"رويترز" عن شهود: "الدعم السريع" تحتجز محاصرين بالفاشر ومحيطها مقابل فدية
شهود وعمال إغاثة وباحثون يقولون لـ"رويترز" إنّ قوات "الدعم السريع" تحتجز سكاناً محاصرين بالفاشر ومحيطها بشكل منهجي للحصول على فدية وتقتل أو تضرب أولئك الذين لا تستطيع أسرهم الدفع.
-
عنصر من قوات "الدعم السريع" في السودان
أفاد شهود عيان وعمال إغاثة وباحثون، لوكالة "رويترز"، بأنّ قوات "الدعم السريع"، التي حاصرت مدينة في دارفور ثمّ اجتاحت المدينة في أواخر تشرين الأول/أكتوبر، تحتجز السكان المحاصرين بشكل منهجي للحصول على فدية وتقتل أو تضرب أولئك الذين لا تستطيع أسرهم الدفع.
ولم تتمكّن "رويترز" من تحديد عدد الأشخاص الذين تحتجزتهم "الدعم السريع" والجماعات المتحالفة معها في مدينة الفاشر ومحيطها. لكنّ الروايات تشير إلى احتجاز مجموعات كبيرة من المواطنين في عدد من القرى على بُعد 80 كيلومتراً (50 ميلاً) من الفاشر، بينما أُعيد آخرون إلى المدينة بعدما طالبت "الدعم السريع" أقاربهم بتعويضات تُقدّر بآلاف الدولارات.
ويُظهر احتجاز المدنيين المخاطر التي يواجهها أولئك الذين لم يتمكّنوا من الوصول إلى برّ الأمان من الفاشر، ووصف شهود وجود "أعمال انتقامية جماعية، شملت إعدامات وعنفاً جنسياً، منذ استيلاء قوات الدعم السريع على المدينة". كما تُلقي عمليات الاحتجاز الضوء على محنة عشرات الآلاف ممن لا يُعرف شيئاً عن مصيرهم، في ظلّ سعي وكالات الإغاثة للوصول إلى الفاشر التي تعاني من المجاعة وضواحيها.
وأجرت "رويترز" مقابلات مع 33 أسيراً سابقاً، إضافة إلى 10 من عمال الإغاثة والباحثين، الذين قالوا إنّ دفع الفدية تراوح ما بين 5 ملايين جنيه سوداني (أكثر من 8 آلاف دولار) و60 مليون جنيه سوداني (99 ألف دولار) - وهي مبالغ طائلة في منطقة فقيرة.
وقال 11 ناجياً إنّ العديد ممن لم يتمكّنوا من الدفع أُطلق عليهم النار من مسافة قريبة أو قُتِلوا في مجموعات، بينما تعرّض أسرى آخرون لضرب مبرّح. وذكرت "رويترز" أنّ ناجين فرّوا عبر الحدود إلى تشاد مصابين بجروح بدت ناجمة عن الضرب وطلقات نارية.
وقال محمد إسماعيل، الذي تحدّث مع "رويترز" عبر الهاتف من طويلة، "يمنحونك 3 أو 4 أيام، وإذا لم تُحوّل المال، يقتلونك".
وقال إسماعيل إنّ "الدعم السريع ألقت القبض عليه في قرية أم جلبخ ضمن مجموعة من 24 رجلاً"، مضيفاً أنه أُجبر هو وابن أخيه على جمع 10 ملايين جنيه سوداني من عائلتهما قبل إطلاق سراحهما. وقال إنّ "9 رجال آخرين قُتلوا أمامنا".
عنف بدوافع عرقية
وشكّل الاستيلاء على الفاشر بعد حصار دام 18 شهراً نقطة تحوّل، وتسبّب في ما وصفته الأمم المتحدة بأنه "أسوأ أزمة إنسانية" في العالم.
وقال ناجون من احتجاز "الدعم السريع" في الفاشر ومحيطها لـ"رويترز" إنهم سُئلوا مراراً عن القبيلة التي ينتمون إليها، وتعرّضوا لشتائم عنصرية.
وذكرت منظّمات الإغاثة أنّ بعض السكان لم يتمكّنوا من الفرار لعدم قدرتهم على دفع تكاليف المواصلات خارج المدينة، أو لمرضهم الشديد أو إصابتهم التي تمنعهم من السفر.
انقطاع الاتصالات
وقال ياسر حمد علي، 36 عاماً، وهو أسير سابق وصل إلى تشاد، إنه أُسر على يد مقاتلي قوات "الدعم السريع" في 29 تشرين الأول/أكتةبر مع 16 رجلاً آخرين بعد فرارهم من الفاشر.
وأضاف أنّ قوات "الدعم السريع" ضربته ضرباً مبرّحاً وطالبت بـ 150 مليون جنيه سوداني لإطلاق سراحه.
وفي حديثه لـ"رويترز" في مستشفى بمدينة طينة، قرب حدود تشاد مع السودان، قال إنّ المقاتلين استخدموا جهاز إنترنت عبر الأقمار الاصطناعية من ستارلينك مثبتاً على سيارته من طراز تويوتا لاند كروزر للتواصل مع عائلته عبر "فيسبوك ماسنجر".
وتخضع مساحات شاسعة من الأراضي التي تسيطر عليها قوات "الدعم السريع" لانقطاع الاتصالات منذ بداية الحرب، ما أدّى إلى انتشار أجهزة "ستارلينك". في حين لم تستجب الشركة لطلب التعليق.
الاحتجاز في الفاشر ومحيطها
ونقلت "رويترز" عن امرأة في الفاشر قولها إنها عُصبت عيناها واغتُصبت هناك لعدة أيام، بينما قالت أخرى إنها شهدت حالات اغتصاب مماثلة.
وقالت امرأة ثانية إنّ جنود "الدعم السريع" هدّدوها بالقتل عندما حاولت التدخّل. ووصف ثمانية أسرى سابقين إعادتهم إلى الفاشر، حيث قالوا إنهم احتُجزوا مقابل فدية في مبانٍ تشمل منشآت عسكرية ومساكن جامعية.
وقال رجل إنه وجد نفسه في مستشفى الأطفال بالفاشر مع مئات الرجال الآخرين. وقال رجل آخر كان محتجزاً في الفاشر إنه أُطلق سراحه بعد تعرّضه للضرب ودفع فدية، ليُحتجز مجدّداً في مدينة زالنجي، حيث أجبر خاطفوه عائلته على دفع فدية جديدة.
يذكر أنّ المنظّمة الدولية للهجرة قدّرت أنّ أكثر من 100 ألف شخص فرّوا من الفاشر منذ استيلاء قوات "الدعم السريع" على المدينة.
وتقول وكالات الإغاثة إنّ أكثر من 15 ألفاً منهم وصلوا إلى طويلة، وعبر نحو 9500 إلى تشاد، لكنّ معظمهم لا يزالون في القرى التي تسيطر عليها قوات "الدعم السريع" حول الفاشر بما في ذلك غارني، وكورما، وأم جلبخ، وشقرة، وحلة الشيخ، وجبل وانا، وطورا.