"بوليتيكو": هل يستطيع ترامب شراء غرينلاند؟
إليكم ما يمكن للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أن يفعله بجزيرة غرينلاند التي تتمتّع بالحكم الذاتي.
صحيفة "بوليتيكو" الأميركية نشرت تقريراً استعرضت فيه الخيارات التي قد يسلكها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مسألة الاستيلاء على جزيرة غرينلاند.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
قد تبدو خطة دونالد ترامب لشراء غرينلاند سخيفة، لكنها ليست مستحيلة.
إذا كان الرئيس المنتخب عازماً حقّاً على السيطرة على أكبر جزيرة في العالم، فقد يحاول شراءها بشكل مباشر إذا أعلنت المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي استقلالها عن الدنمارك. وقد يسعى إلى جعلها كومنولثاً مثل بورتوريكو. أو قد يدخل غرينلاند في صفقة مثل تلك التي أبرمتها الولايات المتحدة مع ميكرونيزيا وجزر مارشال والتي تمنح الجيش الأميركي إمكانية الوصول غير المقيّدة في مقابل الدفاع والمساعدة المالية.
وقال أليكس غراي، رئيس أركان مجلس الأمن القومي خلال إدارة ترامب الأولى، إنّ "هناك الكثير من الاختلافات فيما يتعلّق بما تديره وزارة الداخلية"، مضيفاً أنّه "ليس مقاساً واحداً يناسب الجميع ولدينا سابقة في القيام بالكثير من الخيارات".
إذا لم يتمكّن ترامب من شراء غرينلاند، فيمكنه محاولة إضافة المزيد من القواعد للتجسّس على روسيا والصين القريبتين. وإذا وافق سكان غرينلاند - وهو ما قد لا يوافقون عليه - فقد يجد طرقاً لممارسة المزيد من السلطة على الجزيرة.
وإليك ما يمكن للرئيس القادم أن يفعله لتغيير علاقة الولايات المتحدة مع غرينلاند، وتخطّي العوائق التي في طريقه.
شراء غرينلاند
قال غراي إنّ الأشخاص في فلك ترامب بدأوا حقّاً في التفكير بجدّية في المفاوضات التي من شأنها أن تؤدّي إلى أن تصبح الجزيرة إقليماً أميركياً، كجزء من الجهود الرامية إلى إعادة توجيه السياسة الخارجية الأميركية نحو نصف الكرة الغربي مع تحوّل الصين وروسيا أنظارهما نحو المنطقة.
ولا يستبعد غراي أن يقوم ترامب بعملية شراء مباشرة، مشيراً إلى عملية شراء الدنمارك في القرن السابع عشر لسانت كروا من فرنسا. واشترت الولايات المتحدة الإقليم كجزء من معاهدة عام 1916 وهي الآن جزء من جزر فيرجن.
شراء الجزيرة ليست فكرة جديدة تماماً، فقد عرضت الولايات المتحدة منذ عقود شراء غرينلاند من الدنمارك، وهي خطة سرّية طويلة الأمد تمّ الكشف عنها في التسعينيات.
ولكن حتى لو أمكن بيع غرينلاند، فإنّ العديد من سكان الجزيرة يتساءلون عمّا إذا كانوا يريدون أن يصبحوا جزءاً من الولايات المتحدة. وقال رئيس وزراء الجزيرة، الذي دعا إلى الاستقلال عن الدنمارك في العقد المقبل، إنّ غرينلاند "ليست للبيع ولن تكون للبيع أبداً".
وحتى حلفاء ترامب يعترفون بأنّ التفاوض على مصير غرينلاند سيكون صعباً بسبب العواقب الاقتصادية الضخمة، إذ إن غرينلاند لديها مليارات الدولارات من المعادن والهيدروكربونات غير المستكشفة المدفونة تحت صفائح الجليد الذائبة في القطب الشمالي.
على الورق، تمتلك غرينلاند العديد من سلطات الدولة المستقلّة بالفعل. إنّها منطقة تتمتّع بالحكم الذاتي في الدنمارك، مما يمنح الجزيرة استقلالية واسعة النطاق. وهذا يعني أنها تستطيع انتخاب قادتها بينما تتولّى كوبنهاغن التعامل مع سياستها الخارجية ودفاعها الوطني.
قال سكوت أندرسون، المحامي السابق في وزارة الخارجية وخبير الأمن القومي: "أنا واثق تماماً من أنّ حكومة الدنمارك، لا تعتقد أنها تتمتع بالسلطة القانونية لبيع غرينلاند لأيّ شخص".
لم تشترِ الولايات المتحدة أراضي بشكل مباشر منذ استحواذها على الفلبين من إسبانيا في نهاية القرن التاسع عشر. وقد جعل القانون الدولي شراء أو بيع أو سرقة الأراضي من المحرّمات، إن لم يكن غير قانوني تماماً.
الاستيلاء على غرينلاند
إنّ الغزو العسكري، الذي لن يستبعده ترامب، من شأنه أن يثير غضب العالم.
وقال بريان فينوكين، المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية في عهد ثلاثة رؤساء إنّ "خطاب ترامب مثير للقلق لأنه الرئيس القادم للولايات المتحدة وكلماته بحدّ ذاتها لها عواقب على العلاقات الخارجية".
إبرام صفقة
حتى لو قرّرت غرينلاند أن تصبح مستقلة، فإنّ الولايات المتحدة لا تزال قادرة على إيجاد طريقة لممارسة المزيد من السيطرة على الجزيرة.
إنّ الولايات المتحدة لديها صفقات مثل هذه، تسمّى اتفاقيات الارتباط الحرّ، مع ميكرونيزيا وجزر مارشال وبالاو في جزر المحيط الهادئ الغربية.
إنّ مثل هذه الصفقة من شأنها أن تمنح الولايات المتحدة حقّ الوصول العسكري الحصري والحقّ في تحديد الدول الأخرى التي يمكنها أن تنشئ قواعد لقواتها في غرينلاند. كما قد تمنح البنتاغون موطئ قدم أكبر في المنطقة في حين تعمل على صدّ وصول الصين إلى طرق الشحن في القطب الشمالي مع ذوبان القمم الجليدية القطبية والقواعد الجوية والبحرية الروسية في مورمانسك، على شبه جزيرة كولا القريبة.
إنّ هذا النموذج يشبه العلاقة بين غرينلاند والدنمارك، إلا أنّ الدول الثلاث المطلّة على المحيط الهادئ هي دول مستقلة. وقد نظرت إدارة ترامب سابقاً في مسألة توقيع اتفاقية تعاون إقليمي مع غرينلاند خلال فترة ولايته الأولى.
ويزعم بعض المسؤولين الأميركيين السابقين أنّ هذا النموذج قد يخفّف الضغوط على كوبنهاغن، لأنّ الجزيرة أكبر بنحو 50 مرة من الدنمارك. والجيش العامل في الخدمة الفعلية في البلاد أصغر من قوة شرطة مدينة نيويورك.
وقال غراي إنّ "الدنمارك تدرك أنّ غرينلاند ستحصل على الاستقلال. إنهم يدركون أنهم لا يملكون القدرة على الدفاع عن غرينلاند بعد الاستقلال".
ولكن بعد أن أثار تهديد ترامب الضمنيّ بالعمل العسكري للاستيلاء على غرينلاند تحذيرات من ألمانيا وفرنسا، فإنّ مساعدة الولايات المتحدة للجزيرة على إبعاد نفسها عن الدنمارك قد تكون لها عواقب دبلوماسية.
إظهار بعض القوّة
إذا لم يتمكّن ترامب من شراء غرينلاند، أو إشراكها في صفقة دفاعية، فقد يتمكّن الرئيس المنتخب من إضافة المزيد من القواعد الأميركية هناك.
تعاني الولايات المتحدة وحلفاء الناتو من فجوات كبيرة في تغطية المراقبة في أجزاء من المحيط الأطلسي والمحيط المتجمّد الشمالي. يمكن للولايات المتحدة إضافة أجهزة استشعار أكثر تطوّراً إلى رادارات الإنذار المبكر التي يمتلكها البنتاغون بالفعل في قاعدة بيتوفيك الفضائية، على الطرف الشمالي الغربي من الجزيرة.
نقلته إلى العربية: بتول دياب