إضراب في مدارس اللاذقية على خلفية اختطاف طفل من أمام مدرسته
اختطاف طفل من أمام مدرسته في مدينة اللاذقية صباح أمس الأربعاء يثير موجة استنكار وغضب عارمة في سوريا.
-
الطفل المخطوف محمد قيس حيدر
أثار اختطاف طفل من أمام مدرسته في مدينة اللاذقية، صباح أمس الأربعاء، موجة استنكار وغضب عارمة في البلاد، بعدما أقدم أربعة مسلحين على خطفه في وضح النهار وأمام أنظار رفاقه، في حادثة تُعد الأولى من نوعها في المحافظة بعد بدء العام الدراسي.
وينحدر الطفل محمد قيس حيدر من عائلة معروفة في المدينة، فوالده أستاذ جامعي ووالدته معلمة، ما زاد من وقع الصدمة في الأوساط الاجتماعية والتربوية، وخصوصاً أن العملية جرت في منطقة يفترض أن تكون آمنة وتحت أنظار عناصر الأمن المنتشرين في محيط المدارس.
خلال الاحتجاج في #حي_المشروع_العاشر بـ #اللاذقية: ذوو الطفل الـ ـمـ ـخـ ـتـ ـطـ ـف #محمد_حيدر يطالبون بإعادته إلى أحضان عائلته pic.twitter.com/eexJJsbyWC
— المرصد السوري لحقوق الإنسان (@syriahr) October 9, 2025
وأعادت الحادثة إلى الواجهة تساؤلات حول مدى قدرة الأجهزة الأمنية على حماية المدنيين، في ظلّ الانتشار الواسع للسلاح العشوائي، وازدياد نشاط العصابات المسلحة التي تنفذ جرائم الخطف والسرقة والابتزاز دون رادع فعلي. ويرى متابعون أن غياب سلطة القانون وتراخي الجهات المعنية في ملاحقة المتورطين، شجع هذه العصابات على التمادي في أفعالها، وسط صمت رسمي يثير استياء الشارع.
وتزامنت الحادثة مع مقتل معلمة في محافظة حمص أثناء توجهها إلى مدرستها، ما فاقم الشعور بالخوف لدى الكوادر التعليمية، ودفع عدداً من المدارس إلى تعليق الدوام بشكل مؤقت. كما أعلنت نقابات تربوية وأهالي نيتهم الإضراب والامتناع عن إرسال الأطفال إلى المدارس، احتجاجاً على انعدام الأمان وتجاهل مطالب الحماية.
وقالت وزارة الداخلية السورية، في بيان، إنها تتابع قضية اختطاف الطفل محمد قيس حيدر التي وقعت صباح الأربعاء أمام مدرسة جمال داوود باهتمام مباشر، مشيرة إلى أنها أوعزت إلى الجهات المختصة بالتحرك الفوري وبدء التحقيق وجمع المعلومات اللازمة لكشف ملابسات الحادث وتحديد هوية الفاعلين منذ ورود البلاغ.
من جهتهم، عبّر ناشطون ومواطنون في مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من "العجز الأمني" و"تطبيع الفوضى". في المقابل، نقلت مصادر محلية أن بعض الجهات التعليمية هدّدت بفرض عقوبات بحق التلاميذ الذين يتغيبون عن الدوام، من خلال حسم علامات من سجلهم الدراسي، ما اعتبره الأهالي "انفصالاً تاماً عن الواقع" و"استهانة بمخاوف الناس على أبنائهم".
وكان الإضراب الذي دعت إليه أوساط محلية اليوم الخميس قد نجح في رفع الصوت اتجاه الفلتان الأمني، الأمر الذي دفع السلطات إلى نشر الحواجز والنقاط حول المدارس وتقديم الوعود بإعادة الطفل لعائلته ومحاسبة الفاعلين.
وبينما لا تزال جهود البحث عن الطفل مستمرة وسط تعتيم رسمي على التفاصيل، تتعالى الأصوات المطالبة بفرض هيبة القانون، ونزع السلاح المنتشر خارج مؤسسات الدولة، وإعادة بناء الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية التي يُفترض أن تكون ملاذهم الأول لا مصدر قلقهم.
وتكشف هذه الحوادث المتتالية والممنهجة في مدن الساحل ومناطق أخرى من البلاد عمق الأزمة الأمنية والاجتماعية التي يعيشها السوريون، فغياب سلطة القانون، وتعدد مراكز القوة، واحتكار السلاح من قبل جماعات وأفراد خارج المنظومة الرسمية، كلها عوامل أسهمت في تحويل المدن إلى بيئات هشة يسودها الخوف والارتياب.