"Huffpost": ضغوط ترامب على المحكمة الجنائية الدولية تفقد تماسكها

الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال بعيداً عن النتيجة التي يصبو إليها من خلال الضغط على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي والتي أظهرت أُلفةً غير مسبوقة.

0:00
  • الرئيس الأميركي دونالد ترامب
    الرئيس الأميركي دونالد ترامب

منذ ما يقرب من عام، شنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملةً غير مسبوقة ضدّ المحكمة الجنائية الدولية، سعياً منه لإنهاء عملها بشأن الحرب في غزة، وفق موقع "Huffpost".

وقد أشار الموقع إلى أنّ هذا الأسبوع، أظهر أنّ ترامب لا يزال بعيداً عن النتيجة التي يصبو إليها.

وذكر أنّ مسؤولين من الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي اجتمعوا في أول اجتماع سنوي منذ أن بدأت العقوبات الأميركية تُعيق حياة موظفي المحكمة والعاملين معهم.

وأكدت هذه الحكومات عدم نيتها الرضوخ لترامب، بل أدلت بتصريحات تُشير إلى أن المحكمة قادرة على مواصلة عملها، بما في ذلك ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين لدورهم في الحرب.

وقالت مديرة العدالة الدولية في "هيومن رايتس ووتش" ليز إيفنسون : "لقد كان الجو بناءً مع ميل العديد من الدول إلى العمل معاً لإظهار شعور الدعم للمحكمة".

وأوضح الموقع أنّه بالنسبة للمحكمة، كان العام الماضي يمثل مفارقة وجودية: "إن سعي المحكمة الجنائية الدولية إلى تحقيق المساءلة بشأن غزة هو السبب وراء استهدافها، وهو دليل على ضرورة ذلك".

كذلك، قالت القاضية اليابانية ورئيسة المحكمة الجنائية الدولية، توموكو أكانه، خلال القمة الجارية: "نحن لا نقبل أبداً أي نوع من الضغوط".

وذكر الموقع أنّ البعض يشتبه في أن ترامب سيحاول نسف المحكمة برمتها بمعاقبتها كمنظمة؛ ومع ذلك، أوحت الفترة التي سبقت القمة بتزايد الزخم للدفاع عن المحكمة.

وأكدت الحكومات دعمها للمحكمة، نظراً لتعدد الحالات العالمية التي قد تُرقى إلى جرائم حرب، والتي قد لا تُحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية إلا كـ"محكمة الملاذ الأخير" عند فشل الأنظمة القضائية.

وأشار الموقع إلى أنّ المدافعين عن القانون الدولي يشعرون على نحو متزايد بالأمل في أن تقوم الدول بحماية المحكمة بسبب قناعتهم بأن وجود محكمة مستقلة لمقاضاة الأفراد عن الفظائع يشكل مفتاح الاستقرار العالمي، وأن الدول غير الأعضاء لا ينبغي لها أن تحدد مصيرها.

وأكد الموقع وجود ألفة في لاهاي لم "يُرى مثلها منذ 15 عاماً". وفي السياق قالت ممثلة الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان لدى المحكمة الجنائية الدولية دانيا شايكل "أصبحت اختلافاتنا أقل أهمية لأننا نعلم أن نظام روما الأساسي بأكمله مُهدد".

محكمة تحت الحصار

كذلك، أكد الموقع أنّ المدافعين عن المحكمة الجنائية الدولية رحّبوا بالتضامن ولكنهم سعوا إلى اتخاذ خطوات أكثر واقعية لعزل المحكمة وكبح المخاوف بين أولئك الذين يوثقون جرائم الحرب المحتملة، نظراً للمدى غير المسبوق للترهيب الذي تمارسه الولايات المتحدة.

وأوضح الموقع أنه على نطاق أوسع، تُعتبر مهمة المحكمة بأكملها هدفاً. فالمعايير العالمية لكيفية معاملة المدنيين وكيفية شن الحرب غالباً ما تُمثل، في نظر إدارة ترامب، عائقاً وانتهاكاً للسيادة الوطنية.

وحدّد الموقع أنه إذا استسلمت المحكمة أو انهارت، فسوف يكون ذلك بمثابة انتصار لرؤية ترامب للنظام العالمي حيث يصبح حكم القانون بمثابة القوة التي تصنع الحق.

وفي الوقت نفسه، لم تظهر المحكمة الجنائية الدولية قط بهذا القدر من الضعف في تاريخها الممتد على مدى 23 عاماً، بحسب الموقع.

وذكر أنّ  ترامب استهدف حالياً 3 مدعين عامين و6 قضاة و3 منظمات حقوق إنسان فلسطينية والمقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز.

عواقب العقوبات الأميركية

وبشأن عواقب العقوبات الأميركية، عدّد الموقع أنّها تقطع العديد من الشركات الخاصة علاقاتها مع المستهدفين خوفاً من عقوبات الحكومة الأميركية.

إضافةً إلى ذلك، انتشر القلق بين أولئك الذين تربطهم بالمحكمة، حتى وإن كانوا بعيدين عنها، من موظفين وموظفين في منظمات أخرى، من مواجهة عواقب وخيمة، مما دفع بعضهم إلى التوقف عن العمل في تحقيقات جرائم الحرب.

ويريد المدافعون عن المحكمة الجنائية الدولية من حكوماتها الأعضاء، إظهار دعمها لها بإصدار قوانين تُلزمها بالتعاون مع أوامر الاعتقال الصادرة عنها، بالإضافة إلى إدانة الدعم الانتقائي لعملياتها.

على سبيل المثال، رحبت الولايات المتحدة والعديد من حلفاء "إسرائيل" الآخرين سابقاً بمذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

وبالعودة إلى إيفنسون (مديرة العدالة الدولية في "هيومن رايتس ووتش")، فقد قالت في هذا الإطار إنّه "لا يمكن للدول أن تتبنى معايير مزدوجة".

وأوضحت أنّه إذا أرادت اعتقالات، فعليها أن تعامل جميع حالات عدم التعاون بنفس الطريقة، سواءً كان ذلك مع بوتين أو نتنياهو (رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي).

إسكات المحكمة وإطالة الألم

أكد الموقع أنّ النزاع حول مذكرات التفتيش في غزة تجاهل إلى حد كبير الواقعَ القاسيَ لما يحدث في المنطقة. "في الواقع، ربما لا تزال الأدلة على الجرائم - التي تُورّط الولايات المتحدة كداعمٍ لإسرائيل - تتزايد".

وأشار الموقع إلى أنّه من المفارقات أن ترامب نفسه جعل التقدم في غزة مسألةً تتعلق بمصداقية الولايات المتحدة.

ودفع ترمب باتجاه قرارٍ في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يقضي بإنشاء نظامٍ انتقاليٍّ تهيمن عليه الولايات المتحدة هناك، وأنشأ مركزاً عسكرياً أميركياً يُشرف على التطورات في القطاع - دون أي تمثيل فلسطيني.

وقال هذا الشخص إن الممثلين العسكريين الأميركيين هناك "يظهرون أنهم لا يعرفون شيئاً عن غزة أو الاستجابة الإنسانية".

اقرأ أيضاً: واشنطن تصدر عقوبات جديدة على 4 مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.