار/مايو الماضي عزمه رفع العقوبات الأميركية المفروضة على دمشق بالكامل، والتي يعود بعضها إلى عقود مضت.

ورغم محدودية التبادل التجاري بين سوريا والولايات المتحدة نتيجة العقوبات طويلة الأمد، فإنّ هناك تبادلاً قائماً بالفعل، إذ صدّرت سوريا في عام 2023 بضائع بقيمة 11.3 مليون دولار إلى الولايات المتحدة، مقابل واردات أميركية بقيمة 1.29 مليون دولار، ما يشكّل عجزاً تجارياً للولايات المتحدة مع دولة تعاني من الفقر والنزاعات، وفقاً لبيانات مرصد التعقيد الاقتصادي.

وبرّر ترامب هذه الرسوم بأنّها جزء من سياسة معالجة اختلال الميزان التجاري، من دون أن يعلّق تحديداً على قضية سوريا، إلاّ أنّ محللين يرون أنّ "سوريا تحتاج إلى كل المساعدة التي يمكنها الحصول عليها، وليس المزيد من العقاب، في وقتٍ تتطلع لإعادة إعمار بنيتها التحتية المدمرة".

"سوريا بحاجة إلى استثمارات أجنبية"

في هذا السياق، قال جورجيو كافييرو، الرئيس التنفيذي لشركة "غولف ستيت أناليتيكس"، لشبكة "CNBC"، إنّ "سوريا بحاجة ماسة إلى استثمارات أجنبية مباشرة لبدء عملية إعادة الإعمار والتنمية الطويلة والصعبة". 

وأضاف أنّ فرض واشنطن لرسوم جمركية بهذا الحجم "يهدّد بإعاقة أي إمكان لتجارة ذات معنى مع الولايات المتحدة"، بالرغم من تخفيف العقوبات الغربية مؤخراً.

وفي أعقاب رفع العقوبات رسمياً في حزيران/يونيو، استضافت دمشق وفوداً من عدة دول، بينها الولايات المتحدة ودول الخليج، تعهّدت بدعم جهود الإعمار. لكنّ هذه الانفراجة "قابلتها عودة أعمال عنف طائفية متفرقة، إلى جانب قصف إسرائيلي مكثّف"، بحسب الشبكة الأميركية. 

ووفقاً لمنظمات الإغاثة، فإنّ أكثر من ثلثي شبكة الكهرباء في سوريا باتت خارج الخدمة، فيما تعاني مدن كبرى مثل حلب ودمشق من انقطاعات يومية قد تتجاوز 20 ساعة، في حين تنعدم الكهرباء كلياً في مناطق ريفية متضررة.

وفي هذا الإطار، قال إتش إيه هيلير، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، إنّ الاقتصاد السوري "يبدو وكأنه على شفا الانهيار المستمر ما لم يتمّ اتخاذ خطوات نشطة للغاية من أجل دعمه ومنحه فرصة للتعافي"، مضيفاً أنّ أي خطوة لا تدعم التعافي الاقتصادي تعتبر "خطيرة للغاية".

رسائل سياسية وراء الضغط الاقتصادي

ويشير المراقبون الاقتصاديون إلى أنّ الرسوم الجمركية البالغة 41% في حدّ ذاتها "لن يكون لها تأثير يذكر على الاقتصاد السوري المدمّر"، نظراً إلى أنّ التجارة الثنائية بين البلدين ضئيلة للغاية.

وفي هذا الخصوص، قال كافييرو إنّ "الرمزية وراء هذا القرار تحمل ثقلاً أكبر بكثير مما تشير إليه أرقام التجارة"، مشيراً إلى أنّ القرار يبعث برسالة واضحة مفادها أنّ "واشنطن مستعدة لتخفيف قبضتها الاقتصادية فقط وفقاً لشروط يحدّدها البيت الأبيض".

ورأى كافييرو أنّ الرسوم قد تكون "وسيلة للضغط على دمشق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، التي تواصل احتلالها لأراضٍ سورية وتقصف أهدافاً داخل البلاد".

وأضاف: "السياسة الاقتصادية في هذه الحالة تشبه المقود، يتمّ تعديله استجابةً للسلوك السياسي لحكومة الشرع والتطورات على الأرض".

واختتم كافييرو تحليله بتحذير لافت: "ربما تكون العواقب الاقتصادية المباشرة محدودة، لكنّ التأثير النفسي والدبلوماسي كبير وينبغي عدم الاستهانة به"، معتبراً أنّ ذلك يعكس نية أميركية للاحتفاظ بنفوذ دائم على مستقبل سوريا.

وحذّر خبراء أمنيون من أنّ تفاقم عدم الاستقرار في بعض المناطق "قد يعيد إشعال الحرب ويفجّر أزمة إنسانية أكبر، ما لم يُوفر الدعم الاقتصادي والدبلوماسي الضروري".

اعتماد سوري كبير على دعم قطر والسعودية 

وعلى الرغم من هذه الرسوم، أعرب المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، عن دعم واشنطن الكامل لحكومة الشرع، معلناً عن مبادرات استثمارية مشتركة مع قطر.

وأعلنت قطر عن مشروع جديد لتوفير الغاز لسوريا عبر أذربيجان وتركيا، من شأنه أن يدعم أكثر من 5 ملايين شخص ويزيد من إمدادات الكهرباء بنسبة تصل إلى 40%.

وقال فهد السليطي، المدير العام لصندوق قطر للتنمية، إنّ دمشق "ستعتمد بشكل كبير على دعم من قطر والسعودية والأمم المتحدة"، في ظل تراجع فرص إقامة علاقات تجارية مفيدة مع واشنطن.

وأشار السليطي إلى تعاون وثيق مع وزارة الخزانة الأميركية، قائلاً: "نعمل مع شركائنا في الولايات المتحدة لبناء نظام اقتصادي جيد لسوريا".

اقرأ أيضاً: "سوريا تتصدر القائمة".. ترامب يزيد الرسوم الجمركية على عشرات الدول