"فورين بوليسي": وحش مختلف.. صاروخ "أوريشنك" الروسي خبر سيّئ لحلف "الناتو"

ما هي خصائص الصاروخ الروسي الجديد "أوريشنك" وقدراته؟

0:00
  • صاروخ
    صاروخ "أوريشنك"

تقرير في مجلة "فورين بوليسي" يتحدث عن خصائص الصاروخ الروسي الجديد "أوريشنك" الذي تم إطلاقه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 في هجوم على أوكرانيا. ويصف التقرير الصاروخ بأنّه وحش مختلف، ويعدّ خبراً سيئاً لحلف "الناتو"، مشيراً إلى أنّه يمكن لموسكو الاستفادة من الصاوخ لتحييد قدرات حلف "الناتو" العسكرية، خاصة في الهجمات على القواعد الجوية، بدلاً من الاعتماد على الأسلحة النووية.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أطلقت روسيا نوعاً جديداً من الصواريخ الباليستية متوسّطة المدى يدعى "أوريشنك"، أي شجرة البندق باللغة الروسية، في هجوم على إقليم دنيبرو في أوكرانيا. وعلى الرغم من أنّ الصاروخ قادر على حمل رؤوس حربية، لكنّه لم يستخدم بكامل طاقة ذخائره، وكان بمنزلة محاولة أخرى من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للإشارة إلى استعداده للتصعيد.

وتشير لقطات الضربة وتحليل صور الأقمار الصناعية إلى أنّ صاروخ "أوريشنك" يمكنه على الأرجح حمل 6 رؤوس حربية كلّ منها مزوّد بـ 6 مقذوفات أصغر، بمجموع 36 رأساً حربياً متنوّع الأحجام، ينثرها لتغطية منطقة واسعة بالمتفجّرات حين ينزلق باتّجاه الأرض، على غرار طريقة البندقية في رشّ الطلقات.

ومن شبه المؤكّد أنّ صاروخ "أوريشنك" يمكنه حمل رؤوس نووية، وقد ركّز العديد من الخبراء في تحليلاتهم على نحو أساسي على هذه القدرات وقيمتها في إشارات بوتين النووية الاستراتيجية، خاصّة أنّه لم يقل سوى القليل نسبياً عن القدرات التقليدية لصاروخ "أوريشنك" وكيف يمكن أن يتيح تغييراً في استراتيجية الاستهداف الروسية في حرب مستقبلية محتملة مع حلف "الناتو".

مع ذلك، حين تدور الصراعات في مناطق واسعة مريحة لانتشار القوات العسكرية، كما هي الحال على الجبهات في حرب أوكرانيا، فإنّ صاروخاً باهظ الثمن مثل "أوريشنك" هو خيار سيّئ. ولكنّ استخدامه مجدٍ تماماً لمهاجمة أهداف ثمينة مثل القواعد الجوّية، حيث يمكن لذخائره التقليدية الصغيرة أن تلحق أضراراً كبيرة.

في مقابلة تلفزيونية في كانون الأوّل/ديسمبر الماضي، أشار بوتين إلى أنّه مع صاروخ شجرة البندق، ستكون روسيا "عملياً قريبة جدّاً من عدم الحاجة إلى استخدام الأسلحة النووية". ومع أنّ الزعيم الروسي يبالغ، ولكن هناك قدر من الحقيقة في تصريحه. وبالفعل، يمكن لضربة روسية واسعة بصواريخ "أوريشنك" بالذخائر التقليدية على مواقع استراتيجية لحلف "الناتو"، مثل القواعد الجوية ومنشآت القيادة والسيطرة وقواعد الصواريخ أن تجعل الحلف يترنّح من دون أن يستخدم بوتين الأسلحة النووية.

في أي حرب مع حلف "الناتو"، من المرجّح أن تهاجم روسيا القواعد الجوّية للحلف في الأيام الأولى من الصراع. وتدرك روسيا جيداً التفوّق الجوّي لحلف "الناتو"، وتأمل أن تمنح الصواريخ قواتها بعض المساحة لالتقاط الأنفاس من خلال تسديد ضربات أساسية، أو على الأقلّ تأخير قدرة "الناتو" على الردّ.

فالطائرات المقاتلة الحديثة، لا سيّما المقاتلة "إف-35" التي تستخدمها  دول عدة في "الناتو" بشكل متزايد كطائرة متعدّدة المهمات، معقّدة للغاية ولا يمكن إصلاحها في الميدان، إذ صمّمت الطائرة مع ما يماثلها من مقاتلات لكي تدعمها قواعد جوّية كبيرة ومتطوّرة. وقد أدّت عقود من التخفيضات في الميزانية الدفاعية إلى تركيز القوة الجوّية لحلف الأطلسي في عدد قليل من هذه القواعد، ما يجعلها عرضة على نحو فريد لذخائر صاروخ "أوريشنك" الرشّاشة. 

من المؤكّد أنّ الصواريخ الباليستية النووية الروسية العابرة للقارّات "آي سي بي إم إس"، يمكنها الإضرار بالقواعد الجوّية لحلف "الناتو". ولكن، عندما يتعلّق الأمر بالأسلحة التقليدية، فقد كشفت تجربة روسيا في أوكرانيا عن مشكلات في مهاجمة المواقع الاستراتيجية بصواريخها الكلاسيكية الحالية، إذ فشلت الصواريخ المزوّدة برؤوس حربية أحادية في تعطيل القواعد الجوية الأوكرانية الرئيسية وغيرها من المنشآت، بسبب دقّتها المنخفضة والدفاعات الجوّية الأوكرانية الناجحة.

ولكن، صاروخ "أوريشنك" يساهم في حلّ هذه المشكلة. على سبيل المثال، بينما يتطلّب تدمير الطائرات في القواعد الجوّية الرئيسية لحلف "الناتو"، عشرات من صواريخ "إسكندر" التقليدية سيتطلّب الأمر عدداً أقلّ بكثير من صواريخ "أوريشنك" لتحقيق تأثير مماثل.

خلال الهجوم الذي وقع في 21 تشرين الثاني/نوفمبر، أسقط صاروخ واحد من طراز "أوريشنك" 36 مقذوفة صغيرة خاملة على مجمّع "بيفدنماش" الأوكراني لتصنيع الصواريخ. لو لم تكن الذخائر الصغيرة تقليدية، لأحدث الصاروخ دماراً واسعاً في مساحة كبيرة، ما يعوّض مشكلات الدقة التي تعانيها صواريخ "إسكندر" الروسية. والخبر السارّ هو أنّ قدرات صاروخ أوريشنك الكلاسيكية ستمنح روسيا المزيد من الخيارات غير النووية، الأمر الذي يخفّف نظرياً من خطر تفكير الكرملين في استخدام أسلحة الدمار الشامل في وقت مبكّر من اندلاع الصراع. والخبر السيّئ هو أنّ القدرات غير النووية لصاروخ شجرة البندق الروسي تعني أنّ موسكو سيكون لديها العديد من الخيارات لتعطيل عمليات "الناتو" بشكل كبير وفعّال.

كذلك، لن تستطيع الدفاعات الأوروبّية الحالية القيام إلّا بالقليل للحماية من صواريخ "أوريشنك"، على الرغم من أنّ العديد من قواعد حلف "الناتو" محمية بدفاع صاروخي متعدّد الطبقات، فإن "أوريشنك"، يمكنه التحليق فوق نطاق اعتراض معظم الأنظمة، إضافة إلى انزلاقه نحو الأرض بسرعة كبيرة جداً بالنسبة إلى معظم شبكات الأنظمة الاعتراضية، مثل نظام الدفاع الجوّي "باتريوت". ومن المحتمل أن تكون الصواريخ الاعتراضية التي يمكنها إيقاف "أوريشنك"، مثل أنظمة "آرو 3" و"بلوك أي"، غير متوفّرة في المخازن إذا استمرّت مسارات شراء هذه الأنظمة مرتفعة كما هي الآن. وبالإضافة إلى ذلك، قد تكون الشراك الخداعية الروسية وغيرها من التدابير المضادّة قادرة على خداع الصواريخ الاعتراضية وإغوائها لملاحقة هدف وهمي.

لا يعدّ صاروخ "أوريشنك" سلاحاً معقّداً من الناحية التقنية. وروسيا على دراية جيدة بالتقنيات المستخدمة في هذا المجال، وهي تصنع محرّكات الصواريخ المماثلة لصاروخ شجرة البندق منذ عقود. وتعمل روسيا الآن على قدم وساق على توسيع منشآتها لإنتاج الصواريخ لإعادة بناء ترسانتها على المدى الطويل. وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض المنشآت التي يجري توسيعها، مثل مصنع كامينسكي الواقع على الجانب الآخر من الحدود الشرقية لأوكرانيا، متخصص في هذا النوع من المحرّكات الكبيرة للصواريخ الباليستية العابرة للقارّات مثل صاروخ "أوريشنك".

وبغضّ النظر عن الكيفية التي ستنتهي بها الحرب في أوكرانيا، قد يواجه حلف شمال الأطلسي في غضون عقد أو عقدين من الزمن روسيا التي أعيد تسليحها بترسانة تبرز فيها الصواريخ الباليستية التقليدية الكبيرة مثل "أوريشنك". وقد تخالف هذه القوّة الجديدة التوقّعات الغربية بأنّ روسيا ستصبح أكثر اعتماداً على ترسانتها النووية مع تدهور قدراتها التقليدية.

نقله إلى العربية: حسين قطايا.

حلف الناتو يحاول التمدد باتجاه الشرق قرب حدود روسيا، عن طريق ضم أوكرانيا، وروسيا الاتحادية ترفض ذلك وتطالب بضمانات أمنية، فتعترف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وتطلق عملية عسكرية في إقليم دونباس، بسبب قصف القوات الأوكرانية المتكرر على الإقليم.