"الغارديان": ترامب غير مهتم بالاستماع إلى الاستخبارات بشأن النووي الإيراني

يبدو أن الرئيس الأميركي أكثر استعداداً للاستماع إلى إسرائيل من أسلافه، كما أنه يشكك بشدة في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

0:00
  • دونالد ترامب يتحدث بعد الضربة الأميركية على ثلاث منشآت نووية إيرانية
    دونالد ترامب يتحدث بعد الضربة الأميركية على ثلاث منشآت نووية إيرانية

صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر مقالاً تناولت فيه الخلفية الاستخبارية للضربات التي أمر بها ترامب ضد إيران. 

وذكر المقال أنّ واشنطن لم تستند إلى معلومات استخبارية جديدة، بل جاءت الضربات رغم ثبات موقف أجهزة الاستخبارات الأميركية على مدى عقدين من الزمن، بأن إيران لم تُصنّع قنبلة نووية منذ أن علّقت برنامجها التسلحي عام 2003.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

عندما أمر دونالد ترامب الجيش الأميركي بقصف المنشآت النووية الإيرانية خلال عطلة نهاية الأسبوع، كان النقاش بين مسؤولي الاستخبارات والخبراء الخارجيين وصناع السياسات حول وضع البرنامج النووي لطهران مجمداً إلى حد كبير في مكانه لمدة تقرب من عشرين عاماً.

لقد أدى هذا النقاش المطول مراراً وتكراراً إلى وضع مجتمع الاستخبارات الأميركي في خلاف مع "إسرائيل".

على مدى عقدين تقريباً، خلصت وكالات الاستخبارات الأميركية إلى أنه رغم امتلاك إيران برنامجاً لتخصيب اليورانيوم، فإنها لم تُصنّع أي قنابل ذرية قط. وقد شكّل هذا التقييم جوهر تقاريرها الاستخبارية عن إيران منذ عام 2007 على الأقل. وقد أدّى هذا إلى نقاشات متواصلة على مر السنين حول أهمية برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني مقارنةً بـ"التسليح" أو صنع القنابل.

لطالما أكدت "إسرائيل" أنّ الجدل الدائر حول التخصيب مقابل التسلح ليس ذا أهمية، لأن إيران قادرة على صنع قنبلة نووية بسرعة نسبية. لكن إيران علّقت برنامجها التسلحي عام 2003، ولم تُحاول صنع قنبلة نووية منذ ذلك الحين؛ فمن الواضح منذ عقود أنّ النظام الإيراني أدرك أنّ مصالحه تتحقق أكثر بالاستمرار في تهديد امتلاك سلاح نووي بدلًا من امتلاكه فعلياً.

في العراق، أدّت التقارير الكاذبة إلى أكبر كارثة لأجهزة الاستخبارات، وكانت قد أفادت التقارير الاستخبارية بأنّ صدام حسين يمتلك برنامجاً لأسلحة الدمار الشامل، وهي معلومات استخبارية معيبة ساعدت إدارة جورج دبليو بوش في تبرير غزو العراق عام 2003.

في الماضي، كانت تقييمات أجهزة الاستخبارات الأميركية لحالة البرنامج النووي الإيراني، التي وُضعت في أعقاب إخفاقاتها في قضية أسلحة الدمار الشامل العراقية، بمنزلة رادعٍ لتصرفات الرؤساء المتعاقبين، من بوش إلى أوباما وبايدن. وقد واجه جميعهم ضغوطاً من "إسرائيل" لاتخاذ إجراءات ضد إيران، أو على الأقل للسماح لـ "إسرائيل" بقصفها.

الفرق اليوم ليس أنّ التقارير الاستخبارية تغيرت بشكل كبير.

يبدو أنّ ترامب أصبح الآن أكثر استعداداً للإنصات لـ "إسرائيل" من أسلافه، كما أنه يُبدي شكوكاً عميقة تجاه وكالة الاستخبارات المركزية. وبإقالته العديد من موظفي مجلس الأمن القومي، وشنّه حملة تطهير أيديولوجي في بقية دوائر الأمن القومي منذ عودته إلى منصبه، أوضح ترامب أنه غير مهتم بالإنصات لخبراء شؤون إيران والشرق الأوسط. وقد أكد ترامب تشككه في هؤلاء الخبراء عندما صرح مؤخراً للصحفيين بأنه "لا يُبالي" بآخر تقييم لأجهزة الاستخبارات الأميركية بأن إيران لم تُصنّع قنبلة نووية بعد.

في غياب أي دليل على أنّ إيران كانت في الواقع "تسلح" نووياً، انحدرت الحجج حول البرنامج النووي الإيراني على مدى العقدين الماضيين إلى سلسلة من النزاعات حول أهمية كل تغيير في برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني.

اشتعل هذا الجدل لأول مرة في عناوين الصحف عام 2007، في وقت كانت إدارة بوش - الغارقة بالفعل في حروب في كل من العراق وأفغانستان - تدرس قصف إيران لوقف برنامجها النووي. في خضم هذا النقاش، نُشرت النتائج الرئيسية لتقدير الاستخبارات الوطنية لعام 2007 بشأن البرنامج النووي الإيراني. وجد تقرير تقدير الاستخبارات أنّ إيران أوقفت برنامجها للأسلحة النووية عام 2003 ولم تصنع قنبلة أبداً. وبينما وجد أنّ إيران لا تزال قادرة على تطوير قنبلة بحلول عام 2010، فقد قرر أنّ دورة الوقود النووي التجارية الخاصة بها - برنامج التخصيب - لم تكن جزءاً من برنامج أسلحة نووية مستمر.

في عام 2011، نُشرت نتائج تقرير استخباري وطني آخر، ما غيّر تقييم أجهزة الاستخبارات قليلاً. أشار التقرير إلى أنّ برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني يُحتمل أن يكون قيد التطوير، ويمكن استخدامه في نهاية المطاف لإنتاج يورانيوم صالح للاستخدام في صنع الأسلحة. لكن التقرير وجد أيضاً أنّ إيران لم تُحاول بعدُ صنع قنبلة نووية. وقد خالف تقرير عام 2011 تقرير عام 2007 بعدم التمييز بين تخصيب اليورانيوم الإيراني لأغراض محلية والعمل المحتمل على صنع أسلحة نووية. ومع ذلك، وجد التقرير الجديد عدم وجود أدلة كافية تُثبت أن إيران قد اتخذت قراراً باستئناف برنامجها النووي العسكري وبناء قنبلة.

اليوم، لا يزال مجتمع الاستخبارات الأميركي على حاله تقريباً: لدى إيران برنامج تخصيب، لكنها لم تُصنّع قنبلة نووية. أدلت تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، بشهادتها أمام الكونغرس في آذار/مارس، قائلةً إنه بينما بلغ مخزون إيران من اليورانيوم المخصب أعلى مستوياته، فإن مجتمع الاستخبارات "لا يزال يُقيّم أن إيران لا تُصنّع سلاحاً نووياً، وأن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية خامنئي لم يُصرّح ببرنامج الأسلحة النووية الذي علقه عام 2003".

 وبعد أن أمر ترامب بقصف إيران، سارعت غابارد للدفاع عن أفعاله، على الرغم من عدم حدوث أي تغيير في تقييمات وكالات الاستخبارات.

وبينما تستمر "إسرائيل" والصقور اليوم في الإصرار على أنّ إيران قادرة على بناء قنبلة نووية بسرعة، فإن مجتمع الاستخبارات الأميركي ظل لفترة طويلة يزعم أنه قادر على اكتشاف هذه الجهود في مراحلها الأولى، قبل وقت طويل من نجاحها.

بعد الضربة التي وقعت نهاية الأسبوع، ركز الديمقراطيون في الكونغرس على حقيقة أنه لم تكن هناك معلومات استخبارية جديدة لتبرير تصرف ترامب، ولا معلومات استخبارية جديدة تُظهر تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة.

وقال السيناتور مارك وارنر، وهو ديمقراطي من ولاية فرجينيا وأبرز الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، إنّ ترامب قصف إيران "من دون مراعاة للاستنتاجات المتسقة لمجتمع الاستخبارات".

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

"إسرائيل" تشن عدواناً على الجمهورية الإسلامية في إيران فجر الجمعة 13 حزيران/يونيو يستهدف منشآت نووية وقادة عسكريين، إيران ترد بإطلاق مئات المسيرات والصواريخ التي تستهدف مطارات الاحتلال ومنشآته العسكرية.