"فورين بوليسي": ماذا تقول ميزانية ترامب الجديدة عن السياسة الخارجية الأميركية؟
يريد ترامب التراجع بشكل كبير عن العديد من المشاركات العالمية التقليدية لأميركا في حين ينفق المزيد على الحدود والدفاع.
-
"فورين بوليسي": ماذا تقول ميزانية ترامب الجديدة عن السياسة الخارجية الأميركية؟
مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر تقريراً تناولت فيه مقترح ميزانية الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسنة المالية المقبلة، وكيف تدلّ على توجّهات الرئيس السياسية في الداخل والخارج.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
في الأسبوع الماضي كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب في رسالة إلى الكونغرس، مقترح ميزانية حكومته للسنة المالية المقبلة، أوضحت أولويّات إدارته وما يهدف إليه التخفيض واسع النطاق في الإنفاق الفيدرالي غير الدفاعي بمقدار 163 مليار دولار، أي أقلّ بنسبة 22.6% عن المستوى الحالي. ما يعني أنّ أجندة ترامب التخفيضية تحت شعار "أميركا أوّلاً"، ستؤثّر في علاقات البلاد الدولية، وفي وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي كاد الرئيس ومستشاره الملياردير إيلون ماسك أن يفرغها من محتواها، بينما يخصّص ترامب أكثر من 113 مليار دولار لوزارة الدفاع، و43.8 مليار دولار لوزارة الأمن الداخلي الموكلة تنفيذ مهامّ خطط الرئيس المتعلّقة بأمن الحدود وعمليّات الترحيل الجماعي المثيرة للجدل.
ومن المتوقّع أن يرتفع الإنفاق الدفاعي الإجمالي إلى 1.01 تريليون دولار، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 13% عن مستويات العام الجاري. ومع أنّ المقترح لا يعادل سياسة ملموسة، ولا يزال خاضعاً للموافقة والتعديلات من الكونغرس، ولكنّه يوضّح بلا لبس رؤية ترامب لدور الولايات المتحدة في العالم.
وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية
الميزانية الجديدة ستخضع وزارة الخارجية والبرامج الدولية الأخرى لتخفيض بنسبة هائلة تبلغ 83.9% أي 49.1 مليار دولار. ومن ضمنها تخفيض قدره 8.33 مليارات دولار مخصّصة للتنمية والديمقراطية والمساعدات الاقتصادية، والتي وصفتها الإدارة بأنّها "وجّهت لأولويّات يسارية راديكالية، بما في ذلك تغيّر المناخ والتنوّع والمساواة، وأنشطة مجتمع الميم حول العالم.
ومنذ تولّي ترامب منصبه، قامت وزارة الخارجية الأميركية بتجميد أو خفض تمويل العديد من هذه البرامج. كما تقترح الميزانية خفضاً قدره 3.2 مليارات دولار في مساعدات الإغاثة الدولية في حالات الكوارث، والتي وصفتها الإدارة بأنّ تكلفتها "باهظة.
هذه مجرّد 2 من إجمالي 15 تخفيضاً تقترحها إدارة ترامب على وزارة الخارجية وغيرها من البرامج الدولية، مع تأثير تخفيضات أخرى على بعثات حفظ السلام، والتبادلات التعليمية والثقافية، وتمويل منظّمة الصحة العالمية وغيرها من المنظّمات الدولية، وتمويل الصندوق الوطني للديمقراطية. بينما، تُعزّز ميزانية ترامب الإنفاق في قطاعات أخرى مثل تخصيصها 2.9 مليار دولار لصندوق "فرص أميركا أوّلاً"، الذي "يركّز على الاستثمارات الاستراتيجية التي تجعل أميركا أكثر أماناً وقوة وازدهاراً".
ورغم أنّ الوصف حول الصندوق غير واضح تماماً، إلّا أنّه يدعو إلى دعم الأردن والهند وغيرهما من "الشركاء الأساسيين"، ومواجهة "الصين ومثيلها من المنافسين". كما يظهر الصندوق كأداة بديلة لبرامج مساعدات التنمية التقليدية.
كما خصّصت ميزانية ترامب 2.82 مليار دولار لمؤسّسة تمويل التنمية الدولية الأميركية، التي أنشأها الكونغرس في عام 2018 بمواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهي بمثابة بنك التنمية الأميركي.
وزارة الدفاع
كذلك يخصّص جزء كبير من الزيادة المقترحة بنسبة 13% في إجمالي الإنفاق الدفاعي من 113 مليار دولار، لبناء السفن الحربية ومواجهة "عدوان" الصين في منطقتي المحيطين الهندي والهادئ، ولإنشاء نظام دفاع صاروخي يطلق عليه "القبّة الذهبية لأميركا".
ولا تتضمّن الميزانية رقماً محدّداً للتخفيضات في ميزانية وزارة الدفاع، لكنّها تشير إلى توجّهها نحو "إنهاء الإنفاق المرتفع لأموال دافعي الضرائب على برامج المناخ والتنوّع والإنصاف والمساواة".
وزارة الأمن الداخلي
كما يتضمّن اقتراح ترامب تخصيص 43.8 مليار دولار لوزارة الأمن الداخلي، لـ"تنفيذ حملته ضدّ المهاجرين بالكامل"، وإنهاء بناء الجدار الحدودي في الجنوب الغربي، من بين تدابير أخرى.
كما خفض اقتراح ترامب الميزانية المخصّصة لوكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية بمقدار 491 مليون دولار، ووصفتها إدارته بأنّها "كانت أكثر تركيزاً على الرقابة من حماية الأنظمة الحيوية للبلاد". مع أنّ الوكالة تشكّل الدفاع السيبراني الأميركي الرئيسي، والمكلّف بحماية الانتخابات الأميركية والبنية التحتية الحيوية من خصوم أجانب مثل الصين وروسيا وإيران.
وزارة التجارة
تعزّز الميزانية تمويل التجارة العادلة بمقدار 134 مليون دولار. ويشمل ذلك تمويلاً جديداً لتحقيقات مكافحة إغراق الأسواق، بالإضافة إلى 122 مليون دولار لمكتب الصناعة والأمن بزيادة قدرها 50%، بهدف حماية القدرة التنافسية التكنولوجية الأميركية في مواجهة الصين.
ويمثّل هذا تراجعاً حادّاً عن التخفيض البالغ 20 مليون دولار الذي اقترحته إدارة ترامب للسنة المالية 2025، والذي مثّل انخفاضاً بنسبة 12%، حيث أعرب الديمقراطيون في مجلس الشيوخ عن قلقهم إزاءه نظراً للدور المحوري للمكتب في فرض ضوابط التصدير على التكنولوجيا، بما في ذلك أشباه الموصلات.
كذلك خفض ترامب 275 مليون دولار من العمل المناخي الدولي بما في ذلك مرفق البيئة العالمية وصناديق الاستثمار المناخي، وتزعم المقترحات أنّها "تعزّز سياسات الصفقة الخضراء الجديدة". كذلك تخفّض الميزانية 555 مليون دولار للمصارف الإنمائية متعدّدة الأطراف، بما في ذلك البنك الأفريقي للتنمية ومصارف التنمية متعددة الأطراف الأخرى. كما خفض ميزانية المعاهد الوطنية للصحّة بمقدار 17.96 مليار دولار، وميزانية مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بنحو 3.59 مليارات دولار، على الرغم من أنّ الميزانية تنصّ على أنّ الصحّة العامّة العالمية ومراقبة الأمراض المعدية ستظلّ أولوية لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
من بين الزيادات يحدّد المقترح زيادة قدرها 596 مليون دولار في تمويل برامج بناء السفن والبنية التحتية للموانئ التابعة لوزارة النقل. ويعدّ هذا جزءاً من جهود الإدارة الأوسع لمواجهة هيمنة الصين على صناعة بناء السفن.
تخفيضات بمليارات الدولارات في برامج وكالة ناسا، بما في ذلك علوم الفضاء، للتركيز بدلاً من ذلك على "التغلّب على الصين في العودة إلى القمر، ووضع أوّل إنسان على المرّيخ". وطالت التخفيضات تمويل الوكالة الأميركية للإعلام العالمي وهي المنظمة الأم لإذاعة صوت أميركا وغيرها من وسائل الإعلام المموّلة حكومياً، بما في ذلك إذاعة أوروبا الحرّة وآسيا، والمعهد الأميركي للسلام، ومركز وودرو ويلسون، وغيرها، كما أنّ هذه المنظّمات تعدّ مراكز بحثية وإعلامية مهمّة حول الصين وروسيا ودول أجنبية أخرى.
نقله إلى العربية: حسين قطايا