وثائق بريطانية تكشف تحذيرات رسمية سابقة من تداعيات غزو العراق

بعد أكثر من 22 عاماً على غزو العراق، وثائق بريطانية تفضح تحذيرات رسمية من تداعيات هذه الغزو.

0:00
  • ديفيد مانينغ مع توني بلير وكوندوليزا رايس وجورج دبليو بوش في كامب ديفيد عام 2002
    ديفيد مانينغ مع توني بلير وكوندوليزا رايس وجورج دبليو بوش في كامب ديفيد عام 2002 "أ ف ب"

كشفت وثائق بريطانية رُفعت عنها السرية حديثاً أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير حذّر إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش الابن عام 2003 من أن المضي في غزو العراق من دون الحصول على قرار ثانٍ من مجلس الأمن قد يُكلّفه رئاسة الحكومة.

الوثائق التي نشرتها صحيفة "الغارديان" البريطانية نقلت عن ديفيد مانينغ، مستشار بلير للسياسة الخارجية، تحذيره لمستشارة الأمن القومي الأميركي آنذاك كوندوليزا رايس، قائلاً إن "سعي بوش لتغيير النظام في بغداد قد يُفضي إلى تغيير النظام في لندن أيضاً".

الاجتماع بين مانينغ ورايس عُقد قبل زيارة بلير للرئيس بوش في كامب ديفيد بتاريخ 31 كانون الثاني/يناير 2003، أي قبل أقل من شهرين من بدء الغزو الأميركي للعراق.

وبحسب الوثائق، كان هدف بلير في كامب ديفيد هو إقناع الإدارة الأميركية بالحاجة إلى قرار أممي ثانٍ باعتباره "ضرورة سياسية وقانونية للمملكة المتحدة".

موقف بلير الداخلي على المحك

وفي مذكرة منفصلة صنفت "سرية - شخصية بحتة وحساسة للغاية" بتاريخ 29 كانون الثاني/يناير، حذّر مانينغ من أن تجاوز مجلس الأمن سيُضعف موقع بلير أمام البرلمان ومجلس الوزراء، وقد يُجبره على الاستقالة.

وأبلغ مانينغ رئيس الوزراء البريطاني أن بوش لا يرى في القرار الثاني شرطاً حاسماً لأنه يمتلك تفويضاً من الكونغرس، لكنه أشار إلى أن هذا الوضع "مختلف تماماً" عن المأزق الداخلي الذي يواجهه بلير.

ووفقاً للمذكرة، أقرت رايس بهذا التباين، لكنها شبّهت الوضع بلعبة بوكر، قائلة: "تأتي لحظة الحسم، وعلى الجميع كشف أوراقهم"، ليرد مانينغ بالقول إن "بوش يمكنه المغامرة والبقاء على الطاولة، لكن بلير قد يُضطر إلى مغادرتها إذا فشل".

الوثائق كشفت أيضاً أن واشنطن بدأت تفقد صبرها تجاه رفض فرنسا وروسيا، الدولتين اللتين تمتلكان حق النقض في مجلس الأمن، في ظل عجز المفتشين الدوليين عن العثور على أي أدلة تؤكد وجود أسلحة دمار شامل لدى العراق، وهو المبرر المفترض للحرب.

في السياق نفسه، قال السفير البريطاني لدى واشنطن كريستوفر ماير إن خطاب بوش أمام الكونغرس في كانون الثاني/يناير 2003 أغلق أي مجال للمناورة السياسية، واصفاً موقف بوش بـ"المخلّص" الذي لا رجعة فيه "إلا باستسلام صدام حسين أو اختفائه من المشهد".

وفي برقية أخرى، وصف ماير رؤية بوش للعالم بأنها "مانوية"، تقوم على تقسيمه بين الخير والشر، ورسالته هي "تطهيره من الأشرار".

تحذيرات متجاهلة وعواقب متوقعة

كما أظهرت إحدى المذكرات الصادرة عن وزارة الدفاع البريطانية تحذيرها المبكر من أن "تراخي قبضة صدام على السلطة قد يؤدي إلى مستويات كبيرة من العنف الداخلي".

وتقرير "تشيلكوت" بشأن الحرب على العراق الصادر لاحقاً أكد صحة هذه التحذيرات، ووجّه انتقادات حادة إلى بلير لتجاهله المخاوف السياسية والأمنية، مشدداً على أن الفوضى التي أعقبت الغزو لم تكن مفاجئة كما زعم.

اقرأ أيضاً: كيف ساهم غزو العراق في انتشار  المرتزقة حول العالم؟