"فايننشل تايمز": موضة الشباب اليوم.. التوجه نحو اليمين المتطرف

تجذب الطاقة الفكرية للحركات اليمينية الجديدة الشباب.

0:00
  • "فايننشل تايمز": موضة الشباب اليوم... التوجه نحو اليمين المتطرف

صحيفة "فايننشل تايمز" البريطانية تنشر مقالاً يتناول توجهات الشباب السياسيّة في العقود الأخيرة، خصوصاً بين "جيل Z"، وتحولهم نحو اليمين، بما في ذلك اليمين المتطرف، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. 

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

في استطلاعات رأي متتالية على جانبي الأطلسي، ينضم الشباب إلى أحزاب وحركات وأفكار اليمين، ويصوتون لها. ولا يقتصر الأمر على اليمين المعتدل أو التقليدي فحسب، بل يشمل أيضاً القوى الشعبوية والمعادية للهجرة والرجعية.

تشكك هذه الحركات في معايير الديمقراطية الليبرالية، وتزدري مؤسسات مثل الإعلام المستقل والجامعات، وتزدري المؤسسة السياسية.

كورتيس يارفين، المدوّن ومهندس الحاسوب الذي أسهمت أفكاره في تشكيل ترامب 2.0، يُلقّب أحياناً بـ"الأب الروحي" للفصيل الأكثر تطرفاً من هؤلاء اليمينيين الإلكترونيين، ومعظمهم من الشباب. وقد أطلق مؤخراً على "اليمين الجديد"، وهو المصطلح الذي يُطلق غالباً على الفصيل الأكثر تطرفاً وجرأةً وصلابةً، اسم "اليمين الشاب" نظراً لأهمية أعضائه الشباب.

كما هي الحال دائماً، هناك مستوى آخر من التعقيد. وكما أوضح جون بيرن-موردوك من صحيفة "فايننشل تايمز"، فإن الانقسام السياسي بين الجنسين بين "الجيل Z" - أي تقريباً من تراوح أعمارهم بين 13 و28 عاماً - كبير إلى درجة أنه قد يكون من الأنسب اعتباره جيلين مختلفين بدلاً من جيل واحد، حيث أصبحت نساء الجيل زد أكثر "ليبرالية"، ورجال الجيل Z أكثر "محافظة". لذا، من الأفضل اعتبار "اليمين الشباب" بمنزلة "يمين الشباب الذكوري".

وقد استخدمت علامات التنصيص عمداً: فاليسار التقدمي - شبابه وكباره - يُظهر أحياناً تجاهلاً عابراً للقيم الليبرالية التقليدية المتمثلة في حرية التعبير والنقاش المفتوح. وبينما قد يشارك هذا اليمين الذكوري الشاب والجديد بعضاً من آراء اليمين القديم فيما يتعلق بالهجرة والقومية - وبشكل متزايد فيما يتعلق بـ"القيم اليهودية المسيحية" - إلا أنه غالباً ما يكون أكثر اهتماماً بإسقاط النظام القائم من الحفاظ عليه.

في ظلّ حالة الذعر التي تُثيرها مغازلة الشباب للفاشية، يُعدّ هذا الاختلاف بالغ الأهمية. فأحد الأسباب الرئيسية لانجراف الشباب، ليس فقط نحو اليمين، بل نحو اليمين المتطرف، هو طاقته الفكرية، وهي فيض من الأفكار الجديدة حول كيفية تنظيم مجتمعنا. وهذا يجذب الشباب الباحثين عن شيءٍ يُثير حماستهم، وشيءٍ يُشعرهم بالانحراف عن - أو التمرد على - ما يؤمن به آباؤهم الليبراليون المتشددون.

وبينما يوجد الكثير من المنظرين البارزين على اليمين ممن يطرحون أفكاراً جذرية - يجادل يارفين نفسه بضرورة استبدال الديمقراطية بالملكية - إلا أنّ اليسار يفتقر بوضوح إلى هؤلاء المفكرين، أو حتى إلى الأفكار الجديدة. فالشباب الذين ربما كانوا متحمسين لحجج نعوم تشومسكي حول صناعة الإعلام للموافقة، ينغمسون الآن في نقد الكاتب اليميني المستعار "منحرف العصر البرونزي" للحداثة، وحماسته للرجولة ما قبل الحضارية.

لكن الفجوة بين الجنسين ليست الفجوة الوحيدة بين الأجيال: إذ تشير استطلاعات الرأي إلى تفاوت كبير آخر بين كبار السن من الجيل Z، الذين أنهوا دراستهم قبل تفشي الجائحة عام 2020، والأصغر سناً، الذين أنهوا دراستهم بعد ذلك. وتميل هذه الفئة الأخيرة إلى اليمين أكثر من أسلافها. ففي استطلاع أجرته جامعة ييل هذا العام، أيد الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 18 و21 عاماً الجمهوريين بفارق يقارب 12 نقطة مئوية عن الديمقراطيين، بينما أيد من تراوح أعمارهم بين 22 و29 عاماً الديمقراطيين بنحو ست نقاط مئوية.

في هذه الأثناء، ينشقّ البريطانيون الأصغر سناً من جيل ما بعد الزوم عن التيار اليساري السائد: ففي انتخابات 2024، صوّت عدد أقلّ من الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً لحزب العمال مقارنةً بفئة واسعة من الشباب في منتصف العمر. وبينما لم يصوّت سوى 9% لحزب الإصلاح في المملكة المتحدة، من المرجّح أن يرتفع هذا الرقم في الانتخابات المقبلة: ففي أحدث استطلاع رأي للشباب أجراه مركز جون سميث، عبّر أكثر من ربع الرجال الذين تراوح أعمارهم بين 16 و29 عاماً - 26% - عن "تعاطفهم" مع حزب الإصلاح (مقارنةً بـ 15% من الشابات).

ولكن ربما لن يصوتوا، ففي استطلاع رأي حديث أجرته مؤسسة يوجوف لمصلحة مؤسسة "توي"، وافق 60% فقط من الشباب في المملكة المتحدة الذين تراوح أعمارهم بين 16 و26 عاماً على أن الديمقراطية أفضل من أشكال الحكم الأخرى، في حين وافق 18% على أن "شكل الحكم الاستبدادي في ظروف معينة أفضل من الشكل الديمقراطي".

المثل القديم القائل: "إن لم تكن ليبرالياً في شبابك، فلن تملك قلباً، وإن لم تكن محافظاً في شيخوختك، فلن تملك عقلاً"، لم يعد يُجدي نفعاً، إلا إذا اعتقدنا أنّ الشباب يفتقرون إلى الشجاعة. ما أراه هو جيلٌ مُحبط، يشك في قدرة الديمقراطية الليبرالية على تحقيق أي شيء ذي قيمة. نحن بحاجة إلى تفكير جديد ومبتكر - إضافة إلى بيئة حرة ومنفتحة لاختباره ومناقشته وتحديه - لإثبات أنه لا يزال قادراً على ذلك.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.