"فايننشال تايمز": ترامب خلق فرصة لليورو لمنافسة الدولار
يتعيّن على الزعماء الأوروبيين أن يتخلّصوا من خجلهم السياسي لاتخاذ الخطوات اللازمة.
-
"فايننشال تايمز": ترامب خلق فرصة لليورو لمنافسة الدولار
صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تنشر مقال رأي ذكرت فيه أنّ سياسة ترامب الاقتصادية والسياسية خلقت فرصة للاتحاد الأوروبي لتعزيز مكانة اليورو كعملة عالمية بديلة للدولار الأميركي.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:
لطالما كان طموح الاتحاد الأوروبي أن ينافس اليورو الدولار الأميركي على الهيمنة العالمية، أو على الأقل على السيادة النقدية محلياً. والآن، يُمثّل التخريب الذاتي الذي تمارسه واشنطن بقيادة دونالد ترامب فرصة ذهبية لتحقيق هذا الحلم، إذا استطاع القادة الأوروبيون التغلّب على خجلهم السياسي من بذل كلّ ما يلزم لتحقيقه.
تأثّرت ثقة الدولار سلباً بسياسة ترامب الجمركية، وكذلك بطرح فريقه أفكاراً غريبة في السياسة المالية. تشمل هذه الأفكار التحويل القسري لسندات الخزانة أو فرض رسوم على امتياز إقراض الحكومة الأميركية. إنّ عدوانية الإدارة على سيادة القانون تجعل جميع المطالبات القانونية، بما فيها المالية، غير مؤكّدة.
هل يستطيع القادة الأوروبيون سماع صرخة الأسواق طلباً للمساعدة في شكل أصل بديل؟ إذا حان الوقت لـ"لحظة هاميلتونية"، حيث تُصدر دول منطقة اليورو مخزوناً كبيراً ودائماً من الديون المشتركة لتحلّ تدريجياً محلّ المشهد المجزّأ للسندات السيادية الوطنية، فهذا هو الوقت. سيقبل المستثمرون العالميون على أصل آمن كبير الحجم وسيول في منطقة اليورو.
لا شكّ أنّ السياسات المتبعة في هذا الشأن غير مكتملة. ولكن يمكن اتخاذ خطوات أبسط في وقت قصير لاستغلال أخطاء الولايات المتحدة كفرصة أوروبية.
أولاً، تأجيل سداد ديون الاتحاد الأوروبي المقرّرة لتمويل صندوق "الجيل القادم للاتحاد الأوروبي" لما بعد الجائحة. يجب بدلاً من ذلك ترحيل هذا الرصيد من الديون، الذي من المفترض أن ينخفض على مدى 30 عاماً حتى عام 2058، إلى أجل غير مسمّى.
ثانياً، توحيد أرصدة الديون المُصدّرة بالفعل بدعم مشترك من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. يمكن لجهة إصدار واحدة ومجموعة من السندات أن تحلّ محلّ السندات الوطنية مع مرور الوقت، وأن تغطي جميع السندات الجديدة، مثل تلك المُقترحة لتجميع 150 مليار يورو للإنفاق الدفاعي.
ثالثاً، يُمكن للاتحاد الأوروبي تمويل الإنفاق المستقبلي مسبقاً. على مدار العامين المقبلين، ستتفاوض الدول الأعضاء على ميزانية لسبع سنوات تتجاوز تريليون يورو. ويمكن ضبط الاقتراض المسبق للحفاظ على إجمالي ديون الاتحاد الأوروبي مستقر وكبير.
من شأن هذه المبادرات أن تُسهم في تلبية الطلب على الاحتفاظ بمبالغ كبيرة من اليورو بأمان، وتُؤكد التزام الاتحاد الأوروبي بسوق أصول يورو عميقة وسائلة على المدى الطويل. ومن شأن ذلك أن يُخفّض تكاليف الاقتراض الأوروبية، في الوقت الذي تستعد فيه الدول الأعضاء لمزيد من الاستثمار في سياسات الدفاع والصناعة.
ليس التغيّر في الأمان النسبي لأصول الدولار واليورو هو الدافع الوحيد الذي يُفضّل الأخير. تاريخياً، سبق اختيار الشركات العالمية لإصدار الفواتير وتمويل العملات في التجارة الدولية اختيار الدول لفئات الاحتياطيات. اسأل نفسك هذا السؤال: إذا توقّفت عن التعامل مع الولايات المتحدة، فهل ستحتاج إلى الاحتفاظ بعملتها؟ وإذا ألغى ترامب الفوائض الثنائية للجميع مع الولايات المتحدة، فكيف سيستمرون في تراكم المطالبات الصافية على الأصول الأميركية؟
بمعنى آخر، تُعدّ آفاق التجارة العالمية مهمةً أيضاً فيما يتعلّق بقضايا العملات. يمكن لأوروبا استخدام أجندتها لتعزيز التجارة مع بقية العالم لتعزيز جاذبية اليورو. وهذا لا يتطلّب مجرّد أخذ الأجندة على محمل الجدّ، كتمرير اتفاقية التجارة مع تكتّل ميركوسور، على سبيل المثال. بل يتطلّب أيضاً توفير أدوات مالية لتشجيع التداول باليورو، بدءاً من خطوط المبادلة مع الشركاء التجاريين ووصولاً إلى عملة رقمية مصمّمة لدعم تجارة الشركات عبر الحدود. ومن شأن توحيد أسواق الأسهم وما يُسمّى بـ"النظام الثامن والعشرين" لقانون الشركات على مستوى الاتحاد الأوروبي أن يُسهم في تعزيز رأس المال المُخاطر باليورو.
هذه التدابير معروفة في معظمها، إلا أنّ الزخم السياسي غائب. ما نحتاجه هو أن يدرك القادة ارتباطهم بالهدف الجيوسياسي المتمثّل في الاستقلال عن نزوات الولايات المتحدة، وأن يدركوا مدى إلحاحها اليوم.
نقله إلى العربية: الميادين نت.