"Huffpost": الزيارة إلى الشرق الأوسط.. حدث مهم لترامب وويتكوف
تبنّى ويتكوف تكتيكات غير تقليدية وتحدى بعض المحافظين في سعي الإدارة لتحقيق مكاسب سريعة في الشرق الأوسط. والآن، تُختبر استراتيجيته.
-
ترامب وويتكوف
موقع "هافينغتون بوست" الأميركي ينشر مقالاً يتناول زيارة الرئيس دونالد ترامب للسعودية وقطر والإمارات، ويركز بشكل خاص على دور مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، الملياردير العقاري ستيف ويتكوف، وتأثيره المتزايد في السياسة الخارجية الأميركية تجاه المنطقة.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
زيارة الرئيس دونالد ترامب للسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة هذا الأسبوع ستسلط الضوء على تأثير رئاسته في الشرق الأوسط، حيث يعيش عشرات الملايين من الناس في أزمة، لكنها ستكون أيضاً لحظة مهمة لشخص أميركي قوي آخر: المبعوث الخاص لترامب للمنطقة، الملياردير العقاري ستيف ويتكوف. يمكن أن تثبت الزيارة صحة استراتيجيته الطموحة أو تدق ناقوس الخطر بشأن جدوى آلية عمله ورئيسه.
قال سينا توسّي، الزميل في مركز السياسة الدولية، إنها "نقطة تحول محتملة رئيسية في سياسة الإدارة تجاه الشرق الأوسط"، مشيراً إلى أنّ "هناك فرصة لمنطقة الخليج الفارسي أكثر سلاماً، حيث تحاول الولايات المتحدة تحقيق أقصى استفادة من هذه الدول في مواجهة الصين"، وسط تزايد القلق الأميركي بشأن شركاء يقتربون من بكين.
يرى العديد من المسؤولين الإقليميين في ويتكوف "مفاوضاً ومحادثاً أكثر توازناً" مقارنة بنظرائه الأميركيين السابقين، بحسب مسؤول أميركي سابق مطلع على فريقه، مشيراً إلى الانطباع بأنّ إدارة بايدن كانت تفضل العلاقة مع "إسرائيل" قبل كل شيء. ويصف المبعوث الخاص لترامب بأنه "هادئ وموجه نحو النتائج"، ويقدم "تحولاً استراتيجياً إيجابياً عن النهج الأميركي التقليدي في الشرق الأوسط".
ومع ذلك، يعكس ويتكوف أيضاً السمات المميزة لإدارة ترامب، مثل نقص الخبرة، وعدم احترام المعايير، واحتمال خلط المصالح العامة والخاصة.
وقد أصبح معروفاً بقلة التنسيق مع المسؤولين الأميركيين الآخرين، إذ يتنقل بين العواصم الإقليمية على متن طائرته الخاصة مع عدد قليل من المساعدين المقربين، والعديد منهم شباب ويفتقرون إلى الخبرة في الأمن القومي، إضافة إلى جهات اتصال تجارية خاصة مهتمة بفرص العقارات في الشرق الأوسط، وفقاً لمسؤول أميركي سابق. كما تنضم صديقته، لاعبة الغولف المحترفة السابقة لورين أولايا، في كثير من الأحيان إلى الرحلات الحساسة، بحسب "سي إن إن".
في بداية ولايته، كاد أسلوب ويتكوف يتسبب بأزمة عندما اقتربت طائرته من المجال الجوي لدولة الإمارات العربية المتحدة من دون تقديم تحذير مسبق، ما أثار قلق الإماراتيين، الذين واجهت بلادهم هجمات جوية لسنوات. وقد رفضوا السماح له بالهبوط حتى تمكن الدبلوماسيون الأميركيون، الذين فوجئوا أيضاً، من تهدئة مخاوفهم بالقول إنّ هناك سوء تفاهم، وفقاً لمصدر إقليمي لـ "هاف بوست".
دأب ويتكوف على عقد صفقات خاصة واسعة النطاق، قد تكون بالغة الأهمية، مع محاورين أجانب، ما يوحي بأن نظراءه يثقون به، لكن مثل هذه الصفقات تُصعّب أيضاً الشفافية والتنسيق في صنع السياسات الأميركية، وتُخاطر بالاعتماد بشكل كبير على مهارات مسؤول واحد.
يقضي بعض كبار المسؤولين في حكومات الشرق الأوسط ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً في الدردشة مع ويتكوف عبر واتساب، وفقاً لخالد الجابري، المعلق المطلع على العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. وفي زيارة أخرى إلى الإمارات العربية المتحدة، أمضى ويتكوف ما يقارب 10 ساعات بمفرده مع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، من دون أن يقدم أي سرد رسمي لزملائه حول ما بدا كأنه "ثقب أسود"، وفقاً للمصدر الإقليمي.
وأضاف المصدر أنه على الرغم من وجود إريك تراغر، كبير مسؤولي الشرق الأوسط في البيت الأبيض، في تلك الرحلة، إلا أنه لم يكن مشاركاً في النقاش. وقال المصدر إنّ غياب الشفافية "يُصعّب الأمور على السفارات في المنطقة".
وأشادت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، بتكتيكات ويتكوف في رسالة بريد إلكتروني إلى "هافينغتون بوست". وكتبت ليفيت: "يعمل المبعوث الخاص ويتكوف بتوجيه من الرئيس ترامب في حل المشكلات على طاولة المفاوضات بدلاً من ساحة المعركة".
بخلاف جو بايدن، الذي لم يكن قادراً على التحدث مع كلا الجانبين، يتمتع الرئيس ترامب وفريقه بقدرة فريدة على التفاوض مع أي طرف للتوصل إلى صفقات تضمن السلام وتعطي الأولوية للولايات المتحدة الأميركية.
يبدو أنّ فريق مبعوث ترامب يكاد يستمتع بالشكاوى حول نهجه. ومع ذلك، قد يُؤدي الخلل الوظيفي إلى إفشال جهود ويتكوف، مُنتجاً سيناريوهات غير متوقعة وخطيرة، ومُهدداً المصالح الأميركية، ومُثيراً الفوضى داخل إدارة ترامب بتعزيز الشكوك تجاهه بين بعض المحافظين المؤثرين.
يُجسّد ويتكوف توجهات ترامب المُثيرة للغضب لدى البعض في البيئة الجمهورية المُتشددة تاريخياً، ومن حولها، من المانحين الأثرياء إلى المُحللين السياسيين. إنّ انخراطه مع خصوم الولايات المتحدة مثل إيران وروسيا، وتجاهله الواضح لأعرافٍ مثل احترام "إسرائيل"، يعكسان كيف ينظر ترامب إلى الشؤون العالمية من منظور شخصي إلى حد كبير، وهو توجهٌ جوهريٌّ في جهود البعض في دائرة الرئيس للحد من التدخل الأميركي في الخارج.
وصف مؤيدو السياسات الأميركية الأكثر حزماً، بمن فيهم أعضاء جمهوريون في الكونغرس، ويتكوف بأنه مُضلّل. وهاجم نائب الرئيس جيه. دي. فانس ودونالد ترامب الابن منتقدي ويتكوف، واصفين إياهم بأنصار الحرب.
وقد ساهم الانقسام في تفكير الحزب الجمهوري بشأن سياسة الشرق الأوسط بالفعل في تحولات كبيرة في الإدارة، مثل قرار ترامب إقالة مايك والتز من منصب مستشار الأمن القومي بعدما أثار إحباط الرئيس، بحسب التقارير، بمناقشته مهاجمة إيران مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ودافع مسؤول كبير في الإدارة عن ويتكوف. وكتب المسؤول في رسالة بريد إلكتروني إلى "هاف بوست": "ليس من المستغرب أن يضطرب الوضع عندما يظهر شخص يفكر خارج الصندوق ويفعل الأشياء بشكل مختلف".
جلبت الفترة التي سبقت رحيل ترامب تناقضاً جديداً في كيفية تعامل ائتلاف الرئيس مع سياسة الشرق الأوسط، ومؤشراً على أن النهج الحالي قد يواجه قريباً انتقادات أشد.
تُعدّ قطر، الإمارة الخليجية التي تساعد الولايات المتحدة في التفاوض مع حركة حماس الفلسطينية، من أبرز اهتمامات المتشددين المؤيدين لـ"إسرائيل". وقد سلّط منتقدو ويتكوف الضوء على تعاملاته السابقة مع قطر، حيث شككوا في تعامله الدبلوماسي مع الحرب بين "إسرائيل" وحماس.
وأثارت الأنباء عن رغبة ترامب نفسه في قبول طائرة فاخرة كهدية شخصية من القطريين هجمات جديدة على علاقات الإدارة بقطر، بمن في ذلك صوت بارز في فصيل ترامب العالمي الذي يدعم ويتكوف عادةً، وناشطة اليمين المتطرف لورا لومر، التي تتبنى سياسة أقل تشدداً.
تأتي الفضيحة المتكشفة والرحلة في الوقت الذي تتضح مخاطر خيارات إدارة ترامب في الشرق الأوسط بشكل أكبر.
أثمرت دبلوماسية ويتكوف المستمرة بشأن غزة يوم الاثنين عندما أطلقت حماس سراح رهينتها الإسرائيلي الأميركي إيدان ألكسندر، محققةً بذلك فوزاً لترامب ومبعوثه. وقد جسّدت هذه اللحظة كيف أنّ أي تغيير في الحرب بين "إسرائيل" وحماس يعتمد على الأرجح على التحركات الأميركية، في وقتٍ ترك الوضع الراهن للحصار الإسرائيلي واحداً من كل خمسة فلسطينيين في غزة يواجه المجاعة، ويقول نتنياهو إنه يخطط لتوسيع الهجمات الإسرائيلية رغم مناشدات العديد من الإسرائيليين للتوصل إلى اتفاق وإطلاق سراح رهائن حماس المتبقين.
في غضون ذلك، تتقدم محادثات ويتكوف مع إيران بشأن الحد من برنامجها النووي، لكنها تواجه موعداً نهائياً وشيكاً: يقول الخبراء إنّ التوصل إلى نوع من التسوية المؤقتة أمرٌ حيوي لاستمرار المفاوضات في غضون أسابيع، والبديل هو مزيد من التوتر في منطقة لا تزال غير مستقرة.
من الواضح أنّ العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة ودول الخليج الغنية تشكل أولوية في رحلة ترامب هذا الأسبوع، ولكن مع متابعة اللاعبين الإقليميين والمراقبين في واشنطن لتحركات فريقه بشكل مكثف، قال المسؤول الغربي: "بالتأكيد، سيكون هناك جزء دبلوماسي أكثر".
نقله إلى العربية: الميادين نت.