تقرير أميركي غير منشور: "إسرائيل" تستخدم مزاعم الإرهاب كسلاح لتقويض خصومها

تقرير أمني غير منشور سابقاً يكشف عن أساليب إسرائيلية استخدمت لتقويض عملية السلام وتشويه منظمات حقوقية، وتكرّر الأسلوب نفسه في السنوات الأخيرة من دون تقديم أدلة.

0:00
  •  القوات الإسرائيلية اعتقلت ناشطاً فلسطينياً خلال مظاهرة بالقرب من بيت لحم، الضفة الغربية، في 14تشرين الثاني 2012
    القوات الإسرائيلية اعتقلت ناشطاً فلسطينياً خلال تظاهرة بالقرب من بيت لحم، الضفة الغربية، في 14 تشرين الثاني 2012

كشفت دراسة غير منشورة سابقاً عن استخدام "إسرائيل" المزمن لمزاعم "الإرهاب" كسلاح لإفشال المبادرات الدبلوماسية وتشويه سمعة المعارضين، سواء كانوا نشطاء حقوقيين في القدس، أو عمال إغاثة في قطاع غزّة، أو حتى طلاب جامعات في نيويورك، وفقاً لموقع "Responsible Statecraft".

ووفقاً لما ورد في التقرير، الذي أُعدّ عام 2008 خلال عمل كاتبه مع منسّق الأمن الأميركي (USSC) في الضفة الغربية، فإنّ "إسرائيل" كثيراً ما استخدمت اتهامات غير موثّقة ضد أفراد ومنظمات فلسطينية لتعطيل عملية السلام الناشئة حينها، رغم التقدّم الفلسطيني في قطاع الأمن.

وأشار التقرير إلى أنه في حين كانت الولايات المتحدة آنذاك تحاول إنقاذ ما تبقّى من عملية "خارطة الطريق"، عمدت "إسرائيل" إلى التلويح بورقة "الباب الدوار"، متهمة السلطة الفلسطينية بالإفراج عن معتقلين بعد اعتقالهم، وهي المزاعم التي دُرست ضمن "تقرير الباب الدوار في جنين"، ولم تُحقّق تلك الدراسة، التي عُنونت رسمياً بـهذا الاسم، نجاحاً يُذكر لأيٍّ من الأطراف المعنية.

وذكر كاتب التقرير، أنه بصفته مسؤولاً عن حوكمة قطاع الأمن الفلسطيني في مكتب المنسّق الأميركي، كُلِّف بقيادة دراسة حول مشكلة "الباب الدوار" المزعومة، وقام بمشاركة ضباط بريطانيين وكنديين بإجراء مراجعة شاملة لهذه الادّعاءات، وإعداد تقرير رسمي، عُرض على المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومجلس الأمن القومي الأميركي.

وأشار الموقع إلى أنّ التقرير لم يُنشر علناً قط، لكن نظراً لمرور الوقت، وأيضاً لأهميته، أُتيح الوصول إلى نصه الكامل (مع بعض التعديلات لحماية المؤلفين المشاركين).

وما يربط التقرير بالواقع الراهن، هو النمط المتكرّر الذي أشار إليه بوضوح، إذ خلص إلى أن "إسرائيل" كثيراً ما تُقدّم قوائم اعتقال أو إغلاق إلى السلطة الفلسطينية من دون أيّ دليل داعم. وغالباً ما تحتوي هذه القوائم على أسماء غير دقيقة أو متوفين، مما يجعل تنفيذها مستحيلاً وفق النظام القانوني الفلسطيني، الذي يتبع غالباً معايير حقوق الإنسان الدولية.

وأشار التقرير إلى أنّ "إسرائيل" كانت ترفض تقديم أيّ معلومات استخبارية داعمة لهذه القوائم بحجة السرية، ما يجعلها أداة دعائية أكثر منها آلية قانونية. وأوضح أن الاعتقالات في كثير من الحالات لا تهدف إلى المحاكمة، بل تُستخدم كأداة استباقية لجمع المعلومات أو الردع، بما يخدم أهداف "إسرائيل" الأمنية الداخلية على حساب العملية السياسية.

وبينما أصبح بعض سياق التقرير قديماً، إلّا أنّ نتائجه لا تزال تُلقي بظلالها على الحاضر. وهذا النمط ما زال مستمراً حتى اليوم، وفق التقرير، إذ تستخدم "إسرائيل" مزاعم غير مدعّمة لعرقلة عمل منظمات حقوق الإنسان.

ففي عام 2022، اتهمت 6 مؤسسات فلسطينية بارزة، بينها "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال"، بالارتباط بـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، من دون تقديم أدلة، ما دفع حكومات غربية إلى قطع علاقاتها بها مؤقتاً قبل أن تعيدها لاحقاً بهدوء.

وفي حادثة مماثلة عام 2024، وفي سياق جهودها الأوسع لتقويض وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، اتهمت "إسرائيل" 108 موظفين في "الأونروا" بالانتماء إلى كتائب القسام، لكنها لم تقدّم أيّ وثائق تثبت ذلك رغم طلبات الوكالة المتكرّرة أثناء التحقيق.

وتواصل "إسرائيل" نمطها ذاته داخل الولايات المتحدة، حيث تم في آذار/مارس الماضي رفع دعوى ضد فرع منظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" في جامعة كولومبيا، بزعم معرفتهم المسبقة بهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر. هذا الاتهام، الذي استند إلى شهادة أسيرة إسرائيلية واحدة، اعتُبر عبثياً.

وخلص التقرير إلى أن مزاعم "إسرائيل" المتكررة تُستخدم لتقويض الأصوات الناقدة لسياستها ضد الفلسطينيين، لا بناءً على أدلة، بل كجزء من استراتيجية علاقات عامة ممنهجة. ويُوصي بأن يواجه الأفراد والمنظمات مثل هذه الادعاءات بالمطالبة بأدلة قاطعة، وإن لم تُقدَّم، فيجب تجاهلها.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك