محافظة القدس تحذّر: اليوم بدأ التقسيم المكاني.. ماذا شهد المسجد الأقصى؟
محافظة القدس تحذّر من أنّ ما جرى في الاقتحام الذي قاده إيتمار بن غفير في المسجد الأقصى "يشكّل تحوّلاً نوعياً وخطيراً في مسار العدوان الإسرائيلي المتواصل عليه". لماذا؟
-
من اقتحام المستوطنين الإسرائيليين للمسجد الأقصى، اليوم الأحد، في ما يُسمى بـ"ذكرى خراب الهيكل" (حساب محافظة القدس الرسمي في "فيسبوك")
حذّرت محافظة القدس، اليوم الأحد، من أنّ ما جرى في الاقتحام الذي قاده وزير "الأمن القومي" الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، في المسجد الأقصى "يشكّل تحوّلاً نوعياً وخطيراً في مسار العدوان الإسرائيلي المتواصل عليه".
وأوضحت المحافظة أنّ ما عمد إليه الاحتلال في ما يُسمى "ذكرى خراب الهيكل"، من اقتحامات واسعة وغير مسبوقة واعتداءات مباشرة على قدسية المكان، "يؤشر إلى بدء تطبيق فعلي وعلني لسياسة التقسيم المكاني، التي لطالما حذّرت منها المحافظة والمؤسسات الفلسطينية والإسلامية والعربية".
وتُعدُّ هذه المناسبة هذا العام من أخطر الأيام على المسجد الأقصى، إذ تخطط جماعات "الهيكل" لجعل يوم الـ3 من آب/أغسطس "يوم الاقتحام الأكبر".
وبحسب المحافظة، فإنّ هذا يمثّل "محاولةً إسرائيلية نوعيةً لكسر الخطوط الحمر، الدينية والقانونية، مستفيدةً من الاصطفاف الحكومي الكامل خلف أجندتها".
ماذا حدث في المسجد الأقصى؟
في سلسلة منشورات عبر حسابها الرسمي في منصة "فيسبوك"، أوردت محافظة القدس تفاصيل عما ارتكبه المستوطنون وشهده المسجد الأقصى خلال الاقتحام، الذي مثّل "سابقةً خطيرة".
أما هذه التفاصيل فتؤكد قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالسماح لـ3969 مستوطناً باقتحام باحات المسجد صباح اليوم، بقيادة وزراء من الحكومة، على رأسهم بن غفير، إضافةً إلى 100 تحت مسمى "السياحة".
وإلى جانب بن غفير، شارك في الاقتحام ما يُسمى "وزير النقب والجليل"، يتسحاق فاسرلاوف، وأعضاء من "الكنيست"، ينتمون إلى حزب "الليكود"، على رأسهم عميت هاليفي.
وقاموا أيضاً بقراءة جماعية للّفائف التوراتية، على مرأى ومسمع من قوات الاحتلال التي وفّرت الحماية الكاملة، ومنعت أي وجود فلسطيني فعّال في محيط الاقتحام.
وتجمّع عدد من المستوطنين صباحاً حول لفافة توراة مفتوحة، في طقس علني أقاموه قرب باب المغاربة، قُبيل اقتحامهم المسجد في إطار إحياء ما يُسمى "ذكرى خراب الهيكل" المزعومة.
ويُعدُّ هذا الطقس، واستخدام لفائف التوراة في هذا السياق المكاني والزمني، "إشارةً رمزيةً خطيرةً إلى مساعٍ استعمارية لإحياء الحلم التوراتي ببناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى"، بحسب ما أوضحته المحافظة.
كذلك، أدخل المقتحمون أدوات ولفائف وشعارات توراتية إلى داخل المسجد الأقصى، وأدوا صلوات تلمودية علنية أمام المسجد القبلي، في "سابقة غير معهودة"، كما أكدت محافظة القدس.
ورفع المستوطنون العلم الإسرائيلي ورايات عليها رسوم للمعبد المزعوم في قلب المسجد الأقصى، وكُتب عليها "بيت الله العالمي"، في "محاولة خطيرة لفرض رمزية توراتية على المكان الإسلامي الخالص".
إضافةً إلى ذلك، أجبرت قوات الاحتلال مجموعة فتيات على الخروج من المسجد الأقصى، واعتقلت 3 من حرّاسه من داخل باحاته.
ومنعت القوات الإسرائيلية المقدسيين من دخول البلدة القديمة في القدس المحتلة، مفسحةً المجال أمام المستوطنين للدخول.
"مرحلة مفصلية في المخطط الإسرائيلي"
إزاء ذلك، بيّنت محافظة القدس أنّ هذا "ليس مجرد اقتحام جديد، بل مرحلة مفصلية في المخطط الإسرائيلي الرامي إلى فرض سيادة يهودية بالقوة على الأقصى وتقسيمه مكانياً بين المسلمين والمستوطنين، بعد أن تمادت سلطات الاحتلال في تنفيذ التقسيم الزماني خلال الأعوام الماضية".
ورأت أنّ هذا التصعيد غير المسبوق هو "بمنزلة إعلان حرب دينية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وتمهيد لتفجير شامل لا تقف نيرانه عند حدود فلسطين، بل قد تمتد إلى المنطقة والعالم بأسره".
وحمّلت المحافظة حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد، محذّرةً من أنّه "قد يشعل حرباً دينيةً مفتوحة".
ودعت المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، إلى "تحمّل مسؤولياتهم فوراً لوقف هذا العدوان الإجرامي، وفرض الحماية الدولية للمقدسات الإسلامية في القدس".
كما دعت "القوى الإقليمية والدولية النافذة إلى التدخل العاجل، ووقف هذا المخطط التهويدي الذي يهدّد السلم العالمي".
ووجّهت محافظة القدس أيضاً "نداءً عاجلاً" إلى الشعب الفلسطيني وأبناء الأمتين العربية والإسلامية لـ"اتخاذ خطوات فاعلة لحماية الأقصى ومنع تحويله إلى كنيس إسرائيلي بالقوة"، مؤكدةً أنّ "القدس ومقدساتها خط أحمر، وأنّ المساس بهما ستكون له تبعات تاريخية قد تغيّر وجه المنطقة والعالم إلى الأبد".
ويترافق هذا التصعيد مع بيئة تحريضية غير مسبوقة، حيث يحلّ الحدث بعد أسابيع فقط من إصدار بن غفير تعليماته لضباط الشرطة بالسماح للمستوطنين بالرقص والغناء داخل المسجد الأقصى، في خطوة عدّتها المحافظة "تمهيداً لفرض وقائع جديدة بالقوة".
فصائل المقاومة: جريمة متصاعدة بحق الأقصى
حركة حماس أكدت أنّ الاقتحام يمثّل "جريمةً متصاعدةً بحق المسجد، وإمعاناً في العدوان الممتدّ على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، واستفزازاً لمشاعر المسلمين في كل مكان".
وأضافت الحركة أنّ أفعال الاحتلال ومستوطنيه، من اقتحامات وجولات استفزازية وحصار على المسجد وتشديدات على البلدة القديمة، "لن تفلح في تهويده أو فرض واقع جديد عليه والعبث في هويته العربية الإسلامية".
وحذّرت من أنّ هذا السلوك الإسرائيلي "يهدّد بصورة مباشرة السلم والأمن" في المنطقة والعالم، الأمر الذي "يتطلّب وقفةً جادةً من المجتمع الدولي والأمم المتحدة، لردع حكومة الاحتلال ومحاسبتها على هذه الجرائم".
بدورها، قالت حركة الجهاد الإسلامي إنّ هذه الاعتداءات التي ارتكبها المستوطنون هي "إهانة لمشاعر المسلمين في أصقاع الأرض، يتعمد الاحتلال من خلالها بسط هيمنته على مقدسات الأمة وفي مقدمتها المسجد الأقصى، وتقاسمه وتهويده، تمهيداً لتدميره".
ودعت الحركة الشعوب العربية والإسلامية إلى "الوقوف صفاً واحداً لمواجهة العربدة الإسرائيلية المغطاة والمدعومة بشكل كامل من الإدارة الأميركية، لأنّ الخطر لن يقتصر على فلسطين، بل سيطال الأمة ومقدساتها وتاريخها".
وشددت على أنّ "المتخاذلين لن يكونوا في مأمن من الخطر الصهيوني وأطماعه وجرائمه، إن تخلوا عن واجبهم الديني والأخلاقي والإنساني تجاه فلسطين وقضيتها وأهلها".
أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فرأت أنّ اقتحام اليوم "هو سكب لمزيد من النار على برميل متفجّر"، في إطار مخطط إسرائيلي شامل لحسم الصراع من خلال التهويد والاستيطان والقمع والمجازر والتطهير العرقي.
وأكدت الجبهة أنّ الردّ "يجب أن يكون عبر مزيد من الوحدة الميدانية، وتصعيد كل أشكال المقاومة، وعلى رأسها المقاومة المسلحة".
في السياق نفسه، أكدت لجان المقاومة في فلسطين أنّ الاقتحام هو "رسالة واضحة للعرب وللمسلمين ولكل المراهنين على السلام المزعوم" مع الاحتلال، مفادها أنّ اللغة الوحيدة التي يفهمها هي لغة المقاومة والمواجهة.
وحركة المجاهدين رأت أنّ الاقتحام يظهر مضي حكومة الاحتلال بمخططاتها التهويدية، التي تستهدف المسجد الأقصى وكينونته وهويته الإسلامية والعربية، وتغيير الواقع فيه، تزامناً مع المجازر التي ترتكبها في غزة.
الرئاسة الفلسطينية: تصعيد خطير يأتي استكمالاً لحرب الإبادة والتجويع
الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أكد بدوره أنّ ما يجري من إرهاب المستوطنين المتواصل في الضفة الغربية، واعتداءاتهم على المسجد الأقصى، "تصعيد خطير يأتي استكمالاً لحرب الإبادة والتجويع" التي يشنّها الاحتلال على قطاع غزة.
وأضاف أبو ردينة أنّ هذا التصعيد "مدان ومرفوض، ويعكس إرهاباً منظّماً بحماية سلطات الاحتلال ودعمها، بهدف إفشال جميع الجهود العربية والدولية الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار وعودة الاستقرار والهدوء إلى المنطقة".
وطالبت الرئاسة الفلسطينية الإدارة الأميركية بـ"التدخل الفوري والعاجل لوقف هذا العدوان الإسرائيلي، وإجبار سلطات الاحتلال على الامتثال لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، إذا أرادت حقاً تحقيق الأمن والاستقرار".
الأردن: لا سيادة لـ"إسرائيل" على الأقصى
وفي الأردن، دانت وزارة الخارجية الاقتحام، مشيرة إلى أنه يشكل "خرقاً فاضحاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واستفزازاً غير مقبول وتصعيداً مداناً"، مؤكدةً أن "لا سيادة لإسرائيل على المسجد الأقصى".
وأضافت أنّ الاقتحام هو "انتهاك صارخ للوضع التاريخي والقانوني القائم في الأقصى، ومحاولة لتقسيمه زمانياً ومكانياً، وتدنيس لحرمته".
وحذّرت الخارجية الأردنية من عواقب استمرار هذه الانتهاكات للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، مطالبة الاحتلال بـ"وقف جميع الممارسات الاستفزازية لبن غفير، التي تُعدُّ استمراراً لسياسة الحكومة الرامية إلى مواصلة التصعيد".
السعودية: نطالب المجتمع الدولي بوقف ممارسات الاحتلال
أما السعودية، فأعربت عبر وزارة الخارجية، عن إدانة "الممارسات الاستفزازية المتكررة من قبل مسؤولي حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى"، مؤكدةً أنّ هذه الممارسات "تؤجج الصراع في المنطقة".
وطالبت السعودية المجتمع الدولي بـ"وقف ممارسات مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي المخالفة للقوانين والأعراف الدولية، والتي تقوّض جهود السلام في المنطقة".