"فقدنا كل شيء".. عائلات بجنوب السودان تكافح للبقاء في ظل الفيضانات الغزيرة
آلاف الأسر في دولة جنوب السودان تكافح للبقاء في ظل استمرار الفيضانات الغزيرة بغمر مساحات شاسعة من البلاد، ما أدى إلى تدمير المنازل والمزارع والأسواق والبنية التحتية.
-
أطفال ونساء داخل أحد المخيمات في دولة جنوب السودان
تكافح آلاف الأسر في دولة جنوب السودان من أجل البقاء في ظل استمرار الفيضانات الغزيرة بغمر مساحات شاسعة من البلاد، ما أدى إلى تدمير المنازل والمزارع والأسواق والبنية التحتية.
يُبلغ الأفراد عن صعوبات في الحصول على الطعام والمياه النظيفة والمأوى. وتواجه المجتمعات نقصاً في الموارد الأساسية، وهي عُرضة للصراعات وتفشي الأمراض مثل الملاريا.
وقال أحد سكان قرية كانال في مقاطعة بيجي بولاية جونقلي، لوكالة "الأناضول"، والذي غمرت مياه الفيضانات الغزيرة منزله ومزرعته، إنه نزح منذ شهر تموز/يوليو الماضي، وأنه يقيم حالياً في منطقة مفتوحة مع عائلته ويعتمدون على مساعدات متقطعة، وأنه "لا يوجد أي مرفق طبي أو مدرسة في بيجي"، واصفاً الوضع بأنه "مأساوي".
بدورها، قالت مواطنة من منطقة بيبور الإدارية الكبرى، إن الفيضانات دمرت سبل عيشها، وأشارت إلى أن "وضعنا حرج؛ تضرر الكثيرون، وخاصة النساء. النساء هنّ من يعملن في السوق، لكن السوق الآن غارق. جرف الفيضان متجري، وفقدت مصدر رزقي"، مطالبة بـ"توفير المساعدات الإنسانية، خاصة في ما يتعلق بالمأوى"، وقالت إن "البدء في إعادة بناء سبل العيش من دون دعم يشكل تحدياً".
مقاطعة بيجي من بين الأكثر تضرراً
من جهته، قال مفوض مقاطعة بيجي في ولاية جونقلي، سليمان دينق ثون، إن "ما يقرب من نصف السكان نزحوا بسبب الفيضانات"، موضحاً أن "مقاطعة بيجي تشهد فيضانات غزيرة، حيث وصل منسوب المياه إلى نحو متر ونصف المتر. ويقيم المتضررون حالياً على طول القناة، بينما نزح آخرون إلى وودوا وزنكي في ولاية أعالي النيل".
ودعا ثون وكالات الإغاثة الوطنية والدولية إلى "توفير أكياس الرمل والمولدات الكهربائية لمساعدة سكان بيجي (...) هذه الموارد ستمكنهم من بناء السدود وضخ مياه الفيضانات خارج المناطق السكنية"، مضيفاً أن "السكان من عدة قرى، بما في ذلك كانال، وأتار، وأليل، وكورواي، وون لويث، وخورفولوس، انتقلوا إلى مناطق مرتفعة في بيجي وأعالي النيل".
وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، فإن "الحصول على المياه النظيفة لا يزال يُشكّل تحدياً كبيراً. وقد قدّمت فرق الاستجابة للطوارئ دعماً في مجال النظافة وأعادت تأهيل عدة مضخات يدوية لضمان توفير مياه نظيفة لنحو 9000 شخص".
أضرار واسعة النطاق في منطقة بيبور الكبرى
وفي منطقة بيبور الإدارية الكبرى، أثرت الفيضانات على أكثر من 113 ألف شخص وشردت 43 ألف شخص من منازلهم في ست مقاطعات، وفقاً لرئيس لجنة الإغاثة وإعادة التأهيل، ديفيد نجيرو يانغكون، الذي أشار إلى أن "حالتنا الصحية متردية. وتفتقر معظم المقاطعات إلى المرافق الصحية، وخاصة في ليكوانجول وغوموروك، حيث لا توجد أي مرافق صحية".
وأضاف أن "حالات الإصابة بالملاريا والأمراض المنقولة بالمياه ارتفعت بشكل كبير، إذ تم تسجيل أكثر من 5 آلاف حالة إصابة حتى الآن"، موضحاً أن الأمطار المستمرة منذ حزيران/يونيو تسببت بفيضان نهر بيبور وتسببت في غمر المجتمعات بالمياه على نطاق واسع، وإغراق الأراضي الزراعية والمستوطنات وتدمير المنازل والأسواق والبنية التحتية.
ولفت يانغكون إلى أن "هناك ست مقاطعات تأثرت بالفيضانات. مقاطعة جبل بوما لم تتأثر لأنها جبلية؛ إذ لم يصل منسوب المياه إلى ارتفاع الجبل". وناشد وكالات الإغاثة تقديم مساعدات وطنية ودولية عاجلة لمنع تفاقم الوضع إلى أزمة إنسانية شاملة.
رد الحكومة وتحذير الأمم المتحدة
بدوره، أكد وزير الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث في جنوب السودان، ألبينو أكول أتاك مايوم، تأثير الفيضانات في جميع أنحاء البلاد. وقال إن "ما يُقدر بنحو 1.6 مليون شخص من أصل 12.7 مليون نسمة قد يتضررون هذا العام".
وقال "كحكومة، نخطط لتقليل تأثير تغير المناخ من خلال تخصيص نحو 170 مليون دولار مطلوبة لجهود الاستجابة". وحث الشركاء الوطنيين والدوليين على التحرك بسرعة لإنقاذ الأرواح وحماية سبل العيش ومساعدة المجتمعات على بناء القدرة على الصمود في مواجهة الكوارث المستقبلية.
وفقاً لمكتب "أوتشا" فإنه، حتى 24 تشرين الأول/أكتوبر، تأثر 961 ألف شخص بالفيضانات في 26 مقاطعة موزعة على ست ولايات، معظمهم في جونقلي والوحدة. ونزح ما يقرب من 335 ألف شخص إلى مناطق مرتفعة بعدما غمرت المياه منازلهم.
وأضافت المنظمة أنه "في حين أن مستويات الفيضانات الحالية أقل من مستويات الذروة في أعوام 2021 و2022 و2024، إلا أنها تظل أعلى بكثير من المتوسط التاريخي"، مشيرة إلى أن "نقص التمويل وانقطاع سلاسل التوريد يواصلان تقييد العمليات، ما يؤدي إلى تأخير تخزين مواد الإغاثة والحد من القدرة على الاستجابة السريعة للاحتياجات الناشئة".